الصفحة 476
فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)(1) .

2 ـ أما الكلمة المتعلقة فيمن تخلف عن جيش أسامة، التي أرسلها الشهرستاني إرسال المسلمات، فقد جاءت في حديث مسند، أخرجه أبو بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري في كتاب السقيفة، أنقله لك بعين لفظه، «قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح، عن أحمد بن سيار، عن سعيد بن كثير الانصاري ورجاله، عن عبدالله بن عبدالرحمن: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة من المهاجرين والأنصار، منهم: أبو بكر، وعمر، وابو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وأمره أن يغير على مؤته حيث قتل أبوه زيد، وأن يغزو وادي فلسطين، فتثاقل أسامة وتثاقل الجيش بتثاقله، وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في مرضه يثقل ويخف ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث، حتى قال له أسامة: بأبي أنت وأمي، أتأذن لي أن أمكث اياماً حتى يشفيك الله تعالى، فقال أخرج وسر على بركة الله، فقال: يا رسول الله إن أنا خرجت وأنت على هذه الحال، خرجت وفي قلبي قرحة، فقال: سر على النصر والعافية، فقال: يا رسول الله إني أكره أن أسائل عنك الركبان، فقال: انفذ ما أمرتك به، ثم أغمي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقام أسامة فتجهز للخروج، فلما أفاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سأل عن أسامة والبعث، فأخبر أنهم يتجهزون، فجعل يقول: أنفذوا بعث أسامة لعن الله من تخلف عنه، وكرر ذلك، فخرج أسامة واللواء على رأسه والصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه: أبو بكر، وعمر، واكثر المهاجرين، ومن الأنصار: اسيد بن حضير، وبشر بن سعد، وغيرهم من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له: أدخل فإن رسول الله يموت، فقام من فوره، فدخل المدينة واللواء معه، فجاء به حتى ركزه بباب رسول الله، ورسول الله قد مات في تلك الساعة»(2) انتهى بعين لفظه، وقد

____________

(1) سورة الحشرة آية: 7.

(2) راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/21 أفست بيروت على ط1 بمصر و: 6/52 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل.

الصفحة 477
نقله جماعة من المؤرخين، منهم العلامة المعتزلي في آخر ص20 والتي بعدها من المجلد الثاني من شرح نهج البلاغة، والسلام.

ـ ش ـ

المراجعة 93
23 ربيع الأول سنة 1330

التماس بقية المورد

أطلنا الكلام فيما يتعلق بسرية أسامة، كما أطلناه في رزية يوم الخميس؛ حتى بانت الرغوة عن الصريح، وظهر الصبح فيهما لذي عينين، فمل بنا الى غرهما من الموارد، والسلام.

ـ س ـ

المراجعة 94
25 ربيع الأول سنة 1330

أمره صلى الله عليه وآله وسلم بقتل المارق

حسبك مما تلتمسه ما أخرجه جماعة من أعلام الأمة وحفظة الأئمة. واللفظ للامام أحمد بن حنبل في ص15 من الجزء الثالث من مسنده من حديث أبي سعيد الخدري، قال: إن أبا بكر جاء الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله إني مررت بوادي كذا وكذا، فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اذهب اليه فاقتله»، قال: فذهب إليه أبو بكر، فلما رآه على تلك الحال، كره أن يقتله، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر: اذهب فاقتله، فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر عليها، قال: فكره أن يقتله، قال: فرجع، فقال: يا رسول الله اني رأيته متخشعاً فكرهت أن أقتله، قال: «يا علي اذهب فاقتله»، قال: فذهب علي فلم يره، فرجع علي فقال: يا رسول الله اني لم أره، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا

الصفحة 478
يعودون فيه حتى يعود السهم من فوقه، فاقتلوهم هم شر البرية». اهـ.(1) . وأخرج أبو يعلى في مسنده كما في ترجمة ذي الثدية من إصابة ابن حجر ـ عن أنس، قال: كان في عهد رسول الله رجل يعجبنا تعبده واجتهاده، وقد ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، باسمه فلم يعرفه، فوصفناه بصفته فلم يعرفه، فبينا نحن نذكره اذ طلع الرجل، قلنا: هو هذا؛ قال: إنكم لتخبروني عن رجل إن في وجهه لسفعة من الشيطان، فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنشدك الله هل قتل حين وقفت على المجلس: ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني؟ قال: اللهم نعم، ثم دخل يصلي، فقال رسول الله صلى الله عله وآله وسلم: من يقتل الرجل؟ فقال أبو بكر: أنا، فدخل عليه فوجده يصلي، فقال: سبحان الله، أقتل رجلاً يصلي، فخرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعلت؟ قال: كرهت أن أقتله وهو يصلي، وأنت نهيت عن قتل المصلين، قال: من يقتل الرجل؟ قال عمر؟ أنا، فدخل فوجده واضعاً جبهته، فقال عمر: أبو بكر أفضل مني، فخرج، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مهيم؟ قال: وجدته واضعاً جبهته لله، فكرهت أن أقتله، فقال: من يقتل الرجل؟ فقال علي؟ أنا، فقال: أنت إن أدركته، فدخل عليه، فوجده خرج، فرجع الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ميهم؟ قال: وجدته قد خرج، قال: لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان(2) ، الحديث. وأخرجه الحافظ محمد بن موسى الشيرازي في كتابه الذي استخرجه من تفاسير يعقوب بن سفيان، ومقاتل بن سليمان، ويوسف القطان، والقاسم بن سلام، ومقاتل بن حيان، وعلي بن حرب، والسدي، ومجاهد، وقتادة ووكيع، وابن جريح، وأرسله ارسال المسلمات جماعة من الثقات كالامام شهاب الدين أحمد ـ المعروف بابن عبد ربه الأندلسي ـ عند انتهائه الى القول

____________

(1) راجع: سمند احمد بن حنبل: 3/15 ط الميمنية بمصر.

(2) راجع: الاصابة لابن حجر: 1/484، العقد الفريد لابن عبد ربه: 2/403 ـ 404 ط لجنة التأليف والنشر و: 1/167 ط آخر.

الصفحة 479
في أصحاب الأهواء من الجزء الأول من عقده الفريد، وقد جاء في آخر ما حكاه في هذه القضية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: إن هذا لأول قرن يطلع في أمتي، لو قتلتموه ما اختلف بعده اثنان، إن بني اسرائيل افترقت اثنتين وسبعين فرقة، وإن هذه الأمة ستفترق ثلاثاً وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة(1) . اهـ.

وقريب من هذه القضية ما أخرجه أصحاب السنن(2) عن علي، قال: «جاء النبي أناس من قريش فقالوا: يا محمد إنا جيرانك وحلفاؤك، وإن ناساً من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين ولا رغبة في الفقه، إنما فروا من ضياعنا وأموالنا فارددهم الينا، فقال لأبي بكر: ما تقول؟ قال: صدقوا إنهم جيرانك: قال: فتغير وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال لعمرك ما تقول؟ قال: صدقوا إنهم لجيرانك وحلفاؤك، فتغير وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا معشر قريش، والله ليبعثن الله عليكم رجلاً قد امتحن الله قلبه بالايمان فيضربكم على الدين، فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله، قال: لا، قال عمر: أنا يا رسول الله؛ قال: لا، ولكنه الذي يخصف النعل، وكان أعطى علياً نعله يخصفها»(3) والسلام عليكم.

ش

____________

(1) فرقة وشيعة لفظان ـ بحساب الجمل ـ مترادفان لأن كلا منهما 385 وهذا مما تتفأل به عوام تلك الفرقة (منه قدس).

(2) كالامام أحمد في أواخر ص155 من الجزء الأول من مسنده، وسعيد بن منصور في سننه، وابن جرير في تهذيب الآثار، وصححه ونقله عنهم جميعاً المتقي الهندي في ص396 من الجزء السادس من كنز العمال (منه قدس).

(3) يوجد في: خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 11 ط التقدم العلمية بمصر وص68 ـ 69 ط الحيدرية وص19 ط بيروت، مسند أحمد بن حنبل: 2/338 ح1335 بسند صحيح.

ذكر الى تغير وجه النبي عند قول عمر. ط دار المعارف بمصر، كنز العمال: 15/112 ح317 و434 ط2 بحيدر آباد.

وقريب منه يوجد في: ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي: 2/366 ح866، فرائد السمطين: 1/162 ح124.

الصفحة 480

المراجعة 95
26 ربيع الأول سنة 1330

العذر في عدم قتل المارق

لعلهما رضي الله عنهما فهما استحباب قتله حملاً منهما للأمر على الاستحباب لا على الوجوب، ولذا لم يقتلاه، أو ظنا أن قتله واجب كفائي، فتركاه اعتماداً على غيرهما من الصحابة لوجود من تتحقق به الكفاية منهم، ولم يكونا حين رجعا عنه خائفين من فوات الأمر بسبب هربه، إذ لم يخبراه بالقضية، والسلام.

ـ س ـ

المراجعة 96
29 ربيع الأول سنة 1330

ردُّ العذر

الأمر حقيقة في الوجوب، فلا يتبادر الى الأذهان منه سواه، فحمله على الاستحباب مما لا يصح إلا بالقرينة ولا قرينة في المقام على ذلك، بل القرائن تؤكد إرادة المعنى الحقيقي، أعني الوجوب، فأنعم النظر في تلك الأحاديث تجد الأمر كما قلناه، وحسبك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه فاقتلوهم هم شر البرية، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان، فإن هذا الكلام ونحوه، لا يقال إلا في إيجاب قتله والحض الشديد على ذلك.

وإذا راجعت الحدث في مسند أحمد، تجد الأمر بقتله متوجهاً الى أبي بكر خاصة، ثم الى عمر بالخصوص، فكيف ـ والحال هذه ـ يكون الوجوب كفائياً.

على أن الأحاديث صريحة بأنهما لم يحجما عن قتله إلا كراهة أن يقتلاه وهو على تلك الحال، من التخشع في الصلاة لا لشيء آخر، فلم يطيبا نفساً بما طابت له نفس

الصفحة 481
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يرجا ما أمرهما به من قتله، فالقضية من الشواهد على أنهم كانوا يؤثرون العمل برأيهم على التعبد بنصه كما ترى، والسلام.

ـ ش ـ

المراجعة 97
30 ربيع الأول سنة 1330

التماس الموارد كلها

هَلُمَّ ببقية الموارد، ولا تُبقوا منها ما نلتمسه مرة أخرى، وإن احتاج ذلك الى التطويل، والسلام.

ـ س ـ

المراجعة 98
3 ربيع الثاني سنة 1330

1 ـ لمعة من الموارد

2 ـ الاشارة الى موارد أخر

1 ـ حسبك منها صلح الحديبية، وغنائم حنين، وأخذ الفداء من أسرى بدر، وأمره صلى الله عليه وآله وسلم، بنحر بعض الابل إذا أصابتهم مجاعة في غزوة تبوك، وبعض شؤونهم يوم أحد وشعبه، ويوم أبي هريرة إذ نادى بالبشارة لكل من لقي الله بالتوحيد، ويوم الصلاة على ذلك المنافق، ويوم اللمز في الصدقات وسؤالهم بالفحش، وتأول آيتي الخمس والزكاة وآيتي المتعتين، وآية الطلاق الثلاث، وتأول السنة الواردة في نوافل شهر رمضان كيفية وكمية، والمأثورة في كيفية الآذان، وكمية التكبير في صلاة الجنائز، الى ما لا يسع المقام بيانه، كالمعارضة في أمر حاطب بن بلتعة، والمعارضة لما فعله النبي في مقام ابراهيم، وكإضافة دور جماعة من المسلمين الى المسجد، وكالحكم على اليمانيين بدية أبي خراش الهذلي، وكنفي نصر بن الحجاج السلمي، وإقامة الحد على جعدة بن سليم(1) ، ووضع الخراج على السواد، وكيفية ترتيب الجزية، والعهد بالشورى

____________

(1) راجع ترجمة عمر من طبقات ابن سعد، تقف على اقامة الحد على جعدة بلا شاهد ولا مدع سوى ورقة فيها أبيات لا يعرف قائلها، تتضمن رمي جعدة بالفاحشة (منه قدس).

الصفحة 482
على الكيفية المعلومة، وكالعس ليلاً، والتجسس نهاراً، وكالعول في الفرائض(1) الى ما لا يحصى من الموارد التي آثروا فيها القوة والسطوة، والمصالح العامة، وقد أفردنا لها في كتابنا ـ سبيل المؤمنين(1) ـ باباً واسعاً.

2 ـ على أن هناك نصوصاً أخرى خاصة في علي وفي العترة الطاهرة غير نصوص الخلافة لم يعملوا بها أيضاً، بل عملوا بنقيضها كما يعلمه الباحثون، فلا عجب بعدها من تأولهم نص الخلافة عليه، وهل هو إلا كأحد النصوص التي تأولوها فقدموا العمل بآرائهم على التعبد بها؟ والسلام.

ـ ش ـ

المراجعة 99
5 ربيع الثاني سنة 1330

1 ـ إيثارهم المصلحة في تلك الموارد

2 ـ التماس ما بقي منها

1 ـ لا يرتاب ذو مسكة في حسن مقاصدهم، وإيثارهم المصلحة العامة في كل ما كان منهم في تلك الموارد إذ كانوا يتحرون فيها الأصلح للأمة، والأرجح للملة، والأقوى للشوكة، فلا جناح عليهم في شيء مما فعلوه، سواء عليهم أتعبدوا بالنص أم تأولوها.

____________

(1) الموارد التي لم يتعبد الصحابة فيها بالنصوص:

راجع في ذلك: كتاب النص والاجتهاد لشرف الدين طبع عدة طبعات، الفصول المهمة للامام شرف الدين أيضاً ص44 ـ 130 ط5 بمطبعة النعمان، الغدير للأميني ج6.

(2) لئن فاتكم سبيل المؤمنين، فلا تفوتنكم الفصول المهمة، فان فيها من الفوائد ما لا يوجد في غيرها، وقد عقدنا فيها للمتأولين فصلاً على حدة، وهو الفصل 8 ص44 وما بعدها الى ص130 من الطبعة الثانية. فيه تفصيل هذه الموارد (منه قدس).

الصفحة 483

2 ـ وكنا كلفناكم باستقصاء الموارد، فأوردتم منها ما أوردتم، ثم ذكرتم أن في الامام وعترته نصوصاً غير نصوص الخلافة لم يعمل بها سلفنا، فليتكم أوردتموها مفصلة وأغنيتمونا عن التماسها، والسلام.

ـ ش ـ

المراجعة 100
8 ربيع الثاني سنة 1330

1 ـ خروج المناظر عن محل البحث

2 ـ إجابته الى ملتمسه

1 ـ سلمتم بتصرفهم في النصوص المأثورة في تلك الموارد، فصدقتم بما قلناه والحمد لله. أما حسن مقاصدهم وإيثارهم المصلحة العامة وتحريهم الأصلح للأمة، والأرجح للملة، ولأقوى للشوكة، فخارج عن محل البحث كما تعلمون.

2 ـ التمست في المراجعة الأخيرة تفصيل ما اختص بعلي من الصحاح المنصوص فيها عليه بغير الامامة من الأمور التي لم يتعبدوا بل لم يبالوا بها، وأنت إمام السنن، في هذا الزمن، جمعت أشتاتها، واستفرغت الوسع في معاناتها، فمن ذا يتوهم أنك ممن لا يعرف تفصيل ما أجملناه، ومن ذا يرى أنه أولى منك بمعرفة كنه ما أشرنا اليه، وهل يجاريك أو يباريك في السنة أحد، كلا، ولكن الأمر كما قيل: «وكم سائل عن أمره وهو عالم».

إنكم لتعلمون أن كثيراً من الصحابة كانوا يبغضون علياً ويعادونه، وقد فارقوه وآذوه، وشتموه وظلموه، وناصبوه، وحاربوه، فضربوا وجهه ووجوه أهل بيته وأوليائه بسيوفهم، كما هو معلوم بالضرورة من أخبار السلف، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصى علياً فقد عصاني»(1) وقال

____________

(1) تقدم هذا الحديث مع مصادره تحت رقم (568) وتقدم كون طاعة علي كطاعة الرسول تحت رقم (747) فراجع.

الصفحة 484
صلى الله عليه وآله وسلم: «من فارقني فارق الله ومن فارقك يا علي فقد فارقني»(1) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «يا علي أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي(2) » وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من سب علياً فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله»(3) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من آذى علياً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله»(4) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحب علياً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني»(5) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يحبك يا علي إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق»(6) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الهم والِ من والاه، وعادِ

____________

(1) تقدم هذا الحديث مع مصادره تحت رقم (569) فراجع، وتحت رقم (748) أيضاً.

(2) تقدم تحت رقم (574) فراجع.

(3) تقدم تحت رقم (570) وما بعده فراجع.

(4) يوجد في: ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي: 1/393 ح501 الاستيعاب بهامش الاصابة: 3/37، ذخائر العقبى لمحب الدين الطبري: 65، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: 205 و303 ط اسلامبول وص243 و338 ط الحيدرية.

وتقدم صدره تحت رقم (571) مع مصادره فراجع.

(5) تقدم مع مصادره تحت رقم (572) فراجع.

(6) قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعلي:

«لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق».

يوجد في: صحيح الترمذي: 5/306 ح3819 ط دار الفكر، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 27 ط التقدم العلمية بمصر وص105 ط الحيدرية وص44 ط بيروت، سنن النسائي: 8/116، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي: 2/188 حديث 671 و674 و675 و678 و680 و683 و684 و686 و687 و688 و689 و690 و691 و692 و693 و694 و695 و702 و703، أسد الغابة: 4/26، حلية الأولياء: 4/185 وصححه وذكره بطرق مختلة، ميزان الاعتدال للذهبي: 2/41، الاستيعاب لابن عبدالبر بهامش الاصابة: 3/37، مجمع الزوائد للهيثمي: 9/133، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد الحنفي: 4/520 ط1 بمصر 20/221 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي: 190 ح225 و226 و228 و229 و331 ط1 بطهران، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: 47 و48 و182 ط اسلامبول وص52 و53 و215 ط الحيدرية، كنوز الحقائق للمناوي: 38 و171 بدون ذكر المطبعة وص46 و192 ط بولاق بمصر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد: 5/30، كنز العمال: 15/157 ح444 ط2، الرياض النضرة: 2/284. ونقله في احقاق الحق ج7 عن: مسند أحمد: 1/95 ط الميمنية، علل الحديث لأبي حاتم: 2/400، سنن البيهقي: 2/271 ط الميمنية، طبقات الحنابلة: 1/320، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 8/417 و: 14/426، موضح الجمع والتفريق للبغدادي: 468، معالم التنزيل للبغوي: 6/180، لسان الميزان لابن حجر: 2/446، سعد الشموس والأقمار: 210، شرح ديوان أمير المؤمنين للمبيدي: 191 مخطوط، الشفاء للقاضي عياض: 2/41، تذكرة الحفاظ للذهبي: 1/10، الفتح الكبير للنبهاني: 1/446، نقد عين الميزان لمحمد بهجت: 14 ط مجلة القيمرية، السيف اليماني المسلول: 49، فرائد السمطين: 1/133.

وتقدم هذا الحديث بضمير المتكلم مع مصادره تحت رقم (573) فراجع.

الصفحة 485
من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله»(1) ونظر يوماً الى علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم»(2) وحين غشاهم بالكساء قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم، وعدو لمن عاداهم»(3) الى كثير من أمثال هذه السنن التي لم يعمل كثير من الصحابة بشيء منها،

____________

(1) تقدم هذا الحديث مع مصادره بين رقم (662 وبين 623) فراجع.

(2) تقدم مع مصادره تحت رقم (749) فراجع.

(3) يوجد في: الصواعق المحرقة لابن حجر: 142 و185 ط المحمدية وص85 و112 ط الميمنية بمصر، الاصابة لابن حجر العسقلاني: 4/378، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: 229 و294 و309 ط اسلامبول، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي: 232 و239، مصابيح السنة للبغوي الشافعي: 2/280، مشكاة المصابيح للعمري: 3/258، ذخائر العقبى للطبري الشافعي: 23، الرياض النضرة لمحب الدي الطبري الشافعي: 2/94.

الصفحة 486
إنما عملوا بنقيضها تقديماً لأهوائهم، وإيثاراً لأغراضهم، وأولو البصائر يعلمون أن سائر السنن المأثورة في فضل علي ـ وإنها لتربو على المئات ـ كالنصوص الصريحة في وجوب موالاته، وحرمة معاداته، لدلالة كل منها على جلال قدره وعظم شأنه، وعلو منزلته عند الله ورسوله، وقد أوردنا منها في غضون هذه المراجعات طائفة وافرة، وما لم نورده أضعاف أضعاف ما أوردنا(1) ، وأنتم ـ بحمد الله ـ ممن وسعوا السنن علماً، وأحاطوا بها فهماً، فهل وجدتم شيئاً منها يتفق مع مناصبته ومحاربته، أو يلتئم مع إيذائه وبغضه وعداوته، أو يناسب هضمه وظلمه، وسبه على منابر المسلمين، وجعل ذلك سنة من سنن الخطباء، أيام الجمع والأعياد، كلا. ولكن الذين ارتكبوا منه ذلك لم يبالوا بها على كثرتها وتواترها، ولم يكن لهم منها وازع عن العمل بكل ما تقتضيه سياستهم، وكانوا يعلمون أنه أخو النبي ووليه ووارثه ونجيه، وسيد عترته، وهارون أمته، وكفؤ بضعته وأبو ذريته، وأولهم اسلاماً وأخلصهم إيماناً، وأغزرهم علماً، وأكثرهم عملاً، وأكبرهم حلماً، وأشدهم يقيناً، وأعظمهم عناءً، وأحسنهم بلاء، وأوفرهم مناقب، وأكرمهم سوابق، وأحوطهم على الاسلام، وأقربهم من رسول الله، وأشبههم به هدياً

____________

السنن الواردة في فضل علي وأهل بيته

(1) راجع: احقاق الحق للتستري ج1 وج2 وج3 وج4 وج5 وج6 وج7 وج8 وج9 وج10 وج11 ط المطبعة الاسلامية في طهران مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ط المطبعة الاسلامية بطهران، ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج1 وج2 وج3 ط بيروت، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للكنجي الشافعي ط الحيدرية، الغدير للأميني ج1 الى ج11 ط ايران وط بيروت، فضائل الخمسة من الصحاح الستة للفيروز ابادي ط في النجف وبيروت، المناقب للخوارزمي الحنفي ط تبريز وط الحيدرية، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج1 وج2 ط في بيروت، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ط في اسلامبول وايران وصيدا والنجف وقد طبع 8 طبعات، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ط في النجف، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ط في مصر وبيروت والنجف، الرياض النضرة لمحب الدين الطبري الشافعي: 2/201 ـ 334 ط2 مطبعة دار التألف بمصر وغيرها من عشرات الكتب المطبوعة والمخطوطة.

الصفحة 487
وخلقاً وسمتاً، وأمثلهم فعلاً وقولاً وصمتاً، لكن الأغراض الشخصية كانت هي المقدمة عندهم على كل دليل؛ فأي عجب بعد هذا من تقديم رأيهم في الامامة على التعبد بنص الغدير، وهل نص الغدير الا حديث واحد من مئات الأحاديث التي تأولوها؟ إيثاراً لآرائهم وتقديماً لمصالحهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي»(1) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له»(2) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس»(3) ، إلى آخر ما جاء على هذا النمط من صحاح السنن التي لم يتعبدوا بشيء منها، والسلام.

ـ ش ـ

المراجعة 101
10 ربيع الثاني سنة 1330

لِمَ لَمْ يحتج الامام يوم السقيفة بنصوص الخلافة والوصاية؟

صرح الحق عن محضه، والحمد لله رب العالمين، ولم يبق إلا أمر واحد، تنكرت معالمه، وخفيت أعلامه، أذكره لك لتميط حجابه، وتعلن سره، وهو أن الامام لم يحتج ـ يوم السقيفة على الصديق ومبايعيه ـ بشيء من نصوص الخلافة والوصاية التي أنتم عليها عاكفون، فهل أنتم أعرف بمفادها منه؟ والسلام.

ـ س ـ

المراجعة 102
11 ربيع الثاني سنة 1330

1 ـ موانع الامام من الاحتجاج يوم السقيفة.

____________

(1) حديث الثقلين تقدم تحت رقم (28 و29 و30 و31 و32 و33) فراجع.

(2) حديث السفينة: تقدم تحت رقم (40) فراجع.

(3) وهذا أيضاً تقدم تحت رقم (41) فراجع.

الصفحة 488

2 ـ الاشارة الى احتجاجه واحتجاج مواليه مع وجود الموانع

1 ـ الناس كافة يعلمون أن الامام وسائر أوليائه بني هاشم وغيرهم، لم يشهدوا البيعة، ولا دخلوا السقيفة يومئذ وكانوا في معزل عنها وعن كل ما كان فيها، منصرفين بكلهم الى خطبهم الفادح بوفاة رسول الله، وقيامهم بالواجب من تجهيزه صلى الله عليه وآله وسلم، لا يعنون بغير ذلك، وما واروه في ضراحه الأقدس حتى أكمل أهل السقيفة أمرهم فأبرموا البيعة، وأحكموا العقد، وأجمعوا ـ أخذاً بالحزم ـ على منع كل قول أو فعل يوهن بيعتهم، أو يخدش عقدهم، أو يدخل التشويش والاضطراب على عامتهم، فأين كان الامام عن السقيفة وعن بيعة الصديق ومبايعيه ليحتج عليهم؟ وأنى يتسنى الاحتجاج له أو لغيره بعد عقد البيعة وقد أخذ أولو الأمر والنهي بالحزم، وأعلن أولو الحول والطول تلك الشدة، وهل يتسنى في عصرنا الحاضر لأحد أن يقابل أهل السلطة بما يرفع سلطتهم، ويلغي دولتهم؟ وهل يتركونه وشانه لو أراد ذلك؟ هيهات هيهات، فقس الماضي على الحاضر، فالناس ناس والزمان زمان.

على أن علياً لم ير للاحتجاج عليهم يومئذ أثراً إلا الفتنة التي كان يؤثر ضياع حقه على حصولها في تلك الظروف، إذ كان يخشى منها على بيضة الاسلام وكلمة التوحيد، كما أوضحناه سابقاً حيث قلنا: إنه مني في تلك الأيام بما لم يمن به أحد، إذ مثل على جناحيه خطبان فادحان، الخلافة بنصوصها ووصاياها الى جانب تستصرخه وستتفزه بشكوى تدمي الفؤاد، وحنين يفتت الأكباد، والفتن الطاغية الى جانت آخر تنذره بانتقاص شبه الجزيرة، وانقلاب العرب، واجتياح الاسلام، وتهدده بالمنافقين من أهل المدينة، وقد مردوا على النفاق، وبمن حولهم من الأعراب، وهم منافقون بنص الكتاب، بل هم أشد كفراً ونفاقاً وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، وقد قويت شوكتهم بفقده صلى الله عليه وآله وسلم، وأصبح المسلمون بعده كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية، بين ذئاب عادية، ووحوش ضارية، ومسيلمة الكذاب، وطليحة بن خويلد الأفاك، وسجاح بنت الحرث الدجالة، وأصحابهم الرعاع الهمج، قائمون ـ في محق الاسلام وسحق

الصفحة 489
المسلمين ـ على ساق، والرومان والأكاسرة والقياصرة وغيرهم، كانوا للمسلمين بالمرصاد، الى كثير من هذه العناصر الجياشة بكل حنق من محمد وآله وأصحابه، وبكل حقد وحسيكة لكلمة الاسلام تريد أن تنقض أساسها وتستأصل شأفتها، وإنها لنشيطة في ذلك مسرعة متعجلة، ترى أن الأمر قد استتب لها، والفرصة ـ بذهاب النبي الى الرفيق الأعلى ـ قد حانت فأرادت أن تسخر الفرصة، وتنتهز تلك الفوضى قبل أن يعود الاسلام الى قوة وانتظام، فوقف علي بين هذين الخطرين، فكان من الطبيعي له أن يقدم حقه قرباناً لحياة المسلمين(1) ، لكنه أراد الاحتفاظ بحقه في الخلافة، والاحتجاج على من عدل عنه بها على وجه لا تشق بهما للمسلمين عصاً، ولا تقع بينهم فتنة ينتهزها عدوهم، فقعد في بيته حتى أخرجوه كرهاً بدون قتال، ولو أسرع اليهم ما تمت حجة، ولا سطع لشيعته برهان، لكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين والاحتفاظ بحقه من خلافة المسلمين، وحين رأى أن حفظ الاسلام، ورد عادية أعدائه موقوفان في تلك الأيام على الموادعة والمسالمة، شق بنفسه طريق الموادعة، وآثر مسالمة القائمين في الأمر احتفاظاً بالأمة، واحتياطاً على الملة، وضناً بالدين، وإيثاراً للآجلة على العاجلة، وقياماً بالواجب شرعاً وعقلاً من تقديم الأهم ـ في مقام التعارض ـ على المهم، فالظروف يومئذٍ لا تسع مقاومة بسيف، ولا مقارعة بحجة(*) .

____________

(1) وقد صرح عليه السلام بذلك في كتاب له بعثة الى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاه امارتها اذ قال: أما بعد، فان الله سبحانه بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم، نذيراً للعالمين ومهيمناً على المرسلين، فلما مضى عليه السلام، تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذه الأمر من بعده صلى الله عليه وآله وسلم، عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عني من بعده، فما راعني الا انثيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون الى محق دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فخشيت أن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً، تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم، التي انما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان، كما يزول السراب أو كما يتقشع السحاب، فنهض في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه، الى آخر كلامه، فراجعه في نهج البلاغة.

(*) وللدكتور سعيد عاشور المصري محاضرة قيمة جداً ألقاها في جامعة الكويت موضوعها: كتابة التاريخ من جديد، وتعرض فيها الى جلوس أمير المؤمنين عن الخلافة، فعلى الباحثين أن يقفوا عليها فهي جديرة بالاهتمام وهي منتشرة بصوته ومطبوعة أيضاً.

الصفحة 490

2 ـ ومع ذلك فإنه وبنيه، والعلماء من مواليه، كانوا يستعلمون الحكمة في ذكر الوصية، ونشر النصوص الجلية، كما لا يخفى على المتتبعين، والسلام.

ـ ش ـ

المراجعة 103
12 ربيع الثاني سنة 1330

البحث عن احتجاجه واحتجاج مواليه

متى كان ذلك من الامام؟ ومتى كان ذلك من ذويه ومواليه؟ أوقفونا على شيء منه، والسلام.

ـ س ـ

المراجعة 104
15 ربيع الثاني سنة 1330

1 ـ ثلة من موارد احتجاج الامام

2 ـ احتجاج الزهراء عليها السلام

1 ـ كان الامام يتحرى السكينة في بث النصوص عليه، ولا يقارع بها خصومه احتياطاً على الاسلام، واحتفاظاً بريح(1) المسلمين، وربما اعتذر عن سكوته وعدم مطالبته ـ في تلك الحالة ـ بحقه فيقول(2) : «لا يعاب المرء بتأخير حقه، إنما يعاب من أخذ ما ليس له(3) » وكان له في نشر النصوص عليه طرق

____________

(1) الريح: حقيقة في القوة والغلبة والنصر والدولة (منه قدس).

(2) هذه الكلمة من كلمة القصير الخارج في غرضه الشريف وهي في نهج البلاغة، فراجع ما ذكره علامة المعتزلة في شرحها ص324 من المجلد الرابع من شرح النهج (منه قدس).

(3) راجع: نهج البلاغة للامام علي باب المختار من حكم أمير المؤمنين رقم ـ 166 ـ وفي شرح النهج لابن أبي الحديد: 18/168 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل و: 5/461 ط مكتبة الحياة و: 4/434 ط دار الفكر.

الصفحة 491
تجلت الحكمة فيها بأجلى المظاهر، ألا تراه ما فعل يوم الرحبة إذ جمع الناس فيها أيام خلافته لذكرى يوم الغدير، فقال لهم: انشاء الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول يوم غدير خم ما قال، إلاّ قام فشهد بما سمع، ولا يقم إلاَّ من رآه، فقام ثلاثون، من الصحاب فيهم اثنا عشر بدرياً فشهدوا بما سمعوه من نص الغدير(1)(2) وهذا غاية ما يتسنى له في تلك الظروف الحرجة بسبب قتل عثمان، وقيام الفتنة في البصرة والشام، ولعمري إنه قصارى ما يتفق من الاحتجاج يومئذ مع الحكمة في تلك الأوقات، ويا له مقاماً محموداً بعث نص الغدير من مرقده، فأنعشه بعد أن كاد، ومثل ـ لكل من كان في الرحبة من تلك الجماهير ـ موقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم خم،وقد أخذ بيد علي فأشرف به على مئة ألف أو يزيدون، من أمته، فبلغهم أنه وليهم من بعده، وبهذا كان نص الغدير أظهر مصاديق السنن المتواترة، فانظر الى حكمة النبي إذ أشاد به على رؤوس الاشهاد،

____________

(1) كما ذكرناه في المراجعة 56 (منه قدس).

(2) مناشدة أمير المؤمنين الصحابة بحديث الغدير في يوم الرحبة.

تقدمت تحت رقم (631 و633 و634 و635) فراجع.

وراجع في مطالبته بحقه: الامامة والسياسة لابن قتيبة: 1/11 و143 ط مصطفى محمد بمصر و: 1/11 و155 ط الحلبي بمصر و: 1/18 و133 ط سجل العرب بالقاهرة تحقيق طه الزيني ولكن في هذه الطبعة ص18 و14 و20 و22 من ج1 قد طبعت في ص18 و14 و20 و22 من الجزء الثاني وضعت في الجزء الأول فليعلم ذلك.

وراجع أيضاً: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/5 و476 أفست على ط1 بمصر و: 6/11 ـ 12 و: 9/306 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، الغدير للأميني: 7/80 ط بيروت، عبدالله بن سبأ للعسكري: 1/109 ـ 110، المناقب للخوارزمي: 224 ط الحيدرية، كفاية الطالب للكنجي الشافعي: 386 ط الحيدرية وص242 ط الغري.

وراجع ما تقدم تحت رقم (593) و594 و595 و838).

وراجع ما يأتي تحت رقم (897 وما بعده من الأرقام).

الصفحة 492
وانتبه الى حكمة الوصي يوم الرحبة إذ ناشدهم بذلك النشاد، فاثبت الحق بكل تؤدة اقتضتها الحال، وكل سكينة كان الامام يؤثرها، وهكذا كانت سيرته في بث العهد اليه، ونشر النص عليه، فإنه إنما كان ينبه الغافلين بأساليب لا توجب ضجة ولا تقتضي نفرة.

وحسبك ما أخرجه أصحاب السنن من حديثه عليه السلام في الوليمة التي أولمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في دار عمه شيخ الأباطح بمكة يوم أنذر عشيرته الأقربين وهو حديث طويل جليل(1) ، وكان الناس ولم يزالوا يعدونه من أعلام النبوة، وآيات الاسلام، لاشتماله على المعجز النبوي بإطعام الجم الغفير من الزاد اليسير، وقد جاء في آخره: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أخذ برقبته، فقال: «إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا»(2) وكثيراً ما كان يحدث بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال له: «أنت ولي كل مؤمن بعدي»(3) وكم حدث بقوله له: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»(4) وكم حدث بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت وليه فهذا ـ علي ـ وليه»(5)(6) الى كثير من النصوص التي لم تجحد، وقد أذاعها بين الثقات والأثبات، وهذا ما يتسنى له في تلك الأوقات، (حكمة بالغة فما تغن النذر) ويوم الشورى أعذر وأنذر، ولم يبق من خصائصه ومناقبه شيئاً إلا احتج به(7) ، وكم احتج أيام خلافته متظلماً، وبث شكواه على المنبر متألماً،

____________

(1) أوردناه في المراجعة 20 (منه قدس).

(2) يوجد في: كنز العمال: 15/100 ح286 ط2. وتقدم هذا الحديث بكامله مع مصادره تحت رقم (459) فراجع.

(3) تقدم هذا الحديث مع مصادره تحت رقم (517 و524 و468) فراجع.

(4) تقدم مع مصادره تحت رقم (475) فراجع.

(5) تقدم مع مصادره تحت رقم (528) فراجع.

(6) أخرجه ابن عاصم كما بيناه في آخر المراجعة 26. (منه قدس).

(7) احتجاج الامام أمير المؤمنين علي عليه السلام في يوم الشورى يوجد في: مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافي: 112 ـ 118 ح155، المناقب للخوارزمي الحنفي: 222 ـ 225، كفاية الطالب للكنجي الشافعي: 386 ط الحيدرية وص242 ط الغري، ميزان الاعتدال للذهبي: 1/442، فرائد السمطين للحمويني الشافعي: 1/320 ـ 322.

الصفحة 493
حتى قال: «أما والله لقد تقمصها فلان، وانه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل، ولا يرقى الي الطير، فسدلت دونها ثوباً، وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى،وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهباً…» إلى آخر الخطبة(1) الشقشقية(2) ، وكم قال: «اللهم إني أستعينك على قريش ومن أعانهم(3) ، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي،وأجمعوا على منازعتي

____________

(1)

الخطبة الشقشقية للامام أمير المؤمنين

قوله عليه السلام: «أما والله لقد تقمصها فلان (ابن أبي قحافة) وانه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى… الخ».

توجد في نهج البلاغة للامام علي وهي الخطبة الثالثة: 1/33 أفست أيران وتوجد هذه الخطبة في مصادر أخرى من الفريقين قبل وجود السيد الرضي ـ المولود سنة 359 والمتوفي 406 هـ الذي جمع كلام الامام علي عليه السلام وبعده.

راجع في ذلك: الغدير للعلامة الأمينين: 7/82 ـ 85. فانه ذكر 28 مصدراً و: 4/186 ـ 198 حول نهج البلاغة وصحة كونه للشريف الرضي.

وراجع أيضاً: كتاب مصادر نهج البلاغة للسيد عبدالزهراء الحسيني الخطيب: 2/20 ـ 31، مدارك نهج البلاغة لكاشف الغطاء: 237، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/69 أفست على ط1 بمصر و: 1/205 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي: 124، وتوجد في العقد الفريد لابن عبدربه المالكي المتوفي سنة 328 هـ كما ذكره في البحار: 8/161 ط قديم، والشيخ ابراهيم القطيفي في الفرقة الناجية. ولكن الأيدي (الأمينة) على ودائع العلم قد حذفتها عند الطبع!

وتوجد الخطبة الشقشقية أيضاً في مصادر شيعية قبل السيد الرضي.

راجع: علل الشرائع للشيخ الصدوق المتوفي 381 هـ 1/150 باب ـ 122 ـ رقم 12، معاني الأخبار للصدوق: 2/343، الارشاد للشيخ المفيد المتوفي 413 أستاذ السيد الرضي: 167، كتاب الجمل للشيخ المفيد: 62.

ونقلها بعد السيد الرضي: الشيخ الطوسي المتوفي 460 هـ من غير طريق الرضي في الأمالي: 1/382 ـ 384، وفي تلخيص الشافي: 3/53 ـ 57، والطبرسي في الاحتجاج: 1/281، والمجلسي في البحار: 8/159 ط قديم، وأوعزت لها كتب معاجم اللغة: لسان العرب: 12/53، النهاية لابن الأثير: 2/490، القاموس للفيروز آبادي: 3/251 ط دار العلم للجميع، مجمع الأمثال للميداني.

وراجع: ما هو نهج البلاغة للسيد هبة الدين الشهرستاني ط النعمان.

(2) هي الخطبة 3 من نهج البلاغة في ص25 من جزئه الأول (منه قدس).

(3) راجع الخطبة 167 أو ص103 من الجزء الثاني من النهج (منه قدس).

الصفحة 494
أمراً هو لي، ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تتركه» اهـ.(1) وقد قال له قائل(2) : «إنك على هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص، فقال: بل أنتم والله لأحرص وانما طلبت حقاً لي وأنتم تحولون بيني وبينه»(3) وقال عليه السلام(4) : «فوالله ما زلت مدفوعاً عن حقي مستأثراً على منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، حتى يوم الناس هذا»(5) .

____________

(1) يوجد في: نهج البلاغة للامام علي عليه السلام خطبة ـ 167 ـ 2/300 ط مصر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/495 و: 3/36 ط1 بمصر و: 9/305 و: 11/109 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، الامامة والسياسة لابن قتيبة: 1/144 ط مصطفى محمد بمصر و: 1/155 ط الحلبي بمصر و: 1/134 ط سجل العرب بالقاهرة.

(2) كما في الخطبة 167 أيضاً (منه قدس).

(3) يوجد في: نهج البلاغة للامام علي خطبة ـ 167 ـ ص300 ط مصر، شرح ابن أبي الحديد: 2/495 أفست على ط مصر و: 9/305 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، الامامة والسياسة لابن قتيبة: 1/144 ط مصطفى محمد بمصر و: 1/155 ط الحلبي و: 1/134 ط سجل العرب بالقاهرة.

(4) كما في الخطبة 5 ص37 من الجزء الأول من النهج (منه قدس).

(5) يوجد في: نهج البلاغة للامام علي خطبة ـ 6 ـ 1/43 ط مصر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/75 و: 2/496 ط1 بمصر و: 1/223 و: 9/306 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، وراجع مصادر نهج البلاغة: 2/45 ط القضاء بالنجف.

الصفحة 495

وقال عليه السلام مرة: «لنا حق فإن أعطيناه، وإلا ركبنا أعجاز الابل، وإن طال السرى(1) »(2) وقال عليه السلام في كتاب كتبه الى أخيه عقيل(3) : «فجرت قريش عني الجوازي، فقد قطعوا رحمي، وسلبوني سلطان ابن أمي»(4) وكم قال عليه السلام:(5) «فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت، وأغضبت على القذى، وشربت على الشجى، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمر من طعم العلقم»(6) .

وسأله بعض أصحابه: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟ فقال:(7) «يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين، ترسل في غير سدد، ولك بعد

____________

(1) هذه الكلمة هي 21 من كلماته في باب المختار من حكمه، ص155 من النهج، وقد علق عليها السيد الرضي كلمة نفيسة، وعلق عليها الشيخ محمد عبده كلمة أخرى، يجدر بالأديب مراجعتها (منه قدس).

(2) يوجد في: نهج البلاغة باب المختار من حكم أمير المؤمنين برقم ـ 21 ـ ص562 ط مصر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/496 و: 4/252 أفست بيروت على ط مصر و: 18/132 و: 9/307 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل تاريخ الطبري: 4/236، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3/74.

(3) وهو الكتاب 36 في ص67 من الجزء 3 من النهج (منه قدس).

(4) يوجد في: نهج البلاغة للامام علي: 3/488 ط مصر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 4/55 و: 2/496 أفست بيروت على ط1 بمصر و: 16/148 و: 9/306 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل.

(5) راجع الخطبة 25 ص62 من الجزء الأول من النهج (منه قدس).

(6) يوجد في: نهج البلاغة للامام علي خطبة ـ 26 ـ 1/68 ط مصر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/122 أفست بيروت على ط1 بمصر و: 2/20 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، الامامة والسياسة لابن قتيبة: 1/144 ط مصطفى محمد و: 1/156 ط الحلبي و: 1/134 ط سجل العرب.

(7) كما في ص79 من الجزء الثاني من النهج من الكلام 157 (منه قدس).

الصفحة 496
ذمامة الصهر وحق المسألة وقد استعلمت فاعلم، أما الاستبداد علينا بهذا المقام، ونحن الأعلون نسباً، والأشدون برسول الله نوطا، فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس قوم؛ وسخت عنها نفوس آخرين، والحكم لله والمعود اليه يوم القيامة، ودع عنك نهباً صيح في حجراته… الخطبة»(1) وقال عليه السلام(2) : «أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا؟ كذباً علينا وبغياً أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى، ويُستجلى العمى؛ إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم.. الخ»(3) وحسبك قوله في بعض خطبه(4) : «حتى إذا قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رجع قوم على الأعقاب، وغالتهم السبل، واتكلوا على الولائج(5) ، ووصلوا غير الرحم، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته، ونقلوا البناء عن رص أساسه، فبنوه في غير مواضعه، معادن كل

____________

(1) يوجد في: نهج البلاغة للامام علي من كلام له برقم ـ 161 ـ 2/281 ط مصر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 9/241 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل و: 2/454 أفست على ط مصر.

(2) كما في ص36 والتي بعدها من الجزء الثاني من النهج من الكلام 140 (منه قدس).

(3) يوجد في: نهج البلاغة للامام أمير المؤمنين خطبة ـ 143 ـ 2/249 ط مصر و: 2/255 ط دار الأندلس و: 2/36 ط الاستقامة، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/401 أفست على ط1 بمصر و: 9/84 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل.

(4) راجعه في آخر ص48 والتي بعدها من الجزء الثاني من النهج في الخطبة 146 (منه قدس).

(5) دخائل المكر والخديعة (منه قدس).

الصفحة 497
خطيئة، وأبواب كل ضارب في غمرة، قد ماروا في الحيرة، وذهلوا في السكرة، على سنة من آل فرعون؛ من منقطع الى الدنيا راكن، أو مفارق للدين مباين(1) » وقوله في خطبة خطبها بعد البيعة له، وهي من جلائل خطب النهج(2) «لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، من هذه الأمة أحد، ولا يسوى من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم أساس الدين، وعماد اليقين، اليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة، الآن إذ رجع الحق الى أهله، ونقل الى منتقله(3) » وقوله عليه السلام من خطبة أخرى يعجب فيها من مخالفيه: «فيا عجبي! ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتصون أثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي… الخطبة(4) »(5) .

____________

(1) يوجد في: نهج البلاغة للامام علي من الخطبة رقم ـ 149 ـ 2/256 ط مصر و: 2/48 ط الاستقامة و: 2/263 ط دار الأندلس، شرح نهج البلاغة أبي الحديد: 9/132 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل و: 2/437 أفست على ط مصر.

(2) تجدها في أول ص25 وهي آخر الخطبة 2 من الجزء الأول من النهج (منه قدس).

(3) يوجد في: نهج البلاغة للامام علي من الخطبة الثانية 1/32 ط مصر و: 1/24 ط الاستقامة بمصر و: 1/38 ط دار الأندلس، شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 1/138 ـ 139 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل و: 1/45 و46 أفست بيروت على ط1 بمصر.

(4) راجعها في ص145 من الجزء الأول من النهج وهي الخطبة 84. (منه قدس).

(5) يوجد في: نهج البلاغة للامام علي من الخطبة ـ 87 ـ 1/151 ط مصر و: 1/154 ط الاستقامة بمصر و: 1/157 ط دار الأندلس، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6/384 ط مصر بتحقيق محمد ابو الفضل و: 2/133 أفست بيروت على ط1 بمصر، وراجع في مطالبة حقه ما تقدم تحت رقم (838).

وقال الامام علي عليه السلام لما عزموا على بيعة عثمان: «لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري ووالله لأسلمن ما سلمت امور المسلمين ولم يكن فيها جور…».

يوجد في: نهج البلاغة للامام علي، من كلام له برقم ـ 71 1/120 ط الاستقامة بمصر و: 1/129 ط الأندلس في بيروت.

الصفحة 498

2 ـ وللزهراء عليها السلام حجج بالغة، وخطبتاها في ذلك سائرتان، كان أهل البيت يلزمون أولادهم بحفظهما كما يلزمونهم بحفظ القرآن، وقد تناولت أولئك الذين نقلوا البناء عن رص أساسه فبنوه في غير موضعه، فقالت: «ويحهم أنى زحزحوها ـ أي الخلافة ـ عن رواسي الرسالة؟! وقواعد النبوة، ومهبط الروح الأمين، الطبن(1) بأمور الدنيا والدين، ألا ذلك الخسران المبين، وما الذي نقموا من أبي الحسن؟ نقموا والله نكير سفيه، وشدة وطأته ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله، وتالله لو تكافأوا(2) على زمام نبذه اليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لاعتقله وسار بهم سيراً سجحاً لا يكلم خشاشه، ولا يتتعتع راكبه، ولأوردهم منهلاً روياً فضفاضاً(3) تطفح ضفتاه، ولا يترنم جانباه، ولأصدرهم بطانة(4) ونصح لهم سراً واعلاناً، غير متحل منهم بطائل الا بغمر الناهل(5) وردعة سورة الساغب(6) ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون، ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر عجباً، وان تعجب، فقد أعجبك الحادث، الى أي لجأ لجأوا؟ وبأي عروة تمسكوا، لبئس المولى ولبئس

____________

(1) الخبير.

(2) التكافؤ: التساوي، والزمام الذي نبذه اليه رسول الله ـ أي ألقاه اليه ـ انما هو زمام الأمة في أمور دينها ودنياها، والمعنى أنهم لو تساووا جميعاً في الانقياد بذلك الزمام، والاستسلام الى ذلك القائد العام، لاعتقله أي وضعه بين ركابه، وساقه كما يعتقل الرمح، وسار بهم سيراً سجحاً أي سهلاً، لا يكلم خشاشه أي لا يجرح أنف البعير، والخشاش: عود يجعل في أنف البعير يشد به الزمام ولا يتتعتع راكبه أي لا يصيبه أذى (منه قدس).

(3) أي يفيض منه الماء (منه قدس).

(4) أي شبعانين (منه قدس).

(5) أي ري الظمآن (منه قدس).

(6) أي كسر شدة الجوع (منه قدس).

الصفحة 499
العشير، بئس للظالمين بدلاً، استبدلوا والله الذنابا بالقوادم، والعجز بالكاهل، فرغماً لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، ويحهم (أفمن يهدي الى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) … الى آخر الخطبة(1) »(2) وهي نموذج كلام العترة الطاهرة في هذا الموضوع، وعلى هذه فقس ما سواها، والسلام.

ـ ش ـ

المراجعة 105
16 ربيع الثاني سنة 1330

نلتمس تتميم الفائدة بنقل احتجاج غير الامام والزهراء، ولكم الفضل؛ والسلام.

ـ س ـ

____________

(1) أخرجها أبو بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري في كتاب السقيفة وفدك عن محمد بن زكريا، عن محمد بن عبدالرحمن المهلبي، عن عبدالله بن حماد بن سليمان عن أبيه، عن عبدالله بن الحسن بن الحسن عن امه فاطمة بنت الحسين، مرفوعة الى الزهراء عليها السلام، ورواها الامام أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر المتوفي سنة 280، في ص23 من كتابه ـ بلاغات النساء ـ من طريق هارون بن مسلم بن سعدان، عن الحسن بن علوان، عن عطية العوفي الذي روى هذه الخطبة عن عبدالله بن الحسن بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن جدتها الزهراء عليها السلام. واصحابنا يروون هذه الخطبة عن سويد بن غفلة بن عوسجة الجعفي عن الزهراء عليها السلام. وقد أوردها الطبرسي في كتاب الاحتجاج، والمجلسي في بحار الأنوار، ورواها غير واحد من الأثبات الثقات (منه قدس).

(2)

خطبة فاطمة الزهراء في المسجد

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم… الخ».

توجد في: بلاغات النساء لأبي الفضل أحمد بن أبي طيفور المتوفي 280 هـ ص12 ـ 19 ط الحيدرية، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 4/78 ـ 79 وص 93 ـ 94 ط1 بمصر و: 16/211 ـ 213 وص249 ـ 253 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، أعلام النساء لعمر رضا كحالة: 3/1208.

خطبة الزهراء الثانية

توجد في: بلاغات النساء لابن أبي طيفور: 19 ـ 20 ط الحيدرية، شرح نهج البلاغة: 4/87 ط1 بمصر وأفست بيروت و: 16/233 ـ 234 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، أعلام النساء لعمر رضا كحالة: 3/1219.