مع الالتفات الی هذا القول من «ابن كثير» فی النص المذکور هل یمکن لنا ان نقول: ان يزيد لم یرض بقتل الامام الحسين ع و هذا العمل کان من قبل «ابن زياد» و نبرر یزید من هذه القضیة بهذا الشكل؟
... إنّ يزيد فرح بقتل الحسين أوّل ما بلغه، ثمّ ندم علي ذلك... لمّا قتل ابن زياد الحسين ومن معه، بعث برؤوسهم إلي يزيد، فسرّ بقتله أوّلاً وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده، ثمّ لم يلبث إلاّ قليلاً حتّي ندم! فكان يقول: وما كان عليّ لو احتملت الأذي وأنزلته في داري، وحكمته فيما يريده، وإن كان عليّ في ذلك وكف ووهن في سلطاني، حفظاً لرسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم، ورعاية لحقّه وقرابته، ثمّ يقول: لعن اللّه ابن مرجانة، فإنّه أخرجه واضطرّه، وقد كان سأله أن يخلّي سبيله، أو يأتيني، أو يكون بثغر من ثغور المسلمين حتّي يتوفّاه اللّه، فلم يفعل، بل، أبي عليه وقتله، فبغضني بقتله إلي المسلمين، وزرع لي في قلوبهم العداوة، فأبغضني البرّ والفاجر بما استعظم الناس من قتلي حسيناً، مالي ولابن مرجانة، قبّحه اللّه وغضب عليه.
البداية والنهاية، ج 8، ص254 و 255.
کذلک ابن تيمية یبرر يزيد من هذا القتل و یقول:
إن يزيد لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ولكن كتب إلي ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق والحسين رضي الله عنه كان يظن أن أهل العراق ينصرونه ويفون له بما كتبوا إليه فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل فلما قتلوا مسلما وغدروا به وبايعوا ابن زياد أراد الرجوع فأدركته السرية الظالمة فطلب أن يذهب إلي يزيد أو يذهب إلي الثغر أو يرجع إلي بلده قلم يمكنوه من شيء من ذلك حتي يستأسر لهم فامتنع فقاتلوه حتي قتل شهيدا مظلوما رضي الل هعنه ولما بلغ ذلك يزيد أظهر التوجع علي ذلك وظهر البكاء في داره ولم يسب له حريما أصلا بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتي ردهم إلي بلدهم
منهاج السنة النبوية، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس الوفاة: 728، ج 4، ص 472 و ص 557، دار النشر : مؤسسة قرطبة - 1406 ، الطبعة : الأولي ، تحقيق : د. محمد رشاد سالم
هو فی موضع آخر من هذا الكتاب، أتم الوقاحة و اعتبر قيام الامام الحسين عليه السلام قيام من غیر حاصل و بل زاد الشر بخروجه و مما اوجب الفتنة بين المسلمين. فیقول هکذا:
ولم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي قتلوه مظلوما شهيدا وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل لو قعد في بلده فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء بل زاد الشر بخروجه وقتله ونقص الخير بذلك وصار ذلك سببا لشر عظيم وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن
منهاج السنة النبوية ، ج 4، ص 530
الجواب:
فی الاجابة عن هذا السؤال ینبغی لنا بصورة ملخصة و ضمن ستة فصول منفصلة ان ندرس و نحلل شخصية يزيد و جوانب من حیاته حسب رؤیة التاريخ، حتی تتبین شخصيته للباحثین عن الحقيقة و نجیب من خلالها عن الأسئلة و الشبهات المرتبطة بهذا البحث ایضا.
مناظر من الفصول الستة لهذا البحث:
الفصل الاوّل: من هو يزيد؟
الفصل الثانی: الصحیفة الاخلاقية ـ الاعتقادية ليزيد بن معاوية.
الفصل الثالث: الصحیفة السياسية ليزيد.
الفصل الرابع: وجهة يزيد فی القرآن و الأحاديث و لعنه و تكفيره.
الفصل الخامس: الامام الحسين عليه السلام فی القرآن و الحديث النبوي.
الفصل السادس: من هو قاتل الامام الحسين عليه السلام؟!!
الفصل الاوّل
الهویة الشخصیة و النسب ليزيد هکذا: هو بن معاوية بن صخر، أبو سفيان بن حرب بن أميّة بن عبد شمس.
أمه: ميسون بنت بَحدل بن دُلجة بن قُناعة بن عدي بن زهير بن حارثة بن جَناب.
سنة الولادة: ولد فی سنة 26 أو 27 هـ ق.
سنة الوفاة و شهره و یومه: توفی فی 14 من شهر ربيع الأوّل سنة 64 فی إحدی القری من دمشق باسم «الحوارين».
الشرائط و المحيط التربوی ليزيد
الانتساب الی جهاز الخلافة و الحضور فی حکومة الملکیة لمعاويه و تهیئة الاسباب و الأدوات اللازمة للرفاهیة هیأت الارضیة ليزيد من أی جهة حتی ینفصل عن الادب الاسلامي و التربية القرآنية و لم یحفظ حرمة شریعة الله و یرتکب المعاصی من شرب الخمر و القمار و بقیة الاعمال التی هی غیر سلیمة.
طریق وصول یزید الی القدرة
يزيد وصل الی الحکومة بتعيين من الخليفة السابق، يعني ابیه معاوية، و من دون اختیار الناس و الرأي و المشورة منهم.
الحال هل الوضع کما تقول اهل السنّة ان يزيد بالواقع وصل الی الخلافة برأي من الناس و مشورتهم و الرضي من الناس، أو علی الاقل شخص أو شخصین من الصحابة؟
یجیب التاريخ فی هذا المجال هکذا:
هو برعایة المصلحة و علاقة ابیه قعد علی تخت السلطنة، لأن القدرة الحاصلة بعده لابد ان تکون فی ابناء اميّة.
مولف كتاب تاريخ دمشق یقول:
بويع له بالخلافة بعد أبيه بعهد منه
تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 65، ص 394.
و نقلا عن زبير بن بكّار یقول:
بايع له معاوية من بعده، وكان أوّل من جعل وليّ عهد في صحّته، وكان معاوية يقول: لولا هوائي في يزيد لأبصرت قصدي.
تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 65، ص 395
الذین یقولون: أحال امر خلیفة النبی ص الی الناس و بعزة و افتخار یعتبرونه دیمقراطیة اسلامية و مظهر تقدّم المسلمین علی الاروبیین فی تشكيل الحكومة الشعبیة، لابد ان یجیبوا کم هی الفترة الزمنیة بین معاوية و يزيد مع صدر الاسلام و فترة حیاة النبی الاکرم ص، حتی بهذه السرعة نسوا کل شئ، منها طریقة اختیار الخليفة؟
طریقة حکومة يزيد
استمرار طریقة ابیه، يعني بالجور و القتل و التبعيد و الاختناق.
و لو ان هذا الموضوع واضح بشکل لا یحتاج الی ذكر الشواهد التاريخية؛ لکن فی استمرار عند ذکر المطالب، نذکر شواهد عدیدة.
الصحیفة الاخلاقية ـ الاعتقادية ليزيد بن معاوية
اختلاف الرؤیة فی ترسيم الوجه الاخلاقية ليزيد
المورّخون العادلون منهم من غیر خوف استعرضوا للوجهة السیئة و السفّاحة و المتهتکة ليزيد، البتّه لم یرض البعض و واجههوهم بالهجوم و علی هذا الاساس نجد نقلین تاريخيین فی تعریفه.
النقل الاوّل:
یعرفونه انه شخص شارب الخمر و فاسد و فاجر و اهل ارتكاب المعاصي و لا یعتنی بمسائل الشرعیة و جری و متهتّك بالنسبة لأموال و نفوس الناس لاسیما الصالحین و الصلحا و یأمر بقتلهم.
النقل الثانی:
یعرفونه انه هو قائد منتخب و خلیفة مؤهل کبقیة الخلفاء لرسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم الذین تحبهم القلوب.
الحال أیا من النقلین یلائم الحقائق و الواقعيّات التاريخية؟ فلنجد الاجابة من خلال صفحات التاريخ.
نموذج من الانحطاط الاخلاقي ليزيد
شرب الخمر عن يزيد:
من المشروبات المحرمة و النجسة فی الشريعة الاسلامیة مائع یحصل من ماء العنب و التمر و غيرهما الذی تحصل بشربهما حالة غير طبيعية و اخراج عن نطاق السیطرة للانسان، الله تعالی فی كتابه القرآن الکریم، حرم هذا المائع تحت عنوان شرب الخمر.
يَسْـئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمهمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا...
البقرة (2)، آیة 219.
يَـآیها الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَالاْنصَابُ وَالاْزْلَـامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَـنِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ المائدة (5)، آیة 90.
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَ الْبَغْضَآءَ فِي الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَ عَنِ الصَّلَوةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ المائدة (5)، آیة 91.
و زعماء الدین ایضا واجهوا هذا المائع النجس بشدّة و واجهوا اشد المواجهة لمن یشرب المسكرات الذین کلامهم فی هذا المجال احسن شاهد علی اتخاذ الموضع لهم.
رسول الله صلي الله عليه و آله فی کلام جامع بیّن انزجاره و نفرته بلعن العوامل کلها و یقول هکذا:
لعن اللّه الخمر و شاربها و ساقيها و بائعها و مبتاعها و عاصرها و معتصرها و حاملها و المحمولة إليه و آكل ثمنها
سنن أبي داود، ج 3، ص324، ح 3674 ـ المستدرك علي الصحيحين، ج 2، ص 37، ح 2235.
و المؤمنون الحقیقیون ایضا متنفرون من الاشخاص الذین هم مبتلون بهذه المسکرات الشيطانية فی ثقافة الامّة الاسلامية یعتبرون هکذا افراد من غیر دين و متجرئون فی مقابل حكم الله.
لکن الشخصيّة التی نبحث عنها فی هذا التحقيق من الذین لم ینصرفوا اهل التاریخ من تسجیل ارتکابه للمحرمات منذ حداثته الی حین موته و کتبوا انه کان شارب الخمر.
شرب الخمر ليزيد منذ حداثته:
ابن كثير و آخرون غیره ذکروا هذه الرواية هکذا:
كان يزيد بن معاوية في حداثته صاحب شرب.
البداية والنهاية، ج 8، ص228 ـ تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 65، ص 403
شرب الخمر من يزيد فی بلدة مدينة و علانیة:
عمر بن شيبة قال: لمّا حجّ الناس في خلافة معاوية جلس يزيد بالمدينة علي شراب، فاستأذن عليه ابن عبّاس والحسين بن عليّ، فأمر بشرابه فرفع.
تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 65، ص 406.
تلوّث يزيد بشرب الخمر واضح و بیّن بشکل حتّي حضرت الفرق المختلفة من البلاد البعیدة و القریبة لرؤیته و هو یتجرأ بشرب الخمر امام منظر الآخرین.
السند المذکور فی الذيل شاهد واضح فالدقّة فیه یوجب التعجّب لکل مسلم.
بعث (عثمان بن محمّد بن أبي سفيان، والي مدينة) إلي يزيد منها وفداً فيهم عبد اللّه بن حنظلة الغسيل الأنصاري، و عبد اللّه بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة الحضرمي، و المنذر بن الزبير، و رجال كثير من أشراف أهل المدينة، فقدموا علي يزيد، فأكرمهم و أحسن إليهم، و عظّم جوائزهم، ثمّ انصرفوا راجعين إلي المدينة، إلاّ المنذر بن الزبير، فإنّه سار إلي صاحبه عبيد اللّه بن زياد بالبصرة، و كان يزيد قد أجازه بمائة ألف نظير أصحابه من أولئك الوفد، و لمّا رجع وفد المدينة إليها، أظهروا شتم يزيد، و عيبه، و قالوا: قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، و تعزف عنده القينات بالمعازف.
و إنّا نشهدكم أنّا قد خلعناه، فتابعهم الناس علي خلعه، و بايعوا عبد اللّه بن حنظلة الغسيل علي الموت.
البداية والنهاية، ج 8، ص 235 و 236 ـ الكامل، ابن أثير، ج 4، ص103 ـ تاريخ الطبري، ج 7، ص4.
حبّ يزيد للشراب کان بقدر حتی انه یأمر بتهیئة الشراب من احسنه ینقل الذهبي عن زياد الحارثي هکذا:
سقاني يزيد شراباً ما ذقت مثله، فقلت: يا أمير المؤمنين لم أُسلسل مثل هذا، قال: هذا رمّان حُلوان، بعسل اصبهان، بسكّر الأهواز، بزبيب الطائف، بماء بَرَدي.
سير أعلام النبلاء، ج 4، ص37.
الحكم الفقهي لشرب الخمر فی المذاهب الاسلامية:
تمام المذاهب الاسلامية بالاستناد الی نصّ القرآن یعتبرون انواع المسكرات نجسة و محرمة و شارب الخمر فاسق و الذی یستحله یکون كافرا.
محي الدين النووي فی كتاب روضة الطالبين، باب حدّ شارب الخمر یقول:
شرب الخمر من كبائر المحرّمات....و يفسق شاربه، و يلزمه الحدّ، و من استحلّه كفر...
روضة الطالبين، ج 7، ص374.
يكفّر مستحلّها، و سقوط العدالة إنّما هو سبب شربها.
البحر الرائق، ج 7، ص 147.
هل لابن معاوية(يزيد) بعد اثبات انه شارب الخمر، ان یکون خلیفة رسول الله (ص)؟
هل انه لم یکفی الفسق و البعد عن صفة العدالة لمحكوميّته؟
يزيد تارك الصلاة، شارب الخمر، ینکح الامهات، البنات و الاخوات:
عبدالله ابن حنظلة غسيل الملائكة یذکر رأیه بعد الحضور عند يزيد هکذا:
ياقوم! فواللّه ما خرجنا علي يزيد حتّي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء، أنّه رجل ينكح أمهات الأولاد، و البنات، و الأخوات، و يشرب الخمر، و يدع الصلاة.
الطبقات الكبري، ابن سعد، ج 5، ص 66 ـ تاريخ مدينه دمشق، ج 27، ص 429 ـ الكامل، ج 3، ص310 ـ تاريخ الخلفاء، ص 165.
يزيد شارب الخمر ، یلعب مع القرد، الفاسق و المأبون:
الجاحظ من علماء الکبار عند اهل السنة یقول فی عبارة تشبه النص المذکور هکذا:
ثم ولي يزيد بن معاوية يزيد الخمور ويزيد القرود ويزيد الفهود الفاسق في بطنه المأبون في فرجه... واما بنو أمية ففرقه ضلالة وبطشهم بطش جبرية يأخذون بالظنة ويقضون بالهوي ويقتلون علي الغضب
البيان والتبيين، الجاحظ(255)، ج 1، ص 276.
يزيد شارب الخمر و الفاجر و الفهور و القرود و یزید الکلاب و یزید النشوات:
کذلک البلاذري فی كتابه ینقل هکذا:
قال الواقدي وغيره في روايتهم: لما قتل عبد الله بن الزبير أخاه عمرو بن الزبير خطب الناس فذكر يزيد بن معاوية فقال: يزيد الخمور، ويزيد الفجور، ويزيد الفهور ويزيد القرود، ويزيد الكلاب، ويزيد النشوات، ويزيد الفلوات، ثم دعا الناس إلي اظهار خلعه وجهاده، وكتب علي أهل المدينة بذلك
انساب الاشراف، البلاذري (279)، ج 2، ص 191.
فلیبلغ الحاضر الغائب، الخليفة المأبون يعني يزيد:
الذهبي و بعض من کبار اهل السنة یقولون فی يزيد هکذا:
خطبهم عبد الملك بمكة لما حج، فحدث أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبيه قال: خطبنا عبد الملك بن مروان بمكة، ثم قال: اما بعد، فإنه كان من قبلي من الخلفاء يأكلون من هذا المال ويؤكلون، وإني والله لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف، ولست بالخليفة المستضعف يعني عثمان ولا الخليفة المداهن يعني معاوية ولا الخليفة المأبون يعني يزيد وإنما نحتمل لكم ما لم يكن عقد راية. أو وثوب علي منبر، هذا عمرو بن سعيد حقه حقه وقرابته قرابته، قال برأسه هكذا، فقلنا بسيفنا هكذا، ألا فليبلغ الشاهد الغائب.
تاريخ الاسلام، الذهبي، ج 5، ص 325 ـ تاريخ مدينة دمشق، ج 37، ص 135ـ البيان والتبيين، الجاحظ(255)، ج 1، ص 334.
يزيد کان ناصبیا:
الذهبي، یعتبر يزيد ناصبيا يعني عدوّ اهل البيت عليهم السلام و یقول فیه هکذا:
وكان ناصبيا فظا غليظا جلفا يتناول المسكر ويفعل المنكر
سير أعلام النبلاء، ج 4، ص37.
يزيد تارك الصلاة:
الصلاة فی ثقافة الدین يعني علامة عبادة الله و الايمان،التی لا معنی للتدین و التسلیم من دونها، و البتّة هذا الرأی صحیح من جهات، لأن العبادة فی قالب أحد مظاهرها التی هی الصلاةفی نهایة العبودیة و خضوع الانسان أمام الله، بناء علی هذا لم یستطع المجتمع المتشرع ان یعبر عن الذین یقصرون فی حق هذا الواجب و عن عبادة الله باسم المسلم و یجری علیه تقالید الاسلام.
الشخصيّة التی نبحث عنها لیس فقط لم یعتنی بشربه للخمر، بل لم یعتنی بالنسبة الی أهم الواجبات الدينية يعني الصلاة و کان یترک بعض الصلاة فی بعض الاوقات. و بتعبير آخر کان ممن أضاع الصلاة.
وقد كان يزيد... فيه أيضاً إقبال علي الشهوات، وترك بعض الصلاة في بعض الأوقات.
البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص 252.
يزيد کان شخصية لم یستطع السیطرة علی شهوة نفسه و یلجمها. یستقبل بانطلاق الوجه من مجالس الشهوة، کان یتشرد من اکبر الواجبات عند الله يعني الصلاة و کان ممن یترک الصلوة، الذین قال فیهم رسول الله ص:
سلّموا علي اليهود والنصاري ولاتسلّموا علي يهود أمّتي، قيل: ومن يهود أمّتك قال: تارك الصلاة.
كشف الخفاء، ج 1، ص 455، رقم 1484.
استهتار محض بإسم خليفة النبی ص:
خلاعة الشاب المضطلع بالسلطة و استهتاره أمام الناس فی المدينة ـ البلد الذی عاش فیه النبی الاكرم صلّي الله عليه وآله عشرة سنین من الفترة الحسّاسة للبعثة، و أکمل شريعته فی نفس البلدـ اجبر الناس علی التمرد عليه ـ فلنشیر فی محله الی علله و حوادثه ـ الوفد المرسل الی العاصمة بعد الحضور عند الخليفة مع انه أجازهم بهدایا ثمینة قاموا بتعزیزه، منهم منذر بن الزبير الذی أخذ منه مائة درهم جزاء قال للناس فی المدينة هکذا:
إنّ يزيد واللّه لقد أجازني بمائة ألف درهم وإنّه لايمنعني ما صنع إليّ أن أخبركم خبره وأصدّقكم عنه، واللّه إنّه ليشرب الخمر، وأنّه ليسكر حتّي يدع الصلاة. وعابه بمثل ما عابه به أصحابه الذين كانوا معه وأشدّ.
تاريخ الطبري، ج 4، ص 369 ـ تاريخ ابن اثير، ج 4، ص40 و 41 ـ تاريخ ابن كثير، ج 8، ص216 ـ العقد الفريد، ج 4، ص 388.
قال شخص آخر من هؤلاء هکذا:
قال عبد الله بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي... إنّي لأقول هذا وقد وصلني وأحسن جائزتي، ولكنّ عدوّ اللّه سِكّير خِمّير.
الأغاني، ج 1، ص34.
الحال مع الالتفات الی المفاسد الاخلاقية التی ذکرناها عن يزيد هل لمثل هذا الشخص يليق ان یتعهد منصب الخلافة و یکون خلیفة رسول الله ص؟ عدة من الأصحاب و الموالی ليزيد یسعون ان یبعدونه عما ینسب الیه و بحرفون حقاپق التاريخ أو علی الاقل یقعونها موقع السؤال.
لکن لایتمکن سعی فریق متعصّب و قصیر النظر بتبریرات غير علمية ان یطهر حضنه الملوث و المدنس.
روايات ذمّ يزيد فی كتب اهل السنّة:
اضافة علی ما ذکرنا الی الآن فی ترسيم شخصية يزيد توجد روايات عدیدة فی كتب اهل السنّة فی مذمّة يزيد فلنشیر فی هذا المختصر الی بعضها.
1 ـ روي الحاكم عن عائشة قولهصلي الله عليه و آله: ستّة لعنتهم، لعنهم اللّه وكلّ نبيّ مجاب: الزائد في كتاب اللّه، والمكذّب بقدر اللّه تعالي، والمتسلّط بالجبروت فيعزّ من أذلّ اللّه ويذلّ من أعزّ اللّه، والمستحلّ لحرم اللّه، والمستحلّ من عترتي ما حرّم اللّه، والتارك لسنّتي.
المستدرك علي الصحيحين، ج 2، ص 572، ح 3941 ـ مجمع الزوائد، ج 1، ص 176ـ فضائل الخمسة، ج 3، ص 349 و 350.
المناوي صاحب فيض القدير یقول: معني هذه الفقرة «والمستحلّ من عترتي ما حرّم اللّه» هی ان الذی یفعل ما لا یجوز بالنسبة الی اقربائی کأذاهم أو الإهانة بالنسبة الیهم، اذا استحله فهو كافر، و الا فهو مذنب.
و اختصاص اذی العترة باللعن، من اجل التأكيد علی حقوق العترة و کبر شأنهم و مقامهم فمن هذه الجهة یضافون الی الله و رسوله.
فيض القدير، ج 4، ص96.
بناء علی هذا، لا یبقی الشک لأی منصف ان اشخاصا کيزيد و أمرائه الذین کانوا تحت أمره استحلوا الذی حرمه الله و هو انهم اراقوا دم الامام الحسين عليه السلام.
فلابد ان نحکم علیهم بالكفر و علی الاقل نقول بفسقهم و لعنهم علی أی تقدیر جائز. (نتعرض الی جواز لعن يزيد فی الاستمرار بتفصيل.)
2 ـ روي أحمد ومسلم عن رسول اللّه صلي الله عليه و آله: من أخاف أهل المدينة أخافه اللّه عزّ وجلّ، وعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللّه منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً.
مسند أحمد، ج 4، ص 55 و 56 ـ صحيح مسلم، ج 4، ص 114 و 115 ـ مجمع الزوائد، ج 3، ص 306.
هل الذی احتشد جیشه الی بلدة يثرب و مدينة الرسول لم یکن مصداق كامل لهذا الکلام عن رسول الله ص؟
نعم، لم ینس تاريخ مدينة، حشد الجیوش عن يزيد و قتل عام أصحاب رسول الله و المسلمین لهذا البلد و اضاعة الحرمات عن نوامیسهم.(فی الاستمرار نتعرض الی فجائع يزيد فی بلدة مدينة حسب التفصيل.)
3 ـ وقال الحافظ أبو يعلي: حدّثنا الحكم بن موسي، ثنا يحيي بن حمزة، عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي عبيدة: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم قال: «لا يزال أمر أمّتي قائماً بالقسط حتّي يثلمه رجل من بني أميّة يقال له يزيد.
وقد رواه ابن عساكر من طريق صدقة بن عبد اللّه الدمشقي عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة.
عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم قال: «لا يزال أمر هذه الأمّة قائماً بالقسط حتّي يكون أوّل من يثلمه رجل من بني أميّة يقال له يزيد».
الأسماء والكني، الدولابي، ج 1، ص 163.
حسنّه الألباني وصحّحه العزيزي الشافعي كما في صحيح الجامع الصغير
صحيح الجامع الصغير، ج 1، ص 504، ح 2582 ـ السراج المنير، ج 2، ص 90.
4 ـ ابن كثير بعد الاشارة الی خصلتین من یزید و هما الاقبال علی الشهوات و ترک بعض الصلوات یستند الی رواية عن النبی ص و یقول: وكان فيه أيضاً إقبال علي الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات، واماتتها في غالب الأوقات.
وقد قال الامام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، ثنا حيوة، حدثني بشير بن أبي عمرو الخولاني: أنّ الوليد بن قيس حدّثه أنّه سمع أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم يقول: «يكون خلفٌ من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً، ثم يكون خلف يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة مؤمن ومنافق وفاجر».
البداية والنهاية، ج 8، ص 252 و 253.
5 ـ وقال الحافظ أبو يعلي: حدثنا زهير بن حرب، ثنا الفضل بن دكين، ثنا كامل أبو العلاء: سمعت أبا صالح سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم: «تعوّذوا باللّه من سنة سبعين، ومن امارة الصبيان.
البداية والنهاية، ج 8، ص 252 و 253.
6 ـ وقال أبو يعلي: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عوف، عن خالد بن أبي المهاجر، عن أبي العالية.
قال: كنّا مع أبي ذر بالشام فقال أبو ذر: سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم يقول: «أوّل من يغيّر سنّتي رجل من بني أميّة».
البداية والنهاية، ج 8، ص 252 و 253.
أورده الألباني في أحاديثه الصحيحة: ج 4، ص 329 قائلا: ولعلّ المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة وجعله وراثة.
بعض من کبار اهل السنّة الذین یعدون من الأصحاب و هم مقبولون عندهم ایضا بعد استماع هذه عن لسان رسول الله صلي الله عليه و آله و وقايع سنة ستین و ما بعدها، کانوا یتمنون ان الله لم یرزقهم رؤیة ذاک الیوم.
التفتوا رجاءا الی النقلین المذکورین فی الذيل:
الامارة و الحكومة للاطفال:
1 ـ وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: اللّهمّ لا تدركني سنة الستّين، ويحكم! تمسّكوا بصدغي معاوية، اللّهمّ لا تدركني امارة الصبيان.
الدلائل، للبيهقي، ج 6، ص466.
2 ـ الحافظ أبو بكر بن مالك: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل: حدّثني أبو بكر ليث بن خالد البجلي، ثنا عبد المؤمن بن عبد اللّه السدوسي، قال: سمعت أبو يزيد المديني يقول: قام أبو هريرة علي منبر رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم دون مقام رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم بعتبة، فقال: ويل للعرب من شرّ قد اقترب، ويل لهم من امارة الصبيان، يحكمون فيهم بالهوي ويقتلون بالغضب.
البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص120.
و الخليفة الثانی ایضا بناء علی نقل کبار اهل السنّة یتنبأ و یعتبر هلاك العرب بید اشخاص غیر مؤهلین الذین لا یلیقون بساسة قوم العرب.
3 ـ قال الحارث بن مسكين، عن سفيان، عن شبيب، عن عرقدة بن المستظل، قال: سمعت عمر بن الخطّاب يقول: قد علمت وربّ الكعبة متي تهلك العرب، إذا ساسهم من لم يدرك الجاهليّة ولم يكن له قدم في الإسلام.
البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص254.
العذر الذی أقبح من الذنب:
الروایات التي لاحظتموها هی قلیل من کثیر من الروايات التي نقلت فی مذمّة يزيد فی الكتب التاريخية و الروائية عند اهل السنّة و ابن عساكر هو الذی جمع اکثر الروايات و لم یری الی زمان ابن تيميّة و ابن كثير البحث عن صحّتها و عدم صحّتها.
لکن فجأة اثقلت وظيفة الدفاع عن يزيد علی ارقاب بعض و سعوا فی ان یرکبوا کل صعب و ذلول، و وجدوا المحیص الوحید ان یضعفوا ما نقل فیه.
لهذا یقول ابن كثير هکذا:
وقد أورد ابن عساكر أحاديث في ذمّ يزيد بن معاوية كلّها موضوعة لا يصحّ شي منها.
البداية النهاية، ج 8، ص 254.
غافلین عما ذکرناه فی المباحث السالفة ان بعض من علماء اهل السنّة شنعوا علی يزيد من اجل اضاعته للصلوة و تركها و کذلک تلوثه بشرب الخمر و فرحه من واقعة كربلاء و استشهاد الامام الحسين عليه السلام و قتل عامة الناس فی المدينة، بل اعتبروه مستحقا للعن و التعس و الذم ففی الاستمرار نتعرض الی هذه المباحث حسب التفصيل. «إن شاء الله تعالي»
الصحیفة السياسية ليزيد
السنین المشؤمة فی تاريخ سیادة الإسلام
اليعقوبي المورّخ الشهیر یقول:«وكان سعيد بن المسيّب يسمّي سني يزيد بن معاوية بالشؤم»، لأنه فی فترة خلافته و رياسته التی لم تطول اکثر من ثلاثة سنین حدثت وقائع ثلاث مؤلمة و قاسیة کل واحدة منها وقعت فی سنة من سنین حکومة يزيد.
الحوادث و الوقائع التي سودت وجه التاريخ، بل وجهة الاسلام.
هذه الحوادث هی:
1 ـ قتل الامام الحسين عليه السلام.
«في السنة الأولي قتل الحسين بن عليّ وأهل بيت رسول اللّه صلي الله عليه و آله»
2 ـ هتك حرمة حرم النبی و قتل الناس فی المدينة (واقعة الحرّة).
«والثانية: استبيح حرم رسول اللّه صلي الله عليه و آله وانتهكت حرمة المدينة»
3 ـ حرق الكعبة و هتك حرمتها و سفک دماء الناس فی مكة.
«والثالثة: سفكت الدماء في حرم اللّه و حرّقت الكعبة».
تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 253.
کل متفحص و مؤرّخ منصف بقراءة هذا الفصل من التاريخ و مشاهدة هذه الحوادث المؤلمة، یقف أمامها من غیر مقصود و یقول: الذی یرتكب هذه الجنايات المدحشة، کأنه لم یکن مسلما و الحرمين الشريفين لیس لها اعتبار في رأیه.
فبعد هذا نتعرض باشارة قصیرة الی توضيح اکثر حول هذه الحوادث حتی تتبین الحقيقة المكتومة، اکثر و احسن و تذهب الاذهان و الافكار بإنارة الی تحليل الحوادث و الوجوه المنفورة فی التاريخ.
1 ـ قتل الامام الحسين عليه السلام
«في السنة الأولي قتل الحسين بن عليّ و أهل بيت رسول اللّه صلي الله عليه و آله»
اوّل حادثة وفعت فی خلافة و حكومة یزید المشؤومة، قضیة استشهاد الامام الحسين عليه السلام التی هی من أفجع القضایا التاريخیة و أبشعها و لعل نقول انه قل لها من نظير و هی منحصرة بنفسها، لأن فیها خصائص و امتيازات التی تمتاز بها عن الحوادث الدامیة فی التاريخ کحضور حسين بن علي عليهما السلام و اهل بیته و ابناءه، كيفيّة استشهادهم و اسارتهم.
ما نحن بصدده فی هذه المقالة و اکثر التفاتا، معرفة العمال و المرتكبین لهذا الظلم التاريخي انه من هم الذین لهم دور اساسی فی هذه الفاجعة العظیمة و هم بمثابة القادة و الحاکمین بالاجراء.
هل الخليفة آنذاک يعني يزيد بن معاويّة هو العامل الاساسي و الاصلي فی القتل و الإبادة أو القواد و الجنود التی هم مأمورون فی الاجرا؟
من اجل الحصول علی الجواب، لایوجد شاهد اوثق من التاريخ، لهذا بمراجعة التاريخ و نقل کلمات الفریقین من کتاب الشيعة و اهل السنّة نتعرف علی آرائهم.
ما ذا یقولون اهل السنّة:
قصة استشهاد الامام الحسين عليه السلام کانت تجرح قلوب المسلمین من اول لحظات و بعد شياعه. و کلا الفریقین من الشيعة و السنة شنعوا علی هذا العمل و لعنوا العاملین منهم.
لکن حسب مرور الزمان قام البعض فی مقابل الوجهة السوداء ليزيد بفكر الدفاع عنه و توفیر تطهير حضنه الملوث بأکبر جناية و الخزی المفجع عبر التاريخ کله و بتمام السعی ساروا الی جانب حتّي انهم اجترئوا بلسانهم الی الساحة المقدّسة لريحانة الرسول و محبوبه و بالعكس، انحرف اللؤم الی الإمام ، و کتبوا بصراحة کاملة: يزيد لم یأمر بقتل الحسين بن علي و لم یرض اصلا بقتله و موت الإمام.
هنا لم نوجه الکلام الی اهل السنّة بأجمعهم؛ لأن الاكثر منهم متجاوبا مع اتباع اهل البيت عليهم السلام یعتبرون واقعة عاشورا اکبر ضربة علی جثمان الامة الاسلامية و المسببین لها هم الخوارج من الدين و من اعداء اهل البيت عليهم السلام، بل مخاطبنا فی هذه المقالة من احیی فکر و مكتب ابن تيميّة و ابن كثير و اذنابهم الذین بوقاحة تامة، شکلوا فرق للدفاع عن يزيد تحت هذا العنوان: «جمعيّة الدفاع عن يزيد» و بادروا الی تدوين كتب دراسية تحت عنوان: «حقائق عن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية» للمدارس و یذکرونه بالقاب من قبيل: الامام، أمير المؤمنين، المجتهد، العادل و... .
لکن التاريخ یکشف الحقائق التی فی هذه الصورة لا یمکن لاتباع و مدافعی يزيد الا قبولها.
ابن تيمية و ابن كثير فی خط الأول للدفاع عن يزيد:
ابن كثير (المتوفي 774 هـ) بعد ابن تيميّة (المتوفي 728 هـ) سار فی ميدان المبارزة و العداوة لاهل البيت عليهم السلام و اتباعهم و تعهد خطّ التخريب و التكذيب و التحريف لعقائد الشيعة و الدفاع من کل جانب عن الاعداء المتشددین لاهل بيت الرسول، و کتب ما کتب فی تبریر اعمال يزيد، هو يقول:
الناس فجي يزيد بن معاوية أقسام: فمنهم من يحبّه ويتولاّه، وهم طائفة من أهل الشام من النواصب، واما الروافض فيشنعون عليه ويفترون عليه أشياء كثيرة ليست فيه ويتّهمه كثير منهم بالزندقة، ولم يكن كذلك، وطائفة أخري لا يحبّونه ولا يسبّونه لما يعلمون من أنّه لم يكن زنديقاً كما تقوله الرافضة، ولما وقع في زمانه من الحوادث الفظيعة، والأمور المستنكرة البشعة الشنيعة، فمن أنكرها قتل الحسين بن علي بكربلاء، ولكن لم يكن ذلك من علم منه، ولعلّه لم يرض به ولم يسؤه، وذلك من الأمور المنكرة جدّاً.
البداية والنهاية، ابن كثير، ج 6، ص 256.
و فی نقل آخر يقول:
وقد أورد ابن عساكر أحاديث في ذم يزيد بن معاوية كلها موضوعة لا يصح شئ منها... قلت: يزيد بن معاوية أكثر ما نقم عليه في عمله شرب الخمر، وإتيان بعض الفواحش، فاما قتل الحسين فإنّه كما قال جدّه أبو سفيان يوم أحد لم يأمر بذلك ولم يسؤه. وقيل: إنّ يزيد فرح بقتل الحسين أوّل ما بلغه، ثمّ ندم علي ذلك. فقال أبو عبيدة معمّر بن المثني: إنّ يونس بن حبيب الجرمي حدّثه قال: لمّا قتل ابن زياد الحسين ومن معه، بعث برؤوسهم إلي يزيد، فسرّ بقتله أوّلاً وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده، ثمّ لم يلبث إلاّ قليلاً حتّي ندم! فكان يقول: وما كان عليّ لو احتملت الأذي وأنزلته في داري، وحكمته فيما يريده، وإن كان عليّ في ذلك وكف ووهن في سلطاني، حفظاً لرسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم، ورعاية لحقّه وقرابته، ثمّ يقول: لعن اللّه ابن مرجانة، فإنّه أخرجه واضطرّه، وقد كان سأله أن يخلّي سبيله، أو يأتيني، أو يكون بثغر من ثغور المسلمين حتّي يتوفّاه اللّه، فلم يفعل، بل، أبي عليه وقتله، فبغضني بقتله إلي المسلمين، وزرع لي في قلوبهم العداوة، فأبغضني البرّ والفاجر بما استعظم الناس من قتلي حسيناً، مالي ولابن مرجانة، قبّحه اللّه وغضب عليه.
البداية والنهاية، ج 8، ص254 و 255.
نكتتین تلفت الانتباه:
لاحظنا کلام ابن كثير و نقله، هل یمکن لأی منصف قبول مثل هذه الکلمات؟
محاور هذا النقل مطلبین متضادین و غير قابل للجمع.
1 ـ فرح و ابتهاج يزيد من رؤیة رئوس الشهداء.
2 ـ ندامته من قضیة استشهاد الامام الحسين عليه السلام.
القارئ الکریم لهذا الفصل من التاريخ یسأل حيرانا:
هل یمکن الوفاق بين هذین الموضعین المتضادّین؟
الذی یفرح و یبرز رضاه من واقعة دامیة کاستشهاد الامام الحسين عليه السلام و اصحابه کیف یمکن ان یبرز اذاه من غیر مضی زمن؟
هل هذا الندم کان من جهة الخوف من الله و الرسول، أو من جهة الخوف عن العار و عدم اعتقاد الناس بالحكومة و سلب الاعتقاد و الاعتماد عنه و عن اتباعه؟
و السؤال الآخر هو انه: هل لهذه الندامة فائدة ليزيد؟
من العجیب! ان المبرر القهّار لجنايات بني اميّة يعني: «ابن كثير»، یعتبر الرجوع الموقر لقبیلة الاساری دليل علی عدم الذنب الشخصی ليزيد و یسعی ان یرتسم صورة له من غیر ذنب و تقصير.
تقبيح عمل يزيد بید بعض من علماء اهل السنة:
مِن حُسنِ الحَظِّ خلافا لما نقل عن ابن تيميّة و ابن كثير و آخرین فی تبریر جنايات يزيد، بعض من العلماء المنصفین عند اهل السنّة فضلا عن تقبیح اعمال يزيد، اعتبروا ان فرحه و رضاه من استشهاد الامام الحسين عليه السلام یوجب لعنا علیه و تعسا له.
التفتازاني فی شرح العقائد النسفيّة یقول:
والحقّ أنّ رضا يزيد بقتل الحسين، واستبشاره بذلك، وإهانته أهل بيت الرسول ممّا تواتر معناه، لعنة اللّه عليه، وعلي أنصاره وأعوانه.
مجلة تراثنا، مؤسسة آل البيت، ج 50، ص 220 نقلا عن شرح العقائد النسفية، ص 181.
اليافعي یقول:
واما حكم من قتل الحسين، أو أمر بقتله، ممّن استحلّ ذلك فهو كافر.
شذرات من ذهب، ابن عماد الحنبلي، ج1، ص 68.
الذهبي یقول:
كان (يزيد) ناصبيّاً فظّاً غليظاً، يتناول المسكر ويفعل المنكر، افتتح دولته بقتل الحسين، وختمها بوقعة الحرّة.
شذرات من ذهب، ابن عماد الحنبلي، ج1، ص 68.
الآلوسي فی تفسيره یقول حول کلام عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلّم هکذا:
«أعوذ بالله سبحانه من رأس الستين و إمارة الصبيان»، يشير إلي خلافة يزيد الطريد لعنه الله تعالي علي رغم أنف أوليائه لأنها كانت سنة ستين من الهجرة،
تفسير الآلوسي، ج 6، ص 192.
و فی موضع آخر یقول الآلوسي المفسر الکبیر عند اهل السنة فی يزيد هکذا :
وعلي هذا القول لا توقف في لعن یزيد لكثرة أوصافه الخبيثة وارتكابه الكبائر في جميع أيام تكليفه ويكفي ما فعله أيام استيلائه بأهل المدينة ومكة فقد روي الطبراني بسند حسن « اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل»... وقد جزم بكفره وصرح بلعنه جماعة من العلماء منهم الحافظ ناصر السنة ابن الجوزي وسبقه القاضي أبو يعلي، وقال العلامة التفتازاني: لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله تعالي عليه وعلي أنصاره وأعوانه، وممن صرح بلعنه الجلال السيوطي عليه الرحمة وفي تاريخ ابن الوردي.... وهذا كفر صريح فإذا صح عنه فقد كفر به ومثله تمثله بقول عبد الله بن الزبعري قبل إسلامه: ليت أشياخي الأبيات، وأنا أقول: الذي يغلب علي ظني أن الخبيث لم يكن مصدقا برسالة النبي صلي الله عليه وسلم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالي وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة علي عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر؛ ولا أظن أن أمره كان خافيا علي أجلة المسلمين،... ولو سلم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان، وأنا أذهب إلي جواز لعن مثله علي التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنه لم يتب، واحتمال توبته أضعف من إيمانه، ويلحق به ابن زياد. وابن سعد. وجماعة فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلي أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلي يوم الدين ما دمعت عين علي أبي عبد الله الحسين،... ولا يخالف أحد في جواز اللعن بهذه الألفاظ ونحوها سوي ابن العربي المار ذكره وموافقيه فإنهم علي ظاهر ما نقل عنهم لا يجوزون لعن من رضي بقتل الحسين رضي الله تعالي عنه، وذلك لعمري هو الضلال البعيد الذي يكاد يزيد علي ضلال يزيد.
تفسير الآلوسي، ج 26، ص 74.
ففی الاستمرار لهذه البحوث سنتعرض بشکل مفصل الی لعن يزيد.
ماذا تقول الشيعة؟
الشيعة و اتباع اهل البيت عليهم السلام یعتبرون يزيد بن معاوية هو القاتل للامام الحسين عليه السلام و لا یشک شخص واحد فی هذا الموضوع و لهذا المعتقد مستندات التی لا تقبل الردّ و الانكار، من جملتها اعتراف و شهادة ابن عبّاس.
قضیة بین ابن عبّاس و يزيد:
من المخالفین لخلافة يزيد و الذی یدّعي الخلافة و القیادة لنفسه هو عبد اللّه بن زبير، فاراد من ابن عبّاس البيعة. ابن عباس لم یجب عن طلبه، فيزيد بعد العلم بموضوع الرسالة کتب الی ابن عباس و فی الحقيقة حملها علی البيعة معه.
ابن عبّاس فی الجواب کتب رسالة لم تکن تحتوي علی شئ الا محاكمة يزيد و فضیحته.
اليعقوبي المؤرّخ الشهیر ذکر نص هذه الرسالة هکذا:
من عبد اللّه بن عبّاس إلي يزيد بن معاوية، اما بعد، فقد بلغني كتابك بذكر دعاء ابن الزبير إيّاي إلي نفسه وامتناعي عليه في الذي دعاني إليه من بيعته، فإن يك ذلك كما بلغك، فلست حمدك أردت، ولا ودّك، ولكنّ اللّه بالذي أنوي عليم. وزعمت أنّك لست بناس ودّي فلعمري ما تؤتينا ممّا في يديك من حقّنا إلاّ القليل، وإنّك لتحبس عنّا منه العريض الطويل، وسألتني أن أحثّ الناس عليك وأخذلهم عن ابن الزبير، فلا، ولا سروراً، ولا حبورا، وأنت قتلت الحسين بن علي، بفيك الكثكث، ولك الأثلب،... نسيت قتلك حسيناً وفتيان بني عبد المطّلب، مصابيح الدجي، ونجوم الأعلام، غادرهم جنودك مصرعين في صعيد، مرمّلين بالتراب، مسلوبين بالعراء، لا مكفّنين، تسفي عليهم الرياح، وتعاورهم الذئاب، وتنشي بهم عرج الضباع، حتّي أتاح اللّه لهم أقواما لم يشتركوا في دمائهم، فأجنوهم في أكفانهم، وبي واللّه وبهم عززت وجلست مجلسك الذي جلست يا يزيد،.... فلست بناس اطرادك الحسين بن علي من حرم رسول الله إلي حرم الله، ودسك إليه الرجال تغتاله، فأشخصته من حرم الله إلي الكوفة، فخرج منها خائفا يترقب، وقد كان أعز أهل البطحاء بالبطحاء قديما، وأعز أهلها بها حديثا، وأطوع أهل الحرمين بالحرمين لو تبوأ بها مقاما واستحل بها قتالا، ولكن كره أن يكون هو الذي يستحل حرمة البيت وحرمة رسول اللّه...»
تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 247 تا 249.
کما انکم تلاحظون شخصيّة مثل: ابن عباس، لیس فقط یاخذ علی قتل الامام الحسين عليه السلام، بل یشکل نوع من المحكمة التاريخية و یستنکر جلوس یزید علی کرسی الخلافة مع وجود ارتكاب اعمال هکذا.
نقل مکذوب عن ابن عباس:
من الجدیر للذکر انه فی مقابل السند و النقل التاريخي السابق، سعوا البعض بتزویر نقل آخر ان یحفظوا بهذه الوسيلة حیثیتهم و حیثیة يزيد؛ لکن غافلین عن هذه القضیة ان الشهرة التاريخية لهذه الفضیحة لا تمحوا بهذه التبریرات التی هی ابرد من الثلج.
و النقل المذکور هکذا:
لمّا قدم ابن عباس وافداً علي معاوية رضي اللّه عنه، أمر معاوية ابنه يزيد أن يأتيه - أي أن يأتي ابن عباس - فأتاه في منزله، فرحّب به ابن عباس وحدّثه، فلمّا خرج، قال ابن عباس: إذا ذهب بنو حرب ذهب علماء الناس.
البداية والنهاية، ج 8، ص 228 و 229 ـ تاريخ دمشق، ج 65، ص 403 و 404.
كناية من انه هؤلاء هم حماة العلم و أصحاب الفكر و الرأی.
و الحال أنه فی التفسير الواقعي لهذا الکلام ذمّ يزيد و لیس مدحه، لأنه لیس فیه الكناية فقط، بل فیه التصريح بان ابناء «حرب» دمروا اساس الدين و الديانة و العلم الی حین ما یبقون.
و من جانب آخر یوجد تنافی بین الحديث المنقول عن ابن عباس عن رسول الله صلي الله عليه و آله، لأنه رأی بعینه اذیة رسول اللّه صلي الله عليه و آله و انه لا یتحمل ان یری بنی امية علی منبره :
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في (الدلائل) وابن عساكر عن سعيد بن المسيب، قال: رأي رسول اللّه صلي الله عليه و آله بني أميّة علي المنابر، فساءه ذلك.
الدر المنثور، ج 4، ص 191.
فخر الرازي فی توضيح النص المذکور یقول:
وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء.
تفسير فخر الرازي، ج10، ص 238.
أمر يزيد بقتل سفیر الامام الحسين عليه السلام:
الطبري المورّخ الشهیر، ینقل نص خطبة نعمان بن بشير الذی حسب تعبيره رجل سلمی فبینما یتکلم یقوم رجل باسم عبد اللّه بن مسلم بن سعيد الحضرمي، من المعاهدین لبني أميّة و المحامین لهم فیوصفه بأنه جبان و ضعيف و یطلب منه ان یصعب علی سفیر الامام الحسين عليه السلام(مسلم بن عقيل). و هو اوّل شخص الذی کتب الی يزيد، و اراد منه ان ینصب شخص قوی و معتف علی صدارة الكوفة.
عبيد اللّه بن زياد حسب أمر يزيد صار امیر الكوفة و البصرة حتی ینفذ احد الامرین، اما ان یطلب مسلم أو یقتله.
وكتب (عبد اللّه بن مسلم بن سعيد الحضرمي) إلي يزيد بن معاوية: اما بعد فإنّ مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة فبايعته الشيعة للحسين بن عليّ، فإن كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قويًّا ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوّك فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضعّف. فكان أوّل من كتب إليه.
ثم کتبوا اشخاص آخرون رسائل، حتی وصلت الرسائل بید يزيد، بعد یومین من وصول الرسائل، دعا یزید «سرجون» و طلب منه الاستشارة.
فقال حسب هذا النص هکذا :
ثمّ كتب إليه عمارة بن عقبة بنحو من كتابه ثمّ كتب إليه عمر بن سعد بن أبي وقّاص بمثل ذلك، قال هشام، قال عوانة: فلمّا اجتمعت الكتب عند يزيد ليس بين كتبهم إلاّ يومان، دعا يزيد بن معاوية سرجون مولي معاوية، فقال: ما رأيك؟ فإنّ حسيناً قد توجّه نحو الكوفة ومسلم بن عقيل بالكوفة يبايع للحسين وقد بلغني عن النعمان ضعف وقول سيّئ وأقرأه كتبهم فما تري، من أستعمل علي الكوفة؟
وكان يزيد عاتباً علي عبيد اللّه بن زياد، فقال سرجون: أرأيت معاوية لو نشر لك أكنت آخذاً برآیة؟ قال: نعم، فأخرج عهد عبيد اللّه علي الكوفة، فقال: هذا رأي معاوية ومات، وقد أمر بهذا الكتاب، فأخذ برآیة، وضمّ المصرين إلي عبيد اللّه وبعث إليه بعهده علي الكوفة، ثمّ دعا مسلم بن عمرو الباهلي وكان عندهّ فبعثه إلي عبيد اللّه بعهده إلي البصرة، وكتب إليه معه: اما بعد فإنّه كتب إليّ شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني أنّ ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع لشقّ عصا المسلمين فسر حين تقرأ كتابي هذا، حتّي تأتي أهل الكوفة، فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة حتّي تثقفه، فتوثقه أو تقتله، أو تنفيه والسلام.
تاريخ الطبري، ج 4، ص264 و 265.
فی السند المذکور فی الذيل یقول ابن كثير هکذا:
كتب يزيد إلي ابن زياد: إذا قدمت الكوفة فاطلب مسلم بن عقيل فإن قدرت عليه فاقتله أو أنفه، وبعث الكتاب مع العهد مع مسلم بن عمرو الباهلي، فسار ابن زياد من البصرة إلي الكوفة، فلمّا دخل، دخلها متلثّماً بعمامة سوداء، فجعل لا يمرّ بملأ من الناس إلاّ قال: سلام عليكم. فيقولون: وعليكم السلام مرحباً بابن رسول اللّه - يظنّون أنّه الحسين، وقد كانوا ينتظرون قدومه - وتكاثر الناس عليه، ودخلها في سبعة عشر راكباً، فقال لهم مسلم بن عمرو من جهة يزيد: تأخّروا، هذا الأمير عبيد اللّه بن زياد، فلمّا علموا ذلك علتهم كآبة وحزن شديد، فتحقّق عبيد اللّه الخبر.
البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص 164.
رسالة يزيد الی ابن زياد فی انه یصعّب علی الإمام الحسين عليه السلام عند مواجهته:
قال الزبير بن بكّار: حدّثني محمّد بن الضحّاك عن أبيه، قال: كتب يزيد إلي ابن زياد: إنّه قد بلغني أنّ حسيناً قد سار إلي الكوفة، وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وابتليت أنت به من بين العمّال، وعندها تعتق أو تعود عبداً كما ترقّ العبيد وتعبد، فقتله ابن زياد وبعث برأسه إليه.
البدآیة والنهآیة، ابن كثير، ج 8، ص 178.
اسانید تاريخية فی الامر بقتل الامام الحسين عليه السلام
هذه الاسانید التاريخية تثبت لنا الامر المباشر من يزيد بن معاوية فی قتل الامام الحسين عليه السلام و قتل من معه.
رسالة يزيد الی وليد بن عتبة و الامر بقتل الامام الحسين عليه السلام:
و لو ان فی هذا المجال بحث مفصل و مبسوط ففي استمرار المباحث، نذکر کم مثال حسب المناسبة:
الذهبي یقول:
خرج الحسين إلي الكوفة، فكتب يزيد إلي واليه بالعراق عبيد الله بن زياد: إن حسينا صائر إلي الكوفة، وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وأنت من بين العمال، وعندها تعتق أو تعود عبدا. فقتله ابن زياد وبعث برأسه إليه.
و کذلک السيوطي یقول:
فكتب يزيد إلي واليه بالعراق، عبيد الله بن زياد بقتاله.
تاريخ الخلفاء، ص 193، طبع دار الفكر سنة 1394 هـ. بيروت.
فی تقریر آخر ذکر هکذا:
من عبد اللّه يزيد أمير المؤمنين إلي الوليد بن عتبة، اما بعد، فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة ثانياً علي أهل المدينة بتوكيد منك عليهم، وذر عبد اللّه بن الزبير فإنّه لن يفوتنا ولن ينجو منّا أبداً ما دام حيّاً، وليكن مع جوابك إليّ رأس الحسين بن عليّ، فإن فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنّة الخيل، ولك عندي الجائزةّ والحظّ الأوفرّ والنعمة واحدة والسلام.
قال: فلمّا ورد الكتاب علي الوليد بن عتبة وقرأه تعاظم ذلك، وقال: لا واللّه، لا يراني اللّه قاتل الحسين بن عليّ!، وأنا [لا] أقتل ابن بنت رسول اللّه صلي الله عليه و آله ولو أعطاني يزيد الدنيا بحذافيرها.
كتاب الفتوح، أحمد بن أعثم الكوفي، ج 5، ص 18.
ما لاحظتموه هو اقل شئ من الاسانید و التقاریر التاريخية التی تثبت ان الامر المباشر من يزيد و اطلاعه و علمه انجر الی واقعة كربلا. و یجی فی الآتی تفصيله. «إن شاء الله تعالي»
و الذین یسعون فی تطهیر هذا الخزی التاريخي من حیاة یزید السياسية هم فی خطأ.
عدم رضی يزيد عن قتل الامام الحسين عليه السلام اسطورة ام واقعية؟
کما اشرنا الیه سالفا سعی البعض فی الآنف و الحال حتی بتحريف الحقايق التاريخية بان یثبتوا عدم التقصیر ليزيد.
لکن قصة مواجهته لرئوس المنحورة و اساری اهل البيت عليهم السلام تثبت هذه الواقعيّة بوضوح.
التفتوا الی النقل التاريخي المذکور فی الذيل:
عن أبي مخنف قال: حدّثني أبو حمزة الثمالي عن عبد اللّه الثمالي عن القاسم بن بخيت قال: لما أقبل وفد أهل الكوفة برأس الحسين دخلوا مسجد دمشق فقال لهم مروان بن الحكم: كيف صنعتم؟ قالوا: ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلاً فأتينا واللّه علي آخرهم، وهذه الرؤوس والسبايا فوثب مروان فانصرف وأتاهم أخوه يحيي بن الحكم فقال: ما صنعتم؟ فأعادوا عليه الكلام، فقال: حجبتم عن محمّد يوم القيامة لن أجامعكم علي أمر أبداً ثمّ قام فانصرف، ودخلوا علي يزيد فوضعوا الرأس بين يديه، وحدّثوه الحديث، قال فسمعت دور الحديث هند بنت عبد اللّه بن عامر بن كريز، وكانت تحت يزيد بن معاوية، فتقنعت بثوبها، وخرجت فقالت:يا أمير المؤمنين! أرأس الحسين بن فاطمة بنت رسول اللّه؟ قال:نعم، فاعولي عليه وحدي علي ابن بنت رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم، وصريحة قريش عجّل عليه ابن زياد فقتله، قتله اللّه، ثمّ أذن للناس فدخلوا والرأس بين يديه، ومع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره، ثمّ قال: إنّ هذا وإيّانا كما قال الحصين بن الحمام المري:
يفلّقن هاما من رجال أحبّة***إلينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
قال: فقال رجل من أصحاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم يقال له: أبو برزة الأسلمي: أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين؟ اما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً لربما رأيت رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم يرشفه، اما إنّك يا يزيد! تجي يوم القيامة وابن زياد شفيعك ويجي هذا يوم القيامة ومحمّد صلّي اللّه عليه وسلّم شفيعه، ثمّ قام فولّي.
تاريخ الطبري، ج 4، ص 355 و 356 ـ تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 62، ص85 ـ مقتل الحسين(ع)، أبو مخنف الأزدي، ص219 و 220 ـ الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج 4، ص85 ـ أسد الغابة، ابن الأثير، ج 2، ص21 ـ الوافي بالوفيات، الصفدي، ج 12، ص264.
و نقل المورّخون ان يزيد حین جسارته الی رأس الامام الحسين عليه السلام کان یرنم شعر ابن الزبعري الذی کان یتمتم فی حرب أُحُد به تعویضا لانهزامهم فی حرب بدر.
ابن كثير یقول:
فقد اشتهر عنه أنّه لمّا جاءه رأس الحسين عليه السلام جمع أهل الشام وجعل ينكت رأسه بالخيزران وينشد أبيات ابن الزبعريّ المشهورة:
ليت أشياخي ببدر شهدوا*** جزع الخزرج من وقع الأسل
فأهلّوا واستهلّوا فرحاً***ثمّ قالوا: يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القوم من ساداتهم***وعدلناه ببدر فاعتدل
قال ابن كثير - بعد إيراد الأبيات -: فهذا إن قاله يزيد بن معاوية فلعنة الله عليه ولعنة اللاعنين، وإن لم يكن قاله فلعنة الله علي من وضعه عليه ليشنع به عليه.
البداية والنهاية، ج 8، ص209.
هذا الکلام عن ابن كثير بعد دفاعه المستمیت عن يزيد بن معاوية الذی فی الحقيقة نوع من الانكار بید يزيد، لأنه رفع بيرق الدفاع عن يزيد من اجل انه عدو اهل بیت النبی و هو قاتل حسين بن علي و المبتهج من اسارة آل بیت علي ع، و لهذا کتبه بتمامها مملوءة من الدفاع عن اعداء اهل البيت(عليهم السلام) و انكار سوء اعدائهم، و لم یری فیه اقل دفاعا عن آل الرسول ص.
الطبري ایضا بعد نقل هذه الاشعار و القصّة یقول:
فقال: (يعني يزيد) مجاهراً بكفره ومظهرا لشرمه: ثمّ قال الطبري - بعد ذكر الأبيات - هذا هو المروق من الدين، وقول من لا يرجع إلي اللّه ولا إلي دينه ولا إلي كتابه ولا إلي رسوله ولا يؤمن باللّه
تاريخ الطبري، ج 8، ص 187 و 188.
ابو اسحاق الاسفرايني المتوفّی 418، و من علماء الشوافع في المذهب، بعد الاشارة الی خطبة الامام السجّاد عليه السلام فی مسجد جامع دمشق و نقلا عن الامام الصادق عليه السلام انه سمع صوت صرخات الناس في خطبة الإمام ثم یقول:
«فلما عظم ذلك على الناس خشي على نفسه فجمعهم و قال يا قوم أتظنّون أنّي قتلت الحسين؟ فلعن اللّه من قتله، إنّما قتله عبيد اللّه بن زياد عاملي علي البصرة».
ثم امر باحضار من اتى براس الحسين ومن معها ليسا لهم كيف كان قتله فحضروا بين يديه فقال لابن ربعي ويلك أنا أمرتك بقتل الحسين؟ فقال: لا، لعن اللّه قاتله»،
و لم يزالوا كذلك الى ان وصل السؤال الى الحصين بن نمير فقال مقالتهم ثم قال اتريد ان اخبرك بمن قتله ؟ فقال نعم فقال اعطني الامان فقال لك الامان فقال اعلم أیها الامير ان الذي عقد الرايات ووضع الاموال وجيش الجيوش وارسل الكتب واوعد وعد وهو الذي قتله فقال من فعل ذلك ؟ فقال انت...
نور العين في مشهد الحسين، ص 70 و 71.
هل ما زال هناك مجال للتبرير والإنكار؟
بالطبع، أولئك الذين سلب منهم مرض القلب الحقيقة، يبررون هذه الروايات التاريخية و یقولون:
المؤلف شيعي أو راوي شيعي في الوثيقة و تکفی هذه الجريمة الكبرى. لكن حديثنا مع هذه المجموعة هو:
هل كان من المتوقع أن يسجل المؤرخون و الكتاب الذين برروا زمن سيطرة بني أمیة ،أحداثاً مثل هذه التی لم تکن الا عارا عبر تاريخي علیهم؟
2 ـ قتل و ذبح الناس فی المدينة (واقعة الحرّة)
الحادثة الثانية المشؤومة في خلافة و حكومة يزيد، حسب قول سعيد بن المسيب، كانت هتک حرمة مرقد النبي و قتل أهل المدينة، و هي حادثة الحرة..
والثانية: استبيح حرم رسول اللّه صلي الله عليه و آله وانتهكت حرمة المدينة
قداسة المدينة:
المدينة المنورة التي عرفت باسم "المدينة النبوية" بعد يثرب و بعد هجرة الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله) «بمدينة الرسول» هی من المدن التي لها مكانة خاصة في الخريطة الجغرافية للعالم و يحترمها العالم، لأنها نالت هذا الشرف و العظمة بسبب اسم شخصية مشهورة كانت مؤسسة لحضارة و ثقافة فريدة من نوعها.
هذا الشخص العظيم و الفريد هو آخر نبي لسلسلة الأنبياء الإلهيين العظماء، لم يكن يريد في دعوته سوى الخير و الجمال و الازدهار و التقدم و انتشار التوحيد و التقوى و الصلح و السلام.
بالإضافة إلى موقع الجغرافيا الطبيعية و الاقلیمیة، فهي أيضًا خاصة من حيث الجغرافيا الدينية؛ لأنها :
أولاً: هی أكبر قاعدة لدعوة الإسلام و نشره بعد مكة ، و يمكن القول إن انتشار الإسلام يرجع إلى المدينة المنورة.
ثانيًا: إن وجود قبر الرسول الكريم و آله قد جذب قلوب الملايين من المؤمنين و المخلصين هناك.
ثالثًا: إن معظم الأحداث في تاريخ الإسلام إما حدثت في هذه الأرض ، أو كانت مرتبطة بهذه المدينة و الأرض.
لذلك، مع الالتفات الی النقاط المذكورة لابد من القول في أهمية و عظمة هذه المدينة انه: إن المدينة المنورة ليس لها عظمة خاصة و عظمة في جغرافية العالم فحسب، بل تتمتع أيضًا بأكبر قدر في جغرافية قلوب المشتاقين و المؤمنين.
مدينة حسب رؤیة النبی ص:
إن العشر سنوات التي عاشها الرسول الكريم صلى الله عليه و آله و سلم في المدينة المنورة و انتشار دعوته من هذه المدينة إلى أنحاء العالم آن ذاک أوجد له نوعًا من التعلق بهذه المدينة، فمن أجل هذا کان یحترم هذه المدينة و أهلها باحترام خاص يمكن رؤيته في كلامه ص.
في هذا القسم ، على سبيل المثال ، نشير إلى بعض الأحاديث الشریفة عنه:
1 ـ عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «اللّهمّ من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللّه منه صرفاً ولا عدلاً».
المعجم الكبير، الطبراني: ج 7، ص 144، رقم 6636.
و فی نقل آخر و بسند غیره ذکر هکذا:
قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم: من أخاف أهل المدينة أخافه اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة، ولعنه، وغضب عليه، ولم يقبل منه صرفاً، ولا عدلاً.
المصدر السابق، رقم 6637..
ورواه الطبراني أيضاً في الأوسط والكبير عن عبادة بن الصامت بإسناد جيّد.
في هذا الحديث، طلب الرسول الكريم من الله الحفاظ على المدينة المنورة و أهلها، و بالنسبة لمن تعرض لهذه المدينة و أهلها، فقد طلب العقاب و العذاب الإلهي و الملائكة و الناس و حذر أمته من اضطهادها و سكانها مما يعبر في الحقيقة عن قدسية المدينة و عظمتها.
بعد ذلك هل تم الحفاظ على قدسية المدينة و سكانها المسلمين؟
الجواب على هذا السؤال يكمن في التاريخ.
2 ـ أخرج الطبراني في المعجم الكبير عن عبد اللّه بن عمرو، أنّ رسول اللّه صلي الله عليه و آله قال: «من آذي أهل المدينة آذاه اللّه، وعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل».
الترغيب و الترهيب، ج 2، ص 241.
3 - وروي السنائي من حديث السائب بن خلاّد رفعه: «من أخاف أهل المدينة ظالماً لهم أخافه اللّه، وكانت عليه لعنة اللّه»
فتح الباري، ج 4، ص94. الحديث ولابن حبان نحوه من حديث جابر..
ورد في الحديث التالي عقوبة أشد.
4 - حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا مروان بن معاوية، حدّثنا عثمان بن حكيم الأنصاري، أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه،: أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم قال: ثمّ ذكر مثل حديث ابن نمير وزاد في الحديث «ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلاّ أذابه اللّه في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء».
صحيح مسلم، ج 2، ص992، رقم 1363.
هذه الكلمات هی قليلة من جل الأحاديث التي لا حصر لها عن المدينة المنورة و بلدة مدينة، و التي تعبر عن شرف و كرامة المدينة و أهلها في نظر الرسول ص.
و السؤال: هل راعوا هذه الحرمة، و هل عملوا بهذه التوصیات من ادعوا الخلافة و النیابة عن الرسول ص؟
قال الامام أحمد: أليس قد أخاف أهل المدينة؟
الردّ علي المتعصّب العنيد، ص 61.
5 ـ أحمد حنبل عن انس بن عياض عن يزيد بن خصيفة، عن عطاء بن يسار، عن سائب بن خلاّد ینقل عن رسول الله صلي الله عليه و آله انه قال: «من أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه اللّه وعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللّه منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً».
البداية والنهاية، ج 8، ص244 ـ مسند أحمد، ج 4، ص55.
ینقل البخاري فی صحيحه انه حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ عَنْ جُعَيْدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ سَعْدًا - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم –
يَقُولُ: «لا يكيد أهل المدينة أحد إلاّ انماع كما ينماع الملح في الماء».
صحيح البخاري، كتاب فضائل المدينة، ج 7 رقم 1877 ـ فتح الباري، ج 4، ص94ـ البداية والنهاية، ج 8، ص244.
ذکر هذا الحديث مسلم بن الحجاج النیسابوری بسندین مختلفین و عبارات مختلفة.
في عام 63 هـ، بعد هجرة أهل المدينة المنورة، و بعد عودة ممثليهم من الشام و اللقاء مع يزيد و رؤية أفعاله المخلة بالآداب، من الاستهتار بالواجبات و تلويثه بالذنوب، نقضوا بیعتهم مع يزيد و عزلوا محافظه و ممثله من الحكومة و بایعوا عبدالله بن حنظلة.
بعد أن نُشر هذا الخبر في مدينة الشام، و علم يزيد بولاء أهل المدينة المنورة لعبدالله بن حنظلة، أرسل جيشًا بقيادة مسلم بن عقبة لقمع أهل تلك المدينة، و سنذكر في المناقشات المقبلة أهم جرائم يزيد في هذه الحملة.
حول المدينة المنورة أراض مغطاة بالحجارة السوداء والحادة.
ابن اثير فی توضيح الحرّة یقول:
يوم الحرّة يوم مشهور في الإسلام أيّام يزيد بن معاوية لمّا انتهب المدينة عسكره من أهل الشام الذي ندبهم لقتال أهل المدينة من الصحابة والتابعين وأمّر عليهم مسلم بن عقبة المزي في ذي الحجّة سنة ثلاث وستّين وعقيبها هلك يزيد، والحرّة هذه أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة وكانت الوقعة بها.
النهاية في غريب الحديث، ج 1، ص351.
الذهبي یقول:
هي حرّة واقع شرقيّ المدينة المنورّة، وفيها كانت الوقعة المشهورة، يقول فيها ابن حزم في كتابه جوامع السيرة ص 357 ما نصّه: أغزي يزيد الجيوش إلي المدينة حرم رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم، وإلي مكّة حرم اللّه تعالي، فقتل بقايا المهاجرين والأنصار يوم الحرّة، وهي أيضاً أكبر مصائب الإسلام وخرومه، لأنّ أفاضل المسلمين وبقيّة الصحابة، وخيار المسلمين من جلّة التابعين قتلوا جهراً ظلماً في الحرب وصبراً، وجالت الخيل في مسجد رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم، وراثت وبالت في الروضة
سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج 4، ص228.
امر يزيد لمسلم بن عقبة کان هکذا:
ادع القوم ثلاثاً فإن رجعوا إلي الطاعة فاقبل منهم، وكفّ عنهم، وإلاّ فاستعن باللّه وقاتلهم، وإذا ظهرت عليهم، فأبح المدينة ثلاثاً ثمّ اكفف عن الناس.
البداية والنهاية، ج 8، ص 239.
ممثل يزيد بعد مواجهة مقاومة الشعب ارتكب مجزرة عظیمة حتى استسلم أهل المدينة فی النهاية.
قائمة من عواقب هذا الاستخفاف و الوقاحة المأخوذة من تقارير المراسلين و المؤرخين كما وردت في كتب التاريخ، تُعرض على طالبي الحق و المنصفین حتی یحكموا بناءً على هذه الإحصائيات.
الف ـ قتل آلاف من الناس فی المدينة:
و ذكر المؤرخون، بمن فيهم الدينوري، أن عدد القتلى تجاوز عشرة آلاف، منهم ثمانون من صحابة الرسول، و سبعمائة من المهاجرين و الأنصار ، و عشرة آلاف من الأتباع و الموالی.
قتل من أصحاب النبيّ صلّي اللّه عليه وسلّم ثمانون رجلاً، و من قريش و الأنصار سبع مئة، و من سائر الناس من الموالي و العرب و التابعين عشرة آلاف.
الامامة والسياسة، ج 1، ص216.
قال المدائني عن شيخ من أهل المدينة. قال: سألت الزهري كم كان القتلي يوم الحرّة قال: سبعمائة من وجوه الناس من المهاجرين والأنصار، ووجوه الموالي وممّن لا أعرف من حرّ وعبد وغيرهم عشرة آلاف. قال: وكانت الوقعة لثلاث بقين من ذي الحجّة سنة ثلاث وستّين، وانتهبوا المدينة ثلاث أيّام.
البداية والنهاية، ج 8، ص242.
ب ـ قتل اصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله:
الدينوري یقول:
قتل من أصحاب النبيّ صلّي اللّه عليه وسلّم ثمانون رجلاً، ومن قريش والأنصار سبع مئة
الامامة والسياسة، ج 1، ص216.
و المورّخ الشهير المسعودي یقول:
قتل من آل أبي طالب اثنان - ومن بني هاشم ثلاثة وبضع وتسعون رجلاً من سائر قريش ومثلهم من الأنصار، وأربعة آلاف من سائر الناس، ودون من لم يعرف.
مروج الذهب، ج 3، ص 85.
الياقوت الحموي یقول:
وقتل من الموالي ثلاثة آلاف وخمسمائة رجل ومن الأنصار ألفا وأربعمائة وقيل ألفا وسبعمائة ومن قريش ألفا وثلاثمائة.
معجم البلدان، ج 2، ص 249.
ج ـ إخفاء شيوخ الصحابة:
ابن كثير قال هکذا:
وقد اختفي جماعة من سادات الصحابة منهم جابر بن عبد اللّه، وخرج أبو سعيد الخدري فلجأ إلي غار في جبل.
البداية و النهاية، ج 8، ص 241.
د ـ قتل حملة القرآن:
نقل عن مالك بن انس انه قال:
قتل يوم الحرّة سبعمائة من حملة القرآن وكان فيهم ثلاثة من أصحاب النبيّ صلّي اللّه عليه وسلّم.
المعرفة و التاريخ، ج 3، ص325.
هـ ـ اباحة للجنود في استخدام النساء:
نقل عن ابن كثير و غیره من المورّخین هکذا:
ثم أباح مسلم بن عقبة، الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة - قبّحه اللّه من شيخ سوء ما أجهله - المدينة ثلاث أيّام كما أمره يزيد، لا جزاه اللّه خيراً، وقتل خلقاً من أشرافها، وقرّائها، وانتهب أموالاً كثيرة منها، ووقع شرّ عظيم، وفساد عريض علي ما ذكره غير واحد.
البداية والنهاية، ج 8، ص241.
الحافظ ابن حجر ایضا یصحح هذا الامر و یقول:
وأبيحت المدينة أيّاما بأمر يزيد لعنه اللّه
فتح الباري، ج 13، ص 75 ـ تهذيب التهذيب، ج 6، ص227 ـ الاتحاف بحبّ الاشراف، ص 65 و 66.
و ـ ولّدت الف امرأة من غیر زوج:
و كانت نتيجة هذه الاباحة اعتداء على خصوصية الفتيات و النساء المسلمات و تدنيس عفتهن، و بحسب نقل المدائني فإن آلاف النساء أنجبن أطفالاً غير شرعيين بعد حادثة الحرة.
قال المدائني عن أبي قرّة قال: قال هشام بن حسان: ولّدت ألف امرأة من أهل المدينة بعد وقعة الحرّة من غير زوج.
البداية والنهاية، ج 8، ص241.
الياقوت الحموي یقول:
ودخل جنده المدينة فنهبوا الأموال وسبوا الذرّيّة واستباحوا الفروج، و حملت منهم ثمانمائة حُرّة و ولدن، وكان يقال لأولئك الأولاد: أولاد الحَرّة.
معجم البلدان، ج 2، ص 249.
ز ـ مبایعة الناس لیزید فی المدينه:
و أمر مسلم بن عقبة قائد جيش يزيد بالمدينة المنورة جميع الناس بمبايعتهم كعبيد يزيد ، و یحکم علی أموال الناس و أرواحهم و شرفهم كما يشاء.
فدخل مسلم بن عقبة المدينة فدعا الناس للبيعة علي أنّهم خول ليزيد بن معاوية، و يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء.
البداية والنهاية، ج 8، ص243.
المسعودي یقول:
ودخل مسلم المدينة فانتهبها ثلاثة أيّام وبايع من بقي من أهلها علي أنّهم قنّ ليزيد والقنّ العبد الذي ملك أبواه، وعبد مملكة الذي ملك في نفسه وليس أبواه مملوكين غير عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، لأنّه لم يدخل فيما دخل فيه أهل المدينة، وعليّ بن عبد اللّه بن العبّاس، فإنّ من كان في الجيش من أخواله من كندة منعوه. فكان ذلك من أعظم الأحداث في الإسلام وأجلّها وأفظعها رزء بعد قتل الحسين بن عليّ بن أبي طالب.
التنبيه والإشراف، المسعودي، ص 262.
و قد ذكر بعض الکبار من اهل السنة و مؤرخوها من هذه الطائفة، جرائم يزيد في المدينة المنورة التی هی من أعظم الأحداث و أبشعها في الإسلام بعد استشهاد الإمام الحسين (ع) و اعتبروا أصل هذه الحادثة من الحقائق التاريخية التی اشرنا الی نقل بعض کلماتهم في المباحث السابقة.
لكن بعض آخر بعد أن رووا نفس الأحداث دافعوا عن يزيد و دافعوا عن كل الجرائم التي وقعت بطريقة ما. مثل: ابن كثير الدمشقي في كتابه البداية و النهاية الذي قدم تبريرات غير عقلانية في جزئين من كتابه.
التبریر الاوّل:
هو يقول:
ولمّا خرج أهل المدينة عن طاعته وخلعوه وولّوا عليهم ابن مطيع وابن حنظلة، لم يذكروا عنه - وهم أشدّ الناس عداوة له - إلا ما ذكروه عنه من شرب الخمر، وإتيانه بعض القاذورات، لم يتّهموه بزندقة كما يقذفه بذلك بعض الروافض، بل، قد كان فاسقاً، والفاسق لا يجوز خلعه لأجل ما يثور بسبب ذلك من الفتنة، ووقع الهرج كما وقع زمن الحرّة، فإنّه بعث إليهم من يردّهم إلي الطاعة وأنظرهم ثلاثة أيّام، فلمّا رجعوا قاتلهم، وغير ذلك، وقد كان في قتال أهل الحرّة كفاية، ولكن تجاوز الحدّ بإباحة المدينة ثلاثة أيّام، فوقع بسبب ذلك شرّ عظيم كما قدّمنا.
البداية والنهاية، ج 8، ص255.
ثم في بيان ذنب أهل المدينة و تبریر یزید يقول:
أرسل يزيد من يعيدهم إلى طاعة الخليفة. لهذا فأمهلهم ثلاثة أيام و انجر الی الحرب معهم.
هذا الدفاع یطابق أيا من المعايیر الدينية و سنة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم؟
وهل الذين عاشوا مع الرسول عشر سنوات و بقية الصحابة الذين قتلوا في هذه الحرب جاهلين بهذه الأحكام الشرعية؟
اذا کان للوالي و الممثل أفعالا تخالف أحكام الإسلام و مخالفة لحقوق الناس و يظلمهم هلّا یوبّخ؟
هل يجب قمع أي حركة أو معارضة بمجرد ظهور الفتنة و الشغب و استمرار المجرمين في جرائمهم؟
طبعا بعض الاشخاص مثل ابن كثير و معاصريه يجب أن يوافقوا على يزيد و یقوموا بتأییده و يحاولوا إنقاذه، لأن قصة الخلافة يجب أن تحفظ من التعرض و عائلة بني أمیة يجب أن تبقى طاهرة.
التبریر الثانی:
ابن كثير في جزء آخر من دفاعه عن فجائع یزید و تبریره عن اقواله التی تشتمل علی الکفر، قام بتبریر آخر عنه بجهل فقال فی الدفاع عنه بعد سماع یزید خبر هزيمة أهل المدينة، و يحاول تبرئة يزيد من الإطاحة به أمام التاريخ و يقول :
واما ما يذكره بعض الناس من أنّ يزيد لمّا بلغه خبر أهل المدينة وما جري عليهم عند الحرّة من مسلم بن عقبة وجيشه، فرح بذلك فرحاً شديداً، فإنّه كان يري أنّه الامام وقد خرجوا عن طاعته، وأمّروا عليهم غيره، فله قتالهم حتّي يرجعوا إلي الطاعة ولزوم الجماعة، كما أنذرهم بذلك علي لسان النعمان بن بشير، ومسلم بن عقبة كما تقدّم، وقد جاء في الصحيح: «من جاءكم وأمركم جميع يريد أن يفرّق بينكم فاقتلوه كائناً من كان.»
البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص 245.
ثم في نسبة ترنم قصائد ابن الزبعري المشوه بالكفر التي تلاها في غزوة أحد، و لجأ يزيد إلى نفس القصائد بعد واقعة الحرة یقول:
واما ما يوردونه عنه من الشعر في ذلك واستشهاده بشعر ابن الزبعري في وقعة أحد التي يقول فيها:
ليت أشياخي ببدر شهدوا*** جزع الخزرج من وقع الأسل
حين حلت بفنائهم برمها*** واستحر القتل في عبد الأشل
قد قتلنا الضعف من أشرافهم *** وعدلنا ميل بدر فاعتدل
وقد زاد بعض الروافض فيها فقال:
لعبت هاشم بالملك فلا *** ملك جاءه ولا وحي نزل
فهذا إن قاله يزيد بن معاوية فلعنة اللّه عليه ولعنة اللاعنين، وإن لم يكن قاله فلعنة اللّه علي من وضعه عليه ليشنع به عليه.
البداية والنهاية، ج 8، ص245 و 246.
و هل هناك ما يؤخذ من كلام ابن كثير هذه إلا الدفاع و الدعم الشامل لمجرم مثل يزيد؟
إن الحقد و الغل لهذا المؤلف بالنسبة لأتباع أهل البيت (ع) و شيعة أمير المؤمنين (ع) لا يخفى علی أي شخص منصف، لأنه ينسب بوضوح إضافة إحدى أبيات ابن زبعري إلى الشيعة، و يقول: وقد زاد بعض الروافض فيها.
3 ـ إهانة حرم الله و إحراق الكعبة
الحادثة المشؤومة الثالثة في خلافة و حكومة يزيد، حسب قول سعيد بن المسيب، كانت تدنيس الحرم الإلهي و إحراق الكعبة و هی قبلة المسلمين.
والثالثة: سفكت الدماء في حرم اللّه وحرّقت الكعبة.
تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 253.
امتيازات أرض مكة المكرمة:
يعتبر المسلمون مدينة مكة المكرمة أقدس مدينة على وجه الأرض ، للأسباب التالية:
أولاً: هی القبلة و مركز العبادة و بيت الله.
ثانياً: أرض الوحي و مكان بعثة الرسول الكريم صلى الله عليه و آله و سلم.
ثالثاً: هی محل ولادة رسول الإسلام.
هذه الخصائص الثلاث هي العوامل الرئيسية في الاهتمام المفرط للمؤمنين والمسلمين بهذه الأرض.
لكن نظرة الوحی علی هذه الأرض و الإلمام بآيات القرآن التی وردت حول هذه الأرض تظهر عظمتها أكثر.
1- قدم القرآن الكريم الكعبة كأول بناء على الأرض:
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًي لِّلْعَــلَمِينَ
آل عمران (3)، آية 96.
2 ـ القبلة و المكان الذي يتجه إليها أثناء العبادة:
قَدْ نَرَي تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَـلـهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ حَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُو وَ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَـبَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَ مَا اللَّهُ بِغَـفِل عَمَّا يَعْمَلُونَ.
البقرة (2)، آية 144.
3 ـ مكان تجمع المسلمين أثناء أداء فريضة الحج:
وَلِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. آل عمران (3)، آية 97.
4 ـ مركز الأمن و السلام لطالبي الأمن:
وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا. آل عمران (3)، آية 97.
مع الالتفات الی النقاط السابقة، فإن جميع المسلمين يعتبرون الدفاع عن حرمة هذه المدينة و امنها و نموها واجبًا دينيًا و لا يسمحون لأدنى جرأة علیها، و يتعاملون بشدة مع كل حركة.
لكن للأسف، شهد تاريخ الإسلام فظاظة و جرأة من تسيطر على الناس باسم الإسلام و خليفة المسلمين، و عملوا عليهم بأشباح العار، و انتهاك حرمة و قداسة هذه الأرض و البيت الذي منها انه سار يزيد بن معاوية بجیش على مدينة مكة بحجة مواجهة عبد الله بن الزبير و إضرام النار في الكعبة و بيت الله و قبلة المسلمين.
تدمير و حرق الكعبة حسب التاريخ:
ابن كثير ینقل عن الواقدي فیقول:
فلمّا كان يوم السبت ثالث ربيع الأوّل سنة أربع و ستّين نصبوا المجانيق علي الكعبة و رموها بالنار، فأحترق جدار البيت في يوم السبت.
البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص 247.
ثم نقل ابن كثير في تكملة النص السابق قولين آخرين بطريقة غير معروفة و بكلمة قيل:
1-كان سبب حريق الكعبة هو إشعال النار من قبل الناس حول البیت، ثم امتد بعد ذلك إلى جدار و سقف الكعبة، و احترق البیت.
2- في ليلة مظلمة دامسة، فجأة سمع صوت التكبير من الجبال حول الحرم، فقام عبد الله بن زبير بإشعال النار على رمح للتعرف على المحيط، و بسبب الريح سقطت شعلة من النار بين عمود اليمانی و الاسود و أشتعل ستار الحرم.
الياقوت الحموي یقول:
و رمي الكعبة بالمنجنيق من أشنع شيء جري في أيّام يزيد
معجم البلدان، ج 2، ص 249.
مواجهة الله و انتقامه مع مرتكبي واقعة الحرّة:
نور الدين الهيثمي ینقل عن العكرمة هکذا:
مرّ ابن الزبير، وابن عبّاس في المسجد، وأهل الشام يرمونها من فوق أبي قبيس بالمنجنيق بالحجارة، فأرسل اللّه عليهم صاعقة فأحرقت منجنيقهم، وأحرقت تحته أربع.
قال أناس من بني أميّة: لآیةولنّكم، فإنّها أرض صواعق، فأرسل اللّه عليهم أخري فأحرقت منجنيقهم، وأحرقت تحته أربعين رجلاً.
قال: فبيناهم كذلك أتاهم موت يزيد بن معاوية، فتفرّق أهل الشام.
مجمع الزوائد، ج 3، ص 291 ـ المصنّف، الصنعاني، ج 5، ص 124، رقم 9147، و 138، رقم 9183.
ابن حجر فی فتح الباري یقول:
إن ابن الزبير حين مات معاوية امتنع من البيعة وأصرّ علي ذلك حتّي أغري يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة بالمدينة، فكانت وقعة الحرّة، ثمّ توجّه الجيش إلي مكّة فمات أميرهم مسلم بن عقبة، وقام بأمر الجيش حصين بن نمير، فحصر ابن الزبير بمكّة ورموا الكعبة بالمنجنيق حتّي احترقت، ففجأهم الخبر بموت يزيد بن معاوية
فتح الباري، ج 8، ص 245، رقم 4387.
و ایضا ینقل عن الفاكهي عن كتاب مكة هکذا:
لمّا أحرق أهل الشام الكعبة ورموها بالمنجنيق، وهت الكعبة
فتح الباري، ج 8، ص 354.
و القندوزي الحنفي یقول:
ثمّ سار جيشه نحو مكّة إلي قتال ابن الزبير فرموا الكعبة المكرّمة بالمنجنيق، وأحرقوا كسوتها بالنار، فأيّ شيء أعظم من هذه القبائح التي وقعت في زمنه ناشئة عنه.
ينابيع المودّة، ج 3، ص 35.
خلاصة و نتيجة هذا الفصل:
ما حدث هو جزء من روايات المؤرخين، و الآن بإلقاء نظرة عادلة على أحداث عهد يزيد، هل يجب دعمه لأنه من الأمويين و خليفة معاوية؟
نختتم هذا الفصل باقتباس من شخصية مشهورة درس لسنوات عديدة في مدرسة أتباع الخلفاء و قام أيضًا بتدريب الناس.
علي محمد فتح الدين الحنفي، المتوفى عام 1371 هـ (1952 م)،من کبار اهل السنة، من سكان البنجاب الباكستانية. سجل اسمه فی قائمة الرجال الأحرار و المشاهير من خلال معرفة تلمیذه «أمير الدين ابن الحافظ محمّد مستقيم» مع احد علماء الشیعة بإسم «عبد العلي الهروي» و المناقشات العلمية معه، فی البدایة ینتمی تلميذه الذي كان عالما و طبيبا ثم هو نفسه في نهاية حياته بعيون مفتوحة و حرية الاختيار و من البحث إلى دين الحق أي الشيعة الإثنا عشرية، و بذكر الحقائق التاريخية.
هو فی كتاب فلك النجاة یقول:
في الخمسين الأخير كانت ولاية يزيد و قتل الحسين و ذرّيّته وخيار شيعته، واستباحة المدينة المنوّرة، وقلع منبر النبيصلي الله عليه و آله وهتك ساكني حرمها، وقتل أكابر الصحابة، والزنا بالجبر، وفضّ أبكار أهلها، ومحاصرة مكّة، ورمي الكعبة بالمنجنيق
فلك النجاة، ص 82.
صورة يزيد في القرآن و الحديث و لعنه و تكفيره
هل یجوز لعن يزيد؟
و المطلوب للمناقشة و البحث موضوع جواز اللعن و السب ليزيد، أي الشخص الذی ارتكب أعمالا مثل استشهاد الإمام الحسين (ع) و قتل أهل المدينة و تدمير الكعبة، فهل يجوز لنا سبّه و لعنه؟
هل من ينطق بكلام یشتمل على الکفر فی مقابل رأس الإمام الحسين (ع) یستحق اللعن و السب أم لا؟
أحمد بن حنبل الإمام و زعيم الحنابلة و أحد أركان الفقه السني الأربعة، في الجواب عن سؤال حول هذا الموضوع استدل بهذه الآية القرآنية:
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الاْرْضِ وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئـِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمهمْ وَ أَعْمَي أَبْصَـرَهُمْ.
ابن الجوزي فی كتابه «الردّ علي المتعصّب العنيد» نقلا عن قاضي أبو يعلي محمّد بن حسين بن فراء، عن كتابه «المعتمد في الأصول» استنادا عن صالح بن أحمد، یقول انه قال: قلت لأبی:
إنّ قوماً ينسبوننا إلي توالي يزيد، فقال: يا بنيّ! و هل يتوالي يزيد أحد يؤمن باللّه؟! فقلت: لم لا تلعنه؟ فقال: و متي رأيتني ألعن شيئاً؟ لم لا يلعن من لعنه اللّه في كتابه؟ فقلت: وأين لعن اللّه يزيد في كتابه؟
فقرأ: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الاْرْضِ وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئـِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمهمْ وَ أَعْمَي أَبْصَـرَهُمْ» محمّد (47)، آية 22 و 23 فهل يكون فساد أعظم من القتل؟
الردّ علي المتعصب العنيد، ص 16 و 17.
وفي رواية: يا بنيّ! ما أقول في رجل لعنه اللّه في كتابه؟
و ایضا یستند بهذه الآية:
«وَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الاْرْضِ أُوْلَـئـِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ» رعد (13)، آية 25.
و یقول: «وأيّ قطيعة أفظع من قطيعته صلي الله عليه و آله في ابن بنته الزهراء»
الاتحاف بحبّ الأشراف، الشبراوي، ص 64.
هذا الفقيه الشهیر و صاحب مکانة بالاستدلال بالآيات القرآنیة، تلقی السبّ و اللعن ليزيد موضوع قرآني و افتی بجوازه.
من الآيات القرآنیة الاخری التی استفید منها المذمّة و جواز اللعن هی الآية المذکورة فی الذيل:
وَ إِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَ مَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِي أَرَيْنَـكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْءَانِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَـنًا كَبِيرًا.
الإسراء (17)، آية 60.
المفسّرون من الشيعة و اهل السنّة حسب الاستدلال بهذه الرواية، اعتبروا الشجرة الملعونة هم بنو اميّة.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في (الدلائل) وابن عساكر عن سعيد بن المسيّب، قال: رأي رسول اللّه صلي الله عليه و آله بني أميّة علي المنابر، فساءه ذلك.
الدر المنثور، ج 4، ص 191.
فخر الرازي یقول:
وهذا قول ابن عبّاس في رواية عطاء.
تفسير فخر الرازي، ج 10، ص 238.
السيوطي فی موضع آخر یقول:
قال رسول اللّه صلي الله عليه و آله: «أريت بني أميّة علي منابر الأرض، وسيتملّكونكم، فتجدونهم أرباب سوء»، واهتمّ رسول اللّه صلي الله عليه و آله لذلك، (وَ مَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِي أَرَيْنَـكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ)
الدرّ المنثور، ج 4، ص191.
مثل هذا الحديث نقله ابن مردويه عن حسين بن علي عليهما السلام ایضا.
ابن حجر الهيثمي المكّي صحح هذه الاحاديث و اصل القصة و یقول:
صحّ أنّه صلي الله عليه و آله رأي ثلاثة منهم - يعني بني الحكم بن أبي العاص - ينزون علي منبره نزو القردة، فغاظه ذلك وما ضحك بعده إلي أن توفّاه اللّه سبحانه وتعالي.
تطهير الجنان و اللسان، ص 53.
ثالث الآیات تحمل اللعن و السب من الله علی الذین یؤذون الله و رسوله:
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَ الاْخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مهينًا. الأحزاب (33)، آية 57.
هذه الآية صريحة فی الاضطهاد أو العداء للنبي، و لكن لاثبات أهل النبی و ذريته لابد ان نستعین بالسنة التی هي نفس الروايات التفسيرية، التي لحسن الحظ، بالإضافة إلى آيات "مودة ذوی القربى"، مئات الروايات لدينا فیها وصی الرسول الكريم (صلى الله عليه و آله و سلم) بأهل البيت (عليه السلام)، و هذا الموجز ليس مكانًا للتعرض الیه.
لکن علی سبیل المثال نکتفی بذکر رواية واحدة:
أخرج الامام أحمد في مسنده عن أبي هريرة، قوله صلي الله عليه و آله لعليّ وفاطمة والحسنين عليهم السلام: «أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم».
مسند أحمد، ج 2، ص 442.
کذلک الترمذي ینقل عن زيد بن أرقم هکذا:
أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم.
سنن الترمذي، ج 5، ص 656، ح 3870.
هذا الحديث یثبت ان الحرب مع اهل البيت عليهم السلام نفس الحرب مع رسول الله ص.
بناء علی هذا الحرب مع الحسين عليه السلام نفس الحرب مع جدّه النبی ص، ففی النتيجة یثبت كفر هکذا شخص و استحقاقه للعن و العذاب الالهي.
یستفاد هذا المطلب من القرآن الکریم بسهولة، التفتوا الی هذه الآية:
وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَـالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا. النساء (4)، آية 93.
هل یبقی الشكّ فی كفر يزيد و اتباعه منهم الذین قتلوا آل الرسول و اسروا النساء و الاطفال؟
التفتوا الی هذا الکلام عن الرسول صلي الله عليه و آله انه قال:
إنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمّتي قتلاً و تشريداً، وإنّ أشدّ قومنا لنا بغضاً بنو أميّة، و بنو المغيرة، و بنو مخزوم.
المستدرك، الحاكم النيسابوري، ج 4، ص 534، ح 8500.
اثبت التاریخ هذا التنبؤ و الغل و العداوة و القساوة عنهم فی حقّ کل واحد من ابناء و ذرّيّة علي و فاطمة علیهم السلام.
ذکر فی رواية اخری عن الحاكم بسند صحيح هکذا:
وروي الحاكم بسند جيد عن فاطمة بنت ( . . . ) امرأة بني المغيرة أنها سألت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: هل تجد يزيد بن معاوية في الكتاب؟ قال: لا أجده باسمه، ولكن أجد رجلا من شجرة معاوية، يسفك الدماء ويستحل الاموال، وينقض هذا البيت حجرا حجرا.
سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد، اسم المؤلف: محمد بن يوسف الصالحي الشامي الوفاة: 942هـ ، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1414هـ ، الطبعة: الأولي، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوضج 10 ، ص 89
ابن عساكر فی تاريخه ینقل روایة عن عبد الله بن عمرو هکذا:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يزيد، لا بارك الله في يزيد الطعان اللعان، أما انه نعي الي حبيبي حسين، أتيت بتربته، ورأيت قاتله، أما انه لا يقتل بين ظهراني قوم، فلا ينصرونه الا عمهم الله بعقاب.
كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ، اسم المؤلف: علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي الوفاة: 975هـ ، ج 12 ص 59 ، دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 1419هـ-1998م ، الطبعة: الأولي، تحقيق: محمود عمر الدمياطي ـ سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد، اسم المؤلف: محمد بن يوسف الصالحي الشامي الوفاة: 942هـ ، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1414هـ ، الطبعة: الأولي، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوضج 10، ص 89.
المنع من لعن يزيد و معاوية لماذا ؟!!
ابن عساكر فی هذا المجال (فی انه لماذا البعض لم یجوز لعن يزيد و معاوية؟) یقول هکذا:
قال وَكيع: معاوية بمنزلة حلقة الباب، من حرمه اتهمناه علي من فوقه.
مختصر تاريخ دمشق، ج 25، ص 75.
التفتازاني یقول هنا هکذا:
فإن قيل: فمن علماء المذهب من لم يجوز اللعن علي يزيد مع علمهم بأنه يستحق علي ما يربو علي ذلك ويزيد!! قلنا: تحاميا أن يرتقي إلي الأعلي فالأعلي.
شرح المقاصد، ج 5، ص 311، (تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة).
الآلوسي فی تفسيره یقول عن لعن يزيد هکذا:
«أعوذ بالله سبحانه من رأس الستين وإمارة الصبيان»، يشير إلي خلافة يزيد الطريد لعنه الله تعالي علي رغم أنف أوليائه لأنها كانت سنة ستين من الهجرة،
تفسير الآلوسي، ج 6، ص 192.
و موضع آخر یقول الآلوسي المفسر الکبیر عند اهل السنة فی لعن يزيد هکذا:
و علي هذا القول لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة وارتكابه الكبائر في جميع أيام تكليفه ويكفي ما فعله أيام استيلائه بأهل المدينة ومكة فقد روي الطبراني بسند حسن « اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل»... وقد جزم بكفره وصرح بلعنه جماعة من العلماء منهم الحافظ ناصر السنة ابن الجوزي وسبقه القاضي أبو يعلي، وقال العلامة التفتازاني: لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله تعالي عليه وعلي أنصاره وأعوانه، وممن صرح بلعنه الجلال السيوطي عليه الرحمة وفي تاريخ ابن الوردي.... وهذا كفر صريح فإذا صح عنه فقد كفر به ومثله تمثله بقول عبد الله بن الزبعري قبل إسلامه: ليت أشياخي الأبيات، وأنا أقول: الذي يغلب علي ظني أن الخبيث لم يكن مصدقا برسالة النبي صلي الله عليه وسلم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالي وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة علي عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر؛ ولا أظن أن أمره كان خافيا علي أجلة المسلمين،... ولو سلم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان، وأنا أذهب إلي جواز لعن مثله علي التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنه لم يتب، واحتمال توبته أضعف من إيمانه، ويلحق به ابن زياد. وابن سعد. وجماعة فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلي أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلي يوم الدين ما دمعت عين علي أبي عبد الله الحسين،... ولا يخالف أحد في جواز اللعن بهذه الألفاظ ونحوها سوي ابن العربي المار ذكره وموافقيه فإنهم علي ظاهر ما نقل عنهم لا يجوزون لعن من رضي بقتل الحسين رضي الله تعالي عنه، وذلك لعمري هو الضلال البعيد الذي يكاد يزيد علي ضلال يزيد.
تفسير الآلوسي، ج 26، ص 74.
الآيات الواردة فی موضوع اللعن:
فی الفقرة الاخیرة من هذا القسم، نذکر الآيات الواردة فی القرآن الكريم التی تشیر الی موضوع اللعن:
القرآن الكريم فی اکثر من 25 آیة یذکر اللعن من الله أو الملائکة أو المؤمنين للأعداء:
1 ـ إنّ الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيرا. الأحزاب (33)، آية 64.
2 ـ فنردها علي أدبارها أو نلعنهم كما لعنّا أصحاب السبت. النساء (4)، آية 38.
3 ـ فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم. المائدة (5)، آية 13.
4 ـ وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابا عظيما. النساء (4)، آية 93.
5 ـ لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا. النساء (4)، آية118.
6 ـ من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير و عبد الطاغوت. المائدة (5)، آیة 60.
7 ـ بل لعنهم الله بكفرهم. البقرة (2)، آیة 88.
8 ـ اولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا. النساء (4)، آیة 52.
9 ـ ولكن لعنهم الله بكفرهم. النساء(4)، آیة 46.
10 ـ وعد الله المنافقين والمنافقات... نار جهنم هي حسبهم ولعنهم الله. التوبة(9)، آیة 68.
11 ـ إنّ الذين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة. الاحزاب(33)، آیة 57.
12 ـ فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض و تقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمي أبصارهم. محمد (47)، آیة 22و23.
13 ـ و يعذب الله المنافقين والمنافقات... وغضب الله عليهم و لعنهم جهنم وسائت مصيرا. الفتح (48)، آیة 6.
14 ـ ملعونين اينما ثقفوا أخذوا وقتّلوا تقتيلا. الاحزاب (33)، آیة 61.
15 ـ إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدي من بعد ما بيّنّاه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. البقرة (2)، آیة 159.
16 ـ لعن الذين كفروا من بني اسرائيل علي لسان داود وعيسي بن مريم. المائدة (5)، آیة 78.
17 ـ وقالت اليهود يد الله مغلولة علت أيديهم ولعنوا بما قالوا. المائدة (5)، آیة 64.
18 ـ إنّ الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة. النور (24)، آیة 23.
19 ـ فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله علي الكافرين. البقرة (2)، آیة 89.
20 ـ إنّ الذين كفروا وماتوا وهم كفار اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين. البقرة (2)، آیة 161.
21 ـ فأذّن مؤذّن بينهم أن لعنة الله علي الظالمين. الاعراف (7)، آیة 44.
22 ـ ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين. آل عمران (3)، آیة 61.
23 ـ اولئك جزائهم أنّ عليهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين. آل عمران (3)، آیة 87.
24 ـ ألا لعنة الله علي الظالمين. هود (11)، آیة 18.
25 ـ ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار. الرعد (13)، آیة 25.
کذلک یقول فی نبی ابراهيم عليه السلام هکذا:
«قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمهمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّي تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ» الممتحنة (60)، آیة 4.
يحمد الله إبراهيم و شعبه على كرههم أعداء الله، و یجعلهم قدوة للمؤمنين.
لماذا یمنع السبّ و اللعن ليزيد؟
اکبر تبریر الذی یری فی منع السبّ و اللعن عن يزيد، هذا الکلام عن ابن كثير انه یقول:
« وَ قَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَ أَمْثَالِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى التَّرْخِيصِ فِي لَعْنَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَ هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَ ابْنُهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ و انتصر لذلك أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مُصَنَّفٍ مُفْرَدٍ، و جوز لعنته.
وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ آخَرُونَ وَصَنَّفُوا فِيهِ أَيْضًا لِئَلَّا يُجْعَلَ لَعْنُهُ وَسِيلَةً إِلَى أَبِيهِ أَوْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَحَمَلُوا مَا صَدَرَ عَنْهُ مِنْ سُوءِ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى أَنَّهُ تَأَوَّلَ وَأَخْطَأَ ... »
البداية والنهاية، ج 8، ص 245.
ومن هذا البيان یتضح فلسفة الحماية عن الصحابة جميعًا و من يُعرف بالصحابی، لأن في مظلة هذه الحماية الأعداء العنيدون المنافقون الذین قلوبهم مليئة بعداوة أهل البيت و بغضهم.
لذلك ، يجب الحفاظ عليهم حتى يضيء قلب الخلاف دائمًا و يحرم الناس من الوصول الی الحق.
من الجدیر للذکر، انه من أجل منع أعمال الشغب و الفتنة، و تحت ذريعة حفظ الدم و الممتلكات و الأصول و إنقاذ حياة النساء و الأطفال و غیرها، يمنعون أي حركة ثورية، حتى يتمكن الخليفة الفاسد و الظالم من فعل ما يشاء و ان يرتكب أي جريمة يريدها، و لكن لا يُسمح لأحد بانتقاد حكومته أو التعرض لها.
وقالوا: إنّه(يزيد) كان مع ذلك اماماً فاسقاً، والامام إذا فسق لا يعزل بمجرّد فسقه علي أصحّ قولي العلماء، بل، ولا يجوز الخروج عليه لما في ذلك من إثارة الفتنة، ووقع الهرج وسفك الدماء الحرام، ونهب الأموال، وفعل الفواحش مع النساء وغيرهن، وغير ذلك ممّا كان واحدة فيها من الفساد أضعاف فسقه كما جري ممّا تقدّم إلي يومنا هذا.
البداية والنهاية، ج 8، ص 245.
و بهذه البصيرة و التفكير، فإن أي حكومة تتشكل باسم الإسلام يجب أن تكون خالية من العدوان و المعارضة، و لا يحق للناس الاحتجاج أو الانتقاد، و إن كانت مبنية على القهر و الجريمة و القتل البتة هذا الکلام فی مجال الخلافة و الحكومة التي تدافع عن حرمة الإسلام و فقه السقيفة و لهذا حسب قول الذهبي:
كان (يزيد) ناصبيّاً فظّاً غليظاً جلفاً، يتناول المسكر ويفعل المنكر، افتتح دولته بقتل الحسين، وختمها بوقعة الحرّة.
سير أعلام النبلاء، الذهبي، ج 4، ص 37.
الآن لتوضيح حقيقة هذا البيان لابن كثير، سوف نعيد قراءة قضية يزيد البشعة:
شرب الخمر عن يزيد من طفوليته:
ابن كثير و آخرون ذکروا هذه الرواية:
كان يزيد بن معاوية في حداثته صاحب شرب.
البداية و النهاية، ج 8، ص228 ـ تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 65، ص 403
شرب الخمر عن یزید فی بلدة مدينة و فی العلن:
أثناء خلافة والده و أثناء الحج و بعد عودته إلى المدينة المنورة و بجوار مرقد و بيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، لم يرفع الید عن الاهانة لشرع الإسلام. عندما علم أن ابن عباس و حسين بن علي يعتزمان دخول منزله، يأمر بأخذ النبيذ.
عمر بن شيبة قال: لمّا حجّ الناس في خلافة معاوية جلس يزيد بالمدينة علي شراب، فاستأذن عليه ابن عبّاس والحسين بن عليّ، فأمر بشرابه فرفع.
تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 65، ص 406.
السند المذکور فی الذيل شاهد واضح الذی الانتباه الیه یعجب کل مسلم.
بعث (عثمان بن محمّد بن أبي سفيان، والي مدينة) إلي يزيد منها وفداً فيهم عبد اللّه بن حنظلة الغسيل الأنصاري، وعبد اللّه بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة الحضرمي، والمنذر بن الزبير، ورجال كثير من أشراف أهل المدينة، فقدموا علي يزيد، فأكرمهم وأحسن إليهم، وعظّم جوائزهم، ثمّ انصرفوا راجعين إلي المدينة، إلاّ المنذر بن الزبير، فإنّه سار إلي صاحبه عبيد اللّه بن زياد بالبصرة، وكان يزيد قد أجازه بمائة ألف نظير أصحابه من أولئك الوفد، ولمّا رجع وفد المدينة إليها، أظهروا شتم يزيد، وعيبه، وقالوا: قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، وتعزف عنده القينات بالمعازف.
وإنّا نشهدكم أنّا قد خلعناه، فتابعهم الناس علي خلعه، وبايعوا عبد اللّه بن حنظلة الغسيل علي الموت.
البداية والنهاية، ج 8، ص 235 و 236 ـ الكامل، ابن الأثير، ج 4، ص103 ـ تاريخ الطبري، ج 7، ص4.
كان اهتمام يزيد بالخمر بشکل حتی انه أمر بإعداد الأفضل له. ينقل الذهبي من زیاد الحارثي:
سقاني يزيد شراباً ما ذقت مثله، فقلت: يا أمير المؤمنين لم أُسلسل مثل هذا، قال: هذا رمّان حُلوان، بعسل اصبهان، بسكّر الأهواز، بزبيب الطائف، بماء بَرَدي.
سير أعلام النبلاء، ج 4، ص37.
يزيد رجل ينكح أمهات الأولاد، و البنات، و الأخوات، و يشرب الخمر، و يدع الصلاة:
عبدالله ابن حنظلة غسيل الملائكة یبین تأویله بعد لقائه مع يزيد هکذا:
ياقوم! فواللّه ما خرجنا علي يزيد حتّي خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء، أنّه رجل ينكح أمهات الأولاد، والبنات، والأخوات، ويشرب الخمر، ويدع الصلاة.
الطبقات الكبري، ابن سعد، ج 5، ص 66 ـ تاريخ مدينه دمشق، ج 27، ص 429 ـ الكامل، ج 3، ص310 ـ تاريخ الخلفاء، ص 165.
يزيد الخمور و يزيد القرود و يزيد الفهود الفاسق:
الجاحظ من العلماء الکبار عند اهل السنة یتکلم بعبارة تشبه النص المذکور هکذا:
ثم ولي يزيد بن معاوية يزيد الخمور ويزيد القرود ويزيد الفهود الفاسق في بطنه المأبون في فرجه... واما بنو أمية ففرقه ضلالة وبطشهم بطش جبرية يأخذون بالظنة ويقضون بالهوي ويقتلون علي الغضب.
البيان والتبيين، الجاحظ(255)، ج 1، ص 276.
يزيد الخمور، ويزيد الفجور، ويزيد الفهور ويزيد القرود، ويزيد الكلاب، ويزيد النشوات، ويزيد الفلوات:
کذلک البلاذري فی كتابه ینقل هکذا :
قال الواقدي و غيره في روايتهم: لما قتل عبد الله بن الزبير أخاه عمرو بن الزبير خطب الناس فذكر يزيد بن معاوية فقال: يزيد الخمور، ويزيد الفجور، ويزيد الفهور ويزيد القرود، ويزيد الكلاب، ويزيد النشوات، ويزيد الفلوات، ثم دعا الناس إلي اظهار خلعه وجهاده، وكتب علي أهل المدينة بذلك.
انساب الاشراف، البلاذري، (279)، ج 2، ص 191.
فلیبلغ الحاضر الغائب، الخليفة المأبون يعني يزيد:
الذهبي و بعض من کبار اهل السنة ذکروا فی يزيد هکذا:
خطبهم عبد الملك بمكة لما حج، فحدث أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبيه قال: خطبنا عبد الملك بن مروان بمكة، ثم قال: اما بعد، فإنه كان من قبلي من الخلفاء يأكلون من هذا المال ويؤكلون، وإني والله لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف، ولست بالخليفة المستضعف يعني عثمان ولا الخليفة المداهن يعني معاوية ولا الخليفة المأبون يعني يزيد وإنما نحتمل لكم ما لم يكن عقد راية. أو وثوب علي منبر، هذا عمرو بن سعيد حقه حقه وقرابته قرابته، قال برأسه هكذا، فقلنا بسيفنا هكذا، ألا فليبلغ الشاهد الغائب.
تاريخ الاسلام، الذهبي، ج 5، ص 325 ـ تاريخ مدينه دمشق، ج 37، ص 135ـ البيان والتبيين، الجاحظ(255)، ج 1، ص 334.
يزيد کان ناصبیا:
الذهبي، یعتبر يزيد ناصبيا يعني عدو اهل البيت عليهم السلام و یقول فیه هکذا:
و كان ناصبيا فظا غليظا جلفا يتناول المسكر و يفعل المنكر
سير أعلام النبلاء، ج 4، ص37.
يزيد ترك بعض الصلاة في بعض الأوقات:
الشخصية التي نناقشها ليست فقط غير مبالية بالخمر ، ولكن کانت کذلک بالنسبة للواجب الديني الأكثر أهمية، و هو الصلاة، و أحيانًا يقرأ و أحيانًا لا يقرأها. بعبارة أخرى، كان كسولاً في الصلاة.
و قد كان يزيد... فيه أيضاً إقبال علي الشهوات، و ترك بعض الصلاة في بعض الأوقات.
البداية والنهآیة، ابن كثير، ج 8، ص 252
کان یکسل فی صلاته و هی اهم الواجبات و کان ممن یترک الصلاة، الذین قال فیهم رسول الله ص هکذا:
سلّموا علي اليهود و النصاري و لاتسلّموا علي يهود أمّتي، قيل: و من يهود أمّتك قال: تارك الصلاة.
كشف الخفاء، ج 1، ص 455، رقم 1484.
لاأُبالي گري محض با عنوان خليفه پيامبر:
منذر بن زبير الذی اخذ من يزيد مأة الف درهم قال لمسلموا المدينة هکذا:
إنّ يزيد واللّه لقد أجازني بمائة ألف درهم وإنّه لايمنعني ما صنع إليّ أن أخبركم خبره وأصدّقكم عنه، واللّه إنّه ليشرب الخمر، وأنّه ليسكر حتّي يدع الصلاة. وعابه بمثل ما عابه به أصحابه الذين كانوا معه وأشدّ.
تاريخ الطبري، ج 4، ص 369 ـ تاريخ ابن اثير، ج 4، ص40 و 41 ـ تاريخ ابن كثير، ج 8، ص216 ـ العقد الفريد، ج 4، ص 388.
شخص آخر من هؤلاء یقول:
قال عبد الله بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي... إنّي لأقول هذا وقد وصلني وأحسن جائزتي، ولكنّ عدوّ اللّه سِكّير خِمّير.
الأغاني، ج 1، ص34.
هل مازال بالإمكان الدفاع عن يزيد و حكومته المزعومة و امتداح جرائمه؟؟
الامام الحسين عليه السلام فی القرآن و الحديث النبوي
من دون شكّ یوجد خلاف بين المسلمین فی المسائل الاعتقادية و الفقهية و الی الان هذا الخلاف موجود، لکن یوجد فی موضوع واحد اتفاق و وحدة رأی و هو فضل اهل البيت عليهم السلام حسب البعد العلمي و المعنوي.
يعني اهل بیت رسول اللّه صلي الله عليه و آله الذین منهم الامام الحسين عليه السلام هو من هؤلاء الخمسة الذین لهم ممیزات خاصة لم یحلی شخص غيرهم بهذه الممیزات.
بناء علی هذا فی هذا الفصل بالاستناد الی القرآن و الحديث نتعرض الی المرور علی هذه الممیزات:
الامام الحسين عليه السلام فی القرآن
بعض الممیزات للامام الحسين عليه السلام لها بعد ملكوتي و الهي:
الامام الحسين عليه السلام من اصحاب المباهلة:
فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَي الْكَـذِبِينَ.
آل عمران (3)، آیة 61.
الامام الحسين عليه السلام من الذین اذهب الله عنهم الرجس و من المطهّرين:
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا.
الاحزاب (33)، آیة 33.
الامام الحسين عليه السلام من ذوي القربي:
قُل لاَّ أَسْـَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي.
الشوري (42)، آیة 23.
الامام الحسين عليه السلام من الابرار:
تتحدث سورة الإنسان، عن أهل البيت الذين قدموا طعامهم للأيتام والفقراء والأسرى ، و ذکرت فی وصف الإمام و أهل البيت الآخرين (ع) هکذا:
إِنَّ الاْبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْس كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا.
الانسان (76)، آیة 5.
الامام الحسين عليه السلام فی الروايات النبویة
ما من أحد في المجتمع العربي مثل ابنی علي و فاطمة من حيث العظمة و الصفات الأخلاقية. لأن لهما سلفاً عظيماً كالنبي الخاتم صلی الله عليه و آله و أب مثل أمير المؤمنين علي عليه السلام و أم مثل السیدة فاطمة عليها السلام.
اعمش عن أبی جعفر المنصور و هو عن ابیه و ابیه عن جده و هو عن رسول الله صلي الله عليه و آله ینقل انه قال:
ألا أدلّكم علي خير الناس جدّاً وجدّةً؟ قالوا بلي يا رسول اللّه، قال: هذا الحسن والحسين جدّهما رسول اللّه سيّد المرسلين، وجدّتهما خديجة بنت خويلد سيّدة نساء العالمين. آیةا الناس! ألا أدلّكم علي خير الناس أباً واما؟ قالوا: بلي يا رسول اللّه، قال: هذا الحسن والحسين أبوهما عليّ بن أبي طالب أخو رسول اللّه، وأمهما فاطمة بنت رسول اللّه سيّدة نساء العالمين،...
مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 27 ـ المعجم الكبير، ج 1، ص129 ـ كنز العمّال، ج 6، ص221ـ تذكرة الخواص، ص 234.
بالإضافة إلى تفوق الإمام الحسين من حيث النسب، فإن أقوال النبي و أحاديثه تعبر أيضًا عن خصائص هاتين الذخيرتين و ريحانتی رسول الله، فنشير في هذا الباب و حسب الضرورة إلى بعض الأحاديث النبوية:
الف ـ حسين محبوب قلب النبی ص
أعظم الامتيازات هي محبة و حنان نبي الله ص للإمام الحسين (ع)، لأن حبه و صداقته يقومان على معايير إلهية.
انس بن مالك یقول:
سئل رسول اللّه صلي الله عليه و آله أيّ أهل بيتك أحبّ إليك قال: الحسن والحسين.
سنن الترمذي، ج 5، ص323، رقم 3861.
فی رواية اخری نقلت عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلّم انه:
قال رسول اللّه صلي الله عليه و آله: من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني، ومن أبغضهما فقد أبغضني.
مسند أبي هريرة، ج 11، ص 78.
ب ـ حسين سید شباب اهل الجنة
ومن فضائل المنحصرة للإمامین الحسن و الحسين (ع) انهما سیدا شباب اهل الجنة، و اشیر الیها في رواية متواترة عن النبی ص.
أبو سعيد الخُدري نقل عن رسول الله صلي الله عليه و آله انه قال:
الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة.
الطبقات الكبري، ج 8، ص30 ـ المعجم الكبير، ج 3، ص24 ـ تاريخ بغداد، ج 1، ص 40ـ المستدرك علي الصحيحين، ج 3، ص 167.
ج ـ العدواة مع الحسين هی العداوة مع النبی ص
نقلت کتب اهل السنة رواية عن النبی الاكرم صلّي الله عليه و آله وسلّم هکذا:
عن النبيّ صلي الله عليه و آله قال: من أحبّهما فقد أحبّني ومن أبغضهما فقد أبغضني.
المعجم الكبير، ج 3، ص40 ـ مجمع الزوائد، ج 9، ص180.
د ـ اذيّة اهل البيت آزار و اذيّة الله
ابوسعيد الخرجوشي المتوفي 409 هـ. ینقل عن الامام علي بن ابي طالب عليه السلام انه سمع عن رسول الله صلي الله عليه و آله هکذا:
من آذاني في أهل بيتي فقد آذي اللّه عزّ وجلّ، ومن أعان علي أذاهم وركن إلي أعدائهم فقد آذن بحرب من اللّه، ولانصيب له غداً في شفاعة رسول اللّه.
شواهد التنزيل، ج 2، ص93 ـ شرف المصطفي، باب 27.
هـ ـ تنبؤ النبی صلي الله عليه و آله عن استشهاد الامام الحسين عليه السلام
فی هذا المجال توجد روايات عدیدة فی النصوص و المصادر عند اهل السنة فلنذکر کم مثال:
1 ـ أبو عليّ بن عثمان بن السكن الحافظ قال:... عن أنس بن الحارث قال: قال رسول اللّه صلي الله عليه و آله: «إنّ ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق، فمن أدركه منكم فلينصره، فقتل أنس معه، يعني مع الحسين بن علي عليهما السلام».
التذكرة في أحوال الموتي وأمور الآخرة،شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري القرطبي، 671 هجري، وهو من علماء أهل السنة والكتاب من دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الأولي 1985 م.
2 ـ الامام أحمد في مسنده قال: حدّثنا مؤمّل قال: حدّثنا عمارة بن زاذان، حدّثنا ثابت، عن أنس، إنّ ملك المطر استأذن أن يأتي النبيّ صلي الله عليه و آله فأذن له، فقال لأمّ سلمة: «إملكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد، قال: وجاء الحسين ليدخل فمنعته، فوثب فدخل، فجعل يقعد علي ظهر النبيّ صلي الله عليه و آله وعلي منكبيه وعلي عاتقه، قال: فقال الملك للنبيّ صلي الله عليه و آله: أتحبّه؟ قال: نعم، قال: اما إنّ أمّتك ستقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، فضرب بيده، فجاء بطينة حمراء، فأخذتها أمّ سلمة فصرتها في خمارها». قال ثابت: بلغنا أنها من كربلاء.
التذكرة في أحوال الموتي وأمور الآخرة،شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري القرطبي، 671 هجري، وهو من علماء أهل السنة والكتاب من دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الأولي 1985 م. ص 404 و 405.
3 ـ الامام أحمد بن حنبل: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار عن ابن عباس قال: «رأيت رسول اللّه صلي الله عليه و آله نصف النهار أشعث أغبر، معه قارورة فيها دم يلتقطه ويتتبّعه فيها، قال قلت: يا رسول اللّه صلي الله عليه و آله! ما هذا؟ قال: دم الحسين وأصحابه، لم أزل أتّبعه منذ اليوم». قال عمّار: فحفظنا ذلك اليوم فوجدناه قتل ذلك اليوم.
التذكرة في أحوال الموتي وأمور الآخرة،شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري القرطبي، 671 هجري، وهو من علماء أهل السنة والكتاب من دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الأولي 1985 م.، ص 646.
د ـ بکاء النبی صلي الله عليه و آله لاستشهاد الامام الحسين عليه السلام:
لم یذکر التاريخ الا للامام الحسين عليه السلام انه فی لحظة ولادته، تبدل البکاء و العزا بدل الفرح، و هذه من عجائب حیاة آل الرسول الاكرم صلي الله عليه و آله و سلم؛
ذکر الخوارزمی هکذا:
قالت أسماء: فلمّا كان بعد حول من مولد الحسن ولدت الحسين فجاءني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال: يا أسماء! هاتي ابني، فدفعته إليه في خرقة بيضاء فأذّن في اذنه اليمنى و أقام في اليسرى، ثم وضعه في حجره و بكى، قالت أسماء: فقلت: فداك أبي و امّي! ممّ بكاؤك؟ قال: على ابني هذا، قلت: إنّه ولد الساعة، قال: يا أسماء! تقتله الفئة الباغية لا أنالهم اللّه شفاعتي، ثمّ قال: يا أسماء! لا تخبري فاطمة بهذا فإنّها قريبة عهد بولادته.
مقتل الخوارزمي، ج 1، ص 136 ـ ذخائر العقبي، ص 119.
وقال شرحبيل بن مدرك الجعفي عن عبد اللّه بن نجي عن أبيه: «أنّه سافر مع عليّ بن أبي طالب وكان صاحب مطهرته، فلمّا حاذوا نينوي وهو منطلق إلي صفّين نادي عليّ: صبراً أبا عبد اللّه، صبراً أبا عبد اللّه بشطّ الفرات. قلت: من ذا أبا عبد اللّه؟ قال: دخلت علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم وعيناه تفيضان فقلت: يا نبيّ اللّه! أغضبك أحد؟ قال: بلي، قام من عندي جبريل قبل فحدثني أنّ الحسين يقتل بشطّ الفرات، وقال: هل لك أن أشمّك من تربته؟ قلت: نعم، فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا».
البداية والنهاية، ج 8، ص 217.
كذلک وجود عشرات الروايات في الكتب الشيعية و السنية عن حداد و بكاء النبی ص لاستشهاد الإمام الحسين (ع) يثبت عظمة هذه الحادثة عند الرسول الأكرم.
نكت مهمّة:
المدافعون عن حكومة يزيد الاستبدادية و أتباعها، و لا سيما الوهابيون و محیو التقاليد الأموية بتجاهلهم الأحاديث و الروايات الواردة عن لسان النبي الأكرم في كتب السيرة والسنن و تشويه الحقائق و الوقائع التاریخیة لقد خانوا فلنشیر الی أهمها:
1 ـ لقد أخفوا مديح و شهادات و تأكيدات الرسول الكريم صلى الله عليه وآله و سلم التی كانت في تایيد أسلوب و طريقة ابنه سيد الشهداء، و نظرتهم الی الإمام مثل عامة الناس في زمن الرسول و غيره من الصحابة.
2 ـ أكبر خيانة تاريخية حدثت ضد الرسول و ابنه الإمام الحسين (ع) بتجاهل عشرات الأحاديث الصحيحة التي وردت فيها أنباء عن استشهاد الإمام الحسين و غضبه و سخطه على قتلة و مرتكبي واقعة كربلاء و علی العموم عرفوا هکذا أحاديث أنها لا قيمة لها أو غير صحيحة.
3 ـ يصرحون بأنهم من محبي العترة و ابناء علي و فاطمة، لكنهم غير صادقين في هذا الادعاء، لأنهم تجاهلوا معظم كلمات الإمام الحسين (ع) التي تعبر عن أهداف حركته الاحتجاجية و الثورية.
4 ـ تأثروا بأفكار النواصب الفاسدة الذين وضعوا عداوة آل بيت النبي على طاولة حياتهم، فقد أظهروا الكراهية و العداوة لأهل البيت عليهم السلام، و خاصة الإمام الحسين (ع) دفاعاً عن يزيد.
5 ـ متجاهلاً كلمات مجموعة من كبار اهل السنّة الذین تحدثوا كل منهم بطريقة عن الشخصية العلمية و المعنوية للإمام الحسين (ع)، و استشهد ببعض الكلمات و الكتابات التي لا قيمة لها و جعل الإمام فی مستوی الناس العاديين في ذلك الوقت.
6 ـ تلقوا الخلافة و الحكومة ليزيد على أنها خلافة دينية و قاموا بتبرير أفعاله من مختلف الأبعاد السياسية والاجتماعية.
7 ـ عرفوا حركة الإمام الحسين (ع) مخالفة للمسار الطبيعي و ان العامل لاستشهاد الامام عدم موقف صحیح للإمام علیه السلام.
الامام الحسين عليه السلام حسب رؤیة الصحابة و التابعين و علماء اهل السنّة
نظرا لمكانة العالیة للعترة في القرآن الكريم و كلام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، لم يبق مكان للاستشهاد بكلام الآخرين، و لكن لتعرف بعض القراء، علينا أن نشير إلى بعض عبارات أقوال الصحابة و التابعين و غيرها. لأنه لا يخلو من النفع و النعمة.
الناظر إلى وجه الحسين ينظر إلى وجه الرسول:
نقل عن جابر بن عبد اللّه الانصاري انه عند مرور الامام الحسين عليه السلام من مقابله و عدّة أخر قال: «من أحبّ أن ينظر إلي سيّد شباب أهل الجنّة فلينظر إلي هذا، سمعته من رسول اللّه صلي الله عليه و آله ».
البداية والنهاية، ج 8، ص 225.
السعادة لابن عباس:
و أخذ ابن عباس بركاب الحسن و الحسين " عليهما السلام " فعوتب في ذلك، فقيل له: أنت أسن منهما. فقال: «إنّ هذين ابنا رسول اللّه صلي الله عليه و آله ، أفليس من سعادتي أن آخذ بركابهما؟»
تاريخ ابن عساكر، ج 4، ص 322.
اقرار عمر بن الخطاب بعظمة و شرافة الامام الحسين عليه السلام :
قال عمر بن الخطّاب للحسين عليه السلام: «فإنّما أنبت ما تري في رؤو سنا اللّه ثمّ أنتم».
الإصابة، ج 1، ص 333.
اراقة دم الحسين عليه السلام و السؤال عن دم البعوض:
كنت شاهدا لابن عمر و سأله رجل عن دم البعوض فقال: ممن أنت؟ فقال: من أهل العراق فقال: أنظروا إلي هذا، يسألني عن دم البعوض و قد قتلوا ابن رسول اللّه صلي الله عليه و آله، وقد سمعت رسول اللّه صلي الله عليه و آله يقول: هما ريحانتاي من الدنيا.
تاريخ ابن عساكر، ج 4، ص 314.
اراقة دم الحسين عليه السلام و استحی من النبی ص:
ابراهيم النخعي یقول:
لو كنت فيمن قاتل الحسين ثمّ أُدخلت الجنّة لاستحييت أن أنظر إلي وجه رسول اللّه صلي الله عليه و آله.
الإصابة، ج 1، ص 335.
معاوية و الاعتراف بعظمة و سیادة الامام الحسين عليه السلام :
معاوية بهدف التفرقة و لعله بقصد الامتحان قال لعبد اللّه بن جعفر:
أنت سيّد بني هاشم، أجابه قائلاً: سيّد بني هاشم حسن وحسين.
الحسن بن عليّ، كامل سليمان، ص 173.
بکاء السماء علی الامام الحسين عليه السلام :
نقل عن ابن سيرين انه قال:
لم تبك السماء علي أحد بعد يحيي بن زكريّا إلاّ علي الحسين عليه السلام.
تاريخ ابن عساكر، ج 4، ص 339.
الامام الحسين عليه السلام حسب رؤیة ابن حجر:
ابن حجر یقول عن الامام الحسين عليه السلام هکذا:
الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشميّ أبو عبد اللّه المدنيّ سبط رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلّم وريحانته من الدنيا وأحد سيدي شباب أهل الجنّة.
تهذيب التهذيب، ج 2، ص 299.
ثم ابن حجر بعد نقل هذه الرواية یقول:
رواه الخطيب بسند صحيح إلي يحيي.
تهذيب التهذيب، ج 2، ص 299.
أحب الناس فی اهل السماء :
يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث قال:«بينما عبد اللّه بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة إذ رأي الحسين بن عليّ مقبلاً فقال: هذا أحبّ أهل الأرض إلي أهل السماء اليوم».
البداية والنهاية، ج 8، ص 226.
على الرغم من أن الكتب التاريخية خصصت صفحات لا تحصى، لرواية جرائم يزيد ضد أهل البيت (ع)، إلا أن شهرة قصة كربلاء قد اشتهرت في جميع المحافل و المجالس منذ نشأتها، و لكن للأسف توجد مجموعة لقد لجأوا إلى أي وسيلة و استخدموا أي طريقة تؤذي قلب أي مصاب للدفاع عنه.
الآن بحسب عناوين هذه المجموعة، ما التبرير المتبقي لقتلة الإمام الحسين (ع) و المدافعين عن خلافة يزيد؟
هل من العدل أن یقارنوا الإمام الحسين (ع) الذي له مكانة عظيمة عند رب العالمين و النبي و الأمة الإسلامية مع يزيد، أم - نعوذ بالله – یعتبروا المقصر هو الامام؟
هل لاحظوا جانب الامانة في نقل الأحداث التاريخية؟
من هو قاتل الامام الحسين عليه السلام؟!!
رغما علی وجود كل النصوص و العبارات الصريحة المذكورة في النصوص السابقة، التی کنور النهار واضحة، فإنها تحدد قاتل الإمام الحسين (ع)، ولكن مع ذلك ، لا يزال البعض يحاول على مواقعهم و كتبهم لمراوغة الناس و رشّ السموم. و اعتبروا هذه الجملة من الإمام الحسين (ع) في كتاب الارشاد للشيخ المفيد رحمه الله موجهة إلى شيعة ذلك الإمام و بهذا جعلوهم هم القتلة الحقيقيون لذلك الإمام. لذلك، من الضروري تقديم تفسيرات حول هذه المسألة.
و لو ان من خلال المناقشات السابقة اتضحت الإجابة على هذا السؤال. و مع ذلك، من باب الأهمية الخاصة لهذا النقاش، الذی أثير مؤخرًا من جانب العديد من مؤيدي الأمويين و الوهابية ، يتم فحصه في قسم منفصل.
حاول أنصار الأمويين ، في ذلك الوقت و بعد قرن من الزمان و حتى اليوم، تقديم حركة ذلك الإمام أنها نوع من التمرد و الشغب و الفتنة وإحداث الانقسام في الأمة و التمرد على الخلافة، و في قتله يكون الحق إلى جانب یزید أنه قتل متمردا ضد الخلافة المرکزیة. و في هذا الصدد، يستشهدون أيضًا بأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أمر بقتل من عكر وحدة الأمة، فيقولون: "يزيد قتل الحسين بسيف جده" أو بالاستناد الی بعض كتب علماء الشيعة و تفسيراتهم الناقصة و غير الصحيحة قد عرفوا أهل الكوفة على أنهم شيعة أمير المؤمنين و الإمام الحسين (ع) واعتبروا قتلة ذلك الإمام نفس هؤلاء.
علی سبیل المثال الفتوا الی موارد من اثارة الشبهة:
الامام الحسين عليه السّلام فی دعائه یخاطب من؟
احمد الكاتب و بعض آخر من اتباعه یقولون ان الامام الحسين عليه السّلام قال فی دعائه علی شیعته هکذا:
اللهم إن مَتَّعْتَهم إلي حين فَفَرِّقْهم فِرَقاً، واجعلهم طرائق قِدَداً، ولا تُرْضِ الوُلاةَ عنهم أبداً، فإنهم دَعَوْنا لِينصرونا، ثم عَدَوا علينا فقتلونا.
الإرشاد، الشيخ المفيد، ج 2، ص 110.
اعتذار الحكومة الإيرانية عن قتل الإمام الحسين (ع)!:
المجموعة المعنية انسجاما مع سياسة "الهروب إلى الأمام" في عداوتها الطويلة و كراهيتها لأسرة العصمة و النقاء، تحاول تبرئة نفسها من بعض الاتهامات من خلال طرح بعض الادعاءات. على سبيل المثال، انظر إلى التقرير التالي:
عدد من المصريين الذين يسمون أنفسهم "أشراف" بسبب نسبهم إلى أئمة الشيعة، طلبوا ضمن رسالة لإحدى الصحف المصرية، اعتذار الشيعة و الحكومة الإيرانية عن قتل الإمام الحسين (ع)!
و حسب تقریر "الخيمة"، فقد طلب هؤلاء أيضًا دفع أملاك "الخمس" و "الفیء" لهم. لقد وضع "الأشراف" أنفسهم في موضع أولیاء الدم و ذكروا في رسالتهم أنهم بصفتهم "الأشراف" (أي ما يعادل السيد) یعتبرون الشيعة هم المسؤولون عن قتل الإمام الحسين (ع).
و قال رئيس الجماعة في رسالته: "هناك أدلة قاطعة على أن أسلاف الشيعة الحاليين المشتتين في العراق و إيران هم نفس الذين قتلوا [الإمام] الحسين (عليه السلام) في الحرب. كما تشير الروايات الشيعية إلى هذه الجريمة بصراحة."
كما أن هذا الشخص، باستشهاده بروايات علماء الشيعة و نقلا عن الأئمة في إدانة الكوفيین، افترض أن هذه الإدانات موجهة للشيعة.
و بالطبع كشف كاتب هذا المقال عن هويته و دوافعه في القريب العاجل و في نفس الرسالة، و دعا جميع أحفاد الإمام الحسين (ع) إلى الانتقام من الشيعة اليهود بالاتحاد.
و على الرغم من أن أهل السنة لا يصححون وجوب الخمس إلا في غنائم الحرب، إلا أن هؤلاء طلبوا من شيعة قم و النجف و مناطق أخرى رجوع الممتلكات التي تم الحصول عليها عن طريق الخُمس و ممتلكات أخرى مملوكة شرعاً للأئمة.
موقع خيمه للاخبار
5 آبان 1387 ساعت 14:03
قتل الامام الحسين عليه السلام بالسیف ...
ابن العربي (قاضي ابوبكر محمد بن عبد اللَّه ابن العربي المالكي) المتوفی 543 هـ. ق. صاحب كتاب «العواصم من القواصم» لاحظ أنه لا ينبغي الخلط بينه و بين الصوفي ابن العربي الشهير الذي يأتي في النصوص الفارسية بدون ألف ولام. وعلى الرغم من أن شخصيته و أفكاره قابلة للنقد و الخلاف في مكانها، إلا أنه كان محبا لأهل البيت عليهم السلام.) وهو الذي اشتهر بنصرة الأمويين و البغض و العداوة لأهل البيت. قال لتنقية ساحة يزيد من دم الإمام الحسين (ع):
«انّ يزيد قتل الحسين بسيف جده»
المناوي، محمد بن عبد اللَّه، فيض القدير شرح الجامع الصغير، تحقيق احمد عبد السلام، ج: 1 ص: 265، دارالكتب العلمية، چاپ اول 1415ق، بيروت. همچنين ر. ك. خلاصة عبقات الانوار، مير سيد حامد حسين النقوي، تلخيص الميلاني، ج: 4 ص 237 و 238، مؤسسة البعثة قم 1406.
فكما قلنا في النقاشات السابقة: إن أمثال ابن حجر الهيثمي و محمد كرد علي و تقي الدين ابن الصلاح و الغزالي و ابن العربي و ابن تيمية و غیرهم و هم من شيوخهم و أسلافهم، يثيرون هذه الشبهات بعبارة أخرى.
راجع الی: الفتاوي الحديثية، ص193. و: رساله ابن تيمية: السؤال عن يزيد بن معاويه ص 14 و 15 و 17، و كتاب العواصم من القواصم من ابن العربي ص 232 و233 و إحياء علوم الدين للغزالي، ج 3، ص 125 و الاتحاف بحب الأشراف، ص67 و 68 و الصواعق المحرقة، ابن حجر، ص 221 و خطط الشام، ج 1، ص 145 و قيد الشريد، ص 57 و 59.
المخالفة مع يزيد ... !!!
محمد الخضري یقول هکذا:
الحسين أخطأ خطأ عظيماً في خروجه هذا الذي جر علي الأمة وبال الفرقة، وزعزع ألفتها إلي يومنا هذا...
محاضرات في تاريخ الأمم الإسلامية، ج 2، ص 129.
محمد أبو اليسر العابدين، مفتي الشام قال هکذا:
بيعة يزيد شرعية، ومن خرج عليه كان باغياً.
اغاليط المؤرخين، ص 120.
يزيد مجتهد و امام !!!
ابو الخير الشافعي القزويني، یصف يزيد فی عمله هکذا: «إماماً مجتهداً»
تراجم رجال القرنين السادس والسابع، ص 6.
بل ادعی البعض ان يزيد من الصحابة، و من خلفاء الراشدين المهديين أو من الأنبياء.
راجع منهاج السنة، ابن تيمية، ج 4، ص 549 و بعدها.
و ردًا على هذه المجموعة من الناس نقول:
الف: عدم مشروعية خلافة يزيد حسب شهادة جمع كثير من الصحابة
عندما یکون الإمام الحسين (ع) من أعظم صحابة رسول الله ص،و بقیة صحابة رسول الله في عهد يزيد و هم أهل الحل و العقد فی الأمة رفضوا إمارة يزيد و اعتبروه شخصًا فاسقا فاجرا و سكيرًا و نحوه ( وردت مصطلحاتها التاريخية في بداية هذه الدراسة). لذلك ، لم يبق مكان لتبرير حكم و خلافة يزيد غير الشرعيين حتى يمكن تسمية الإمام الحسين (ع) بالمتمرد عليه.
بهذا التفصيل، يتم التشكيك في مبدأ شرعية خلافة يزيد و كشف بطلان كلام من اعتبروا الإمام الحسين (ع) خرج عن القانون ضد يزيد.
ب ـ صدور الامر من جانب يزيد لقتل الامام الحسين عليه السلام
في شرح أن يزيد هو قاتل الإمام الحسين (ع) ليس من الضروري أن يكون هو نفسه القاتل المباشر لذلك الإمام. بل إذا اعتبر كل الحكام و القادة التابعين له رعايا في تنفيذ أوامر و قرارات الحكومة و نسبة هزيمتهم و انتصارهم إلى يزيد، فلا مجال لتبرير يزيد من هذا العمل. بمعنى: يزيد بن معاوية قاتل الإمام الحسين (ع) بسيف ابن زياد و شمر و عمر بن سعد.
فی هذا المجال یمکن لنا الاشارة الی هذه الطائفة من روايات التاريخ:
یقول الذهبي هکذا:
خرج الحسين إلي الكوفة، فكتب يزيد إلي واليه بالعراق عبيد الله بن زياد: إن حسينا صائر إلي الكوفة، وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان، وبلدك من بين البلدان، وأنت من بين العمال، وعندها تعتق أو تعود عبدا. فقتله ابن زياد وبعث برأسه إليه.
و ایضا یقول السيوطي هکذا:
فكتب يزيد إلي واليه بالعراق، عبيد الله بن زياد بقتاله.
تاريخ الخلفاء، ص 193، طبعة دار الفكر سنة 1394 هـ. بيروت.
ابن زياد یقول لمسافر بن شريح اليشكري هکذا:
أما قتلي الحسين، فإنه أشار علي يزيد بقتله أو قتلي، فاخترت قتله.
الكامل في التاريخ، ج 3، ص 324.
کتب ابن زياد رسالة الی الامام الحسين عليه السلام هکذا:
قد بلغني نزولك كربلاء، وقد كتب إلي أمير المؤمنين يزيد: أن لا أتوسد الوثير، ولا أشبع من الخمير، أو ألحقك باللطيف الخبير، أو تنزل علي حكمي، وحكم يزيد، والسلام.
بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 44، ص 383 ـ مقتل العوالم، ص 243 ـ الفتوح، ابن أعثم، ج 3 و ج 5، ص 85.
اليعقوبي یقول: کتب يزيد رسالة الی ابن زياد هکذا:
قد بلغني: أن أهل الكوفة قد كتبوا إلي الحسين في القدوم عليهم، وأنه قد خرج من مكة متوجهاً نحوهم، وقد بلي به بلدك من بين البلدان، وأيامك من بين الأيام، فإن قتلته، وإلا رجعت إلي نسبك وأبيك عبيد، فاحذر أن يفوت.
تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 242، طبعة صادر. كتاب الفتوح.
و ذکر فی موضع آخر هکذا:
إن يزيد قد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر علي الحاج، وولاه أمر الموسم، وأوصاه بالفتك بالإمام الحسين عليه السلام، أينما وجد.
المنتخب، الطريحي، ج 3، ص 304، الليلة العاشرة.
ذکر فی بعض التواريخ ان يزيد کتب الی وليد بن عتبة هکذا:
خذ الحسين وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمان بن أبي بكر، وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً، ومن أبي فاضرب عنقه، وابعث إلي برأسه.
مقتل الحسين للخوارزمي، ج 1، ص 178 و 180 ـ مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 88 طبعة مكتبة المصطفوي ـ قم ـ إيران ـ الفتوح، ابن أعثم، ج 5، ص 10.
و حسب تقریر اليعقوبي:
إذا أتاك كتابي، فاحضر الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، فخذهما بالبيعة، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما، وابعث إليّ برأسيهما، وخذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فانفذ فيه الحكم وفي الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير والسلام.
تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 241.
يزيد کتب الی عامله فی المدينة هکذا:
وعجل علي بجوابه، وبين لي في كتابك كل من في طاعتي، أو خرج عنها، وليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي.
ألامالي، الشيخ الصدوق، ص 134 و 135 سنة الطبعة 1389 نجف أشرف عراق ـ بحار الانوار، ج 44، ص 312.
ذکر فی فقرة اخری ان وليد بن عتبة اطلع يزيد ما جری بينه و الامام الحسين عليه السلام و ابن زبير فغضب يزيد و کتب الیه هکذا:
إذا ورد عليك كتابي هذا، فخذ بالبيعة ثانياً علي أهل المدينة بتوكيد منك عليهم، وذر عبد الله بن الزبير، فإنه لن يفوتنا، ولن ينجو منا أبداً ما دام حياً، وليكن مع جوابك إلي، رأس الحسين بن علي، فإن فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنة الخيل، ولك عندي الجائزة والحظ الأوفر الخ.
الفتوح، ابن أعثم، ج 3، جزء 5، ص 18.
ابن عساكر یقول:
بلغ يزيد خروجه، فكتب إلي عبيد الله بن زياد، وهو عامله علي العراق، يأمره بمحاربته، وحمله إليه إن ظفر به.
تاريخ دمشق، ج 14، ص 213 ـ و فی حاشيه بغية الطالب، ج 6، رقم 2614.تاريخ دمشق، ج 14، ص 213 ـ و فی حاشيه بغية الطالب، ج 6، رقم 2614.
و عشرات و مئات النصوص و الوثائق الأخرى ، بعضها ورد ذكرها في هذا القسم و كذلك في بداية البحث ؛ كل منها يمكن أن تکون في حد ذاتها أفضل دليل لإثبات أن يزيد كان قاتلاً.
و الآن نسأل هل الأمر بالقتال و القتل و قطع رأس الإمام الحسين (ع) صادر عن غير يزيد ؟!
و من ناحية أخرى، حسب الفرض لو کانت هذه الدعوی بأن يزيد لم يأمر بقتل الإمام الحسين (ع) صحيحة، لكان من الضروري ذكر عكس ذلك ، كما ورد في النصوص السابقة، للأمر بقتل ذلك الإمام. أو بعد هذه الحادثة - على الأقل - توبيخ و معاقبة العملاء في هذه الواقعة مثل: ابن زياد و عمر بن سعد و شمر بن ذي الجشن و غیرهم- لعنهم الله - ممن شاركوا في هذا الأمر.
و إذا لم يكن يزيد قاتلاً أو لم يكن راضياً عن هذا الفعل، فعلى الأقل ان یردع عمل السفيانية من أهل دمشق الذين استقبلوا أسرى قافلة كربلاء بالدف و الطنابیر و الفرح و الركل، و یمنعهم من ذلك!
الجواب عن دعوة الامام الحسين عليه السلام
مع الالتفات الی الاشكال الذی ينشره البعض ضد الشيعة هذه الأيام بشکل واسع و یقدمه على أنه صرح الإمام الحسين (ع) بأن الشيعة هم القتلة في حادثة كربلاء، فلنتعرض الی إجابة تفصيلية لهذا الجزء من الاشكال المذكور:
من هم الشيعة؟
هناك تناقض واضح في الاعتقاد بأن الشيعة قتلوا الإمام الحسين (ع). لأن الشيعة یعنی الصديق و الداعم و التابع و الصديق للإنسان أيضًا، و لكن وصف القاتل و العدو الذی یقف في صفوف الجيش المقابل بأنه شيعي هو كلام واضح البطلان. والآن بهذا الوصف كيف يمكن للمرء أن يجمع بين الحب و العون و الطاعة و الحرب و العداوة؟! وإذا أردنا تسمیة أهل جيش عمر بن سعد و عبيد الله بن زياد بالشيعة فماذا نسمي أصحاب ذلك الإمام الذين وقفوا بجانب ذلك الإمام حتى اللحظة الأخيرة و ماتوا و استشهدوا فی هذه الطريقة؟ !!
وإذا استسلمنا على الفرض و قبلنا الادعاء بأن قتلة الإمام الحسين (ع) كانوا من الشيعة ، فيقال: هؤلاء هم الشيعة الذین رجعوا من الشيعة و انضموا إلى أعداء ذلك الإمام، و في هذه الحالة مثل هذا الشخص لا يسمى شيعيا، لكن تعبير العدو أنسب له.
فی هذا المجال یوجد كلام یجدر بالذکر و هو کلام السيد محسن الامين فی كتاب اعيان الشيعة:
حاش لله أن يكون الذين قتلوه هم شيعته، بل الذين قتلوه بعضهم أهل طمع لا يرجع إلي دين، وبعضهم أجلاف أشرار، وبعضهم اتبعوا روءساءهم الذين قادهم حب الدنيا إلي قتاله، ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد، أما شيعته المخلصون فكانوا له أنصاراً، و ما برحوا حتي قتلوا دونه، ونصروه بكل ما في جهدهم، إلي آخر ساعة من حياتهم، و كثير منهم لم يتمكن من نصرته، أو لم يكن عالماً بأن الأمر سينتهي إلي ما انتهي إليه، وبعضهم خاطر بنفسه، وخرق الحصار الذي ضربه ابن زياد علي الكوفة، وجاء لنصرته حتي قتل معه، أما ان أحداً من شيعته ومحبيه قاتله فذلك لم يكن، وهل يعتقد أحد إن شيعته الخلص كانت لهم كثرة مفرطة؟ كلا، فما زال أتباع الحق في كل زمان أقل قليل، و يعلم ذلك بالعيان، و بقوله تعالي: «و قليل من عبادي الشكور».
أعيان الشيعة، ج 1، ص 585.
هوية الكوفيین فی زمن الامام الحسين عليه السلام :
من الصحيح أن من أتوا إلى كربلاء لقتل الإمام الحسين (ع) كانوا من اهل الكوفة، لكن في ذلك الوقت لم يكن في الكوفة شيعي مشهور بتشيعه. لأنه عندما تولى معاوية الحكم حكم زياد بن أبیة الكوفة و قام بمطاردة أي شيعي يعرفه و قتلهم أو نهبهم أو اعتقلهم و سجنهم حتى لم يكن في مدينة الكوفة من يعرف بالشيعة.
لذلك في الواقع، و بحسب المصادر التاريخية، فإن الشيعة في الكوفة يشكلون نسبة صغيرة فقط من سكان الكوفة البالغ عددهم 15 ألف نسمة. تم نفي أو سجن العديد منهم في زمن معاوية و استشهد الكثير منهم. كما لجأ الكثير منهم إلى مدن أخرى مثل الموصل و خراسان و قم بسبب العديد من المشاكل. أراد الكثير منهم، مثل بني غاضرة ، الإسراع في مساعدة الإمام، لكن تم منعهم بید جنود عبيد الله بن زياد.
ابن أبي الحديد المعتزلي یقول هنا هکذا:
كتب معاوية نسخة واحدة إلي عُمَّاله بعد عام المجُاعة: (أن برئت الذمّة ممن روي شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته). فقامت الخطباء في كل كُورة وعلي كل منبر يلعنون عليًّا ويبرأون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاءاً حينئذ أهل الكوفة لكثرة ما بها من شيعة علي عليه السلام، فاستعمل عليهم زياد بن سُميّة، وضم إليه البصرة، فكان يتتبّع الشيعة وهو بهم عارف، لأنه كان منهم أيام علي عليه السلام، فقتلهم تحت كل حَجَر ومَدَر وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسَمَل العيون وصلبهم علي جذوع النخل، وطردهم وشرّدهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.
شرح نهج البلاغة، ج11، ص 44 ـ النصايح الكافية، محمد بن عقيل، ص 72.
الطبراني فی المعجم الكبير بسنده عن يونس بن عبيد عن الحسن ینقل هکذا:
كان زياد يتتبع شيعة علي رضي الله عنه فيقتلهم، فبلغ ذلك الحسن بن علي رضي الله عنه فقال: اللهم تفرَّد بموته، فإن القتل كفارة.
المعجم الكبير، الطبراني، ج 3، ص 68 ـ مجمع الزوائد، الهيثمي، ج 6، ص 266.
الهيثمي بعد نقل هذا الخبر یقول:
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
کذلک الذهبي فی سير أعلام النبلاء یقول:
قال أبو الشعثاء: كان زياد أفتك من الحجاج لمن يخالف هواه.
حسن البصري یقول:
بلغ الحسن بن علي أن زياداً يتتبَّع شيعة علي بالبصرة فيقتلهم، فدعا عليه. وقيل: إنه جمع أهل الكوفة ليعرضهم علي البراءة من أبي الحسن، فأصابه حينئذ طاعون في سنة ثلاث وخمسين.
سير أعلام النبلاء، ج 3، ص496.
ابن أثير فی الكامل یقول:
وكان زياد أول من شدد أمر السلطان، وأكّد الملك لمعاوية، وجرَّد سيفه، وأخذ بالظنة، وعاقب علي الشبهة، وخافه الناس خوفاً شديداً حتي أمن بعضهم بعضاً.
الكامل في التاريخ، ابن اثير، ج 3، ص450.
ابن حجر فی لسان الميزان یقول:
وكان زياد قوي المعرفة، جيد السياسة، وافر العقل، وكان من شيعة علي، وولاَّه إمرة القدس، فلما استلحقه معاوية صار أشد الناس علي آل علي وشيعته، وهو الذي سعي في قتل حجر بن عدي ومن معه.
لسان الميزان، ابن حجر، ج 2، ص 495.
اتضح من كل النقاشات السابقة أنه في وقت حادثة كربلاء لم يكن هناك شيعي معروف في الكوفة أراد المشاركة في الحرب ضد الإمام الحسين (ع)، فكيف يمكن الادعاء بأن شيعة الكوفة هم قتلة الإمام الحسين (ع)؟
ولا يستطيع مراقب عادل أن يقول: إن الشيعة هم الذين كتبوا رسالة إلى الإمام الحسين (ع) ودعوه ، لأن أشهر مؤلفي الرسالة هم: شبث بن الربعي ، و حجار بن أبجر ، و عمرو بن الحجاج و غیرهم و لم يقل أحد هؤلاء كانوا من الشيعة.
تغيير هوية الكوفيین من زمن الخلفاء الثلاثة:
نرى العديد من الروايات و الكلمات التاريخية التي تدل بوضوح على أنهم كانوا من اتباع الخلفاء الذین کانوا قبل أمير المؤمنين علي (ع) و منها نشیر الی القصة التالية التي رواها كثير من مؤلفي الكتب التاريخية:
وقد روي : أن عمر خرج في شهر رمضان ليلا فرأي المصابيح في المسجد ، فقال : ما هذا ؟ فقيل له: إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوع ، فقال : بدعة فنعمت البدعة ! فاعترف كما تري بأنها بدعة، وقد شهد الرسول صلي الله عليه وآله أن كل بدعة ضلالة . وقد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماما يصلي بهم نافلة شهر رمضان ، زجرهم وعرفهم أن ذلك خلاف السنة فتركوه واجتمعوا لأنفسهم وقدموا بعضهم فبعث إليهم ابنه الحسن عليه السلام فدخل عليهم المسجد ومعه الدرة فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا وا عمراه !
شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد من علماء اهل السنة، ج 12، ص 283 ـ وسائل الشيعة (الإسلامية) المرحوم الحر العاملي من علماء الشيعة، ج 5، ص 192، ح 2.
و انتشرت هذه القصة لدرجة أن الإمام قال في خطبة مفصلة: كنت خائفًا من انتفاضة عامة و انهيار الحكومة الإسلامية في الكوفة!!! وهذا يدل على أن معظم أهل الكوفة كانوا من أنصار الخليفة الثاني، و هذا يتناقض مع حقيقة أن أهل الكوفة كانوا من الشيعة قبل سنوات من وقوع كربلاء.
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسي، عن إبراهيم بن عثمان، عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثني عليه ثم صلي علي النبي صلي الله عليه وآله، ثم قال... قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلي الله عليه وآله متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده مغيرين لسنته ولو حملت الناس علي تركها وحولتها إلي مواضعها وإلي ما كانت في عهد رسول الله صلي الله عليه وآله لتفرق عني جندي حتي أبقي وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلي الله عليه وآله ... والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادي بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الاسلام غيرت سنة عمر ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلي النار.
الكافي، الشيخ الكليني، ج 8، ص 58، ح 21
وكما جاء في هذه الرواية الصحيحة، فقد اعتبر الإمام في عصره الشيعة أقلية الكوفة !!!
الكوفة خالية من الشيعة:
و يمكن مشاهدة أسماء أشهر الأشخاص المذكورين في سجل قتلة الإمام الحسين (ع)
عمر بن سعد بن أبي وقاص ، شمر بن ذي الجوشن ، شبث بن الربعي ، حجار بن أبجر ، حرملة بن كاهل ، سنان ، و ... .
و في خلال ذلك، لا يمكن للمرء أن يجد حتى شخصًا واحدًا يعرف باسم شيعة أهل البيت عليهم السلام. و جميع الأشخاص المذكورين أعلاه ليسوا معروفين بالشيعة و لا من رعاة و أصدقاء أمير المؤمنين (ع).
الكوفة مقرّ الحنفية:
و عندما نواجه عبارة في الكتب الإسلامية و الفقهية أن "هذا رأي الكوفي" تعني: هذا رأي أتباع أبي حنيفة. و هذا يدل على أنه بعد سنوات قليلة من استشهاد الإمام الحسين (ع)، أصبحت الكوفة مركز الحنفية، و هذا يتناقض مع حقيقة أن معظم سكان هذه المدينة هم من الشيعة في الماضي.
القتلة من شيعة آل ابي سفيان!
بعد الكثير من الفحص و المتابعة في كلام و أوامر الإمام الحسين (ع) في كربلاء و خطبته عن هؤلاء الناس و جريمة عملهم و احتجاجه ضدهم، لم نتوصل إلى تفسير أنهم من شيعته أو أتباعه. أو من شیعة أبوه الكريم أمير المؤمنين (صلى الله عليه وسلم)، و ان كان ذلك مناسباً، فلو كان الأمر كذلك ، كان يخاطبهم كطريقة تزيد من احتمالية التأثير في قلوبهم بالتفسير التالي: أنتم الشيعة، أنتم العشاق و أتباع والدي أو أنا ، فلماذا أردتم أن تتشاجروا معي بهذا الشكل؟ إن مثل هذه الكلمة لم تُرَ أو تُسمع بألفاظ و تفسيرات لغير الإمام الذي وصف تلك الجماعة بهذا التفسير. و هذا دليل واضح على أن هؤلاء ليسوا من شیعة أهل البيت عليهم السلام.
بل على العكس، في التفسير الذي أعطاه الإمام للمجرمين في اللحظات الأخيرة، يثبت أمرًا آخر.
الامام الحسين عليه السلام فی یوم عاشوراء یعرفهم بتعبير شيعة آل أبي سفيان هکذا:
و يحكم يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلي أحسابكم إن كنتم عُرُباً كما تزعمون.
مقتل الحسين، الخوارزمي، ج 2، ص 38 ـ بحار الأنوار، ج 45، ص 51 ـ اللهوف في قتلي الطفوف، ص 45.
التعابير المستعملة من جانب القتلة:
من التعابیر المستخدمة في يوم عاشوراء الموجهة إلى الإمام الحسين (ع) ، يمكن أن نفهم جيدًا أن هذه المجموعة كانت من أي مجموعة عرقية و نسيج؟ من شيعة ذلك الإمام أم من ألد أعدائه؟ !!
خاطبه قتلة ذلك الإمام في ذلك اليوم فقالوا:
هذه حربنا و قتالنا معك من العداء و العداوة مع والدك علي بن أبي طالب.«إنما نقاتلك بغضاً لأبيك»
ينابيع المودة، القندوزي الحنفي، ص 346.
و الآن بهذا التفسير کیف يمكن القول إن قتلة ذلك الإمام يوم عاشوراء هم شيعة أمير المؤمنين و الإمام الحسين (ع).
أو نرى البعض الآخر الذي وجه هذا التعبير إلى الإمام الحسين (ع):
يا حسين، يا كذّاب ابن الكذّاب.
الكامل، ابن أثير، ج 4، ص 67.
و فی موضع آخر قالوا خطابا للامام الحسين عليه السلام هکذا:
يا حسين أبشر بالنار.
الكامل، ابن أثير، ج 4، ص66 ـ البداية والنهاية، ج 8، ص 183.
شخص آخر قال خطابا الی الامام الحسين عليه السلام و اصحابه هکذا:
إنها(الصلاة) لا تُقْبَل منكم.
البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص 185.
و العديد من الجمل و العبارات الأخرى التي تفيد الحق و البغضاء و العداوة لأمير المؤمنين و الإمام الحسين (ع) و أهل البيت (ع).
الاعمال و الجنايات، تبین هوية القاتلین:
لم يكن هؤلاء من الشيعة و أتباع الإمام الحسين (ع) فحسب، بل كانوا أيضًا ألد أعداء هذا الإمام، لأنهم حرموه هو و عائلته و حتى طفله الرضيع من رشفة ماء، و مع ذلك قتلوا و داسوا جثث الشهداء و قطعوا رؤوس الجثث و أسروا زوجات و أبناء الإمام و نهبوا أموالهم و عشرات الجرائم الأخرى التي لم تتوقع هي من ألد أعداء الأعداء ؛ ناهيك عن أن هذه الأعمال اخترقها الشيعة.
ابن أثير فی تاريخه یقول:
ثم نادي عمر بن سعد في أصحابه مَن ينتدب إلي الحسين فيُوطئه فرسه، فانتدب عشرة، منهم إسحاق بن حيوة الحضرمي، وهو الذي سلب قميص الحسين، فبرص بعدُ، فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتي رضّوا ظهره وصدره.
الكامل، ابن أثير، ج 4، ص80.
هو یقول فی موضع آخر هکذا:
وسُلِب الحسين ما كان عليه، فأخذ سراويله بحر بن كعب، وأخذ قيس بن الأشعث قطيفته، وهي من خز، فكان يُسمَّي بعدُ (قيس قطيفة)، وأخذ نعليه الأسود الأودي، وأخذ سيفه رجل من دارم، ومال الناس علي الورس والحلل فانتهبوها، ونهبوا ثقله وما علي النساء، حتي إن كانت المرأة لتنزع الثوب من ظهرها فيؤخذ منها.
الكامل، ابن أثير، ج 4، ص 79.
ابن كثير ینقل عن أبی مخنف هکذا:
وأخذ سنان وغيره سلبه، وتقاسم الناس ما كان من أمواله وحواصله، وما في خبائه حتي ما علي النساء من الثياب الطاهرة.
وجاء عمر بن سعد فقال: ألا لا يدخلن علي هذه النسوة أحد، ولا يقتل هذا الغلام أحد، ومن أخذ من متاعهم شيئاً فليردّه عليهم. قال: فوالله ما ردَّ أحد شيئاً.
البداية والنهاية، ابن كثير، ج 8، ص190.
الآن و بهذه الأفعال و السلوكيات التي لا يصيبها أحد سوى عدو انتقامي شرير و دنيء و أشد عدائية، لا يزال بإمكاننا أن نقول: قتلة ذلك الإمام كانوا من الشيعة؟!
اسماء هؤلاء الاشخاص تبین هوية القاتلین:
إذا لم يقبل أحد الأسباب المذكورة حتى الآن في عدم تشيع الموجودين في كربلاء و أصر على أنهم من الشيعة، فماذا يريد أن يقول عن القادة و الحكام الذين تسببوا هذه الحادثة و أسسوها؟! و هل الذين تذکر أسماؤهم فی الأدنی هم من الشيعة و محبي أمير المؤمنين (ع) و الإمام الحسين (ع)؟!! اشخاص مثل:
يزيد بن معاوية ـ عبيد الله بن زياد ـ عمر بن سعد ـ شمر بن ذي الجوشن ـ قيس بن أشعث بن قيس ـ عمرو بن حجاج الزبيدي ـ عبد الله بن زهير الأزدي ـ عروة بن قيس الأحمسي ـ شبث بن الربعي اليربوعي ـ عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي ـحصين بن نمير ـ حجار بن أبجر.
كما أن آخرين وردت أسماؤهم فی ألذیل و دخلوا المشهد مباشرة أثناء حدث كربلاء و فی استشهاد ذلك الإمام و اصحابه اشخاص مثل:
سنان بن أنس النخعي ـ حرملة كاهلي ـ منقذ بن مره العبدي ـ أبو الحتوف الجعفي ـ مالك بن نسر الكندي ـ عبد الرحمن الجعفي ـ قشعم بن نذير الجعفي ـ بحر بن كعب بن تيم الله ـ زرعة بن شريك التميمي ـ صالح بن وهب المري ـ خولي بن يزيد الأصبحي ـ حصين بن تميم و غيره...
بمراجعة حوادث كربلاء فی یوم عاشوراء تثبت صحة ما ادعیناه.
قول يزيد فی هوية القاتلین:
يزيد بن معاوية نفسه ، الذي رأى رأس السهم في وجهه ، لم يقل قط: الشيعة هم الذين قتلوا الحسين. و مع ذلك ، إذا كانت هذه الكذبة هي الأقل شراءًا في ذلك الوقت، فلن يتردد في إخبارها للحظة. بل حمل مسؤولية استشهاد الإمام الحسين (ع) على عبيد الله بن زياد، والي الكوفة. لعله يخفف من وطأة الخزي و الذنوب بهذه الوسيلة.
ابن كثير و الذهبي و غيرهما کتبوا هکذا:
لما قتل عبيدُ الله الحسينَ وأهله بعث برؤوسهم إلي يزيد، فسُرَّ بقتلهم أولاً، ثم لم يلبث حتي ندم علي قتلهم، فكان يقول: وما عليَّ لو احتملتُ الأذي، وأنزلتُ الحسين معي، وحكَّمته فيما يريد، وإن كان عليَّ في ذلك وهن، حفظاً لرسول الله صلي الله عليه وسلم ورعاية لحقه، لعن الله ابن مرجانة يعني عبيد الله فإنه أحرجه واضطره، وقد كان سأل أن يخلي سبيله أن يرجع من حيث أقبل، أو يأتيني فيضع يده في يدي، أو يلحق بثغر من الثغور، فأبي ذلك عليه وقتله، فأبغضني بقتله المسلمون، وزرع لي في قلوبهم العداوة.
سير أعلام النبلاء، ج 3، ص 317 ـ البداية والنهاية، ج 8، ص 35 ـ الكامل في التاريخ، ج 4، ص 87.
على الرغم من أن هذا البيان تم انتقاده في بداية البحث، إلا أننا في هذا القسم ننتبه فقط إلى حقيقة أن يزيد لم يقل: الشيعة قتلوا الحسين، و لكنه يعتبر ابن زياد متورطًا في استشهاد ذلك الإمام.
التصفیف فی كربلاء یبین هوية القاتلین
في تصنيفات الوقت نفسه، لمجرد وجود شخص فی جبهة ذلك الإمام ، فقد كان يُعتبر من الشيعة، و لم يطبق مثل هذا التفسير على من كان في الصف الذی أمامه. على سبيل المثال زهير بن القين الذي كان في الأصل عثمانيًا و هرب من الإمام ، و لكن عندما التحق بجيشه خاطبوه بلقب الشيعي لذلك الإمام.
تاريخ الطبري یقول فی زهير هکذا:
فقال له زهير يا عزرة إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة فإني لك من الناصحين أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال علي قتل النفوس الزكية قال يا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت عثمانيا.
تاريخ الطبري، ج 4، ص 316.
تدل هذه العبارة بوضوح على أنها تمت ببساطة اطلاق انه شیعی او عدو الامام من خلال التواجد فى إحدى جبهتي الشيعة أو عدو ذلك الإمام.
سعي عدة قليلة من شيعة الكوفة فی نصرة الامام الحسين عليه السلام
كل هذه الأدلة منفصلة عن جرائم القتل و المجازر التي ارتكبها معاوية بحق شيعة أمير المؤمنين و الإمام الحسن (ع) و قتل العديد منهم و نفي أو سجن الكثيرين منهم. لكننا نرى أنه وفقًا للوثائق التاريخية، فإن العدة القلیلة من الشيعة الذين بقوا في الكوفة أرادوا أيضًا مساعدة الإمام الحسين (ع)، لكنهم واجهوا قوات ابن زياد و اعتقلوا، و فقط حفنة مثل زهير و حبيب بن مظاهر تمكنوا من عبور هذا الحصار و وصل بعضهم الى كربلاء بعد استشهاد الإمام.
لذلك على هذا الحساب، لن يكون هناك شيعي في الكوفة يريد أن يأتي إلى الحرب مع الحسين بن علي عليه السلام.
البيعة و الدعوة من الامام الحسين عليه السلام لم تدلّ علی انه من الشيعة.
و يقول البعض: لأن أهل الكوفة بايعوه الإمام الحسين و دعوه إلى الكوفة ، فاعتبروا شيعة لذلك الإمام. و ينبغي أن يقال: إن البيعة لا تدل على الشيعة؛ لأنه لا بد من القول: "إن كل الصحابة و التابعين الذين بايعوا أمير المؤمنين علیه السلام كانوا من شيعة ذلك الإمام !! بينما لم يقل أحد هذا من قبل؛ و كثير ممن بايعوا الإمام كانوا من أعداء ذلك الإمام في الحروب.
لذلك جاء في بعض الكتب التاريخية: أن الكوفيین كتبوا خطابًا إلى ذلك الإمام و دعوه إلى الكوفة، فهذا يعتبر نوعًا من الولاء لذلك الإمام و يضعهم في صفوف الشيعة، و بالتالي و قد توصلوا إلى أن: قتلة ذلك الإمام من الشيعة.
لذلك جاء في بعض الكتب التاريخية: أن الكوفيین كتبوا خطابًا إلى ذلك الإمام و دعوه إلى الكوفة ، فهذا يعتبر نوعًا من الولاء لذلك الإمام و يضعهم في صفوف الشيعة، و بالتالي و قد انتجوا ان: قتلة ذلك الإمام من الشيعة.
و قد نزل في الجواب السابق بطلان هذا القول، بالإضافة إلى أنه فعل هذا الفعل فقط لأنه اعتبره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، بل أفضل الصحابة آنذاک و حفيد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم. من ناحية أخرى، كانوا قد رأوا أو سمعوا عن إهمال يزيد و غيره من الصفات المذكورة أعلاه في شخصية يزيد، لذلك أرادوا تغيير ممارسة الحاكم الإسلامي بهذا العمل، و هذه الدعوة و الولاء لذلك لا يعني ذلك أنهم قبلوا أن يكون الإمام هو الإمام الثالث و المعصوم و بالتالي یعتبروه أهلاً للخلافة أكثر من غيره.
بناء علی هذا يمكن القول أن أهل الكوفة في عهد أمير المؤمنين والإمام الحسين (ع) كانوا علی فریقین:
1) الشيعة بمعنى الخاص: أي أنهم آمنوا بمحبة آل البيت و معاداة أعدائهم.
الشيعة مثل هؤلاء لم يكونوا في جيش عمر بن سعد الذي قاتل مع الإمام الحسين (ع). لأن هؤلاء الشيعة كانوا إما حاضرين مع الإمام و جيشه و قاتلوا حتى نهاية الحرب و استشهدوا في النهاية، اما سجنوا في سجن عبيد الله و يزيد و أماكن أخرى تحت سيطرة الحكومة في ذلك الوقت أو كانوا تحت الحصار و ممنوعیة الانضمام لجيش الامام الحسين (ع) او وصلوا كربلاء بعد استشهاده. أو أنهم لم يكونوا على علم بمغادرة الإمام الحسين (ع) إلى كربلاء إلا بعد حادثة كربلاء و تم إبلاغهم بعد استشهاده.
2) الشيعة بالمعنى العام: أي كانوا مهتمين بأهل البيت و لا يؤمنون بالعداء لأعدائهم. هم نفس المجموعة التي لم تقبل القيادة الإلهية لأهل البيت و غيرها من شروط التشيع قد يكون بعضهم في جيش عمر سعد و يزيد.
لعن الله امة اسست اساس الظلم و الجور عليكم اهل البيت و لعن الله امة دفعتكم عن مقامكم و ازالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها و لعن الله امة قتلتكم و لعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم. برئتُ الي الله و اليكم منهم و من اشياعهم و اتباعهم و اوليائهم...و اكرمني بك ان يرزقني طلب ثارك مع امام منصور من اهل بيت محمد صلي الله عليه و آله
و من الله التوفیق
فریق الاجابة عن الشبهات
مؤسسة الإمام وليّ العصر (عج) للدراسات العلمیة