الباب الرابع - العقائد
وفيه فصول

الفصل الأوّل: التوحيد
الفصل الثاني: النبوّة وما يناسبها
الفصل الثالث: الإمامة وما يناسبها
الفصل الرابع: المعاد

الباب الرابع - العقائد
وهو يشتمل علي أربعة فصول:

الفصل الأوّل: التوحيد
وفه تسعة موضوعات:

(أ) - معرفة اللّه
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله): محمّد بن الحسن، عن عبد اللّه بن الحسن العلويّ، وعليّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار الهمدانيّ جميعاً، عن الفتح بن يزيد، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: ( قال المجلسيّ 1: وأبو الحسن(عليه السلام) يحتمل الثاني والثالث. مرآة العقول: 301/1، ح 1. )
سألته عن أدني المعرفة؟
فقال: الإقرار بأنّه لا إله غيره، ولا شبه له ولا نظير، وأنّه قديم مثبت ( في العيون: ولا شبيه. )
موجود غير فقيد، وأنّه ليس كمثله شي ء.
( في العيون: وأنّه مثبت قديم موجود. )
( الكافي: 86/1، ح 1. عنه الفصول المهمّة للحرّ العاملي: 134/1، ح 32. والوافي: 343/1، ح 266.
التوحيد: 283، ح 1. عنه وعن العيون، البحار: 267/3، ح 1.
عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 133/1، ح 29، وفي هامشه وفي نسخة (الرضا(عليه السلام)).
كشف الغمّة: 286/2، س 1، أورده في ضمن أخبار الرضا(عليه السلام) قائلاً سئل(عليه السلام).... )


(ب) - التكلّم في ذات اللّه عزّ وجلّ
1 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... محمّد بن عيسي قال: قرأت في كتاب عليّ بن بلال، أنّه سأل الرجل يعني أبا الحسن(عليه السلام). أنّه روي عن آبائك(عليهم السلام) أنّهم نهوا عن الكلام في الدين، فتأوّل مواليك المتكلّمون بأنّه إنّما نهي من لايحسن أن يتكلّم فيه، فأمّا من يحسن أن يتكلّم فيه فلم ينه، فهل ذلك كما تأوّلوا أو لا؟
فكتب(عليه السلام): المحسن وغير المحسن لا يتكلّم فيه، فإنّ إثمه أكثر من نفعه.
( التوحيد: 459، ح 26.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 898. )


(ج) - صفات اللّه وأسماؤه عزّ وجلّ
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله): الحسين بن محمّد، عن معلّي بن محمّد قال: سئل العالم(عليه السلام) كيف علم اللّه؟
( هو معلّي بن محمّد البصريّ المعنون في رجال النجاشي: 418 رقم 1117، وعدّه السيّد البروجردي 1 من الطبقة السابعة. الموسوعة الرجاليّة: 363/4، فالمراد من العالم، هو الهادي(عليه السلام) ان كان السائل معاصراً له وإلّا فيحتمل غير الهادي(عليه السلام) أيضاً. )
قال(عليه السلام): علم وشاء وأراد وقدّر وقضي وأمضي، فأمضي ما قضي، وقضي ماقدّر، وقدّر ما أراد، فبعلمه كانت المشيئة، وبمشيئته كانت الإرادة، وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الإمضاء، والعلم متقدّم علي المشيئة، والمشيئة ثانية، والإرادة ثالثة، والتقدير واقع علي القضاء بالإمضاء.
فللّه تبارك وتعالي البداء فيما علم متي شاء، وفيما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشيئة في المنشأ قبل عينه، والإرادة في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً ووقتاً.
والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات، ذوات الأجسام المدركات بالحواسّ، من ذوي لون وريح، ووزن وكيل، وما دَبّ ودرج من إنس وجنّ، وطير وسباع، وغير ذلك مما يدرك بالحواسّ.
فللّه تبارك وتعالي فيه البداء ممّا لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلابداء، واللّه يفعل ما يشاء.
فبالعلم علم الأشياء قبل كونها، وبالمشيئة عرف صفاتها وحدودها، وأنشأها قبل إظهارها، وبالإرادة ميّز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدّر أقواتها وعرف أوّلها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها، ودلّهم عليها وبالإمضاء شرح عللها، وأبان أمرها، وذلك تقدير العزيز العليم.
( الكافي: 148/1، ح 16. عنه الوافي: 517/1، ح 420.
التوحيد: 334، ح 9، بتفاوت. عنه البحار: 102/5، ح 27، والفصول المهمّة للحرّالعاملي:159/1،ح 88.
مختصر بصائر الدرجات: 142، س 7.
قطعة منه في (البداء). )

2 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... أحمد بن إسحاق قال: كتبت إلي أبي الحسن الثالث(عليه السلام): أسأله عن الرؤية، وما اختلف فيه الناس.
فكتب(عليه السلام): لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائيّ والمرئيّ هواء [لم ] ينفذه البصر، فإذا انقطع الهواء عن الرائيّ والمرئيّ لم تصحّ الرؤية، وكان في ذلك الإشتباه، لأنّ الرائي متي ساوي المرئيّ في السبب الموجب بينهما في الرؤية، وجب الإشتباه، وكان ذلك التشبيه، لأنّ الأسباب لابدّ من اتّصالها بالمسبّبات.
( الكافي: 97/1، ح 4.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3 رقم 826. )

3 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... بشر بن بشّار النيسابوريّ قال: كتبت إلي الرجل(عليه السلام): إنّ من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم من يقول: (هو) جسم، ومنهم من يقول: (هو) صورة.
فكتب(عليه السلام) إليّ: سبحان من لا يحدّ ولا يوصف، ولا يشبهه شي ء، وليس كمثله شي ء وهو السميع البصير.
( الكافي: 102/1، ح 9.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 855. )

4 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... حمزة بن محمّد قال: كتبت إلي أبي الحسن(عليه السلام) أسأله عن الجسم والصورة.
فكتب(عليه السلام): سبحان من ليس كمثله شي ء، لا جسم، ولا صورة.
( الكافي: 104/1، ح 2.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 877. )

5 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... محمّد بن عيسي قال: كتبت إلي أبي الحسن عليّ بن محمّد(عليها السلام): جعلني اللّه فداك يا سيّدي!
قد روي لنا: أنّ اللّه في موضع دون موضع علي العرش استوي، وأنّه ينزل كلّ ليلة في النصف الأخير من الليل إلي السماء الدنيا.
وروي: أنّه ينزل عشيّة عرفة ثمّ يرجع إلي موضعه.
فقال بعض مواليك في ذلك: إذا كان في موضع دون موضع، فقد يلاقيه الهواء، ويتكنّف عليه، والهواء جسم رقيق يتكنّف علي كلّ شي ء بقدره، فكيف يتكنّف عليه جلّ ثناؤه علي هذا المثال؟
فوقّع(عليه السلام): علم ذلك عنده، وهو المقدّر له بما هو أحسن تقديراً، واعلم أنّه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو علي العرش، والأشياء كلّها له سواء علماً وقدرة وملكاً وإحاطة.
( الكافي: 126/1، ح 4.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 987. )

6 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... محمّد بن الفرج الرخجيّ قال: كتبت إلي أبي الحسن(عليه السلام) أسأله عمّا قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة.
فكتب(عليه السلام): دع عنك حيرة الحيران، واستعذ باللّه من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان.
( الكافي: 105/1، ح 5.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 996. )

7 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عليّ بن محمّد النوفليّ، عن أبي الحسن صاحب العسكر(عليه السلام) قال: سمعته يقول: اسم اللّه الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، كان عند آصف حرف،... وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً، وحرف عنداللّه مستأثر به في علم الغيب.
( الكافي: 230/1، ح 3.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 553. )

8 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عبد العظيم بن عبد اللّه قال: سمعت أبا الحسن(عليه السلام) يخطب بهذه الخطبة:
الحمد للّه العالم بما هو كائن من قبل أن يدين له من خلقه دائن، فاطر السماوات والأرض، مؤلّف الأسباب بما جرت به الأقلام، ومضت به الاحتام، من سابق علمه ومقدّر حكمه،....
( الكافي: 372/5، ح 6.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 674. )

9 - المسعوديّ(رحمه الله): روي الحميريّ قال: حدّثني أحمد بن أبي عبد اللّه البرقيّ، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ قال: ضمّني وأبا ( يأتي ترجمته في رقم 703. )
الحسن(عليه السلام) الطريق لمّا قدم به المدينة، فسمعته في بعض الطريق يقول: من اتّقي اللّه يتّقي، ومن أطاع اللّه يطاع.
فلم أزل أدلف حتّي قربت منه ودنوت، فسلّمت عليه وردّ عليّ ( يقال: دَلَف الشيخ: إذا مشي وقارب الخطو. مجمع البحرين: 59/5 (دلف). )
السلام، فأوّل ما ابتدأني أن قال لي: يا فتح! من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوقين، ومن أسخط الخالق فليوقن أن يحلّ به سخط المخلوقين.
يافتح! إنّ اللّه جلّ جلاله لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه، فأنّي يوصف الذي يعجز الحواسّ أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار أن تحيط به، جلّ عمّا يصفه الواصفون، وتعالي عمّا ينعته الناعتون، نأي في قربه وقرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفي قربه ( نأي فلاناً، ونأي عنه ينأي نأياً: بعد عنه. أقرب الموارد: 324/5 (نأي). )
بعيد، كيّف الكيف فلايقال: كيف. وأيّن الأين. فلايقال: أين، إذ هو منقطع الكيفيّة والأينيّة، الواحد الأحد جلّ جلاله؛ بل كيف يوصف بكنهه محمّد(صلي الله عليه وآله)، وقد قرن الجليل اسمه باسمه، وأشركه في طاعته، وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته، فقال: (وَمَا نَقَمُواْ إِلآَّ أَنْ أَغْنَل-هُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ و ( في المصدر: وما نقموا منه، وكلمة (منه) ليست من القرآن. )
مِن فَضْلِهِ ي) وقال تبارك اسمه - يحكي قول من ترك طاعته: (يَلَيْتَنَآ ( التوبة: 74/9. )
أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) أم كيف يوصف من قرن الجليل طاعته ( الأحزاب: 66/33. )
بطاعة رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) حيث يقول: (أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنكُمْ).
( النساء: 59/4. )
يا فتح! كما لايوصف الجليل جلّ جلاله، ولا يوصف الحجّة، فكذلك لايوصف المؤمن المسلّم لأمرنا، فنبيّنا(صلي الله عليه وآله) أفضل الأنبياء ووصيّنا(عليه السلام) أفضل الأوصياء.
ثمّ قال لي - بعد كلام -: فأورد الأمر إليهم وسلّم لهم، ثمّ قال لي: إن شئت.
فانصرفت منه. فلمّا كان في الغد تلطّفت في الوصول إليه، فسلّمت ( لطف الشي ءغ يلطف لطافة من باب قرب: صغر حجمه، واللطف في العمل: الرفق به. مجمع البحرين: 120/5 (لطف). )
فردّالسلام.
فقلت: يا ابن رسول اللّه! تأذن لي في كلمة اختلجت في صدري ( اختلج العضو: اضطرب ومنه الاختلاج. مجمع البحرين: 295/2 (خلج). )
ليلتي الماضية؟
فقال لي: سل واصخ إلي جوابها سمعك، فإنّ العالم والمتعلّم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة، فأمّا الذي اختلج في صدرك فإن يشأ العالم أنبأك اللّه، إنّ اللّه لم يظهر علي غيبه أحداً إلّا من ارتضي من رسول، وكلّ ما عند الرسول فهو عند العالم، وكلّ ما اطّلع الرسول عليه فقد اطّلع أوصياؤه عليه.
يا فتح! عسي الشيطان أراد اللبس عليك، فأوهمك في بعض ما أوردت عليك، وأشكّك في بعض مأ أنبأتك؛ حتّي أراد إزالتك عن طريق اللّه وصراطه المستقيم. فقلت: متي أيقنت أنّهم هكذا، فهم أرباب. معاذ اللّه! إنّهم مخلوقون مربوبون، مطيعون داخرون راغمون؛ فإذا جاءك الشيطان بمثل ما جاءك به فاقمعه بمثل ما نبّأتك به.
قال فتح: فقلت له: جعلني اللّه فداك! فرّجت عنّي، وكشفت ما لبس الملعون عليّ، فقد كان أوقع في خلدي أنّكم أرباب. قال: فسجد(عليه السلام) ( الخلد، بالتحريك: البال، والقلب، والنفس، وجمعه أخلاد. لسان العرب: 165/3 (خلد). )
فسمعته يقول في سجوده: «راغماً لك يا خالقي داخراً خاضعاً». ثمّ ( رَغِمَ أنفي للّه أي ذلّ وانقاد. مجمع البحرين: 74/6 (رغم). )
قال: يا فتح! كدت أن تهلك، وما ضرّ عيسي(عليه السلام) أن هلك من هلك، إذا شئت رحمك اللّه. قال: فخرجت وأنا مسرور بما كشف اللّه عنّي من اللبس.
فلمّا كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو متّكي ء، وبين يديه حنطة مقلّوة يعبث بها، وقد كان أوقع الشيطان (لعنه اللّه) في خلدي أنّه لا ينبغي أن يأكلوا ولا يشربوا. فقال: اجلس يا فتح! فإنّ لنا بالرسل أُسوة. كانوا يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق، وكلّ جسم متغذٍّ إلّا خالق الأجسام الواحد الأحد، منشي ء الأشياء، ومجسّم الأجسام، وهو السميع العليم، تبارك اللّه عمّا يقول الظالمون، وعلا علوّاً كبيراً. ثمّ قال: إذا شئت رحمك اللّه.
( إثبات الوصيّة: 235، س 3. عنه مستدرك الوسائل: 208/12، ح 13898، قطعة منه.
كشف الغمّة: 386/2، س 3، بتفاوت. عنه إثبات الهداة: 137/1، ح 269، قطعة منه، و382/3، ح 58، قطعة منه، و766 ح 76، قطعة منه، والبحار: 177/50، ح 56، و366/75، ح 2.
إحقاق الحقّ: 455/12، س 6، قطعة منه.
الكافي: 137/1، ح 3، قطعة منه. عنه الوافي: 432/1، ح 355.
قطعة منه في (إخباره(عليه السلام) بما في الضمائر) و(سيرته(عليه السلام) في ردّ السلام) و(سجوده(عليه السلام)) و(كيفيّة جلوسه(عليه السلام)) و(رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) أفضل الأنبياء) و(أمير المؤمنين أفضل الأوصياء) و(إنّ الإئمّة يسيرون بسيرة الأنبياء(عليهم السلام)) و(طاعة الأئمّة(عليهم السلام)) و(علم الأئمّة(عليهم السلام))، و(أن الأئمّه(عليهم السلام) مخلوقون مربوبون، مطيعون) و(سورة النساء: 59/4)، (سورة التوبة: 74/9)، (سورة الأحزاب: 66/33)، و(دعاؤه(عليه السلام) في السجود) و(موعظته(عليه السلام) في طاعة اللّه وطاعة المخلوق) و(موعظته(عليه السلام) في التقوي) و(موعظته(عليه السلام) في السؤال وأجر العالم والمتعلّم) و(مدح فتح بن يزيد الجرجانيّ). )

10 - السيّد ابن طاووس(رحمه الله): ودعا [عليّ بن محمّد الهادي ](عليها السلام) في قنوته: «يامن تفرّد بالربوبيّة، وتوحّد بالوحدانيّة، يا من أضاء باسمه النهار وأشرقت به الأنوار، وأظلم بأمره حندس الليل.... أسألك اللّهمّ باسمك الذي خشعت له السماوات والأرض، وأحييت به موات الأشياء، وأمتّ به جميع الأحياء... ».
( مهج الدعوات: 82، س 19.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 725. )

11 - ابن شعبة الحرّانيّ(رحمه الله): قال الحسن بن مسعود: دخلت علي أبي الحسن عليّ بن محمّد(عليها السلام)،... فقال(عليه السلام): يا حسن!... إنّ اللّه هو المثيب والمعاقب، والمجازي بالأعمال عاجلاً وآجلاً؟....
( تحف العقول: 482، س 9.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 768. )

12 - الشيخ الصدوق(رحمه الله): حدّثنا محمّد بن موسي بن المتوكّل(رحمه الله) قال: حدّثنا عليّ بن إيراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الصقر بن (أبي) دلف قال: سألت أبا الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي الرضا(عليهم السلام) عن التوحيد، وقلت له: إنّي أقول بقول هشام بن الحكم، فغضب(عليه السلام)، ثمّ قال: مالكم ولقول هشام 2 ام، 4، إنّه ليس منّا من زعم أنّ اللّه عزّ وجلّ جسم، ونحن منه برآء في الدنيا والآخرة، يا ابن (أبي) دلف! إنّ الجسم محدث، واللّه محدثه ومجسّمه.
( التوحيد: 104، ح 20. عنه البحار: 81/54، ح 58.
أمالي الصدوق: 228، ح 2، بتفاوت يسير. عنه وعن التوحيد، البحار: 291/3، ح 10، والفصول المهمّة للحرّ العاملي: 147/1 ح 57، قطعة منه.
قطعة منه في (غضبه(عليه السلام) علي من زعم أنّ اللّه عزّ وجلّ جسم) و(ذمّ هشام بن الحكم). )

13 - الشيخ الصدوق(رحمه الله): حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق(رحمه الله) قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفيّ قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكيّ قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن بردة قال: حدّثني العبّاس بن عمرو الفقيميّ، عن أبي القاسم إبراهيم بن محمّد العلويّ، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ قال: لقيته(عليه السلام) علي الطريق عند ( صرّح المحقّق التستري 1 والسيّد الخوئي 1 بأنّ ضمير «لقيته» يرجع إلي أبي الحسن الهادي(عليه السلام) حيث إنّه الذي أشخصه المتوكّل (لع) من المدينة إلي العراق وأمّا الرضا(عليه السلام)، فانّما أشخصه المأمون من المدينة إلي خراسان. راجع قاموس الرجال: 371/8 رقم 5873، طبعةجماعة المدرّسين، ومعجم رجال الحديث: 249/13 رقم 9300، وفيه: وأمّا الرضا(عليه السلام) فهو لم يأت العراق وإنّما أشخصه المأمون إلي خراسان، ولكن الصدوق 1 رواها في عيون أخبارالرضا(عليه السلام) وهو يشعر بكون المراد من أبي الحسن هو الرضا(عليه السلام). )
منصرفي من مكّة إلي خراسان، وهو سائر إلي العراق فسمعته يقول: من اتّقي اللّه، يتّقي، ومن أطاع اللّه، يطاع، فتلطّفت في الوصول إليه، فوصلت فسلّمت، فردّ عليّ السلام.
ثمّ قال:يا فتح! من أرضي الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط الخالق فَقَمِنٌ أن يسلّط عليه سخط المخلوق، وأنّ الخالق لا ( قمن: أي حري، خليق وجدير. لسان العرب: 347/13، (قمن). )
يوصف إلّا بما وصف به نفسه، وأنّي يوصف الذي تعجز الحواسّ أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار عن الإحاطة به، جلّ عمّا وصفه الواصفون، وتعالي عمّا ينعته الناعتون، نأي في قربه، وقرب في نأيه، فهو في بعده قريب، وفي قربه بعيد، كيّف الكيف، فلا يقال له كيف، وأيّن الأين، فلايقال له أين، إذ هو مبدع الكيفوفيّة والأينونيّة.
يافتح! كلّ جسم مغذّي بغذاء إلّا الخالق الرزّاق، فإنّه جسّم الأجسام، وهو ليس بجسم ولا صورة، لم يتجزأ ولم يتناه، ولم يتزايد ولم يتناقص، مبرّء من ذات ما ركّب في ذات من جسّمه، وهو اللطيف الخبير، السميع البصير، الواحد الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، منشي ء الأشياء، ومجسّم الأجسام، ومصوّر الصور، لو كان كما يقول المشبّهة، لم يعرف الخالق من المخلوق، ولا الرازق من المرزوق، ولا المنشي ء من المنشأ، لكنّه المنشي ء، فرّق بين من جسّمه وصوّره، و شيّئه وبيّنه، إذ كان لايشبهه شي ء.
قلت: فاللّه واحد، والإنسان واحد، فليس قد تشابهت الوحدانيّة؟
فقال: أحلت ثبّتك اللّه! إنّما التشبيه في المعاني، فأمّا في الأسماء فهي واحدة، وهي دلالة علي المسمّي، وذلك أنّ الإنسان وإن قيل واحد، فإنّه يخبر أنّه جثّة واحدة وليس باثنين، والإنسان نفسه ليس بواحد، لأنّ أعضاءه مختلفة، وألوانه مختلفة غير واحدة، وهو أجزاء مجزّاة ليس سواء، دمه غير لحمه، ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه، وشعره غير بشره، وسواده غير بياضه، وكذلك سائر جميع الخلق، فالإنسان واحد في الإسم، لا واحد في المعني، واللّه جلّ جلاله واحد لاواحد غيره، ولا اختلاف فيه، ولا تفاوت، ولا زيادة، ولا نقصان.
فأمّا الإنسان المخلوق المصنوع المؤلّف، فَمِن أجزاٍء مختلفة، وجواهر شتّي، غيرأنّه بالاجتماع شي ء واحد.
قلت: فقولك اللطيف فسّره لي، فإنّي أعلم أنّ لطفه خلاف لطف غيره للفصل غير أنّي أُحبّ أن تشرح لي.
فقال(عليه السلام): يا فتح! إنّما قلت اللطيف للخلق اللطيف، ولعلمه بالشي ء اللطيف، ألاتري إلي أثر صنعه في النبات اللطيف، وغير اللطيف، وفي الخلق اللطيف من أجسام الحيوان، من الجرجس، والبعوض، وماهو أصغر منهما، ممّا لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأُنثي، والمولود من القديم، فلمّا رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسفاد، والهرب من الموت، والجمع لمايصلحه بما في لجج البحار، ( سِفاداً بالكسر: نزو الذكر علي الأُنثي. مجمع البحرين: 70/3، (سفد). )
وما في لحاء الأشجار، والمفاوز والقفار، وإفهام بعضها عن بعض ( اللحاء: قشر العود أو الشجر. المنجد: 717 (لحي). )
( المفازة: التي لا ماء فيها. لسان العرب: 393/5، (فوز). )
( القفر: مفازة لا نبات بها ولا ماء. لسان العرب: 110/5، (قفر). )
منطقها، وما تفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثمّ تأليف ألوانها حمرة مع صفرة، وبياض مع حمرةٌ، علمنا أنّ خالق هذا الخلق لطيف، وأنّ كلّ صانع شي ء، فمِنْ شي ء صَنَعَ، واللّه الخالق اللطيف الجليل خَلَقَ، وصَنَعَ لا من شي ء.
قلت: جعلت فداك، وغير الخالق الجليل خالق؟
قال: إنّ اللّه تبارك وتعالي يقول: (تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَلِقِينَ) ( المؤمنون: 14/23. )
فقدأخبر أنّ في عباده خالقين، منهم: عيسي بن مريم خلق من الطين كهيئة الطير بإذن اللّه، فنفخ فيه فصار طائراً بإذن اللّه؛ والسامري خلق لهم عجلاً جسداً له خوار.
قلت: إنّ عيسي خلق من الطين طيراً دليلاً علي نبوّته، والسامري خلق عجلاً جسداً لنقض نبوّة موسي(عليه السلام)، وشاء اللّه أن يكون ذلك كذلك، إنّ هذا لهو العجب؟
فقال: ويحك يا فتح! إنّ للّه إرادتين ومشيّتين، إرادة حتم، وإرادة عزم، ينهي وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء، أ وما رأيت أنّه نهي آدم(عليه السلام) وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة، وهو شاء ذلك، ولو لم يشأ لم يأكلا، ولو أكلا لغلبت مشيّتهما مشيّة اللّه، وأمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل(عليها السلام) و شاء أن لا يذبحه، ولو لم يشأ أن لايذبحه لغلبت مشيّة إبراهيم مشيئة اللّه عزّوجلّ.
قلت: فرّجت عنّي فرّج اللّه عنك، غير أنّك قلت: السميع البصير سميع بالأُذن، وبصير بالعين؟
فقال: إنّه يسمع بما يبصر، ويري بما يسمع، بصير لا بعين مثل عين المخلوقين، وسميع لا بمثل سمع السامعين، لكن لمّا لم يخف عليه خافية من أثر الذرّة السوداء علي الصخرة الصمّاء في الليلة الظلماء تحت الثري والبحار، قلنا: بصير لا بمثل عين المخلوقين، ولمّا لم يشتبه عليه ضروب اللغات، ولم يشغله سمع عن سمع، قلنا: سميع لامثل سمع السامعين.
قلت: جعلت فداك، قد بقيت مسألة. قال: هات للّه أبوك.
قلت: يعلم القديم الشي ء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون؟
قال: ويحك! إنّ مسائلك لصعبة، أما سمعت اللّه يقول: (لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) وقوله: (وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَي بَعْضٍ ) وقال: ( الأنبياء: 22/21. )
( المؤمنون: 91/23. )
يحكي قول أهل النار (أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَلِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) وقال: ( فاطر: 37/35. )
(وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ) فقد علم الشي ء الذي لم يكن، أن لو ( فاطر: 37/35. )
كان كيف كان يكون.
فقمت لأُقبّل يده ورجله، فأدني رأسه، فقبّلت وجهه ورأسه وخرجت وبي من السرور والفرح ما أعجز عن وصفه لما تبيّنت من الخير والحظّ.
( التوحيد: 60، ح 18، و185، ح 1، قطعة منه، وفيه: محمّد بن عليّ ماجيلويه قال: حدّثنا عليّ ابن إبراهيم بن هاشم، عن المختار بن محمّد بن المختار الهمدانيّ، عن الفتح.
عنه نور الثقلين: 710/1، ح 47، و418/3، ح 28، و550، ح 108، و420/4، ح 72، و368، ح 105، قطعة منه، ووسائل الشيعة: 155/16، ح 21230، والبحار: 82/4، ح 10،قطعة منه، و139، ح 5، قطعة منه، و147، ح 1، قطعة منه، و290، ح 21، و101/5، ح 26، قطعة منه، والفصول المهمّة للحرّ العاملي: 256/1، ح 263، وتعليقة مفتاح الفلاح للخواجوئي:741، س 8، قطعة منه، وفيه: عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام).
مختصر بصائر الدرجات: 141، س 9.
الكافي: 137/1، ح 3، قطعة منه، و118، ح 1، قطعة منه. عنه نور الثقلين: 755/1، ح 228، قطعة منه، و62، ح 120، قطعة منه، و103/2 ح 374، قطعة منه، والفصول المهمّة للحرّالعاملي: 206/1، ح 1، والوافي: 481/1، ح 393.
تحف العقول: 482، س 3، قطعة منه. عنه البحار: 182/68، ح 41، و303/4، ح 30.
عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 127/1، ح 23، قطعة منه، بتفاوت.
عنه وعن التوحيد، البحار: 173/4، ح 2، والبرهان: 363/4، ح 2.
الكافي: 151/1، ح 4، قطعة منه. عنه الفصول المهمّة للحرّ العاملي: 230/1، ح 209، والوافي: 522/1، ح 426، ونور الثقلين: 76/4، ح 15، قطعة منه، و297/5، ح 103، قطعة منه، و354، ح 32، قطعة منه، و383، ح 27، و709، ح 61، ووسائل الشيعة: 155/16، س 14، مثله.
قطعة منه في (تواضعه(عليه السلام) لمن رام تقبيل يده ورجله بتقريب رأسه إليه) و(سيرته(عليه السلام) في ردّ السلام) و(سورة المؤمنون: 14/23، و91) و(سورة الأنبياء: 22/21) و(سورة فاطر: 37/35) و(سورة الأنعام: 28/6) و(دعاؤه(عليه السلام) لفتح بن يزيد الجرجانيّ) و(موعظته(عليه السلام) في التقوي) و(موعظته(عليه السلام) في رضي اللّه) و(مدح فتح بن يزيد الجرجانيّ). )

14 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ قال: كتبت إلي الرجل يعني أبا الحسن(عليه السلام): أنّ من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد. فمنهم من يقول: جسم. ومنهم من يقول: صورة.
فكتب(عليه السلام) بخطّه: سبحان من لا يحدّ ولا يوصف، ليس كمثله شي ء وهو السميع العليم - أو قال البصير -.
( التوحيد: 100، ح 9.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 811. )

15 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... محمّد بن عليّ القاسانيّ قال: كتبت إليه(عليه السلام): أنّ من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد.
قال: فكتب(عليه السلام): سبحان من لا يحدّ ولا يوصف، ليس كمثله شي ء وهو السميع البصير.
( التوحيد: 101، ح 12.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 927. )

16 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... محمّد بن عيسي بن عبيد اليقطينيّ قال: كتب عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي الرضا(عليهم السلام) إلي بعض شيعته ببغداد: بسم اللّه الرحمن الرحيم، عصمنا اللّه وإيّاك من الفتنة،... وليس الخالق إلّا اللّه وما سواه مخلوق،....
( الأمالي: 438، ح 14.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1017. )

17 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ(عليها السلام) يقول:... أنّ في علم اللّه السابق أنّه إذا خرج القائم(عليه السلام)، لا يبقي مؤمن في زمانه إلّا رجمه [أي إبليس ] بالحجارة....
( معاني الأخبار: 139، ح 1.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 714. )

18 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... محمّد بن عيسي بن عبيد قال: سألت أباالحسن عليّ بن محمّد العسكريّ(عليها السلام)، عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ و يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَالسَّمَوَتُ مَطْوِيَّتُ بِيَمِينِهِ ي).
فقال(عليه السلام): ذلك تعيير اللّه تبارك وتعالي لمن شبّهه بخلقه، ألا تري أنّه قال: (وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ي) ومعناه إذ قالوا: إنّ الأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسموات مطويّات بيمينه كما قال عزّ وجلّ: (وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ي إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَي بَشَرٍ مِّن شَيْ ءٍ) ثمّ نزّه عزّ وجلّ نفسه عن القبضة واليمين، فقال: (سُبْحَنَهُ و وَتَعَلَي عَمَّا يُشْرِكُونَ).
( التوحيد: 160، ح 1.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 715. )

19 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... سهل بن زياد، عن أبي الحسن عليّ بن محمّد(عليها السلام)، أنّه قال: إلهي!... فأنت في المكان الذي لا يتناهي، ولم تقع عليك عيون بإشارة ولا عبارة، هيهات، ثمّ هيهات، يا أُولي، يا وحدانيّ، يافردانيّ، شمخت في العلوّ بعزّ الكبر، وارتفعت من وراء كلّ غورة ونهاية بجبروت الفخر.
( التوحيد: 66، ح 19.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 721. )

20 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... عن الطيّب يعني عليّ بن محمّد وعن أبي جعفر الجواد(عليها السلام) أنّهما قالا: من قال بالجسم، فلا تعطوه من الزكاة، ولاتصلّوا وراءه.
( التوحيد: 101، ح 11.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 627. )

21 - الخزّاز القمّيّ(رحمه الله):... عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ قال: دخلت علي سيّدي عليّ بن محمّد(عليها السلام)،... فقلت له: يا ابن رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)! إنّي أُريد أن أعرض عليك ديني،... إنّي أقول إنّ اللّه تبارك وتعالي واحد ليس كمثله شي ء، خارج من الحدّين، حدّ الإبطال وحدّ التشبيه، وأنّه ليس بجسم ولاصورة، ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسّم الأجسام، ومصوّر الصور، وخالق الأعراض والجواهر، وربّ كلّ شي ء ومالكه، وجاعله ومحدثه،....
فقال عليّ بن محمّد(عليها السلام): يا أبا القاسم! هذا واللّه دين اللّه الذي ارتضاه لعباده،....
( كفاية الأثر: 282، س 5.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 558. )

22 - أبو منصور الطبرسيّ(رحمه الله): سئل أبو الحسن(عليه السلام) عن التوحيد فقيل له: لم يزل اللّه وحده لا شي ء معه، ثمّ خلق الأشياء بديعاً واختار لنفسه الأسماء، ولم تزل الأسماء والحروف له معه قديمه.
فكتب(عليه السلام): لم يزل اللّه موجوداً ثمّ كوّن ما أراد، لا رادّ لقضائه، ولامعقّب لحكمه... فهو بالموضع الذي لا يتناهي، وبالمكان الذي لم يقع عليه عيون بإشارة ولا عبارة، هيهات، هيهات!.
( الاحتجاج: 485/2، ح 325.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1041. )


(د) - علم اللّه عزّ وجلّ
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... أيّوب بن نوح، أنّه كتب إلي أبي الحسن(عليه السلام): يسأله عن اللّه عزّ وجلّ، أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوّنها؟ أو لم يعلم ذلك حتّي خلقها وأراد خلقها وتكوينها فعلم ماخلق عند ما خلق، وما كوّن عند ما كوّن؟
فوقّع بخطّه(عليه السلام): لم يزل اللّه عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء، كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء.
( الكافي: 107/1، ح 4.
يأتي الحديث بتمامه مع ترجمة الراوي في ج 3، رقم 845. )

2 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... جعفر بن محمّد بن حمزة قال: كتبت إلي الرجل(عليه السلام): أسأله أنّ مواليك إختلفوا في العلم؛ فقال بعضهم: لم يزل اللّه عالماً قبل فعل الأشياء؛ وقال بعضهم: لا نقول لم يزل اللّه عالماً لأنّ معني يعلم يفعل؛ فإن أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الأزل معه شيئاً، فإن رأيت جعلني اللّه فداك! أن تعلّمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه.
فكتب(عليه السلام) بخطّه: لم يزل اللّه عالماً تبارك وتعالي ذكره.
( الكافي: 107/1، ح 5.
يأتي الحديث بتمامه مع ترجمة الراوي في ج 3، رقم 860. )

3 - البحرانيّ(رحمه الله):... عليّ بن عبيد اللّه الحسينيّ قال: ركبنا مع سيّدنا أبي الحسن(عليه السلام) إلي دار المتوكّل....
فقال له المتوكّل: اجلس يا أبا الحسن! إنّي أُريد أن أسألك.
فقال(عليه السلام) له: سل!
فقال له: ما في الآخرة شي ء غير الجنّة أو النار يحلّون فيه الناس؟
فقال أبو الحسن(عليه السلام): ما يعلمه إلّا اللّه.
فقال له: فعن علم اللّه أسألك! فقال(عليه السلام) له: ومن علم اللّه أُخبرك....
( مدينة المعاجز: 535/7، ح 2518.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1، رقم 527. )


(ه') - مشيّة اللّه عزّ وجلّ
1 - العيّاشيّ(رحمه الله):... أيّوب بن نوح قال: قال لي أبو الحسن العسكريّ(عليه السلام)... إنّ للّه المشيّة، يقدّم ما يشاء، ويؤخّر ما يشاء....
( تفسير العيّاشيّ: 215/2، ح 56.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 540. )

2 - أبو عمرو الكشّيّ(رحمه الله):... محمّد بن عيسي اليقطينيّ قال: كتب [أبوالحسن الثالث ](عليه السلام) إلي عليّ بن بلال... فإنّ اللّه يعطي من يشاء ذوالإعطاء والجزاء برحمته....
( رجال الكشّيّ: 512، رقم 991.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 901. )


(و) - البداء
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... معلّي بن محمّد قال: سئل العالم(عليه السلام)... قال(عليه السلام):... فللّه تبارك وتعالي البداء فيما علم متي شاء، وفيما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء،....
فللّه تبارك وتعالي فيه البداء ممّا لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلابداء،....
( الكافي: 148/1، ح 16.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 534. )

2 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عن أبي هاشم الجعفريّ قال: كنت عند أبي الحسن(عليه السلام) بعد ما مضي ابنه أبو جعفر،....
فقال: نعم، يا أبا هاشم! بدا للّه في أبي محمّد(عليه السلام) بعد أبي جعفر ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسي بعد مضيّ إسماعيل ما كشف به عن حاله،....
( الكافي: 327/1، ح 10.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 583. )


(ز) - الجبر والتفويض
1 - ابن شعبة الحرّانيّ(رحمه الله): من عليّ بن محمّد(عليها السلام): سلام عليكم وعلي من اتّبع الهدي ورحمة اللّه وبركاته، فإنّه ورد عليّ كتابكم، وفهمت ماذكرتم من اختلافكم في دينكم، وخوضكم في القدر، ومقالة من يقول منكم بالجبر، ومن يقول بالتفويض، وتفرّقكم في ذلك وتقاطعكم، وما ظهر من العداوة بينكم، ثمّ سألتموني عنه وبيانه لكم وفهمت ذلك كلّه....
فإنّا نبدأ من ذلك بقول الصادق(عليه السلام): «لا جبر ولا تفويض ولكن منزلة بين المنزلتين، وهي صحّة الخلقة، وتخلية السرب، والمهلة في الوقت، والزاد مثل الراحلة، والسبب المهيّج للفاعل علي فعله» فهذه خمسة أشياء جمع به الصادق(عليه السلام) جوامع الفضل، فإذا نقص العبد منها خلّة، كان العمل عنه مطروحاً بحسبه، فأخبر الصادق(عليه السلام) بأصل ما يجب علي الناس من طلب معرفته، ونطق الكتاب بتصديقه، فشهد بذلك محكمات آيات رسوله، لأنّ الرسول(صلي الله عليه وآله) وآله(عليهم السلام) لا يعدون شيئاً من قوله وأقاويلهم حدود القرآن، فإذا وردت حقائق الأخبار والتمست شواهدها من التنزيل، فوجد لها موافقاً وعليها دليلاً، كان الاقتداء بها فرضاً لا يتعدّاه إلّإ؛ ) أهل العناد كما ذكرنا في أوّل الكتاب.
ولمّا التمسنا تحقيق ما قاله الصادق(عليه السلام) من المنزلة بين المنزلتين، وإنكاره الجبر والتفويض، وجدنا الكتاب قد شهد له، وصدّق مقالته في هذا، وخبر عنه أيضاً موافق لهذا: أنّ الصادق (عليه السلام) سئل هل أجبر اللّه العباد علي المعاصي؟
فقال الصادق(عليه السلام): هو أعدل من ذلك، فقيل له: فهل فوّض إليهم؟
فقال(عليه السلام): هو أعزّ وأقهر لهم من ذلك.
وروي عنه(عليه السلام) أنّه قال: الناس في القدر علي ثلاثة أوجه: رجل يزعم أنّ الأمر مفوّض إليه فقد وهّن اللّه في سلطانه فهو هالك.
ورجل يزعم أنّ اللّه جلّ وعزّ أجبر العباد علي المعاصي وكلّفهم مالايطيقون فقد ظلّم اللّه في حكمه فهو هالك.
ورجل يزعم أنّ اللّه كلّف العباد ما يطيقون، ولم يكلّفهم ما لا يطيقون، فإذا أحسن حمد اللّه، وإذا أساء استغفر اللّه، فهذا مسلم بالغ.
فأخبر(عليه السلام): أنّ من تقلّد الجبر والتفويض ودان بهما فهو علي خلاف الحقّ.
فقد شرحت الجبر الذي من دان به يلزمه الخطأ، وأنّ الذي يتقلّد التفويض يلزمه الباطل، فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما.
ثمّ قال(عليه السلام): وأضرب لكلّ باب من هذه الأبواب مثلاً يقرّب المعني للطالب، ويسهّل له البحث عن شرحه، تشهد به محكمات آيات الكتاب، وتحقّق تصديقه عند ذوي الألباب، وباللّه التوفيق والعصمة.
فأمّا الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ فهو قول من زعم أنّ اللّه جلّ وعزّ أجبر العباد علي المعاصي وعاقبهم عليها؛ ومن قال بهذا القول فقد ظلّم اللّه في حكمه، وكذّبه وردّ عليه قوله: (وَلَايَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).
وقوله: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّمٍ لِّلْعَبِيدِ).
وقوله: (إِنَّ اللَّهَ لَايَظْلِمُ النَّاسَ شَيًْا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
مع آيٍ كثيرة في ذكر هذا.
فمن زعم أنّه مجبر علي المعاصي فقد أحال بذنبه علي اللّه، وقد ظلّمه في عقوبته.
ومن ظلّم اللّه فقد كذّب كتابه. ومن كذّب كتابه فقد لزمه الكفر بإجتماع الأُمّة.
ومثل ذلك مثل رجل ملك عبداً مملوكاً لا يملك نفسه ولا يملك عرضاً من عرض الدنيا، ويعلم مولاه ذلك منه فأمره علي علم منه بالمصير إلي السوق لحاجة يأتيه بها، ولم يملّكه ثمن ما يأتيه به من حاجته، وعلم المالك أنّ علي الحاجة رقيباً لا يطمع أحد في أخذها منه إلّا بما يرضي به من الثمن، وقد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل والنصفة، وإظهار الحكمة ونفي الجور، وأوعد عبده إن لم يأته بحاجته أن يعاقبه علي علم منه بالرقيب الذي علي حاجته أنّه سيمنعه، وعلم أنّ المملوك لا يملك ثمنها ولم يملّكه ذلك، فلمّا صار العبد إلي السوق وجاء ليأخذ حاجته التي بعثه المولي لها وجد عليها مانعاً يمنع منها إلّا بشراء، وليس يملك العبد ثمنها، فانصرف إلي مولاه خائباً بغير قضاء حاجته، فاغتاظ مولاه من ذلك وعاقبه عليه، أليس يجب في عدله و حكمه أن لا يعاقبه وهو يعلم أنّ عبده لا يملك عرضاً من عروض الدنيا ولم يملّكه ثمن حاجته؟ فإن عاقبه عاقبه ظالماً متعدّياً عليه، مبطلاً لما وصف من عدله وحكمته ونصفته، وإن لم يعاقبه كذّب نفسه في وعيده إيّاه حين أوعده بالكذب والظلم اللذين ينفيان العدل والحكمة؛ تعالي عمّا يقولون علوّاً كبيراً.
فمَن دان بالجبر أو بما يدعو إلي الجبر فقد ظلّم اللّه ونسبه إلي الجور والعدوان، إذ أوجب علي من أجبر[ه ] العقوبة.
ومن زعم أنّ اللّه أجبر العباد فقد أوجب علي قياس قوله إنّ اللّه يدفع عنهم العقوبة.
ومن زعم أنّ اللّه يدفع عن أهل المعاصي العذاب فقد كذّب اللّه في وعيده حيث يقول: (بَلَي مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَطَتْ بِهِ ي خَطِيَتُهُ و فَأُوْلَل-ِكَ أَصْحَبُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ).
وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَلَ الْيَتَمَي ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا).
وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَِايَتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) مع آي كثيرة في هذا الفن غّ ممّن كذّب وعيد اللّه، ويلزمه في تكذيبه آية من كتاب اللّه الكفر.
وهو ممّن قال اللّه: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ يُرَدُّونَ إِلَي أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، بل نقول: إنّ اللّه عزّ وجلّ جازي العباد علي أعمالهم، ويعاقبهم علي أفعالهم بالإستطاعة التي ملّكهم إيّاها، فأمرهم ونهاهم بذلك ونطق كتابه: (مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ و عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَايُجْزَي إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَايُظْلَمُونَ).
وقال جلّ ذكره: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ و أَمَدَم ا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ و).
وقال: (الْيَوْمَ تُجْزَي كُلُّ نَفْسِ م بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ).
فهذه آيات محكمات تنفي الجبر ومن دان به، ومثلها في القرآن كثير، اختصرنا ذلك لئلّا يطول الكتاب وباللّه التوفيق.
وأمّا التفويض الذي أبطله الصادق(عليه السلام)، وأخطأ من دان به وتقلّده، فهو قول القائل: إنّ اللّه جلّ ذكره فوّض إلي العباد اختيار أمره ونهيه وأهملهم.
وفي هذا كلام دقيق لمن يذهب إلي تحريره ودقّته، وإلي هذا ذهبت الأئمّة المهتدية من عترة الرسول(صلي الله عليه وآله)، فإنّهم قالوا: لو فوّض إليهم علي جهة الإهمال لكان لازماً له رضا ما اختاروه واستوجبوا منه الثواب، ولم يكن عليهم فيما جنوه العقاب إذا كان الإهمال واقعاً، وتنصرف هذه المقالة علي معنيين:
إمّا أن يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه قبول إختيارهم بآرائهم ضرورة، كره ذلك أم أحبّ، فقد لزمه الوهن، أو يكون جلّ وعزّ عجز عن تعبّدهم بالأمر والنهي علي إرادته، كرهوا أو أحبّوا، ففوّض أمره ونهيه إليهم وأجراهما علي محبّتهم، إذ عجز عن تعبّدهم بإرادته، فجعل الإختيار إليهم في الكفر والإيمان.
ومثل ذلك مثل رجل ملك عبداً ابتاعه ليخدمه، ويعرف له فضل ولايته، ويقف عند أمره ونهيه، وادّعي مالك العبد أنّه قاهر عزيز حكيم، فأمر عبده ونهاه، ووعده علي اتّباع أمره عظيم الثواب، وأوعده علي معصيته أليم العقاب، فخالف العبد إرادة مالكه ولم يقف عند أمره ونهيه، فأيّ أمر أمره، أو أيّ نهي نهاه عنه لم يأته علي إرادة المولي؛ بل كان العبد يتّبع إرادة نفسه، واتّباع هواه، ولا يطيق المولي أن يردّه إلي اتّباع أمره ونهيه والوقوف علي إرادته، ففوّض إختيار أمره ونهيه إليه، ورضي منه بكلّ ما فعله علي إرادة العبد لا علي إرادة المالك، وبعثه في بعض حوائجه وسمّي له الحاجة فخالف علي مولاه وقصد لإرادة نفسه واتّبع هواه، فلمّا رجع إلي مولاه نظر إلي ماأتاه به، فإذا هو خلاف ما أمره به، فقال له: لِمَ أتيتني بخلاف ما أمرتك؟
فقال العبد: اتّكلت علي تفويضك الأمر إليّ فاتّبعت هواي وإرادتي، لأنّ المفوّض إليه غير محظور عليه فاستحال التفويض.
أو ليس يجب علي هذا السبب إمّا أن يكون المالك للعبد قادراً يأمر عبده باتّباع أمره ونهيه علي إرادته، لا علي إرادة العبد، ويملّكه من الطاقة بقدر مايأمره به وينهاه عنه، فإذا أمره بأمر ونهاه عن نهي، عرّفه الثواب والعقاب عليهما؛ وحذّره ورغّبه بصفة ثوابه وعقابه، ليعرف العبد قدرة مولاه بما ملّكه من الطاقة لأمره ونهيه وترغيبه وترهيبه، فيكون عدله وإنصافه شاملاً له، وحجّته واضحة عليه للإعذار والإنذار. فإذا اتّبع العبد أمر مولاه جازاه، وإذا لم يزدجر عن نهيه عاقبه، أو يكون عاجزاً غير قادر، ففوّض أمره إليه، أحسن أم أساء، أطاع أم عصي، عاجز عن عقوبته، وردّه إلي اتّباع أمره.
وفي إثبات العجز نفي القدرة والتألّه، وإبطال الأمر والنهي، والثواب والعقاب، ومخالفة الكتاب، إذ يقول: (وَلَايَرْضَي لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ).
وقوله عزّ وجلّ: (اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ي وَلَاتَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
وقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ).
وقوله: (اعْبُدُواْ اللَّهَ وَلَاتُشْرِكُواْ بِهِ ي شَيًْا).
وقوله: (أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ و وَلَاتَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ).
( في المصدر: أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول...، ولكن صحّحناها بما في المصحف الشريف. )
فمن زعم أنّ اللّه تعالي فوّض أمره ونهيه إلي عباده فقد أثبت عليه العجز، وأوجب عليه قبول كلّ ما عملوا من خير وشرّ، وأبطل أمر اللّه ونهيه ووعده ووعيده، لعلّة ما زعم أنّ اللّه فوّضها إليه، لأنّ المفوّض إليه يعمل بمشيئته، فإن شاء الكفر أو الإيمان، كان غير مردود عليه ولا محظور، فمن دان بالتفويض علي هذا المعني فقد أبطل جميع ما ذكرنا من وعده ووعيده وأمره ونهيه، وهو من أهل هذه الآية: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ يُرَدُّونَ إِلَي أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ). تعالي عمّا يدين به أهل التفويض علوّاً كبيراً.
لكن نقول: إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق الخلق بقدرته، وملّكهم استطاعة تعبّدهم بها، فأمرهم ونهاهم بما أراد، فقبل منهم اتّباع أمره ورضي بذلك لهم، ونهاهم عن معصيته، وذمّ من عصاه وعاقبه عليها، وللّه الخيرة في الأمر والنهي، يختار ما يريد ويأمر به، وينهي عمّا يكره ويعاقب عليه بالإستطاعة التي ملّكها عباده لإتّباع أمره واجتناب معاصيه، لأنّه ظاهر العدل والنصفة والحكمة البالغة، بالغ الحجّة بالإعذار والإنذار، وإليه الصفوة يصطفي من عباده من يشاء لتبليغ رسالته، واحتجاجه علي عباده؛ اصطفي محمّداً(صلي الله عليه وآله) وبعثه برسالاته إلي خلقه، فقال من قال من كفّار قومه حسداً واستكباراً: (لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءَانُ عَلَي رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) يعني بذلك أُميّة بن أبي الصلت وأبا مسعود الثقفي، فأبطل اللّه اختيارهم ولم يجز لهم آراءهم حيث يقول: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ). ولذلك اختار من الأُمور ما أحبّ ونهي عمّا كره، فمن أطاعه أثابه. ومن عصاه عاقبه، ولو فوّض اختيار أمره إلي عباده لأجاز لقريش اختيار أُميّة ابن أبي الصلت، وأبي مسعود الثقفي، إذ كانا عندهم أفضل من محمّد(صلي الله عليه وآله).
فلمّا أدّب اللّه المؤمنين بقوله: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَي اللَّهُ وَرَسُولُهُ و أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) فلم يجز لهم الاختيار بأهوائهم، ولم يقبل منهم إلّا اتّباع أمره، واجتناب نهيه علي يدي من اصطفاه، فمن أطاعه رشد، ومن عصاه ضلّ وغوي، ولزمته الحجّة بما ملّكه من الاستطاعة لاتّباع أمره واجتناب نهيه، فمن أجل ذلك حرّمه ثوابه وأنزل به عقابه.
وهذا القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض، وبذلك أخبر أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه عباية بن ربعي الأسدي حين سأله عن الإستطاعة التي بها يقوم ويقعد ويفعل.
فقال له أمير المؤمنين(عليه السلام): سألت عن الاستطاعة تملكها من دون اللّه أو مع اللّه؟ فسكت عباية.
فقال له أمير المؤمنين(عليه السلام): قل يا عباية!
قال: وما أقول؟
قال(عليه السلام): إن قلت: إنّك تملّكها مع اللّه قتلتك، وإن قلت: تملّكها دون اللّه قتلتك.
قال عباية: فما أقول يا أمير المؤمنين؟
قال(عليه السلام): تقول إنّك تملّكها باللّه الذي يملّكها من دونك، فإن يملّكها إيّاك كان ذلك من عطائه، وإن يسلبكها كان ذلك من بلائه، هو المالك لما ملّكك، والقادر علي ما عليه أقدرك، أما سمعت الناس يسألون الحول والقوّة حين يقولون: لاحول ولا قوّة إلّا باللّه.
قال عباية: وما تأويلها يا أمير المؤمنين؟
قال(عليه السلام): لا حول عن معاصي اللّه إلّا بعصمة اللّه، ولا قوّة لنا علي طاعة اللّه إلّا بعون اللّه.
قال: فوثب عباية فقبّل يديه ورجليه.
وروي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) حين أتاه نجدة يسأله عن معرفة اللّه قال: ياأمير المؤمنين بماذا عرفت ربّك؟
قال(عليه السلام): بالتمييز الذي خوّلني والعقل الذي دلّني.
قال: أفمجبول أنت عليه؟
قال: لو كنت مجبولاً ما كنت محموداً علي إحسان، ولا مذموماً علي إساءة، وكان المحسن أولي باللائمة من المسيي ء، فعلمت أنّ اللّه قائم باق، وما دونه حدث حائل زائل، وليس القديم الباقي كالحدث الزائل.
قال نجدة: أجدك أصبحت حكيماً يا أمير المؤمنين!
قال: أصبحت مخيّراً. فإن أتيت السيّئة [ب']مكان الحسنة فأنا المعاقب عليها.
وروي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام، فقال: يا أمير المؤمنين! أخبرنا عن خروجنا إلي الشام بقضاء وقدر؟
قال(عليه السلام): نعم، يا شيخ! ما علوتم تلعة ولا هبطتم وادياً إلّا بقضاء وقدرمن اللّه.
فقال الشيخ: عند اللّه أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين!
فقال(عليه السلام): مه يا شيخ! فإنّ اللّه قد عظم أجركم في مسيركم وأنتم سائرون، وفي مقامكم وأنتم مقيمون، وفي انصرافكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شي ء من أُموركم مكرهين، ولا إليه مضطرّين، لعلّك ظننت أنّه قضاء حتم، وقدر لازم،لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب، ولسقط الوعد والوعيد، ولما أُلزمت الأشياء أهلها علي الحقائق؛ ذلك مقالة عبدة الأوثان، وأولياء الشيطان، إنّ اللّه جلّ وعزّ أمر تخييراً ونهي تحذيراً، ولم يطع مكرهاً ولم يعص مغلوباً، ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً، ذلك ظنّ الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.
فقام الشيخ فقبّل رأس أمير المؤمنين(عليه السلام) وأنشأ يقول:
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته
يوم النجاة من الرحمن غفراناً
أوضحت من ديننا ما كان ملتبساً
جزاك ربّك عنّا فيه رضواناً
فليس معذرة في فعل فاحشة
قد كنت راكبها ظلماً وعصياناً
فقد دلّ أمير المؤمنين(عليه السلام) علي موافقة الكتاب ونفي الجبر والتفويض اللذين يلزمان من دان بهما وتقلّدهما الباطل والكفر، وتكذيب الكتاب، ونعوذ باللّه من الضلالة والكفر، ولسنا ندين بجبر ولا تفويض، لكنّا نقول بمنزلة بين المنزلتين وهو الامتحان والاختبار بالاستطاعة التي ملّكنا اللّه، وتعبّدنا بها علي ما شهد به الكتاب، ودان به الأئمّة الأبرار من آل الرسول صلوات اللّه عليهم.
ومثل الاختبار بالإستطاعة مثل رجل ملك عبداً وملك مالاً كثيراً أحبّ أن يختبر عبده علي علم منه بما يؤول إليه، فملّكه من ماله بعض ما أحبّ ووقفه علي أُمور عرّفها العبد، فأمره أن يصرف ذلك المال فيها، ونهاه عن أسباب لم يحبّها، وتقدّم إليه أن يجتنبها ولا ينفق من ماله فيها، والمال يتصرّف في أيّ الوجهين، فصرف المال أحدهما في اتّباع أمر المولي ورضاه، والآخر صرفه في اتّباع نهيه وسخطه؛ وأسكنه دار اختبار أعلمه أنّه غير دائم له السكني في الدار، وأنّ له داراً غيرها وهو مخرجه إليها، فيها ثواب وعقاب دائمان، فإن أنفذ العبد المال الذي ملّكه مولاه في الوجه الذي أمره به جعل له ذلك الثواب الدائم في تلك الدار التي أعلمه أنّه مخرجه إليها، وإن أنفق المال في الوجه الذي نهاه عن إنفاقه فيه جعل له ذلك العقاب الدائم في دار الخلود.
وقد حدّ المولي في ذلك حدّاً معروفاً وهو المسكن الذي أسكنه في الدار الأولي، فإذا بلغ الحدّ استبدل المولي بالمال وبالعبد علي أنّه لم يزل مالكاً للمال والعبد في الأوقات كلّها، إلّا أنّه وعد أن لا يسلبه ذلك المال ما كان في تلك الدار الأولي إلي أن يستتمّ سكناه فيها فوفي له، لأنّ من صفات المولي، العدل والوفاء، والنصفة والحكمة.
أو ليس يجب إن كان ذلك العبد صرف ذلك المال في الوجه المأمور به أن يفي له بما وعده من الثواب، وتفضّل عليه بأن استعمله في دار فانية وأثابه علي طاعته فيها نعيماً دائماً في دار باقية دائمة؟
وإن صرف العبد المال الذي ملّكه مولاه أيّام سكناه تلك الدار الأولي في الوجه المنهيّ عنه، وخالف أمر مولاه، كذلك تجب عليه العقوبة الدائمة التي حذّره إيّاها، غير ظالم له لما تقدّم إليه وأعلمه وعرّفه وأوجب له الوفاء بوعده ووعيده، بذلك يوصف القادر القاهر.
وأمّا المولي فهو اللّه جلّ وعزّ، وأمّا العبد فهو ابن آدم المخلوق، والمال قدرة اللّه الواسعة، ومحنته إظهار[ه ] الحكمة والقدرة، والدار الفانية هي الدنيا، وبعض المال الذي ملّكه مولاه هو الإستطاعة التي ملّك ابن آدم، والأُمور التي أمر اللّه بصرف المال إليها هو الإستطاعة لاتّباع الأنبياء، والإقرار بما أوردوه عن اللّه عزّ وجلّ، واجتناب الأسباب التي نهي عنها هي طرق إبليس.
وأمّا وعده فالنعيم الدائم وهي الجنّة، وأمّا الدار الفانية فهي الدنيا، وأمّا الدار الأُخري فهي الدار الباقية، وهي الآخرة.
والقول بين الجبر والتفويض هو الإختبار والإمتحان، والبلوي بالاستطاعة التي ملّك العبد.
وشرحها في الخمسة الأمثال التي ذكرها الصادق(عليه السلام) أنّها جمعت جوامع الفضل وأنا مفسّرها بشواهد من القرآن والبيان إن شاءاللّه. «تفسير صحّة الخلقة»
أمّا قول الصادق(عليه السلام) فإنّ معناه كمال الخلق للإنسان وكمال الحواسّ وثبات العقل والتمييز وإطلاق اللسان بالنطق؛ وذلك قول اللّه: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَهُم مِّنَ الطَّيِّبَتِ وَفَضَّلْنَهُمْ عَلَي كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً).
فقد أخبر عزّ وجلّ عن تفضيله بني آدم علي سائر خلقه من البهائم والسباع، ودوابّ البحر والطير، وكلّ ذي حركة تدركه حواسّ بني آدم بتمييز العقل والنطق، وذلك قوله: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَنَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).
وقوله: (يَأَيُّهَا الْإِنسَنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّلكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِ ّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ)، وفي آيات كثيرة.
فأوّل نعمة اللّه علي الإنسان صحّة عقله، وتفضيله علي كثير من خلقه بكمال العقل وتمييز البيان، وذلك أنّ كلّ ذي حركة علي بسيط الأرض هو قائم بنفسه بحواسّه، مستكمل في ذاته، ففضل بني آدم بالنطق الذي ليس في غيره من الخلق المدرك بالحواسّ، فمن أجل النطق ملّك اللّه ابن آدم غيره من الخلق حتّي صار آمراً ناهياً، وغيره مسخّر له كما قال اللّه: (كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَي مَا هَدَلكُمْ).
وقال: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا).
وقال: (وَالْأَنْعَمَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْ ءٌ وَمَنَفِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَي بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَلِغِيهِ إِلَّا بِشِقِ ّ الْأَنفُسِ).
فمن أجل ذلك دعا اللّه الإنسان إلي اتّباع أمره وإلي طاعته بتفضيله إيّاه باستواء الخلق، وكمال النطق والمعرفة، بعد أن ملّكهم استطاعة ما كان تعبّدهم به بقوله: (فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُوا).
وقوله: (لَايُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).
وقوله: (لَايُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَآ ءَاتَل-هَا) وفي آيات كثيرة.
فإذا سلب من العبد حاسّة من حواسّه رفع العمل عنه بحاسّته كقوله: (لَّيْسَ عَلَي الْأَعْمَي حَرَجٌ وَلَا عَلَي الْأَعْرَجِ حَرَجٌ) الآية.
فقد رفع عن كلّ من كان بهذه الصفة الجهاد، وجميع الأعمال التي لا يقوم بها، وكذلك أوجب علي ذي اليسار الحجّ، والزكاة لما ملّكه من استطاعة ذلك، ولم يوجب علي الفقير الزكاة والحجّ.
قوله: (وَلِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).
وقوله في الظهار: (وَالَّذِينَ يُظَهِرُونَ مِن نِّسَآلِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ - إلي قوله -: فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا).
كلّ ذلك دليل علي أنّ اللّه تبارك وتعالي لم يكلّف عباده إلّا ما ملّكهم استطاعته بقوّة العمل به ونهاهم عن مثل ذلك. فهذه صحّة الخلقة.
وأمّا قوله: «تخلية السرب»، فهو الذي ليس عليه رقيب يحظر عليه ويمنعه العمل بما أمره اللّه به، وذلك قوله فيمن استضعف وحظر عليه العمل فلم يجد حيلة ولا يهتدي سبيلاً، كما قال اللّه تعالي: (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَنِ لَايَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَايَهْتَدُونَ سَبِيلاً).
فأخبر أنّ المستضعف لم يخلّ سربه وليس عليه من القول شي ء إذا كان مطمئنّ القلب بالإيمان.
وأمّا المهلة في الوقت فهو العمر الذي يمتّع الإنسان من حدّ ما تجب عليه المعرفة إلي أجل الوقت، وذلك من وقت تمييزه وبلوغ الحلم إلي أن يأتيه أجله. فمن مات علي طلب الحقّ ولم يدرك كماله فهو علي خير؛ وذلك قوله: (وَمَن يَخْرُجْ مِن م بَيْتِهِ ي مُهَاجِرًا إِلَي اللَّهِ وَرَسُولِهِ ي) الآية.
وإن كان لم يعمل بكمال شرايعه لعلّة ما لم يمهله في الوقت إلي استتمام أمره.
وقد حظر علي البالغ ما لم يحظر علي الطفل إذا لم يبلغ الحلم في قوله: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَرِهِنَّ) الآية، فلم يجعل عليهنّ حرجاً في إبداء الزينة للطفل، وكذلك لا تجري عليه الأحكام.
وأمّا قوله: (الزاد) فمعناه الجدة والبلغة التي يستعين بها العبد علي ما أمره اللّه به، وذلك قوله: (مَا عَلَي الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ) الآية.
ألا تري أنّه قبل عذر من لم يجد ما ينفق، وألزم الحجّة كلّ من أمكنته البلغة، والراحلة للحجّ والجهاد وأشباه ذلك، وكذلك قبل عذر الفقراء وأوجب لهم حقّاً في مال الأغنياء بقوله: (لِلْفُقَرَآءِ الَّذِينَ أُحْصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الآية.
فأمر بإعفائهم ولم يكلّفهم الإعداد لما لا يستطيعون ولا يملكون.
وأمّا قوله في السبب المهيّج؛ فهو النيّة التي هي داعية الإنسان إلي جميع الأفعال وحاسّتها القلب، فمن فعل فعلاً وكان بدين لم يعقد قلبه علي ذلك لم يقبل اللّه منه عملاً إلّا بصدق النيّة، ولذلك أخبر عن المنافقين بقوله: (يَقُولُونَ بِأَفْوَهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ).
ثمّ أنزل علي نبيّه(صلي الله عليه وآله) توبيخاً للمؤمنين (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَاتَفْعَلُونَ) الآية.
فإذا قال الرجل قولاً واعتقد في قوله، دعته النيّة إلي تصديق القول بإظهار الفعل، وإذا لم يعتقد القول لم تتبيّن حقيقته، وقد أجاز اللّه صدق النيّة وإن كان الفعل غير موافق لها، لعلّة مانع يمنع إظهار الفعل في قوله: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ و مُطْمَل-ِنُ م بِالْإِيمَنِ).
وقوله: (لَّايُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَنِكُمْ).
فدلّ القرآن وأخبار الرسول(صلي الله عليه وآله) أنّ القلب مالك لجميع الحواسّ يصحّح أفعالها، ولا يبطل ما يصحّح القلب شي ء.
فهذا شرح جميع الخمسة الأمثال التي ذكرها الصادق(عليه السلام) أنّها تجمع المنزلة بين المنزلتين، وهما الجبر والتفويض.
فإذا اجتمع في الإنسان كمال هذه الخمسة الأمثال وجب عليه العمل كمّلاً، لما أمر اللّه عزّ وجلّ به ورسوله، وإذا نقص العبد منها خلّة، كان العمل عنها مطروحاً بحسب ذلك.
فأمّا شواهد القرآن علي الاختبار والبلوي بالاستطاعة التي تجمع القول بين القولين فكثيرة.
ومن ذلك قوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّي نَعْلَمَ الْمُجَهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّبِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ).
وقال: (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَايَعْلَمُونَ).
وقال: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءَامَنَّا وَهُمْ لَايُفْتَنُونَ).
وقال في الفتن التي معناها الاختبار: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَنَ) الآية.
وقال في قصّة موسي(عليه السلام): (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن م بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ).
وقول موسي: (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) أي اختبارك.
فهذه الآيات يقاس بعضها ببعض ويشهد بعضها لبعض.
وأمّا آيات البلوي بمعني الاختبار قوله: (لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ ءَاتَل-كُمْ).
وقوله: (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ).
وقوله: (وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ).
وقوله: (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَوةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
وقوله: (وَإِذِ ابْتَلَي إِبْرَهِيمَ رَبُّهُ و بِكَلِمَتٍ).
وقوله: (وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ).
وكلّ ما في القرآن من بلوي هذه الآيات التي شرح أوّلها فهي إختبار، وأمثالها في القرآن كثيرة، فهي إثبات الاختبار والبلوي، إنّ اللّه عزّ وجلّ لم يخلق الخلق عبثاً، ولا أهملهم سدي، ولا أظهر حكمته لعباً وبذلك أخبر في قوله: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَكُمْ عَبَثًا).
فإن قال قائل: فلم يعلم اللّه ما يكون من العباد حتّي اختبرهم؟
قلنا: بلي! قد علم ما يكون منهم قبل كونه وذلك قوله: (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ) وإنّما اختبرهم ليعلمهم عدله، ولا يعذّبهم إلّا بحجّة بعد الفعل، وقد أخبر بقوله: (وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ ي لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلَآ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا).
وقوله: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّي نَبْعَثَ رَسُولًا).
وقوله: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ).
فالاختبار من اللّه بالإستطاعة التي ملّكها عبده، وهو القول بين الجبر والتفويض؛ وبهذا نطق القرآن وجرت الأخبار عن الأئمّة من آل الرسول(صلي الله عليه وآله).
فإن قالوا: ما الحجّة في قول اللّه: (يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ) وماأشبهها؟
قيل: مجاز هذه الآيات كلّها علي معنيين:
أمّا أحدهما فإخبار عن قدرته أي إنّه قادر علي هداية من يشاء وضلال من يشاء، وإذا أجبرهم بقدرته علي أحدهما لم يجب لهم ثواب، ولا عليهم عقاب علي نحو ما شرحنا في الكتاب.
والمعني الآخر أنّ الهداية منه تعريفه كقوله: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَهُمْ) أي عرّفناهم (فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَي عَلَي الْهُدَي ) فلو أجبرهم علي الهدي لم يقدروا أن يضلّوا، وليس كلّما وردت آية مشتبهة، كانت الآية حجّة علي محكم الآيات اللواتي أمرنا بالأخذ بها.
من ذلك قوله: (مِنْهُ ءَايَتٌ مُّحْكَمَتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَبِ وَأُخَرُ مُتَشَبِهَتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَبَهَ مِنْهُ ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ ي وَمَا يَعْلَمُ) الآية.
وقال: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ و) أي أحكمه وأشرحه (أُوْلَل-ِكَ الَّذِينَ هَدَلهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَل-ِكَ هُمْ أُوْلُواْ الْأَلْبَبِ)....
( تحف العقول: 458، س 5. يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1019. )

(ح) - القضاء والقدر
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عبد العظيم بن عبد اللّه قال: سمعت أبا الحسن(عليه السلام) يخطب بهذه الخطبة:... ثمّ إنّ هذه الأُمور كلّها بيد اللّه تجري إلي أسبابها ومقاديرها، فأمر اللّه يجري إلي قدره، وقدره يجري إلي أجله، وأجله يجري إلي كتابه، ولكلّ أجل كتاب يمحو اللّه ما يشاء ويثبت، وعنده أُمّ الكتاب....
( الكافي: 372/5، ح 6. يأتي الحديث بتمامه في رقم 674. )
2 - الحلوانيّ(رحمه الله): وقال [الهادي ](عليه السلام): المقادير تريك ما لم يخطر ببالك.
( نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 138، ح 2.
أعلام الدين: 311، س 3. عنه البحار: 369/75، ح 4، والأنوار البهيّة: 286، س 15. )


(ط) - أفعال العباد أهي مخلوقة للّه تبارك وتعالي؟
1 - الشيخ المفيد(رحمه الله): وقد روي عن أبي الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي الرضا - صلوات اللّه عليهم - أنّه سئل عن أفعال العباد، فقيل له: [هل هي ] مخلوقة للّه تعالي؟
فقال(عليه السلام): لو كان خالقاً لها لما تبرّأ منها، وقد قال سبحانه: (أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ و) ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم، وإنّما ( التوبة: 3/9. )
تبرّأ من شركهم وقبائحهم.
( تصحيح الاعتقاد: 43، س 8.
عنه البحار: 20/5، س 8، والفصول المهمّة للحرّ العاملي: 258/1، ح 266.
قطعة منه في (سورة التوبة: 3/9). )






الفصل الثاني: النبوّة وما يناسبها
وفيه ثلاثة موضوعات

(أ) - الأنبياء(عليهم السلام)
وفيه ثلاثة أمور

الأوّل - ما أخذ اللّه عليهم(عليهم السلام) من العهود:
1 - العيّاشيّ(رحمه الله): عن عليّ بن عبد اللّه بن مروان، عن أيّوب بن نوح قال: قال لي أبو الحسن العسكريّ(عليه السلام) وأنا واقف بين يديه بالمدينة ابتداءً من غير مسألة: يا أيّوب! إنّه ما نبّأ اللّه! إنّه ما نبّأ اللّه: الهادي(ع)، 4 من نبيّ إلّا بعد أن يأخذ عليه ثلاث خصال، شهادة أن لا إله إلّا اللّه، وخلع الأنداد من دون اللّه، وأنّ ( في البحار: ثلاث خلال. )
للّه المشيّة، يقدّم مايشاء، ويؤخّر ما يشاء، أما إنّه إذا جري الاختلاف بينهم لم يزل الاختلاف بينهم إلي أن يقوم صاحب هذا الأمر.
( تفسير العيّاشيّ: 215/2، ح 56. عنه البحار: 118/4، ح 51، والبرهان: 299/2، ح 8.
قطعة منه في (مشيّة اللّه عزّ وجلّ) و(استمرار الاختلاف إلي قيام المهدي(عليه السلام)). )


الثاني - ما بعث اللّه عليه الأنبياء(عليهم السلام):
1 - أبو عمرو الكشّيّ(رحمه الله):... سهل بن زياد الآدميّ قال: كتب بعض أصحابنا إلي أبي الحسن العسكريّ(عليه السلام):....
فكتب(عليه السلام):...فو اللّه! ما بعث اللّه محمّداً، والأنبياء قبله إلّا بالحنيفيّة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحجّ، والولاية،....
( رجال الكشّيّ: 518، رقم 997.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1024. )


الثالث - قاتليهم(عليهم السلام):
1 - الشيخ الطوسيّ(رحمه الله): قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل قال: حدّثنا عبيد اللّه بن محمّد بن عبيد بن ياسين بن محمّد بن ( في البحار ج 1: عبد اللّه بن محمّد بن عبيد اللّه بن ياسين، وفي ج 67: عبد اللّه بن محمّد بن عبيد. )
عجلان التميميّ العابد قال: سمعت سيّدي أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضا(عليهم السلام) بسرّ من رأي، يقول: الغوغاء قتلة الأنبياء2النبي الأنبياء، 4، والعامّة اسم مشتقّ ( أصل الغوغاء الجراد حين يخفّ للطيران، ثمّ استعير للسفلة من الناس، والمتسرّعين إلي الشرّ. لسان العرب: 44/8 (غوغ). )
من العمي، ما رضي اللّه لهم أن شبّههم بالأنعام حتّي قال: (بَلْ هُمْ أَضَلُّ) .
( الفرقان: 44/25. )
( الأمالي: 613، ح 1267. عنه البحار: 195/1، ح 17، و11/67، ح 12.
قطعة منه في (ذمّ العامّة) و(الفرقان: 44/25). )


(ب) - في بعض الأنبياء السلف(عليهم السلام) وهم ثمانية

الأوّل - آدم(عليه السلام):
الشجرة التي نهي اللّه عنها آدم:
1 - الشيخ المفيد(رحمه الله):... موسي بن محمّد بن عليّ بن موسي،...قال:...كتب إليّ يحيي بن أكثم يسألني عن عشر مسائل، أو تسع، فدخلت علي أخي(عليه السلام) فقلت له:...وأخبرني عن قول اللّه: (فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ)...؟
قال(عليه السلام):.. وأمّا الجنّة ففيها من المآكل، والمشارب، والملاهي، والملابس ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، وأباح اللّه ذلك كلّه لآدم.
والشجرة التي نهي اللّه عنها آدم وزوجته أن ياكلا منها شجرة الحسد، عهد إليهما أن لا ينظرا إلي من فضّل اللّه عليهما، وعلي كلّ خلائقه بعين الحسد، فنسي ونظر بعين الحسد ولم يجد له عزماً....
( الاختصاص: 91، س 8.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1010. )


تختّمه بالعقيق الأحمر وتوسّله بالخمسة النجباء(عليهم السلام):
1 - السيّد عبد الكريم بن طاووس(رحمه الله): حدّثني محمّد بن شهاب بن صالح البارقيّ شيخ أهل الكوفة2 مّد بن شهاب بن صالح البارقيّ شيخ أهل الكوفة، 4، لقيته بمشهد مولانا الحسين 3مكان مشهد مولانا الحسين، 4(عليه السلام) قال: حدّثني عبد اللّه بن موسي الهمدانيّ، عن مفضّل بن عمر قال: دخلت علي أبي عبد اللّه وأنا مُتختّم بالفيروزج فقال لي أبو عبد اللّه(عليه السلام): يا مُفضّل! الفيروزج نزهة أبصار المؤمنين والمؤمنات، وأنا أُحبّ لكلّ مؤمن أن يتختّم بخمسة خواتيم: بالياقوت وهو أفخرها، وبالعقيق وهو أخلصها للّه عزّوجلّ ولنا، وبالفيروزج وهو يقوّي البصر ويوسّع الصدر ويزيد في قوّة القلب، ومن تختّم به عاد بنجح في حاجته، وبالحديد الصينيّ ولا أُحبّ التختّم به ولا أكره لبسه عند لقاء من يتّقيه من أهل الشرّ ليطفي به شرّه، وهو يشرّد مردة الشياطين فأُحبّ لذلك اتّخاذه، والخامس ما يظهره اللّه (عزّ وجلّ) بالذكوات البيض بالغريّين، فإنّه من تختّم به فنظر إليه كتب اللّه له بكلّ نظرة ثواب زورة، ولولا رحمة اللّه لشيعتنا لبلغ الفصّ منه مالًا عظيماً، ولكنّ اللّه أرخصه عليهم ليتختّم به غنيّهم وفقيرهم.
قال أبو طاهر: ذكرت هذا الحديث لسيّدي أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن الرضا فقال(عليه السلام): هذا من حديث جدّي أبي عبد اللّه(عليه السلام).
قلت: جعلت فداك ما أراك تختار علي العقيق الأحمر3الحلي العقيق الأحمر، 4 شيئاً؟
قال(عليه السلام): نعم لما جاء فيه. قلت: وما جاء فيه؟
قال(عليه السلام): حدّثني أبي أنّ أوّل من تختّم به آدم(عليه السلام)، وكان من حديث آدم(عليه السلام) في ذلك أنّه رأي علي العرش بالنور مكتوباً: (أنا اللّه الذي لا إله إلّا أنا وحدي، محمّد صفوتي من خلقي، أيّدته بأخيه عليّ، ونصرته به في تمام الخمسة الأسماء). فلمّا أصاب آدم(عليه السلام) الخطيئة وهبط إلي الأرض توسّل إلي اللّه تعالي ذكره بتلك الأسماء فتاب عليه، فاتّخذ آدم(عليه السلام) خاتماً من فضّة فصّه من العقيق الأحمر3الحلي العقيق الأحمر، 4، ونقش الأسماء عليه، ثمّ تختّم به في يده اليمني فصار ذلك سنّة أخذ بها الأتقياء من بعده من ولده.
( فرحة الغريّ: 113 ح 61.
قطعة منه في (وجود نورهم في العرش وتوسّل آدم بهم(عليهم السلام)). )


الثاني - نوح(عليه السلام):
عمره(عليه السلام) وما جري بينه وبين أولاده في السفينة:
1 - الراونديّ(رحمه الله): عن ابن بابويه، حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسي، حدّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفيّ، حدّثنا سهل بن زياد الآدميّ، حدّثنا عبدالعظيم بن عبد اللّه الحسنيّ قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكريّ صلوات اللّه عليهما يقول: عاش نوح صلوات اللّه عليه ألفين وخمسمائة سنة9وقايع سنة، 4، وكان يوماً في السفينة نائماً، فضحك حام ويافث، فزجرهما سام ونهاهما عن الضحك، فانتبه نوح صلوات اللّه عليه، وقال لهما: جعل اللّه ذرّيّتكما خولاً لذرّيّة سام إلي يوم القيامة، لأنّه برّني ( الخول: العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية. لسان العرب: 224/11 (خول). )
وعققتماني، فلازالت سمة عقوقكما في ذرّيّتكما ظاهرة، وسمة البرّ في ذرّيّة سام ظاهرة ما بقيت الدنيا، فجميع السودان حيث كانوا من ولد حام، وجميع الترك، والسقالبة، ويأجوج ومأجوج والصين من يافث، حيث كانوا، وجميع البيض سواهم من ولد سام.
وأوحي اللّه تعالي إلي نوح(عليه السلام): إنّي قد جعلت قوسي أماناً لعبادي وبلادي، وموثقاً منّي بيني وبين خلقي، يأمنون به إلي يوم القيامة من الغرق، ومن أوفي بعهده منّي.
ففرح نوح(عليه السلام) وتباشر، وكان القوس فيها وترٌ وسهمٌ، فنزع منها السهم والوتر، وجعلت أماناً من الغرق.
وجاء إبليس إلي نوح(عليه السلام) فقال: إنّ لك عندي يداً عظيمة، فانتصحني فإنّي لا أخونك، فتأثّم نوح بكلامه ومسائلته، فأوحي اللّه إليه أن كلّمه ( أثمت الناقة المشي تأثمه إثماً: أبطأت. لسان العرب: 7/12 (أثم). )
واسأله، فإنّي سأنطقه بحجّة عليه. فقال نوح صلوات اللّه عليه: تكلّم!
فقال إبليس: إذا وجدنا ابن آدم شحيحاً، أو حريصاً، أو حسوداً، أو ( الشحّ: البخل. لسان العرب: 495/2 (شحح). )
جبّاراً، أو عجولاً، تلقّفناه تلقّف الكرة، فان اجتمعت لنا هذه الأخلاق سمّيناه شيطاناً مريداً. فقال نوح صلوات اللّه عليه: ما اليد العظيمة التي صنعت؟
قال: إنّك دعوت اللّه علي أهل الأرض، فألحقتهم في ساعة [واحدة] بالنار، فصرت فارغاً، ولولا دعوتك لشغلت بهم دهراً طويلاً.
( قصص الأنبياء: 85، ح 77. عنه مستدرك الوسائل: 379/11، ح 13307، قطعة منه، والبحار: 287/11، ح 10، و250/60، ح 112، قطعة منه، و195/69، ح 17، قطعة منه.
علل الشرايع: 31/1 الباب الأوّل، ح 1، قطعة منه. عنه البحار: 314/6، ح 22، و60/59، ح 2، ونور الثقلين: 362/2، ح 111.
قصص الأنبياء للجزايري: 68، س 13، قطعة منه و69، س 16، قطعة منه.
قطعة منه في (مارواه من الأحاديث القدسيّة) و(ما رواه عن نوح(عليه السلام)). )


وصول سفينة نوح(عليه السلام) إلي قمّ:
1 - العلّامة المجلسيّ(رحمه الله):...عن أبي مقاتل الديلميّ نقيب الريّ قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد(عليها السلام) يقول: إنّما سمّي قمّ به، لأنّه لمّإ؛15 وصلت السفينة إليه في طوفان نوح(عليه السلام) قامت،....
( البحار: 213/57، ح 24، عن كتاب تاريخ قم. تقدّم الحديث بتمامه في رقم 308. )

الثالث - إبراهيم(عليه السلام):
علّة إتّخاذ اللّه إيّاه(عليه السلام) خليلاً:
1 - الشيخ الصدوق(رحمه الله): حدّثنا أحمد بن محمّد الشيبانيّ(رضي الله عنه) قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الأسدي الكوفيّ، عن سهل بن زياد الآدميّ، عن عبدالعظيم بن عبد اللّه الحسنيّ قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكريّ(عليها السلام) يقول: إنّما اتّخذ اللّه عزّ وجلّ إبراهيم خليلاً لكثرة صلاته علي محمّد وأهل بيته صلوات اللّه عليهم.
( علل الشرائع: 34/1، الباب 32 س 20. عنه البحار: 4/12، ح 9، و54/91، ح 23،
ونور الثقلين: 554/1، ح 584، ووسائل الشيعة: 194/7 ح 9095، والبرهان:417/1، ح 4.
قصص الأنبياء للجزايري: 96، س 3، مرسلاً.
قطعة منه في (صلوات إبراهيم النبيّ علي محمّد وآله(عليهم السلام)). )


الرابع - يعقوب(عليه السلام):
سجوده(عليه السلام):
1 - الشيخ المفيد(رحمه الله):... موسي بن محمّد بن عليّ بن موسي، سأله ببغداد في دار الفطن قال: قال موسي: كتب إليّ يحيي بن أكثم يسألني عن عشر مسائل، أو تسع، فدخلت علي أخي(عليه السلام) فقلت له:...وأخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَي الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ و سُجَّدًا) أسجد ( يوسف: 100/12. )
يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء؟ قال(عليه السلام):... وأمّا سجود يعقوب وولده ليوسف، فإنّ السجود لم يكن ليوسف كما أنّ السجود من الملائكة لآدم لم يكن لآدم، إنّما كان منهم طاعة للّه، وتحيّة لآدم، فسجد يعقوب وولده شكراً للّه باجتماع شملهم، أ لم تر أنّه يقول في شكره في ذلك الوقت: (رَبِ ّ قَدْ ءَاتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ) - إلي آخر الآية -....
( الاختصاص: 91، س 8.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1010. )


الخامس - سليمان(عليه السلام):
علمه(عليه السلام):
1 - الشيخ المفيد(رحمه الله):... موسي بن محمّد بن عليّ بن موسي، سأله ببغداد في دار الفطن قال: قال موسي: كتب إليّ يحيي بن أكثم يسألني عن عشر مسائل، أو تسع، فدخلت علي أخي(عليه السلام)... قال(عليه السلام):... سألت عن قول اللّه عزّ وجلّ في كتابه: (قَالَ الَّذِي عِندَهُ و عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَبِ) فهو آصف بن برخيا، ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف، لكنّه أحبّ أن يعرف أُمّته من الجنّ والإنس أنّه الحجّة من بعده، وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر اللّه ففهّمه اللّه ذلك، لئلّا يختلف في إمامته ودلالته كما فهم سليمان في حياة داود ليعرض إمامته ونبوّته من بعده، لتأكيد الحجّة علي الخلق....
( الاختصاص: 91، س 8.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1010. )


السادس - آصف(عليه السلام):
علمه(عليه السلام):
1 - الشيخ المفيد(رحمه الله):... موسي بن محمّد بن عليّ بن موسي...قال:...كتب إليّ يحيي بن أكثم يسألني عن عشر مسائل، أو تسع فدخلت علي أخي(عليه السلام)... قال(عليه السلام):... سألت عن قول اللّه عزّ وجلّ في كتابه: (قَالَ الَّذِي عِندَهُ و عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَبِ) فهو آصف بن برخيا، ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف، لكنّه أحبّ أن يعرف أُمّته من الجنّ والإنس أنّه الحجّة من بعده، وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر اللّه ففهّمه اللّه ذلك، لئلّا يختلف في إمامته ودلالته....
( الاختصاص: 91، س 8.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1010. )


عنده(عليه السلام) حرف من اسم اللّه الأعظم:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عليّ بن محمّد النوفليّ، عن أبي الحسن صاحب العسكر(عليه السلام) قال: سمعته يقول: اسم اللّه الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، كان عند آصف حرف، فتكلّم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ، فتناول عرش بلقيس حتّي صيّره إلي سليمان، ثمّ انبسطت الأرض في أقلّ من طرفة عين، و....
( الكافي: 230/1، ح 3.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 553. )


السابع - موسي(عليه السلام):
معجزته(عليه السلام) والحكمة في ذلك:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... قال ابن السكّيت لأبي الحسن(عليه السلام): لماذا بعث اللّه موسي بن عمران(عليها السلام) بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر؟.... فقال أبو الحسن(عليه السلام): إنّ اللّه لمّا بعث موسي(عليه السلام) كان الغالب علي أهل عصره السحر، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجّة عليهم،....
( الكافي: 24/1، ح 20.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 545. )


مناجاته(عليه السلام):
1 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ، عن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام) قال: لمّا كلّم اللّه عزّ وجلّ موسي بن عمران(عليها السلام) قال موسي: إلهي! ما جزاء من شهد أنّي رسولك ونبيّك وإنّك كلّمتني؟ قال: ياموسي! تأتيه ملائكتي فتبشّره بجنّتي. قال موسي: إلهي! فما جزاء من قام بين يديك يصلّي؟ قال: يا موسي! أُباهي به ملائكتي راكعاً وساجداً وقائماً وقاعداً، ومن باهيت به ملائكتي لم أُعذّبه....
( الأمالي: 173، ح 8.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1046. )


الثامن - عيسي(عليه السلام):
حكمة معجزاته(عليه السلام):
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... قال ابن السكّيت لأبي الحسن(عليه السلام) لماذا... بعث عيسي(عليه السلام) بآلة الطبّ،.... فقال أبو الحسن(عليه السلام):... إنّ اللّه بعث عيسي(عليه السلام) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات، واحتاج الناس إلي الطبّ، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيي لهم الموتي، وأبرء الأكمه والأبرص بإذن اللّه، وأثبت به الحجّة عليهم....
( الكافي: 24/1، ح 20. يأتي الحديث بتمامه في رقم 545. )

تزويج المسيح ووصيّه، مليكة لأبي محمّد(عليه السلام):
1 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... بشر بن سليمان النخّاس من ولد أبي أيّوب الأنصاريّ، أحد موالي أبي الحسن وأبي محمّد(عليها السلام) وجارهما بسرّ من رأي.... قالت:... أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأُمّي من ولد الحواريّين، تنسب إلي وصيّ المسيح شمعون،.... ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته، وقلت: نرجس،....
قال [أبو الحسن الهادي ](عليه السلام): فأبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً. قالت: ممّن؟
قال(عليه السلام): ممّن خطبك رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) له من ليلة كذا، من شهر كذا، من سنة كذا بالروميّة. قالت: من المسيح ووصيّه؟....
( إكمال الدين وإتمام النعمة: 417، ح 1. يأتي الحديث بتمامه في رقم 594. )

إنّ أُمّه مريم(عليها السلام) ما كانت إلّا امرأة من النساء:
1 - العيّاشيّ(رحمه الله): عن ابن خرزاد... وزاد عليّ بن مهزيار في حديثه... قال: قلت: أكان يُصيب مريم ما تصيب النساء من الطمث؟
قال(عليه السلام): نعم! ما كانت إلّا امرأة من النساء.
( تفسير العيّاشيّ: 173/1، ح 48. يأتي الحديث بتمامه في رقم 709. )

(ج) - خاتم النبيّين(صلي الله عليه وآله)
وفيه ثلاثون أمراً

الأوّل - ما بُعث عليه رسول اللّه(صلي الله عليه وآله):
1 - أبو عمرو الكشّيّ(رحمه الله):... سهل بن زياد الآدميّ قال: كتب بعض أصحابنا إلي أبي الحسن العسكريّ(عليه السلام):....
فكتب(عليه السلام):...فواللّه! ما بعث اللّه محمّداً... إلّا بالحنيفيّة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحجّ، والولاية، وما دعي محمّد(صلي الله عليه وآله) إلّا إلي اللّه وحده لاشريك له....
( رجال الكشّيّ: 518، رقم 997.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1024. )


الثاني - إنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) أفضل الأنبياء:
1 - المسعوديّ(رحمه الله):... الفتح بن يزيد الجرجانيّ قال: ضمّني وأباالحسن(عليه السلام) الطريق... قال لي: يا فتح!... بل كيف يوصف بكنهه محمّد(صلي الله عليه وآله)، وقد قرن الجليل اسمه باسمه، وأشركه في طاعته، وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته، فقال: (وَمَا نَقَمُواْ إِلآَّ أَنْ أَغْنَل-هُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ و مِن فَضْلِهِ ي ) وقال تبارك اسمه - يحكي قول من ترك طاعته: (يَلَيْتَنَآ أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا)... يا فتح!... فنبيّنا(صلي الله عليه وآله) أفضل الأنبياء....
( إثبات الوصيّة: 235، س 3.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 535. )


الثالث - إنّه(صلي الله عليه وآله) سيّد الخلق:
1 - العلّامة المجلسيّ(رحمه الله):... روي عن أبي محمّد الحسن بن العسكريّ، عن أبيه صلوات اللّه عليهما وذكر أنّه(عليه السلام) زار بها في يوم الغدير... وأُقسم باللّه قسم صدق أنّ محمّداً و آله صلوات اللّه عليهم سادات الخلق،....
( البحار: 359/97، ح 6.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 663. )


الرابع - صلوات إبراهيم النبيّ علي محمّد وآله(عليهم السلام):
1 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكريّ(عليها السلام) يقول: إنّما اتّخذ اللّه عزّ وجلّ إبراهيم خليلاً لكثرة صلاته علي محمّد وأهل بيته صلوات اللّه عليهم.
( علل الشرائع: 34، الباب 32، ح 3.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 544. )


الخامس - إنّه(صلي الله عليه وآله) أكرم من سليمان(عليه السلام):
1 - ابن شهر آشوب (رحمه الله):... صالح بن الحكم بيّاع السابريّ قال: كنت واقفيّاً، فلمّا أخبرني حاجب المتوكّل بذلك، أقبلت أستهزي ء به، إذ خرج أبو الحسن(عليه السلام) فتبسّم في وجهي.... قال(عليه السلام): يا صالح!... نبيّك وأوصياء نبيّك أكرم علي اللّه تعالي من سليمان....
( المناقب: 407/4، س 3.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1، رقم 337. )


السادس - إعطاء اللّه إيّاه(صلي الله عليه وآله) أكثر ما أعطي داود(عليه السلام):
1 - الراونديّ(رحمه الله): إنّ أحمد بن هارون قال: كنت جالساً... إذ دخل علينا أبوالحسن(عليه السلام)... فقال: يا أحمد!... إنّ ما أعطي اللّه محمّداً وآل محمّد أكثر ممّا أعطي داود وآل داود.
قلت: صدق ابن رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)....
( الخرائج والجرائح: 408/1، ح 14.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1، رقم 381. )


السابع - اصطفاؤه(صلي الله عليه وآله) بالنبوّة والبرهان:
1 - أبو جعفر الطبريّ(رحمه الله):... عليّ بن محمّد النوفليّ قال: قال عليّ بن محمّد(عليها السلام):... يا عليّ! إنّ اللّه (عزّ وجلّ) اصطفي محمّداً((صلي الله عليه وآله)) بالنبوّة والبرهان....
( دلائل الإمامة: 414، ح 376.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1، رقم 362. )


الثامن - يوم مبعثه(صلي الله عليه وآله) ونصب عليّ(عليه السلام) يوم الغدير إماماً:
1 - الشيخ الطوسيّ(رحمه الله):... أبو إسحاق بن عبد اللّه العلويّ العريضيّ قال:... فقصدت مولانا أبا الحسن عليّ بن محمّد(عليها السلام)... فلمّا بصر بي قال(عليه السلام): ياأبا إسحاق!... يوم السابع والعشرين من رجب، يوم بعث اللّه تعالي محمّداً(صلي الله عليه وآله) إلي خلقه رحمة للعالمين، ويوم مولده(صلي الله عليه وآله)، وهو السابع عشر من شهر ربيع الأوّل،... ويوم الغدير فيه أقام رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) أخاه عليّاً(عليه السلام) علماً للناس، وإماماً من بعده....
( تهذيب الأحكام: 305/4، ح 922.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 641. )


التاسع - أثر كتابة اسمه(صلي الله عليه وآله) علي خاتم العقيق:
1 - السيّد ابن طاووس(رحمه الله): عن أبي محمّد القاسم بن العلاء المدائنيّ قال: حدّثني خادم لعليّ بن محمّد(عليها السلام) قال: استأذنته في الزيارة إلي طوس.
فقال لي: يكون معك خاتم فصّه عقيق أصفر، عليه: «ما شاء اللّه، لا قوّة إلّا باللّه، أستغفر اللّه»، وعلي الجانب الآخر: «محمّد وعليّ»، فإنّه أمان من القطع، وأتمّ للسلامة، وأصون لدينك....
( الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: 48، س 2.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1، رقم 353. )


العاشر - معجزته(صلي الله عليه وآله) وحكمتها:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله): الحسين بن محمّد، عن أحمد بن محمّد السيّاريّ، عن أبي يعقوب البغداديّ قال: قال ابن السكّيت لأبي الحسن(عليه السلام): لماذا بعث اللّه موسي بن عمران(عليها السلام) بالعصا ( قال النجاشي: يعقوب بن إسحاق السكّيت أبو يوسف كان متقدّماً عند أبي جعفر الثاني وأبي الحسن(عليها السلام). رجال النجاشي: 449 رقم 1214، معجم رجال الحديث: 129/20 رقم 13712.
قال النمازي: هو من أصحاب أبي الحسن الثالث(عليه السلام). مستدركات علم رجال الحديث: 274/8 رقم 16435. )

ويده البيضاء وآلة السحر، وبعث عيسي(عليه السلام) بآلة الطبّ، وبعث محمّداً - صلّي اللّه عليه وآله وعلي جميع الأنبياء- بالكلام والخطب؟
فقال أبو الحسن(عليه السلام): إنّ اللّه لمّا بعث موسي 2النبي موسي، 4(عليه السلام) كان الغالب علي أهل عصره السحر، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجّة عليهم.
وإنّ اللّه بعث عيسي(عليه السلام) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات، واحتاج ( الزمانة: العاهة، زمن يزمن زمناً وزُمنة وزماناً، فهو زمن، والجمع زمنون، وزمين، والجمع زمني، لأنّه جنس للبلايا التي يصابون بها. لسان العرب: 199/13 (زمن). )
الناس إلي الطبّ، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيي لهم الموتي، وأبرء الأكمه والأبرص بإذن اللّه، وأثبت به الحجّة عليهم.
وإنّ اللّه بعث محمّداً(صلي الله عليه وآله) في وقت كان الغالب علي أهل عصره الخطب، والكلام، - وأظنّه قال الشعر - فأتاهم من عند اللّه من مواعظه، وحكمه، ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجّة عليهم.
قال: فقال ابن السكّيت: تاللّه! ما رأيت مثلك قطّ! فما الحجّة علي الخلق اليوم؟
قال: فقال(عليه السلام): العقل يعرف به الصادق علي اللّه فيصدّقه، والكاذب علي اللّه فيكذّبه.
قال فقال ابن السكيت: هذا واللّه هو الجواب.
( الكافي: 24/1، ح 20. عنه البحار: 210/17، ح 15، والبرهان: 28/1، ح 1، وإثبات الهداة: 41/1، ح 5، قطعة منه، و95، ح 86، والوافي: 110/1، ح 23، والفصول المهمّة للحرّ العاملي:121/1، ح 16، قطعة منه.
المناقب لابن شهرآشوب: 403/4، س 1.
عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 79/2، ح 12، وفيه: عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام).
علل الشرايع: 121/1، ح 6. عنه وعن العيون، البحار: 70/11، ح 1، وجامع الرواة: 247/2، س 4.
الإحتجاج: 437/2، ح 309، وفيه: قال: لأبي الحسن الرضا(عليه السلام).
قطعة منه في (معجزة موسي(عليه السلام) والحكمة في ذلك) و(معجزة عيسي(عليه السلام) والهدف من ذلك)، و(موعظة في العقل). )


الحادي عشر - إظلال الغمامة له(صلي الله عليه وآله):
1 - الإمام العسكريّ(عليه السلام): فقلت لأبي، عليّ بن محمّد(عليها السلام): كيف كانت هذه الأخبار في هذه الآيات التي ظهرت علي رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) بمكّة والمدينة؟
فقال: يا بنيّ! استأنف لها النهار.
فلمّا كان في الغد قال: يا بنيّ! أمّا الغمامة فإنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) كان يسافر إلي الشام مضارباً لخديجة بنت خويلد، وكان من مكّة إلي بيت المقدس مسيرة شهر، فكانوا في حَمارة القيظ يصيبهم حرّ تلك ( قاظ يومنا يقيظ قيظاً: اشتدّ حرّه. أقرب الموارد: 449/4 (قاظ).
البوادي، وربما عصفت عليهم فيها الرياح، وسفت عليهم الرمال ( عصف الريح: اشتدّت. المنجد: 509 (عصف). )
والتراب. وكان اللّه تعالي في تلك الأحوال يبعث لرسول اللّه(صلي الله عليه وآله) غمامة تظلّه فوق رأسه، تقف بوقوفه، وتزول بزواله، إن تقدّم تقدّمت، وإن تأخّر تأخرت، وإن تيامن تيامنت، وإن تياسر تياسرت، فكانت تكفّ عنه حرّ الشمس من فوقه، وكانت تلك الرياح المثيرة لتلك الرمال والتراب تسفّيها في وجوه قريش ووجوه رواحلهم، حتّي إذا دنت من محمّد(صلي الله عليه وآله) هدأت وسكنت، ولم تحمل شيئاً من رمل ولا تراب، وهبت عليه ريحاً باردة ليّنة، حتّي كانت قوافل قريش يقول قائلها: جوار محمّد أفضل من خيمة.
فكانوا يلوذون به ويتقرّبون إليه، فكان الروح يصيبهم بقربه، وإن كانت الغمامة مقصورة عليه. وكان إذا اختلط بتلك القوافل غرباء، فإذا الغمامة تسير في موضع بعيد منهم.
قالوا: إلي من قرنت هذه الغمامة فقد شرف وكرم، فيخاطبهم أهل القافلة: انظروا إلي الغمامة تجدوا عليها اسم صاحبها، واسم صاحبه، وصفيّه، وشقيقه.
فينظرون فيجدون مكتوباً عليها: لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) أيّدته بعليّ سيّد الوصيّين، وشرّفته بآله الموالين له، ولعليّ وأوليائهما، والمعادين لأعدائهما، فيقرأ ذلك ويفهمه من يحسن أن يكتب، ويقرأ من لايحسن ذلك.
( تفسير الإمام العسكريّ(عليه السلام): 155، ح 77. عنه البحار: 307/17، ح 14، وحليةالأبرار: 50/1، ح 5، ومدينة المعاجز: 5/3 ح 684، وفيه: أبو محمّد الإمام، عن النبيّ(صلي الله عليه وآله)،
وإثبات الهداة: 151/2، ح 662، قطعة منه، وفيه: الإمام الحسن العسكريّ عن آبائه.
قطعة منه في (كتابة اسم الأئمّة(عليهم السلام) علي الغمامة التي أظلّت رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)) و(كتابة اسم عليّ(عليه السلام) علي الغمامة التي أظلّت رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)). )


الثاني عشر - تسليم الجبال والصخور والأحجار عليه(صلي الله عليه وآله):
1 - الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال عليّ بن محمّد(عليها السلام): وأمّا تسليم الجبال والصخور والأحجار عليه، فإنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) لمّا ترك التجارة إلي الشام، وتصدّق بكلّ ما رزقه اللّه تعالي من تلك التجارات، كان يغدو كلّ يوم إلي حراء يصعده وينظر من قلله إلي آثار رحمة اللّه، وأنواع عجائب رحمته، وبدائع حكمته، وينظر إلي أكناف السماء، وأقطار الأرض، والبحار، والمفاوز، والفيافي، فيعتبر بتلك الآثار، ويتذكّر بتلك الآيات، ويعبد اللّه حقّ عبادته.
فلمّا استكمل أربعين سنة [و]نظر اللّه عزّ وجلّ إلي قلبه فوجده أفضل القلوب، وأجلّها، وأطوعها، وأخشعها، وأخضعها، أذن لأبواب السماء ففتحت، ومحمّد(صلي الله عليه وآله) ينظر إليها، وأذن للملائكة فنزلوا، ومحمّد(صلي الله عليه وآله) ينظر إليهم، وأمر بالرحمة فأُنزلت عليه من لدن ساق العرش إلي رأس محمّد وغمرته، ونظر إلي جبرئيل الروح الأمين، المطوّق بالنور، طاووس الملائكة، هبط إليه وأخذ بضبعه وهزّه، وقال: يا محمّد! إقرأ. قال: ( الضبع: وسط العضد بلحمه، يكون للانسان وغيره وقيل: العضد كلّها. أقرب الموارد: (ضبع).
( هزّبه: حرّكه، اهتزّ: تحرّك وطال. أقرب الموارد: 687/5 (هزّ). )
وما أقرأ؟
قال: يا محمّد! (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَنَ مِنْ عَلَقٍ - إلي قوله - مَا لَمْ يَعْلَمْ) ثمّ أوحي [إليه ] ما أوحي إليه ربّه عزّ وجلّ، ثمّ صعد ( العلق: 5/96 - 1. )
إلي العلوّ، ونزل محمّد(صلي الله عليه وآله) من الجبل، وقد غشيه من تعظيم جلال اللّه، وورد عليه من كبير شأنه، ما ركبه به الحمّي والنافض يقول: وقد اشتدّ ( أخذته حمّي بنافض: ذهب بعض لونه من حمرة أو صفرة. أقرب الموارد: 459/5 (نفض). )
عليه ما يخافه من تكذيب قريش في خبره، ونسبتهم إيّاه إلي الجنون، [وأنّه ] يعتريه شيطان، وكان من أوّل أمره أعقل خليقة اللّه، وأكرم ( في البحار: شياطين. )
براياه، وأبغض الأشياء إليه الشيطان، وأفعال المجانين وأقوالهم؛ فأراد اللّه عزّوجلّ أن يشرح صدره، ويشجّع قلبه، فأنطق الجبال، والصخور، والمدر، وكلّما وصل إلي شي ء منها ناداه: [السلام عليك يا محمّد]، السلام عليك يا ولي اللّه، السلام عليك يا رسول اللّه، السلام عليك يا حبيب اللّه، أبشر فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد فضّلك، وجمّلك، وزيّنك، وأكرمك فوق الخلائق أجمعين، من الأوّلين والآخرين، لايحزنك قول قريش إنّك مجنون، وعن الدين مفتون، فإنّ الفاضل من فضّله [اللّه ] ربّ العالمين، والكريم من كرّمه خالق الخلق أجمعين، فلا يضيقنّ صدرك من تكذيب قريش وعتاة العرب لك، فسوف يبلّغك ربّك أقصي منتهي الكرامات، ويرفعك إلي أرفع الدرجات.
وسوف ينعّم ويفرّح أولياءك بوصيّك عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).
وسوف يبثّ علومك في العباد والبلاد بمفتاحك، وباب مدينة علمك، عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).
وسوف يقرّ عينك ببنتك فاطمة(عليها السلام).
وسوف يخرج منها ومن عليّ: الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة4القبيلةشباب أهل الجنّة، 4.
وسوف ينشر في البلاد دينك.
وسوف يعظّم أجور المحبّين لك ولأخيك.
وسوف يضع في يدك لواء الحمد فتضعه في يد أخيك عليّ، فيكون تحته كلّ نبيّ، وصديق، وشهيد، يكون قائدهم أجمعين إلي جنّات النعيم.
فقلت في سرّي: يا ربّ من عليّ بن أبي طالب الذي وعدتني به - وذلك بعد ماولد عليّ(عليه السلام) وهو طفل - أو هو ولد عمّي؟
وقال بعد ذلك لمّا تحرّك عليّ(عليه السلام) قليلاً وهو معه، أ هو هذا؟ ففي كلّ مرّة من ذلك أنزل عليه ميزان الجلال، فجعل محمّد(صلي الله عليه وآله) في كفّة منه، ومثّل له عليّ(عليه السلام) وسائر الخلق من أُمّته إلي يوم القيامة [في كفة]، فوزن بهم فرجّح.
ثمّ أُخرج محمّد(صلي الله عليه وآله) من الكّفة، وترك عليّ(عليه السلام) في كفّة محمّد(صلي الله عليه وآله) التي كان فيها، فوزن بسائر أُمّته فرجّح بهم، فعرفه رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) بعينه وصفته.
ونودي في سرّه: يا محمّد! هذا عليّ بن أبي طالب صفيّي الذي أؤيّد به هذا الدين، يرجّح علي جميع أُمّتك بعدك، فذلك حين شرح اللّه صدري بأداء الرسالة، وخفّف عنّي مكافحة الأُمّة، وسهّل عليّ مبارزة العتاة ( المكافحة: وهي المدافعة تلقاء الوجه. مجمع البحرين: 407/2 (كفح). )
الجبابرة من قريش.
( تفسير الإمام العسكريّ(عليه السلام): 156، ح 78. عنه البحار: 307/17 ضمن ح 14، و205/18، ح 36، وحلية الأبرار: 65/1، ح 1، ومدينة المعاجز: 444/1، ح 298.
قطعة منه في (إنّ عليّاً(عليه السلام) مفتاح علوم النبيّ(صلي الله عليه وآله)) و(سورة العلق: 5/96 - 1) و(ما رواه من الأحاديث القدسيّة) و(ما رواه(عليه السلام) عن جبرائيل) و(ما رواه(عليه السلام) عن رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)). )


الثالث عشر - محاولة اليهود قتله(صلي الله عليه وآله) بتسميم الطعام المقدّم له:
1 - الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال عليّ بن محمّد(عليها السلام): وأمّا دفع اللّه القاصدين لمحمّد(صلي الله عليه وآله) إلي قتله، وإهلاكه إيّاهم كرامة لنبيّه(صلي الله عليه وآله)، وتصديقه إيّاه فيه، فإنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) كان وهو ابن سبع سنين بمكّة، قد نشأ في الخير نشوءاً لا نظير له في سائر صبيان قريش، حتّي ورد مكّة قوم من يهود الشام، فنظروا إلي محمّد(صلي الله عليه وآله) وشاهدوا نعته، وصفته، فأسرّ بعضهم إلي بعض، [و]قالوا: هذا واللّه محمّد، الخارج في آخر الزمان، المدالّ علي اليهود وسائر [أهل ] الأديان، يزيل اللّه تعالي به دولة اليهود ويذلّهم ويقمعهم، وقد كانوا وجدوه في كتبهم: [النبيّ ] الأُمّي الفاضل الصادق؛ فحملهم الحسد علي أن كتموا ذلك، وتفاوضوا في أنّه ملك يزال.
ثمّ قال بعضهم لبعض: تعالوا نحتال [عليه ] فنقتله، فإنّ اللّه يمحو ما يشاء ويثبت، لعلّنا نصادفه ممّن يمحو، فهمّوا بذلك.
ثمّ قال بعضهم لبعض: لا تعجلوا حتّي نمتحنه، ونجرّبه بأفعاله، فإنّ الحلية قدتوافق الحلية، والصورة قد تشاكل الصورة، إنّ ما وجدناه في كتبنا: أنّ محمّداً يجنّبه ربّه من الحرام والشبهات. فصادفوه وآلفوه، وادعوه إلي دعوة، وقدّموا إليه الحرام والشبهة، فإن انبسط فيهما، أو في أحدهما فأكله، فاعلموا أنّه غير من تظنّون، وإنّما الحلية وافقت الحلية، والصورة ساوت الصورة، وان لم يكن الأمر كذلك، ولم يأكل منهما شيئاً فاعلموا أنّه هو، فاحتالوا له [في ] تطهير الأرض منه، لتسلم لليهود دولتهم.
قال: فجاؤوا إلي أبي طالب فصادفوه ودعوه إلي دعوة لهم، فلمّا حضر رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)، قدّموا إليه وإلي أبي طالب، والملأ من قريش دجاجة مسمنة، كانوا قد وقذوها وشووها، فجعل أبو طالب وسائر قريش يأكلون منها، ورسول اللّه(صلي الله عليه وآله) يمدّ يده نحوها، فيعدل بها يمنة ويسرة، ثمّ أماماً، ثمّ خلفاً، ثمّ فوقاً، ثمّ تحتاً، لا تصيبها يده(صلي الله عليه وآله).
فقالوا: ما لك يا محمّد! لا تأكل منها؟
فقال(صلي الله عليه وآله): يا معشر اليهود! قد جهدت أن أتناول منها، وهذه يدي يعدل بها عنها، وما أراها إلّا حراماً يصونني ربّي عزّ وجلّ عنها.
فقالوا: ما هي إلّا حلال، فدعنا نلقمك [منها]؟
فقال رسول اللّه(صلي الله عليه وآله): فافعلوا إن قدرتم.
فذهبوا ليأخذوا منها ويطعموه فكانت أيديهم يعدل بها إلي الجهات، كماكانت يد رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) تعدل عنها.
فقال رسول اللّه(صلي الله عليه وآله): [ف']هذه قد منعت منها، فاتوني بغيرها إن كانت لكم. فجاؤوه بدجاجة أُخري مسمنة مشويّة قد أخذوها لجار لهم غائب -لم يكونوا اشتروها - وعمدوا إلي أن يردّوا عليه ثمنها إذا حضر، فتناول منها رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) لقمة، فلمّا ذهب ليرفعها، ثقلت عليه وفصلت، حتّي سقطت من يده، وكلّما ذهب يرفع ما قد تناوله بعدها ثقلت وسقطت.
فقالوا: يا محمّد! فما بال هذه لا تأكل منها؟
[ف'] قال رسول اللّه(صلي الله عليه وآله): وهذه أيضاً قد منعت منها، وما أراها إلّا من شبهة يصونني ربّي عزّ وجلّ عنها.
قالوا: ما هي من شبهة فدعنا نلقمك منها؟
قال: فافعلوا إن قدرتم عليه.
فلمّا تناولوا لقمة ليلقموه ثقلت كذلك في أيديهم، [ثمّ سقطت ] ولم يقدروا أن يلقموها.
فقال رسول اللّه(صلي الله عليه وآله): هو ما قلت لكم، هذه شبهة يصونني ربّي عزّ وجلّ عنها. فتعجّبت قريش من ذلك، وكان ذلك ممّا يقيمهم علي اعتقاد عداوته إلي أن أظهروها لمّا أظهره اللّه عزّ وجلّ بالنبوّة، وأغرتهم اليهود أيضاً.
فقالت لهم اليهود: أيّ شي ء يردّ عليكم من هذا الطفل! مانراه إلّا يسالبكم نعمكم وأرواحكم [و]سوف يكون لهذا شأن عظيم.
( تفسير الإمام العسكريّ 7: 159، ح 79. عنه مستدرك الوسائل: 141/16، ح 19411، باختصار، والبحار: 311/17، س 4، وحلية الأبرار: 59/1، ح 1.
قطعة منه في (ما رواه(عليه السلام) عن رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)). )


الرابع عشر - امتثال الشجرتين لأمره(صلي الله عليه وآله):
1 - الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال عليّ بن محمّد(عليها السلام): وأمّا الشجرتان اللتان تلاصقتا، فإنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) كان ذات يوم في طريق له [ما] بين مكّة والمدينة، وفي عسكره منافقون من المدينة، وكافرون من مكّة، ومنافقون منها، وكانوا يتحدّثون فيما بينهم بمحمد(صلي الله عليه وآله) وآله الطيّبين وأصحابه الخيّرين.
فقال بعضهم لبعض: يأكل كما نأكل، وينفض كرشه من الغائط ( نفض: نفضت الورق من الشجر: أسقطته. مجمع البحرين: 231/4 (نفض). )
( الكرش: بمنزلة المعدة للإنسان. لسان العرب: 339/6 (كرش). )
والبول كماننفض، ويدّعي أنّه رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)!
فقال بعض مردة المنافقين: هذه صحراء ملساء لأتعمّدنّ النظر إلي ( ملساء: بلانبات. أقرب الموارد: 258/5 (ملس). )
إسته إذا قعد لحاجته، حتّي أنظر هل الذي يخرج منه كما يخرج منّا أم لا؟
فقال آخر: لكنّك إن ذهبت تنظر منعه حياؤه من أن يقعد، فإنّه أشدّ حياء من الجارية العذراء الممتنعة المحرمة.
قال: فعرّف اللّه عزّ وجلّ ذلك نبيّه محمّد(صلي الله عليه وآله).
فقال لزيد بن ثابت: اذهب إلي تينك الشجرتين المتباعدتين - يؤمي إلي شجرتين بعيدتين قد أوغلتا في المفازة وبعدتا عن الطريق قدر ( وَغَلَ في الشي ء يَغِلُ وُغُولاً: دخل فيه وتواري به، وذهب وأبعد. أقرب الموارد: 800/5 (وغل). )
( المفازة بالفتح: الفلاة لا ماء فيها. أقرب الموارد: 213/4 (فاز). )
ميل - فقف بينهما، وناد إنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) يأمركما أن تلتصقا وتنضمّا ليقضي رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) خلفكما حاجته؛ ففعل ذلك زيد.
فقال: فوالذي بعث محمّداً(صلي الله عليه وآله) بالحقّ نبيّاً، إنّ الشجرتين انقلعتا بأُصولهما من مواضعهما، وسعت كلّ واحدة منهما إلي الأُخري سعي المتحابّين، كلّ واحد منهما إلي الآخر [و]التقيا بعد طول غيبة وشدّة اشتياق، ثمّ تلاصقتا وانضمّتا انضمام متحابّين في فراش في صميم ( صميم الحرّ والبرد: أشدّه. مجمع البحرين: 103/6 (صمم). )
الشتاء؛ فقعد رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) خلفهما.
فقال أولئك المنافقون: قد استتر عنّا.
فقال بعضهم لبعض: فدوروا خلفه لننظر إليه؛ فذهبوا يدورون خلفه، فدارت الشجرتان كلمّا داروا فمنعتاهم من النظر إلي عورته.
فقالوا: تعالوا نتحلّق حوله لتراه طائفة منّا.
فلمّا ذهبوا يتحلّقون، تحلّقت الشجرتان، فأحاطتا به كالأنبوبة، حتّي فرغ وتوضّأ وخرج من هناك، وعاد إلي العسكر.
وقال لزيد بن ثابت: عد إلي الشجرتين، وقل لهما: إنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) يأمركما أن تعودا إلي أماكنكما.
فقال لهما، فسعت كلّ واحدة منهما إلي موضعها - والذي بعثه بالحقّ نبيّاً- سعي الهارب الناجي بنفسه، من راكض شاهر سيفه خلفه، حتّي عادت كلّ شجرة إلي موضعها.
فقال المنافقون: قد امتنع محمّد من أن يبدي لنا عورته، وأن ننظر إلي إسته، فتعالوا ننظر إلي ما خرج منه، لنعلم أنّه ونحن سيّان؛ فجاؤا إلي الموضع، فلم يروا شيئاً ألبتّة لا عيناً ولا أثراً.
قال: وعجب أصحاب رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) من ذلك، فنودوا من السماء: أو عجبتم لسعي الشجرتين إحداهما إلي الأُخري، إنّ سعي الملائكة بكرامات اللّه عزّ وجلّ إلي [محبّي ] محمّد ومحبّي عليّ، أشدّ من سعي هاتين الشجرتين إحداهما إلي الأُخري، وإنّ تنكّب نفحات النار يوم القيامة،عن محبّي عليّ والمتبرّئين من أعدائه، أشدّ من تنكّب هاتين الشجرتين إحداهما عن الأُخري. قد كان نظير هذا لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، لمّا رجع من صفّين، وسقي القوم من الماء الذي تحت الصخرة التي قلّبها، ذهب ليقعد إلي حاجته.
فقال بعض منافقي عسكره: سوف أنظر إلي سوأته، وإلي ما يخرج منه، فإنّه يدّعي مرتبة النبيّ لأخبر أصحابه بكذبه.
فقال عليّ(عليه السلام) لقنبر: يا قنبر! اذهب إلي تلك الشجرة، وإلي التي تقابلها -وقدكان بينهما أكثر من فرسخ - فنادهما: إنّ وصيّ محمّد(صلي الله عليه وآله) يأمركما أن تتلاصقا.
فقال قنبر: يا أمير المؤمنين! أو يبلغهما صوتي؟
فقال عليّ(عليه السلام): إنّ الذي يبلغ بصر عينك إلي السماء، وبينك وبينها [مسير] خمسمائة عام، سيبلغهما صوتك.
فذهب فنادي، فسعت إحداهما إلي الأُخري سعي المتحابّين، طالت غيبة أحدهما عن الآخر، واشتدّ إليه شوقه وانضمّتا.
فقال قوم من منافقي عسكره: إنّ علياً يضاهي في سحره رسول اللّه ( المضاهاة: مشاكلة الشي ء بالشي ء. لسان العرب: 787/14 (ضها). )
ابن عمّه! ما ذاك رسول اللّه، ولا هذا إمام، وإنّما هما ساحران! لكنّا سندور من خلفه لننظر إلي عورته وما يخرج منه؛
فأوصل اللّه عزّ وجلّ ذلك إلي أُذن عليّ(عليه السلام) من قبلهم.
فقال - جهراً -: يا قنبر! إنّ المنافقين أرادوا مكايدة وصيّ رسول اللّه 2علي وصيّ رسول اللّه، 4(صلي الله عليه وآله)، وظنّوا أنّه لا يمتنع منهم إلّا بالشجرتين، فارجع إلي الشجرتين، وقل لهما: إنّ وصيّ رسول اللّه 2علي وصيّ رسول اللّه، 4(صلي الله عليه وآله) يأمركما أن تعودا إلي مكانيكما.
ففعل ما أمره به، فانقلعتا وعدت كلّ واحدة منهما تفارق الأخري، كهزيمة الجبان من الشجاع البطل.
ثمّ ذهب عليّ(عليه السلام) ورفع ثوبه ليقعد وقد مضي جماعة من المنافقين لينظروا إليه، فلمّا رفع ثوبه أعمي اللّه تعالي أبصارهم، فلم يبصروا شيئاً، فولّوا عنه وجوههم، فأبصروا كما كانوا يبصرون؛ ثمّ نظروا إلي جهته فعموا، فما زالوا ينظرون إلي جهته ويعمون، ويصرفون عنه وجوههم ويبصرون، إلي أن فرغ عليّ(عليه السلام) وقام ورجع، وذلك ثمانون مرّة من كلّ واحد منهم.
ثمّ ذهبوا ينظرون ما خرج منه، فاعتقلوا في مواضعهم فلم يقدروا أن يروها، فإذا انصرفوا أمكنهم الانصراف، أصابهم ذلك مائة مرّة، حتّي نودي فيهم بالرحيل [فرحلوا]، وما وصلوا إلي ما أرادوا من ذلك، ولم يزدهم ذلك إلّا عتوّاً وطغياناً، وتمادياً في كفرهم وعنادهم.
فقال بعضهم لبعض: أنظروا إلي هذا العجب! من هذه آياته ومعجزاته، يعجز عن معاوية وعمرو ويزيد! فأوصل اللّه عزّ وجلّ ذلك من قبلهم إلي أُذنه.
فقال عليّ(عليه السلام): يا ملائكة ربّي! ائتوني بمعاوية وعمرو ويزيد.
فنظروا في الهواء فإذا ملائكة كأنّهم الشرط السودان، [و]قد علّق كلّ واحد منهم بواحد، فأنزلوهم إلي حضرته، فإذا أحدهم معاوية، والآخر عمرو، والآخر يزيد.
[ف ] قال عليّ(عليه السلام): تعالوا فانظروا إليهم، أما لو شئت لقتلتهم، ولكنّي أنظرهم كما أنظر اللّه عزّ وجلّ إبليس إلي يوم الوقت المعلوم، إنّ الذي ترونه بصاحبكم ليس بعجز ولا ذلّ، ولكنّه محنة من اللّه عزّ وجلّ لكم، لينظر كيف تعملون، ولئن طعنتم علي عليّ(عليه السلام) فقد طعن الكافرون والمنافقون قبلكم علي رسول ربّ العالمين.
فقالوا: إنّ من طاف ملكوت السماوات والجنان في ليلة ورجع، كيف يحتاج إلي أن يهرب ويدخل الغار، ويأتي [إلي ] المدينة من مكّة في أحد عشر يوماً؟
[قال ]: وإنّما هو من اللّه إذا شاء أراكم القدرة، لتعرفوا صدق أنبياء اللّه وأوصيائهم، وإذا شاء امتحنكم بما تكرهون، لينظر كيف تعملون، وليظهر حجّته عليكم.
( تفسير الإمام العسكريّ(عليه السلام): 163، ح 81 و82. عنه البحار: 307/17، ضمن ح 14، و29/42، ح 8، ومدينة المعاجز: 471/1، ح 310، و473، ح 311، قطعة منه، وإثبات الهداة: 481/2، ح 287، قطعة منه.
قطعة منه في (إمتثال الشجرتين لأمر أمير المؤمنين(عليه السلام)) و(ما رواه(عليه السلام) عن رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)) و(ما رواه عن عليّ(عليها السلام)). )

2 - الإمام الحسن العسكريّ(عليه السلام): وقال عليّ بن محمّد صلوات اللّه عليهما:... إنّ رجلاً من ثقيف كان أطبّ الناس يقال له: الحارث بن كلدة الثقفي جاء إلي رسول اللّه(صلي الله عليه وآله).
فقال: يا محمّد!...أنا أمتحن أمرك بآية أُطالبك بها، إن كنت نبيّاً فادع تلك الشجرة - وأشار لشجرة عظيمة بعيد عمقها - فإن أتتك علمت أنّك رسول اللّه وشهدت لك بذلك، وإلّا فأنت [ذلك ] المجنون الذي قيل لي.
فرفع رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) يده إلي تلك الشجرة وأشار إليها أن تعالي، فانقلعت الشجرة بأصولها وعروقها، وجعلت تخدّ في الأرض أخدوداً عظيماً كالنهر حتّي دنت من رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)، فوقفت بين يديه، ونادت بصوت فصيح: هاأنا ذا يا رسول اللّه [صلي اللّه عليك ] ما تأمرني؟
فقال لها رسول اللّه(صلي الله عليه وآله): دعوتك لتشهدي لي بالنبوّة بعد شهادتك للّه بالتوحيد، ثمّ تشهدي [بعد شهادتك لي ] لعليّ(عليه السلام) هذا بالإمامة، وإنّه سندي وظهري، وعضدي وفخري [وعزّي ]، ولولاه ما خلق اللّه عزّ وجلّ شيئاً ممّاخلق. فنادت: أشهد أنّ لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّك يامحمّد عبده ورسوله، أرسلك بالحقّ بشيراً [ونذيراً]، وداعياً إلي اللّه بإذنه، وسراجاً منيراً، وأشهد أنّ عليّاً ابن عمّك هو أخوك في دينك، [و] أوفر خلق اللّه من الدين حظّاً، وأجزلهم من الإسلام نصيباً، وأنّه سندك وظهرك، [و]قامع أعدائك، وناصر أوليائك، [و]باب علومك في أُمّتك، وأشهد أنّ أولياءك الذين يوالونه ويعادون أعداءه حشو الجنّة، وأنّ أعداءك الذين يوالون أعداءه ويعادون أولياءه حشو ( (حشا) الوسادة ونحوها حشواً: ملأها بالقطن ونحوه. المعجم الوسيط: 177. )
النار....
( تفسير الإمام العسكريّ(عليه السلام): 168، ح 83.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1047. )


الخامس عشر - شهادة البقرة برسالته(صلي الله عليه وآله):
1 - الحضينيّ(رحمه الله): عن أبيه حمدان بن الخصيب، عن أحمد بن الخصيب قال: كنّا بالعسكر ونحن مرابطون لمولانا أبي الحسن وسيّدنا ( رابط الأمرَ مرابطةً ورباطاً: واظب عليه، المرابطة: الجماعة التي رابطت. أقرب الموارد: 340/2 (ربط). )
أبي محمّد(عليها السلام) قال: لمّا أظهر اللّه دينه، ودعا رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) إلي اللّه، كانت بقرة في نخل بني سالم، فدلّت عليه البقرة، وآذنت باسمه، وأفصحت بلسان عربيّ مبين - في جميع آل ذريح - فقالت: يا آل ذريح! صائح يصيح بأن لا إله إلّا اللّه وحده لاشريك له، وأنّ محمّداً رسوله حقّاً. فأقبل آل ذريح إلي النبيّ(صلي الله عليه وآله) فآمنوا به، وكانوا أوّل العرب إسلاماً وإيماناً، وطاعة للّه عزّ وجلّ ولرسوله.
( الهداية الكبري: 54، ح 8.
قطعة منه في (كان له(عليه السلام) مرابط). )


السادس عشر - إنّ الدنيا كلّها له(صلي الله عليه وآله):
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... محمّد بن الريّان قال: كتبت إلي العسكريّ(عليه السلام): جعلت فداك، روي لنا: أن ليس لرسول اللّه(صلي الله عليه وآله) من الدنيا إلّا الخمس.
فجاء الجواب: إنّ الدنيا وما عليها لرسول اللّه(صلي الله عليه وآله).
( الكافي: 409/1، ح 6.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 972. )


السابع عشر - تأويل يوم من الأُسبوع به(صلي الله عليه وآله):
1 - الحضينيّ(رحمه الله): الحسن بن مسعود، ومحمّد بن الجليل قال: دخلنا علي سيّدنا عليّ العسكريّ(عليه السلام)... فسألناه عن أسعد الأيّام وأنحسها.
فقال(عليه السلام): لا تعادوا الأيّام فتعاديكم... أنّ السبت جدّي رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)،....
( الهداية الكبري: 363، س 10.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 556. )

2 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... الصقر بن أبي دلف قال:... فقلت: قوله:لاتعادوا الأيّام فتعاديكم، ما معناه؟
فقال(عليه السلام): نعم! الأيّام نحن ما قامت السماوات والأرض فالسبت، اسم رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)،....
( معاني الأخبار: 123، ح 31.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 557. )

3 - الراونديّ(رحمه الله):... ابن أُورمة [قال:] خرجت أيّام المتوكّل إلي سرّ من رأي، فدخلت علي سعيد الحاجب ودفع المتوكّل أبا الحسن(عليه السلام) إليه ليقتله،....
فدخلت الدار التي كان فيها محبوساً... قلت لأبي الحسن(عليه السلام) حديث رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) «لا تعادوا الأيّام فتعاديكم».
قال(عليه السلام): نعم! إنّ لحديث رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) تأويلاً، أمّا السبت فرسول اللّه(صلي الله عليه وآله)....
( الخرائج والجرائح: 412/1، ح 17.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1، رقم 364. )


الثامن عشر - إنّه(صلي الله عليه وآله) طاهر مطهّر:
1 - الشيخ الطوسيّ(رحمه الله):... عن القاسم الصيقل قال: كتبت إليه:... فأجابه(عليه السلام): النبيّ(صلي الله عليه وآله) طاهر مطهّر....
( تهذيب الأحكام: 107/1، ح 281.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 953. )


التاسع عشر - حرمته(صلي الله عليه وآله) أعظم من حرمة الكعبة:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عن أبي هاشم الجعفريّ قال: بعث إليّ أبو الحسن(عليه السلام) في مرضه،... ثمّ دخلت عليه...، فقال لي:... حرمة النبيّ والمؤمن أعظم من حرمة البيت،....
( الكافي: 4/ 567، ح 3.
تقدّم الحديث بتمامه في رقم 571. )


العشرون - إنّه(صلي الله عليه وآله) ما شكّ فيما أُنزل إليه:
1 - الشيخ المفيد(رحمه الله):... موسي بن محمّد بن عليّ بن موسي... فدخلت علي أخي(عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك، إنّ ابن أكثم كتب إليّ يسألني...أخبرني عن قول اللّه: «فان كنت في شكّ...»؟
قال(عليه السلام):... وأمّا قوله: (فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَسَْلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَبَ مِن قَبْلِكَ) فإنّ المخاطب في ذلك رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)، ولم يكن في شكّ ممّا أُنزل إليه، ولكن قالت الجهلة: كيف لم يبعث اللّه نبيّاً من ملائكته؟ أم كيف لم يفرّق بينه وبين خلقه بالإستغناء عن المأكل، والمشرب، والمشي في الأسواق؟
فأوحي اللّه إلي نبيّه(صلي الله عليه وآله): (فَسَْلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَبَ مِن قَبْلِكَ) تفحّص بمحضر كذا من الجهلة، هل بعث اللّه رسولاً قبلك إلّا وهو يأكل ويشرب، ويمشي في الأسواق، ولك بهم أُسوة، وإنّما قال: (إِن كُنتَ فِي شَكٍّ) ولم يكن للنصفة كما قال: (قُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَي الْكَذِبِينَ) ولو قال: نبتهل فنجعل لعنة اللّه عليكم لم يكونا يجوزان للمباهلة، وقد علم اللّه أنّ نبيّه مؤدٍّ عنه رسالاته وما هو من الكاذبين، وكذلك عرف النبيّ أنّه صادق فيما يقول، ولكن أحبّ أن ينصفهم من نفسه....
( الاختصاص: 91، س 8.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1010. )


الحادي والعشرون - إحتجاجه(صلي الله عليه وآله) علي المشركين واليهود:
1 - الإمام الحسن العسكريّ(عليه السلام): فقلت لأبي عليّ بن محمّد(عليها السلام): فهل كان رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) يناظرهم إذا عانتوه ويحاجّهم؟ قال(عليه السلام): بلي! مراراً كثيرة، منها: ما حكي اللّه من قولهم (وَقَالُواْ مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ)....
( تفسير الإمام العسكريّ(عليه السلام): 500، ح 314.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1048. )


الثاني والعشرون - خِطبته(صلي الله عليه وآله) مليكة من المسيح لأبي محمّد(عليه السلام):
1 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... بشر بن سليمان النخّاس من ولد أبي أيّوب الأنصاريّ، أحد موالي أبي الحسن وأبي محمّد(عليها السلام) وجارهما بسرّ من رأي....
قالت:... أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأُمّي من ولد الحواريّين، تنسب إلي وصيّ المسيح شمعون،....
ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته، وقلت: نرجس،.... قال [أبو الحسن الهادي ](عليه السلام): فأبشري بولد يملك الدنيا شرقاً وغرباً، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً.
قالت: ممّن؟ قال(عليه السلام): ممّن خطبك رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) له من ليلة كذا، من شهر كذا، من سنة كذا بالروميّة....
( إكمال الدين وإتمام النعمة: 417، ح 1.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 594. )


الثالث والعشرون - ذكر النبيّ أباه وأُمّه وعمّه أبا طالب وحزنه عليهم:
1 - البحرانيّ(رحمه الله): ... عليّ بن عبيد اللّه الحسينيّ قال: ركبنا مع سيّدنا أبي الحسن(عليه السلام) إلي دار المتوكّل في يوم السلام....
قال له أبوالحسن(عليه السلام):... اعلم أنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) حجّ حجّة الوداع، فنزل بالأبطح بعد فتح مكّة، فلمّا جنّ عليه الليل أتي القبور، قبور بني هاشم، وقدذكر أباه وأُمّه وعمّه أبا طالب، فداخله حزن عظيم عليهم ورقّة، فأوحي اللّه إليه أنّ الجنّة محرّمة علي من أشرك بي، وإنّي أُعطيك يا محمّد! ما لم أُعطه أحداً غيرك، فادع أباك وأُمّك وعمّك فإنّهم يجيبونك ويخرجون من قبورهم أحياء لم يمسّهم عذابي لكرامتك عليّ، فادعهم إلي الإيمان [باللّه وإلي ] رسالتك و[إلي ] موالاة أخيك عليّ والأوصياء منه إلي يوم القيامة، فيجيبونك ويؤمنون بك.
فأهب لك كلّ ما سألت، وأجعلهم ملوك الجنّة كرامة لك يا محمّد، فرجع النبيّ(صلي الله عليه وآله) إلي أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال له: قم يا أبا الحسن! فقد أعطاني ربّي هذه الليلة ما لم يعطه أحداً من خلقه في أبي وأُمّي وأبيك عمّي، وحدّثه بما أوحي اللّه إليه وخاطبه به، وأخذ بيده وصار إلي قبورهم، فدعاهم إلي الإيمان باللّه وبه وبآله(عليهم السلام)، والإقرار بولاية عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين(عليه السلام) والأوصياء منه، فآمنوا باللّه وبرسوله وأمير المؤمنين والأئمّة منه واحداً بعد واحد إلي يوم القيامة.
فقال لهم رسول اللّه(صلي الله عليه وآله): عودوا إلي اللّه ربّكم وإلي الجنّة، فقد جعلكم اللّه ملوكها، فعادوا إلي قبورهم،....
( مدينة المعاجز: 535/7، ح 2518.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1، رقم 527. )


الرابع والعشرون - تحمّل رسول اللّه ذنوب شيعة عليّ(عليه السلام):
1 - الحسينيّ الإسترآباديّ(رحمه الله): روي مرفوعاً عن أبي الحسن الثالث(عليه السلام) أنّه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ (لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَم نبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ)؟
فقال(عليه السلام): وأيّ ذنب كان لرسول اللّه(صلي الله عليه وآله) متقدّماً أو متأخّراً، وإنّما حمله اللّه ذنوب شيعة عليّ(عليه السلام) ممّن مضي منهم وبقي، ثمّ غفرها اللّه له.
( تأويل الآيات: 575، س 14.
يأتي الحديث أيضاً في رقم 716. )


الخامس والعشرون - صلاته(صلي الله عليه وآله) ونفره إلي مكّة:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عن أيّوب بن نوح قال: كتبت إليه: إنّ أصحابنا قد اختلفوا علينا.... فكتب(عليه السلام): أما علمت أنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله)، صلّي الظهر والعصر بمكّة، ولا يكون ذلك إلّا وقد نفر قبل الزوال.
( الكافي: 521/4، ح 8.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 847. )


السادس والعشرون - طوافه(صلي الله عليه وآله) بالبيت وتقبيله الحجر:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عن أبي هاشم الجعفريّ قال: بعث إليّ أبو الحسن(عليه السلام)... فدخلت عليه، فقال لي:... إنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) كان يطوف بالبيت، ويقبّل الحجر....
( الكافي: 567/4، ح 3.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 571. )


السابع والعشرون - قراءته(صلي الله عليه وآله) في صلاة الفجر:
1 - الشيخ المفيد(رحمه الله):... موسي بن محمّد بن عليّ بن موسي... فدخلت علي أخي(عليه السلام)... قال(عليه السلام):... وأمّا صلاة الفجر والجهر فيها بالقراءة، لأنّ النبيّ(صلي الله عليه وآله) كان يغلّس بها....
( الاختصاص: 91، س 8.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1010. )


الثامن والعشرون - سيرته(صلي الله عليه وآله) في صلاة الجماعة:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عليّ بن محمّد النوفليّ، عن أبي الحسن(عليه السلام)،.... قلت: ولم يكن رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) يصلّي بالناس، ويرفع صوته بالقرآن؟
فقال: إنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) كان يحمل الناس من خلفه ما يطيقون.
( الكافي: 615/2، س 1.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 572. )


التاسع والعشرون - إنّه(صلي الله عليه وآله) كان يأمر نسائه بقضاء الصوم في الاستحاضة:
1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عليّ بن مهزيار قال: كتبت إليه: امرأة طهرت من حيضها، أو من دم نفاسها... ثمّ استحاضت... فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟
فكتب(عليه السلام): تقضي صومها، ولا تقضي صلاتها، إنّ رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) كان يأمر فاطمة صلوات اللّه عليها والمؤمنات من نسائه بذلك.
( الكافي: 136/4، ح 6.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 936. )


الثلاثون - صاع النبيّ(صلي الله عليه وآله):
1 - الشيخ الطوسيّ(رحمه الله):... سليمان بن حفص المروزيّ قال: قال أبوالحسن(عليه السلام): الغسل بصاع من ماء، والوضوء بمدّ من ماء، وصاع النبيّ(صلي الله عليه وآله) خمسة أمداد،....
( الاستبصار: 121/1، ح 410.
يأتي الحديث بتمامه في رقم 603. )