(ل) - هجرته ( عليه السلام ) وأسفاره
وفيه ثلاثة أمور

الأوّل - أسفاره:

- سفره ( عليه السلام ) إلي القادسيّة:
1 - الصفّار : حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: استقبلت الرضا ( عليه السلام ) إلي القادسيّة فسلّمت عليه فقال لي: اكتر لي حجرة لها بابان، باب إلي الخان، وباب إلي خارج، فإنّه أستر عليك ....
( بصائر الدرجات، الجزء الخامس : 266 ح 8.
تقدّم الحديث بتمامه ج 1 رقم 381. )


الثاني - ما جري عليه ( عليه السلام ) في مسيره من المدينة إلي مرو:
وفيه ستّة عشر عنواناً :

- وداعه ( عليه السلام ) قبر رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) وبكاؤه قبل خروجه إلي خراسان:
1 - الشيخ الصدوق :...محول السجستانيّ قال: لمّا ورد البريد بإشخاص الرضا ( عليه السلام ) إلي خراسان كنت أنا بالمدينة، فدخل المسجد ليودّع رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) فودّعه مراراً، كلّ ذلك يرجع إلي القبر ويعلو صوته بالبكاء والنحيب....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 217/2 ح 26.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 429. )


- إشخاص المأمون الرضا ( عليه السلام ) من المدينة إلي مرو علي طريق البصرة وفارس:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ : كان المأمون أشخصه من المدينة إلي مرو علي طريق البصرة وفارس، فلمّا خرج المأمون، وشخص إلي بغداد، أشخصه معه، فتوفّي في هذه القرية.
( الكافي: 486/1 س 13. عنه الوافي: 824/3 س 9. )
2 - ابن حجر العسقلانيّ: قال الحاكم في تاريخ نيسابور: أشخصه المأمون من المدينة إلي البصرة، ثمّ إلي الأهواز، ثمّ إلي فارس، ثمّ إلي نيسابور، إلي أن أخرجه إلي مرو، وكان ما كان. يعني من قصّة استخلافه.
( تهذيب التهذيب: 339/7 س 4. )


- مرافقوه ( عليه السلام ) من المدينة إلي خراسان:
1 - أبو عمرو الكشّيّ : حمدويه، وإبراهيم قالا: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عيسي قال: كان الجوانيّ خرج مع أبي الحسن ( عليه السلام ) إلي خراسان، وكان من قرابته.
( رجال الكشّيّ: 506 رقم 973. )

- مسيره ( عليه السلام ) في سفره إلي خراسان:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ : عليّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم، والريّان بن الصلت جميعاً قال: لما انقضي أمر المخلوع، واستوي الأمر للمأمون، كتب إلي الرضا ( عليه السلام ) يستقدمه إلي خراسان، فاعتلّ عليه أبو الحسن ( عليه السلام ) بعلل، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك، حتّي علم أنّه لا محيص له، و أنّه لا يكفّ عنه، فخرج ( عليه السلام ) ، ولأبي جعفر ( عليه السلام ) سبع سنين.
فكتب إليه المأمون: لا تأخذ علي طريق الجبل وقمّ، وخذ علي طريق البصرة، والأهواز، وفارس، حتّي وافي مرو....
( الكافي: 488/1 ح 7.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 781. )

2 - الشيخ الصدوق :...رجاء بن أبي الضحّاك يقول: بعثني المأمون في إشخاص عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) من المدينة، وقد أمرني أن آخذ به علي طريق البصرة، والأهواز، وفارس، ولاآخذ به علي طريق قمّ....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 180/2 ح 5.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 669. )


- سفره ( عليه السلام ) إلي العراق:
1 - الشيخ الصدوق : ... عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ، قال: ( قال ابن الغضائريّ: الفتح بن يزيد الجرجانيّ، صاحب المسائل لأبي الحسن ( عليه السلام ) ، واختلفوا أيّهم هو: الرضا، أم الثالث ( عليهماالسلام ) ؟ مجمع الرجال: 12/5 -13.
واستظهر السيّد الخوئي ( قدس سره ) بأنّ المراد من أبي الحسن الذي روي عنه الفتح بن يزيد الجرجانيّ هو الرضا ( عليه السلام ) . معجم رجال الحديث: 249/13، رقم 9300، كما أنّ المحقّق التستري ( قدس سره ) استظهر كونه الهادي ( عليه السلام ) . قاموس الرجال: 371/8 و375، رقم 5873. )

لقيته ( عليه السلام ) علي الطريق عند منصرفي من مكّة إلي خراسان، وهو سائر إلي العراق ( صرّح المحقّق التستري - قده - والسيّد الخوئي - قده - بأنّ ضمير «لقيته» يرجع إلي أبي الحسن الهادي ( عليه السلام ) حيث إنّه الذي أشخصه المتوكّل (لع) من المدينة إلي العراق، وأمّا الرضا ( عليه السلام ) ، فإنّما أشخصه المأمون من المدينة إلي خراسان، راجع قاموس الرجال: 371/8 رقم 5873، طبعة جماعة المدرّسين، ومعجم رجال الحديث: 249/13 رقم 9300، وفيه: وأمّا الرضا ( عليه السلام ) فهو لم يأت العراق، وإنّما أشخصه المأمون إلي خراسان.
ولكن الصدوق - قدّه - رواها في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) وهو يشعر بكون المراد من أبي الحسن هو الرضا ( عليه السلام ) . )

فسمعته يقول: ....
( التوحيد: 60، ح 18.
يأتي الحديث بتمامه في ف 1 - 4 رقم 840. )


- وروده بمدينة أهواز في طريقه إلي خراسان:
1 - الشيخ الصدوق :...عن أبي الحسن الصائغ، عن عمّه قال: خرجت مع الرضا ( عليه السلام ) إلي خراسان أُؤامره...فلمّا صار إلي الأهواز قال لأهل الأهواز: اطلبوا لي قَصَب سُكَّر....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 205/2 ح 5.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 464. )


- وروده ( عليه السلام ) بمدينة أهواز في طريقه إلي خراسان:
1 - الراونديّ : قال أبو هاشم: إنّه لمّا بعث المأمون رجاء بن أبي الضحّاك لحمل أبي الحسن عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) علي طريق الأهواز، ولم يمرّ به علي طريق الكوفة فيفتتن به أهلها
وكنت بالشرق من إيذج، فلمّا سمعت به سرت إليه بالأهواز....
( الخرائج والجرائح: 661/2 ح 4.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 465. )


- إصابته المرض حين وروده بأهواز:
1 - الراونديّ : قال أبو هاشم: إنّه لمّا بعث المأمون رجاء بن أبي الضحّاك لحمل أبي الحسن عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) علي طريق الأهواز، ولم يمرّ به علي طريق الكوفة فيفتتن به أهلها
وكنت بالشرق من إيذج، فلمّا سمعت به سرت إليه بالأهواز، وانتسبت له، وكان أوّل لقائي له، وكان مريضاً، وكان زمن القيظ
فقال ( عليه السلام ) لي: إبغ لي طبيباً، فأتيته بطبيب، فنعت له بقلة، فقال الطبيب: لاأعرف علي وجه الأرض أحداً يعرف اسمها غيرك، فمن أين عرفتها، إلّا أنّهإ ث ليست في هذا الأوان، ولاهذا الزمان؟....
( الخرائج والجرائح: 661/2 ح 4.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 465. )



- مجيئه ( عليه السلام ) عن طريق البصرة والكوفة ونزوله بمدينة قمّ:
1 - السيّد ابن طاووس : إنّما لم يزر الرضا ( عليه السلام ) مولانا أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، لأنّه لمّا طلبه المأمون من خراسان، توجّه ( عليه السلام ) من المدينة إلي البصرة ولم يصل الكوفة، ومنها توجّه علي طريق الكوفة إلي بغداد، ثمّ إلي قمّ فدخلها، وتلقّاه أهلها وتخاصموا فيمن يكون ضيفه منهم، فذكر ( عليه السلام ) أنّ الناقة مأمورة، فما زالت حتّي بركت علي باب، وصاحب ذلك الباب رأي في منامه أنّ الرضا ( عليه السلام ) يكون ضيفه في غد، - فما مضي إلّا يسير، حتّي صار ذلك الموضع مقاماً شامخاً، وهو اليوم (مدرسة معروفة) -، ثمّ منها إلي مزيومد، ( في الأنوار البهيّة: فريومد. )
وقال في حالهم الخبر المشهور، ثمّ وصل إلي مرو، وعاد إلي سناباد، وتوفّي بها، (واتّفق لي زيارته ( عليه السلام ) في جمادي الأُولي سنة ثمانين وستّمائة).
( فرحة الغريّ: 130، س 16. عنه الأنوار البهيّة: 224 س 3.
قطعة منه في (محلّ شهادته). )


- نزوله ( عليه السلام ) بنيسابور، وما جري فيه من الحوادث:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبي قال: سمعت أبي الحسين بن أحمد يقول: سمعت جدّي يقول: سمعت أبي يقول: لمّا قدم عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) نيسابور أيّام المأمون، قمت في حوائجه والتصرّف في أمره ما دام بها، فلمّا خرج إلي مرو شيّعته إلي سرخس، فلمّا خرج من سرخس أردت أن أُشيّعه إلي مرو، فلمّا سار مرحلة أخرج رأسه من العَمّاريّة وقال لي: يا أبا عبداللّه! انصرف راشداً، فقد قمت ( العَماريّة: الكَجاوة. المصباح المنير: 429. )
بالواجب وليس للتشييع غاية.
قال: قلت: بحقّ المصطفي، والمرتضي، والزهراء، لمّا حدّثتني بحديث تشفيني به حتّي أرجع.
فقال: تسألني الحديث، وقد أُخرجت من جوار رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ، ولا أدري إلي ما يصير أمري.
قال: قلت: بحقّ المصطفي، والمرتضي، والزهراء، لمّا حدّثتني بحديث تشفيني حتّي أرجع.
فقال: حدّثني أبي عن جدّي، عن أبيه أنّه سمع أباه يذكر أنّه سمع أباه يقول: سمعت أبي عليّ بن أبي طالب ( عليهم السلام ) : يذكر أنّه سمع النبيّ ( صلي الله عليه وآله وسلم ) يقول: قال اللّه جلّ جلاله: لا إله إلّا اللّه اسمي، من قاله مخلصاً من قلبه دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي.
( ليس في المستدرك «من». )
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 137/2 ح 2. عنه البحار: 126/49 ح 2، و198/90 ح 24، والجواهر السنيّة: 118 س 24، قطعة من ذيله، ومستدرك الوسائل: 360/5 ح 6087.
قطعة منه في (ما رواه من الأحاديث القدسيّة). )

2 - الشيخ الطوسيّ : قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا أبو نصر الليث بن محمّد بن الليث العنبريّ إملاء من أصل كتابه، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهرويّ سنة إحدي وستّين ومائتين، قال: حدّثنا خالي أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهرويّ قال: كنت مع الرضا ( عليه السلام ) لمّا دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء، وقد خرج علماء نيسابور في استقباله، فلمّا سار إلي المرتعة تعلّقوا بلجام بغلته، وقالوا: يا ابن ( في العيون والتوحيد: المربعة. )
رسول اللّه! حدّثنا بحقّ آبائك الطاهرين، حدّثنا عن آبائك صلوات اللّه عليهم أجمعين
فأخرج رأسه من الهودج وعليه مُطرَف خزّ، فقال: حدّثني أبي موسي بن ( المُطرَف: ثوب من خزّ له أعلام. المصباح المنير: 371. )
جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين سيّد شباب أهل الجنّة، عن أبيه أميرالمؤمنين، عن رسول ال لّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ، قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين، عن اللّه تقدّست أسماؤه وجلّ وجهه، قال: إنّي أنا اللّه، لا إله إلّا أنا وحدي، عبادي فاعبدوني، وليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلّا اللّه مخلصاً بها، أنّه قد دخل حصني، ومن دخل حصني أمن عذابي.
وقالوا: يا ابن رسول اللّه، وما إخلاص الشهادة للّه؟
قال: طاعة اللّه ورسوله، وولاية أهل بيته ( عليهم السلام ) : .
( الأمالي: 588 ح 1220. عنه البحار: 14/3 ح 39، و134/27 ح 130، و120/49 ح 1، والبرهان: 359/3 ح 4، و102/4 ح 2، وحلية الأبرار: 351/4 ح 1.
عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 134/2 ح 1، وفيه: حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل بن محمّد بن اسحاق المذكّر النيسابوريّ بنيسابور، قال: حدّثني أبو علي الحسن بن عليّ الخزرجيّ الأنصاريّ السعديّ قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهرويّ قال:...بتفاوت. عنه البحار: 122/49 ح 3.
التوحيد: 24 ح 22، كما في العيون. عنه وعن العيون، البحار: 6/3 ح 15.
تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 393 س 22، مرسلاً عن أبي الصلت الهرويّ.
أعلام الدين: 214 س 1، مرسلاً عن أبي الصلت الهروي.
قطعة منه في (ما رواه ( عليه السلام ) من الأحاديث القدسيّة)، و(مركبه ( عليه السلام ) ). )

3 - ابن شهرآشوب : لمّا نزل الرضا ( عليه السلام ) في نيسابور بمحلّة فوزا، أمر ببناء حمّام، وحفر قناة، وصنعة حوض فوقه مصلّي، فاغتسل من الحوض وصلّي في المسجد، فصار ذلك سنّة....
( المناقب لابن شهرآشوب: 348/4 س 10.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 744. )


- نزوله ( عليه السلام ) بنيسابور وتحديثه للناس:
1 - الشيخ الصدوق :...خديجة بنت حمدان بن بسندة، قالت: لمّا دخل الرضا ( عليه السلام ) بنيسابور، نزل محلّة الغربيّ، ناحية تعرف بلاش آباد، في دار جدّي بَسَندَة، وإنّما سمّي بَسَندَة لأنّ الرضا ( عليه السلام ) ارتضاه من بين ( في المدينة: پسنده. )
الناس، وبَسَندَة إنّما هي كلمة فارسيّة معناها: مرضيّ....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 132/2 ح 1.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 441. )

2 - ابن الصبّاغ :...محمّد بن أبي سعيد بن عبد الكريم الوزان، في محرّم سنة ستّ وتسعين وخمسمائة قال: أورد صاحب كتاب تاريخ نيشابور في كتابه: أنّ عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) لمّا دخل إلي نيشابور في السفرة التي خصّ فيها بفضيلة الشهادة، كان في قبّة مستورة بالسقلاط علي بغلة شهباء، وقد شقّ نيشابور، فعرض له الإمامان الحافظان للأحاديث النبويّة، والمشايران علي السنّة المحمّديّة، أبو زرعة الرازيّ، ومحمّد بن أسلم الطوسيّ، ومعهما خلايق لايحصون من طلبة العلم، وأهل الأحاديث، وأهل الرواية والدراية.
فقالا: أيّها السيّد الجليل ابن السادة الأئمّة بحقّ آبائك الأطهرين، وأسلافك الأكرمين، إلّا ما أريتنا وجهك الميمون المبارك، ورويت لنا حديثاً عن آبائك عن جدّك محمّد ( صلي الله عليه وآله وسلم ) نذكرك به، فاستوقف البغلة، وأمر غلمانه بكشف المظلّة عن القبّة، وأقرّ عيون تلك الخلايق برؤية طلعته المباركة، فكانت له ذؤابتان ( الذُؤْبَة بالضمّ: الظفر من الشعر إذا كانت مرسلة، فإذا كانت ملفوفة فهي عقيصة والجمع الذوائب ... والذؤابة طرف العمامة والسوط. مجمع البحرين 57/2. )
علي عاتقه، والناس كلّهم قيام علي طبقاتهم ينظرون إليه، وهم بين صارخ وباك، ومتمرّغ في التراب، ومقبّل لحافر بغلته، وعلا الضجيج ....
( الفصول المهمّة: 253 س 13.
يأتي الحديث بتمامه في ف 9 رقم 2579. )


- أمره ( عليه السلام ) ببناء الحمّام، وحفر قناة بنيسابور:
1 - ابن شهرآشوب : لمّا نزل الرضا ( عليه السلام ) في نيسابور بمحلّة فوزا، أمر ببناء حمّام، وحفر قناة، وصنعة حوض فوقه مصلّي، فاغتسل من الحوض وصلّي في المسجد، فصار ذلك سنّة، فيقال: «گرمابه رضا» و«آب رضا» و«حوض كاهلان».
ومعني ذلك إنّ رجلاً وضع همياناً علي طاقه، واغتسل منه وقصد إلي مكّة ناسياً، فلمّا انصرف من الحجّ أتي الحوض للغسل فرآه مشدوداً، فسأل الناس ( في المصدر: أتي الحوض فرآه للغسل مشدوداً. وما أثبتناه هو الصحيح كما في البحار. )
عن ذلك؟
فقالوا: قد آوي فيه ثعبان ونام علي طاقه، ففتحه الرجل ودخل في الحوض، وأخرج هميانه وهو يقول: هذا من معجز الإمام ( عليه السلام ) ، فنظر بعضهم إلي بعض وقالوا: أي كاهلان! لئلاّ يأخذوها، فسمّي الحوض بذلك كاهلان، وسمّيت المحلّة (فوز) لأنّه فتح أوّلاً، فصحّفوها وقالوا: فوزا.
وروي: أنّه أتته ظبية فلاذت فيه.
قال ابن حمّاد:
الذي لاذ به الظب'
'ية والقوم جلوس
من أبوه المرتضي
يزكو ويعلو ويروس
( المناقب لابن شهرآشوب: 348/4 س 10. عنه البحار: 60/49 ضمن ح 76، ومدينة المعاجز: 229/7 ح 2282.
قطعة منه في (نزوله ( عليه السلام ) بمحلّة فوزا في نيسابور وما جري فيه من الحوادث). )


- اغتساله ( عليه السلام ) بماء عين في نيسابور وتبرّك الناس به:
1 - الشيخ الصدوق : يقال: إنّ الرضا ( عليه السلام ) لمّا دخل نيسابور نزل في محلّة يقال لها: «الفروينيّ»، فيها حمّام وهو الحمّام المعروف (اليوم) بحمّام الرضا ( عليه السلام ) ، وكانت هناك عين قد قلّ ماؤها، فأقام عليها من أخرج ماؤها حتّي توفّر وكثر، واتّخذ من خارج الدرب حوضاً ينزل إليه بالمراقي إلي هذه العين، فدخله الرضا ( عليه السلام ) واغتسل فيه، ثمّ خرج منه وصلّي علي ظهره، والناس يتناوبون ذلك الحوض ويغتسلون فيه ويشربون منه، التماساً للبركة، ويصلّون علي ظهره، ويدعون اللّه عزّ وجلّ في حوائجهم فتقضي لهم، وهي العين المعروفة بعين كهلان، يقصدها الناس إلي يومنا هذا.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 135/2 س 22. عنه البحار: 123/49 ح 5، وحلية الأبرار: 356/4 ح 6.
تقدّم الحديث أيضاً في (توفّر ماء عين الحمّام ببركة استحمامه ( عليه السلام ) فيه). )


- غسله ( عليه السلام ) في مدينة قمّ:
1 - العلّامة المجلسيّ : قال أبو عبد اللّه الفقيه الهمدانيّ في كتاب البلدان: أنّ أبا موسي الأشعريّ روي: أنّه سأل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، عن أسلم المدن، وخير المواضع عند نزول الفتن، وظهور السيف؟
فقال ( عليه السلام ) : أسلم المواضع يومئذ أرض الجبل، فإذا اضطربت خراسان، ووقعت الحرب بين أهل جرجان وطبرستان، وخربت سجستان، فأسلم المواضع يومئذ قصبة قمّ، تلك البلدة التي يخرج منها أنصار خير الناس أباً وأُمّاً، وجدّاً وجدّة، وعمّاً وعمّة، تلك التي تسمّي الزهراء.
بها موضع قدم جبرئيل، وهو الموضع الذي نبع منه الماء الذي من شرب منه أمن من الداء، ومن ذلك الماء عجن الطين الذي عمل منه كهيئة الطير، ومنه يغتسل الرضا ( عليه السلام ) ، ومن ذلك الموضع يخرج كبش إبراهيم ( عليه السلام ) ، وعصا موسي ( عليه السلام ) ، وخاتم سليمان ( عليه السلام ) .
( بحار الأنوار: 217/60 ح 47. )

- نزوله ( عليه السلام ) في قرية الحمراء:
1 - الشيخ الصدوق :...عبد السلام بن صالح الهرويّ قال: لمّا خرج عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) إلي المأمون فبلغ (قرب) قرية الحمراء قيل له: ( في بعض المصادر: من نيسابور. )
ياابن رسول اللّه! قد زالت الشمس أفلا تصلّي؟
فنزل ( عليه السلام ) فقال: ايتوني بماء.
فقيل: ما معنا ماء، فبحث ( عليه السلام ) بيده الأرض فنبع من الماء ماء توضّأ به هو ومن معه، وأثره باق إلي اليوم.
( في الثاقب في المناقب زيادة: والماء باق إلي يومنا هذا، ويقال للمنبع: عين الرضا ( عليه السلام ) ، وإنّ إنساناً حفر المنبع ليجري الماء ويتّخذ عليه مزرعة، فذهب الماء وانقطع مدّة، ثمّ أهيل التراب فيه فعاد الماء، والموضع مشهور. )
فلمّا دخل سناباد استند إلي الجبل الذي تنحت منه القدور فقال:
«اللّهمّ أنفع به، وبارك فيما يجعل فيه، وفيما ينحت منه».
ثمّ أمر ( عليه السلام ) فنحت له قدور من الجبل وقال: لايطبخ ما آكله إلّا فيها، وكان ( عليه السلام ) خفيف الأكل، قليل الطعم، فاهتدي الناس إليه من ذلك اليوم فظهرت بركة دعائه فيه.
ثمّ دخل دار حميد بن قحطبة الطائيّ، ودخل القبّة التي فيها قبر هارون الرشيد، ثمّ خطّ بيده إلي جانبه ثمّ قال: هذه تربتي وفيها أُدفن، وسيجعل اللّه هذا المكان مختلف شيعتي وأهل محبّتي، واللّه ما يزورني منهم زائر، ولايسلّم عليّ منهم مسلم إلّا وجب له غفران اللّه ورحمته بشفاعتنا أهل البيت.
ثمّ استقبل القبلة فصلّي ركعات ودعا بدعوات، فلمّا فرغ سجد سجدة طال مكثه فيها، فأحصيت له فيها خمسمائة تسبيحة، ثمّ انصرف.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 136/2 ح 1.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 481. )


- حضور الناس عند نزوله ( عليه السلام ) في كلّ بلد:
1 - الشيخ الصدوق :...رجاء بن أبي الضحّاك يقول: بعثني المأمون في إشخاص عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) من المدينة...فكنت معه من المدينة إلي مرو، فواللّه ما رأيت رجلاً كان أتقي للّه تعالي منه، ولاأكثر ذكراً للّه في جميع أوقاته، ولاأشدّ خوفاً للّه عزّ وجلّ منه...
وكان ( عليه السلام ) لاينزل بلداً إلّا قصده الناس يستفتونه في معالم دينهم، فيجيبهم ويحدّثهم الكثير عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ ( عليهم السلام ) : ،عن رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 180/2 ح 5.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 669. )



الثالث - ولاية عهده ( عليه السلام ) وما جري عليه:
وفيه ثمانية عشر عنواناً

- سبب ولاية عهده ( عليه السلام ) للمأمون:
1 - الشيخ الصدوق :...عبد اللّه بن محمّد الهاشميّ قال: دخلت علي المأمون يوماً...وقال لي: يا عبد اللّه! أيلومني أهل بيتي وأهل بيتك إن نصبت أباالحسن الرضا ( عليه السلام ) علماً، فواللّه لأُحدّثك بحديث تتعجّب منه، جئته يوماً فقلت له: جعلت فداك، إنّ آبائك موسي بن حعفر، وجعفر بن محمّد، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن الحسين ( عليهم السلام ) : ، كان عندهم علم ما كان وما هو كائن إلي يوم القيامة، وأنت وصيّ القوم ووارثهم، وعندك علمهم، وقد بدت لي إليك حاجة.
قال: هاتها، فقلت: هذه الزاهريّة خطّتني، ولا أقدم عليها من جواري قد حملت غير مرّة وأسقطت، وهي الآن حامل، فدلّني علي ما نتعالج به فتسلم.
فقال: لاتخف من إسقاطها، فإنّها تسلم وتلد غلاماً أشبه الناس بأُمّه، ويكون له خنصر زائدة في يده اليمني ليست بالمدلاة، وفي رجله اليسري خنصر زائدة ليست بالمدلاة.
فقلت في نفسي: أشهد أنّ اللّه علي كلّ شي ء قدير، فولدت الزاهريّة غلاماً أشبه الناس بأُمّه، في يده اليمني خنصر زائدة ليست بالمدلاة، وفي رجله اليسري خنصر زائدة ليست بالمدلاة علي ما كان وصفه لي الرضا ( عليه السلام ) ، فمن يلومني علي نصبي إيّاه علماً!....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 223/2 ح 44.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 405. )


- تأريخ أخذ البيعة بولاية عهده ( عليه السلام ) للمأمون:
1 - الشيخ الصدوق:...أبو ذكوان قال: سمعت إبراهيم بن العبّاس يقول: كانت البيعة للرضا ( عليه السلام ) لخمس خلون من شهر رمضان سنة إحدي ومائتين....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 245/2 ح 2.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 149. )

2 - الشيخ المفيد : في السادس منه [أي شهر رمضان ] سنة إحدي ومائتين من الهجرة كانت البيعة لسيّدنا أبي الحسن عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) .
( مسارّ الشيعة ضمن مجموعة نفيسة: 6 س 7. )
3 - السيّد ابن طاووس : ذكر المفيد: في التواريخ الشرعيّة أنّ اليوم السادس من شهر رمضان كانت مبايعة المأمون لمولانا الرضا صلوات اللّه عليه فيه.
( إقبال الأعمال: 410 س 4. عنه البحار: 25/95 ضمن ح 2. )
4 - الكفعميّ : وفي أوّله [رمضان ] سنة إحدي ومائتين ( في كلا النسختين المطبوعتين منه: إحدي ومائة، وهو خطأ يقيناً. )
كانت البيعة للرضا ( عليه السلام ) .
( مصباح الكفعميّ: 679 س 4. )
5 - ابن شهر آشوب : وأخذ البيعة في ملكه للرضا ( عليه السلام ) بعهد المسلمين من غير رضي، في الخامس من شهر رمضان سنة إحدي ومائتين.
( المناقب لابن شهرآشوب: 367/4 س 12. عنه البحار: 10/49 ضمن ح 21. )

- اقتراح ولاية العهد له ( عليه السلام ) وضرب الدراهم باسمه:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ قال: حدّثني محمّد بن يحيي الصوليّ قال: حدّثني عبيد اللّه بن عبداللّه بن طاهر قال: أشار الفضل بن سهل علي المأمون أن يتقرّب إلي اللّه عزّ وجلّ، وإلي رسوله ( صلي الله عليه وآله وسلم ) بصلة رحمه بالبقيّة بالعهد لعليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) ، ليمحو بذلك ما كان من أمر الرشيد فيهم، وما كان يقدر علي خلافه في شي ء، فوجّه من خراسان برجاء بن أبي الضحّاك، وياسر الخادم، ليشخصا إليه محمّد بن جعفر بن محمّد، وعليّ بن موسي بن جعف ( عليهم السلام ) : ، وذلك في سنة مائتين.
فلمّا وصل عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) إلي المأمون وهو بمرو، ولّاه العهد من بعده، وأمر للجند برزق سنة، وكتب إلي الآفاق بذلك، وسمّاه الرضا، وضرب الدراهم باسمه، وأمر الناس بلبس الخضرة، وترك السواد.
وزوّجه ابنته أُمّ حبيب، وزوّج ابنه محمّد بن عليّ ( عليهماالسلام ) ابنته أُمّ الفضل بنت المأمون، وتزوّج هو ببوران بنت الحسن بن سهل، زوّجه بها عمّها الفضل، وكان كلّ هذا في يوم واحد، وما كان يحبّ أن يتمّ العهد للرضا ( عليه السلام ) بعده.
قال الصوليّ: وقد صحّ عندي ما حدّثني به أحمد بن عبيد اللّه من جهات، منها: أنّ عون بن محمّد، حدّثني عن الفضل بن سهل النوبختيّ، أو عن أخ له قال: لمّا عزم المأمون علي العقد للرضا ( عليه السلام ) بالعهد قلت: واللّه! لأعتبرنّ ما في نفس المأمون من هذا الأمر، أيحبّ إتمامه، أو هو تصنّع به؟
فكتبت إليه علي يد خادم له كان يكاتبني بأسراره علي يده، وقد عزم ذوالرياستين علي عقد العهد، والطالع السرطان، وفيه المشتري والسرطان، وإن كان شرف المشتري، فهو برج منقلب لايتمّ أمر ينعقد فيه، ومع هذا فإنّ المرّيخ في الميزان [الذي هو الرابع ووتد الأرض ] في بيت العاقبة، وهذا يدلّ علي نكبة المعقود له، وعرّفت أميرالمؤمنين ذلك، لئلاّ يعتب عليّ إذا وقف علي هذا من غيري.
فكتب إليّ: إذا قرأت جوابي إليك فاردده إليّ مع الخادم، ونفسك أن يقف أحد علي ما عرّفتنيه، أو أن يرجع ذو الرياستين عن عزمه، فإنّه إن فعل ذلك ألحقت الذنب بك، وعلمت أنّك سببه.
قال: فضاقت عليّ الدنيا وتمنّيت أنّي ما كنت كتبت إليه، ثمّ بلغني أنّ الفضل بن سهل ذا الرياستين قد تنبّه علي الأمر، ورجع عن عزمه، وكان حسن العلم بالنجوم، فخفت واللّه علي نفسي، وركبت إليه فقلت له: أتعلم في السماء نجماً أسعد من المشتري؟
قال: لا.
قلت: أفتعلم أنّ في الكواكب نجماً يكون في حال أسعد منها في شرفها؟
قال: لا.
قلت: فامض العزم علي ذلك إذ كنت تعقده، وسعد الفلك في أسعد حالاته، فأمضي الأمر علي ذلك، فما علمت أنّي من أهل الدنيا حتّي وقع العهد فزعاً من المأمون.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 147/2 ح 19، عنه البحار: 132/49 ح 8.
إعلام الوري: 75/2 س 1، باختصار.
تذكرة الخواصّ: 315 س 21، باختصار.
مروج الذهب: 28/4، س 3.
تاريخ الإسلام: 270/14 س 21، أشار إلي مضمونه.
قطعة منه في (أزواجه). )


- شرائطه ( عليه السلام ) لقبول ولاية عهده للمأمون:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ : عليّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم، والريّان بن الصلت جميعاً قال: لما انقضي أمر المخلوع، واستوي الأمر للمأمون، كتب إلي الرضا ( عليه السلام ) يستقدمه إلي خراسان، فاعتلّ عليه أبو الحسن ( عليه السلام ) بعلل، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك، حتّي علم أنّه لا محيص له، و أنّه لا يكفّ عنه، فخرج ( عليه السلام ) ، ولأبي جعفر ( عليه السلام ) سبع سنين.
فكتب إليه المأمون: لا تأخذ علي طريق الجبل وقمّ، وخذ علي طريق البصرة، والأهواز، وفارس، حتّي وافي مرو، فعرض عليه المأمون أن يتقلّد الأمر والخلافة، فأبي أبو الحسن ( عليه السلام ) قال: فولاية العهد؟
فقال ( عليه السلام ) : علي شروط أسألكها.
قال المأمون له: سل ما شئت.
فكتب الرضا ( عليه السلام ) : إنّي داخل في ولاية العهد علي أن لا آمر ولا أنهي، ولا أفتي ولا أقضي، ولا أولّي ولا أعزل، ولا أغيّر شيئاً ممّا هو قائم، وتعفيني من ذلك كلّه،
فأجابه المأمون إلي ذلك كلّه....
( الكافي: 488/1 ح 7.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 781. )

2 - الشيخ الصدوق :...غياث بن أسيد، قال: سمعت جماعة من أهل المدينه يقولون:...ثمّ ملك عبد اللّه المأمون، عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوماً...ثمّ قبل ( عليه السلام ) ولاية العهد من المأمون، وهو باك حزين علي أن لايولّي أحداً ولايعزل أحداً، ولايغيّر رسماً ولاسنّة، وأن يكون في الأمر مشيراً من بعيد، فأخذ المأمون له البيعة علي الناس، الخاصّ منهم والعامّ....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 18/1 ح 1.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 3. )


- حضور الخطباء والشعراء عنده ( عليه السلام ) يوم قبوله ولاية العهد:
1 - الشيخ المفيد : ذكر المدائنيّ عن رجاله، قال: لمّا جلس الرضا عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) في الخلع بولاية العهد، قام بين يديه الخطباء والشعراء، وخفقت الألوية علي رأسه، فذكر عن بعض من حضر ممّن كان ( اللواء: العَلَم، وهو دون الراية. (ج) أَلوية، وأَلويات. المعجم الوسيط: 848. )
يختصّ بالرضا ( عليه السلام ) ، أنّه قال: كنت بين يديه في ذلك اليوم، فنظر إليّ وأنا مستبشر بما جري، فأومأ إليّ أن ادن، فدنوت منه فقال لي من حيث لايسمعه غيري: لاتشغل قلبك بهذا الأمر، ولاتستبشر له، فإنّه شي ء لايتمّ.
( الإرشاد: 312 س 4.
إعلام الوري: 74/2 س 13. عنه مدينة المعاجز: 175/7 ح 2250، وإثبات الهداة: 299/3 ح 135.
الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 256 س 18، بتفاوت. عنه إثبات الهداة: 317/3 س 14.
كشف الغمّة: 277/2 س 17.
نور الأبصار: 317 س 12.
الأنوار البهيّة: 229 س 18.
قطعة منه في (إخباره ( عليه السلام ) بالوقايع الآتية). )

2 - الإربليّ : في سنة سبعين وستّمأة وصل من مشهده ال شريف ( عليه السلام ) أحد قوّامه، ومعه العهد الذي كتبها المأمون بخطّ يده، وبين سطوره، وفي ظهره بخطّ الإمام ( عليه السلام ) ما هو مسطور، فقبّلت مواقع أقلامه، وسرّحت طرفي في رياض كلامه، وعدّدت الوقوف عليه من منن اللّه وإنعامه، ونقلته حرفاً فحرفاً، وما هو بخطّ المأمون:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتاب كتبه عبد اللّه بن هارون الرشيد أمير المؤمنين لعليّ بن موسي بن جعفر وليّ عهده، أمّا بعد:...
صورة ما كان علي ظهر العهد بخطّ الإمام عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) :
بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه الفعّال لما يشاء، لا معقّب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، وصلاته علي نبيّه محمّد خاتم النبيّين، وآله الطيّبين الطاهرين، أقول: وأنا عليّ بن موسي بن جعف ( عليهم السلام ) : : أنّ أمير المؤمنين عضده اللّه بالسداد، ووفّقه للرشاد، عرف من حقّنا ما جهله غيره، فوصل أرحاماً قطعت، وأمن نفوساً فزعت، بل أحياها وقد تلفت، وأغناها إذ افتقرت، مبتغياً رضا ربّ العالمين، لا يريد جزاء من غيره، وسيجزي اللّه الشاكرين، ولا يضيع أجر المحسنين، وأنّه جعل إليّ عهده، والإمرة الكبري إن بقيت بعده، فمن حلّ عقدة أمر اللّه بشدّها، وفصم عروة أحبّ اللّه إيثاقها، فقد أباح حريمه، وأحلّ محرّمه، إذ كان بذلك زارياً علي الإمام، منهتكاً حرمة الإسلام، بذلك جري السالف، فصبر عنه علي الفلتات، ولم يعترض بعدها علي الغرمات، خوفاً من شتات الدين، واضطراب حبل المسلمين، ولقرب أمر الجاهليّة، ورصد فرصة تنتهز، وبايقة تبتدر، وقد جعلت اللّه علي نفسي، إن استرعاني أمر المسلمين، وقلّدني خلافته، العمل فيهم عامّة، وفي بني العبّاس بن عبد المطّلب خاصّة، بطاعته وطاعة رسوله ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ، وأن لا أسفك دماً حراماً، ولا أبيح فرجاً ولا مالاً، إلّا ما سفكته حدود اللّه، وأباحته فرايضه، وأن أتخيّر الكفاة جهدي وطاقتي، وجعلت بذلك علي نفسي عهداً مؤكّداً يسألني اللّه عنه، فإنّه عزّوجلّ يقول: ( وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسُْولًا) ، وإن أحدثت، أو غيّرت، أو بدّلت، كنت للغير مستحقّاً وللنكال متعرّضاً، وأعوذ باللّه من سخطه، وإليه أرغب في التوفيق لطاعته، والحول بيني وبين معصيته، في عافية لي وللمسلمين.
والجامعة والجفر يدلّان علي ضدّ ذلك، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم، إن الحكم إلّا للّه يقضي بالحقّ وهو خير الفاصلين، لكنّي امتثلت أمر أميرالمؤمنين، وآثرت رضاه، واللّه يعصمني وإيّاه، وأشهدت اللّه علي نفسي بذلك، وكفي باللّه شهيداً....
( كشف الغمّة: 333/2 س 7.
يأتي الحديث بتمامه في ف 8 رقم 2498. )


- كيفيّة عرض الولاية عليه ( عليه السلام ) وقبوله:
1 - الفتّال النيسابوريّ : روي: أنّ المأمون قد أنفذ إلي جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة، وفيهم عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) فأخذ بهم علي طريق البصرة حتّي جاؤوه بهم، وكان المتولّي لإشخاصهم المعروف بالجلوديّ، فقدم بهم علي المأمون فأنزلهم داراً، وأنزل الرضا ( عليه السلام ) داراً، وأكرمه وعظّم أمره، ثمّ أنفذ إليه إنّي أُريد أن أخلع نفسي من الخلافة، وأُقلّدك إيّاها، فمارأيك في ذلك؟
فأنكر الرضا ( عليه السلام ) هذا الأمر وقال له: أُعيذك باللّه يا أميرالمؤمنين! من هذا الكلام، وأن يسمع به أحد.
فردّ عليه الرسول: فإذا أبيت ما عرضت عليك فلابدّ من ولاية العهد بعدي، فأبي الرضا ( عليه السلام ) إباءاً شديداً، فاستدعاه إليه ومعه الفضل بن سهل ذو الرياستين ليس في المجلس غيرهم وقال له: إنّي قد رأيت أن أُقلّدك أمر المسلمين، وأفسخ ما في رقبتي، وأضعه في رقبتك.
فقال له الرضا ( عليه السلام ) : اللّه، اللّه، يا أميرالمؤمنين! إنّه لاطاقة لي بذلك، ولاقوّة لي عليه.
قال له: فإنّي مولّيك العهد من بعدي.
فقال له: اعفني من ذلك ياأميرالمؤمنين!
فقال له المأمون كلاماً كالتهديد فيه علي الإمتناع عليه وقال في كلامه: إنّ عمر بن الخطّاب جعل الشوري في ستّة، أحدهم جدّك أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، وشرط فيمن خالف منهم أن يضرب عنقه، ولابدّ من قبولك ماأُريد منك، فإنّي لاأجد محيصاً عنه.
فقال له الرضا ( عليه السلام ) : فإنّي أُجيبك إلي ما تريد من ولاية العهد، علي أنّني لا آمر، ولا أنهي، ولا أفتي، ولا أقضي، ولا أولّي، ولا أعزل، ولا أُغيّر شيئاً ممّا هو قائم، فأجابه المأمون إلي ذلك كلّه، وخرج ذو الرياستين وهو يقول: واعجباً! وقد رأيت عجباً، سلوني مارأيت؟
فقالوا: وما رأيت، أصلحك اللّه؟!
قال: رأيت المأمون أميرالمؤمنين يقول: قد رأيت أن أُقلّدك أُمور المسلمين، وأفسخ ما في رقبتي، وأجعله في رقبتك، ورأيت عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) يقول: يا أميرالمؤمنين! لا طاقة لي بذلك ولا قوّة، فما رأيت خلافة قطّ كانت أضيع منها أميرالمؤمنين يتقصّي منها، ويعرضها علي عليّ بن موسي الرضا، وعليّ بن موسي الرضا يرفضها ويأبي.
( روضة الواعظين: 247 س 15.
عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 141/2 ح 6، باختصار. عنه وسائل الشيعة: 205/17 ح 22352.
إرشاد المفيد: 309 س 24، بتفاوت، عنه وعن العيون، البحار: 136/49 ح 11..
إعلام الوري: 72/2 س 3، بتفاوت.
كشف الغمّة: 275/2 س 7.
مقاتل الطالبيّين: 454 س 8، بتفاوت.
قطعة منه في (أحواله مع المأمون) و(علّة قبوله لولاية العهد). )


- امتناعه عن التدخّل في أمور الولاية:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن معمّر بن خلّاد، قال: قال لي أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) : قال لي المأمون: ياأباالحسن! لو كتبت إلي بعض من يطيعك في هذه النواحي التي قد فسدت علينا. قال: قلت له: يا أميرالمؤمنين! إن وفيت لي وفيت لك، إنّما دخلت في هذا الأمر الذي دخلت فيه، علي أن لا آمر، ولا أنهي، ولا أولّي، ولا أعزل، وما زادني هذا الأمر الذي دخلت فيه في النعمة عندي شيئاً، ولقد كنت بالمدينة، وكتابي ينفذ في المشرق والمغرب، ولقد كنت أركب حماري، وأمرّ في سكك المدينة، وما بها أعزّ منّي، وما كان بها أحد منهم يسألني حاجة يمكنني قضاؤها له إلّا قضيتها له.
قال: فقال لي: أفي لك.
( الكافي: 132/8 ح 134. عنه البحار: 155/49 ح 27، والوافي: 823/3 ح 1432.
قطعة منه في (أحواله مع المأمون). )

2 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ : عليّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم، والريّان بن الصلت جميعاً قال: لما انقضي أمر المخلوع، واستوي الأمر للمأمون، كتب إلي الرضا ( عليه السلام ) يستقدمه إلي خراسان، فاعتلّ عليه أبو الحسن ( عليه السلام ) بعلل، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك، حتّي علم أنّه لا محيص له، و أنّه لا يكفّ عنه، فخرج ( عليه السلام ) ، ولأبي جعفر ( عليه السلام ) سبع سنين....
فعرض عليه المأمون أن يتقلّد الأمر والخلافة، فأبي أبو الحسن ( عليه السلام ) قال: فولاية العهد؟
فقال ( عليه السلام ) : علي شروط أسألكها.
قال المأمون له: سل ما شئت....
( الكافي: 488/1 ح 7.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 781. )

3 - الشيخ الصدوق : حدّثنا أبي ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيي بن عمران الأشعريّ قال: حدّثنإ معاوية بن حكيم، عن معمّر بن خلّاد قال: قال لي أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) قال لي المأمون يوماً: يا أباالحسن! انظر بعض من تثق به، نولّيه هذه البلدان التي قد فسدت علينا.
فقلت له: تفي لي، وأُوافي لك، فإنّي إنّما دخلت فيما دخلت علي أن لا آمر فيه ولا أنهي، ولا أعزل ولا أولّي، ولا أُشير حتّي يقدّمني اللّه قبلك، فواللّه! إنّ ( في البحار: ولا أُسيّر. )
الخلافة لشي ء ماحدّثت به نفسي، ولقد كنت بالمدينة أتردّد في طرقها علي دابّتي، وإنّ أهلها وغيرهم يسألوني الحوائج، فأقضيها لهم، فيصيرون كالأعمام لي، وأنّ كتبي لنافذة في الأمصار، وما زدتني من نعمة هي عليّ من ربّي.
فقال له: أفي لك.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 166/2 ح 29. عنه البحار: 144/49 ح 20، وحلية الأبرار: 475/4 ح 4.
قطعة منه في (أحواله مع المأمون). )


- أخذ البيعة له ( عليه السلام ) بولاية العهد من غير رضاه:
1 - الشيخ الصدوق :...غياث بن أسيد، قال: سمعت جماعة من أهل المدينه يقولون:...ثمّ ملك عبد اللّه المأمون، عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوماً فأخذ البيعة في ملكه لعليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) ، بعهد المسلمين من غير رضاه، وذلك بعد أن هدّده بالقتل، وألحّ عليه مرّة بعد أُخري، في كلّها يأبي عليه، حتّي أشرف من تأبيه علي الهلاك....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 18/1 ح 1.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 3. )


- علّة قبوله ولاية العهد:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلويّ السمرقنديّ ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود العيّاشيّ، عن أبيه قال: حدّثنا محمّد بن نصير، عن الحسن بن موسي قال: روي أصحابنا عن الرضا ( عليه السلام ) أنّه قال له رجل: أصلحك اللّه! كيف صرت إلي ما صرت إليه من المأمون؟ وكأنّه أنكر ذلك عليه.
فقال له أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) : يا هذا! أيّهما أفضل، النبيّ ( صلي الله عليه وآله وسلم ) أو الوصيّ؟
فقال: لا، بل النبيّ.
قال ( عليه السلام ) : فأيّهما أفضل، مسلم أو مشرك؟
قال: لا، بل مسلم.
قال ( عليه السلام ) : فإنّ العزيز، عزيز مصر كان مشركاً، وكان يوسف ( عليه السلام ) نبيّاً، وإنّ المأمون مسلم، وأنا وصيّ ويوسف سئل العزيز أن يولّيه حين قال: ( اجْعَلْنِي عَلَي خَزَآلِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) ، وأنا أُجبرت ( يوسف: 55/12. )
علي ذلك.
وقال ( عليه السلام ) : في قوله تعالي: ( اجْعَلْنِي عَلَي خَزَآلِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) .
قال: حافظ لما في يدي، عالم بكلّ لسان.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 138/2 ح 1. عنه نور الثقلين: 432/2 ح 100. عنه وعن العلل، وسائل الشيعة: 202/17 ح 22347، قطعة منه. عنه وعن العيّاشيّ، البحار: 136/49 ح 10، قطعة منه، و267/12 ح 37.
تفسير العيّاشيّ: 180/2 ح 38، قطعة منه، و181 ح 39، قطعة منه. عنه مستدرك الوسائل: 139/13 ح 15013، والبرهان: 256/2 ح 63.
علل الشرائع: 238 ب 173 ح 2.
قطعة منه في (سورة يوسف: 55/12). )

2 - الشيخ الصدوق : حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن تا تانة ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت الهرويّ قال: إنّ المأمون قال للرضا ( عليه السلام ) : يا ابن رسول اللّه! قد عرفت علمك وفضلك وزهدك، وورعك وعبادتك، وأراك أحقّ بالخلافة منّي.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : بالعبوديّة للّه عزّ وجلّ أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند اللّه عزّ وجلّ.
فقال له المأمون: فإنّي قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة، وأجعلها لك وأُبايعك.
فقال له الرضا ( عليه السلام ) : إن كانت هذه الخلافة لك، واللّه جعلها لك، فلايجوز لك أن تخلع لباساً ألبسك اللّه وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك فلايجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك.
فقال له المأمون: يا ابن رسول اللّه فلابدّ لك من قبول هذا الأمر!
فقال ( عليه السلام ) : لست أفعل ذلك طائعاً أبداً، فما زال يجهد به أيّاماً حتّي يئس من قبوله.
فقال له: فإن لم تقبل الخلافة، ولم تجب مبايعتي لك، فكن وليّ عهدي له، تكون الخلافة بعدي.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : واللّه لقد حدّثني أبي، عن آبائه، عن أم يرالمؤمنين ( عليهم السلام ) : ، عن رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) : إنّي أُخرج من الدنيا قبلك مسموماً مقتولاً بالسمّ مظلوماً، تبكي عليّ مليكة السماء وملائكة الأرض، وأُدفن في أرض غربة إلي جنب هارون الرشيد.
فبكي المأمون، ثمّ قال له: يا ابن رسول اللّه ومن الذي يقتلك، أو يقدر علي الإساءة إليك وأنا حيّ؟
فقال الرضا ( عليه السلام ) : أما إنّي لو أشاء أن أقول، لقلت من الذي يقتلني.
فقال المأمون: يا ابن رسول اللّه إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك، ودفع هذا الأمر عنك، ليقول الناس إنّك زاهد في الدنيا.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : واللّه ما كذبت منذ خلقني ربّي عزّ وجلّ، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإنّي لأعلم ماتريد.
فقال المأمون: وما أُريد؟
قال ( عليه السلام ) : الأمان علي الصدق.
قال: لك الأمان.
قال: تريد بذلك أن يقول الناس: إنّ عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة!
فغضب المأمون، ثمّ قال: إنّك تتلقّاني أبداً بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي، فباللّه أُقسم لئن قبلت ولاية العهد، وإلّا أجبرتك علي ذلك، فإن فعلت، وإلّا ضربت عنقك!
فقال الرضا ( عليه السلام ) : قد نهاني اللّه تعالي أن ألقي بيدي إلي التهلكة، فإن كان الأمر علي هذا، فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك علي أنّي لاأُولّي أحداً، ولاأعزل أحداً، ولاأنقض رسماً ولا سنّة، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً، فرضي منه بذلك وجعله وليّ عهده علي كراهة منه ( عليه السلام ) بذلك.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 139/2 ح 3. عنه نور الثقلين: 180/1 ح 634 قطعة منه.
علل الشرائع: 237 ب 173 ح 1. عنه مدينة المعاجز: 134/7 ح 2239، وحلية الأبرار: 439/4 ح 1.
أمالي الصدوق: 65 ح 3. عنه وعن العيون والعلل، البحار: 128/49 ح 3، ووسائل الشيعة: 203/17 ح 22349، وإثبات الهداة: 266/1 ح 105، قطعة منه.
روضة الواعظين: 246 س 6، مرسلاً.
المناقب لابن شهرآشوب: 362 س 22، مرسلاً بتفاوت.
ينابيع المودّة: 167/3 س 1، بتفاوت.
تعليقة مفتاح الفلاح للخواجوئي:472 س 19، قطعة منه، بتفاوت.
كتاب ألقاب الرسول وعترته ( عليهم السلام ) : ضمن مجموعة نفيسة: 224 س 9، بتفاوت.
قطعة منه في (علمه بكيفيّة استشهاده وقاتله) و(أحواله مع المأمون) و(ما رواه عن رس ول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ). )

3 - الشيخ الصدوق : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريّان بن الصلت قال: دخلت علي عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) فقلت له: ياابن رسول اللّه! الناس يقولون: إنّك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا!
فقال ( عليه السلام ) : قد علم اللّه كراهتي لذلك، فلمّا خيّرت بين قبول ذلك وبين القتل، اخترت القبول علي القتل، ويحهم! أما علموا أنّ يوسف ( عليه السلام ) كان نبيّاً ورسولاً، فلمّا دفعته الضرورة إلي تولّي خزائن العزيز، ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَي خَزَآلِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) ، ودفعتني الضرورة إلي قبول ذلك ( يوسف: 55/12. )
( في الأمالي وروضة الواعظين: دفعت لي. )
علي إكراه وإجبار بعد الإشراف علي الهلاك، علي أنّي ما دخلت في هذا الأمر إلّا دخول خارج منه، فإلي اللّه المشتكي وهو المستعان.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 139/2 ح 2. عنه نور الثقلين: 432/2 ح 99، والبرهان: 256/2 ح 67. عنه وعن الأمالي، البحار: 130/49 ح 4. عنه وعن العلل، وسائل الشيعة: 203/17 ح 22348.
أمالي الصدوق: 68 ح 3.
علل الشرائع: 239 ب 173 ح 3.
روضة الواعظين: 247 س 7، مرسلاً عن الريّان بن الصلت.
قطعة منه في (سورة يوسف: 55/12). )

4 - الشيخ الصدوق : حدّثنا عليّ بن عبداللّه الورّاق ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهرويّ قال: واللّه! ما دخل الرضا ( عليه السلام ) هذا الأمر طائعاً، ولقد حمل إلي الكوفة مكرهاً، ثمّ أشخص منها علي طريق البصرة وفارس إلي مرو.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 141/2 ح 5. عنه البحار: 140/49 ح 15، ووسائل الشيعة: 205/17 ح 22351. )
5 - الشيخ الصدوق : حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبداللّه الكوفيّ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكيّ، عن محمّد بن عرفة قال: قلت للرضا ( عليه السلام ) : ياابن رسول اللّه! ما حملك علي الدخول في ولاية العهد؟
فقال ( عليه السلام ) : ما حمل جدّي أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) علي الدخول في الشوري.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 140/2 ح 4. عنه وسائل الشيعة: 205/17 ح 22350، والبحار: 140/49 ح 14.
المناقب لابن شهرآشوب: 364/4 س 14. )

6 - الفتّال النيسابوريّ : روي: أنّ المأمون قد أنفذ إلي جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة، وفيهم عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) فأخذ بهم علي طريق البصرة حتّي جاؤوه بهم، وكان المتولّي لإشخاصهم المعروف بالجلوديّ، فقدم بهم علي المأمون فأنزلهم داراً، وأنزل الرضا ( عليه السلام ) داراً، وأكرمه وعظّم أمره، ثمّ أنفذ إليه إنّي أُريد أن أخلع نفسي من الخلافة، وأُقلّدك إيّاها، فمارأيك في ذلك؟
فأنكر الرضا ( عليه السلام ) هذا الأمر وقال له: أُعيذك باللّه يا أميرالمؤمنين! من هذا الكلام، وأن يسمع به أحد.
فردّ عليه الرسول: فإذا أبيت ما عرضت عليك فلابدّ من ولاية العهد بعدي، فأبي الرضا ( عليه السلام ) إباءاً شديداً، فاستدعاه إليه ومعه الفضل بن سهل ذو الرياستين ليس في المجلس غيرهم وقال له: إنّي قد رأيت أن أُقلّدك أمر المسلمين، وأفسخ ما في رقبتي، وأضعه في رقبتك.
فقال له الرضا ( عليه السلام ) : اللّه، اللّه، يا أميرالمؤمنين! إنّه لاطاقة لي بذلك، ولاقوّة لي عليه.
قال له: فإنّي مولّيك العهد من بعدي.
فقال له: اعفني من ذلك ياأميرالمؤمنين!
فقال له المأمون كلاماً كالتهديد فيه علي الإمتناع عليه وقال في كلامه: إنّ عمر بن الخطّاب جعل الشوري في ستّة، أحدهم جدّك أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، وشرط فيمن خالف منهم أن يضرب عنقه، ولابدّ من قبولك ماأُريد منك، فإنّي لاأجد محيصاً عنه.
فقال له الرضا ( عليه السلام ) : فإنّي أُجيبك إلي ما تريد من ولاية العهد، علي أنّني لا آمر، ولا أنهي، ولا أفتي، ولا أقضي، ولا أولّي، ولا أعزل، ولا أُغيّر شيئاً ممّا هو قائم، فأجابه المأمون إلي ذلك كلّه ....
( روضة الواعظين: 247 س 15.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 753. )


- اقتداؤه برسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) في قبول ولاية العهد:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ قال: حدّثنا محمّد بن يحيي الصوليّ قال: حدّثنا محمّد بن يزيد المبرّد قال: حدّثني الحافظ، عن ثمامة بن أشرس قال: عرض المأمون يوماً للرضا ( عليه السلام ) بالإمتنان عليه، بأن ولّاه العهد فقال له: إنّ من أخذ برسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) لحقيق أن يعطي به.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 144/2 ح 12. عنه البحار: 163/49 ح 2.
كشف الغمّة: 306/2 س 19، بتفاوت واختصار. عنه البحار: 172/49 ضمن ح 9. )


- إرشاده ( عليه السلام ) للمأمون في أمر الولاية:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ قال: حدّثني محمّد بن يحيي الصوليّ قال: حدّثنا أحمد بن القاسم بن إسماعيل قال: سمعت إبراهيم بن العبّاس يقول: لمّا عقد المأمون البيعة لعليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) ، قال له الرضا ( عليه السلام ) : ياأميرالمؤمنين! إنّ النصح لك واجب، والغشّ لاينبغي لمؤمن، إنّ العامّة تكره ما فعلت بي، والخاصّه تكره مإ
ِ فعلت بالفضل بن سهل، والرأي لك أن تبعّدنا عنك، حتّي يصلح لك أمرك.
قال إبراهيم: فكان واللّه! قوله هذا السبب في الذي آل الأمر إليه.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 145/2 ح 15. عنه البحار: 290/49 ح 3.
كشف الغمّة: 309/2 س 3. )


- خطبة له ( عليه السلام ) بعد بيعة الناس بولاية العهد:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ قال: حدّثني محمّد بن يحيي الصوليّ قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن إسحاق قال: حدّثنا أبي قال: لمّا بويع الرضا ( عليه السلام ) بالعهد، اجتمع الناس إليه يهنّئونه، فأومي ء إليهم فأنصتوا، ثمّ قال بعد أن استمع كلامهم: بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه الفعّال لما يشاء، لامعقّب لحكمه، ولارادّ لقضائه، ( يَعْلَمُ خَآلِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) وصلّي اللّه علي محمّد في الأوّلين ( غافر: 19/40. )
والآخرين، وعلي آله الطيّبين الطاهرين، أقول وأنا عليّ بن موسي بن جعفر ( عليهماالسلام ) : إنّ أميرالمؤمنين عضده اللّه بالسداد، ووفّقه للرشاد، عرف من حقّنا ما جهله غيره، فوصل أرحاماً قطعت، وآمن نفوساً فزعت بل أحياها وقد تلفت، وأغناها إذا افتقرت، مبتغياً رضي ربّ العالمين، لايريد جزاء إلّا من عنده
( وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّكِرِينَ ) و( لَايُضِيعُ أَجْرَ ( آل عمران: 144/3. )
الْمُحْسِنِينَ ) وأنّه جعل إليّ عهده، والإمرة الكبري إن بقيت بعده، فمن ( التوبة: 120/9. )
حلّ عقدة أمر اللّه تعالي بشدّها، وقصم عروة أحبّ اللّه إيثاقها، فقد أباح حريمه، وأحلّ محرّمه، إذا كان بذلك زارياً علي الإمام، منتهكاً حرمة الإسلام بذلك ( زاره: عابه وعاتبه. المعجم الوسيط: 393. )
جري السالف، فصبر منه علي الفلتات، ولم يعترض بعدها علي الغرمات، خوفاً ( الفلتة: الأمر يحدث من غير رويّة وإحكام. المعجم الوسيط: 699. )
علي شتات الدين، واضطراب حبل المسلمين، ولقرب أمر الجاهليّة، ورصد المنافقين فرصة تنتهز، وبائقة تبتدر، وما أدري ما يفعل بي ولابكم، إن الحكم ( البائقة: الداهية، والشرّ. المعجم الوسيط: 77. )
إلّا للّه، يقضي الحقّ وهو خير الفاصلين.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 146/2 ح 17. عنه البحار: 141/49 ح 17، وتحفة العالم: 45/2 س 3، بتفاوت.
قطعة منه في (سورة آل عمران: 144/3)، و(سورة التوبة: 120/9)، و(سورة غافر: 19/40). )


- تدبير الفضل بن سهل في ولاية العهد للرضا ( عليه السلام ) :
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ( رضي الله عنه ) قال: حدّثني عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن الريّان بن الصلت قال: أكثر الناس في بيعة الرضا من القوّاد والعامّة، ومن لم يحب ذلك وقالوا: إنّ هذا من تدبير الفضل بن سهل ذي الرياستين، فبلغ المأمون ذلك، فبعث إليّ في جوف الليل، فصرت إليه فقال: يا ريّان! بلغني أنّ الناس يقولون: إنّ بيعة الرضا ( عليه السلام ) كانت من تدبير الفضل بن سهل.
فقلت: يا أميرالمؤمنين! يقولون ذلك.
قال: ويحك، يا ريّان! أيجسر أحد أن يجي ء إلي خليفة وابن خليفة قد استقامت له الرعيّة والقوّاد، واستوت له الخلافة، فيقول له: ادفع الخلافة من يدك إلي غيرك، أيجوز هذا في العقل؟
قال: قلت له: لا، واللّه! يا أميرالمؤمنين! ما يجسر علي هذا أحد.
قال: لا، واللّه! ما كان كما يقولون، ولكنّي سأُخبرك بسبب ذلك، أنّه لمّا كتب إليّ محمّد أخي يأمرني بالقدوم عليه فأبيت (عليه)، عقد لعليّ بن عيسي بن ( ما بين المعقوفتين من البحار. )
هامان، وأمره أن يقيّدني بقيد، ويجعل الجامعة في عنقي، فورد عليّ بذلك الخبر، وبعثت هرثمة بن أعين إلي سجستان وكرمان وما والاها، فأفسد عليّ أمري فانهزم هرثمة وخرج صاحب السرير، وغلب علي كور خراسان من ناحية، ( الكورة: الصقع، والبقعة التي يجتمع فيها قري ومَحالٌ. المعجم الوسيط: 804. )
فورد عليّ هذا كلّه في أُسبوع، فلمّا ورد ذلك عليّ لم يكن لي قوّة في ذلك، ولا كان لي مال أتقوّي به، ورأيت من قوّادي ورجالي الفشل والجبن، أردت أن ألحق ( فَشِلَ: تراخي وَجَبُنَ. المعجم الوسيط: 690. )
بمَلِك كابل فقلت في نفسي: مَلِك كابل رجل كافر، ويبذل محمّد له الأموال فيدفعني إلي يده، فلم أجد وجهاً أفضل من أن أتوب إلي اللّه تعالي من ذنوبي، وأستعين به علي هذه الأمور، وأستجير باللّه تعالي، وأمرت بهذا البيت - وأشار إلي بيت - فكنس، وصببت عليّ الماء، ولبست ثوبين أبيضين، وصلّيت أربع ركعات، فقرأت فيها من القرآن ما حضرني، ودعوت اللّه تعالي واستجرت به، وعاهدته عهداً وثيقاً بنيّة صادقة، أن أفضي اللّه بهذا الأمر إليّ، وكفاني عادية هذه الأمور الغليظة أن أضع هذا الأمر في موضعه الذي وضع اللّه فيه، ثمّ قوي فيه قلبي، فبعثت طاهراً إلي عليّ بن عيسي بن هامان فكان من أمره ما كان، ورددت هرثمة بن أعين إلي رافع (بن أعين) فظفر به وقتله، وبعثت إلي صاحب السرير فهاديته وبذلت له شيئاً حتّي رجع، فلم يزل أمري يتقوّي حتّي كان من أمر محمّد ما كان، وأفضي اللّه إليّ بهذا الأمر واستوي لي، فلمّا وفي اللّه تعالي بما عاهدته عليه، أحببت أن أفي اللّه بما عاهدته، فلم أر أحداً أحقّ بهذا الأمر من أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، فوضعتها فيه فلم يقبلها علي ما قد علمت، فهذا كان سببها.
فقلت: وفّق اللّه أميرالمؤمنين.
فقال: يا ريّان! إذا كان غداً وحضر الناس فاقعد بين هؤلاء القوّاد وحدّثهم بفضل أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
فقلت: يا أميرالمؤمنين! ما أحسن من الحديث شيئاً إلّا ما سمعته منك!
فقال: سبحان اللّه! ما أجد أحداً يعينني علي هذا الأمر، لقد هممت أن أجعل أهل قمّ شعاري ودثاري.
فقلت: يا أميرالمؤمنين! أنا أُحدّث عنك بما سمعته منك من الأخبار؟
فقال: نعم، حدّث عنّي بما سمعته منّي من الفضائل، فلمّا كان من الغد قعدت بين القوّاد في الدار فقلت: حدّثني أميرالمؤمنين، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) قال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه.
وحدّثني أميرالمؤمنين، عن أبيه، عن آبائه قال: قال رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) : عليّ منّي بمنزلة هارون من موسي، وكنت أُخلّط الحديث بعضه ببعض لا أحفظه علي وجهه، وحدّثت بحديث خيبر، وبهذه الأخبار المشهورة.
فقال عبداللّه بن مالك الخزاعيّ: رحم اللّه عليّاً، كان رجلاً صالحاً.
وكان المأمون قد بعث غلاماً إلي مجلسنا يسمع الكلام فيؤدّيه إليه.
قال الريّان: فبعث إليّ المأمون فدخلت إليه، فلمّا رآني قال: يا ريّان! ماأرواك للأحاديث وأحفظك لها؟
قال: قد بلغني ما قال اليهوديّ عبداللّه بن مالك في قوله: رحم اللّه عليّاً، كان رجلاً صالحاً، واللّه لأقتلنّه إن شاء اللّه، وكان هشام بن إبراهيم الراشديّ الهمدانيّ من أخصّ الناس عند الرضا ( عليه السلام ) من قبل أن يحمل، وكان عالماً أديباً لبيباً، وكانت أُمور الرضا ( عليه السلام ) تجري من عنده وعلي يده، وتصيره الأموال من النواحي كلّها إليه قبل حمل أبي الحسن ( عليه السلام ) .
فلمّا حمل أبوالحسن اتّصل هشام بن إبراهيم بذي الرياستين وقرّبه ذوالرياستين وأدناه، فكان ينقل أخبار الرضا ( عليه السلام ) إلي ذي الرياستين والمأمون، فحظي بذلك عندهما، وكان لا يخفي عليهما من أخباره شيئاً، فولّاه المأمون حجابة الرضا ( عليه السلام ) ، فكان لايصل إلي الرضا ( عليه السلام ) إلّا من أحبّ، وضيّق علي الرضا ( عليه السلام ) ، وكان من يقصده من مواليه لايصل إليه، وكان لايتكلّم الرضا ( عليه السلام ) في داره بشي ء إلّا أورده هشام علي المأمون وذي الرياستين، وجعل المأمون العبّاس ابنه في حجر هشام وقال له: أدّبه.
فسمّي هشام العبّاسيّ لذلك.
قال: وأظهر ذو الرياستين عداوة شديدة لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، وحسده علي ما كان المأمون يفضّله، فأوّل ما ظهر لذي الرياستين من أبي الحسن ( عليه السلام ) أنّ ابنة عمّ المأمون كانت تحبّه وكان يحبّها، وكان ينفتح باب حجرتها إلي مجلس المأمون، وكانت تميل إلي أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) وتحبّه، وتذكر ذا الرياستين وتقع فيه.
فقال ذو الرياستين حين بلغه ذكرها له: لاينبغي أن يكون باب دار النساء مشرعاً إلي مجلسك.
فأمر المأمون بسدّه، وكان المأمون يأتي الرضا ( عليه السلام ) يوماً والرضا ( عليه السلام ) يأتي المأمون يوماً، وكان منزل أبي الحسن ( عليه السلام ) بجنب منزل المأمون، فلمّا دخل أبوالحسن ( عليه السلام ) إلي المأمون ونظر إلي الباب مسدوداً قال: ياأميرالمؤمنين! ماهذا الباب الذي سددته؟
فقال: رأي الفضل ذلك وكرهه، فقال ( عليه السلام ) : «إنّا للّه وإنّا إليه راجعون» ماللفضل والدخول بين أميرالمؤمنين وحرمه! قال: فما تري؟
قال: فتحه والدخول إلي ابنة عمّك، ولاتقبل قول الفضل فيما لايحلّ ولايسع، فأمر المأمون بهدمه، ودخل علي ابنة عمّه، فبلغ الفضل ذلك فغمّه.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 151/2 ح 22. عنه حلية الأبرار: 441/4 ح 2، والبحار: 137/49 ح 12، وإثبات الهداة: 32/2 ح 131، قطعة منه، وح 132، قطعة منه. )
2 - الشيخ الصدوق : وقد ذكر قوم: إنّ الفضل بن سهل أشار إلي المأمون بأن يجعل عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) وليّ عهده: منهم أبو عليّ الحسين بن أحمد السلاميّ، فإنّه ذكر ذلك في كتابه الذي صنّفه في أخبار خراسان، وقال: كان الفضل بن سهل ذو الرياستين وزير المأمون ومدبّر أموره، وكان مجوسيّاً، فأسلم علي يد يحيي بن خالد وصحبه.
وقيل: بل أسلم سهل والد الفضل علي يدي المهديّ، وإنّ الفضل اختاره يحيي بن خالد البرمكيّ لخدمة المأمون، فضمّه إليه فتغلب عليه، فاستبدّ بالأمر دونه، فإنّما لقّب بذو الرياستين، فإنّه تقلّد الوزارة ورياسة الجند.
فقال الفضل حين استخلف المأمون يوماً لبعض من كان يعاشره: أين يقع فعلي فيما آتيته من فعال أبي مسلم فيما أتاه؟
فقال: إنّ أبا مسلم حوّلها من قبيلة إلي قبيلة، وأنت حوّلتها من أخ إلي أخ، وبين الحالتين ما تعلمه.
فقال الفضل بن سهل: فإنّي أُحوّلها من قبيلة إلي قبيلة، ثمّ أشار إلي المأمون بأن يجعل عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) وليّ عهده، فبايعه وأسقط بيعة المؤتمن أخيه
وكان عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) ورد علي المأمون وهو بخراسان سنة مائتين علي طريق البصرة وفارس مع رجاء بن أبي الضحّاك، وكان الرضا ( عليه السلام ) متزوّجاً بابنة المأمون، فلمّا بلغ خبره العبّاسيّين ببغداد ساءهم ذلك، فأخرجوا إبراهيم بن المهديّ وبايعوه بالخلافة، ففيه يقول دعبل بن عليّ الخزاعيّ:
يا معشر الأجناد لا تقنطوا
خذوا عطاياكم ولا تسخطوا
فسوف يعطيكم حنينيّة
يلذّها الأمرد والأشمط
( الحَنين: الشوق وشدّة البكاء والطرب. القاموس المحيط: 309/4. )
( الشَمَط: اختلاط بياض الشعر بسواده، (ج) أَشماط وشِماط. المعجم الوسيط: 494. )
والمعبديّات لقوّادكم
لا تدخل الكيس ولا تربط
( قال المجلسيّ: المعبديّات نغمة معروفة. )
وهكذا يرزق أصحابه
خليفة مصحفه البربط
وذلك أنّ إبراهيم بن المهديّ كان مولعاً بضرب العود، منهمكاً في الشرب، فلمّا بلغ المأمون خبر إبراهيم علم أنّ الفضل بن سهل أخطأ عليه وأشار بغير الصواب، فخرج من مرو منصرفاً إلي العراق، واحتال علي الفضل بن سهل حتّي قتله غالب خال المأمون في حمّام بسرخس مغافصة، في شعبان سنة ثلاث ومائتين، ( مغافصة: أي مغالبة. المصباح المنير: 449. )
واحتال المأمون علي عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) حتّي سمّ في علّة كانت أصابته فمات، وأمر بدفنه بسناباذ من طوس بجنب قبر هارون الرشيد، وذلك في صفر سنة ثلاث ومائتين، وكان ابن اثنتين وخمسين سنة.
وقيل: ابن خمس وخمسين (سنة).
هذا ما حكاه أبو عليّ الحسين بن أحمد السلاميّ في كتابه.
والصحيح عندي أنّ المأمون إنّما ولّاه العهد وبايع له للنذر الذي قد تقدّم ذكره، وأنّ الفضل بن سهل لم يزل معادياً ومبغضاً له، وكارهاً لأمره، لأنّه كان من صنائع آل برمك، ومبلغ سنّ الرضا ( عليه السلام ) تسع وأربعون سنة وستّة أشهر، وكانت وفاته في سنة ثلاث ومائتين، كما قد أسندته في هذا الكتاب.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 165/2 ح 28. عنه البحار: 142/49 ح 19.
الأنوار البهيّة: 233 س 3، قطعة منه.
قطعة منه في (مدّة عمره الشريف) و(مبلغ سنّة عند وليّ عهده) و(تاريخ شهادته ومحلّ دفنه) و(كيفيّة شهادته) و(تزويجه ( عليه السلام ) بابنة المأمون). )


- استعانة المأمون بالرضا ( عليه السلام ) بعد قتل الفضل:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا الحاكم أبو عليّ الحسين بن أحمد البيهقيّ قال: حدّثني محمّد بن يحيي الصوليّ قال: حدّثني عون بن محمّد الكنديّ قال: حدّثنا أبو الحسين محمّد بن أبي عبّاد قال: لمّا كان من أمر الفضل بن سهل ما كان وقتل، دخل المأمون إلي الرضا ( عليه السلام ) يبكي وقال له: هذا وقت حاجتي إليك ياأباالحسن! فتنظر في الأمر وتعينني.
فقال له: عليك التدبير يا أميرالمؤمنين! وعلينا الدعاء.
قال: فلمّا خرج المأمون قلت للرضا ( عليه السلام ) : لِمَ أخّرت - أعزّك اللّه - ما قاله لك أميرالمؤمنين وأبيته؟
فقال: ويحك، ياأباحسن! لست من هذا الأمر في شي ء.
( ولعلّ الصحيح أبا حسين كما جاء في سند الحديث. )
قال: فرآني قد اغتممت فقال لي: وما لك في هذا، لو آل الأمر إلي ما تقول، وأنت منّي كما أنت عليه الآن، ما كانت نفقتك إلّا في كمّك، وكنت كواحد من الناس.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 164/2 ح 25. عنه البحار: 171/49 ح 8. )

- مخالفته ( عليه السلام ) مع الفضل وهشام في قتل المأمون:
1 - الشيخ الصدوق : روي أنّه قصد الفضل بن سهل مع هشام بن إبراهيم، الرضا ( عليه السلام ) فقال له: ياابن رسول اللّه! جئتك في سرّ، فاخل لي المجلس، فأخرج الفضل يميناً مكتوبة بالعتق والطلاق، ومالا كفّارة له، وقالا له: إنّما جئناك لنقول كلمة حقّ وصدق، وقد علمنا أنّ الإمرة إمرتكم، والحقّ حقّكم يا ابن رسول اللّه! والذي نقوله بألسنتنا عليه ضمائرنا، وإلّا ينعتق ما نملك، والنساء طوالق، وعليّ ثلاثون حجّة راجلاً أنا، علي أن نقتل المأمون، ونخلّص لك الأمر، حتّي يرجع الحقّ إليك.
فلم يسمع منهما، وشتمهما ولعنهما، وقال لهما: كفرتما النعمة! فلاتكون لكما السلامة، ولالي إن رضيت بما قلتما.
فلمّا سمع الفضل ذلك منه مع هشام، علما أنّهما أخطئا، فقصدا المأمون بعد أن قالا للرضا ( عليه السلام ) : أردنا بما فعلنا أن نجرّبك.
فقال لهما الرضا ( عليه السلام ) : كذبتما، فإنّ قلوبكما علي ما أخبرتماني به، إلّا أنّكما لم تجداني كما أردتما.
فلمّا دخلا علي المأمون قالا: يا أميرالمؤمنين! إنّا قصدنا الرضا ( عليه السلام ) وجرّبناه، وأردنا أن نقف ما يضمره لك، فقلنا وقال.
فقال المأمون: وفّقتما، فلمّا خرجا من عند المأمون، قصده الرضا ( عليه السلام ) ، وأخليا المجلس، وأعلمه ما قالا، وأمره أن يحفظ نفسه منهما، فلمّا سمع ذلك من الرضا ( عليه السلام ) علم أنّ الرضا ( عليه السلام ) هو الصادق.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 167/2 ح 30. عنه البحار: 163/49 ح 3.
قطعة منه في (إخباره ( عليه السلام ) عمّا في الضمير). )


- أمر المأمون بنزع السواد ولبس الخضرة بعد ولاية عهد الرضا ( عليه السلام ) :
1 - الصفديّ: كان المأمون يخضع له [أي لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ] ويتغالي فيه، حتّي أنّه جعله وليّ عهده من بعده، وكتب إلي الآفاق بذلك، فثار بنو العبّاس لذلك وتألّموا.
وقيل: إنّ المأمون همّ مرّة أن يخلع نفسه من الخلافة، ويولّيها عليّ بن موسي الرضا.
ولمّا جعله وليّ عهده، نزع السواد العباسيّ، وألبس الناس الخضرة، وضرب اسم الرضا ( عليه السلام ) علي الدينار والدرهم، وأمر له يوماً بألف ألف درهم.
( الوافي بالوفيات: 248/22 س 10، و249 س 7. )
2 - ابن حجر العسقلانيّ: قال أبوالحسن يحيي بن جعفر النسّابة العلويّ: عقد له المأمون وليّ عهد، ولبس الناس الخضرة في أيّامه.
( تهذيب التهذيب: 338/7 س 20. )

- كيفيّة مبايعة الناس معه ( عليه السلام ) :
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا أبو الطيّب الحسين بن أحمد بن محمّد الرازيّ ( رضي الله عنه ) بنيسابور، سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة قال: حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ قال: أخبرني أبي قال: أخبرني الريّان بن شبيب خال المعتصم، أخو ماردة: أنّ المأمون لمّا أراد أن يأخذ البيعة لنفسه بإمرة المؤمنين، ولأبي الحسن عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) بولاية العهد، ولفضل بن سهل بالوزارة، أمر بثلاثة كراسيّ، فنصبت لهم، فلمّا قعدوا عليها، أذن للناس فدخلوا يبايعون، فكانوا يصفقون بأيمانهم علي أيمان الثلاثة، من أعلي الإبهام إلي الخنصر ويخرجون، حتّي ( الإبهام: أكبر الأصابع. القاموس المحيط: 113/4. )
( 3الخِنصِر: الإصبع الصغري أو الوسطي. القاموس المحيط: 36/2. )
بايع في آخر الناس فتي من الأنصار، فصفق بيمينه، من أعلي الخنصر إلي أعلي الإبهام، فتبسّم أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) ثمّ قال: كلّ من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتي، فإنّه بايعنا بعقدها.
فقال المأمون: وما فسخ البيعة من عقدها؟
قال أبوالحسن ( عليه السلام ) : عقد البيعة هو من أعلي الخنصر إلي أعلي الإبهام، وفسخها من أعلي الإبهام إلي أعلي الخنصر.
قال: فماج الناس في ذلك، وأمر المأمون بإعادة الناس إلي البيعة علي ما وصفه أبوالحسن ( عليه السلام ) ، وقال الناس: كيف يستحقّ الإمامة من لايعرف عقد البيعة، أنّ من علم لأولي بها ممّن لايعلم.
قال: فحمله ذلك علي ما فعله من سمّه.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 238/2 ح 2. عنه حلية الأبرار: 456/4 ح 2، ونور الثقلين: 60/5 ح 32، والبحار: 184/64 ح 1.
علل الشرائع: 239، ب 174 ح 1. عنه وعن العيون، البحار: 144/49 ح 21.
المناقب لابن شهرآشوب: 369/4 س 8. )

2 - أبو عليّ الطبرسيّ : ذكر رواة السير: أنّ المأمون لمّا أراد العقد للرضا ( عليه السلام ) ، أحضر الفضل والحسن بن سهل، فأعلمهما بما قد عزم عليه من ذلك وقال: إنّي عاهدت اللّه تعالي أنّني إن ظفرت بالمخلوع أخرجت الخلافة إلي أفضل آل أبي طالب، وما أعلم أحداً أفضل من هذا الرجل علي وجه الأرض.
فلمّا رأيا عزيمته علي ذلك أمسكا عن معارضته، فأرسلهما إلي الرضا ( عليه السلام ) فعرضا ذلك عليه فامتنع منه، فلم يزالا به حتّي أجاب، ورجعا إلي المأمون فعرّفاه إجابته، فسرّ به وجلس للخاصّة في يوم خميس، وخرج الفضل بن سهل فأعلم الناس برأي المأمون في عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) ، وأنّه قد ولّاه عهده، وقد سمّاه الرضا، وأمرهم بلبس الخضرة، والعود لبيعته في الخميس الآخر، علي أن يأخذوا رزق سنة.
فلمّا كان ذلك اليوم ركب الناس علي طبقاتهم من القوّاد والحجّاب، والقضاة وغيرهم في الخضرة، وجلس المأمون، ووضع للرضا ( عليه السلام ) وسادتين عظيمتين حتّي لحق بمجلسه وفرشه، وأجلس الرضا ( عليه السلام ) عليهما في الخضرة، وعليه عمامة وسيف، ثمّ أمر ابنه العبّاس بن المأمون فبايع له أوّل الناس، فرفع الرضا ( عليه السلام ) يده فتلقّي بها وجه نفسه، وببطنها وجوههم.
فقال المأمون: ابسط يدك للبيعة.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : إنّ رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) هكذا كان يبايع.
فبايعه الناس ويده فوق أيديهم، ووضعت البدر، وقامت الخطباء والشعراء، فجعلوا يذكرون فضل الرضا ( عليه السلام ) ، وما كان من المأمون في أمره
ثمّ دعا أبو عبّاد بالعبّاس بن المأمون، فوثب فدنا من أبيه، فقبّل يده وأمره بالجلوس.
ثمّ نودي محمّد بن جعفر بن محمّد وقال له الفضل بن سهل: قم، فقام ومشي حتّي قرب من المأمون، فوقف فلم يقبّل يده، فقيل له: امض فخذ جائزتك، وناداه المأمون: ارجع يا أبا جعفر! إلي مجلسك، فرجع.
ثمّ جعل أبو عبّاد يدعو بعلويّ وعبّاسيّ، فيقبضان جوائزهما حتّي نفدت الأموال.
ثمّ قال المأمون للرضا ( عليه السلام ) : اخطب الناس، فحمد اللّه سبحانه، وأثني عليه وقال: إنّ لنا عليكم حقّاً برسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ، ولكم علينا حقّاً به، فإذا أنتم أدّيتم إلينا ذلك الحقّ، وجب علينا الحقّ لكم.
ولم يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس، وأمر المأمون فضربت الدراهم، وطبع عليها اسم الرضا ( عليه السلام ) ، وخطب للرضا في كلّ بلد بولاية العهد، وخطب عبد الجبّار بن سعد في تلك السنة علي منبر رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) بالمدينة، فقال في الدعاء له: وليّ عهد المسلمين عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ ( عليهم السلام ) : :
ستّة آباء هم ما هم
أفضل من يشرب صوب الغمام
( في العيون: سبعة. )
( إعلام الوري: 73/2 س 1.
كشف الغمّة: 276/2 س 9.
الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 255 س 4، بتفاوت.
المجدي في أنساب الطالبيّين: 128 س 2، قطعة منه، و365 س 16، قطعة منه.
الأنوار البهيّة: 228 س 3، بتفاوت.
إرشاد المفيد: 310 س 23، بتفاوت. عنه نور الثقلين: 61/5 ح 33، قطعة منه، والبحار: 145/49 ح 23.
روضة الواعظين: 248 س 11.
نور الأبصار: 316 س 3، بتفاوت.
عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 145/2 ح 14، قطعة منه. عنه البحار: 155/49 ح 28.
المناقب لابن شهرآشوب: 363/4 س 20، بتفاوت.
مقاتل الطالبين: 454 س 15، بتفاوت.
قطعة منه في (كيفيّة مبايعة الناس مع النبيّ ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ). )


- ما قال الناس بعد قبوله ( عليه السلام ) ولاية عهد المأمون:
1 - أبو عمرو الكشّيّ : عليّ بن محمّد قال: حدّثني محمّد بن أحمد، عن يعقوب، عن الحسين، عن ابن راشد، قال: لمّا ارتحل أبوالحسن ( عليه السلام ) إلي خراسان قال: قلنا ليونس: هذا أبوالحسن حمل إلي خراسان.
فقال: إن دخل في هذا الأمر طايعاً أو مكرهاً، فهو طاغوت.
( رجال الكشّيّ: 492 رقم 943. )
2 - أبو عمرو الكشّيّ : آدم بن محمّد القلانسيّ البلخيّ قال: حدّثني عليّ بن محمّد بن يزيد القمّيّ، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن إبراهيم الحضينيّ الأهوازيّ، قال: لمّا حمل أبوالحسن ( عليه السلام ) إلي خراسان قال يونس بن عبد الرحمن: إن دخل في هذا الأمر طائعاً أو كارهاً، انتقضت النبوّة من لدن آدم.
( رجال الكشّيّ: 496 رقم 953. )





الفصل الثاني: أحواله ( عليه السلام ) مع خلفاء زمانه
وفيه خمسة أمور

الأوّل - خلفاء عصره ( عليه السلام ) :
1 - الشيخ الصدوق :...غياث بن أسيد، قال: سمعت جماعة من أهل المدينه يقولون:...وكان في أيّام إمامته ( عليه السلام ) بقيّة ملك الرشيد، ثمّ ملك بعد الرشيد محمّد المعروف بالأمين، وهو ابن زبيدة، ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوماً، ثمّ خلع الأمين، وأُجلس عمّه إبراهيم بن شكله أربعة عشر يوماً، ثمّ أخرج محمّد بن زبيدة من الحبس، وبويع له ثانية، وجلس في الملك سنة وستّة أشهر، وثلاثة وعشرين يوماً، ثمّ ملك عبد اللّه المأمون، عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوماً....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 18/1 ح 1.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 3. )

2 - أبو عليّ الطبرسيّ : كان في أيّام إمامته ( عليه السلام ) بقيّة ملك الرشيد، ثمّ ملك بعد الرشيد ابنه محمّد المعروف بالأمين، - وهو ابن زبيدة - ثلاثة سنين وخمسة وعشرين يوماً، ثمّ خلع الأمين وحبس، وأجلس عمّه إبراهيم بن ( في الفصول المهمّة: ثلاث سنين وعشرين يوماً، وفي دلائل الإمامة والمناقب: ثلاث سنين وثمانية عشر يوماً. )
شكلة أربعة عشر يوماً، ثمّ أخرج محمّد بن زبيدة من الحبس، وبويع له ثانية، وجلس في الملك سنة وستّة أشهر وثلاثة وعشرين يوماً، ثمّ ملك عبداللّه بن ( في إعلام الوري والفصول المهمّة: سنة وسبعة أشهر. )
هارون المأمون عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوماً، فأخذ البيعة في ملكه لعليّ ( اكتفي في إعلام الوري والفصول المهمّة بعشرين سنة. )
بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) بعهد المسلمين من غير رضاه، ثمّ غدر به، فقتله بالسمّ بطوس من أرض خراسان، فمضي إلي كرامة اللّه، صلوات اللّه عليه.
( تاج المواليد ضمن مجموعة نفيسة: 125 س 11.
إعلام الوري: 41/2 س 16.
دلائل الإمامة: 347 س 7.
المناقب لابن شهرآشوب: 367/4.
قطعة منه في (قاتله وكيفيّة شهادته ( عليه السلام ) ). )

3 - ابن شهر آشوب : فكان في سني إمامته بقيّة ملك الرشيد، ثمّ ملك الأمين ثلاث سنين وثمانية عشر يوماً، وملك المأمون عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوماً.
( المناقب لابن شهرآشوب: 367/4 س 10. عنه البحار: 10/49 ضمن ح 21. )
4 - ابن الصبّاغ: معاصره الأمين والمأمون.
( الفصول المهمّة: 244 س 18.
نور الأبصار: 309 س 16. )


الثاني - مشاورة الحكّام معه في عصره:
1 - الراونديّ : روي عن محمّد بن الفضل الهاشميّ قال:...فلمّا كان في اليوم الثالث من دخولي البصرة، إذا الرضا ( عليه السلام ) قد وافي...قال ( عليه السلام ) : أنا عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طا لب ( عليهم السلام ) : ، وابن رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ، صلّيت اليوم الفجر في مسجد رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) مع والي المدينة، وأقرأني - بعد أن صلّينا - كتاب صاحبه إليه، واستشارني في كثير من أُموره، فأشرت عليه بما فيه الحظّ له، ووعدته أن يصير إليّ بالعشيّ بعد العصر من هذا اليوم، ليكتب عندي جواب كتاب صاحبه، وأنا واف له بما وعدته به، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه....
( الخرائج والجرائح: 341/1 ح 6.
يأتي الحديث بتمامه في ف 8 رقم 2389. )


الثالث - تهديد بعض عمّال الخليفة بقتله ( عليه السلام ) :
1 - أبو عمرو الكشّيّ : محمّد بن مسعود قال: حدّثني عليّ قال: حدّثني أحمد، عن أبي طالب قال: حدّثني العبّاسيّ أنّه قال للرضا ( عليه السلام ) : لِمَ لاتدخل فيما سألك أميرالمؤمنين؟
قال: فقال ( عليه السلام ) : فأنت أيضاً عليّ يا عبّاسيّ!
فقال: نعم، ولتجيبه إلي ما سألك، أو لأعطينّك القاضية، يعني السيف.
( رجال الكشّيّ: 501 رقم 961. )

الرابع - أحواله ( عليه السلام ) مع هارون العبّاسيّ:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ :...يونس، عمّن ذكره قال: قيل للرضا ( عليه السلام ) : إنّك تتكلّم بهذا الكلام والسيف يقطر دماً؟
فقال ( عليه السلام ) : إنّ للّه وادياً من ذهب حماه بأضعف خلقه النمل، فلو رامه البخاتيّ لم تصل إليه.
( الكافي: 59/2 ح 11.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 412. )

2 - الشيخ الصدوق : حدّثنا محمّد بن موسي المتوكّل ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا محمّد بن يحيي العطّار، عن محمّد بن أحمد الأشعريّ، عن عمران بن موسي، عن أبي الحسن داود بن محمّد النهديّ، عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن الطيّب ( عليه السلام ) قال: سمعته يقول: لمّا توفّي أبو الحسن موسي بن جعفر ( عليهماالسلام ) دخل أبوالحسن عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) السوق، فاشتري كلباً وكبشاً وديكاً، فلمّا كتب صاحب الخبر إلي هارون بذلك قال: قد أمنّا جانبه.
وكتب الزبيريّ: إنّ عليّ بن موسي الرضا ( عليه السلام ) قد فتح بابه ودعا إلي نفسه.
فقال هارون: واعجباً من هذا! يكتب أنّ عليّ بن موسي ( عليه السلام ) قد اشتري كلباً وكبشاً وديكاً، ويكتب فيه بما يكتب.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 205/2 ح 4. عنه مدينة المعاجز: 52/7 ح 2153، والبحار: 114/49 ح 4، وإثبات الهداة: 263/3 ح 42.
إعلام الوري: 60/2 س 15.
الثاقب في المناقب: 492 ح 421، بتفاوت.
المناقب لابن شهرآشوب: 369/4 س 19، مختصراً.
كشف الغمّة: 315/2 س 14.
قدعة منه في (علمه ( عليه السلام ) بما في الضمير)، و(شراؤه ( عليه السلام ) كلباً وكبشاً وديكاً). )

3 - الشيخ الصدوق :...محمّد بن الفضيل قال: أخبرني من سمع الرضا ( عليه السلام ) وهو ينظر إلي هارون بمني أو بعرفات فقال: أنا وهارون هكذا، وضمّ بين إصبعيه....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 226/2 ح 2.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 431. )

4 - المسعوديّ:...سام بن نوح بن درّاج، قال: كنّا عند غسّان القاضي، فدخل إليه رجل من أهل خراسان، عظيم القدر، من أصحاب الحديث، فأعظمه ورفعه وحادثه.
فقال الرجل: سمعت هارون الرشيد يقول: لأخرجنّ العام إلي مكّة، ولآخذنّ عليّ بن موسي، ولأردّنّه حياض أبيه.
فقلت: ما شي ء أفضل من أن أتقرّب إلي اللّه عزّ وجلّ، وإلي رسوله، فأخرج إلي هذا الرجل فأنذره.
فخرجت إلي مكّة، ودخلت علي الرضا ( عليه السلام ) ، فأخبرته بما قال هارون،فجزّاني خيراً ثمّ قال: ليس عليّ منه بأس، أنا وهارون كهاتين، وأومأبإصبعه.
( إثبات الوصيّة: 205 س 17.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 439. )


الخامس - أحواله ( عليه السلام ) مع المأمون:
وفيه ستّة وعشرون موضوعاً

- اقتراحه الخلافة للإمام الرضا ( عليه السلام ) :
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ :...معمّر بن خلّاد، قال: قال لي أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) : قال لي المأمون: ياأباالحسن! لو كتبت إلي بعض من يطيعك في هذه النواحي التي قد فسدت علينا. قال: قلت له: يا أميرالمؤمنين! إن وفيت لي وفيت لك، إنّما دخلت في هذا الأمر الذي دخلت فيه، علي أن لا آمر، ولا أنهي، ولا أولّي، ولا أعزل....
( الكافي: 132/8 ح 134.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 754. )

2 - الشيخ الصدوق :...معمّر بن خلّاد قال: قال لي أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) قال لي المأمون يوماً: يا أباالحسن! انظر بعض من تثق به، نولّيه هذه البلدان التي قد فسدت علينا.
فقلت له: تفي لي، وأُوافي لك، فإنّي إنّما دخلت فيما دخلت علي أن لا آمر فيه ولا أنهي، ولا أعزل ولا أولّي....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 166/2 ح 29.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 755. )

3 - الشيخ الصدوق :...أبي الصلت الهرويّ قال: إنّ المأمون قال للرضا ( عليه السلام ) : يا ابن رسول اللّه! قد عرفت علمك وفضلك وزهدك، وورعك وعبادتك، وأراك أحقّ بالخلافة منّي.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : بالعبوديّة للّه عزّ وجلّ أفتخر...فقال له المأمون:
فإنّي قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة، وأجعلها لك وأُبايعك.
فقال له الرضا ( عليه السلام ) : إن كانت هذه الخلافة لك، واللّه جعلها لك، فلايجوز لك أن تخلع لباساً ألبسك اللّه وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك فلايجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك.
فقال له المأمون: يا ابن رسول اللّه فلابدّ لك من قبول هذا الأمر!
فقال ( عليه السلام ) : لست أفعل ذلك طائعاً أبداً...فقال له: فإن لم تقبل الخلافة، ولم تجب مبايعتي لك، فكن وليّ عهدي له، تكون الخلافة بعدي...قال ( عليه السلام ) : الأمان علي الصدق.
قال: لك الأمان.
قال: تريد بذلك أن يقول الناس: إنّ عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة!
فغضب المأمون، ثمّ قال: إنّك تتلقّاني أبداً بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي، فباللّه أُقسم لئن قبلت ولاية العهد، وإلّا أجبرتك علي ذلك، فإن فعلت، وإلّا ضربت عنقك!....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 139/2 ح 3.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 757. )

4 - الشيخ الصدوق :...عبد اللّه بن محمّد الهاشميّ قال: دخلت علي المأمون يوماً...وقال لي: يا عبد اللّه! أيلومني أهل بيتي وأهل بيتك إن نصبت أباالحسن الرضا ( عليه السلام ) علماً، فواللّه لأُحدّثك بحديث تتعجّب منه، جئته يوماً فقلت له: جعلت فداك، إنّ آبائك موسي بن حعفر، وجعفر بن محمّد، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن الحسين ( عليهم السلام ) : ، كان عندهم علم ما كان وما هو كائن إلي يوم القيامة، وأنت وصيّ القوم ووارثهم، وعندك علمهم، وقد بدت لي إليك حاجة.
قال: هاتها، فقلت: هذه الزاهريّة خطّتني، ولا أقدم عليها من جواري قد حملت غير مرّة وأسقطت، وهي الآن حامل، فدلّني علي ما نتعالج به فتسلم.
فقال: لاتخف من إسقاطها، فإنّها تسلم وتلد غلاماً أشبه الناس بأُمّه، ويكون له خنصر زائدة في يده اليمني ليست بالمدلاة، وفي رجله اليسري خنصر زائدة ليست بالمدلاة.
فقلت في نفسي: أشهد أنّ اللّه علي كلّ شي ء قدير، فولدت الزاهريّة غلاماً أشبه الناس بأُمّه، في يده اليمني خنصر زائدة ليست بالمدلاة، وفي رجله اليسري خنصر زائدة ليست بالمدلاة علي ما كان وصفه لي الرضا ( عليه السلام ) ، فمن يلومني علي نصبي إيّاه علماً!....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 223/2 ح 44.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 405. )

5 - الشيخ الصدوق :...إبراهيم بن العبّاس يقول: ما رأيت الرضا ( عليه السلام ) يسأل عن شي ء قطّ إلّا علم، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الأوّل إلي وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شي ء، فيجيب فيه....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 180/2 ح 4.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 364. )

6 - الإربليّ : في سنة سبعين وستّمأة وصل من مشهده ال شريف ( عليه السلام ) أحد قوّامه، ومعه العهد الذي كتبها المأمون بخطّ يده، وبين سطوره، وفي ظهره بخطّ الإمام ( عليه السلام ) ما هو مسطور، فقبّلت مواقع أقلامه، وسرّحت طرفي في رياض كلامه، وعدّدت الوقوف عليه من منن اللّه وإنعامه، ونقلته حرفاً فحرفاً، وما هو بخطّ المأمون:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتاب كتبه عبد اللّه بن هارون الرشيد أمير المؤمنين لعليّ بن موسي بن جعفر وليّ عهده، أمّا بعد:...
صورة ما كان علي ظهر العهد بخطّ الإمام عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) :
بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه الفعّال لما يشاء،....
( كشف الغمّة: 333/2 س 7.
يأتي الحديث بتمامه في ف 8 رقم 2498. )

7 - الفتّال النيسابوريّ : روي: أنّ المأمون قد أنفذ إلي جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة، وفيهم عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) ...فقدم بهم علي المأمون فأنزلهم داراً، وأنزل الرضا ( عليه السلام ) داراً، وأكرمه وعظّم أمره، ثمّ أنفذ إليه إنّي أُريد أن أخلع نفسي من الخلافة، وأُقلّدك إيّاها، فمارأيك في ذلك؟
فأنكر الرضا ( عليه السلام ) هذا الأمر...فقال له المأمون كلاماً كالتهديد فيه علي الإمتناع عليه وقال في كلامه: إنّ عمر بن الخطّاب جعل الشوري في ستّة، أحدهم جدّك أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) ، وشرط فيمن خالف منهم أن يضرب عنقه، ولابدّ من قبولك ماأُريد منك، فإنّي لاأجد محيصاً عنه.
فقال له الرضا ( عليه السلام ) : فإنّي أُجيبك إلي ماتريد من ولاية العهد، علي أنّني لاآمر...فأجابه المأمون إلي ذلك كلّه....
( روضة الواعظين: 247 س 15.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 753. )


- احتيال المأمون علي قتل الإمام الرضا ( عليه السلام ) :
1 - الشيخ الصدوق :...هرثمة بن أعين قال: دخلت علي سيّدي ومولاي - يعني الرضا ( عليه السلام ) - في دار المأمون وكان قد ظهر في دار المأمون أنّ الرضا ( عليه السلام ) قد توفّي، ولم يصحّ هذا القول، فدخلت أريد الإذن عليه قال: وكان في بعض ثقات خدم المأمون غلام يقال له: صبيح الديلميّ وكان يتوالي سيّدي حقّ ولايته، وإذا صبيح قد خرج فلمّا رآني قال لي: يا هرثمة! ألست تعلم أنّي ثقة المأمون علي سرّه وعلانيته؟ قلت: بلي.
قال: إعلم يا هرثمة! أنّ المأمون دعاني وثلاثين غلاماً من ثقاته...فدعا بنا غلاماً غلاماً، وأخذ علينا العهد والميثاق بلسانه...فقال: يأخذ كلّ واحد منكم سيفاً بيده وامضوا حتّي تدخلوا علي عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) في حجرته، فإن وجدتموه قائماً أو قاعداً أو نائماً فلا تكلّموه، وضِعوا أسيافكم عليه، واخلطوا لحمه ودمه وشعره وعظمه ومخّه...
قال: فأخذنا الأسياف بأيدينا ودخلنا عليه في حجرته، فوجدناه مضطجعاً يقلّب طرف يديه ويكلّم بكلام لا نعرفه، قال: فبادر الغلمان إليه بالسيوف ووضعت سيفي وأنا قائم أنظر إليه، وكأنّه قد كان علم مصيرنا إليه، فليس علي بدنه ما لا تعمل فيه السيوف فطووا علي بساطه، وخرجوا حتّي دخلوا علي المأمون فقال: ما صنعتم؟
قالوا: فعلنا ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين!... فمشي لينظر إليه وأنا بين يديه، فلمّا دخل عليه حجرته سمع همهمته فأرعد ثمّ قال: من عنده؟
قلت: لا علم لنا يا أمير المؤمنين! فقال: اسرعوا وانظروا.
قال صبيح: فأسرعنا إلي البيت فإذا سيّدي ( عليه السلام ) جالس في محرابه يصلّي ويسبّح...
قال: فرجعت إلي المأمون فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم فقال لي: ياصبيح! ما وراءك؟
فقلت له: يا أمير المؤمنين! هو واللّه جالس في حجرته، وقد ناداني وقال لي كيت وكيت، قال: فشدّ أزراره وأمر بردّ أثوابه وقال: قولوا: إنّه كان غشي عليه، وإنّه قد أفاق....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 214/2 ح 22.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 470. )

2 - الشيخ الصدوق :...عليّ بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ ( عليهم السلام ) : : إنّ الرضا ( عليه السلام ) عليّ بن موسي لمّا جعله المأمون وليّ عهده، احتبس المطر، فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصّبين علي الرضا يقولون: انظروا لمّا جاءنا عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) وصار وليّ عهدنا، فحبس اللّه عنّا المطر، واتّصل ذلك بالمأمون، فاشتدّ عليه، فقال للرضا ( عليه السلام ) : قد احتبس المطر، فلو دعوت اللّه عزّ وجلّ أن يمطر الناس.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : نعم!
قال: فمتي تفعل ذلك؟ وكان ذلك يوم الجمعة.
قال: يوم الاثنين... فلمّا كان يوم الاثنين غدا إلي الصحراء...، وقد كان للمأمون من يريد أن يكون هو وليّ عهده من دون الرضا ( عليه السلام ) ، وحسّاد كانوا بحضرة المأمون للرضا ( عليه السلام ) .
فقال للمأمون بعض أولئك: يا أمير المؤمنين! أُعيذك باللّه أن تكون تاريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشرف العميم، والفخر العظيم من بيت ولد العبّاس إلي بيت ولد عليّ، لقد أعنت علي نفسك وأهلك، جئت بهذا الساحر ولد السحرة، وقد كان خاملاً فأظهرته، ومتّضعاً فرفعته، ومنسيّاً فذكّرت به، ومستخفّا فنوّهت به، قد ملأ الدنيا مخرقة وتشوّقاً بهذا المطر الوارد عند دعائه، ماأخوفني أن يخرج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العبّاس إلي ولد عليّ؟!
بل ما أخوفني أن يتوصّل بسحره إلي إزالة نعمتك، والتواثب علي مملكتك، هل جني أحد علي نفسه وملكه مثل جنايتك؟!
فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستتراً عنّا، يدعو إلي نفسه، فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافه لنا، وليعتقد فيه المفتونون به أنّه ليس ممّا ادّعي في قليل ولاكثير، وإنّ هذا الأمر لنا من دونه،
وقد خشينا إن تركناه علي تلك الحالة أن ينفتق علينا منه مالانسدّه، ويأتي علينا منه مالانطيقه، والآن فإذ قد فعلنا به مافعلناه، وأخطأنا في أمره بماأخطأنا، وأشرفنا من الهلاك بالتنويه به علي ما أشرفنا، فليس يجوز التهاون في أمره.
ولكنّا نحتاج أن نضع منه قليلاً قليلاً حتّي نصوّره عند الرعايا بصورة من لايستحقّ لهذا الأمر ثمّ ندبّر فيه بمايحسّم عنّا موادّ بلائه.
قال الرجل: يا أمير المؤمنين! فولّني مجادلته، فإنّي أفحمه وأصحابه، وأضع من قدره، فلولا هيبتك في نفسي لأنزلته منزلته، وبيّنت للناس قصوره عمّا رشحته له.
قال المأمون: ما شي ء أحبّ إليّ من هذا....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 167/2، ح 1.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 475. )


- هبة المأمون جرم أخيه زيد إلي الرضا ( عليه السلام ) :
1 - الشيخ الصدوق :...ابن أبي عبدون، عن أبيه قال: لمّا حُمل زيد بن موسي بن جعفر ( عليهماالسلام ) إلي المأمون، وقد كان خرج بالبصرة، وأحرق دور ولد العبّاس، وهب المأمون جرمه لأخيه عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) ، وقال له: ياأباالحسن! لئن خرج أخوك وفعل ما فعل، لقد خرج قبله زيد بن عليّ فقتل، ولولا مكانك منّي لقتلته، فليس ما أتاه بصغير.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : يا أميرالمؤمنين! لا تَقِسْ أخي زيداً إلي زيد بن عليّ، فإنّه كان من علماء آل محمّد، غضب للّه عزّوجلّ، فجاهد أعداءه حتّي قتل في سبيله.
ولقد حدّثني أبي موسي بن جعفر ( عليهماالسلام ) ، أنّه سمع أباه جعفر بن محمّد بن عليّ ( عليهم السلام ) : يقول: رحم اللّه عمّي زيداً! إنّه دعا إلي الرضا من آل محمّد، ولو ظفر لوفي بما دعا إليه، ولقد استشارني في خروجه، فقلت له: يا عمّ! إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكُناسة فشأنك، فلمّا ولّي، قال جعفر بن محمّد: ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه.
فقال المأمون: يا أبا الحسن! أليس قد جاء فيمن ادّعي الإمامة بغير حقّها
ما جاء؟
فقال الرضا ( عليه السلام ) : إنّ زيد بن عليّ لم يدّع ماليس له بحقّ، وإنّه كان أتقي للّه من ذلك، إنّه قال: أدعوكم إلي الرضا من آل محمّ ( عليهم السلام ) : ، وإنّما جاء ما جاء، فيمن يدّعي أنّ اللّه تعالي نصّ عليه، ثمّ يدعو إلي غير دين اللّه، ويضلّ عن سبيله بغير علم، وكان زيد واللّه ممّن خوطب بهذه الآية: ( وَجَهِدُواْ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ي هُوَ اجْتَبَل-كُمْ ) .
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 248/1 ح 1.
يأتي الحديث بتمامه في ف 8 رقم 2385. )


- رجوع المأمون إلي الرضا ( عليه السلام ) في المسائل الفقهيّة وغيرها:
1 - الشيخ الصدوق : في رواية محمّد بن أحمد بن يحيي بإسناده قال: رُفع إلي المأمون، رجل دفع رجلاً في بئرفمات...فسأل أبا الحسن ( عليه السلام ) عن ذلك، وكتب إليه.
فقال ( عليه السلام ) : ديته علي أصحاب الغوث الذين صاحوا الغوث....
( من لايحضره الفقيه: 128/4 ح 451.
يأتي الحديث بتمامه في ف 8 رقم 2497. )

2 - الشيخ الصدوق :...أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهرويّ قال: سأل المأمون أبا الحسن عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) عن قول اللّه تعالي:...فقال المأمون: فرّجت عنّي يا أبا الحسن ( عليه السلام ) فرّج اللّه عنك، ثمّ قال له: يا ابن رسول اللّه فما معني قول اللّه عزّ وجلّ:...فقال المأمون: فرّجت عنّي يا أبا الحسن فرّج اللّه عنك، فأخبرني عن قول اللّه تعالي:...فقال المأمون: فرّجت عنّي فرّج اللّه عنك.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 134/1 ح 33.
يأتي الحديث بتمامه في ف 6 رقم 1961. )


- بركة السباع وقصّة زينب الكذّابة:
1 - ابن حمزة الطوسيّ :...أبو عبد اللّه الحافظ النيسابوريّ في كتابه الموسوم بالمفاخر، ونسبه إلي جدّه الرضا ( عليه السلام ) وهو: أنّه قد دخل علي المأمون وعنده زينب الكذّابة، وكانت تزعم أنّها زينب بنت عليّ بن أبي طالب، وأنّ عليّاً قد دعا لها بالبقاء إلي يوم القيامة
فقال المأمون للرضا ( عليه السلام ) : سلّم علي أُختك.
فقال ( عليه السلام ) : واللّه ما هي بأُختي ولاولّدها عليّ بن أبي طالب.
فقالت زينب: ماهو أخي ولاولّده عليّ بن أبي طالب.
فقال المأمون للرضا ( عليه السلام ) : ما مصداق قولك هذا؟
فقال ( عليه السلام ) : إنّا أهل بيت لحومنا محرّمة علي السباع، فاطرحها إلي السباع، فإن تك صادقة، فإنّ السباع تعفي لحمها.
قالت زينب: ابتدي ء بالشيخ.
قال المأمون: لقد أنصفت.
فقال ( عليه السلام ) له: أجل.
ففتحت بركة السباع فنزل الرضا ( عليه السلام ) إليها، فلمّا رأته بصبصت، و أومأت إليه بالسجود، فصلّي فيما بينها ركعتين وخرج منها.
فأمر المأمون زينب أن تنزل فأبت، وطرحت للسباع فأكلتها....
( الثاقب في المناقب: 546 ح 488.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 478. )


- شعره ( عليه السلام ) عند المأمون:
1 - الشيخ الصدوق :...موسي بن محمّد المحاربيّ، عن رجل ذكر اسمه، عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) : إنّ المأمون قال له: هل رويت من الشعر شيئاً؟
فقال ( عليه السلام ) : قد رويت منه الكثير، فقال: أنشدني أحسن ما رويته في الحلم.
فقال ( عليه السلام ) :
إذا كان دوني من بليت بجهله
أبيت لنفسي أن تقابل بالجهل ...
فقال المأمون: إذا أمرت أن يترّب الكتاب كيف تقول؟
قال: تربّ، قال: فمن السحا؟
قال: سح، قال: فمن الطين؟
قال: طنّ.
قال: فقال المأمون: يا غلام! تربّ هذا الكتاب، وسحه، وطنّه، وامض به إلي الفضل بن سهل، وخذ لأبي الحسن ( عليه السلام ) ثلاثمائة ألف درهم.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 174/2 ح 1.
يأتي الحديث بتمامه في ف 7 رقم 2284. )


- مناظراته العلميّة عند المأمون:
1 - الشيخ الصدوق :...الحسن بن محمّد النوفليّ ثمّ الهاشميّ يقول: لمّا قدم عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) علي المأمون، أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق، ورأس الجالوت، ورؤساء الصابئيين، والهِرْبِذِ الأكبر، وأصحاب زَرْدْهِشْت، وقِسطاس الروميّ والمتكلّمين، ليسمع كلامه وكلامهم، فجمعهم الفضل بن سهل، ثمّ أعلم المأمون باجتماعهم فقال: أدخلهم عليَّ، ففعل، فرحّب بهم المأمون، ثمّ قال لهم: إنّي إنّما جمعتكم لخير، وأحببت أن تناظروا ابن عمّي، هذا المدنيّ القادم عليَّ، فإذا كان بكرة فاغدوا عليَّ، ولا يتخلّف منكم أحد.
فقالوا: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين! نحن مبكّرون إن شاء اللّه.
قال الحسن بن محمّد النوفليّ: فبينا نحن في حديث لنا عند أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، إذ دخل علينا ياسر الخادم، وكان يتولّي أمر أبي الحسن ( عليه السلام ) فقال له: يا سيّدي! إنّ أمير المؤمنين يقرئك السلام، ويقول: فداك أخوك! أنّه أجمع إليّ أصحاب المقالات، وأهل الأديان، والمتكلّمون من جميع الملل، فرأيك في البكور إلينا إن أحببت كلامهم، وإن كرهت ذلك فلاتتجشّم، وإن أحببت أن نصير إليك خفّ ذلك علينا.
فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : أبلغه السلام، وقل له: قد علمت ما أردت، وأنا صائر إليك بكرة إن شاء اللّه.
قال الحسن بن النوفليّ: فلمّا مضي ياسر، التفت إلينا، ثمّ قال لي: يا نوفليّ! أنت عراقيّ، و رقّة العراقيّ غير غليظة، فما عندك في جمع ابن عمّك علينا، أهل الشرك وأصحاب المقالات؟
فقلت: جعلت فداك!، يريد الامتحان، ويحبّ أن يعرف ما عندك، ولقد بني علي أساس غير وثيق البنيان، وبئس واللّه! ما بني....
فقال ( عليه السلام ) لي: يا نوفليّ! أتحبّ أن تعلم متي يندم المأمون؟
قلت: نعم.
قال ( عليه السلام ) : إذا سمع احتجاجي علي أهل التورية بتوراتهم، وعلي أهل الإنجيل بإنجيلهم، و....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 154/1 ح 1.
يأتي الحديث بتمامه في ف 8 رقم 2378. )


- تعيين مسير قدوم الرضا ( عليه السلام ) إلي خراسان:
1 - الشيخ الصدوق :...رجاء بن أبي الضحّاك يقول: بعثني المأمون في إشخاص عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) من المدينة...وقد أمرني أن آخذ به علي طريق البصرة، والأهواز، وفارس، ولاآخذ به علي طريق قمّ، وأمرني أن أحفظه بنفسي بالليل والنهار، حتّي أقدم به عليه....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 180/2 ح 5.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 669. )


- إخبار المأمون بدخوله البغداد:
1 - الشيخ الصدوق :...محمّد بن أبي عبّاد قال: قال المأمون يوماً للرضا ( عليه السلام ) : ندخل بغداد إن شاء اللّه تعالي، فنفعل كذا وكذا.
فقال ( عليه السلام ) له: تدخل أنت بغداد يا أميرالمؤمنين....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 224/2 ح 1.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 435. )


- دفع شرّ المأمون بقرائته ( عليه السلام ) الحرز:
1 - السيّد ابن طاووس : حرز لمولانا عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) تسمّي رقعة الجَيب...ياسر الخادم قال: لمّا نزل أبو الحسن عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) قصر حميد بن قحطبة، نزع ثيابه وناولها حميداً فاحتملها، وناولها جارية له لتغسلها، فما لبثت أن جاءت ومعها رقعة فناولتها حميداً وقالت: وجدتها في جيب أبي الحسن ( عليه السلام ) .
فقلت: جعلت فداك، إنّ الجارية وجدت رقعة في جيب قميصك فها هي؟
قال ( عليه السلام ) : يا حميد! هذه عوذة لانفارقها، فقلت: لو شرّفتني بها.
فقال ( عليه السلام ) : هذه عوذة من أمسكها في جيبه كان البلاء مدفوعاً عنه، وكانت له حرزاً من الشيطان الرجيم، ثمّ أملي علي الحميد العوذة وهي:... قلت: ولهذا الحرز قصّة مونقة، وحكاية عجيبة، كما رواه أبو الصلت الهرويّ.
قال: كان مولاي عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) ذات يوم جالساً في منزله، إذ دخل عليه رسول المأمون، فقال: أجب أمير المؤمنين! فقام عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) فقال لي: يا أبا الصلت! إنّه لا يدعوني في هذا الوقت إلّا لداهية، واللّه لا يمكنه أن يعمل بي شيئاً أكرهه، لكلمات وقعت إليّ من جدّي رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) .
قال: فخرجت معه حتّي دخلنا علي المأمون، فلمّا نظر به الرضا ( عليه السلام ) ، قرأ هذا الحرز إلي آخره، فلمّا وقف بين يديه نظر إليه المأمون وقال: يا أبا الحسن! قد أمرنا لك بمائة ألف درهم، واكتب حوائج أهلك، فلمّا ولّي عنه عليّ بن موسي بن جعف ( عليهم السلام ) : ومأمون ينظر إليه في قفاه ويقول: أردت وأراد اللّه، و ماأراد اللّه خير.
( مهج الدعوات: 49 س 11.
يأتي الحديث بتمامه في ف 6 رقم 2095. )


- ولاية عهد المأمون وتزويج ابنته إيّاه ( عليه السلام ) :
1 - ابن خلّكان: كان المأمون قد زوّجه [أي أباالحسن الرضا ( عليه السلام ) ] ابنته أُمّ حبيب في سنة اثنتين ومائتين، وجعله وليّ عهده، وضرب اسمه علي الدينار والدرهم، وكان السبب في ذلك، أنّه استحضر أولاد العبّاس الرجال منهم والنساء، وهو بمدينة مرو من بلاد خراسان، وكان عددهم ثلاثة وثلاثين ألفاً ما بين الكبار والصغار، واستدعي عليّاً المذكور، فأنزله أحسن منزلة، وجمع خواصّ الأولياء، وأخبرهم أنّه نظر في أولاد العبّاس، وأولاد عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنهما، فلم يجد في وقته أحداً أفضل، ولاأحقّ بالأمر من عليّ الرضا، فبايعه، وأمر بإزالة السواد من اللباس والأعلام.
( وفيات الأعيان: 269/3 س 15. عنه مناقب أهل البيت ( عليهم السلام ) : : 279 س 14.
قطعة منه في (أسماء أزواجه) و(أحواله ( عليه السلام ) مع المأمون). )


- وصيّته إلي المأمون:
1 - الصفديّ: آل أمره [ أي الرضا ( عليه السلام ) ] مع المأمون إلي أن سمّه في رمّانة علي ما قيل، مداراة لبني العبّاس، فلمّا أكلها، وأحسّ بالموت، وعلم من أين أُتي... ثمّ أرسل إليه المأمون وقال: ما توصيني به؟
فقال للرسول: قل له: يوصيك أن لا تعطي أحداً ما تندم عليه.
( الوافي بالوفيات: 251/22 س 8.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 179. )


- وصيّته للمأمون بالإحسان إلي ابنه الجواد ( عليهماالسلام ) :
1 - الشيخ الصدوق :...ياسر الخادم قال: لمّا كان بيننا وبين طوس سبعة منازل، اعتلّ أبوالحسن ( عليه السلام ) ، فدخلنا طوس وقد اشتدّت به العلّة، فبقينا بطوس أيّاماً، فكان المأمون يأتيه في كلّ يوم مرّتين، فلمّا كان في آخر يومه الذي قبض فيه، كان ضعيفاً في ذاك اليوم...أُغمي عليه وضعف، فوقعت الصيحة وجاءت جواري المأمون ونساؤه، حافيات حاسرات، ووقعت الوحية بطوس
وجاء المأمون حافياً حاسراً يضرب علي رأسه، ويقبض علي لحيته، ويتأسّف ويبكي، وتسيل دموعه علي خدّيه، فوقف علي الرضا ( عليه السلام ) وقد أفاق فقال: يا سيّدي! واللّه ما أدري أيّ المصيبتين أعظم عليّ؟، فقدي لك وفراقي إيّاك، أو تهمة الناس لي إنّي اغتلتك وقتلتك!...قال: فرفع طرفه إليه، ثمّ قال: أحسن يا أميرالمؤمنين! معاشرة أبي جعفر ( عليه السلام ) فإنّ عمرك وعمره هكذا وجمع بين سبّابتيه....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 241/2 ح 1.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 782. )


- تزويجه ( عليه السلام ) مع أخت المأمون:
1 - المسعوديّ: أحمد بن أبي نصر السكونيّ قال: لمّا اجتمع الناس للأملاك وخطب الرضا ( عليه السلام ) فقال: «الحمد للّه الذي بيده مدار الأقدار، وبمشيّته تتمّ الأمور، وأشهد أن لا إله إلّا اللّه، شهادة يواطي ء عليها القلب اللسان، والسرّ الإعلان، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله انتجبه نبيّاً، فنطق البرهان بتحقيق نبوّته، بعد أمر لم يأذن اللّه فيه، وقرب أمر مآب مشيّة اللّه إليه، ونحن نتعرّض ببركة الدعاء لخيرة القضاء»
والتي تذكّر أم حبيبة أخت أمير المؤمنين عبد اللّه المأمون صلة الرحم، وأمشاج الشبيكة، وقد بذلت لها من الصداق خمسمائة درهم، تزوّجني يا أميرالمؤمنين؟
فقال المأمون: نعم، قد زوّجتك.
فقال: قد قبلت ورضيت.
( إثبات الوصيّة: 212 س 20.
قطعة منه في (أزواجه). )

2 - ابن خلّكان: كان المأمون قد زوّجه [أي أباالحسن الرضا ( عليه السلام ) ] ابنته أُمّ حبيب في سنة اثنتين ومائتين....
( وفيات الأعيان: 269/3 س 15.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 779. )


- عيادة المأمون عن الرضا ( عليه السلام ) في مرضه:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ : عليّ بن إبراهيم، عن ياسر الخادم، والريّان بن الصلت جميعاً قال: لما انقضي أمر المخلوع، واستوي الأمر للمأمون، كتب إلي الرضا ( عليه السلام ) يستقدمه إلي خراسان، فاعتلّ عليه أبو الحسن ( عليه السلام ) بعلل، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك، حتّي علم أنّه لا محيص له، و أنّه لا يكفّ عنه، فخرج ( عليه السلام ) ، ولأبي جعفر ( عليه السلام ) سبع سنين.
فكتب إليه المأمون: لا تأخذ علي طريق الجبل وقمّ، وخذ علي طريق البصرة، والأهواز، وفارس، حتّي وافي مرو، فعرض عليه المأمون أن يتقلّد الأمر والخلافة، فأبي أبو الحسن ( عليه السلام ) قال: فولاية العهد؟
فقال ( عليه السلام ) : علي شروط أسألكها.
قال المأمون له: سل ما شئت.
فكتب الرضا ( عليه السلام ) : إنّي داخل في ولاية العهد علي أن لا آمر ولا أنهي، ولا أفتي ولا أقضي، ولا أولّي ولا أعزل، ولا أغيّر شيئاً ممّا هو قائم، وتعفيني من ذلك كلّه،
فأجابه المأمون إلي ذلك كلّه.
قال: فحدّثني ياسر قال: فلمّا حضر العيد، بعث المأمون إلي الرضا ( عليه السلام ) ، يسأله أن يركب، ويحضر العيد، ويصلّي ويخطب.
فبعث إليه الرضا ( عليه السلام ) : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول هذا الأمر، فبعث إليه المأمون: إنّما أريد بذلك أن تطمئنّ قلوب الناس، ويعرفوا فضلك، فلم يزل ( عليه السلام ) يرادّه الكلام في ذلك، فألحّ عليه فقال: يا أمير المؤمنين! إن أعفيتني من ذلك فهو أحبّ إليّ، وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ، وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
فقال المأمون: اخرج كيف شئت، وأمر المأمون القوّاد والناس أن يبكّروا إلي باب أبي الحسن ( عليه السلام ) .
قال: فحدّثني ياسر الخادم: أنّه قعد الناس لأبي الحسن ( عليه السلام ) في الطرقات، والسطوح، الرجال والنساء والصبيان، واجتمع القوّاد والجند علي باب أبي الحسن ( عليه السلام ) ، فلمّا طلعت الشمس، قام ( عليه السلام ) فاغتسل، وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن، ألقي طرفاً منها علي صدره وطرفاً بين كتفيه وتشمّر، ثمّ قال ( شمّر ثوبه: رفعه عن ساعديه أو عن ساقيه. المعجم الوسيط: 493. )
لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت.
ثمّ أخذ بيده عكّازاً، ثمّ خرج ونحن بين يديه، وهو حاف قد شمّر سراويله ( العُكّاز: عَصاً يُتوكّأُ عليها. المعجم الوسيط: 618. )
إلي نصف الساق، وعليه ثياب مشمّرة، فلمّا مشي ومشينا بين يديه، رفع رأسه إلي السماء وكبّر أربع تكبيرات، فخيّل إلينا أنّ السماء والحيطان تجاوبه، والقوّاد والناس علي الباب قد تهيّؤوا، ولبسوا السلاح، وتزيّنوا بأحسن الزينة، فلمّا طلعنا عليهم بهذه الصورة.
وطلع الرضا ( عليه السلام ) ، وقف علي الباب وقفة، ثمّ قال: اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر علي ما هدانا، اللّه أكبر علي ما رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد للّه علي ما أبلانا - نرفع بها أصواتنا -.
قال ياسر: فتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج والصياح، لمّا نظروا إلي أبي الحسن ( عليه السلام ) ، وسقط القوّاد عن دوابّهم، ورموا بخفافهم لمّا رأوا أباالحسن ( عليه السلام ) حافياً، وكان يمشي ويقف في كلّ عشر خطوات، ويكبّر ثلاث مرّات.
قال ياسر: فتخيّل إلينا أنّ السماء والأرض والجبال تجاوبه، وصارت مرو ضجّة واحدة من البكاء، وبلغ المأمون ذلك.
فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين: يا أمير المؤمنين! إن بلغ الرضا المصلّي علي هذا السبيل، افتتن به الناس، والرأي أن تسأله أن يرجع، فبعث إليه المأمون، فسأله الرجوع، فدعا أبو الحسن ( عليه السلام ) بخفّه فلبسه، وركب ورجع.
( الكافي: 488/1 ح 7. عنه مدينة المعاجز: 176/7 ح 2251، وحلية الأبرار: 435/4 ح 1، والبحار: 198/80 س 7، قطعة منه، ووسائل الشيعة: 56/5 ح 5891، قطعة منه، و453/7 ح 9844، والوافي: 819/3 ح 1429.
عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 149/2 ح 21 بتفاوت. عنه حلية الأبرار: 438/4 ح 2، والأنوار البهيّة: 231 س 5، قطعة منه.
إرشاد المفيد: 312 س 21، بتفاوت. عنه وعن العيون، البحار: 133/49 ح 9، و360/87 ح 12، وأعيان الشيعة: 17/2 س 16.
روضة الواعظين: 250 س 11.
إعلام الوري: 75/2 س 19، قطعة منه وبتفاوت.
المناقب لابن شهرآشوب: 371/4 س 13، قطعة منه وبتفاوت.
كشف الغمّة: 278/2 س 7، و265 س 5، قطعة منه وبتفاوت. عنه البحار: 171/49 ح 9.
الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 260 س 17، بتفاوت.
حلية الأبرار: 420/4 س 11، عن مطالب السئول، بتفاوت.
إثبات الوصيّة: 212 س 5، أشار إلي مضمونه.
عوالي اللئالي: 221/2 ح 24، قطعة منه، وبتفاوت.
نور الأبصار: 320 س 13.
قطعة منه في (كتابه ( عليه السلام ) إلي المأمون:)، و(امتناعه ( عليه السلام ) عن التدخّل في أمور الحكومة)، و(قبوله ( عليه السلام ) لولاية العهد) و(مسيره ( عليه السلام ) في سفره إلي خراسان) و(كيفيّة خروجه ( عليه السلام ) لصلاة العيد) و(إعجازه ( عليه السلام ) عند خروجه لصلاة العيد). )

2 - الشيخ الصدوق : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم قال: حدّثنا ياسر الخادم قال: لمّا كان بيننا وبين طوس سبعة منازل، اعتلّ أبوالحسن ( عليه السلام ) ، فدخلنا طوس وقد اشتدّت به العلّة، فبقينا بطوس أيّاماً، فكان المأمون يأتيه في كلّ يوم مرّتين، فلمّا كان في آخر يومه الذي قبض فيه، كان ضعيفاً في ذاك اليوم، فقال لي بعد ما صلّي الظهر: ياياسر! ما أكل الناس شيئاً؟
قلت: يا سيّدي! من يأكل هيهنا مع ما أنت فيه! فانتصب ( عليه السلام ) ثمّ قال: هاتوا المائدة، ولم يدع من حشمه أحداً إلّا أقعده معه علي المائدة، يتفقّد واحداً واحداً فلمّا أكلوا قال: ابعثوا إلي النساء بالطعام، فحمل الطعام إلي النساء، فلمّا فرغوا من الأكل أُغمي عليه وضعف، فوقعت الصيحة وجاءت جواري المأمون ونساؤه، حافيات حاسرات، ووقعت الوحية بطوس وجاء المأمون حافياً ( الوَحْيُ والوَحي : الصوت يكون في الناس وغيرهم. لسان العرب: 381/15. )
حاسراً يضرب علي رأسه، ويقبض علي لحيته، ويتأسّف ويبكي، وتسيل دموعه علي خدّيه، فوقف علي الرضا ( عليه السلام ) وقد أفاق فقال: يا سيّدي! واللّه! ما أدري أيّ المصيبتين أعظم عليّ: فقدي لك وفراقي إيّاك، أو تهمة الناس لي إنّي اغتلتك وقتلتك؟!
قال: فرفع طرفه إليه ثمّ قال: أحسن ياأميرالمؤمنين! معاشرة أب ي جعفر ( عليه السلام ) ، فإنّ عمرك وعمره هكذا، وجمع بين سبّابتيه.
قال: فلمّا كان من تلك الليلة قضي عليه، بعد ما ذهب من الليل بعضه، فلمّا أصبح اجتمع الخلق وقالوا: إنّ هذا قتله واغتاله، يعنون المأمون وقالوا: قتل ابن رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ، وأكثر القول والجلبة، وكان محمّد بن جعفر بن محمّد، استأمن إلي المأمون، وجاء إلي خراسان، وكان عمّ أبي الحسن ( عليه السلام ) فقال المأمون: ياأباجعفر! اخرج إلي النساء وأعلمهم، أنّ أباالحسن لايخرج اليوم وكره أن يخرجه فتقع الفتنة فخرج محمّد بن جعفر إلي الناس فقال: أيّها الناس! تفرّقوا فإنّ أباالحسن ( عليه السلام ) لايخرج اليوم، فتفرّق الناس وغسّل أبوالحسن ( عليه السلام ) في الليل ودفن.
قال عليّ بن إبراهيم: وحدّثني ياسر بما لم أُحبّ ذكره في الكتاب.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 241/2 ح 1. عنه البحار: 299/49 ح 9، و351/63 ح 3، قطعة منه، وإثبات الهداة: 280/3 ح 96، قطعة منه، ووسائل الشيعة: 266/24 ح 30507، قطعة منه.
الأنوار البهيّة: 233 س 13، قطعة منه، و235 س 11، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 306/2 ح 2047، قطعة منه.
قطعة منه في (قاتله) و(تغسيله وتدفينه) و(أحوال عمّه محمّد بن جعفر بن محمّد) و(وصيّته للمأمون بالإحسان إلي ابنه الجواد ( عليهماالسلام ) ). )

3 - أبو الفرج الإصفهانيّ : حدّثنا الحسن بن عليّ الخفّاف، قال: حدّثنا أبو الصلت الهرويّ، قال: دخل المأمون إلي الرضا ( عليه السلام ) يعوده فوجده يجود بنفسه فبكي وقال: أعزز عليّ يا أخي! بأن أعيش ليومك، وقد كان في بقائك أمل، وأغلظ عليّ من ذلك وأشدّ أنّ الناس يقولون: إنّي سقيتك سمّاً، وأنا إلي اللّه من ذلك بري ء.
فقال له الرضا ( عليه السلام ) : صدقت، يا أميرالمؤمنين! أنت واللّه! بري ء.
ثمّ خرج المأمون من عنده، ومات الرضا ( عليه السلام ) ، فحضره المأمون قبل أن يحفر قبره، وأمر أن يحفر إلي جانب أبيه، ثمّ أقبل علينا فقال: حدّثني صاحب هذا النعش أنّه يحفر له قبر، فيظهر فيه ماء وسمك، احفروا، فحفروا، فلمّا انتهوا إلي اللحد نبع ماء، وظهر فيه سمك، ثمّ غاض الماء، فدفن فيه الرضا ( عليه السلام ) .
( مقاتل الطالبين: 460 س 12. عنه البحار: 309/49 ح 19.
الأنوار البهيّة: 238 س 3، باختصار. )


- وصيّة أبيه ( عليه السلام ) إلي المأمون في الإحسان إلي الرضا ( عليه السلام ) :
1 - الشيخ الصدوق :...سفيان بن نزار، قال: كنت يوماً علي رأس المأمون، فقال: أتدرون من علّمني التشيّع؟
فقال القوم جميعاً: لا، واللّه! ما نعلم.
قال: علّمنيه الرشيد.
قيل له: وكيف ذلك، والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟
قال: كان يقتلهم علي الملك، لأنّ الملك عقيم، ولقد حججت معه سنة، فلمّا صار إلي المدينة تقدّم إلي حُجّابه، وقال: لا يدخلنّ عليّ رجل من أهل المدينة ومكّة من أهل المهاجرين والأنصار وبني هاشم وسائر بطون قريش إلّا نسب نفسه...فأنا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: يا أمير المؤمنين! علي الباب رجل يزعم أنّه موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ( عليهم السلام ) : ، فأقبل علينا ونحن قيام علي رأسه، والأمين والمؤتمن وسائر القوّاد، فقال: احفظوا علي أنفسكم، ثمّ قال لآذنه: ائذن له...، ولا ينزل إلّا علي بساطي، فأنا كذلك إذ دخل شيخ مسخّد قد انهكته العبادة، كأنّه شنّ بال، قد ( رجل مسخّد: مورّم مصفّر ثقيل من مرض أو غيره. لسان العرب: 206/3. )
كلّم من السجود وجهه وأنفه... فقام إليه الرشيد واستقبله إلي آخر البساط، وقبّل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتّي صيّره في صدر المجلس، وأجلسه معه، وجعل يحدّثه ويقبل بوجهه عليه، ويسأله عن أحواله....
ثمّ قام، فقام الرشيد لقيامه، وقبّل عينيه ووجهه، ثمّ أقبل عليّ وعلي الأمين والمؤتمن، فقال: يا عبد اللّه! ويا محمّد! ويا إبراهيم! امشوا بين يدي عمّكم وسيّدكم، خذوا بركابه، وسوّوا عليه ثيابه، وشيّعوه إلي منزله.
فأقبل عليّ أبو الحسن موسي بن جعفر ( عليهماالسلام ) سرّاً بيني وبينه، فبشّرني بالخلافة، فقال لي: إذا ملكت هذا الأمر فأحسن إلي ولدي، ثمّ انصرفنا، وكنت أجرأ ولد أبي عليه....
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 88/1، ح 11. عنه البحار: 129/48، ح 4، وإثبات الهداة: 180/3، ح 29، قطعة منه، ومدينة المعاجز: 333/6، ح 2035، وحلية الأبرار: 248/4، ح 5، قطعة منه، و277، ح 1، ومستدرك الوسائل: 270/8، ح 9420، و389/13، ح 15690، قطعتان منه، وأعيان الشيعة: 8/2، س 9، قطعة منه.
الاحتجاج: 341/2 رقم 272، قطعة منه. عنه البحار: 133/48، ح 5، أشار إليه.
إحقاق الحقّ: 308/12، س 13، عن كتاب فصل الخطاب، قطعة منه.
ينابيع الموّدة: 165/3، س 3، قطعة منه. )

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

- طلب المأمون البيعة منه ( عليه السلام ) :
1 - القندوزيّ الحنفيّ: كتب بعض الخلفاء وهو المأمون بن هارون الرشيد إلي عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) علي أن يبايعه.
فقال ( عليه السلام ) : إنّك عرفت من حقوقنا ما لم يعرفه آباؤك، وإنّك تريد المبايعة لي إلّا أنّ الجفر الجامع لايدلّ علي مبايعتك.
( ينابيع المودّة: 204/3 س 18. )

- اعتراف المأمون بفضائل الرضا ( عليه السلام ) :
1 - الشيخ الطوسيّ : روي محمّد بن عبداللّه بن الأفطس، قال: دخلت علي المأمون فقرّبني وحيّاني، ثمّ قال: رحم اللّه الرضا ( عليه السلام ) ، ما كان أعلمه! لقد أخبرني بعجب سألته ليلة، وقد بايع له الناس.
فقلت: جعلت فداك! أري لك أن تمضي إلي العراق وأكون خليفتك بخراسان.
فتبسّم ثمّ قال: لا، لعمري! ولكن من دون خراسان بدرجات، إنّ لنا هنا مكثاً، ولست ببارح حتّي يأتيني الموت، ومنها المحشر لامحالة.
فقلت له: جعلت فداك! وما علمك بذلك؟
فقال ( عليه السلام ) : علمي بمكاني كعلمي بمكانك.
قلت: وأين مكاني أصلحك اللّه؟
فقال ( عليه السلام ) : لقد بعدت الشقّة بيني وبينك، أموت بالمشرق، وتموت بالمغرب.
فقلت: صدقت، واللّه! ورسوله أعلم وآل محمّد، فجهدت الجهد كلّه، وأطمعته في الخلافة وما سواها، فما أطمعني في نفسه.
( الغيبة: 73 ح 80. عنه إثبات الهداة: 294/3 ح 121، والبحار: 145/49 ح 22.
المناقب لابن شهرآشوب: 337/4 س 3، بتفاوت. عنه البحار: 57/49 ح 74، ومدينة المعاجز: 226/7 ح 2278، وإثبات الهداة: 312/3 ح 195، أشار إلي مضمونه.
قطعة منه في (إخباره ( عليه السلام ) بمحلّ شهادته) و(علمه ( عليه السلام ) بالوقائع العامّة). )


- مواصلة المأمون إيّاه ( عليه السلام ) بدراهم كثيرة:
1 - ابن الجوزي: ذكر أبو بكر الصوليّ في كتاب الأوراق: إنّ هارون كان يجري علي موسي بن جعفر ( عليهماالسلام ) وهو في حبسه كلّ سنة ثلاثمائة ألف درهم، وأنزله عشرين ألفاً، فقال المأمون لعليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) : لأزيدنّك علي مرتبة أبيك وجدّك، فأجري له ذلك، ووصله بألف ألف درهم.
( تذكرة الخواصّ: 318 س 12. )

- إرشاده ( عليه السلام ) المأمون في أمر الخلافة وغيره:
1 - الشيخ المفيد : كان الرضا عليّ بن موسي ( عليهماالسلام ) يكثر وعظ المأمون إذا خلا به، ويخوّفه باللّه، ويقبح ما يرتكبه من خلافه، فكان المأمون يظهر قبول ذلك منه، ويبطن كراهته واستثقاله.
ودخل الرضا ( عليه السلام ) يوماً عليه، فرآه يتوضّأ للصلاة والغلام يصبّ علي يده الماء فقال: لاتشرك يا أميرالمؤمنين! بعبادة ربّك أحداً، فصرف المأمون الغلام، وتولّي تمام وضوئه بنفسه، وزاد ذلك في غيظه ووجده.
وكان الرضا ( عليه السلام ) يزري علي الحسن والفضل ابني سهل عند المأمون ( زَري عليه زَرياً وزِراية عابه وعاتبه. القاموس المحيط: 490/4. )
إذا ذكرهما، ويصف له مساويهما، وينهاه عن الإصغاء إلي قولهما، وعرفا ذلك منه، فجعلا يحرّضان عليه عند المأمون، ويذكران له عنه مايبعّده منه، ويخوّفانه من حمل الناس عليه، فلم يزالا كذلك، حتّي قلّبا رأيه فيه، وعمل علي قتله، فاتّفق أنّه أكل هو والمأمون يوماً طعاماً، فاعتلّ منه الرضا ( عليه السلام ) ، وأظهر المأمون تمارضاً.
( الإرشاد: 315 س 3. عنه وسائل الشيعة: 478/1 ح 1269، قطعة منه.
الأنوار البهيّة: 233 س 16، قطعة منه.
تعليقة مفتاح الفلاح للخواجوئي: 99 س 17، قطعة منه.
إعلام الوري: 80/2 س 4، قطعة منه.
روضة الواعظين: 255 س 13.
كشف الغمّة: 280/2 س 18.
المستجاد من الإرشاد: 217 س 4.
قطعة منه في (حكم الاستعانة في الوضوء). )


- نصيحته ( عليه السلام ) للمأمون في نصب الولاة:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) بقمّ في رجب، سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة قال: أخبرني عليّ بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إليّ، سنة سبع وثلاثمائة قال: حدّثني ياسر الخادم قال: كان الرضا ( عليه السلام ) إذا كان خلا، جمع حشمه كلّهم عنده، الصغير والكبير، فيحدّثهم ويأنس بهم ويؤنسهم، وكان ( عليه السلام ) إذا جلس علي المائدة لا يدع صغيراً ولا كبيراً، حتّي السائس والحجّام، إلاّ أقعده معه علي مائدته.
قال ياسر الخادم: فبينا نحن عنده يوماً، إذ سمعنا وقع القفل الذي كان علي باب المأمون إلي دار أبي الحسن ( عليه السلام ) .
فقال لنا الرضا ( عليه السلام ) : قوموا تفرّقوا.
فقمنا عنه، فجاء المأمون ومعه كتاب طويل، فأراد الرضا ( عليه السلام ) أن يقوم، فأقسم عليه المأمون بحقّ رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ألّا يقوم إليه، ثمّ جاء حتّي انكبّ علي أبي الحسن ( عليه السلام ) وقبّل وجهه، وقعد بين يديه علي وسادة، فقرأ ذلك الكتاب عليه، فإذا هو فَتْحٌ لبعض قري كابل، فيه: إنّا فتحنا قرية كذا وكذا، فلمّا فرغ قال له الرضا ( عليه السلام ) : وسرّك فتح قرية من قري الشرك؟!
فقال له المأمون: أوليس في ذلك سرور؟
فقال: يا أميرالمؤمنين! اتّق اللّه في أُمّة محمّد ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ، وما ولّاك اللّه من هذا الأمر وخصّك به، فإنّك قد ضيّعت أمور المسلمين، وفوّضت ذلك إلي غيرك، يحكم فيهم بغير حكم اللّه، وقعدت في هذه البلاد، وتركت بيت الهجرة، ومهبط الوحي، وأنّ المهاجرين والأنصار يظلمون دونك، ولايرقبون في مؤمن إلاًّ ولاذمّة، ويأتي علي المظلوم دهر يتعب فيه نفسه، ويعجز عن نفقته، ولايجد من يشكو إليه حاله، ولا يصل إليك، فاتّق اللّه يا أميرالمؤمنين! في أمور المسلمين، وارجع إلي بيت النبوّة، ومعدن المهاجرين والأنصار، أما علمت يا أميرالمؤمنين! أنّ والي المسلمين مثل العمود في وسط الفسطاط، من أراده أخذه؟
قال المأمون: يا سيّدي! فما تري؟
قال: أري أن تخرج من هذه البلاد، وتتحوّل إلي موضع آبائك وأجدادك، وتنظر في أمور المسلمين، ولا تكلهم إلي غيرك، فإنّ اللّه تعالي سائلك عمّا ولّاك.
فقام المأمون فقال: نعم ما قلت يا سيّدي! هذا هو الرأي، فخرج وأمر أن يقدم النوائب، وبلغ ذلك ذا الرياستين، فغمّه غمّاً شديداً، وقد كان غلب علي الأمر ( في نسخة النجائب، وفي النسخة المطبوعة غير ما بأيدينا: النوّاب، والمراد من النوائب: العساكر المعدّة للنوائب، وهي ما ينزل بالرجل من الكوارث، والحوادث المؤلمة. )
ولم يكن للمأمون عنده رأي، فلم يجسر أن يكاشفه، ثمّ قوي بالرضا ( عليه السلام ) جدّاً، فجاء ذو الرياستين إلي المأمون فقال له: يا أميرالمؤمنين! ما هذا الرأي الذي أمرت به؟!
قال: أمرني سيّدي أبوالحسن ( عليه السلام ) بذلك، وهو الصواب.
فقال: يا أميرالمؤمنين! ما هذا الصواب، قتلت بالأمس أخاك، وأزلت الخلافة عنه، وبنو أبيك معادون لك، وجميع أهل العراق، وأهل بيتك والعرب، ثمّ أحدثت هذا الحدث الثاني، أنّك ولّيت ولاية العهد لأبي الحسن ( عليه السلام ) ، وأخرجتها من بني أبيك، والعامّة، والفقهاء، والعلماء، وآل العبّاس، لايرضون بذلك، وقلوبهم متنافرة عنك، فالرأي أن تقيم بخراسان حتّي تسكن قلوب الناس علي هذا، ويتناسوا ما كان من أمر محمّد أخيك، وهيهنا يا أميرالمؤمنين! مشائخ قد خدموا الرشيد، وعرفوا الأمر، فاستشرهم في ذلك، فإن أشاروا بذلك فامضه.
فقال المأمون: مثل من؟
قال: مثل عليّ بن أبي عمران، وأبو يونس، والجلوديّ، وهؤلاء الذين نقموإا= ه بيعة أبي الحسن ( عليه السلام ) ، ولم يرضوا به، فحبسهم المأمون بهذا السبب.
فقال المأمون: نعم.
فلمّا كان من الغد جاء أبوالحسن ( عليه السلام ) ، فدخل علي المأمون
فقال: ياأميرالمؤمنين! ما صنعت؟
فحكي ما قال ذو الرياستين، ودعا المأمون بهؤلاء النفر، فأخرجهم من الحبس. فأوّل من أدخل عليّ بن أبي عمران، فنظر إلي الرضا ( عليه السلام ) بجنب المأمون فقال: أُعيذك باللّه يا أميرالمؤمنين! أن تخرج هذا الأمرالذي جعله اللّه لكم، وخصّكم به، وتجعله في أيدي أعدائكم، ومن كان آباؤك يقتلهم، ويشرّدونهم في البلاد. فقال المأمون: يا ابن الزانية! وأنت بعد علي هذا، قدّمه يا حرسي! فاضرب عنقه، فضرب عنقه.
فأدخل أبو يونس، فلمّا نظر إلي الرضا ( عليه السلام ) بجنب المأمون فقال: ياأميرالمؤمنين! هذا الذي بجنبك، واللّه! صنم يعبد من دون اللّه.
قال له المأمون: يا ابن الزانية! وأنت بعد علي هذا، يا حرسي! قدّمه فاضرب عنقه، فضرب عنقه.
ثمّ أدخل الجلوديّ، وكان الجلوديّ في خلافة الرشيد، لمّا خرج محمّد بن جعفر بن محمّد بالمدينة، بعثه الرشيد، وأمره إن ظفر به أن يضرب عنقه، وأن يغيّر علي دور آل أبي طالب، وأن يسلب نساءهم، ولا يدع علي واحدة منهنّ إلّا ثوباً واحداً، ففعل الجلوديّ ذلك، وقد كان مضي أبوالحسن موسي بن جعف ( عليهم السلام ) : ، فصار الجلوديّ إلي باب دار أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، هجم علي داره مع خيله، فلمّا نظر إليه الرضا جعل النساء كلّهن في بيت، ووقف علي باب البيت، فقال الجلوديّ لأبي الحسن ( عليه السلام ) : لابدّ من أن أدخل البيت فأسلبهنّ، كما أمرني أميرالمؤمنين.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : أنا أسلبهنّ لك، وأحلف أنّي لاأدع عليهنّ شيئاً إلّا أخذته، فلم يزل يطلب إليه ويخلف له، حتّي سكن، فدخل أبوالحسن ال رضا ( عليه السلام ) فلم يدع عليهنّ شيئاً حتّي أقراطهنّ، وخلاخيلهنّ، وأزرارهنّ، إلّا أخذه منهنّ وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير، فلمّا كان في هذا اليوم وأدخل الجلوديّ علي المأمون قال الرضا ( عليه السلام ) : يا أميرالمؤمنين هب لي هذا الشيخ؟
فقال المأمون: يا سيّدي! هذا الذي فعل ببنات محمّد ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ما فعل من سلبهنّ، فنظر الجلوديّ إلي الرضا ( عليه السلام ) وهو يكلّم المأمون ويسأله عن أن يعفو عنه ويهبه له، فظنّ أنّه يعين عليه لما كان الجلوديّ فعله، فقال: يا أميرالمؤمنين! أسألك باللّه وبخدمتي الرشيد أن لا تقبل قول هذا فيّ.
فقال المأمون: يا أباالحسن! قد استعفي، ونحن نبرّ قسمه، ثمّ قال: لا واللّه! لاأقبل فيك قوله، ألحقوه بصاحبيه، فقدّم فضرب عنقه، ورجع ذو الرياستين إلي أبيه سهل، وقد كان المأمون أمر أن يقدم النوائب وردّها ذو الرياستين، فلمّا قتل المأمون هؤلاء علم ذو الرياستين أنّه قد عزم علي الخروج، فقال الرضا ( عليه السلام ) : ماصنعت يا أميرالمؤمنين! بتقديم النوائب؟
فقال المأمون: يا سيّدي! مُرهم أنت بذلك.
قال: فخرج أبوالحسن ( عليه السلام ) وصاح بالناس: قدّموا النوائب.
قال: فكأنّما وقعت فيهم النيران، فأقبلت النوائب تتقدّم وتخرج، وقعد ذوالرياستين في منزله، فبعث إليه المأمون فأتاه فقال له: مالك قعدت في بيتك؟
فقال: يا أميرالمؤمنين! إنّ ذنبي عظيم عند أهل بيتك وعند العامّة، والناس يلومونني بقتل أخيك المخلوع وبيعة الرضا ( عليه السلام ) ، ولا آمن السعاة، والحسّاد، وأهل البغي، أن يسمعوا بي، فدعني أخلفك بخراسان.
فقال له المأمون: لانستغني عنك، فأمّا ما قلت: إنّه يسعي بك وتبغي لك الغوائل، فلست أنت عندنا إلّا الثقة المأمون الناصح المشفق، فاكتب لنفسك ماتثق به من الضمان والأمان، وأكّد لنفسك ما تكون به مطمئنّاً، فذهب وكتب لنفسه كتاباً، وجمع عليه العلماء وأتي به إلي المأمون، فقرأه وأعطاه المأمون كلّ ماأحبّ، وكتب خطّه فيه، وكتب له بخطّه كتاب الحبوة: إنّي قد حبوتك بكذا وكذا من الأموال والضياع والسلطان، وبسط له من الدنيا أمله.
فقال ذو الرياستين: يا أميرالمؤمنين! نحبّ أن يكون خطّ أبي الحسن ( عليه السلام ) في هذا الأمان، يعطينا ما أعطيت، فإنّه وليّ عهدك.
فقال المأمون: قد علمت أنّ أباالحسن ( عليه السلام ) قد شرط علينا أن لا يعمل من ذلك شيئاً، ولايحدث حدثاً، فلانسأله ما يكرهه، فسله أنت فإنّه لايأبي عليك في هذا، فجاء واستأذن علي أبي الحسن ( عليه السلام ) .
قال ياسر: فقال لنا الرضا ( عليه السلام ) : قوموا تنحّوا، فتنحّينا فدخل فوقف بين يديه ساعة، فرفع أبوالحسن رأسه إليه فقال له: ما حاجتك يا فضل؟
قال: يا سيّدي! هذا أمان ما كتبه لي أميرالمؤمنين! وأنت أولي أن تعطينا مثل ما أعطي أميرالمؤمنين، إذ كنت وليّ عهد المسلمين.
فقال له الرضا ( عليه السلام ) : اقرأه، وكان كتاباً في أكبر جلد، فلم يزل قائماً قرأه، فلمّا فرغ قال له أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) : يا فضل! لك علينا هذا ما اتّقيت اللّه عزّوجلّ.
قال ياسر: فنغض عليه أمره في كلمة واحدة، فخرج من عنده وخرج المأمون وخرجنا مع الرضا ( عليه السلام ) ، فلمّا كان بعد ذلك بأيّام ونحن في بعض المنازل ورد علي ذي الرياستين كتاب من أخيه الحسن بن سهل: إنّي نظرت في تحويل هذه السنة في حساب النجوم، فوجدت فيه أنّك تذوق في شهر كذا يوم الأربعاء حرّ الحديد، وحرّ النار، فأري أن تدخل أنت والرضا وأميرالمؤمنين الحمّام في هذإآ ظ اليوم، فتحتجم فيه، وتصبّ الدم علي بدنك ليزول نحسه عنك، فبعث الفضل إلي المأمون وكتب إليه بذلك وسأله أن يدخل الحمّام معه، ويسأل أباالحسن ( عليه السلام ) أيضاً ذلك.
فكتب المأمون إلي الرضا ( عليه السلام ) رقعة في ذلك، فسأله فكتب إليه أبوالحسن ( عليه السلام ) : لست بداخل غداً الحمّام، ولاأري لك يا أميرالمؤمنين! أن تدخل الحمّام غداً، ولاأري للفضل أن يدخل الحمّام غداً، فأعاد إليه الرقعة مرّتين.
فكتب إليه أبوالحسن ( عليه السلام ) : لست بداخل غداً الحمّام، فإنّي رأيت رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) في النوم في هذه الليلة يقول لي: يا عليّ! لاتدخل الحمّام غداً، فلاأري لك يا أميرالمؤمنين! ولاللفضل أن تدخلا الحمّام غداً.
فكتب إليه المأمون: صدقت، يا سيّدي! وصدق رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ، لست بداخل الحمّام غداً، والفضل فهو أعلم وما يفعله.
قال ياسر: فلمّا أمسينا وغابت الشمس فقال لنا الرضا ( عليه السلام ) : قولوا نعوذ باللّه من شرّ ما ينزل في هذه الليلة، فأقبلنا نقول ذلك، فلمّا صلّي الرضا ( عليه السلام ) الصبح قال لنا: قولوا نعوذ باللّه من شرّ ما ينزل في هذا اليوم، فما زلنا نقول ذلك، فلمّا كان قريباً من طلوع الشمس قال الرضا ( عليه السلام ) : اصعد السطح فاستمع هل تسمع شيئاً؟
فلمّا صعدت سمعت الضجّة والنحيب وكثر ذلك، فإذا بالمأمون قد دخل من الباب الذي كان إلي داره من دار أبي الحسن ( عليه السلام ) يقول: يا سيّدي! يا أباالحسن! آجرك اللّه في الفضل، وكان دخل الحمّام فدخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه، وأخذ من دخل عليه في الحمّام وكانوا ثلاثة نفر، أحدهم ابن خالة الفضل ذوالقلمين.
قال: واجتمع القوّاد والجند من كان من رجال ذي الرياستين علي باب المأمون، فقالوا: اغتاله وقتله فلنطلبنّ بدمه.
فقال المأمون للرضا ( عليه السلام ) : يا سيّدي! تري أن تخرج إليهم وتفرّقهم.
قال ياسر: فركب الرضا ( عليه السلام ) وقال لي: اركب، فلمّا خرجنا من الباب نظر الرضا ( عليه السلام ) إليهم وقد اجتمعوا وجاؤا بالنيران ليحرقوا الباب، فصاح بهم وأومأ إليهم بيده، تفرّقوا، فتفرّقوا.
قال ياسر: فأقبل الناس واللّه! يقع بعضهم علي بعض، وما أشار إلي أحد إلّا ركض ومرّ ولم يقف له أحد.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 159/2 ح 24. عنه البحار: 164/49 ح 5، و350/63 ح 1، قطعة من صدره، و351 ح 2، قطعة منه، وحلية الأبرار: 474/4 ح 3، قطعة من صدره، والأنوار البهيّة: 216 س 4، وس 14، قطعتان منه، ووسائل الشيعة: 265/24 ح 30505، قطعة من صدره، وأعيان الشيعة: 29/1 س 17، بإختصار.
الكافي: 490/1 ح 8، قطعة منه. عنه الوافي: 821/3 ح 1430. عنه وعن العيون، مدينة المعاجز: 17/7 ح 2113. عنه وعن العيون والإعلام، إثبات الهداة: 251/3 ح 17، باختصار.
إرشاد المفيد: 313 س 19، كما في الكافي. عنه البحار: 170/49 ح 6، قطعة منه.
كشف الغمّة: 279/2 س 8، قطعة منه.
فرج المهموم: 2 س 1، أشار إلي مضمونه، و133 س 18، قطعة منه.
روضة الواعظين: 251 س 8، قطعة منه.
إعلام الوري: 77/2 س 7، قطعة منه.
المناقب لابن شهرآشوب: 347/4 س 8، قطعة منه.
قطعة منه في (معاشرته ( عليه السلام ) مع خدمه) و(موعظته ( عليه السلام ) في ولاة الأمر) و(كتابه ( عليه السلام ) إلي المأمون) و(ما رواه عن رسول اللّه ( صلي الله عليه وآله وسلم ) ). )

2 - المحدّث القمّيّ : في الدرّ النظيم، عن يحيي بن أكثم، قال: كنت يوماً عند المأمون، وعنده عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) ، ودخل الفضل بن سهل ذوالرياستين، فقال للمأمون: قد ولّيت الثغر الفلاني فلاناً التركيّ، فسكت ( الثَغْر: الموضع الذي يُخاف منه هجوم العدوّ. المصباح المنير: 81. )
المأمون.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : ما جعل اللّه تعالي لإمام المسلمين وخليفة ربّ العالمين القائم بأُمور الدين، أن يولّي شيئاً من ثغور المسلمين أحداً من سبي ذلك الثغر لأنّ الأنفس تحنّ إلي أوطانها، وتشفق علي أجناسها، وتحبّ مصالحها وإن كانت مخالفة لأديانها.
فقال المأمون: اكتبوا هذا الكلام بماء الذهب.
( الأنوار البهيّة: 219 س 16، عن الدر النظيم.
قطعة منه في (موعظته ( عليه السلام ) في تولية الثغور بالسبايا). )


- تقرّب المأمون إلي الرضا ( عليه السلام ) بتفضيل عليّ ( عليه السلام ) علي جميع الصحابة:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا تميم بن عبداللّه بن تميم القرشيّ ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا أبي قال: حدّثني أحمد بن عليّ الأنصاريّ، عن إسحاق بن حمّاد قال: كان المأمون يعقد مجالس النظر، ويجمع المخالفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) : ، ويكلّمهم في إمامة أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وتفضيله علي جميع الصحابة تقرّباً إلي أبي الحسن عليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) .
وكان الرضا ( عليه السلام ) يقول لأصحابه الذين يثق بهم: ولاتغترّوا منه بقوله، فمإاًآ س يقتلني واللّه! غيره، ولكنّه لابدّ لي من الصبر حتّي يبلغ الكتاب أجله.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 184/2 ح 1. عنه مدينة المعاجز: 149/7 ح 2242، والبحار: 189/49 ح 1، وإثبات الهداة: 261/3 ح 37.
قطعة منه في (قاتله ( عليه السلام ) ) و(إخباره ( عليه السلام ) بشهادته علي يد المأمون). )


- تأييده ( عليه السلام ) لاحتجاج الرجل الصوفيّ علي المأمون:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب، وعليّ بن عبداللّه الورّاق، وأحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ رضي اللّه عنهم قالوا: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان قال: كنت عند مولاي الرضا ( عليه السلام ) بخراسان، وكان المأمون يقعده علي يمينه إذا قعد للناس يوم الاثنين، ويوم الخميس، فرفع إلي المأمون: أنّ رجلاً من الصوفيّة سرق، فأمر بإحضاره، فلمّا نظر إليه وجده متقشّفاً، بين عينيه أثر ( القَشِف: خشونة العيش. المصباح المنير: 503. )
السجود، فقال له: سوأة لهذه الآثار الجميلة، ولهذا الفعل القبيح، أتنسب إلي السرقة مع ما أري من جميل آثارك وظاهرك؟
قال: فعلتُ ذلك اضطراراً لااختياراً، حين منعتني حقّي من الخمس والفي ء.
فقال المأمون: أيّ حقّ لك في الخمس والفي ء؟
قال: إنّ اللّه تعالي قسّم الخمس ستّة أقسام، وقال اللّه تعالي: ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ و وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَي وَالْيَتَمَي وَالْمَسَكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِاللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَي عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعَانِ ) .
( الأنفال: 41/8. )
وقسّم الفي ء علي ستّة أقسام فقال اللّه تعالي: ( مَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَي رَسُولِهِ ي مِنْ أَهْلِ الْقُرَي فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَي وَالْيَتَمَي وَالْمَسَكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَايَكُونَ دُولَةَم بَيْنَ الْأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ ) .
( الحشر: 7/59. )
قال الصوفيّ: فمنعتني حقّي وأنا ابن السبيل منقطع بي، ومسكين لاأرجع علي شي ء، ومن حملة القرآن.
فقال له المأمون: أعطّل حدّاً من حدود اللّه، وحكماً من أحكامه في السارق من أجل أساطيرك هذه!
فقال الصوفيّ: ابدأ بنفسك تطهّرها، ثمّ طهّر غيرك، وأقم حدّ اللّه عليها، ثمّ علي غيرك.
فالتفت المأمون إلي أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) فقال: ما يقول؟
فقال ( عليه السلام ) : إنّه يقول: سرق، فسرق.
فغضب المأمون غضباً شديداً ثمّ قال للصوفيّ: واللّه! لأقطّعنّك!
فقال الصوفيّ: أتقطعني وأنت عبد لي؟
فقال المأمون: ويلك! ومن أين صرت عبداً لك؟
قال: لأنّ أُمّك اشتريت من مال المسلمين، فأنت عبد لمن في المشرق والمغرب حتّي يعتقوك، وأنا لم أعتقك، ثمّ بلّعت الخمس وبعد ذلك فلاأعطيت آل الرسول حقّاً، ولاأعطيتني ونظرائي حقّنا، والأخري أنّ الخبيث لايطهّر خبيثاً مثله، إنّما يطهّره طاهر، ومن في جنبه الحدّ لايقيم الحدود علي غيره حتّي يبدأ بنفسه، أما سمعت اللّه تعالي يقول: ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَبَ أَفَلَاتَعْقِلُونَ ) .
( البقرة: 44/2. )
فالتفت المأمون إلي الرضا ( عليه السلام ) فقال: ما تري في أمره؟
فقال ( عليه السلام ) : إنّ اللّه تعالي قال لمحمّد ( صلي الله عليه وآله وسلم ) : ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَلِغَةُ) وهي التي لم تبلغ الجاهل فيعلمها علي جهله كما يعلّمها العالم ( الأنعام: 149/6. )
بعلمه، والدنيا والآخرة قائمتان بالحجّة، وقد احتجّ الرجل.
فأمر المأمون عند ذلك بإطلاق الصوفيّ، واحتجب عن الناس واشتغل بالرضا ( عليه السلام ) حتّي سمّه فقتله، وقد كان قتل الفضل بن سهل وجماعة من الشيعة.
قال الصدوق عقيب ذلك: روي هذا الحديث كما حكيته، وأنا بري ء من عهدةصحّته.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 237/2 ح 1. عنه حلية الأبرار: 453/4 ح 1، ومستدرك الوسائل: 32/18 ح 21935، وتحفة العالم: 49/2 س 2، أشار إلي مضمونه.
علل الشرائع: 240 ب 174 ح 2. عنه وعن العيون، البحار: 288/49 ح 1.
المناقب لابن شهرآشوب: 368/4 س 14.
قطعة منه في (كيفيّة شهادته وقاتله)، و(سورة الأنعام: 149/6). )


- سبب قتل الرضا ( عليه السلام ) وجهد المأمون لإطفاء نور محبّته عن قلوب الناس:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا تميم بن عبداللّه بن تميم القرشيّ ( رضي الله عنه ) قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن عليّ الأنصاريّ قال: سألت أبإب أ ة الصلت الهرويّ فقلت له: كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا ( عليه السلام ) مع إكرامه ومحبّته له، وماجعل له من ولاية العهد بعده؟
فقال: إنّ المأمون إنّما كان يكرمه، ويحبّه لمعرفته بفضله، وجعل له ولاية العهد من بعده ليري الناس أنّه راغب في الدنيا، فيسقط محلّه من نفوسهم فلمّا لم يظهر منه في ذلك للناس إلّا ما ازداد به فضلاً عندهم، ومحلّاً في نفوسهم، جلب عليه المتكلّمين من البلدان طمعاً في أن يقطعه واحد منهم، فيسقط محلّه عند العلماء، (وبسببهم) يشتهر نقصه عند العامّة، فكان لايكلّمه خصم من اليهود، والنصاري، والمجوس، والصابئين، والبراهمة، والملحدين، والدهريّة، ولاخصم من فرق المسلمين المخالفين إلّا قطعه وألزمه الحجّة.
وكان الناس يقولون: واللّه! إنّه أولي بالخلافة من المأمون، وكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك، ويشتدّ حسده له
وكان الرضا ( عليه السلام ) لايحابي المأمون من حقّ، وكان يجيبه بما يكره في أكثر أحواله، فيغيظه ذلك ويحقده عليه، ولايظهره له، فلمّا أعيته الحيلة في أمره اغتاله، فقتله بالسمّ.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 239/2 ح 3. عنه حلية الأبرار: 457/4 ح 3، والبحار: 290/49 ح 2، وإثبات الهداة: 280/3 ح 95، قطعة منه.
قطعة منه في (قاتله وكيفيّة شهادته). )


- احتجاجه ( عليه السلام ) علي المأمون في تفضيل النبيّ ( صلي الله عليه وآله وسلم ) :
1 - الذهبي: قال المأمون يوماً لعليّ بن موسي الرضا ( عليهماالسلام ) : مايقول بنوأبيك في جدّنا العبّاس بن عبد المطلّب؟
فقال ( عليه السلام ) : مايقولون في رجل فرض اللّه طاعة نبيّه علي خلقه، ( في وفيات الأعيان: بنيه. )
وفرض طاعته علي بنيه، فأمر له بألف ألف درهم.
( تاريخ الإسلام: 271/14 س 3.
وفيات الأعيان:: 271/3 س 9.
الوافي بالوفيات: 250/22 س 5.
سير أعلام النبلاء: 391/9 س 11. )


- استخفاف المأمون بالرضا ( عليه السلام ) واستجابة دعائه عليه:
1 - الشيخ الصدوق : حدّثنا عليّ بن عبداللّه بن الورّاق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب وحمزة بن محمّد بن أحمد العلوي وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنهم قالوا: أخبرنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي. وحدّثنا أبو محمّد جعفر بن نعيم بن شاذان ( رضي الله عنه ) ، عن أحمد بن إدريس، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: رفع إلي المأمون أنّ أباالحسن عليّ بن موسي ( عليه السلام ) يعقد مجالس الكلام والناس يفتتنون بعلمه، فأمر محمّد بن عمرو الطوسيّ حاجب المأمون، فطرد الناس عن مجلسه وأحضره، فلمّا نظر إليه المأمون زبره واستخفّ به. فخرج أبوالحسن ( عليه السلام ) من عنده مغضباً وهو يدمدم بشفتيه ويقول: وحقّ المصطفي والمرتضي وسيّدة النساء، لأستنزلنّ من حول اللّه عزّ وجلّ بدعائي عليه، ما يكون سبباً لطرد كلاب أهل هذه الكورة إيّاه، واستخفافهم به، وبخاصّته وعامّته. ثمّ أنّه ( عليه السلام ) انصرف إلي مركزه، واستحضر الميضاة وتوضّأ وصلّي ركعتين وقنت في الثانية فقال:
«اللّهمّ يا ذا القدرة الجامعة، والرحمة الواسعة، والمنن المتتابعة، والآلاء المتوالية، والأيادي الجميلة، والمواهب الجزيلة، يا من لا يوصف بتمثيل ولا يمثّل بنظير، ولا يغلب بظهير، يا من خلق فرزق، وألهم فأنطق، وابتدع فشرع، وعلا فارتفع، وقدر فأحسن، وصوّر فأتقن، وأجنح فأبلغ، وأنعم فأسبغ، وأعطي فأجزل، يا من سمّا في العزّ ففات خواطف الأبصار، ودني في اللطف فجاز هواجس الأفكار، يا من تفرّد بالملك فلا ندّ له في ملكوت سلطانه، وتوحّد بالكبرياء فلا ضدّ له في جبروت شأنه، يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام، وحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام، يا عالم خطرات قلوب العارفين، وشاهد لحظات أبصار الناظرين، يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت الرقاب لجلالته، ووجلت القلوب من خيفته، وارتعدت الفرائص من فرقه، يا بدئ يا بديع، يا قوي يا منيع، يا عليّ يا رفيع، صلّ علي من شرّفت الصلاة بالصلاة عليه، وأنتقم لي ممّن ظلمني، واستخفّ بي وطرد الشيعة عن بابي، وأذقه مرارة الذلّ والهوان كما أذاقنيها، واجعله طريد الأرجاس وشريد الأنجاس».
قال أبو الصلت عبد السلام صالح الهروي: فما استتمّ مولاي دعاءه حتّي وقعت الرجفة في المدينة، وارتجّ البلد، وارتفعت الزعقة والصيحة، واستفحلت ( ارتجّ البحر: اضطرب. المصباح المنير: 219. )
( الزَعْقةُ: مصدر المرّة، ويقال: سمعت زعقة المؤذّن: صوته. المعجم الوسيط: 394. )
( استفحل الأمر: تفاقم واشتدّ. المعجم الوسيط: 676. )
النعرة، وثارت الغبرة، وهاجت القاعة، فلم أزائل مكاني إلي أن سلّم ( الغبرة: لطخ الغبار. المعجم الوسيط: 643. )
( قاعة الدار: ساحتها. المعجم الوسيط: 766. )
مولاي ( عليه السلام ) ، فقال لي: يا أبا الصلت! اصعد السطح فإنّك ستري امرأة بغيّة غثّة رثّة، مهيّجة الأشرار، متّسخة الأطمار، يسمّيها أهل هذه الكورة سمانة، لغباوتها وتهتّكها، وقد أسندت مكان الرمح إلي نحرها قصباً، وقد شدّت وقاية لها حمراء إلي طرفه مكان اللواء، فهي تقود جيوش القاعة، وتسوق عساكر الطغام إلي قصر المأمون، ومنازل قوّاده، فصعدت السطح فلم أر إلّا نفوساً تزعزع بالعصي، وهامات ترضخ بالأحجار.
ولقد رأيت المأمون متدرّعاً، قد برز من قصر شاهجان متوجّهاً للهرب، فما شعرت إلّا بشاجرد الحجّام قد رمي من بعض أعالي السطوح بلبنة ثقيلة، فضرب بها رأس المأمون فأسقطت بيضته بعد أن شقّت جلد هامّته
( الهامّة: الدابّة. المعجم الوسيط: 995. )
فقال لقاذف اللبنة بعض من عرف المأمون: ويلك! هذا أميرالمؤمنين!
فسمعت سمانة تقول: اسكت، لا أُمّ لك! ليس هذا يوم التميّز والمحابات، ولايوم إنزال الناس علي طبقاتهم، فلو كان هذا أميرالمؤمنين لما سلّط ذكور الفجّار علي فروج الأبكار، وطرد المأمون وجنوده أسوء طرداً بعد إذلال واستخفاف شديد.
( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 172/2 ح 1. عنه مدينة المعاجز: 146/7 ح 2241، والبحار: 82/49 ح 2، و257/82 ح 3، و344/88 ح 5، وحلية الأبرار: 449/4 ح 4، وإثبات الهداة: 261/3 ح 36، قطعة منه.
مهج الدعوات: 459 س 2.
مصباح الكفعمي: 390 س 4.
قطعة منه في (إخباره ( عليه السلام ) بالمغيبات) و(استجابة دعائه ( عليه السلام ) ) و(توسّله بالنبيّ ووصيّه وابنته ( عليهم السلام ) : ) و(دعاؤه ( عليه السلام ) علي من ظلمه، واستخفّ به وطرد شيعته عن بابه). )

2 - ابن شهرآشوب : أبو الصلت عبد السلام بن صالح قال: رفع إلي المأمون أنّ الرضا ( عليه السلام ) يعقد مجالس الكلام والناس يفتنون بعلمه، فأنفذ محمّد بن عمرو الطوسيّ، فطرد الناس عن مجلسه وأحضره، فلمّا نظر إليه المأمون زبره واستخفّ به، فخرج الرضا ( عليه السلام ) يقول: وحقّ المصطفي، والمرتضي، وسيّدة النساء! لأستنزلنّ من حول اللّه عزّ وجلّ بدعائي عليه، مايكون سبباً لطرد كلاب أهل هذه الكورة إيّاه، واستخفافهم به، وبخاصّته وعامّته، ثمّ أتي منزله واغتسل وصلّي ركعتين، قال في قنوته: «يا ذا القوّة الجامعة، والرحمة الواسعة، - إلي آخر دعائه - صلّ علي من شرّفت الصلاة بالصلاة عليه، وانتقم لي ممّن ظلمني، واستخفّ بي، وطرد الشيعة عن بابي، وأذقه مرارة الذلّ والهوان، كما أذاقنيها، واجعله طريد الأرجاس، وشريد الأنجاس». فلم يتمّ دعائه حتّي وقعت الرجفة، وارتفعت الزعقة، وثارت الغبرة، فلمّا سلّم من صلاته قال: اصعد السطح، فإنّك ستري امرأة بغيّة، رثّة غثّة، متّسخة الأطمار، مهيّجة الأشرار، يسمّيها أهل هذه الكورة سمانة، لغباوتها وتهتّكها، قد أسندت مكان الرمح إلي نحرها قصباً، وقد شدّت وقاية لها خمراً إلي طرف لها مكان اللواء، فهي تقود جيوش الغاغة، وتسوق عساكر الطغام إلي قصر المأمون، وهو قصر أبي مسلم في شاهجان، قال: ورأيت المأمون متدرّعاً قد برز من قصر الشاهجان، متوجّهاً للهرب فما شعرت إلّا بشاجرد الحجّام، قد رماه من بعض أعالي السطوح بلبنة ثقيله، أسقطت عن رأسه بيضته، بعد أن شقّت جلدة هامّته، فقال بعض من عرف المأمون: ويلك أميرالمؤمنين! فسمعت سمانة فقالت: اسكت لاأُمّ لك، ليس هذا يوم التمييز والمحاباة، ولايوم إنزال الناس علي طبقاتهم ومقاديرهم، فلو كان هذا أميرالمؤمنين، لما سلّط ذكور الفجّار علي فروج الأبكار، وطرد المأمون أسوء طرد، بعد إذلال واستخفاف شديد، ونهبوا أمواله، فصلب المأمون أربعين غلاماً وأسلاء دهقان مرو، وأمر أن يطوّل جدرانهم، وعلم أنّ ذلك من استخفاف الرضا ( عليه السلام ) فانصرف ودخل عليه، وحلفه أن لايقوم له، وقبّل رأسه، وجلس بين يديه وقال: لم تطب نفسي بعد مع هؤلاء، فما تري؟
فقال الرضا ( عليه السلام ) : اتّق اللّه في أُمّة محمّد ( صلي الله عليه وآله وسلم ) وماولّاك من هذا الأمر، وخصّك به، فإنّك قد ضيّعت أُمور المسلمين، وفوّضت ذلك إلي غيرك، يحكم فيها بغير حكم اللّه عزّ وجلّ، وقعدت في هذه البلاد، وتركت دار الهجرة ومهبط الوحي، وإنّ المهاجرين والأنصار يُظلمون دونك، ولايرقبون في مؤمن إلاٌّ ولاذمّة، ويأتي علي المظلوم دهر يتعب فيه نفسه، ويعجز عن نفقته، فلايجد من يشكو إليه حاله، ولا يصل إليه.
فاتّق اللّه يا أميرالمؤمنين! في أمور المسلمين، وارجع إلي بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، وموضع المهاجرين والأنصار، أما علمت يا أميرالمؤمنين! أنّ والي المسلمين مثل العمود في وسط الفسطاط، من أراده أخذه.
فقال: نِعمَ ما قلت يا سيّدي! هذا هو الرأي، وخرج يجهّز للرحيل، وأتاه ذوالرياستين وقال: قتلت أمس أخاك، وأظهرت اليوم عقد الرضا، وأخرجت الخلافة من بني العبّاس، أفترضي الناس عنك، وههنا في حبسك أولياء أبيك نحو عليّ بن عمران، وابن مونس، والجلوديّ، وكانوا لم يدخلوا في عهد الرضا، فأمر بإحضار المحبوسين واحداً بعد واحد، فأدخل عليه ابن عمران فخاض في عقده للرضا فأمر بقتله، وثنّي بابن مونس بعد هجره في الرضا.
فلمّا أدخل الجلوديّ قال الرضا ( عليه السلام ) من كرمه: هبني هذا، وكان أغار ذلك في دور آل أبي طالب وقت خروج محمّد بن أبي طالب، وعري نساءهم، فقال: ياأمير المؤمنين! باللّه! لا تصغ إلي مقاله فيّ، قال: نعم، وأمر بقتله، فاغتمّ بذلك ذوالرياستين، فقال المأمون لتسليته: اكتب حجّة لك أن لا أعزلك ما دمت حيّاً، وكتب بما شاء.
فوقّع عليه أمير المؤمنين المأمون، واستأذنه في توقيع الرضا ( عليه السلام ) .
فقال: إنّه لا يكتب، فأتاه واستدعاه للتوقّع فأبي، فكان ذو الرياستين يخلّط علي الرضا ( عليه السلام ) ، ويغيظ المأمون، ويكتب إلي بغداد بأحواله، فبويع إبراهيم بن المهديّ، وفيه قال دعبل:
يا معشر الأجناد! لا تقنطوا
خذوا عطاياكم ولا تسخطوا
فسوف يعطيكم حنينيّة
يلذّها الأمرد والأشمط
والمعبديّات لقوّادكم
لا تدخل الكيس ولا تربط
وهكذا يرزق أصحابه
خليفة مصحفه البربط
فلما سمع المأمون ذلك اغتمّ، وأثّر فيه كلام ذو الرياستين وغيّره، فعزم علي إهلاك الرضا ( عليه السلام ) .
( المناقب لابن شهرآشوب: 345/4 س 10.
قطعة منه في (دعاؤه في قنوته) و(موعظة الرضا ( عليه السلام ) للمأمون في أمر الخلافة وغيره). )