الباب الثاني في مكاتيبه عليه السلام‏

 وهو يشتمل على أربعة عناوين:

      أ - مكاتبته مع أبيه الرضاعليهما السلام‏

  -١ الشيخ الصدوق ‏رحمه الله: ... محمد بن أبي عباد: ... يقول [الرضاعليه السلام‏] كتب إليّ أبو جعفرعليه السلام، وكنت أكتب إلى أبي جعفرعليه السلام، وهو صبيّ  بالمدينة (٣٢) .

      ب - كتابه إلى ابنه الهادي‏ عليهما السلام‏

 ويشتمل هذا العنوان على موضوعين:

   الأوّل تعويذه لابنه الهادي عليهما السلام:

  -١ السيّد بن طاووس رحمه الله: ... حدّثنا عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني: أنّ أبا جعفر محمد بن علي الرضاعليهما السلام كتب هذه العوذة لابنه أبي الحسن علي بن محمدعليهما السلام ، وهو صبيّ في المهد، وكان يعوّذه بها، ويأمر أصحابه به.

  « الحرز »:

 بسم اللَّه الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوّة إلاَّ باللَّه العلي العظيم.

 اللهمّ ربَّ الملائكة والروح والنبيّين والمرسلين، و قاهر من في السموات والأرضين، وخالق كلّ شي‏ء ومالكه، كفَّ عنّا بأس أعدائنا، ومن أراد بنا سوءاً من الجنّ والإنس وأعم أبصارهم وقلوبهم، واجعل بيننا وبينهم حجاباً، وحرساً، ومدفعاً، إنّك ربَّنا، لاحول ولا قوَّة لنا إلّا باللَّه، عليه توكَّلنا، وإليه أنبنا، وإليه المصير.

 ربَّنا لا تجعلنا فتنةً للذين كفروا، واغفر لنا، ربَّنا إنَّك أنْت العزيز الحكيم.

 ربَّنا عافنا من كلِّ سوء، و من شرِّ كلِّ دابَّة، أنت آخذ بناصيتها، ومن شرِّ مايسكن في الليل والنهار، و من شرِّ كلِّ سوء، ومن شرِّ كلِّ ذي شر، ربَّ العالمين، وإله المرسلين، صلِّ على محمد وآله أجمعين، وأوليائك، و خصَّ محمداً وآله أجمعين بأتمِّ ذلك، ولا حول ولا قوَّة إلّا باللَّه العلي العظيم.

 بسم اللَّه، و باللَّه، اُؤمن باللَّه، وباللَّه أعوذ، و باللَّه أعتصم، وباللَّه أستجير، وبعزّة اللَّه ومنعته أمتنع من شياطين الإنس والجنِّ، ومن رجلهم، وخيلهم، وركضهم، وعطفهم، ورجعتهم، وكيدهم، وشرّهم، وشرِّ ما يأتون به، تحت الليل وتحت النهار، من البعد والقرب، ومن شرِّ الغائب والحاضر، والشاهد والزائر، أحياءً وأمواتاً، أعمى وبصيراً، ومن شرِّ العامَّة والخاصَّة، ومن شرِّ نفس، ووسوستها، ومن شرِّ الدناهش والحسِّ، واللمس، واللبس، ومن عين الجنّ والإنس. وبالاسم الذي اهتزَّ به عرش بلقيس.

 وأُعيذ ديني، ونفسي، وجميع ما تحوطه عنايتي، من شرِّ كلِّ صورة، وخيال، أو بياض، أو سواد، أو تمثال، أو معاهد، أو غير معاهد، ممَّن يسكن الهواء، والسحاب، والظلمات، والنور، والظلَّ، والحرور، و البرَّ، والبحور، والسهل، والوعور، والخراب، والعمران، والآكام، والآجام، والغياض، والكنائس، والنواويس، والفلوات، والجبّانات.

 ومن شرِّ الصادرين، والواردين ممَّن يبدو بالليل، وينتشر بالنهار، وبالعشي، والإبكار، والغدوِّ والآصال، والمريبين، والأسامرة، والأفاثرة [ترة]، والفراعنة، والأبالسة، ومن جنودهم، وأزواجهم، وعشائرهم، وقبائلهم ومن همزهم، ولمزهم، ونفثهم، ووقاعهم، وأخذهم، وسحرهم، وضربهم، وعبثهم ،ولمحهم، واحتيالهم، واختلافهم.

 ومن شرِّ كلِّ ذي شرٍّ من السحرة، والغيلان، وأُمِّ الصبيان، وما ولدوا، وماوردوا.

 ومن شرِّ كلِّ ذي شرٍّ، داخل، وخارج، وعارض، ومتعرِّض، وساكن، ومتحرِّك، وضربان عرق، وصداع، و شقيقةٍ، وأُمِّ ملدم، والحمَّى، والمثلَّثة، والربع، والغبِّ، والنافضة، والصالبة، والداخلة، والخارجة.

 و من شرِّ كلِّ دابَّة أنت آخذ بناصيتها، إنّك على صراط مستقيم، وصلَّى اللّه على نبيِّه محمد، وآله الطاهرين (٣٣).

 

 الثاني وصيّته لابنه الهادي عليهما السلام:

  -١ محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: ... أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفرعليه السلام يحكي أنّه أشهده على هذه الوصيّة المنسوخة:

 ... إنّ أبا جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب‏ عليهم السلام، أشهده: أنّه أوصى إلى علي ابنه بنفسه وأخواته، وجعل أمر موسى إذا بلغ إليه.

 وجعل عبد اللّه بن المساور قائماً على تركته من الضياع والأموال والنفقات، والرقيق، وغير ذلك، إلى أن يبلغ علي  بن محمد صيّر عبد اللّه بن مساور ذلك اليوم إليه، يقوم بأمر نفسه، وأخواته.

 ويصيّر أمر موسى إليه، يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهما في صدقاته التي تصدّق بها، ...(٣٤).

 

    ج - كتبه عليه السلام إلى أفراد معيّنة

 ويشتمل هذا العنوان على ستّين مورداً:

   الأوّل إلى إبراهيم بن محمد الهمداني:

 (٨۷٠)محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام في التزويج، فأتاني كتابه بخطّه:

 قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه، فزوّجوه «إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»(٣٥) (٣٦).

 

  -٢ الصفّاررحمه الله: ... إبراهيم بن محمد، قال: كان أبو جعفر عليه السلام كتب إليّ كتاباً، وأمرني أن لا أفكّه حتّى يموت يحيى بن أبى عمران، قال: فمكث الكتاب عندي سنين.

 فلمّا كان اليوم الذي مات فيه يحيى بن أبي عمران، فككت الكتاب، فإذاً فيه: قم بما كان يقوم به أو نحو هذا من الأمر ...     (٣۷) .

 

 (٨۷١) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي  بن مهزيار، قال: كتب إبراهيم بن محمد بن عمران الهمداني إلى أبي جعفرعليه السلام: إنّي حججت وأنا مخالف، وكنت صرورة(٣٨)، فدخلت متمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ.؟

 فكتب عليه السلام إليه: أعد حجّك(٣٩).

 (٨۷٢) الشيخ الطوسي رحمه الله: أحمد بن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام مع بعض أصحابنا.

 وأتاني الجواب بخطّه:

 فهمت ما ذكرت من أمر ابنتك وزوجها، فأصلح اللّه لك ما تحبّ صلاحه. فأمّا ما ذكرت من حنثه بطلاقها غير مرّة، فانظر رحمك اللّه(٤٠) فإن كان ممّن يتولّانا، ويقول بقولنا، فلا طلاق عليه، لأ نّه لم يأت أمراً جهله.

 وإن كان ممّن لايتولّانا، ولا يقول بقولنا، فاختلعها منه، فإنّه إنّما نوى الفراق بعينه(٤١).

 

 (٨۷٣) أبو عمرو الكشّي رحمه الله: علي بن محمد، قال: حدّثني أحمد بن محمد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام: أصف له صنع السميع(٤٢) فيّ؟

 فكتب عليه السلام بخطّه: عجّل اللّه نصرتك ممّن ظلمك، وكفاك مؤونته، وأبشر بنصر اللّه عاجلاً، وبالأجر آجلاً، وأكثر من حمد اللّه(٤٣) .

 

 (٨۷٤) أبو عمرو الكشّي‏رحمه الله: علي بن محمد، قال حدّثني محمد بن أحمد، عن عمر بن علي بن عمر بن يزيد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني(٤٤) قال: وكتب عليه السلام إليّ: قد وصل الحساب تقبّل اللّه منك، ورضي عنهم، وجعلهم معنا في الدنيا والآخرة، وقد بعثت إليك من الدنانير بكذا، ومن الكسوة بكذا، فبارك لك فيه، وفي جميع نعمة اللّه عليك.

 وقد كتبت إلى النضر، أمرته أن ينتهي عنك، وعن التعرّض لك وخلافك وأعلمته موضعك عندي.

 وكتبت إلى أيّوب، أمرته بذلك أيضاً، وكتبت إلى مواليّ بهمدان كتاباً أمرتهم بطاعتك، والمصير إلى أمرك، وأن لا وكيل لي سواك(٤٥)

 (٨۷٥) الشيخ الطوسي رحمه الله : محمد بن أحمد بن يحيى، عن عمر بن علي ابن عمر بن يزيد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني (٤٦)، قال: كتبت إليه يسقط على ثوبي الوبر والشعر ممّا لايؤكل لحمه من غير تقيّة، ولاضرورة ؟

 فكتب عليه السلام: لايجوز الصلاة فيه(٤۷) .

 

 الثاني إلى إبراهيم بن شيبة:

 (٨۷٦) الشيخ الطوسي رحمه الله: أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن إبراهيم بن شيبة، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام (٤٨) أسأله عن الصلاة خلف من يتولّى أمير المؤمنين، وهو يرى المسح على الخفّين؛ أو خلف من يحرّم المسح وهو يمسح؟

 فكتب: إن جامعك وإيّاهم موضع، فلم تجد بدّاً من الصلاة، فأذّن لنفسك، وأقم، فإن سبقك إلى القراءة فسبّح(٤٩).

 (٨۷۷) العلّامة المجلسي‏ رحمه الله: نقلاً عن كتاب سعد بن عبد اللّه في «الأدعية»، عن علي بن مهزيار، قال: كتب أبو جعفر الثاني عليه السلام إلى إبراهيم بن شيبة:

 فهمت ما استأمرت فيه من أمر ضيعتك التي تعرّض لك السلطان فيها فاستخر اللّه مائة مرّة، خيرة في عافية، فإن احلولى بقلبك بعد الاستخارة بيعها، فبعها، واستبدل غيرها إن‏شاءاللّه تعالى؛ ولاتتكلّم بين أضعاف الاستخارة حتّى تتمّ المائة، إن‏شاءاللّه(٥٠).

 (٨۷٨) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد؛ وسهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن إبراهيم بن شيبة، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام أسأله عن إتمام الصلاة في الحرمين؟

 فكتب إليّ: كان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يحبّ إكثار الصلاة في الحرمين، فأكثر فيهما وأتمّ(٥١).

 

 الثالث إلى إبراهيم بن عقبة:

 (٨۷٩) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن محمد بن عيسى، قال: كتب إليه إبراهيم بن عقبة(٥٢) يسأله عن الفطرة كم هي برطل بغداد عن كلّ رأس؟ وهل يجوز إعطاؤها غير مؤمن؟

 فكتب إليه: عليك أن تخرج عن نفسك صاعاً بصاع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعن عيالك أيضاً، لاينبغي لك أن تعطي زكاتك إلّا مؤمناً(٥٣).

 

 (٨٨٠) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن عقبة(٥٤)، قال: كتبت إليه: أسأله عن رجل حجّ عن صرورة لم يحجّ قطّ، أيجزي كلّ واحد منهما تلك الحجّة عن حجّة الإسلام، أم لا؟ بيّن لي ذلك يا سيّدي! إن‏شاءاللّه.

 فكتب‏ عليه السلام: لايجزي ذلك(٥٥).

 (٨٨١) محمد بن يعقوب الكليني ‏رحمه الله: أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبّار، عن علي بن مهزيار(٥٦)، قال: كتب إليه إبراهبم بن عقبة: عندنا جوارب وتكك(٥۷) تعمل من وبر الأرانب. فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولاتقيّة؟

 فكتب عليه السلام: لاتجوز(٥٨) الصلاة فيها(٥٩).

 

 الرابع إلى أبي الحسن بن الحصين:

 (٨٨٢) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن مهزيار، قال: كتب أبو الحسن بن الحصين (٦٠) إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام معي: جعلت فداك! قد اختلفت موالوك في صلاة الفجر، فمنهم من يصلّي إذا طلع الفجر الأوّل المستطيل في السماء، ومنهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الأفق واستبان، ولست أعرف أفضل الوقتين، فأُصلّي فيه.

 فإن رأيت أن تعلّمني أفضل الوقتين، وتحدّه لي، وكيف أصنع مع القمر والفجر لايتبيّن معه حتّى يحمرّ ويصبح؟ وكيف أصنع مع الغيم؟ وما حدّ ذلك في السفر والحضر؟ فعلت إن‏شاءاللّه.

 فكتب بخطّه ‏عليه السلام وقرأته: الفجر - يرحمك اللّه - هو الخيط الأبيض المعترض، ليس هو الأبيض صعداء، فلاتصلّ في سفر، ولا حضر حتّى تتبيّنه، فإنّ اللّه تبارك وتعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا، فقال: «كلوا واشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر»(٦١) فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم، وكذلك هو الذي توجب به الصلاة(٦٢).

 

 الخامس إلى أبي شيبة الإصبهاني:

 (٨٨٣) الشيخ الطوسي رحمه الله: علي بن الحسن بن فضّال، عن علي بن مهزيار، قال: قرأت كتاب أبي جعفر عليه السلام إلى أبي شيبة الإصبهاني(٦٣).

 فهمت ما ذكرت من أمر بناتك وأنّك لاتجد أحداً مثلك، فلاتنظر في ذلك، يرحمك اللّه، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا جائكم من ترضون خلقه ودينه، فزوّجوه، إنّكم إلّا تفعلوا ذلك، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير(٦٤).

 

 السادس إلى أبي علي بن راشد:

 (٨٨٤) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن أبي علي بن راشد(٦٥)، قال: كتبت إليه، أسأله عن رجل محرم سكر وشهد المناسك وهو سكران، أيتمّ حجّه على سكره؟

 فكتب عليه السلام: لايتمّ حجّه(٦٦).

 

 السابع إلى أبي عمرو الحذّاء:

 (٨٨٥) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن محمد بن عيسى، قال: كتب إليه أبو عمرو(٦۷): أخبرني يا مولاي! أنّه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان، فلا نراه، ونرى السماء ليست فيها علّة، فيفطر الناس ونفطر معهم، ويقول قوم من الحساب قبلنا: أنّه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر وإفريقيّة والأندلس.

 فهل يجوز يا مولاي ما قال: الحساب في هذا الباب حتّى يختلف الفرض على أهل الأمصار فيكون صومهم خلاف صومنا، فطرهم خلاف فطرنا؟

 فوقّع عليه السلام: لاتصومنّ الشكّ، أفطر للرؤية(٦٨)، وصم للرؤية(٦٩).

 (٨٨٦) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّه من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن سليمان، عن أحمد بن الفضل [عن‏] أبي عمرو الحذّاء(۷٠)، قال: ساءت حالي فكتبت إلى أبي جعفرعليه السلام.

 فكتب اليّ: أدم قراءة: «إنّا أرسلنا نوحاً إلى قومه»(۷١) قال: فقرأتها حولاً فلم أرشيئاً فكتبت إليه، أخبره بسوء حالي ، وأنّي قد قرأت «إنّا أرسلنا نوحاً إلى قومه» حولاً كما أمرتني ولم أرشيئاً.

 قال: فكتب إليّ: قد وفى لك الحول، فانتقل منها إلى قراءة «إنّا أنزلناه» قال: ففعلت فما كان إلّا يسيراً، حتّى بعث إليّ ابن أبي داود، فقضى عنّي ديني، وأجري عليّ وعلى عيالي، ووجّهني إلى البصرة في وكالته بباب كلّاء(۷٢)، وأجري عليّ خمسمائة درهم.

 وكتبت من البصرة على يدي علي بن مهزيار إلى أبي الحسن‏عليه السلام: إنّي كنت سألت أباك عن كذا وكذا، وشكوت إليه كذا وكذا، وأ نّي قد نلت الذي أحببت، فأحببت أن تخبرني يا مولاي كيف أصنع في قراءة «إنّا أنزلناه» أقتصر عليها وحدها في فرائضي وغيرها؟ أم أقرأ معها غيرها؟ أم لها حدّ أعمل به؟

 فوقّع ‏عليه السلام وقرأت التوقيع: لاتدع من القرآن قصيره وطويله، ويجزؤك من قراءة «إنّا أنزلناه» يومك وليلتك مائة مرّة  (۷٣).

 

 الثامن إلى أبي الفضل العبّاس بن المعروف:

  -١ الشيخ الطوسي‏ رحمه الله: أحمد بن محمد بن عيسى، عن العبّاس بن معروف، قال: كان لمحمد بن الحسن بن أبي خالد غلام لم يكن به بأس، عارف، يقال له: ميمون، فحضره الموت، فأوصى إلى أبي الفضل العبّاس بن معروف، بجميع ميراثه، وتركته، أن أجعله دراهم، وأبعث بها إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام وترك أهلاً حاملاً، وإخوة قد دخلوا في الاسلام، وأُمّاً مجوسيّة. قال: ففعلت ... .

 فكتبت وحصّلت الدراهم، وأوصلتها إليه عليه السلام.

 فأمره أن يعزل منها الثلث يدفعها إليه، ويردّ الباقي على وصيّه، يردّها على ورثته(۷٤).

 

 التاسع إلى أبي القاسم الصيقل:

 (٨٨۷) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن أبي القاسم الصيقل(۷٥)، قال: كتبت إليه إنّي رجل صيقل أشتري السيوف وأبيعها من السلطان، أجائز لي بيعها؟

 فكتب‏ عليه السلام: لابأس به(۷٦).

 

 (٨٨٨) محمد بن يعقوب الكليني ‏رحمه الله: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن أبي القاسم الصيقل(۷۷)، قال: كتبت إليه: قوائم السيوف التي تسمّى السفن أتّخذها من جلود السمك، فهل يجوز العمل لها، ولسنا نأكل لحومها؟

 فكتب عليه السلام: لابأس(۷٨).

 

 العاشر إلى أحمد بن إسحاق الأبهري:

 (٨٨٩) الشيخ الطوسي‏ رحمه الله: محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن عيسى، عن علي  بن مهزيار، عن أحمد بن إسحاق الأبهري(۷٩)، قال: كتبت إليه: جعلت فداك! عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب، فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولاتقيّة؟

 فكتب عليه السلام: لاتجوز الصلاة فيها(٨٠).

 

 الحادي عشر إلى أحمد بن حمّاد المروزي:

 (٨٩٠) أبو عمرو الكشّي رحمه الله: محمد بن مسعود، قال: حدّثني أبو علي المحمودي محمد بن أحمد بن حمّاد المروزي، قال: كتب أبو جعفرعليه السلام إلى أبي في فصل من كتابه: فكأن قد، في يوم أوغد، «ثمّ وفّيت كلّ نفس ماكسبت وهم لايظلمون»(٨١) .

 أمّا الدنيا فنحن فيها متفرّجون(٨٢) في البلاد، ولكن من هوى هوى صاحبه فان(٨٣) بدينه، فهو معه وإن كان نائياً عنه. وأما الآخرة فهي دار القرار(٨٤) .

 

 الثاني عشر إلى أحمد بن محمد بن عيسى القميّ:

  - ١أبو عمرو الكشّي ‏رحمه الله: ... قال: حدّثني أحمد بن محمد بن عيسى القميّ، قال: بعث إليّ أبو جعفرعليه السلام غلامه، ومعه كتابه، فأمرني أن أصير اليه، ...(٨٥).

 

 الثالث عشر إلى أحمد بن محمد بن عيسى بن يزيد:

 (٨٩١) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن يزيد(٨٦)، قال: كتبت: جعلت لك الفداء ! تعلّمني ما الفائدة وما حدّها؟

 رأيك - أبقاك اللّه تعالى - أن تمنّ ببيان ذلك، لكيلا أكون مقيماً على حرام لاصلاة لي ولاصوم.

 فكتب عليه السلام: الفائدة ممّا يفيد إليك في تجارة من ربحها، وحرث بعد الغرام أو جائزة(٨۷).

 

 الرابع عشر إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر:

 (٨٩٢) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام: الخمس، أُخرجه قبل المؤونة، أو بعد المؤونة؟

 فكتب عليه السلام: بعد المؤونة(٨٨).

 

 (٨٩٣) الشيخ الطوسي رحمه الله: وروى الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد

(٨٩)، قال: سألته عن وقت صلاة الظهر والعصر؟

 فكتب عليه السلام: قامة للظهر وقامة للعصر(٩٠).

 

 الخامس عشر إلى إسماعيل بن سهل:

  -١ الشيخ الصدوق رحمه الله: ... إسماعيل بن سهل، قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني‏عليه السلام: علّمني شيئاً إذا أنا قلته، كنت معكم في الدنيا والآخرة؟

 قال: فكتب بخطّه أعرفه: أكثر من تلاوة «إنّا انزلناه»، ورطّب شفتيك بالاستغفار(٩١).

 (٨٩٤) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن إسماعيل بن سهل، قال: كتبت إلى أبي جعفر صلوات اللّه عليه: إنّي قد لزمني دين فادح.

 فكتب عليه السلام: أكثر من الاستغفار، ورطّب لسانك بقراءة «إنّا أنزلناه»(٩٢).

 

 السادس عشر إلى أُمّ علي:

 (٨٩٥) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن القاسم الصيقل(٩٣)، قال: كتبت إليه أُمّ علي تسأل عن كشف الرأس بين يدي الخادم؟ وقالت له: إنّ شيعتك اختلفوا عليّ في ذلك، فقال بعضهم: لابأس، وقال: بعضهم: لايحلّ.

 فكتب‏ عليه السلام: سألت عن كشف الرأس بين يدي الخادم، لاتكشفي رأسك بين يديه، فإنّ ذلك مكروه(٩٤).

 

 السابع عشر إلى أيّوب بن نوح:

 (٨٩٦) محمد بن يعقوب الكليني ‏رحمه الله: محمد بن يحيى، عن عبد اللّه بن جعفر، عن أيّوب بن نوح(٩٥)، قال: كتبت إليه: إنّ أصحابنا قد اختلفوا علينا، فقال بعضهم: إنّ النفر يوم الأخير بعد الزوال أفضل، وقال بعضهم: قبل الزوال؟

 فكتب عليه السلام: أما علمت أنّ رسول اللّه ‏صلى الله عليه وآله وسلم، صلّى الظهر والعصر بمكّة، ولايكون ذلك إلّا وقد نفر قبل الزوال(٩٦).

  -٢ أبو عمرو الكشّي ‏رحمه الله : ... إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: وكتب [أبو جعفر الجواد]عليه السلام إليّ: ... وكتبت إلى أيّوب، أمرته بذلك [أي عن التعرّض لك و بخلافك، و أعلمته موضعك عندي‏] ...(٩۷).

 

 الثامن عشر إلى بكر بن صالح:

 (٨٩۷) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار، عن بكر بن صالح، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام: إنّ ابني معي، وقد أمرته أن يحجّ عن أُمّي، أيجزى عنها حجّة الإسلام؟

 فكتب عليه السلام: لا! وكان ابنه صرورة(٩٨)، وكانت أمّه صرورة(٩٩).

  - ٢(٨٩٨) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام: أنّ عمّتي معي وهي زميلتي، والحرّ تشتدّ عليها، إذا أُحرمت، فترى لي أن أظلّل عليّ وعليها؟

 فكتب‏عليه السلام: ظلّل عليها وحدها(١٠٠).

 

 التاسع عشر إلى بندار مولى إدريس:

 (٨٩٩) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمد وعبد اللّه بن محمد، عن علي بن مهزيار، قال: كتب بندار مولى إدريس(١٠١): يا سيّدي! نذرت أن أصوم كلّ يوم سبت، فإن أنا لم أصمه ما يلزمني من الكفّارة؟

 فكتب ‏عليه السلام وقرأته: لاتتركه إلّا من علّة، وليس عليك صومه في سفر ولامرض إلّا أن تكون نويت ذلك، فإن كنت أفطرت منه في غير علّة فتصدّق بقدر كلّ يوم على سبعة مساكين، نسأل اللّه التوفيق لما يحبّ ويرضى(١٠٢).

 

 العشرون إلى جعفر وموسى:

 (٩٠٠) محمد بن يعقوب الكليني ‏رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن مهزيار، قال: كتب أبو جعفرعليه السلام إلى جعفر وموسى: وفيما أمرتكما من الإشهاد بكذا، وكذا نجاة لكما في آخرتكما، وإنفاذاً لما أوصى به أبواكما، وبرّاً منكما لهما، واحذرا أن لاتكونا بدّلتما وصيتّهما، ولا غيّرتماها عن‏حالها، لأ نّهما قد خرجا من ذلك، رضي ‏اللّه عنهما، وصار ذلك في‏ رقابكما.

 وقد قال اللّه تبارك وتعالى في كتابه في الوصيّة: «فمن بدّله بعدما سمعه فإنّما اثمه على الذين يبدّلونه إنّ اللّه سميع عليم»    (١٠٣) (١٠٤).

 

 الحادي والعشرون إلى الحسن بن سعيد:

 (٩٠١) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام: الرجل يموت، ولا وارث له، إلّا مواليه الذين أعتقوه، هل يرثونه؟ ولمن ميراثه؟

 فكتب عليه السلام: لمولاه الأعلى(١٠٥).

 

 الثاني والعشرون إلى الحسين بن بشّار الواسطي:

 (٩٠٢) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن بشّار الواسطي، قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام، أسأله عن النكاح؟

 فكتب ‏عليه السلام إليّ: من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته فزوّجوه «إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»  (١٠٦) (١٠۷).

 

 الثالث والعشرون إلى الحسين بن الحكم الواسطىّ:

 (٩٠٣) العيّاشي رحمه الله: قال: وقال الحسين بن الحكم(١٠٨) الواسطي: كتبت إلى بعض الصالحين: أشكو الشكّ؟

 فقال: إنّما الشكّ فيما لايعرف، فإذا جاء اليقين فلاشكّ، يقول اللّه: «وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين»  (١٠٩) نزلت في الشكّاك(١١٠).

   

 الرابع والعشرون إلى الحسين بن عبد اللّه النيسابوري والي سجستان:

 (٩٠٤) محمد بن يعقوب الكليني ‏رحمه الله: محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السيّاري، عن أحمد بن زكريّا الصيدلاني ، عن رجل من بني حنيفة من أهل بست(١١١) وسجستان(١١٢) قال: رافقت أبا جعفرعليه السلام(١١٣) في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم، فقلت له وأنا معه على المائدة، وهناك جماعة من أولياء السلطان: إنّ والينا جعلت فداك! رجل يتولّاكم أهل البيت، ويحبّكم، وعليّ في ديوانه خراج، فإن رأيت جعلني اللّه فداك، أن تكتب إليه كتاباً بالإحسان إليّ؟.

 فقال لي: لا أعرفه.

 فقلت: جعلت فداك! إنّه على ما قلت: من محبّيكم أهل البيت، وكتابك ينفعني عنده.

 فأخذ القرطاس وكتب:

 بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

 أمّا بعد: فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً، وإنّ مالك من عملك(١١٤) ما أحسنت فيه، فأحسن إلى إخوانك، واعلم: أنّ اللّه عزّ وجلّ سائلك(١١٥) عن مثاقيل الذرّ والخردل.

 قال: فلمّا وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد اللّه النيسابوري، وهو الوالي، فاستقبلني على فرسخين من المدينة، فدفعت إليه الكتاب، فقبّله ووضعه على عينيه، ثمّ قال لي: ما حاجتك؟

 فقلت: خراج عليّ في ديوانك.

 قال: فأمر بطرحه عنّي، وقال لي: لاتؤدّ خراجاً مادام لي عمل، ثمّ سألني عن عيالي، فأخبرته بمبلغهم، فأمر لي ولهم بما يقوتنا وفضلاً، فما أدّيت في عمله خراجاً مادام حيّاً، ولاقطع عنّي صلته حتّى مات(١١٦).

الخامس والعشرون إلى خيران الخادم:

 (٩٠٥) أبو عمرو الكشّي رحمه الله: محمد بن مسعود، قال: حدّثني سليمان بن حفص، عن أبي بصير حمّاد بن عبد اللّه القندي، عن إبراهيم بن مهزيار، قال: كتب إليه خيران(١١۷): قد وجّهت إليك ثمانية دراهم كانت أُهديت إليّ من طرسوس    (١١٨) دراهم منهم، وكرهت أن أردّها على صاحبها، أو أحدث فيها حدثاً دون أمرك، فهل تأمرني في قبول مثلها أم لا؟ لأعرفها إن‏شاءاللّه وانتهى إلى أمرك.

 فكتب، وقرأته: أقبل منهم إذا أُهدي إليك دراهم أو غيرها؛ فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يردّ هديّة على يهودي ولا نصراني .

 عن حمدويه وإبراهيم، قالا: حدّثنا محمد بن عيسى، قال حدّثني خيران الخادم، قال: وجّهت إلى سيّدي(١١٩) ثمانية دراهم، وذكر مثله سواء وقال: قلت: جعلت فداك! إنّه ربما أتاني الرجل لك قبله الحقّ، أو يعرف موضع الحقّ لك، فيسألني عمّا يعمل به، فيكون مذهبي أخذ ما يتبرّع في سرّ؟

 قال: اعمل في ذلك برأيك، فإنّ رأيك رأيي، ومن أطاعك فقد أطاعني.

 قال أبو عمرو: هذا يدلّ على أنه كان وكيله، ولخيران هذا مسائل يرويها عنه وعن أبي الحسن‏عليهما السلام(١٢٠).

 

 السادس والعشرون إلى داود بن القاسم:

 (٩٠٦) أحمد بن محمد بن عيسى ‏رحمه الله: علي [بن مهزيار] قال: قرأت في كتاب أبي جعفرعليه السلام إلى داود بن القاسم: إنّى جئت وحياتك(١٢١).

 

 السابع والعشرون إلى الريّان بن شبيب:

 (٩٠۷) الشيخ الطوسي رحمه الله: أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أحمد، قال: كتب إليه الريّان بن شبيب(١٢٢)، رجل أراد أن يزوّج مملوكته حرّاً يشترط عليه أنّه متى شاء فيفرّق بينهما. أيجوز ذلك له، جعلت فداك! أم لا؟

 فكتب عليه السلام: نعم! إذا جعل إليه الطلاق(١٢٣).

 

 الثامن والعشرون إلى زكريّا بن آدم:

  -١ أبو عمرو الكشّي ‏رحمه الله: ... أحمد بن محمد بن عيسى القميّ، قال: بعث إليّ أبو جعفرعليه السلام غلامه ومعه كتابه، فأمرني أن أصير إليه، فأتيته، ... .

 فقال: احمل كتابي إليه، ومره أن يبعث إليّ بالمال.

 فحملت كتابه إلى زكريّا ...(١٢٤).

 

 التاسع والعشرون إلى صهر بكر بن صالح:

 (٩٠٨) الشيخ المفيد رحمه الله: أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد القميّ ، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن العبّاس بن معروف، عن علي ابن مهزيار، عن بكر بن صالح، قال: كتب صهر لي إلى أبي جعفر الثاني صلوات اللّه عليه: إنّ أبي، ناصب، خبيث الرأي، وقد لقيت منه شدّة وجهداً، فرأيك جعلت فداك، في الدعاء لي، وما ترى جعلت فداك، أفترى أن اُكاشفه أم أُداريه؟

 فكتب عليه السلام: قد فهمت كتابك، وما ذكرت من أمر أبيك، ولست أدع الدعاء لك، إن‏شاءاللّه، والمداراة خير لك من المكاشفة، ومع العسر يسر، فاصبر فإنّ العاقبة للمتّقين، ثبّتك اللّه على ولاية من تولّيت، نحن وأنتم في وديعة اللّه الذي      (١٢٥) لا تضيع ودائعه.

 قال بكر: فعطف اللّه بقلب أبيه [عليه‏] حتّى صار لايخالفه في شي‏ء(١٢٦).

 

 الثلاثون إلى عبد الجبّار بن المبارك النهاوندي:

  -١ أبو عمرو الكشّي رحمه الله: ... عن عبد الجبّار بن المبارك النهاوندي، قال: ... قلت له: جعلت فداك! أُكتب لي عهدك.

 فقال ‏عليه السلام: تخرج إليك غداً.

 فخرج إليّ مع كتبي، كتاب فيه:

 بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

 هذا كتاب من محمد بن علي الهاشمي العلوي، لعبد اللّه بن المبارك فتاه، إنّي أُعتقك لوجه اللّه، والدار الآخرة، لاربّ لك إلّا اللّه، وليس عليك سبيل، وأنت مولاي، ومولى عقبي من بعدي.

 وكتب في المحرّم سنة ثلاث عشرة ومائتين، ووقّع فيه محمد بن علي بخطّ يده وختمه بخاتمه صلوات اللّه وسلامه عليه      (١٢۷).

 

 الحادي والثلاثون إلى عبد الرحمن بن أبي نجران:

 (٩٠٩) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: علي بن إبراهيم، عن العبّاس بن معروف، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام أو قلت له: جعلني اللّه فداك! نعبد الرحمن الرحيم، الواحد الأحد الصمد؟

 قال: فقال: إنّ من عبد الاسم، دون المسمّى بالأسماء، أشرك وكفر وجحد، ولم يعبد شيئاً، بل أعبد اللّه الواحد الأحد الصمد، المسمّى بهذه الأسماء، دون الأسماء، إنّ الأسماء صفات وصف بها نفسه(١٢٨).

 

 الثاني والثلاثون إلى عبد العزيز بن المهتدي القميّ الأشعري:

 (٩١٠) أبو عمرو الكشّي رحمه الله: محمد بن مسعود، قال: حدّثني علي بن محمد، قال: حدّثني أحمد بن محمد، عن عبد العزيز(١٢٩)، أو من رواه عنه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كتبت إليه: إنّ لك معي شيئا، فمرني بأمرك فيه إلى من أدفعه؟

 فكتب عليه السلام: إنّي قبضت ما في هذه الرقعة، والحمد للّه، وغفر اللّه ذنبك، ورحمنا وإيّاك، ورضي اللّه عنك برضاي عنك(١٣٠).

 (٩١١) الشيخ الطوسي رحمه الله: (عبد العزيز بن المهتدي القميّ الأشعري): خرج فيه عن أبي جعفرعليه السلام: قبضت، والحمدللّه، وقد عرفت الوجوه التي صارت إليك منها، غفر اللّه لك، ولهم الذنوب، ورحمنا وإيّاكم.

 وخرج فيه: غفر اللّه لك ذنبك، ورحمنا وإيّاك، ورضي عنك برضائي عنك(١٣١).

 

 (٩١٢) أبو عمرو الكشّي ‏رحمه الله: حمدويه بن نصير، قال حدّثني محمد بن إسماعيل الرازي، قال حدّثني عبد العزيز بن المهتدي، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام : ما تقول في يونس بن عبد الرحمن؟

 فكتب إليّ بخطّه: أحبّه وترحّم عليه وإن كان يخالفك أهل بلدك(١٣٢).

 

 الثالث والثلاثون إلى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني:

 (٩١٣) الراوندي رحمه الله: وعن ابن بابويه، حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقّاق، حدّثنا محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي، حدّثنا سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، قال: كتبت إلى أبي جعفر أعني محمد بن علي بن موسى‏عليهم السلام، أسأله عن ذي الكفل ما اسمه؟، وهل كان من المرسلين؟

 فكتب صلوات اللّه عليه: بعث اللّه تعالى جلّ ذكره مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرين ألف نبيّ، المرسلون منهم: ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً.

 وأنّ ذا الكفل منهم صلوات اللّه عليهم، وكان بعد سليمان بن داود، وكان يقضي بين الناس كما كان يقضي داود، ولم يغضب إلّا للّه عزّ وجّل.

 وكان اسمه عويديا، وهو الذي ذكره اللّه تعالى جلّت عظمته في كتابه حيث قال: «واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكلٌّ من الأخيار »(١٣٣)(١٣٤).

 (٩١٤) الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا علي بن أحمد بن محمد رضى الله عنه، قال: حدّثنا محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، قال: كتبت إلى أبي جعفر محمد بن علي بن موسى‏عليهم السلام أسأله عن علّة الغائط، ونتنه؟

 قال‏عليه السلام: إنّ اللّه عزّوجلّ خلق آدم عليه السلام، وكان جسده طيّباً، وبقي أربعين سنة ملقى تمرّ به الملائكة، فتقول: لأمر ما خلقت.

 وكان إبليس يدخل من فيه(١٣٥) ويخرج من دبره، فلذلك صار ما في جوف آدم منتناً خبيثاً غير طيّب(١٣٦).

 

 الرابع والثلاثون إلى عبد اللّه بن خالد بن نصر المدائني:

 (٩١٥) الشيخ الطوسي رحمه الله: أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار، قال: كتب إلى أبي جعفر عليه السلام عبد اللّه بن خالد بن نصر المدائني: أسألك، جعلت فداك! عن البازي إذا أمسك صيده، وقد سمّي عليه، فقتل الصيد، هل يحلّ أكله؟

 فكتب عليه السلام بخطّه وخاتمه: إذا سمّيته أكلته.

 وقال علي بن مهزيار: قرأته(١٣۷).

 

 الخامس والثلاثون إلى عبد اللّه بن الصلت القميّ، المكنّى بأبي طالب القميّ:

 (٩١٦) أبو عمرو الكشّي‏رحمه الله: محمد بن مسعود، قال: حدّثني حمدان بن أحمد النهدي، قال: حدّثنا أبو طالب القميّ، قال: كتبت إلى أبي جعفر بن الرضاعليهما السلام: فأذن لي أن أرثي أبا الحسن؟ أعني أباه.

 فكتب إليّ : اندُبني، وَاندُب أبي(١٣٨).

 (٩١۷) أبو عمرو الكشّي رحمه الله: علي بن محمد، قال: حدّثني محمد بن عبد الجبّار، عن أبي طالب القميّ، قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام بأبيات شعر، وذكرت فيها أباه، وسألته أن يأذن لي في أن أقول فيه؟

 فقطع الشعر وحبسه.

 وكتب في صدر ما بقى من القرطاس: قد أحسنت جزاك اللّه خيراً(١٣٩).

 

 السادس والثلاثون إلى عبيد اللّه بن محمد الرازي:

 (٩١٨) الشيخ الطوسي رحمه الله: الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، قال: كتب عبيد اللّه بن محمد الرازي      (١٤٠) إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: إن رأيت أن تفسّر لي الفقّاع(١٤١) فإنّه قد اشتبه علينا، أمكروه هو بعد غليانه أم قبله؟

 فكتب عليه السلام إليه: لاتقرب الفقّاع إلّا ما لم تضر آنيته، أو كان جديداً.

 فأعاد الكتاب إليه: إنّي كتبت أسأل عن الفقّاع مالم يغل؟

 فأتاني: أن أشربه ما كان في إناء جديد، أو غير ضار.

 ولم أعرف حدّ الضراوة(١٤٢)(١٤٣) والجديد، وسأل أن يفسّر ذلك له، وهل يجوز شرب ما يعمل في الغضارة والزجاج والخشب ونحوه من الأواني؟

 فكتب: يفعل الفقّاع في الزجاج، وفي الفخّار الجديد إلى قدر ثلاث عملات، ثمّ لا تعد منه بعد ثلاث عملات إلّا في إناء جديد، والخشب مثل ذلك(١٤٤).

 

 السابع والثلاثون إلى علي بن أسباط الكوفي:

 (٩١٩) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن علي بن مهزيار، قال: كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر عليه السلام في أمر بناته وأنّه لايجد أحداً مثله؟

 فكتب إليه أبو جعفرعليه السلام: فهمت ما ذكرت من أمر بناتك، وأنّك لاتجد أحداً مثلك، فلاتنظر في ذلك رحمك اللّه(١٤٥) فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه، فزوّجوه «إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»(١٤٦)(١٤۷).

 (٩٢٠) العلّامة المجلسي ‏رحمه الله: عن السيّد بن طاووس، بإسناده الصحيح إلى محمد بن يعقوب الكليني فيما صنّفه من كتاب «رسائل الأئمّة صلوات اللّه عليهم» فيما يختصّ بمولانا الجوادعليه السلام، فقال: ومن كتاب إلى علي بن أسباط:

 بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

 وفهمت ما استأمرت فيه من أمر ضيعتيك اللتين تعرّض لك السلطان فيهما، فاستخر اللّه مائة مرّة، خيرة في عافية، فاِنْ احلولى في قلبك بعد الاستخارة فبعهما، واستبدل ما غيرهما إن‏شاءاللّه.

 ولتكن الاستخارة بعد صلاتك ركعتين؛ ولاتكلّم أحداً بين أضعاف الاستخارة حتّى تتمّ مائة مرّة(١٤٨).

 

 الثامن والثلاثون إلى علي بن بلال:

 (٩٢١) الشيخ الطوسي رحمه الله: أخبرني الشيخ أيّده اللّه تعالى، عن أبي القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن علي بن محمد القاساني، عن محمد بن محمد، عن علي بن بلال(١٤٩).

 أنّه كتب إليه يسأله عن الجريدة، إذا لم نجد نجعل بدلها غيرها في موضع لايمكن النخل؟

 فكتب عليه السلام: يجوز إذا أُعوزت الجريدة، والجريدة أفضل(١٥٠).

 (٩٢٢) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن محمد بن عيسى، قال: حدّثني علي بن بلال، وأراني قد سمعته من علي بن بلال(١٥١)، قال: كتبت إليه: هل يجوز أن يكون الرجل في بلدة ورجل من إخوانه في بلدة أُخرى، يحتاج، أن يوجّه له فطرة أم لا؟

 فكتب عليه السلام: تقسم الفطرة على من حضرها، ولاتوجّه ذلك(١٥٢)، إلى بلدة اخرى وإن لم تجد موافقاً(١٥٣).

 

 (٩٢٣) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن علي بن بلال

(١٥٤)، قال: كتبت إليه أسأله هل يجوز أن أدفع زكاة المال والصدقة إلى محتاج غير أصحابي؟

 فكتب عليه السلام: لاتعط الصدقة والزكاة إلّا لأصحابك(١٥٥).

 (٩٢٤) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن أبي الحسن علي بن بلال(١٥٦)، قال: كتبت إليه في قضاء النافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ومن بعد العصر إلى أن تغيب الشمس؟

 فكتب عليه السلام: لايجوز ذلك إلّا للمقتضي، فامّا لغيره فلا.

 وقد روي رخصة في الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها(١٥۷).

   

 التاسع والثلاثون إلى علي بن حديد:

 (٩٢٥) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ وأحمد بن محمد جميعاً، عن علي بن مهزيار، عن علي بن حديد، قال: كنت مقيماً بالمدينة في شهر رمضان، سنة ثلاث عشرة ومائتين، فلمّا قرب الفطر، كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام أسأله عن الخروج في عمرة شهر رمضان أفضل، أو أُقيم حتّى ينقضي الشهر وأُتمّ صومي؟

 فكتب إليّ كتاباً قرأته بخطّه: سألت رحمك اللّه عن أيّ العمرة أفضل؟ عمرة شهر رمضان أفضل يرحمك اللّه(١٥٨).

 

 الأربعون إلى علي بن محمد الحصيني:

 (٩٢٦) الشيخ الطوسي رحمه الله: أخبرني جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن الحسن بن هارون الحارثي، المعروف بابن هرونا، قال: أخبرني إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه، قال: كتب علي بن محمد الحصيني إلى أبي جعفر الثاني‏عليه السلام يسأله عن الفقّاع، وكتب: إنّي شيخ كبير، وهو يحطّ عنّي طعامي، ويمرى‏ء (تمرء) لي، فما ترى لي فيه؟

 فكتب إليه: لابأس بالفقّاع إذا عمل أوّل عمله أو الثانية، في أواني الزجاج والفخار، فأمّا إذا ضري عليه الإناء، فلاتقربه.

 قال علي: فأقرأني الكتاب، وقال: لست أعرف ضراوة الإناء، فأعاد الكتاب إليه: جعلت فداك! لست أعرف حدّ ضراوة الإناء، فاشرح لي من ذلك شرحاً بيّناً أعمل به.

 فكتب إليه: إنّ الإناء إذا عمل به ثلاث عملات، أو أربعة ضري(١٥٩) عليه فأغلاه، فإذا غلا حرم، فإذا حرم فلا يتعرّض له   (١٦٠).

 

 الحادي والأربعون إلى علي بن محمد بن سليمان النوفلي:

 (٩٢۷) الشيخ الصدوق رحمه الله: وروى محمد بن علي بن محبوب، عن موسى ابن جعفر البغدادي، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي، قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أسأله عن أرض أوقفها جدّي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان، الرجل الذي يجمع القبيلة، وهم كثير متفرّقون في البلاد، وفي ولد الموقف حاجة شديدة، فسألوني أن أخصّهم بها دون سائر ولد الرجل الذي يجمع القبيلة؟

 فأجاب عليه السلام: ذكرت الأرض التي أوقفها جدّك على فقراء(١٦١) ولد فلان، وهي لمن حضر البلد الذي فيه الوقف وليس لك أن تبتغي(١٦٢) من كان غائباً(١٦٣).

 

 الثاني والأربعون إلى علي بن مهزيار:

 (٩٢٨) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن علي بن مهزيار(١٦٤)، قال: كتبت إليه: امرأة طهرت من حيضها، أو من دم نفاسها في أوّل يوم من شهر رمضان، ثمّ استحاضت، فصلّت، وصامت شهر رمضان كلّه من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكلّ صلاتين. فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟

 فكتب عليه السلام: تقضي صومها(١٦٥)، ولاتقضي صلاتها، إنّ(١٦٦) رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر فاطمة صلوات اللّه عليها(١٦۷) والمؤمنات من نسائه بذلك(١٦٨).

 (٩٢٩) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن علي بن مهزيار(١٦٩)، قال: قلت: روى بعض مواليك عن آبائك عليهم السلام: أنّ كلّ وقف إلى وقت معلوم، فهو واجب على الورثة، وكلّ وقف إلى غير وقت معلوم جهل مجهول، باطل(١۷٠) مردود على الورثة، وأنت أعلم بقول آبائك؟

 فكتب عليه السلام: هو(١۷١) عندي كذا(١۷٢).

 

 (٩٣٠) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن علي بن مهزيار، قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام، أُعلمه أنّ إسحاق بن إبراهيم وقف ضيعة على الحجّ، وأُمّ ولده، وما فضل عنها للفقراء، وأنّ محمد بن إبراهيم أشهدني على نفسه، بمال ليفرّق على إخواننا، وأنّ في بني هاشم من يعرف حقّه، يقول بقولنا ممّن هو محتاج.

 فترى أن أصرف ذلك إليهم إذا كان سبيله سبيل الصدقة، لأنّ وقف إسحاق إنّما هو صدقة؟

 فكتب عليه السلام: فهمت، يرحمك اللّه ما ذكرت من وصيّة إسحاق بن إبراهيم‏رضى الله عنه: وما أشهد لك بذلك محمد بن إبراهيم رضى الله عنه وما استأمرت فيه من إيصالك بعض ذلك إلى من له ميل ومودّة من بني هاشم، ممّن هو مستحقّ فقير.

 فأوصل ذلك إليهم يرحمك اللّه، فهم إذا صاروا إلى هذه الخطّة، أحقّ به من غيرهم لمعني لوفسّرته لك لعلمته إن‏شاءاللّه      (١۷٣).

 

 (٩٣١) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعاً عن علي بن مهزيار، قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام: إنّ فلاناً ابتاع ضيعة فوقفها، وجعل لك في الوقف الخمس، ويسأل عن رأيك في بيع حصّتك من الأرض، أو يقوّمها على نفسه بما اشتراها به، أو يدعها موقوفة؟

 فكتب عليه السلام إليّ: أعلم فلاناً: أنّي آمره ببيع حقّي(١۷٤) من الضيعة، وإيصال ثمن ذلك إليّ، وإنّ ذلك رأيي إن‏شاءاللّه، أو يقوّمها على نفسه إن كان ذلك أوفق له(١۷٥).

 وكتبت إليه: أنّ الرجل ذكر، أنّ بين من وقف بقيّة هذه الضيعة عليهم اختلافاً شديداً، وأنّه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده، فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف، ويدفع إلى كلّ إنسان منهم ما كان وقف له من ذلك أمرته؟

 فكتب بخطّه إليّ: وأعلمه: أنّ رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن يبيع الوقف أمثل(١۷٦)، فإنّه ربّما جاء في الاختلاف، ما فيه تلف الأموال والنفوس(١۷۷).

 (٩٣٢) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن علي بن مهزيار، قال: كتب محمد بن حمزة الغنوي(١۷٨) إليّ، يسألني أن أكتب إلى أبي جعفر عليه السلام في دعاء يعلّمه، يرجو به الفرج.

 فكتب إليّ: أمّا ما سأل(١۷٩) محمد بن حمزة، من تعليمه دعاء، يرجو به الفرج، فقل له يلزم: «يا من يكفي من كلّ شي‏ء، ولايكفي منه شي‏ء، اكفني ما أهمّني ممّا أنا فيه».

 فإنّي أرجو أن يكفي ما هو فيه من الغمّ إن‏شاءاللّه تعالى.

 فأعلمته ذلك، فما أتى عليه إلّا قليل، حتّى خرج من الحبس(١٨٠).

 (٩٣٣) الشيخ الصدوق رحمه الله: أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار، قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام وشكوت إليه كثرة الزلازل في الأهواز: ترى لنا التحوّل عنها؟

 فكتب‏عليه السلام: لاتتحوّلوا(١٨١) عنها، وصوموا الأربعاء، والخميس، والجمعة، واغتسلوا، وطهّروا ثيابكم، وابرزوا يوم الجمعة، وادعوا اللّه، فإنّه يرفع(١٨٢) عنكم.

 قال: ففعلنا، فسكنت الزلازل.

 قال: ومن كان منكم مذنب، فيتوب إلى اللّه سبحانه وتعالى، ودعا لهم بخير(١٨٣).

 (٩٣٤) الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار، عن العبّاس بن المعروف، عن علي بن مهزيار، قال: كتبت إلى أبى جعفر، محمد بن علي بن موسى الرضاعليهم السلام: جعلت فداك! أُصلّي خلف من يقول بالجسم؟

 ومن يقول بقول يونس يعني: ابن عبد الرحمن؟

 فكتب عليه السلام: لاتصلّوا خلفهم؛ ولاتعطوهم من الزكاة، وابرؤا منهم برء اللّه منهم (١٨٤).

 

 (٩٣٥) العيّاشي رحمه الله: أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار، قال: كتب إليّ أبو جعفر عليه السلام أن سل(١٨٥) فلاناً أن يشير عليّ، ويتخيّر لنفسه، فهو يعلم ما(١٨٦) يجوز في بلده، وكيف يعامل السلاطين، فإنّ المشورة مباركة.

 قال اللّه لنبيّه، في محكم كتابه: «فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في‏الأمر فإذا عزمت فتوكّل على اللّه إنّ اللّه يحبّ المتوكّلين» (١٨۷).

 فإن كان ما يقول، ممّا يجوز كنت(١٨٨) أُصوّب رأيه، وإن كان غير ذلك، رجوت أن أضعه على الطريق الواضح، إن‏شاءاللّه

 «وشاورهم في الأمر»، قال: يعني الاستخارة(١٨٩).

 (٩٣٦) الشيخ الطوسي رحمه الله: ما رواه محمد بن الحسن الصفّار، عن أحمد ابن محمد؛ وعبد اللّه بن محمد، عن علي بن مهزيار، قال(١٩٠).

 كتب إليه أبو جعفرعليه السلام، وقرأت أنا كتابه إليه، في طريق مكّة، قال: إنّ الذي أوجبت في سنتي هذه، وهذه سنة عشرين ومائتين فقطّ، لمعنى من المعاني، أكره تفسير المعني كلّه، خوفاً من الانتشار، وسأُفسّر لك بقيّته إن‏شاءاللّه: إنّ موالي أسأل اللّه صلاحهم، أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم، فعلمت ذلك، فأحببت أن أُطهّرهم، وأُزكّيهم، بما فعلت في عامي هذا من الخمس.

 قال اللّه تعالى: «خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها وصلّ عليهم إنّ صلوتك سكن لهم واللّه سميع عليم * ألم يعلموا(١٩١) أنّ اللّه هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأنّ اللّه هو التوّاب الرحيم * وقل اعملوا فسيرى اللّه عملكم ورسوله والمؤمنون وستردّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبّئكم بما كنتم تعملون»(١٩٢).

 ولم أُوجب ذلك عليهم في كلّ عام. ولا أُوجب عليهم إلّا الزكاة التي فرضها اللّه عليهم.

 وإنّما أُوجب(١٩٣) عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضّة التي قد حال عليها الحول، ولم أُوجب عليهم ذلك في متاع، ولا آنية، ولا دوّاب، ولاخدم، ولاربح ربحه في تجارة، ولاضيعة إلّا ضيعة سأُفسّر لك أمرها، تخفيفاً منّي عن مواليّ، ومنّاً منّي عليهم، لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم.

 فأمّا الغنائم والفوائد: فهي واجبة عليهم في كلّ عام، قال اللّه تعالى: «واعلموا أنّما غنمتم من شي‏ء فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم باللّه وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان واللّه على كلّ شي‏ءٍ قدير»(١٩٤).

 والغنائم والفوائد، يرحمك اللّه، فهي الغنيمة يغنمها المرء، والفائدة يفيدها، والجائزة من الإنسان التي لها خطر، والميراث الذي لايحتسب من غير أب، ولا ابن، ومثل عدوّ يصطلم(١٩٥) فيؤخذ ماله، ومثل المال يؤخذ ولايعرف له صاحب، وما صار إلى مواليّ من أموال الخرّميّة(١٩٦) الفسقة، فقد علمت، أنّ أموالاً عظاماً صارت إلى قوم من مواليّ.

 فمن كان عنده شي‏ء من ذلك، فليوصل إلى وكيلي.

 ومن كان نائياً بعيد الشقّة، فليتعمّد لايصاله ولو بعد حين، فإنّ نيّة المؤمن خير من عمله.

 فأمّا الذي أوجب من الضياع، والغلّات في كلّ عام فهو نصف السدس ممّن كانت ضيعته تقوم بمؤونته.

 ومن كانت ضيعته لاتقوم بمؤنته، فليس عليه نصف سدس ولاغير ذلك(١٩۷).

  -١٠(٩٣۷) الشيخ الطوسي رحمه الله: مارواه علي بن مهزيار(١٩٨)، قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: الرواية قد اختلفت عن آبائك عليهم السلام في الإتمام، والتقصير، للصلاة في الحرمين: فمنها أن يأمر بتتميم الصلاة، ولو صلاة واحدة، ومنها أن يأمر بقصر الصلاة ما لم ينو مقام عشرة أيّام.

 ولم أزل على الإتمام فيهما إلى أن صدرنا من حجّنا في عامنا هذا، فإنّ فقهاء أصحابنا أشاروا عليّ بالتقصير، إذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيّام، وقد ضقت بذلك حتّى أعرف رأيك؟

 فكتب بخطّه: قد علمت يرحمك اللّه فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا أُحبّ لك إذ(١٩٩) دخلتهما أن لاتقصّر، وتكثر فيهما من الصلاة.

 فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة: إنّي كتبت إليك بكذا، وأجبت بكذا؟

 فقال: نعم!

 فقلت: أيّ شي‏ء تعني بالحرمين؟

 فقال: مكّة، والمدينة، ومتى إذا توجّهت من منى فقصّر الصلاة، فإذا انصرفت من عرفات إلى منى وزرت البيت ورجعت إلى منى، فأتمّ الصلاة تلك الثلاثة أيّام، وقال: بإصبعه ثلاثاً (٢٠٠).

 

  -١١(٩٣٨) أبو عمرو الكشّي رحمه الله: محمد بن مسعود، قال: حدّثني علي بن محمد، قال: حدّثني محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار: وفي كتاب لأبي جعفر عليه السلام إليه ببغداد: قد وصل إليّ كتابك، وقد فهمت ما ذكرت فيه، وملأتني سروراً، فسرّك اللّه !

 وأنا أرجو من الكافي الدافع، أن يكفي كيد كلّ كائد، إن‏شاءاللّه تعالى(٢٠١).

  -١٢(٩٣٩) أبو عمرو الكشّي رحمه الله: محمد بن مسعود، قال: حدّثني علي بن محمد، قال: حدّثني محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار: في كتاب آخر [لأبي جعفر عليه السلام إليه‏]: وقد فهمت ما ذكرت من أمر القميّين، خلّصهم اللّه، وفرّج عنهم، وسررتني بما ذكرت من ذلك، ولم تزل تفعل.

 سرّك اللّه بالجنّة، ورضي عنك برضائي عنك، وأنا أرجو من اللّه حسن العون والرأفة، وأقول: حسبنا اللّه ونعم الوكيل      (٢٠٢).  

  -١٣(٩٤٠) أبو عمرو الكشّي رحمه الله: محمد بن مسعود، قال: حدّثني علي بن محمد، قال: حدّثني محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار:

 وفي كتاب آخر [لأبي جعفر عليه السلام اليه‏] بالمدينة: فاشخص إلى منزلك، صيّرك اللّه إلى خير منزل في دنياك وآخرتك     (٢٠٣).

  -١٤(٩٤١) أبو عمرو الكشّي ‏رحمه الله: محمد بن مسعود، قال: حدّثني علي بن محمد، قال: حدّثني محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار:

 في كتاب آخر [لأبي جعفرعليه السلام إليه‏]: وأسأل اللّه أن يحفظك من بين يديك، ومن خلفك وفي كلّ حالاتك، فابشر، فإنّي أرجو أن يدفع اللّه عنك.

 وأسأل اللّه أن يجعل لك الخيرة فيما عزم لك به عليه من الشخوص في يوم الأحد، فأخّر ذلك إلى يوم الإثنين إن‏شاءاللّه، صحبك اللّه في سفرك وخلفك في أهلك، وأدّى غيبتك وسلمت بقدرته(٢٠٤).

 

  -١٥(٩٤٢) أبو عمرو الكشّي ‏رحمه الله: محمد بن مسعود، قال: حدّثني علي بن محمد قال: حدّثني محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار: وكتبت إليه

(٢٠٥) أسأله التوسّع عليّ، والتحليل لما في يديّ؟

 فكتب [أبو جعفر عليه السلام‏]: وسّع اللّه عليك ولمن سألت به التوسعة من أهلك ولأهل بيتك؛ ولك يا علي! عندي من أكثر التوسعة، وأنا أسأل اللّه أن يصحبك بالعافية، ويقدمك على العافية، ويسترك بالعافية، إنّه سميع الدعاء.

 وسألته الدعاء؟

 فكتب إلي: وأمّا ما سألت من الدعاء، فإنّك بعد لست تدري كيف جعلك اللّه عندي، وربّما سمّيتك باسمك ونسبك، كثرة عنايتي بك، ومحبّتي لك، ومعرفتي بما أنت إليه، فأدام اللّه لك أفضل ما رزقك من ذلك، ورضي عنك برضائي عنك، وبلّغك أفضل نيّتك، وأنزلك الفردوس الأعلى، برحمته، إنّه سميع الدعاء، حفظك اللّه وتولاّك، ودفع الشرّ عنك، برحمته، وكتبت بخطّي     (٢٠٦).

 

  -١٦(٩٤٣) الشيخ الطوسي رحمه الله: أخبرني جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد ابن علي الرازي، عن الحسين بن علي، عن أبي الحسن البلخي، عن أحمد مابندار الأسكافي، عن العلاء النداري، عن الحسن بن شمون، قال: قرأت هذه الرسالة على علي بن مهزيار، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام بخطّه:

 بسم اللّه الرحمن الرحيم، يا علي! أحسن اللّه جزاك، وأسكنك جنّته، ومنعك من الخزي في الدنيا والآخرة، وحشرك اللّه معنا.

 يا علي! قد بلوتك وخبّرتك في النصيحة والطاعة والخدمة والتوقير والقيام بما يجب عليك، فلو قلت: إنّي لم أر مثلك لرجوت أن أكون صادقاً، فجزاك اللّه جنّات الفردوس نزلاً.

 فما خفي علي مقامك، ولا خدمتك في الحرّ والبرد، في اللّيل والنهار. فأسأل اللّه - إذا جمع الخلائق للقيامة - أن يحبوك برحمة تغتبط بها، إنّه سميع الدعاء(٢٠۷).

  -١۷(٩٤٤) محمد بن يعقوب الكليني ‏رحمه الله: غير واحد من أصحابنا، عن سهل ابن زياد، عن علي بن مهزيار(٢٠٨)، قال: كتبت إليه، أسأله عن رجل عليه مهر امرأته لاتطلبه منه، إمّا لرفق بزوجها، وإمّا حياء، فمكث بذلك على الرجل عمره وعمرها، يجب عليه زكاة ذلك المهر أم لا؟

 فكتب‏عليه السلام: لايجب عليه الزكاة إلّا في ماله(٢٠٩).

  -١٨ (٩٤٥)محمد بن يعقوب الكليني ‏رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن مهزيار(٢١٠)، قال: كتبت إليه: الرجل يحجّ عن الناصب، هل عليه إثم إذا حجّ عن الناصب؟ وهل ينفع ذلك الناصب أم لا؟

 فكتب‏ عليه السلام: لايحجّ عن الناصب، ولايحجّ به(٢١١).

 

  -١٩(٩٤٦) محمد بن يعقوب الكليني ‏رحمه الله: محمد بن الحسين، وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن مهزيار(٢١٢)، قال: كتبت إليه: يا سيّدي! رجل دفع إليه مال يحجّ به، هل عليه في ذلك المال حين يصير إليه الخمس أو على ما فضل في يده بعد الحجّ؟

 فكتب ‏عليه السلام: ليس عليه الخمس(٢١٣).

  -٢٠(٩٤۷) محمد بن يعقوب الكليني‏ رحمه الله: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار(٢١٤)، قال: كتبت إليه أسأله عن المملوك يحضره الموت فيعتقه المولى في تلك الساعة فيخرج من الدنيا حرّاً.

 فهل لمولاه في ذلك أجرٌ؟ أو يتركه فيكون له أجره إذا مات وهو مملوك؟

 فكتب‏ عليه السلام إليه: يترك العبد مملوكاً في حال موته فهو أجر لمولاه، وهذا عتق في هذه الساعة ليس بنافع له(٢١٥).

 

  -٢١(٩٤٨) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار(٢١٦)، قال: سألته عن رجل له امرأة لم يكن له منها ولد، وله ولد من غيرها، فأحبّ أن لايجعل لها في ماله نصيباً، فأشهد بكلّ شي‏ء له في حياته وصحّته لولده دونها، وأقامت معه بعد ذلك سنين، أيحلّ له ذلك إذا لم يعلمها ولم يتحلّلها؟

 وأنّ ما عمل به على أنّ المال له يصنع فيه ما شاء في حياته وصحّته؟

 فكتب‏عليه السلام: حقّها واجب، فينبغي أن يتحلّلها(٢١۷).

 

  -٢٢ محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: ... إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أقرأني علي بن مهزيار كتاب أبيك [أي الجوادعليهما السلام‏] فيما أوجبه على أصحاب الضياع ...(٢١٨).

 

 الثالث والأربعون إلى علي بن ميسّر:

 (٩٤٩) الشيخ الصدوق رحمه الله:

 وكتب علي بن ميسّر إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان، ثمّ حضر الموسم، أيحجّ مفرداً للحجّ، أو يتمتّع، أيّهما أفضل؟

 فكتب عليه السلام: يتمتّع(٢١٩)(٢٢٠).

 

 الرابع والأربعون إلى عمرو بن سعيد الساباطي:

 (٩٥٠) الشيخ الصدوق رحمه الله: كتب عمرو بن سعيد الساباطي إلى أبي جعفرعليه السلام يسأله عن رجل، أوصى إليه رجل أن يحجّ عنه ثلاثة رجال، فيحلّ له أن يأخذ لنفسه حجّة منها؟

 فوقّع ‏عليه السلام بخطّه، وقرأته: حجّ عنه إن‏شاءاللّه تعالى، فإنّ لك مثل أجره، ولاينقص من أجره شى‏ء إن‏شاءاللّه تعالى    (٢٢١).

 

 الخامس والأربعون إلى فرّوخ بن زاذان:

 (٩٥١) البرقي رحمه الله: عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن أبي عاصم، عن هشام بن ماهويه المداري، عن الوليد بن أبان الرازي، قال: كتب ابن زاذان فرّوخ(٢٢٢) إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام يسأله عن الرجل يركض في الصيد، لايريد بذلك طلب الصيد، وإنّما يريد بذلك التصحّح؟

 قال عليه السلام:لا بأس بذلك، لا للّهو(٢٢٣)(٢٢٤).

 

 السادس والأربعون إلى القاسم الصيقل:

 (٩٥٢) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن محمد بن عيسى، عن القاسم الصيقل(٢٢٥)، قال: كتبت إليه: جعلت فداك! هل اغتسل أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه حين غسّل رسول اللّه‏صلى الله عليه وآله وسلم عند موته؟

 فأجابه‏ عليه السلام: النبي‏صلى الله عليه وآله وسلم طاهر مطهّر، ولكن أمير المؤمنين ‏عليه السلام فعل وجرت به السنّة     (٢٢٦).

 

 (٩٥٣)الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: أخبرني الشيخ رحمه الله عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن الصفّار، عن محمد بن عيسى، عن القاسم الصيقل(٢٢۷)، إنّه كتب إليه: ياسيّدي! رجل نذر أن يصوم يوماً للّه، فوقع في ذلك اليوم على أهله، ما عليه من الكفّارة؟

 فأجابه ‏عليه السلام: يصوم يوماً بدل يوم، وتحرير رقبة مؤمنة(٢٢٨).

 

 (٩٥٤) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: الحسين بن محمد، عن معلّي بن محمد، عن محمد بن عبد اللّه الواسطي، عن القاسم الصيقل، قال: كتبت إلى الرضاعليه السلام: إنّي أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة، فيصيب ثيابي فاُصلّي فيها.

 فكتب عليه السلام إليّ: اتّخذ ثوباً لصلاتك.

 فكتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: كنت كتبت إلى أبيك عليه السلام بكذا وكذا، فصعب عليّ ذلك، فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشيّة الذكيّة.

 فكتب عليه السلام إليّ: كل أعمال البرّ بالصبر يرحمك اللّه، فإن كان ما تعمل وحشيّاً ذكيّاً، فلابأس(٢٢٩).

 

 (٩٥٥) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن القاسم بن أبي القاسم الصيقل(٢٣٠)، قال: كتب إليه: يا سيّدي! رجل نذر أن يصوم كلّ جمعة دائماً ما بقي، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر، أو أضحى أو أيّام التشريق، أو سفر، أو مرض، هل عليه صوم ذلك اليوم؟ أو قضاؤه؟ أو كيف يصنع يا سيّدي!؟

 فكتب‏عليه السلام إليه: قد وضع اللّه عنك الصيام في هذه الأيّام كلّها، وتصوم يوماً بدل يوم إن‏شاءاللّه تعالى(٢٣١).

 

 السابع والأربعون إلى مأمون العبّاسي:

 (٩٥٦) السيّد بن طاووس ‏رحمه الله قال: رويناه باسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه‏رحمه الله عن إبراهيم بن محمد ابن الحارث النوفلي، قال: حدّثنا أبي وكان خادماً لمحمد بن علي الجواد عليهما السلام:

 لمّا زوّج المأمون أبا جعفر محمد بن علي ابن موسى عليهم السلام ابنته، كتب إليه: إنّ لكلّ زوجة صداقاً من مال زوجها، وقد جعل اللّه أموالنا في الآخرة، مؤجّلةً مذخورة هناك، كما جعل أموالكم معجّلة في الدنيا وكثر ههنا.

 وقد أمهرت ابنتك: الوسائل إلى المسائل. وهي مناجاة دفعها إليَّ أبي.

 قال: دفعها إليَّ أبي، موسى، قال: دفعها إليَّ أبي، جعفر، قال: دفعها إليَّ محمد، أبي، قال: دفعها إليَّ علي بن الحسين، أبي؛ قال: دفعها إليَّ الحسين، أبي، قال: دفعها إليَّ الحسن، أخي؛ قال: دفعها إليَّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه؛ قال: دفعها إليَّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، قال: دفعها إليَّ جبرائيل عليه السلام، قال: يا محمد! ربّ العزّة يقرئك السلام، ويقول لك: هذه مفاتيح كنوز الدنيا والآخرة، فاجعلها وسائلك إلى مسائلك، تصل إلى بغيتك، وتنجح في طلبتك، فلا تؤثرها في حوائج الدنيا، فتبخس بها الحظّ من آخرتك.

 وهي عشر(٢٣٢) وسائل تطرق بها أبواب الرغبات فتفتح، وتطلب بها الحاجات فتنجح، وهذه نسختها:

    المناجاة للاستخارة

 « اللهمّ! إنّ خيرتك فيما استخرتك فيه تنيل الرغائب، وتجزل المواهب، وتغنم المطالب، وتطيّب المكاسب، وتهدي إلى أجمل المذاهب، وتسوق إلى أحمد العواقب، وتقي مخوف النوائب.

 اللهمّ! إنّي أستخيرك فيما عزم رأيي عليه، وقادني عقلي إليه، فسهّل اللهمّ فيه ماتوعّر(٢٣٣)، ويسّر منه ما تعسّر، واكفني فيه المهمّ، وادفع به عنّي كلّ ملمّ(٢٣٤)

 واجعل ياربّ عواقبه غنماً، ومخوفه سلماً، وبعده قرباً، وجدبه(٢٣٥) خصباً(٢٣٦).

 وأرسل اللهمّ اجابتي، وأنجح طلبتي، واقض حاجتي، واقطع عنّي عوائقها(٢٣۷)، وامنع عنّي بوائقها(٢٣٨)، وأعطني اللهمّ لواء الظفر والخيرة فيما استخرتك، ووفور المغنم فيما دعوتك، وعوائد الإفضال فيما رجوتك.

 وأقرنه اللهمّ بالنجاح، وخصّه [وحطّه خ ل‏] بالصلاح، وأرني أسباب الخيرة فيه واضحة، وأعلام غنمها لائحة، واشدد خناق تعسيرها، وانعش صريخ تكسيرها.

 وبيّن اللهمّ ملتبسها، وأطلق محتبسها، ومكّن أسّها حتّى تكون خيرة مقبلة بالغنم مزيلةً للغرم، عاجلة للنفع، باقية الصنع، إنّك ملي‏ء بالمزيد، مبتدئ بالجود».

 

    المناجاة بالاستقالة

« اللهمّ! إنّ الرجاء لسعة رحمتك أنطقني باستقالتك، والأمل لأناتك ورفقك شجّعني على طلب أمانك وعفوك.

 ولي ياربّ ذنوب قد واجهتها أوجه الانتقام، وخطايا قد لاحظتها أعين الاصطلام(٢٣٩)، واستوجبت بها على عدلك أليم العذاب، واستحققت باجتراحها مُبير(٢٤٠) العقاب، وخفت تعويقها لاجابتي، وردّها إيّاي عن قضاء حاجتي، بإبطالها لطلبتي، وقطعها لأسباب رغبتي، من أجل ما قد أنقض ظهري من ثقلها، وبهظني(٢٤١) من الاستقلال بحملها، ثمّ تراجعت ربّ إلى حلمك عن الخاطئين، وعفوك عن المذنبين، ورحمتك للعاصين، فأقبلت بثقتي متوكّلاً عليك، طارحاً نفسي بين يديك، شاكياً بثّي إليك، سائلاً ما لا أستوجبه من تفريج الهمّ، ولا أستحقّه من تنفيس الغمّ، مستقيلاً لك إيّاي، واثقاً مولاي بك.

 اللهمّ! فامنن عليَّ بالفرج، وتطوّل بسهولة المخرج، وادللني برأفتك على سمت المنهج، وأزلقني بقدرتك عن الطريق الأعوج، وخلّصني من سجن الكرب بإقالتك، وأطلق أسري برحمتك، وطل عليّ برضوانك، وجد عليّ بإحسانك، وأقلني عثرتي، وفرّج كربتي، وارحم عبرتي، ولاتحجب دعوتي، واشدد بالإقالة أزرى، وقوّ بها ظهري، وأصلح بها أمري، وأطل بها عمري، وارحمني يوم حشري، ووقت نشري، إنّك جواد كريم، غفور رحيم».

 

    المناجاة بالسفر:

 « اللهمّ! إنّي أريد سفراً فخر لي فيه، وأوضح لي فيه سبيل الرأي، وفهّمنيه، وافتح عزمي بالاستقامة، واشملني في سفري بالسلامة، وأفدني جزيل الحظّ والكرامة، واكلأني بحسن الحفظ والحراسة.

 وجنّبني اللهمّ وعثاء(٢٤٢) الأسفار، وسهّل لي حزونة الأوعار، واطو لي بساط المراحل، وقرّب منّي بعد نأي المناهل(٢٤٣)، وباعدني في المسير بين خطى الرواحل، حتّى تقرّب نياط(٢٤٤) البعيد، وتسهّل وعور الشديد.

 ولقّني اللهمّ في سفري نجح طائر الواقية، وهبني فيه غنم العافية، وخفير(٢٤٥) الاستقلال، ودليل مجاوزة الأهوال، وباعث وفور الكفاية، وسانح خفير الولاية، واجعله اللهمّ سبب عظيم السلم، حاصل الغنم.

 واجعل الليل عليّ ستراً من الآفات، والنهار مانعاً من الهلكات، واقطع عنّي قطع لصوصه بقدرتك، واحرسني من وحوشه بقوّتك، حتّى تكون السلامة فيه مصاحبتي، والعافية فيه مقارنتي، واليمن سائقي، واليسر معانقي، والعسر مفارقي، والفوز موافقي والأمن مرافقي، إنّك ذو الطول والمنّ، والقوّة والحول، وأنت على كلّ شي‏ء قدير، وبعبادك بصير خبير ».

 

    المناجاة في طلب الرزق‏

 « اللهمّ! أرسِل عليَّ سِجالَ(٢٤٦) رزقك مدراراً، وأمطر عَليَّ سحائبَ إفضالِكَ غِزاراً، وأدِم غيثَ نيلك إليّ سِجالاً، وأسبل مزيد نعمك على خلّتي إسبالاً، وأفقِرني بِجودِك إليك، وأغنِني عمّن يطلب ما لديك، وداو داء فقري بدواء فضلك، وانعش صرعة عَيلَتي بطَولك، وتصدّق على إقلالي بكثرة عطائك، وعلى اختلالي بكريم حبائك، وسهّل ربّ سبيل الرزق إليّ، وثبّت قواعده لديّ، وبجّس(٢٤۷) لي عيون سعته برحمتك، وفجّر أنهار رغد العيش قبلي برأفتك، وأجدب أرض فقري، وأخصب جدب ضرّي، واصرف عنّي في الرزق العوائق، واقطع عنّي من الضيق العلائق.

 وارمني من سعة الرزق اللهمّ بأخصب سهامه، واحْبُني من رغد العيش بأكثر دوامه، واكسُني اللهمّ سرابيل السعة، وجلابيب  (٢٤٨) الدعة.

 فإنّي ياربّ منتظرٌ لإنعامك بحذف المضيق، ولتطوّلك بقطع التعويق، ولتفضّلك بإزالة التقتير(٢٤٩)، ولوصول حبلي بكرمك بالتيسير.

 وأمطر اللهمّ عليّ سماء رزقك بسجال الديم، وأغنني عن خلقك بعوائد النعم، وارم مقاتل الاقتار منّي، واحمل كشف الضرّ عنّي على مطايا الإعجال؛ واضرب عنّي الضيق بسيف الاستيصال، وأتحفني ربّ منك بسعة الإفضال، وامددني بنموّ الأموال، واحرسني من ضيق الإقلال.

 واقبض عنّي سوء الجدب، وابسط لي بساط الخصب، واسقني من ماء رزقك غدقاً (٢٥٠)، وانهج لي من عميم بذلك طُرُقاً، وفاجئني بالثروة والمال، وانعشني به من الإقلال، وصبّحني بالاستظهار، ومسّني بالتمكّن من اليسار، إنّك ذو الطول العظيم، والفضل العميم، والمنّ الجسيم، وأنت الجواد الكريم».

 

    المناجاة بالاستعاذة

 « اللهمّ! إنّي أعوذ بك من ملمّات نوازل البلاء، وأهوال عظائم الضرّاء؛ فأعذني ربّ من صرعة البأساء، واحجبني من سطوات البلاء؛ ونجّني من مُفاجاة النقم، وأجرني من زوال النعم ومن زلل القدم. واجعلني اللهمّ في حياطة عزّك، وحفاظ حرزك من مباغتة الدوائر(٢٥١) ومعاجلة البوادر(٢٥٢).

 اللهمّ ربّ و أرْضَ البلاء فاخسفها، وعرصة المحنِ فارجِفها، وشمس النوائب فاكسفها، وجبال السوء فانسِفها، وكُرَبَ الدهر فاكشفها، وعوائق الاُمور فاصرِفها، وأورِدني حياض السلامة، واحمِلني على مطايا الكرامة، واصحبني بإقالة العثرة، واشملني بسترِ العورة.

 وجُد عليّ ياربّ بآلائك، وكَشف بلائك، ودفع ضرّائك، وارفع كلاكِلَ(٢٥٣) عذابك، واصرِف عنّي أليم عقابك، وأعذني من بوائق الدهور، وأنقذني من‏سوء عواقب الاُمور، واحرسني من جميع المحذور واصدع صفاء البلاء عن أمرى، واشلُل يده عنّي مدى عُمري.

 إنّك الربّ المجيد، المبدئ المعيد، الفعّال لما تريد».

 

    المناجاة بطلب التوبة

 « اللهمّ! إنّي قصدت إليك بإخلاص توبة نصوح، وتثبيت عقد صحيح، ودعاء قلب قريح (٢٥٤)، وإعلان قول صريح.

 اللهمّ! فتقبّل منّي مخلصَ التوبة، وإقبال سريعِ الأوبة(٢٥٥) ومصارع تخشّع الحوبة (٢٥٦).

 وقابل ربّ توبتي بجزيل الثواب، وكريم المآب، وحطّ العقاب، وصرف العذاب، وغُنمِ الإياب، وستر الحجاب.

 وامحُ اللهمّ ماثبتَ من ذنوبي، واغسل بقبولها جميع عيوبي، واجعلها جاليةً لقلبي، شاخصةً لبصيرة لُبّي، غاسلةً لدرني، مطهّرةً لنجاسة بدني، مصحّحةً فيها ضميري، عاجلةً إلى الوفاء بها بصيرتي.

 واقبَل ياربّ توبتي، فإنّها تصدر من إخلاص نيّتي، ومحضٍ من تصحيح بصيرتي، واحتفالٍ (٢٥۷) في طويّتي، واجتهادٍ في نقاء سريرتي، وتثبيتٍ لإنابتي، مسارعةً إلى أمرك بطاعتي.

 واجلُ اللهمّ بالتوبة عنّي ظلمة الإصرار، وامحُ بها ما قدّمتُهُ من الأوزار، واكسُني لباس التقوى، وجلابيب الهدي، فقد خَلَعتُ رِبقَ المعاصي عن جلدي، ونزعتُ سربالَ(٢٥٨) الذنوب عن جسدي، مستمسكاً ربّ بقدرتك، مستعيناً على نفسي بعزّتك، مستودعاً توبتي من النكث بخفرَتكَ، معتصماً من الخذلان بعصمتك، مقارناً به، لاحول ولاقوّة إلّا بك».

 

    المناجاة بطلب الحجّ‏

 « اللهمّ ارزقني الحجّ الذي افترضته على من استطاع إليه سبيلاً. واجعل لي فيه هادياً وإليه دليلاً، وقرّب لي بُعد المسالك، وأعنّي على تأدية المناسك، وحرّم بإحرامي على النار جسدي، وزد للسفر قوّتي وجلدي ، وارزقني ربّ الوقوف بين يديك، والإفاضة إليك، واظفرني بالنجح بوافر الربح.

 واصدرني ربّ من موقف الحجّ الأكبر إلى مزدلفة المشعر، واجعلها زُلفةً إلى رحمتك، وطريقاً إلى جنّتك، وقفني موقف المشعر الحرام، ومقام وقوف الإحرام، وأهّلني لتأدية المناسك، ونحر الهدي التوامك(٢٥٩) بدمٍ يثجّ(٢٦٠)، وأوداجٍ تمُجّ، وإراقة الدماء المسفوحة، والهدايا المذبوحة، وفَري أوداجها على ما أمرت، والتنفّل بها كما وسمت.

 وأحضرني اللهمّ صلاة العيد، راجياً للوعد، خائفاً من الوعيد، حالقاً شعر رأسي، ومقصّراً، ومجتهداً في طاعتك مشمّراً، رامياً للجمار، بسبعٍ بعد سبعٍ من الأحجار.

 وأدخلني اللهمّ عَرصَة بيتك وعَقوتَك(٢٦١) ومحلّ أمنك وكعبتك، ومشاكيك وسؤالك ومحاويجك. وجد عليَّ اللهمّ بوافر الأجر، من الإنكفاء والنفر.

 واختم اللهمّ مناسك حجّي، وانقضاء عجّي، بقبولٍ منك لي، ورأفةٍ منك بي، يا أرحم الراحمين».

 

    المناجاة بكشف الظلم‏

 « اللهمّ! إنّ ظلم عبادك قدتمكّن في بلادك، حتّى أمات العدل، وقطع السبل، ومحق الحقّ، وأبطل الصدق، وأخفى البرّ، وأظهر الشرّ، وأخمد(٢٦٢) التقوى، وأزال الهدى، وأزاح الخير، وأثبت الضير(٢٦٣)، وأنمى الفساد، وقوّى العناد، وبسط الجور، وعدى الطور(٢٦٤).

 اللهمّ! يا ربّ لايكشف ذلك إلّا سلطانك، ولايجير منه إلّا امتنانك.

 اللهمّ! ربّ فابتُر الظلم، وبثّ حبال الغشم(٢٦٥)، واخمد سوق المنكر، وأعزّ من عنه ينزجِر، واحصُد شأفة(٢٦٦) أهل الجور، وألبسهم الحور(٢٦۷) بعد الكور(٢٦٨)  وعجّل اللهمّ إليهم البيات، وأنزل عليهم المثُلات، وأمت حياة المنكر، ليؤمَنَ المخوف، ويسكنَ الملهوف، ويشبع الجائع، ويحفظَ الضائع، ويأوى الطريد، ويعودَ الشريد، ويغني الفقير، ويجارَ المستجير، ويوقّرَ الكبير، ويُرحم الصغير، ويعزَّ المظلوم، ويذلَّ الظالم، ويفرّجَ المغموم، وتنفرجَ الغمّاء، وتسكنَ الدهماء(٢٦٩)، ويموتَ الاختلاف، ويعلوَ العلم، ويشملَ السِلم، ويجمعَ الشتّات، ويقوي الإيمان، ويتلي القرآن، إنّك أنت الديّان، المنعم المنّان».

 

    المناجاة بالشكر للّه تعالى‏

 « اللهمّ! لك الحمد على مردّ نوازل البلاء، وتوالي سبوغ النعماء، ومُلمّات الضرّاء، وكشف نوائب اللأواء(٢۷٠).

 ولك الحمد على هني‏ء عطائك، ومحمود بلائك، وجليل آلائك، ولك الحمد على إحسانك الكثير، وخيرك العزيز، وتكليفك اليسير، ودفع العسير.

 ولك الحمد يا ربّ على تثميرك قليل الشكر، وإعطائك وافر الأجر، وحطّك مثقل الوزر، وقبولك ضيق العذر، ووضعك باهض الإصر، وتسهيلك موضع الوعر(٢۷١)، ومنعك مفظع(٢۷٢) الأمر.

 ولك الحمد على البلاء المصروف، ووافر المعروف، ودفع المخوف، وإذلال العسوف(٢۷٣)

 ولك الحمد على قلّة التكليف، وكثرة التخفيف، وتقوية الضعيف، وإغاثة اللّهيف، ولك الحمد على سعة إمهالك، ودوام إفضالك، وصرف إمحالك(٢۷٤)، وحميد أفعالك، وتوالي نوالك.

 ولك الحمد على تأخير معاجلة العقاب، وترك مغافصة(٢۷٥) العذاب، وتسهيل طريق المآب، وإنزال غيث السحاب».

 

    المناجاة لطلب الحوائج‏

[اللهمّ‏] جدير من أمرته بالدُعاء أن يدعوك، ومن وعدته بالإجابة أن يرجوك.

 وَلِي اللهمّ حاجة قد عَجَزَت عنها حيلتي، وكلّت فيها طاقتي، وضعفت عن مرامها قوّتي، وسوّلت لي نفسي الأمّارةُ بالسوء، وعدُوّيَ الغرور الذي أنا منه مبلوّ، أن أرغب إليك فيها.

 اللهمّ! وأنجحها بأيمن النجاح، واهدها سبيل الفلاح، واشرح بالرّجاء لإسعافك(٢۷٦) صدري، ويسّر في أسباب الخير أمري، وصوّر إليّ الفوز ببلوغ ما رجوته، بالوصول إلى ما أمّلتُهُ.

 ووفّقني اللهمّ في قضاء حاجتي ببلوغ أُمنيّتي، وتصديق رغبتي؛ وأعذني اللهمّ بكرمك من الخيبة، والقنوط، والأناة(٢۷۷)، والتثبيط (٢۷٨).

 اللهمّ! إنّك ملي‏ء بالمنائح الجزيلة، وفيّ بها؛ وأنت على كلّ شي‏ء قدير، بعبادك خبير بصير»(٢۷٩).

 

  -٢ السيّد بن طاووس ‏رحمه الله: ... حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر عمّة أبي محمد الحسن بن علي عليهم السلام قالت: ... قال ياسر:

 فلمّا أصبح أبو جعفر عليه السلام بعث إليَّ فدعاني، فلمّا صرت إليه وجلست بين يديه، دعا برقّ ظبي من أرض تهامة، ثمّ كتب بخطّه هذا العقد: ...

 بسم اللّه الرحمن الرحيم، الحمد للّه ربّ العالمين إلى آخرها.

 «ألم تر أنَّ اللَّه سخَّر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه، إنَّ اللّه بالناس لرؤوف رحيم»(٢٨٠). أنت الواحد الملك الديّان يوم الدين، تفعل ماتشاء بلا مغالبة، وتعطي من تشاء بلا منّ، وتفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، وتداول الأيّام بين الناس، وتركبهم طبقاً عن طبق، أسألك باسمك المكتوب على سرادق المجد.

 وأسألك باسمك المكتوب على سرادق السرائر، السابق الفائق الحسن الجميل النصير، ربّ الملائكة الثمانية، والعرش الذي لايتحرّك؛ وأسألك بالعين التي لاتنام، وبالحياة التي لاتموت، وبنور وجهك الذي لايطفأ.

 وبالاسم الأكبر الأكبر الأكبر، وبالاسم الأعظم الأعظم الأعظم، الذي هو محيط بملكوت السموات والأرض.

 وبالاسم الذي أشرقت به الشمس، وأضاء به القمر، وسجّرت به البحور، ونصبت به الجبال.

 وبالاسم الذي قام به العرش والكرسي.

 وباسمك المكتوب على سرادق العرش، وبالاسم المكتوب على سرادق العظمة.

 وباسمك المكتوب على سرادق العظمة، وباسمك المكتوب على سرادق البهاء.

 وباسمك المكتوب على سرادق القدرة، وباسمك العزيز.

 وبأسمائك المقدّسات المكرّمات المخزونات في علم الغيب عندك.

 وأسألك من خيرك خيراً ممّا أرجو.

 وأعوذ بعزّتك وقدرتك من شرّ ما أخاف وأحذر، وما لا أحذر.

 يا صاحب محمد يوم حنين! ويا صاحب عليّ يوم صفّين! أنت يا ربّ مبير الجبّارين، وقاصم المتكبّرين، أسألك بحقّ طه ويس، والقرآن العظيم، والفرقان الحكيم، أن تصلّي على محمد وآل محمد، وأن تشدّ به عضد صاحب هذا العقد.

 وأدرأ بك في نحر كلّ جبّار عنيد، وكلّ شيطان مريد، وعدوّ شديد، وعدوّ منكر الأخلاق، واجعله ممّن أسلم إليك نفسه، وفوّض إليك أمره، وألجأ إليك ظهره.

 اللهمّ! بحقّ هذه الأسماء التي ذكرتها وقرأتها، وأنت أعرف بحقّها منّي، وأسألك ياذا المنّ العظيم، والجود الكريم، وليّ الدعوات المستجابات، والكلمات التامّات، والأسماء النافذات، وأسألك يا نور النهار، ويا نور الليل، ويا نور السماء والأرض، ونور النور، ونوراً يضي‏ء به كلّ نور، يا عالم الخفيّات كلّها، في البرّ والبحر والأرض والسماء والجبال.

 وأسألك يامن لايفني، ولا يبيد ولا يزول، ولا له شي‏ء موصوف، ولا إليه حدّ منسوب، ولا معه إله، ولا إله سواه، ولا له في ملكه شريك، ولا تُضاف العزّة إلّا إليه، لم يزل بالعلوم عالماً، وعلى العلوم واقفاً، وللأُمور ناظماً، وبالكينونيّة عالماً، وللتدبير محكماً، وبالخلق بصيراً، وبالأُمور خبيراً.

 أنت الذي خشعت لك الأصوات، وضلّت فيك الأحلام وضاقت دونك الأسباب، وملأ كلّ شي‏ء نورك، ووجل كلّ شي‏ء منك، وهرب كلّ شي‏ء إليك، وتوكّل كلّ شي‏ء عليك.

 وأنت الرفيع في جلالك، وأنت البهيّ في جمالك، وأنت العظيم في قدرتك.

 وأنت الذي لايدركك شي‏ء، وأنت العلي الكبير العظيم، مجيب الدعوات، قاضي الحاجات، مفرّج الكربات، وليّ النعمات.

 يا من هو في علوّه دان، وفي دنوّه عال، وفي إشراقه منير، وفي سلطانه قويّ، وفي ملكه عزيز، صلّ على محمد وآل محمد، واحرس صاحب هذا العقد وهذا الحرز وهذا الكتاب، بعينك التي لاتنام، واكنفه بركنك الذي لايُرام، وارحمه بقدرتك عليه، فإنّه مرزوقك.

 بسم اللّه الرحمن الرحيم، بسم اللّه وباللّه، لاصاحبة له ولا ولد، بسم اللّه قويّ الشأن، عظيم البرهان، شديد السُلطان، ماشاءاللّه كان، وما لم يشأ لم يكن.

 أشهد أنّ نوحاً رسول اللّه، وأنّ إبراهيم خليل اللّه، وأنّ موسى كليم اللّه ونجيّه.

 وأنّ عيسى بن مريم صلوات اللّه عليه وعليهم أجمعين كلمته وروحه.

 وأنّ محمداً صلّى اللّه عليه وآله خاتم النبيّين، لانبيّ بعده.

 وأسألك بحقّ الساعة التي يؤتى فيها بإبليس اللعين يوم القيامة، ويقول اللعين في تلك الساعة: واللّه ما أنا إلّا مهيّج مَردَة.

 اللّه نور السموات والأرض، وهو القاهر، وهو الغالب، له القدرة السابقة، وهو الحكيم الخبير.

 اللهمّ وأسألك بحقّ هذه الأسماء كلّها وصفاتها وصورها، وهي:

  وفي بعض النسخ المعتبرة تكون بهذه الصورة:

    سبحان الذي خلق العرش والكرسيّ واستوى عليه، أسألك أن تصرف عن صاحب كتابي هذا كلّ سوء ومحذور، فهو عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، وأنت مولاه.

 فَقِه اللهمّ يا ربّ الأسواء كلّها، واقمع عنه أبصار الظالمين، وألسنة المعاندين، والمريدين له السوء والضرّ، وادفع عنه كلّ محذور ومخوف.

 وأيّ عبد من عبيدك، أو أمة من إمائك، أو سلطان مارد، أو شيطان أو شيطانة، أو جنّي أو جنّيّة، أو غول أو غولة، أراد صاحب كتابي هذا بظلم، أو ضرّ، أو مكر، أو مكروه، أو كيد، أو خديعة، أو نكاية، أو سعاية، أو فساد، أو غرق، أو اصطلام، أو عطب، أو مغالبة، أو غدر، أو قهر، أو هتك ستر، أو اقتدار، أو آفةٍ، أو عاهة، أو قتل، أو حرق، أو انتقام، أو قطع، أو سحر، أو مسخ، أو مرض، أو سقم، أو برص، أو جذام، أو بؤس، أو آفة، أو فاقة، أو سغب، أو عطش، أو وسوسة، أو نقص في دين، أو معيشة.

 فاكفنيه بما شئت، وكيف شئت، وأ نّى شئت، إنّك على كلّ شي‏ء قدير. وصلّى اللّه على سيّدنا محمد وآله أجمعين وسلّم تسليماً كثيراً، ولاحول ولاقوّة إلّا باللّه العلي العظيم، والحمد للّه ربّ العالمين.

 فأمّا ما ينقش على هذه القصبة، من فضّة غير مغشوشة:

 يا مشهوراً في السموات، يا مشهوراً في الأرضين، يا مشهوراً في الدنيا والآخرة، جهدت الجبابرة والملوك على إطفاء نورك، وإخماد ذكرك، فأبى اللّه إلّا أن يتمّ نورك، ويبوح بذكرك، ولو كره المشركون.

 ورأيت في نسخة:

 « وأبيت إلّا أن يتمّ نورك »(٢٨١).

 

   الثامن والأربعون إلى محمد بن إبراهيم الحضيني:

 (٩٥۷) الشيخ الطوسي رحمه الله: أحمد بن محمد، عن علي بن أحمد بن أشيم، عن محمد بن إبراهيم الحضيني(٢٨٢)، قال: سألته عن الرجل يصلّي على السرير وهو يَقْدر على الأرض؟

 فكتب: لابأس! صلّ فيه(٢٨٣).

 

 التاسع والأربعون إلى محمد بن أحمد بن حمّاد، المكنّى بأبي علي المحمودي:

 (٩٥٨) أبو عمرو الكشّي ‏رحمه الله: ابن مسعود، قال: حدّثني أبو علي المحمودي، قال: كتب أبو جعفر عليه السلام إليَّ بعد وفاة أبي: قد مضى أبوك رضي اللّه عنه وعنك، وهو عندنا على حال محمودة، ولم يتعدّ من تلك الحال(٢٨٤).

 

 الخمسون إلى محمد بن إسحاق، والحسن بن محمد:

 (٩٥٩) الشيخ المفيد رحمه الله: وحدّثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن الحسن ابن بنان، عن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن علي بن مهزيار، عن بعض القمّيّين، عن محمد بن إسحاق والحسن بن محمد، قالا:

 خرجنا بعد وفاة زكريّا ابن آدم إلى الحجّ، فتلقّانا كتابه(٢٨٥) عليه السلام في بعض الطريق: ما جرى(٢٨٦) من قضاء اللّه في الرجل المتوفّى في رحمة اللّه(٢٨۷) يوم ولد ويوم قبض ويوم يبعث حيّاً، فقد عاش أيّام حياته عارفاً بالحقّ، قائلاً به، صابراً محتسباً للحقّ، قائماً بما يحبّ اللّه ورسوله(٢٨٨) صلى الله عليه وآله وسلم ، ومضى رحمة اللّه عليه غير ناكث ولامبدّل. فجزاه اللّه أجر نيّته، وأعطاه جزاء سعيه(٢٨٩).

 وذكرت الرجل الموصى إليه، فلم أجد(٢٩٠) فيه رأينا، وعندنا من المعرفة به أكثر ما(٢٩١) وصفت - يعني الحسن بن محمد بن عمران - (٢٩٢) .

 

 الحادي والخمسون إلى محمد بن أُورمة:

  -١ الراوندي رحمه الله: ما روي عن ابن أُورمة، قال: ...

 وكتبت في الكتاب أنّي [قد] بعثت اليك [ أي إلى أبي جعفر الثاني‏] عليه السلام من قبل فلانة كذا، ومن قبل فلان كذا، ومن قبل فلان، وفلان بكذا.

 فخرج في التوقيع: قد وصل ما بعثت من قبل فلان وفلان ومن قبل المرأتين، تقبّل اللّه منك ورضي عنك، وجعلك معنا في الدنيا والآخرة ... (٢٩٣).

 

 الثاني والخمسون إلى محمد بن حمزة العلوي:

 (٩٦٠) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن علي بن مهزيار، قال: كتب محمد بن حمزة العلوي إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: مولى لك أوصى إليَّ بمائة درهم، وكنت أسمعه يقول: كلّ شي‏ء هو لي فهو لمولاي؛ فمات وتركها ولم يأمر فيها بشي‏ء، وله امرأتان: أمّا إحداهما فببغداد، ولا أعرف لها موضعاً الساعة؛ والأُخرى بقمّ، فما الذي تأمرني في هذه المائة درهم؟

 فكتب عليه السلام إليه: انظر أن تدفع من هذه الدراهم إلى زوجتي الرجل، وحقّهما من ذلك الثمن إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد فالربع؛ وتصدّق بالباقي على من تعرف أنّ له إليه حاجة إن‏شاءاللّه(٢٩٤).

 

 الثالث والخمسون إلى محمد بن خالد البرقي، المكنّى بأبي عبد اللّه:

 (٩٦١) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد البرقي، قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: هل يجوز أن يخرج عمّا يجب في الحرث من الحنطة والشعير، وما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما يسوي؟ أم لايجوز إلّا أن يخرج من كلّ شي‏ء ما فيه؟

 فأجاب عليه السلام: أيّما تيسّر يخرج(٢٩٥).

 (٩٦٢) الشيخ الطوسي رحمه الله: أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه البرقي، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام (٢٩٦) أيجوز جعلت فداك! الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدّك صلوات اللّه عليهما؟

 فأجاب: لاتصلّ ورائه(٢٩۷).

 

 الرابع والخمسون إلى محمد بن الريّان:

 (٩٦٣) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الريّان قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام: رجل يقضي شيئاً من صلاته الخمسين في المسجد الحرام، أو في مسجد الرسول صلّى اللّه عليه وآله، أو في مسجد الكوفة، أتحسب له الركعة على تضاعف ما جاء عن آبائك عليهم السلام في هذه المساجد حتّى يجزيه إذا كانت عليه عشرة آلاف ركعة أن يصلّي مائة ركعة، أو أقلّ، أو أكثر، وكيف يكون حاله؟

 فوقّع عليه السلام: يحسب له بالضعف، فأمّا أن يكون تقصيراً من الصلاة(٢٩٨) بحالها، فلا يفعل، هو إلى الزيادة أقرب منه إلى النقصان(٢٩٩).

 

 الخامس والخمسون إلى محمد بن سليمان بن مسلم، المكنّى بأبي زينبة وجماعة معه:

  -١ أبو عمرو الكشّي رحمه الله: ... أحمد بن علي بن كلثوم السرخسي قال: رأيت رجلاً من أصحابنا يعرف بأبي زينبة، فسألني عن أحكم بن بشّار المروزي؟ وسألني عن قصّته؟ ... .

 فقال: كنّا سبعة نفر في حُجرة واحدة ببغداد، في زمان أبي جعفر الثاني عليه السلام، فغاب عنّا أحكم من عند العصر ولم يرجع تلك الليلة.

 فلمّا كان جوف الليل جائنا توقيع من أبي جعفر عليه السلام: إنّ صاحبكم الخراساني مذبوح مطروح في لبد في مزبلة كذا وكذا، فاذهبوا فداووه بكذا وكذا ...(٣٠٠).

   

 السادس والخمسون إلى محمد بن عمر الساباطي:

 (٩٦٤) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: محمد بن يحيى(٣٠١)، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن محمد بن عمر الساباطي(٣٠٢)، قال: سألت أبا جعفر(٣٠٣) عليه السلام عن رجل أوصى إليّ، وأمرني أن أُعطي عمّاً، له في كلّ سنة شيئاً، فمات العمّ؟

 فكتب عليه السلام: أعطه ورثته(٣٠٤).

 

 السابع والخمسون إلى محمد بن عيسى:

 (٩٦٥) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن عيسى(٣٠٥)، قال: كتبت إليه أسأله: يا سيّدي! روي عن جدّك أنّه قال: لابأس بأن يصلّي الرجل صلاة الليل في أول الليل؟

 فكتب ‏عليه السلام: في أيّ وقت صلّى فهو جائز إن‏شاءاللّه(٣٠٦).

 

 (٩٦٦) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: علي بن حاتم، عن محمد بن جعفر، عن محمد ابن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى(٣٠۷)، قال: كتبت إليه‏عليه السلام: جعلت فداك! ربما غمّ علينا الهلال في شهر رمضان، فترى من الغد الهلال قبل الزوال وربّما رأيناه بعد الزوال، فنرى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه، أم لا؟ وكيف تأمرني في ذلك؟

 فكتب‏ عليه السلام : تتمّ إلى الليل، فإنّه إن كان تامّاً رؤي قبل الزوال(٣٠٨).

 

 الثامن والخمسون إلى محمد بن الفرج:

 (٩٦۷) أبو علي الطبرسي رحمه الله: عن حمدان بن سليمان، عن أبي سعيد الأرمني، عن محمد بن عبد اللّه بن مهران، قال: قال محمد بن الفرج:

 كتب إلىَّ أبو جعفر عليه السلام: احملوا(٣٠٩) إليّ الخمس، فإنّي لست آخذه منكم سوى عامي هذا.

 فقبض عليه السلام في تلك السنة(٣١٠).

 (٩٦٨) الشيخ الصدوق رحمه الله: روي عن محمد بن الفرج قال: كتب إليّ أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام بهذا الدعاء، وعلّمنيه، وقال: من دعا به في دبر صلاة الفجر لم يلتمس حاجة إلّا يسّرت له، وكفاه اللّه ما أهمّه:

« بسم اللّه وباللّه، وصلّى اللّه على محمد وآله، «وأُفوِّض أمري إلى اللّه إنّ اللّه بصير بالعباد * فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا» (٣١١)، «لا إلهَ إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجّيناه من الغمِّ وكذلك ننجي المؤمنين»(٣١٢)، «حسبنا اللّه ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسهم سوء »(٣١٣).

 ماشاءاللّه لاحول ولا قوّة إلّا باللّه العلي العظيم، ماشاءاللّه لا ماشاء الناس، ماشاءاللّه وإن كره الناس، حسبي الربّ من المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرازق من المرزوقين، حسبي الذي لم يزل حسبي، حسبي من كان منذ كنت (حسبي) لم يزل حسبي، «حسبي اللّه لا إله إلّا هو، عليه توكّلت، وهو ربّ العرش العظيم» (٣١٤) .

 وقال عليه السلام: إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل:

 « رضيت باللّه ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن كتاباً، وبالكعبة قبلة، وبمحمد نبيّاً، وبعلي وليّاً، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي ابن محمد، والحسن بن علي، والحجّة بن الحسن بن علي أئمّة.

 اللهمّ! وليّك الحجّة فاحفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته، وامدد له في عمره، واجعله القائم بأمرك، المنتصر لدينك، وأره ما يحبّ وتقرّ به عينه في نفسه، وفي ذرّيّته وأهله وماله، وفي شيعته وفي عدوّه، وأرهم منه مايحذرون، وأره فيهم ما تحبّ وتقرّ به عينه، واشف به صدورنا وصدور قوم مؤمنين ».

 قال عليه السلام: وكان النبي ‏صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا فرغ من صلاته:

 « اللهمّ! اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت، وما أسررت وما أعلنت، وإسرافي على نفسي، وما أنت أعلم به منّي.

 اللهمّ! أنت المقدّم وأنت المؤخّر، لا إله إلّا أنت بعلمك الغيب، وبقدرتك على الخلق أجمعين، ما علمت الحياة خيراً لي فأحيني، وتوفّني إذا علمت الوفاة خيراً لي.

 اللهمّ! إنّي أسألك خشيتك في السرّ والعلانية، وكلمة الحقّ في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لاينفد، وقرّة عين لاتنقطع.

 وأسألك الرضا بالقضاء وبرد العيش بعد الموت، ولذّة النظر إلى وجهك، وشوقاً إلى لقائك من غير ضرٍّ أو مضرّة، ولا فتنة مُظلمة.

 اللهمّ! زيّنّا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهديّين، اللهمّ اهدنا فيمن هديت.

 اللهمّ! إنّي أسألك عزيمة الرشاد، والثبات في الأمر والرشد.

 وأسألك شكر نعمتك، وحسن عافيتك، وأداء حقّك.

 وأسألك يا ربّ قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، وأستغفرك لما تعلم.

 وأسألك خير ما تعلم، وأعوذ بك من شرّ ما تعلم وما لانعلم، فإنّك تعلم ولانعلم، وأنت علاّم الغيوب»(٣١٥).

 (٩٦٩) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن أحمد بن الحسين، عن محمد بن عبد اللّه، عن محمد بن الفرج، قال: كتب إليّ أبو جعفرعليه السلام: إذا غضب اللّه تبارك وتعالى على خلقه، نحّانا عن جوارهم(٣١٦).

 (٩۷٠) الشيخ الطوسي رحمه الله: سعد بن عبد اللّه عن جعفر بن موسى عن محمد بن عبد الجبّار، عن ميمون بن يوسف النخّاس، عن محمد بن الفرج(٣١۷)، قال: كتبت أسأل عن أوقات الصلاة؟

 فأجاب‏ عليه السلام: إذا زالت الشمس فصلّ سبحتك، وأُحبّ أن يكون فراغك من الفريضة والشمس على قدمين.

 ثمّ صلّ سبحتك، وأُحبّ أن يكون فراغك من العصر والشمس على أربعة أقدام فان عجل بك أمر فابدأ بالفريضتين واقض بعدهما النوافل فإذا طلع الفجر فصلّ الفريضة ثمّ اقض بعد ما شئت(٣١٨).

 

 التاسع والخمسون إلى محمد بن الفضيل الصيرفي:

 (٩۷١) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن مهران(٣١٩)، عن محمد بن الفضيل قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام: أسأله عن السقط كيف يصنع به؟

 فكتب عليه السلام إليّ: أنّ السقط يدفن بدمه في موضعه(٣٢٠).

 

  -٢ الراوندي رحمه الله: روى بكر بن صالح، عن محمد بن فضيل الصيرفي، [قال‏]: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام كتاباً وفي آخره: هل عندك سلاح رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم؟ ونسيت أن أبعث بالكتاب.

 فكتب إليَّ بحوائج له وفي آخر كتابه: عندي سلاح رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل، يدور معنا حيث درنا، وهو مع كلّ إمام ...(٣٢١).

 (٩۷٢) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أسأله أن يعلّمني دعاء؟

 فكتب إليَّ: تقول إذا أصبحت وأمسيت:

 « اللّه، اللّه، اللّه، ربّي الرحمن الرحيم، لا أُشرك به شيئاً».

 وإن زدت على ذلك فهو خير، ثمّ تدعو بما بدا لك في حاجتك، فهو لكلّ شي‏ء بإذن اللّه تعالى، يفعل اللّه مايشاء(٣٢٢).

 

 الستّون إلى محمد بن يحيى الخراساني:

 (٩۷٣) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن محمد(٣٢٣)، قال: كتب محمد بن يحيى الخراساني: أوصى إليّ رجل ولم يخلّف إلّا بني عمّ، وبنات عمّ، وعمّ أب وعمّتين، لمن الميراث؟

 فكتب‏ عليه السلام: أهل العصبة وبنوا العمّ هم وارثون(٣٢٤).

 (٩۷٤) الشيخ الصدوق ‏رحمه الله: روى محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسين ابن إبراهيم الهمداني، قال: كتبت مع محمد بن يحيى(٣٢٥): هل للوصي أن يشتري شيئاً من مال الميّت إذا بيع فيمن زاد، يزيد ويأخذ لنفسه؟

 فقال‏عليه السلام: يجوز إذا اشترى صحيحاً(٣٢٦).

 

 الحادي والستّون إلى موسى بن عبد الملك:

 (٩۷٥) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن الحسن الصفّار، عن عبد اللّه بن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار، قال: أخبرني إسحاق بن إبراهيم:

 أنّ موسى بن عبد الملك كتب إلى أبي جعفرعليه السلام يسأله عن رجل دفع إليه مالاً ليصرفه في بعض وجوه البرّ، فلم يمكنه صرف ذلك المال في الوجه الذي أمره به، وقد كان له عليه مال بقدر هذا المال، فسأل: هل يجوز لي أن أقبض مالي، أو أردّه عليه وأقتضيه؟

 فكتب ‏عليه السلام إليه: أقبض مالك ممّا في(٣٢۷) يديك(٣٢٨).

   

 الثاني والستّون إلى النضر:

  -١ أبو عمرو الكشّي‏ رحمه الله: ... عن إبراهيم بن محمد الهمداني(٣٢٩)، قال: وكتب [عليه السلام‏] إلي: ... وقد كتبت إلى النضر أمرته أن ينتهي عنك وعن التعرض لك وبخلافك، وأعلمته موضعك عندي، ...(٣٣٠).

 

 الثالث والستّون إلى يحيى بن أبي عمران الهمداني:

 (٩۷٦) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار، عن يحيى(٣٣١) بن أبي عمران الهمداني، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه السلام: جعلت فداك! ما تقول في رجل ابتدأ ببسم اللّه الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أُمّ الكتاب، فلمّا صار إلى غير أُمّ الكتاب من السورة تركها، فقال(٣٣٢) العبّاسي ليس بذلك بأس؟

 فكتب عليه السلام بخطّه: يعيدها مرّتين على رغم أنفه يعني العبّاسي (٣٣٣).

 

 (٩۷۷) الشيخ الصدوق رحمه الله: و روي عن يحيى بن أبي عمران أ نّه قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام في السنجاب والفنك والخزّ، وقلت: جعلت فداك! احبّ أن لاتجيبني بالتقيّة في ذلك.

 فكتب بخطّه إليَّ: صلّ فيها(٣٣٤).

 

    د - كتبه ‏عليه السلام إلى أفراد غير معيّنة

 ويشتمل هذا العنوان على تسعة موارد:

   الأوّل إلى بعض بني عمّ محمد بن الحسن الأشعري:

 (٩۷٨) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن الحسن الأشعري، قال: كتب بعض بني عمّي إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: ما تقول في صبيّة زوّجها عمّها، فلمّا كبرت أبت التزويج؟

 فكتب عليه السلام بخطّه: لاتكره على ذلك، والأمر أمرها(٣٣٥).

 (٩۷٩) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الحسن الأشعري(٣٣٦)، قال: وقع بين رجلين من بني عمّي منازعة في ميراث، فأشرت عليهما بالكتاب إليه في ذلك، ليصدرا عن رأيه، فكتبا إليه جميعاً: جعلنا اللّه فداك! ما تقول في امرأة تركت زوجها وابنتها وأُختها لأبيها وأُمّها، وقلت له: جعلت فداك! إن رأيت أن تجيبنا بمرّ الحقّ؟

 فجرّدعليه السلام إليها كتابا: بسم اللّه الرحمن الرحيم، عافانا اللّه وإيّاكما وأحسن عافيته(٣٣۷)، فهمت كتابكما، ذكرتما أنّ امرأة ماتت وتركت زوجها وابنتها وأُختها لأبيها وأُمّها. الفريضة للزوج الربع، وما بقي فللبنت(٣٣٨).

 

 الثاني إلى امرأة من موالي محمد بن الحسن الأشعري:

 (٩٨٠) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار، عن محمد ابن الحسن الأشعري، قال: كتب بعض موالينا إلى أبي جعفر عليه السلام: إنّ معي امرأة عارفة، أحدث زوجها، فهرب عن البلاد، فتبع الزوج بعض أهل المرأة، فقال: إمّا طلّقت، وإمّا رددتك! فطلّقها، ومضى الرجل على وجهه، فما ترى للمرأة؟

 فكتب بخطّه: تزوّجي، يرحمك اللّه(٣٣٩).

 

 الثالث إلى مواليه بهمدان:

  -١ أبو عمرو الكشّي ‏رحمه الله :  ...  عن إبراهيم بن محمد الهمداني(٣٤٠)، قال: وكتب [أبو جعفر الثاني‏] عليه السلام إليّ: ...

 وكتبت إلى مواليّ بهمدان كتاباً أمرتهم بطاعتك ...(٣٤١).

 

 الرابع إلى بعض أوليائه:

 (٩٨١) ابن شعبة الحرّاني رحمه الله: وكتب عليه السلام إلى بعض أوليائه: أمّا هذه الدنيا فإنّا فيها مغترفون، ولكن من كان هواه، هوى صاحبه ودان بدينه، فهو معه حيث كان، والآخرة هي دار القرار(٣٤٢).

 

 الخامس إلى جماعة من الأصحاب:

  -١ الراوندي رحمه الله: ومنها أنّهم قالوا: كتبنا إليه(٣٤٣) رقاعاً في حوائج لنا، وكتب رجل من الواقفة رقعة جعلها بين الرقاع؛ فوقّع الجواب بخطّه في الرقاع إلّا في رقعة الواقفي، لم يجب فيها بشي‏ء(٣٤٤).

 

 السادس إلى من سأل السيّاري:

 (٩٨٢) أبو عمرو الكشّي رحمه الله: طاهر بن عيسى الورّاق، قال: حدّثني جعفر ابن أحمد بن أيّوب، قال: حدّثني الشجاعي، قال: حدّثني، إبراهيم بن محمد ابن حاجب. قال: قرأت، في رقعة مع الجوادعليه السلام يعلم من سأل عن السيّاري:

 أنّه ليس في المكان الذي ادّعاه لنفسه، وألّا تدفعوا إليه شيئاً(٣٤٥).

 

 السابع إلى بعض أصحابه:

 (٩٨٣) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن سيف، عن محمد بن الحسن الأشعري، قال: كتب بعض أصحابنا كتاباً إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام معي، يسأله عن رجل فجر بامرأة، ثمّ إنّه تزوّجها بعد الحمل، فجاءت بولد، وهو أشبه خلق اللّه به؟

 فكتب عليه السلام بخطّه وخاتمه: الولد لغيّة(٣٤٦) لايورّث(٣٤۷).

 (٩٨٤) الشيخ الطوسي رحمه الله: سعد بن عبد اللّه، عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: أخبرني عن الخمس، أعلى جميع ما يستفيده الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب، وعلى الضناع، فكيف ذلك؟

 فكتب عليه السلام بخطّه: الخمس بعد المؤونة(٣٤٨).

 (٩٨٥) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: علي بن محمد؛ وغيره، عن سهل بن زياد، عن علي بن الريّان قال: كتب بعض أصحابنا إليه بيد إبراهيم بن عقبة يسأله يعني أبا جعفرعليه السلام عن الصلاة على الخمرة(٣٤٩) المدنيّة؟

 فكتب عليه السلام: صلّ فيها ما كان معمولاً بخيوطة، ولا تصلّ على ما كان معمولاً بسيورة(٣٥٠).

 قال: فتوقّف أصحابنا، فأنشدتهم بيت شعر لتأبّط شرّاً العدواني، «كأنّها خيوطة ماري تغار وتفتل»، وماري كان رجلاً حبّالا، كان يعمل الخيوط(٣٥١).

 (٩٨٦) الشيخ الطوسي رحمه الله: محمد بن أحمد بن يحيى، عن العبّاس(٣٥٢) عن بعض أصحابنا، قال: كتبت إليه: جعلت فداك! إنّ امرأة أوصت إلى امرأة، ودفعت اليها خمسمائة درهم، ولها زوج وولد، فأوصتها أن تدفع سهماً منها إلى بعض بناتها، وتصرف الباقي إلى الإمام.

 فكتب عليه السلام: تصرف الثلث من ذلك إليّ، والباقي يقسم على سهام اللّه عزّ وجلّ بين الورثة(٣٥٣).

 

 (٩٨۷) محمد بن يعقوب الكليني ‏رحمه الله: علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن الحسين الأشعري، قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني صلوات اللّه عليه. ماتقول في الفرو يشترى من السوق؟

 فقال: إذا كان مضموناً، فلابأس(٣٥٤).

 

 الثامن إلى رجل من بني هاشم:

 (٩٨٨) الشيخ الطوسي رحمه الله: علي بن مهزيار، قال: كتب رجل من بني هاشم إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام:

 إنّي كنت نذرت نذراً منذ سنتين أن أخرج إلى ساحلٍ من سواحل البحر إلى ناحيتنا ممّا يرابط فيه المتطوّعة نحو مرابطهم بجدّة وغيرها من سواحل البحر.

 أفترى جعلت فداك، أنّه يلزمني الوفاء به، أو لايلزمني؟ أو أفتدي الخروج إلى ذلك الموضع بشي‏ء من أبواب البرّ، لأصير إليه إن‏شاءاللّه تعالى؟

 فكتب عليه السلام إليه بخطّه، وقرأته: إن كان سمع منك نذرك أحدٌ من المخالفين، فالوفاء به إن كنت تخاف شنعته(٣٥٥) وإلّا فاصرف ما نويت من ذلك(٣٥٦) في أبواب البرّ، وفّقنا اللّه وإيّاك لما يحبّ ويرضى(٣٥۷).

 

 التاسع إلى رجل:

 (٩٨٩) الشيخ الطوسي رحمه الله: أخبرني الشيخ رحمه الله، عن أبي القاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي ابن مهزيار، قال: قرأت في كتاب رجل إلى أبي جعفر عليه السلام: الركعتان اللّتان قبل صلاة الفجر من صلاة الليل هي، أم من صلاة النهار؟ وفي أيّ وقت أصلّيهما؟

 فكتب عليه السلام بخطّه: احشوهما في صلاة الليل حشواً(٣٥٨).

 (٩٩٠) أحمد بن محمد بن عيسى رحمه الله: علي بن مهزيار، قال: كتب رجل إلى أبي جعفر عليه السلام يحكي له شيئاً.

 فكتب عليه السلام إليه: واللّه! ما كان ذلك، وإنّي لأكره أن أقول «واللّه» على حال من الأحوال، ولكنّه غمّني أن يقال ما لم يكن (٣٥٩).

 

 (٩٩١) ابن شعبة الحرّاني رحمه الله: وروي أنّه حمل له(٣٦٠) حمل بزّ(٣٦١) له قيمة كثيرة، فسُلّ(٣٦٢) في الطريق، فكتب إليه الذي حمله يعرّفه الخبر.

 فوقّع بخطّه: إنّ أنفسنا وأموالنا من مواهب اللّه الهنيئة، وعواريه المستودعة، يمتّع بما متّع منها في سرورٍ وغبطة، ويأخذ ما أخذ منها في أجر وحسبةٍ(٣٦٣)، فمن غلب جزعه على صبره حبط أجره، ونعوذ باللّه من ذلك(٣٦٤).

 

 (٩٩٢) الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل رضى الله عنه، عن محمد بن يحيى العطّار، عن محمد بن أحمد، عن عبد اللّه بن محمد، عن علي ابن مهزيار، قال: كتب أبو جعفر عليه السلام إلى رجل بخطّه، وقرأته في دعاء كتب به أن يقول:

 « يا ذا الذي كان قبل كلّ شي‏ء، ثمّ خلق كلّ شي‏ء، ثمّ يبقى ويفنى كلّ شي‏ء؛ ويا ذا الذي ليس في السموات العلى، ولا في الأرضين السفلى، ولا فوقهنّ، ولابينهنّ، ولا تحتهنّ، إله يعبد غيره »(٣٦٥).

 (٩٩٣) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى؛ وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن ابن مهران(٣٦٦)، قال: كتب رجل إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام يشكو إليه مصابه بولده، وشدّة ما دخله.

 فكتب عليه السلام إليه: أما علمت أنّ اللّه عزّ وجلّ يختار من مال المؤمن ومن ولده أنفسه ليأجره على ذلك(٣٦۷).

 

 (٩٩٤) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن مهران، قال: كتب أبو جعفر الثاني عليه السلام إلى رجل: ذكّرت(٣٦٨) مصيبتك بعلي ابنك، وذكرت أ نّه كان أحبّ ولدك إليك، وكذلك اللّه عزّ وجلّ إنّما يأخذ من الولد(٣٦٩) وغيره أزكى ما عند أهله ليعظّم به أجر المصاب بالمصيبة.

 فأعظم اللّه أجرك، وأحسن عزاك، وربط(٣۷٠) على قلبك، إنّه قدير، وعجّل اللّه عليك بالخلف، وأرجو أن يكون اللّه قد فعل إن‏شاءاللّه تعالى(٣۷١).

 

 (٩٩٥) الشيخ الطوسي رحمه الله: علي بن حاتم، عن الحسن بن علي، عن أبيه، قال: كتب رجل إلى أبي جعفرعليه السلام يسأله عن صلاة نوافل شهر رمضان، وعن الزيادة فيها؟

 فكتب عليه السلام إليه كتاباً قرأته بخطّه: صلّ في أوّل شهر رمضان في عشرين ليلة، عشرين ركعة، صلّ منها مابين المغرب والعتمة ثماني ركعات، وبعد العشاء اثنتي عشرة ركعة.

 وفي العشر الأواخر ثماني ركعات بين المغرب والعتمة. واثنتين وعشرين ركعة بعد العتمة، إلّا في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، فإنّ المائة تجزيك إن‏شاءاللّه، وذلك سوى الخمسين. وأكثر من قراءة «إنّا أنزلناه»(٣۷٢).

 (٩٩٦) الشيخ الطوسي رحمه الله: سعد بن عبد اللّه، عن أبي جعفر علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب لأبي جعفرعليه السلام من رجل يسأله أن يجعله في حلّ من مأكله ومشربه من الخمس؟

 فكتب بخطّه: من أعوزه(٣۷٣) شي‏ء من حقّي فهو في حلّ(٣۷٤).

 (٩٩۷) محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعاً عن علي بن مهزيار، قال: كتب رجل إلى أبى جعفر عليه السلام يشكو إليه لمماً يخطر على باله؟

 فأجابه فى بعض كلامه: إنّ اللّه عزّوجلّ إن‏شاء ثبّتك فلا يجعل لإبليس عليك طريقاً، قد شكى قوم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمماً يعرض لهم، لأن تهوي بهم الريح، أو يقطّعوا، أحبّ إليهم من أن يتكلّموا به.

 فقال رسول اللّه‏ صلى الله عليه وآله وسلم: أتجدون ذلك؟

 قالوا: نعم!

 فقال: والذي نفسي بيده، إنّ ذلك لصريح الإيمان، فإذا وجدتموه.

 فقولوا: آمنّا باللّه ورسوله، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه(٣۷٥).

  -١٠(٩٩٨) محمد بن يعقوب الكليني‏ رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد اللّه بن الخزرج(٣۷٦) أنّه كتب إليه رجل خطب إلى رجل فطالت به الأيّام والشهور والسنون، فذهب عليه أن يكون قال له: أفعل أو قد فعل.

 فأجاب فيه: لايجب عليه إلاّ ما عقد عليه قلبه، وثبتت عليه عزيمته(٣۷۷).

 

  -١١(٩٩٩) الشيخ الطوسي ‏رحمه الله: الصفّار، عن محمد بن عيسى(٣۷٨)، قال: كتب إليه رجل هل يجب الوضوء، ممّا خرج من الذكر بعد الاستبراء؟

 فكتب‏ عليه السلام: نعم(٣۷٩).

  -١٢(١٠٠٠) الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطّار، عن أبيه، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسين بن عمر، عن محمد بن عبد اللّه، عن مروان الأنباري، قال: خرج من أبى جعفر عليه السلام: إنّ اللّه إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم(٣٨٠).