في يوم الجمعة، الثالث عشر من شهر رجب المبارك، وقبل بعثة محمد رسول الله (ص) باثنتي عشرة سنة، اشتد المخاض على فاطمة بنت أسد، فجاء بها أبو طالب إلى الكعبة المشرفة، وأدخلها فيها ثم قال لها اجلسي.. وخرج عنها فرفعت يدي الضراعة إلى العلي الأعلى سبحانه قائلة: «ربي إني مؤمنة بك، وبما جاء من عندك من رسل وكتب وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل (ع) وإنه بنى البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت والمولود الذي في بطني إلا ما يسرت علي ولادتي (كشف الغمة ج1 - فصل ذكر الإمام علي (ع)).
ولم يمض على فاطمة غير ساعة حتى أعلنت أنها قد ولدت ذكراً، وهو أول مولود ولد في الكعبة المشرفة ولم يولد فيها بعده سواه تعظيماً له من الله سبحانه وإجلالاً، وأسرع البشير إلى أبي طالب وأهل بيته، فأقبلوا مسرعين والبشر يعلو وجوههم..
وتقدم من بينهم محمد(ص) فضمه إلى صدره وحمله إلى بيت أبي طالب، حيث كان الرسول في تلك الآونة، يعيش مع خديجة، في دارهما منذ زواجه منها. وانقدح في ذهن أبي طالب، أن يسمي وليده «علياً» وهكذا كان..
وهكذا عاش علي (ع) منذ نعومة أظفاره في كنف محمد (ص): نشأ تحت رعايته، وشرب من ينابيع مودته وحنانه، ورباه وفقاً لما علمه ربه تعالى، ولم يفارقه منذ ذلك التاريخ، حتى لحق الرسول (ص) بربه الأعلى..
فقد كان الإمام علي (ع) من الصفاء الروحي، والاستقامة الخلقية، وفقاً لما علمه رسول الله (ص) بحيث كانت تتكشف له الكثير من حجب المستقبل المستور.
فإن الشوط الذي قطعه في مضمار التقرب إلى الله سبحانه، وامتثال أوامره، وتجسيد متطلبات رسالته، رشحه لأن يكون وزيراً للنبوة، وهو مقام، لا يناله إلا من قطع شوطاً بعيداً، باتجاه قمة الفضيلة والتقى، فلم يفصله عن الرسول (ص) إلا درجة النبوة، فارتقى منصة الوزارة بحق وجدارة، وهكذا كان علي(ع)...
فعلي لم يحظ بالتربية المألوفة، التي يحظى بها غالباً طفل من لدن أبيه، أو صغير من لدن أخيه الأكبر، وإنما كان إعداده وتربيته من نوع خاص، وحسبك أنه كان يتبع محمداً (ص) حتى في ساعات اختلائه في غار حراء.. ويشهد التطور الروحي والفكري الذي كان رسول الله (ص) يمر فيه، وها هو (عليه السلام) يستذكر تلك الأيام الخالدة وذلك الشطر الحساس من حياته، فيقول: «... ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه، ولا يراه غيري»(12) - كما ألمحنا إلى ذلك- أجل كان (عليه السلام) يعيش التحول الروحي الهائل، الذي شهدته نفس المصطفى (صلى الله عليه وآله)، حتى اشرق عليه وحي السماء المبارك.
ولقد كان للمستوى الروحي والخلقي البعيد المدى الذي سمت إليه نفس علي (عليه السلام)، أن شعر بالتحول الكبير، الذي جرى في عالم الغيب، من انهزام للشيطان، بعد يأسه من أن يعبد، فور بعثة الرسالة الخاتمة... فلقد شهد علي إرهاصات النبوة التي شهدها أستاذه ومعلمه الرسول (صلى الله عليه وآله)، وعاشها كما عاشها بملء كيانه، حين سطع الهدى، وتلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أول بيان من السماء، لتكليفه بحمل الرسالة.
* يوم الأب.. صبغة دينية وثقافية في ايران
في ايران تم تخصيص يوم الثالث عشر من شهر رجب المرجب للهجرة من كل عام وذكرى مولد الامام علي (ع) للاحتفال بعيد الاب ليضفي على هذه المناسبة صبغة ثقافية ودينية حيث يكرّم الايرانيون الآباء ويهنئوهم بمناسبة "عيد الاب" و عادة تتجه الاسر الى بيت الجد لتقديم الزهور والحلويات والهدايا للاباء والاجداد بهذه المناسبة الجميلة.
الاب هو امان العائلة وقد اوصانا الله سبحانه وتعالى بابائنا،وجعل برهم واجبا، والإحسان إليهم تقربا.
وبينما يحتفل الجميع بهذا اليوم ويجتمعون في بيت ابائهم، تختلف مشاعر من فقدوا أبائهم لاسيما ابناء الشهداء حيث تقوم هذه العائلات بزيارة قبور آبائهم لقراءة سورة الفاتحة على ارواحهم.
اما هذه المناسبة حالها كحال باقي المناسبات التي تأثرت بتفشي فيروس كورونا حيث يلتزم الايرانيون بالتوصيات الصحية لمنع انتشار الفيروس ويجتنبون التجمع لذلك يختلف الاحتفال بهذه المناسبة عن السابق في ظل انتشار جائحة كوفيد 19.
وبالتاكيد يعتبر هذا اليوم فرصة لتقديم الشكر للاباء ونقول لهم كل عام وانتم بخير.
مهما تكلمنا عن فضل الاب ومكانه فلم نوف القليل من فضله فالاب اكبر من الكلمات والعبارات. مبارك عليكم ميلاد امير المومنين عليه السلام والذي سمي بيوم الاب والرجل.