بازگشت

امثلة عن النقلة الكبري في حياة المسلمين الاولي


و لقد كان المسلمون في صدر الاسلام يتلقون هذه الحقائق و الآيات من كتاب الله و يفهمونها بوضوح و بساطة، و من غير تعقيد أو التواء، و تتحول هذه الآيات و المفاهيم القرآنية الجديدة في نفوسهم الي وعي عميق، و ايمان و سلوك.

و اليكم بعض الصور المشرقة من هذا التأريخ:

1- في بيعة العقبة الثانية و هي التي أناف فيها رجال الأنصار علي السبعين، اجتمع رجال الأنصار الي رسول الله صلي الله عليه وآله عند العقبة لمبايعته صلي الله عليه وآله و الاتفاق معه علي قرار بخصوص الهجرة و النصرة، فقال عبدالله بن رواحة رحمه الله للنبي صلي الله عليه وآله: اشترط لربك و لنفسك ما شئت.


فقال النبي صلي الله عليه وآله: اشترط لربي أن تعبدوه، و لا تشركوا به شيئا و اشترط لنفسي: أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم و أموالكم.

قالوا: فاذا فعلنا ذلك فما لنا؟

قال: الجنة.

قالوا: ربح البيع لا نقيل و لا نستقيل. [1] .

فنزلت: (ان الله اشتري من المؤمنين أنفسهم و أموالهم...) [2] .

2- و عن جابر بن عبدالله الأنصاري رحمه الله قال: نزلت هذه الآية علي رسول الله صلي الله عليه وآله و هو في المسجد: (ان الله اشتري من المؤمنين أنفسهم و أموالهم...) فكبر الناس في المسجد فأقبل رجل من الأنصار، ثانيا طرفي ردائه علي عاتقه؛ فقال:

يا رسول الله أنزلت هذه الآية؟ قال: نعم. فقال الأنصاري: بيع ربيح لا نقيل و لا نستقيل. [3] .

3- و صورة ثالثة من هذا التفاعل المباشر و الفهم الواضح الصافي لمفاهيم الاسلام و تصوراته الجديدة علي حياة الناس و هي ما جاء عن عبادة بن الصامت: أن أسعد بن زرارة أخذ بيد رسول الله صلي الله عليه وآله ليلة العقبة، فقال: أيها الناس هل تدرون علام تبايعون محمدا صلي الله عليه وآله؟

انكم تبايعونه علي أن تحاربوا العرب و العجم و الجن و الانس كافة.

فقالوا: نحن حرب لمن حارب، و سلم لمن سالم.

فقال اسعد بن زرارة: اشترط علي.


فقال صلي الله عليه وآله: تبايعوني علي أن تشهدوا أن لا اله الا الله و أني رسول الله، و تقيموا الصلاة، و تؤتوا الزكاة، و السمع و الطاعة، و لا تنازعوا الأمر أهله، و تمنعوني مما تمنعون أنفسكم و أهليكم.

قالوا: نعم.

قال قائل من الأنصار: نعم، هذا لك يا رسول الله. فما لنا؟

قال: الجنة و النصر. [4] .

4- و صورة اخري: و هي ما أخرجه ابن سعد عن الشعبي قال: انطلق النبي صلي الله عليه وآله بالعباس بن عبدالمطلب، و كان ذا رأي، الي السبعين من الأنصار عند العقبة، فقال العباس: ليتكلم متكلمكم، و لا يطيل الخطبة، فان عليكم للمشركين عينا، و ان يعلموا بكم يفضحوكم.

فقال قائلهم و هو أبوأمامة أسعد: يا محمد صلي الله عليه وآله سل لربك ما شئت، ثم سل لنفسك و لأصحابك ما شئت، ثم أخبرنا ما لنا من الثواب علي الله، و عليكم، اذا فعلنا ذلك؟

فقال صلي الله عليه وآله: أسألكم لربي أن تعبدون و لا تشركوا به شيئا، و أسألكم لنفسي و أصحابي أن تؤونا، و تنصرونا و تمنعونا مما تمنعون منه أنفسكم.

قال: فما لنا اذا فعلنا ذلك؟

قال: (الجنة). فكان الشعبي اذا حدث هذا الحديث قال: ما سمع الشيب و الشبان بخطبة أقصر و لا أبلغ منها. [5] .

و لهذه الصور أمثلة كثيرة في تأريخ الاسلام، عن التفاعل المباشر مع مفاهيم و تصورات الاسلام، و الانصهار و الذوبان الكامل في هذه المفاهيم، و التصورات،


و الفهم الواضح لها.

لقد كان المسلمون الأوائل يفهمون هذه الآية الكريمة بهذه البساطة و الوضوح، و يتفاعلون معها بمثل هذه القوة و العزم، و لعلنا لا نبعد عن الحقيقة اذا قلنا ان أبناءنا من هذا الجيل بدؤوا يستعيدون تلك البساطة و الوضوح في فهم آيات الله؛ و أحداث الثورة الاسلاميةالمعاصرة في ايران و العراق و لبنان. و جبهات القتال الدامية مع النظام العراقي السفاح شاهدة علي هذه الحقيقة. [6] .


پاورقي

[1] الجامع لأحکام القرآن للقرطبي 267: 8.

[2] بناء علي أن تکون الآية مکية و الأرجح أنها مدنية.

[3] الدر المنثور 280 / 3.

[4] الدر المنثور 280 / 3.

[5] الدر المنثور 280 / 3.

[6] کتب هذا البحث أيام الحرب العراقية الايرانية.