توضيح السؤال :
عبد الرحمن السليمي يقول :
إذا كان للإمام علي عليه السلام سوء النية تجاه عمر أو كان غير راضٍ عنه من القلب و اعتبره مغتصبًا لحقه، فإنه سينتظر دائمًا فرصة لاستعادة حقه و استغلال هذه الفرصة الذهبية لمغتصب حقه حيث ان عمر طلب من سيدنا علي النصيحة بشأن الخوض في الحرب مع الإيرانيين، و أمره بالذهاب إلى ساحة المعركة شخصيًا و القتل هناك، و تجهيز الأرض لخلافته؛ لكننا نرى كيف يعمل بتعاطف و إخلاص كبيرين من أجل خير عمر و المسلمين الآخرين. و بالفعل، جاءت نصيحته من أعماق روحه، و صحيح أن مثل هذا الاقتراح لا يمكن أن يصدر إلا من قلب طاهر و غير أناني و من رجل طموح و متطلع إلى الأمام. و بالفعل كان علي عليه السلام هكذا، و هذا العمل من متحرر مثله ليس مفاجئًا. جزاهم الله خير الجزاء من الإسلام و المسلمين لأصدقائه المخلصين.
لو کان الإمام علي عليه السلام من المخالفین لحكومة الخلفاء لم یصیر وزيرا و مساعدا لهم. فی كتاب تاريخ ابن اثير ج 3، ص 55، نقل ان الإمام علي كان لعمر أفضل مستشار و محسن و قاض مقتدر و حكيم في القضايا المعقدة.
حتي نقل عن عمر انه قال: «لولا علي لهلك عمر»
الخلافة و الإختيار، عبدالرحمن السليمي، ذيل جواب الرابع و الخامس عشر من واقعة غديرخم.(مترجم وصف الكتاب)
نقد و دراسة :
كل ما يذكر تحت عنوان التعاون من اميرالمؤمنين عليه السلام مع الخلفا يقسم علي ثلاث طوائف:
1 . المشورة فی الامور القضاء ؛
2 . المشورة فی امور الدفاع و القتال؛
3 . المشورة فی المسائل العلمية و حلّ المشاكل العقدية.
و يكون دور أمير المؤمنين في هذه الحالات على الأكثر إلى حد الاستجابة لطلب الهداية و التوجيه من الطرف الآخر، و هو واجب كل مسلم. حتى لو كان المستشار غير مسلم، فلا يزال من واجبه أن يرشده بأقصى درجات الأمانة؛ ناهيك عن مسألة الحفاظ على أصل الإسلام و دين الله.
المرحوم السيد المرتضي يقول هنا هكذا:
فأما استدلاله علي رضاه بما ادعاه من إظهار المعاونة والمعاضدة ، وأنه أشار عليه بقتال أهل الردة فإنه ادعاء معاونة ومعاضدة علي سبيل الجملة لا نعرفها ، ولو ذكر تفصيله لتكلمنا عليه ، فإن أشار بذلك إلي ما كان يمدهم به من الفتيا في الأحكام ، فذلك واجب عليه في كل حال ، ولكل مستفت فلا يدل إظهار الحق والتنبيه علي الصواب في الأحكام لا علي معاونة ولا معاضدة ، وإن أشار إلي ما كان منه عليه السلام في وقت من الأوقات من الدفع عن المدينة فذلك أيضا واجب علي كل مسلم وكيف لا يدفع عن حريمه وحريم المسلمين ، فأي دلالة في ذلك علي ما يرجع إلي الإمامة .
فأما المشورة عليه بقتال أهل الردة فما علمنا أنها كانت منه ، وقد كان يجب عليه أن يصحح ذلك ، ثم لو كانت لم تدل علي ما ظنه لأن قتالهم واجب علي المسلمين كافة والمشورة به صحيحة .
الشافي في الامامة ، علي بن الحسين الموسوي معروف به الشريف المرتضي (المتوفي436 هـ) ، ج 3 ص 251 ، ناشر : مؤسسة إسماعيليان - قم ، الطبعة : الثانية ، 1410 .
حفظ الدين، اکبر وظيفة لاميرالمؤمنین عليه السلام:
من واجبات و مسؤوليات الإمام و القائد الذي يعينه الله و يختاره، حفظ الشريعة و حراسة ما یرتبط بالدين من أهم واجباته، و إذا شعر أن أساس الدين في خطر فإنه يجب أن یمنعه بأي طريقة ممكنة.
بالطبع هذه المسؤولية تختلف باختلاف الزمان و المكان، و عليه أن يتخذ القرار النهائي وفق تلك الظروف، و التي يتحقق ذلك أحيانًا بتحمل المشاكل و الصبر علی المصائب و الصمت في وجه الحقوق المغتصبة، و أحيانًا يحدث ما یتطلب المواجهة و التدخل المباشر و العمل الحاسم.
ابن حجر الهيثمي نقلا عن رسول الله (ص) یقول:
في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإن أئمتكم وفدكم إلي الله عز وجل فانظروا من توفدون .
الصواعق المحرقة علي أهل الرفض والضلال والزندقة ، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر الهيثمي (المتوفي973هـ) ، ج 2 ، ص 441 ، ناشر : مؤسسة الرسالة - لبنان - 1417هـ - 1997م ، الطبعة : الأولي ، تحقيق : عبد الرحمن بن عبد الله التركي - كامل محمد الخراط .
أمير المؤمنين علیه السلام و إن منعوه من منصب الخليفة بالحق لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، بل اغتصب حقه الثابت؛ لكن هذا ليس سببًا يمنعه من أداء واجباته الأخرى؛ لأن التكتيكات و القرارات الخاطئة للخلفاء تسببت أحيانًا في تعريض أسس الإسلام للخطر؛ في هذه الحالات، كان على الإمام عدم السماح للشريعة الإسلامية بأن تقع ضحية الجهل؛ على سبيل المثال، في قضیة حرب نهاوند، أعد ملك الإيرانيين جيشًا ضخمًا لتدمير الإسلام، و إذا لم يكن التدبیر من أمير المؤمنين، فلم يقتصر الأمر على جيش عمر فحسب، بل لجيش جميع المسلمين.
في مثل هذه الحالة، على أمير المؤمنين (ع) الحفاظ على النظام الإسلامي و الدين الوليد. لأن واجبه كأي مسلم آخر هو المحافظة على الدين.
یقول فی قضیة الشوري هکذا:
بَايَعَ النَّاسُ لأبِي بَكْرٍ وَأَنَا وَاللَّهِ أَوْلي بِالأَمْرِ مِنْهُ ، وَأَحَقُّ بِهِ مِنْهُ ، فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ مَخَافَةَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ كُفَّارَاً يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ ، ثُمَّ بَايَعَ النَّاسُ عُمَرَ وَأَنَا وَاللَّهِ أَوْلي بِالأَمْرِ مِنْهُ وَأَحَقُّ بِهِ مِنْهُ ، فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ مَخَافَةَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ كُفَّارَاً يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ .
جامع الاحاديث (الجامع الصغير وزوائده والجامع الكبير) ، الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (المتوفي911هـ) ج 12 ص 54
تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل ، أبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله الشافعي (المتوفي571هـ) ج 42 ، ص 434 ، ناشر : دار الفكر - بيروت - 1995 ، تحقيق : محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري .
في الواقع كان على أمير المؤمنين علیه السلام أن يختار من احدهما بين ردة الناس و العودة إلى عادات الجاهلية، و بين الصبر على الظلم و التعاون مع الخلفاء الذي بحسب أمر الرسول رجح العفو عن حقه المغصوب و فضل التعاون مع الخلفاء حتى لا يتعرض مبدأ الإسلام للخطر. و لهذا فی رواية اخری یقول:
إِنَّ هَؤُلَاءِ خَيَّرُونَّا أَنْ يَظْلِمُونِي حَقِّي وَ أُبَايِعَهُمْ فَارْتَدَّ النَّاسُ حَتَّي بَلَغَتِ الرِّدَّةُ أَحَداً فَاخْتَرْتُ أَنْ أُظْلَمَ حَقِّي وَ إِنْ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا .
بحارالأنوار ، محمد باقر المجلسي ، ج28 ، ص393 .
الدفاع عن المظلوم، کان وظيفة الامام:
و كانت مداخلات أمير المؤمنين عليه السلام في القضاء في الحالات التي تسبب فيها جهل الخلفاء في ضياع أبسط أحكام الإسلام و ضیاع حق ذی حق و حرمان المسلمين المظلومين من حقوقهم. في الواقع، لم يكن لهم ملجأ إلا أمير المؤمنين عليه السلام، و لولم يتدخل الإمام و يدافع عن حقوقهم لما وجدوا بالتأكيد سبيلًا لإستیفاء حقوقهم.
الإمام علیه السلام فی خطبة الشقشقية بين من دلائل قبول الحكومة بعد قتل عثمان، هو العهد و المیثاق الذی اخذ الله علی العلما لدفع الظلم عن المظلومین:
أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَي الْعُلَمَاءِ أَنْ لَا يُقَارُّوا عَلَي كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَي غَارِبِهَا وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَلَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ ...
لتبیین هذه القضیة فلنشیر الی قضية واحدة من تدخل الامام فی امور القضاء:
حدثنا عُثْمَانُ بن أبي شَيْبَةَ ثنا جَرِيرٌ عن الْأَعْمَشِ عن أبي ظَبْيَانَ عن بن عَبَّاسٍ قال أُتِيَ عُمَرُ بِمَجْنُونَةٍ قد زَنَتْ فَاسْتَشَارَ فيها أُنَاسًا فَأَمَرَ بها عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ فمر بها علي عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عليه فقال ما شَأْنُ هذه قالوا مَجْنُونَةُ بَنِي فُلَانٍ زَنَتْ فَأَمَرَ بها عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ قال فقال ارْجِعُوا بها ثُمَّ أَتَاهُ فقال يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ قد رُفِعَ عن ثَلَاثَةٍ عن الْمَجْنُونِ حتي يَبْرَأَ وَعَنْ النَّائِمِ حتي يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حتي يَعْقِلَ قال بَلَي قال فما بَالُ هذه تُرْجَمُ قال لَا شَيْءَ قال فَأَرْسِلْهَا قال فَأَرْسَلَهَا قال فَجَعَلَ يُكَبِّرُ .
سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي (المتوفي275هـ) ج 4 ، ص 140 ، ح 4399 ، كِتَاب الْحُدُودِ ، بَاب في الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أو يُصِيبُ حَدًّا ، ناشر : دار الفكر ، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد .
من الجدیر للذکر ان البخاري ایضا نقل هذه الرواية؛ لکن کعادته الدائمیة حذف صدر و ذيل الروایة و ذکر فقط هذه الفقرة:
وقال عَلِيٌّ لِعُمَرَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عن الْمَجْنُونِ حتي يُفِيقَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حتي يُدْرِكَ وَعَنْ النَّائِمِ حتي يَسْتَيْقِظَ .
صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي (المتوفي256 هـ) ج 6 ، ص 2499 ، بَاب لَا يُرْجَمُ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ ، ناشر : دار ابن كثير , اليمامة - بيروت - 1407 - 1987 ، الطبعة : الثالثة ، تحقيق : د. مصطفي ديب البغا .
و ابن عبد البر ينقل بسند صحيح هكذا:
يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن وقال في المجنونة التي أمر برجمها وفي التي وضعت لستة أشهر فأراد عمر رجمها فقال له علي إن الله تعالي يقول وحمله وفصاله ثلاثون شهرا الحديث وقال له إن الله رفع القلم عن المجنون الحديث فكان عمر يقول لولا علي لهلك عمر .
الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر (المتوفي463 هـ) ج 3 ، ص 1103 ، ناشر : دار الجيل - بيروت - 1412 ، الطبعة : الأولي ، تحقيق : علي محمد البجاوي .
مثل هذه الحالات تثبت بوضوح أن وجود أمير المؤمنين (ع) لعب دورًا أخيرًا في إحياء الاحکام الإلهية، و من ناحية أخرى كان له دعم قوي لإعمال حقوق المظلوم و منع الظلم و الاستبداد.
و حسبما نقله السمعانی حدث ما یشبه هذه القضیة في عهد عثمان، و هو أنه إذا لم يتدخل أمير المؤمنين عليه السلام، فإن المرأة المؤمنة و ما في بطنها يكونون ضحية جهل الخليفة بأحكام الشريعة الإسلامية.
أن امرأة أتت بولد لستة أشهر من وقت النكاح ، فجاء زوجها إلي عثمان في ذلك . فهم عثمان رضي الله عنه برجمها ، فقال علي : لا سبيل لك عليها ؛ لأن الله تعالي يقول : «وحمله وفصاله ثلاثون شهرا» وقال : «و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين» فإذا ذهب الفصال حولين ، بقي للحمل ستة أشهر ، فتركها عثمان .
تفسير القرآن، أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني (المتوفي489هـ) ج 1 ، ص 236 ، ناشر : دار الوطن - الرياض - السعودية - 1418هـ- 1997م، الطبعة : الأولي، تحقيق: ياسر بن إبراهيم و غنيم بن عباس بن غنيم .
استخدام المعرفة الفقهية و الوعي بأحكام الدين، يجبر أميرالمؤمنين عليه السلام على عدم السكوت في مثل هذه الحالات، و منع تطبيق الحد الباطل؛ لأنه يعتبر أن من واجبه عدم اللامبالاة بحقوق الأفراد و الحفاظ على كرامتهم و شخصیتهم الاجتماعية؛ كما في حالة نزع الخلخال من قدمي يهودية يصرخ و يقول إذا مات رجل متحمس من سماع هذا الحادث المأساوي فلا مجال للوم؟
وَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَي الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَ الْأُخْرَي الْمُعَاهِدَةِ فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَ قُلْبَهَا وَ قَلَائِدَهَا وَ رِعَاثَهَا مَا تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلَّا بِالِاسْتِرْجَاعِ وَ الِاسْتِرْحَامِ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ مَا نَالَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَلْمٌ وَ لَا أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً .
خطبة 27 نهج البلاغه، فيض الإسلام .
لذلك من الصعب و المؤسف جدا لشخص مثل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أن يشهد رجم امرأة مسلمة بالافتراء على الزنا و يشكك في هيبتها و سمعتها و تزعزع المعتقدات القوية للناس باتباع أوامر الله خطأ.
لذلك فهو يعرف واجبه في حماية خصوصية تنفيذ الحدود الإلهية بشكل صحيح و منع التعدي على الخصوصية القانونية للناس.
المرجعيّة العلمية للامام اميرالمؤمنين عليه السلام :
تولى الإمام بعلمه الشامل الذي كان بفضل الله و حضوره لمدرسة الوحي مسؤولية حل عقدة المشاكل و المعضلات العلمية و حلها، و اعتبره المسلمون و غير المسلمين ملاذاً مناسباً لهم فی ازدهار عقولهم و أفكارهم، ففي مجالات العلم و المعرفة تمت إحالتهم إلیه فی أي موضوع شعروا بالحاجة إليه. لهذا السبب كان جزء مهم من تعاون أمير المؤمنين مع الخلفاء مرتبطاً بقضايا يصعب فهمها و الإجابة عليها، و اضطروا إلى السؤال من أمير المؤمنين (ع) عنها.
ففی هکذا قضايا من واجب الامام و ای من العلماء الواعین حتی یجیبوا بالاجوبة الضروریة و المقنعة و ان لا یحرموا الآخرین من علمهم؛ لأنه سمع عن رسول الله صلي الله عليه و آله انه قال :
فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ الله بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لك من أَنْ يَكُونَ لك حُمْرُ النَّعَمِ
صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي (المتوفي256 هـ) ج 3 ص 1357 ، ح 3498 ، بَاب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ ، ناشر : دار ابن كثير ، اليمامة - بيروت - 1407 - 1987 ، الطبعة : الثالثة ، تحقيق : د. مصطفي ديب البغا .
ابن عبد البر القرطبي نقلا عن اميرالمؤمنین عليه السلام یقول:
وقال علي رضي الله عنه يؤخذ علي الجاهل عهد بطلب العلم حتي أخذ علي العلماء عهد ببذل العلم للجهال .
جامع بيان العلم و فضله، يوسف بن عبد البر النمري (المتوفي463 هـ) ج 1 ، ص 122 ، ناشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1398 .
و فی رواية اخری یقول:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال مثل الذي يتعلم العلم لا يحدث به الناس كمثل الذي رزقه الله مالا لاينفق منه .
جامع بيان العلم و فضله، ابن عبد البر ، ج 1 ص 122 .
إن أمير المؤمنين (ع) يدرك قيمة هذه الكلمات و يعلم أنه بالعلم الذي أنعمه الله عليه جعله دائمًا ملجأ للناس في الأمور العلمية. لذلك يجب أن يكون هادي كل ضال و محل مشاكل لكل معوق سواء كان ذلك الشخص عبدًا أو خليفة للمسلمين.
ابن حجر الهيثمي فی الصواعق یقول:
ولقد قال له «أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي » وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه ... ولقد كان عمر يسأله ويأخذ عنه ولقد شهدته إذا أشكل عليه شيء قال ههنا علي .
الصواعق المحرقة علي أهل الرفض والضلال والزندقة ، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر الهيثمي (المتوفي973هـ )، دار النشر : مؤسسة الرسالة - لبنان - 1417هـ - 1997م ، الطبعة : الأولي ، تحقيق : عبد الرحمن بن عبد الله التركي - كامل محمد الخراط .
المناوي فی فيض القدير یقول:
«أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب » فإن المصطفي المدينة الجامعة لمعاني الديانات كلها أو لا بد للمدينة من باب فأخبر أن بابها هو علي كرم الله وجهه فمن أخذ طريقه دخل المدينة ومن أخطأه أخطأ طريق الهدي وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمخالف والمعادي والمحالف .
خرج الكلاباذي أن رجلا سأل معاوية عن مسألة فقال : سل عليا هو أعلم مني فقال : أريد جوابك قال : ويحك كرهت رجلا كان رسول الله يعزه بالعلم عزا وقد كان أكابر الصحب يعترفون له بذلك
وكان عمر يسأله عما أشكل عليه جاءه رجل فسأله فقال : ههنا علي فاسأله فقال : أريد أسمع منك يا أمير المؤمنين قال قم لا أقام الله رجليك ومحي اسمه من الديوان .
فيض القدير شرح الجامع الصغير، عبد الرؤوف المناوي (المتوفي1031 هـ) ، ج 3 ص 46 ، ناشر : المكتبة التجارية الكبري - مصر - 1356هـ ، الطبعة : الأولي .
بناء علی هذا لا نستطیع ان نعد الجواب عن اسئلتهم فی ضمن مساعدة الخلفاء منه و نستنبط رضاه من حكومتهم.
دفاع امير المؤمنین عليه السلام کان عن الاسلام، و لیس عن الخلفا :
كما اقتصرت استشارات أميرالمؤمنين و تعاونه مع الخلفاء في مجالات الدفاع و الحرب على الحالات التي عرّضت فيها الأزمات السياسية و العسكرية، بسبب سوء إدارة الحكام، أسس المجتمع الإسلامي للخطر، فلا ينبغي ان ناخذ الهدى و التعاون منه للدفاع عن الخلفاء و اعلام الرضی منهم. لأن الإمام في الحقيقة حمى و رعى ثمار ثلاثة و عشرين عامًا من الجهود الدؤوبة لرسول الله و تضحياته في نشر الإسلام، و ليس حكم الخلفاء أو تاییدا لحشد الجیوش و حروب الخلفاء.
و لتوضيح الأمر نشير إلى إحدى هذه الأزمات التي أنقذ أمير المؤمنين الإسلام فيها بخطته العجائبیة من خطر الهلاك الكامل.
كانت حرب نهاوند من أخطر الحروب في بداية الإسلام. لأن الجيش الإيراني المهزوم، للتعويض عما خسره في الحروب السابقة، شكل جيشا كبيرا من جميع أنحاء إيران، قوامه 150 ألف شخص، و هذه المرة لم يكتف بهزيمة جيش المسلمين في الكوفة. بل قصد أن یحتل الدولة الإسلامية كلها و تدمیر الإسلام.
ابن اثير الجزري فی عدد جیش الايرانيین فی هذا الحرب یقول هکذا:
و أما الوقعة [اي واقعة النهاوند] فهي زمن عبد الله فنفرت الأعاجم بكتاب يزدجرد فاجتمعوا بنهاوند علي الفيرزان في خمسين ألفا ومائة ألف مقاتل ...
الكامل في التاريخ ، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني (المتوفي630هـ) ج 2 ، ص 412 ، ناشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1415هـ ، الطبعة : ط2 ، تحقيق : عبد الله القاضي .
لتوضيح حساسية هذا الحرب و دور هزيمة أو انتصار المسلمين في مصير المسلمين ننقل الرسالة الأصلية لعمار بن ياسر من كتاب الفتوح لابن أعثم.
عمار بن ياسر یقول هکذا :
أما بعد ... أن أهل الري وسمنان وساوه وهمذان ونهاوند وأصفهان وقم وقاشان وراوند واسفندهان وفارس وكرمان وضواحي أذربيجان قد اجتمعوا بأرض نهاوند في خمسين ومائة ألف من فارس وراجل من الكفار ، وقد كانوا أمروا عليهم أربعة من ملوك الأعاجم منهم ذو الحاجب خرزاد بن هرمز وسنفاد بن حشروا وخهانيل بن فيروز وشروميان بن اسفنديار ، وأنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا وتكاتبوا وتواصوا وتواثقوا علي أنهم يخرجوننا من أرضنا ويأتونكم من بعدنا ، وهم جمع عتيد وبأس شديد ودواب فره وسلاح شاك ويد الله فوق أيديهم ،فإني أخبرك يا أمير المؤمنين أنهم قد قتلوا كل من كان منا في مدنهم ، وقد تقاربوا مما كنا فتحناه من أرضهم ، وقد عزموا أن يقصدوا المدائن ويصيروا منها إلي الكوفة ، وقد والله هالنا ذلك وما أتانا من أمرهم وخبرهم ، وكتبت هذا الكتاب إلي أمير المؤمنين ليكون هو الذي يرشدنا وعلي الأمور يدلنا ، والله الموفق الصانع بحول وقوته ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، فرأي أمير المؤمنين أسعده الله فيما كتبته والسلام .
فلما ورد الكتاب علي عمر بن الخطاب و قرأه و فهم ما فيه وقعت عليه الرعدة و النفضة حتي سمع المسلمون أطيط أضراسه.
ابن اعثم يستمر هكذا في البحث :
فلما ورد الكتاب علي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقرأه وفهم ما فيه وقعت عليه الرعدة والنفضة حتي سمع المسلمون أطيط أضراسه ، ثم قام عن موضعه حتي دخل المسجد وجعل ينادي : أين المهاجرون والأنصار ؟ ألا ! فاجتمعوا رحمكم الله وأعينوني أعانكم الله .
ثم قال : أيها الناس ! هذا يوم غم وحزن فاستمعوا ما ورد علي من العراق ، فقالوا : وما ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : إن الفرس أمم مختلفة أسماؤها وملوكها وأهواؤها وقد نفخهم الشيطان نفخة فتحزبوا علينا وقتلوا من في أرضهم من رجالنا ، وهذا كتاب عمار بن ياسر من الكوفة يخبرني بأنهم قد اجتمعوا بأرض نهاوند في خمسين ومائة ألف وقد سربوا عسكرهم إلي حلوان وخانقين وجلولاء ، وليست لهم همة إلا المدائن والكوفة ، ولئن وصلوا إلي ذلك فإنها بلية علي الاسلام و ثلمة لا تسد أبدا ، وهذا يوم له ما بعده من الأيام ، فالله الله يا معشر المسلمين ! أشيروا علي رحمكم الله . فإني قد رأيت رأيا غير أني أحب أن لا أقدم عليه إلا بمشورة منكم لأنكم شركائي في المحبوب والمكروه .
ذكر ما أشار به المسلمون على عمر رضي الله عنه .
قال: وكان أول من وثب على عمر بن الخطاب وتكلم طلحة بن عبيد الله فقال : يا أمير المؤمنين ! إنك بحمد الله رجل قد حنكته الدهور وأحكمته الأمور و راضته التجارب في جميع المقانب ، فلم ينكشف لك رأي إلا عن رضى ، و أنت مبارك الامر ميمون النقيبة فنفذنا ننفذ و احملنا نركب و ادعنا نجب .قال : ثم وثب الزبير بن العوام فقال : يا أمير المؤمنين ! إن الله تبارك وتعالى قد جعلك عزا للدين وكهفا للمسلمين ، فليس منا أحد له مثل فضائلك ولا مثل مناقبك إلا من كان من قبلك ، فمد الله في عمرك لامة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ! وبعد فأنت بالمشورة أبصر من كل من في المسجد ، فاعمل برأيك فرأيك أفضل ، ومرنا بأمرك فها نحن بين يديك .فقال عمر : أريد غير هذين الرأيين ، قال : فوثب عبد الرحمن بن عوف الزهري فقال : يا أمير المؤمنين ! إن كل متكلم يتكلم برأيه ، ورأيك أفضل من رأينا ، لما قد فضلك الله عز وجل علينا ، وأجرى على يديك من موعود ربنا ، فاعمل برأيك واعتمد على خالقك وتوكل على رازقك وسر إلى أعداء الله بنفسك ونحن معك ، فإن الله عز وجل ناصرك بعزه وسلطانه كما عودك من فضله وإحسانه .فقال عمر : أريد غير هذا الرأي ، فتكلم عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين ! إنك قد علمت وعلمنا أنا كنا بأجمعنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله منها بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد اختارك لنا خليفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم و قد رضيك الأخيار وخافك الكفار وتفر عنك الأشرار ، وأنا أشير عليك أن تسير أنت بنفسك إلي هؤلاء الفجار بجميع من معك من المهاجرين والأنصار فتحصد شوكتهم وتستأصل جرثومتهم ... تكتب إلي أهل الشام فيقبلوا عليك من شامهم ، وإلي أهل اليمن فيقبلوا إليك من يمنهم ، ثم تسير بأهل الحرمين مكة والمدينة إلي أهل المصرين البصرة والكوفة ، فتكون في جمع كثير وجيش كبير ، فتلقي عدوك بالحد والحديد والخيل والجنود ...
قال فقال عمر : هذا أيضا رأي ليس يأخذ بالقلب ، أريد غير هذا الرأي ،قال : فسكت الناس والتفت عمر رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه فقال : يا أبا الحسن ! لم لا تشير بشيء كما أشار غيرك ؟ ذكر مشورة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه .قال : فقال علي ( 3 ) : يا أمير المؤمنين ! إنك قد علمت أن الله تبارك وتعالى بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وليس معه ثان ولا له في الأرض من ناصر ولا له من عدوه مانع ،ثم لطف تبارك وتعالى بحوله وقوته وطوله فجعل له أعوانا أعز بهم دينه ، و شد أزره ،و شيد بهم أمره ، وقصم بهم كل جبار عنيد وشيطان مريد ، وأرى موازريه وناصريه من الفتوح والظهور على الأعداء ما دام به سرورهم وقرت به أعينهم ، وقد تكفل الله تبارك وتعالى لأهل هذا الدين بالنصر والظفر والاعزاز والذي نصرهم مع نبيهم وهم قليلون هو الذي ينصرهم اليوم إذ هم كثيرون ، وبعد فإنك أفضل أصحابك رأيا و أيمنهم نقيبة ، وقد حملك الله عز وجل أمر رعيتك فهو الذي يوفقك للصواب ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، فأبشر بنصر الله عز وجل الذي وعدك ، وكن على ثقة من ربك فإنه لا يخلف الميعاد ، وبعد فقد رأيت قوما أشاروا عليك بمشورة بعد مشورة فلم تقبل ذلك منهم ولم يأخذ بقلبك شيء مما أشاروا به عليك ، لان كل مشير إنما يشير بما يدركه عقله ، وأعملك يا أمير المؤمنين إن كتبت إلى الشام أن يقبلوا إليك من شامهم لم تأمن من أن يأتي هرقل في جميع النصرانية فيغير على بلادهم ويهدم مساجدهم ويقتل رجالهم ويأخذ أموالهم و يسبي نساءهم و ذريتهم ، إن كتبت إلي الشام أن يقبلوا إليك من شامهم لم تأمن من أن يأتي هرقل في جميع النصرانية فيغير علي بلادهم و يهدم مساجدهم و يقتل رجالهم و يأخذ أموالهم و يسبي نساءهم و ذريتهم ، و إن كتبت إلي أهل اليمن أن يقبلوا من يمنهم أغارت الحبشة أيضا علي ديارهم و نسائهم و أموالهم و أولادهم .
و إن سرت بنفسك مع أهل مكة و المدينة إلي أهل البصرة و الكوفة ثم قصدت بهم قصد عدوك انتقضت عليك الأرض من أقطارها و أطرافها، حتي إنك تريد بأن يكون من خلفته وراءك أهم إليك مما تريد أن تقصده، و لايكون للمسلمين كانفة تكنفهم و لاكهف يلجؤون إليه ، و ليس بعدك مرجع و لا موئل إذ كنت أنت الغاية والمفزع والملجأ ، فأقم بالمدينة ولا تبرحها فإنه أهيب لك في عدوك وأرعب لقلوبهم ، فإنك متي غزوت الأعاجم بنفسك يقول بعضهم لبعض : إن ملك العرب قد غزانا بنفسه لقلة أتباعه وأنصاره ، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وعلي المسلمين ، فأقم بمكانك الذي أنت فيه وابعث من يكفيك هذا الامر والسلام .
كتاب الفتوح ، العلامة أبي محمد أحمد بن أعثم الكوفي (المتوفي314 هـ) ، ج 2 ص290 ـ 295 ، تحقيق : علي شيري ( ماجستر في التاريخ الإسلامي ) ناشر : دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع ، الطبعة : الأولي ، 1411هـ .
إذا لم يتدخل أمير المؤمنين و يوجه في مثل هذا الأمر المهم ، فماذا يكون مصير الإسلام و المسلمين؟
و هل يقال أن أمير المؤمنين دافع عن الخليفة و تمنى له الخير؟!
و هل مثل هذا الإرشاد و التوجيه يثبت رضي هذا الإمام و قبوله لحكم الخلفاء و تاييدهم؟!
لماذا لم يشارك علي (ع) في الفتوحات؟
لعب أمير المؤمنين عليه السلام، الذي كان له سجل رائع لشجاعته الكبيرة و تضحياته في معارك زمن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و مهاراته العظيمة في الحرب، دورًا حاسمًا في معارك زمن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، مثل معارك بدر و أحد و خندق و خيبر و ...، فقد جعله محاربًا كاملاً بلا منازع. كما انه يقول:
وَ هَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً ، وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي ! لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ .
نهج البلاغة، الخطبة 27 .
الخليفة الثاني، عمر بن الخطّاب يعترف هكذا:
واللّه لولا سيفه لما قام عمود الإسلام .
ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 12، ص 82 .
بسبب هذه الخصائص، لا يمكن للخلفاء أن يكونوا غير مبالين بتجنب علي (ع) من ساحات القتال؛ لأن عدم مشاركة أمير المؤمنين في الفتوحات و عزله يمكن أن يثير التساؤل في أذهان المسلمين لماذا علي بن أبي طالب (عليه السلام) بكل سجلاته الرائعة في المعارك الماضية الآن و قد حان نشر الإسلام في بلاد الكفر و الشرك هو في حال اللامبالاة أم التجنب؟
ماذا حدث و ما الذي تغير حتى لا يشارك أمير المؤمنين في أي من الحروب؟
ألا يعتبر الجهاد على المشركين واجباً؟! أم لا يعتبر خلافة الخلفاء شرعية و يعتبر هذه الحروب بدعة؟ أم أنه لا يعقل نشر الإسلام في ظل ما يسمى بالفتوحات (إقرأ في ظل السيف)؟ و ألا يريد المستقبل أن ينظر إلى دين كله محبة و رحمة و هو الإسلام على أنه دين عنيف، و إلقاء اللوم على الإسلام في أفعال القادة ضد الدين و العقل؟
احصاء عدد شوري الخلفاء مع امير المؤمنين عليه السلام :
الاهتمام بعدد الاستطلاعات و الاستشارات و طلب المساعدة الفكرية من أمير المؤمنين(ع)، من جهة، يدل على تحير الخلفاء في حل المشاكل و حاجتهم إلى علم و خبرة أميرالمؤمنين. و من ناحية أخرى، قلة حالات المراجعة و الاستشارة مما يشير إلى قلة التواصل و البعد عن القضايا الحكومية.
المحقق المعاصر الشيخ نجم الدين العسكري في كتاب «علي و الخلفاء» يقول:
ابوبكر في خلال سنتين و ثلاثة اشهر(27 شهر) من ايام خلافته راجع الإمام علي في 14 قضية مما ابتلي بهن.
علي و الخلفاء، ص 73 - 97.
من مجموع 14 قضية : 9 من القضايا اسئلة علمية؛ 4 من القضايا هي احكام شرعية و قضاء ؛ 1 منها قضايا نظامية.
يستحق للذكر ان نقول في 14 قضية من القضايا في 4 منها فقط(3 قضايا علمية و واحدة منها شرعية) راجع ابوبكر الي الإمام مباشرة. في ما بقي من القضايا و هي تسعة: في قضيتين من القضايا بعد ما شاور الخليفة الصحابة، ابدي الامام رأيه، في قضيتين منها اظهر رأيه لأنه كان حاضرا مباشرة؛ في 3 قضايا منها اوصلوا الخبر للإمام فأقدم. في 22 من القضايا كان شخصا واسطة بين الامام و الخليفة.
هل من الصحيح ان نقول: ابوبكر في هذه المدة من خلافته في كل قضاياه المهمة شاور عليا عليه السلام و لم يصدر منه أي عمل من دون ان يأخذ رأي الآخرين؟ .
عمر بن الخطاب في خلال 10 سنوات و 5 اشهر (125 شهر) من ايام خلافته،راجع في 85 قضية من قضاياه الي الإمام اميرالمومنين عليه السلام.
علي و الخلفاء ، ص 99 - 333 .
من مجموع 85 من القضايا الذي اخذ عمر مشورة الامام علي عليه السلام، 59منها في امور القضاء؛ 21 منها اسئلة علمية؛ 3 منها في الامور المالية ؛ 2 منها في الامور الحربية.
من الجدير للذكر انه من مجموع 85 قضية:في 27 قضية من القضايا كانت المراجعات الي الامام عليه السلام مراجعة ابتدائية و مباشرة؛ 13 من القضايا في المسائل الشرعية و القضاء، 2 منها في الامور المالية و 1 منها اسئلة علمية، الخليفة في البداية راجع الصحابة ثم سأل رأي الامام عليه السلام.
في بقية القضايا ايضا الإمام كان حاضرا في المشهد و اظهر رأيه؛ يعني في 42 من القضايا على الرغم من إمكانية الوصول إلى الإمام، فقد تم تجاهل وجود الإمام.
في ضوء النقاط المذكورة، هل يصح الادعاء الكاذب بأن عمر كان يراجع باستمرار إلى أمير المؤمنين في مشاكله و متاعبه؟
عثمان طيلة12 سنة(144 شهر) مدة خلافته في 8 من القضايا راجع الإمام عليه السلام.
علي والخلفاء ، ص 335 - 345 .
من مجموع 8 من القضايا و رد تدخل الامام في الامور ايام عثمان :
أوّلاً: تمام هذه الامور في جانب بيان المسائل الشرعية و طريقة اجراء الحدود و القضاء؛
ثانياً: في 3 من القضايا رجوع مباشر للخليفة الي الامام و 4 منها كان الامام حاضرا في المشهد و اظهر رأيه.
من الجدير للذكر انه في احدي القضايا قال عثمان للامام: «إنّك لكثير الخلاف علينا».
مسند أحمد، ج 1 ص 100 .
معاوية راجع الإمام امير المؤمنين عليه السلام في سبعة من القضايا.
علي و الخلفاء، ص 329 - 358.
و من الله التوفيق
فريق الإجابة عن الشبهات
مؤسسة الإمام ولي العصر (عج)للدراسات العلمية