(ط) - ما رواه عن الإمام عليّ بن موسي الرضا(عليهم السلام)
1 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): قال أمير المؤمنين(عليه السلام): أمر اللّه عزّ وجلّ عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم، وهم النبيّون والصدّيقون والشهداء والصالحون.
وأن يستعيذوا [به ] من طريق المغضوب عليهم، وهم اليهود الذين قال اللّه تعالي فيهم: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ).
( المائدة: 60/5. )
وأن يستعيذوا به من طريق الضالّين، وهم الذين قال اللّه تعالي فيهم: (قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَبِ لَاتَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِ ّ وَلَاتَتَّبِعُواْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ ) وهم النصاري.
( المائدة: 77/5. )
ثمّ قال أمير المؤمنين(عليه السلام): كلّ من كفر باللّه فهو مغضوب عليه، وضالّ عن سبيل اللّه عزّ وجلّ.
وقال الرضا(عليه السلام) كذلك وزاد فيه فقال: ومن تجاوز بأمير المؤمنين(عليه السلام) ( يحتمل أن يكون المشار إليه في كلام الإمام الرضا(عليه السلام) ما تقدّم من قول الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام): كلّ من كفر باللّه ... الخ.
ويحتمل أن يكون المشار إليه كلّ ما تقدّم من صدر الحديث إلي هنا. )

العبوديّة، فهو من المغضوب عليهم ومن الضالّين.
وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): لا تتجاوزوا بنا العبوديّة، ثمّ قولوا ما شئتم ولن تبلغوا، وإيّاكم والغلوّ كغلوّ النصاري، فإنّي بري ء من الغالين.
قال: فقام إليه رجل فقال له: يا ابن رسول اللّه! صف لنا ربّك، فإنّ من قبلنا قد اختلفوا علينا.
فقال الرضا(عليه السلام): إنّه من يصف ربّه بالقياس، لا يزال في الدهر في الالتباس، مائلاً عن المنهاج، طاغياً في الإعوجاج، ضالّاً عن السبيل، قائلاً غير الجميل.
ثمّ قال(عليه السلام): أُعرّفه بما عرّف به نفسه، أُعرّفه من غير رؤية، وأصفه بما وصف به [نفسه ] من غير صورة.
لا يدرك بالحواسّ، ولا يقاس بالناس، معروف بالآيات، بعيد بغير تشبيه،ومتدان في بعده بلا نظير، لا يتوهّم ديموميّته، ولا يمثّل بخليقته، ولايجور في قضيّته.
الخلق إلي ما علم منهم منقادون، وعلي ما سطره في المكنون من كتابه ماضون، لا يعملون بخلاف ما علم منهم ولا غيره يريدون، فهو قريب غيرملتزق، وبعيد غير متقصّ، يحقّق ولا يمثّل، [و]يوحّد ولا يبعّض، يعرف بالآيات، ويثبت بالعلامات، فلا إله غيره، الكبير المتعال.
فقال الرجل: بأبي أنت وأُمّي يا ابن رسول اللّه! فإنّ معي من ينتحل موالاتكم، [و]يزعم أنّ هذه كلّها صفات عليّ(عليه السلام)، وأنّه هو اللّه ربّ العالمين.
قال: فلمّا سمعها الرضا(عليه السلام)، ارتعدت فرائصه وتصبّب عرقاً، وقال: سبحان اللّه! [سبحان اللّه ] عمّا يقول الظالمون والكافرون، أوليس عليّاً(عليه السلام) كان آكلاً في الآكلين، [و]شارباً في الشاربين، وناكحاً في الناكحين، ومحدثاً في المحدثين، وكان مع ذلك مصلّياً خاشعاً [خاضعاً] بين يدي اللّه عزّ وجلّ ذليلاً، وإليه أوّاهاً منيباً، أفمن [كان ] هذه صفته يكون إلهاً!؟
[فإن كان هذا إلهاً] فليس منكم أحد إلّا وهو إله، لمشاركته له في هذه الصفات الدالّات علي حدوث كلّ موصوف بها.
ثمّ قال(عليه السلام): حدّثني أبي عن جدّي، عن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، أنّه قال: ما عرف اللّه تعالي من شبّهه بخلقه، ولا عدله من نسب إليه ذنوب عباده.
فقال الرجل: يا ابن رسول اللّه! إنّهم يزعمون أنّ عليّاً(عليه السلام) لمّا أظهر من نفسه المعجزات التي لا يقدر عليها غير اللّه تعالي دلّ ذلك علي أنّه إله، ولمّا ظهر لهم بصفات المحدثين العاجزين لبّس بذلك عليهم وامتحنهم ليعرفوه، وليكون إيمانهم به اختياراً من أنفسهم.
فقال الرضا(عليه السلام): أوّل ما هاهنا إنّهم لا ينفصلون ممّن قلّب هذا عليهم، فقال: لمّا ظهر منه الفقر والفاقة، دلّ علي أنّ من هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء المحتاجون لا تكون المعجزات فعله، فعلم بهذا أنّ الذي ظهر منه [من ] المعجزات إنّما كانت فعل القادر الذي لا يشبه المخلوقين، لا فعل المحدث المحتاج المشارك للضعفاء في صفات الضعف.
ثمّ قال الرضا(عليه السلام): لقد ذكرتني بما حكيته [عن ] قول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وقول أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقول زين العابدين(عليه السلام).
أمّا قول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) فما حدّثنيه أبي، عن جدّي، عن أبيه، [عن جدّه ]، عن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ اللّه لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن [يقبضه ] بقبض العلماء.
فإذا لم ينزل عالم إلي عالم يصرف عنه طلّاب حطام الدنيا وحرامها، ويمنعون الحقّ أهله، ويجعلونه لغير أهله، اتّخذ الناس رؤساء جهّالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا.
وأمّا قول أمير المؤمنين(عليه السلام) فهو قوله: يا معشر شيعتنا، والمنتحلين [مودّتنا!] إيّاكم وأصحاب الرأي، فإنّهم أعداء السنن تفلّتت منهم الأحاديث أن يحفظوها، وأعيتهم السنّة أن يعوها.
فاتّخذوا عباد اللّه خولاً، وماله دولاً، فذلّت لهم الرقاب، وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب، ونازعوا الحقّ أهله، وتمثّلوا بالأئمّة الصادقين، وهم من الجهّال والكفّار والملاعين، فسئلوا عمّا لا يعلمون، فأنفوا أن يعترفوا بأنّهم لا يعلمون، فعارضوا الدين [بآرائهم، فضلّوا وأضلّوا، أمّا لو كان الدين ] بالقياس، لكان باطن الرجلين أولي بالمسح من ظاهرهما.
وأمّا قول عليّ بن الحسين(عليهما السلام)، فإنّه قال: إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه، وتماوت في منطقه، وتخاضع في حركاته، فرويداً لا يغرّنّكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا، وركوب المحارم منها، لضعف بنيته ومهانته وجبن قلبه، فنصب الدين فخّاً لها، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره، فإن تمكّن من حرام اقتحمه.
فإذا وجدتموه يعفّ من المال الحرام (فرويداً لا يغرّنّكم، فإنّ شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام) وإن كثر ويحمل نفسه علي شوهاء ( الشوهاء: العابسة. القاموس المحيط: 410/4، (شاة). )
قبيحة، فيأتي منها محرّماً.
فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك فرويداً لا يغرّنّكم حتّي تنظروا ما عقدة عقله، فما أكثر من يترك ذلك أجمع ثمّ لا يرجع إلي عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر ممّا يصلحه بعقله.
فإذا وجدتم عقله متيناً، فرويداً لا يغرّنّكم حتّي تنظروا مع هواه يكون علي عقله، أو يكون مع عقله علي هواه، وكيف محبّته للرئاسات الباطلة وزهده فيها، فإنّ في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا، ويري أنّ لذّة الرئاسة الباطلة أفضل من لذّة الأموال والنعم المباحة المحلّلة، فيترك ذلك أجمع طلباً للرئاسة حتّي: (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ و جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ).
( البقرة: 206/2. )
فهو يخبط [خبط] عشواء يقوده أوّل باطل إلي أبعد غايات الخسارة، ويمدّ يده بعد طلبه لما لا يقدر [عليه ] في طغيانه فهو يحلّ ما حرّم اللّه، ويحرّم ما أحلّ اللّه، لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته التي قد شقي من أجلها، فأولئك [مع ] الذين غضب اللّه عليهم ولعنهم، وأعدّلهم عذاباً مهيناً.
ولكن الرجل كلّ الرجل، نعم الرجل، هو الذي جعل هواه تبعاً لأمراللّه، وقواه مبذولة في رضاء اللّه تعالي، يري الذلّ مع الحقّ أقرب إلي عزّ الأبد من العزّ في الباطل، ويعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلي دوام النعم في دار لا تبيد ولا تنفد، وأنّ كثير ما يلحقه من سرّائها إن اتّبع هواه يؤدّيه إلي عذاب لاانقطاع له ولا زوال.
فذالكم الرجل نعم الرجل، فبه فتمسّكوا، وبسنّته فاقتدوا، وإلي ربّكم فبه فتوسّلوا، فإنّه لا تردّ له دعوة، ولا تخيب له طلبة.
ثمّ قال الرضا(عليه السلام): إنّ هؤلاء الضلّال الكفرة ما أتوا إلّا من جهلهم بمقادير أنفسهم حتّي اشتدّ إعجابهم بها، وكثر تعظيمهم لما يكون منها، فاستبدّوا بآرائهم الفاسدة، واقتصروا علي عقولهم المسلوك بها غير السبيل الواجب، حتّي استصغروا قدر اللّه، واحتقروا أمره، وتهاونوا بعظيم شأنه.
إذ لم يعلموا أنّه القادر بنفسه، الغنيّ بذاته، الذي ليست قدرته مستعارة، ولاغناه مستفاداً، والذي من شاء أفقره، ومن شاء أغناه، ومن شاء أعجزه بعد القدرة، وأفقره بعد الغني.
فنظروا إلي عبد قد اختصّه [اللّه ] بقدرته، ليبيّن بها فضله عنده، وآثره بكرامته، ليوجب بها حجّته علي خلقه، وليجعل ما آتاه من ذلك ثواباً علي طاعته، وباعثاً علي اتّباع أمره، ومؤمناً عباده المكلّفين من غلط من نصبه عليهم حجّة، ولهم قدوة، فكانوا كطلّاب ملك من ملوك الدنيا، ينتجعون فضله، ويؤمّلون نائله، ويرجون التفيّؤ بظلّه، والانتعاش بمعروفه، والانقلاب إلي أهليهم بجزيل عطائه، الذي يغنيهم عن كلب الدنيا، وينقذهم من التعرّض لدنيّ المكاسب، وخسيس المطالب.
فبيناهم يسألون عن طريق الملك ليترصّدوه وقد وجّهوا الرغبة نحوه،وتعلّقت قلوبهم برؤيته، إذ قيل: إنّه سيطّلع عليكم في جيوشه ومواكبه وخيله ورجله.
فإذا رأيتموه فأعطوه من التعظيم حقّه، ومن الإقرار بالمملكة واجبه، وإيّاكم أن تسمّوا باسمه غيره، أو تعظّموا سواه كتعظيمه، فتكونوا قد بخستم الملك حقّه، وأزريتم عليه، واستحققتم بذلك منه عظيم عقوبته.
فقالوا: نحن كذلك فاعلون جهدنا وطاقتنا، فما لبثوا أن طلع عليهم بعض عبيدالملك في خيل قد ضمّها إليه سيّده، ورجل قد جعلهم في جملته، وأموال قد حباه بها.
فنظر هؤلاء، وهم للملك طالبون، فاستكثروا ما رأوا بهذا العبد من نعم سيّده، ورفعوه عن أن يكون هو المنعم عليه بما وجدوا معه، فأقبلوا إليه يحيّونه تحيّة الملك ويسمّونه باسمه، ويجحدون أن يكون فوقه ملك، أو له مالك، فأقبل عليهم العبد المنعم عليه، وسائر جنوده بالزجر والنهي عن ذلك والبراءة ممّا يسمّونه به، ويخبرونهم بأنّ الملك هو الذي أنعم بهذا عليه واختصّه به.
وإنّ قولكم [ب']ما تقولون يوجب عليكم سخط الملك وعذابه، ويفيتكم كلّما أمّلتموه من جهته، وأقبل هؤلاء القوم يكذّبونهم، ويردّون عليهم قولهم، فما زال كذلك حتّي غضب [عليهم ] الملك لمّا وجد هؤلاء، قد سمّوا به عبده وأزروا عليه في مملكته، وبخسوه حقّ تعظيمه، فحشرهم أجمعين إلي حبسه، ووكلّ بهم من يسومهم سوء العذاب.
فكذلك هؤلاء وجدوا أمير المؤمنين(عليه السلام) عبداً أكرمه اللّه ليبيّن فضله، ويقيم حجّته، فصغر عندهم خالقهم أن يكون جعل عليّاً [له ] عبداً، وأكبروا عليّاً أن يكون اللّه عزّ وجلّ له ربّاً، فسمّوه بغير اسمه، فنهاهم هو وأتباعه من أهل ملّته وشيعته، وقالوا لهم: يا هؤلاء! إنّ عليّاً وولده عباد مكرمون مخلوقون مدبّرون، لايقدرون إلّا علي ما أقدرهم اللّه عليه ربّ العالمين، ولا يملكون إلّا ما ملّكهم [اللّه ]، لا يملكون موتاً ولا حياةً ولانشوراً ولا قبضاً ولا بسطاً ولا حركةً ولا سكوناً إلّا ما أقدرهم اللّه عليه وطوّقهم.
وإنّ ربّهم وخالقهم يجلّ عن صفات المحدثين، ويتعالي عن نعوت المحدودين، وانّ من اتّخذهم - أو واحداً منهم - أرباباً من دون اللّه فهو من الكافرين، وقد ضلّ سواء السبيل.
فأبي القوم إلّا جماحاً وامتدّوا في طغيانهم يعمهون، فبطلت أمانيّهم ( جَمَحَ الفرس كمنع جَمْحاً وجُموحاً وجِماهاً وهو جَموحٌ، اعتزّ فارِسَه وغلبه، القاموس المحيط: 447/1، (جَمَحَ). )
وخابت مطالبهم، وبقوا في العذاب الأليم.
( التفسير: 50، ح 23 - 29. عنه البرهان: 52/1، ح 40، و485، س 30، و492، س 9، ضمن ح 1، قِطع منه، والبحار: 83/2، ح 8 - 11، و303/4، ح 131، بتفاوت، و256/89، س 14، ضمن ح 48، قِطع منه، وتنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 418، س 15، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 264/17، ح 21297، و308، ح 21429، قطعتان منه.
الاحتجاج: 159/2، ح 192، و450، ح 313، و453، ح 314، قِطع منه. عنه نور الثقلين: 25/1، ح 110، و474/3، ح 21، والبحار: 184/71، ح 1، وإثبات الهداة: 761/3، ح 62، و762 ح 63، و64، قِطع منه. وعنه وعن التفسير، البحار: 273/25، ح 20، قطعة منه، ووسائل الشيعة: 317/8، ح 10777، قطعة منه، ومقدّمة البرهان: 64، س 16، قطعة منه.
تأويل الآيات الظاهرة: 32، س 6، قطعة منه.
التوحيد: 47، ح 9، بإسناده عن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا، عن أبيه، عن جدّه:، قال: قام رجل...، قطعة منه. عنه البحار: 297/3، ح 23، و29/5، ح 34.
قطعة منه في (ما رواه عن الإمام عليّ(ع)). )

2 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال [الإمام(عليه السلام)]: ولمّا جعل إلي عليّ بن موسي الرضا(عليهما السلام) ولاية العهد دخل عليه آذنه، فقال: إنّ قوماً بالباب يستأذنون عليك، يقولون: نحن من شيعةعليّ(عليه السلام).
فقال(عليه السلام): أنا مشغول، فاصرفهم، فصرفهم.
فلمّا كان في اليوم الثاني جاءوا وقالوا كذلك، فقال: مثلها، فصرفهم إلي أن جاءوه هكذا يقولون ويصرفهم شهرين، ثمّ أيسوا من الوصول، وقالوا للحاجب: قل لمولانا: إنّا شيعة أبيك عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وقد شمت بنا أعداؤنا في حجابك لنا، ونحن ننصرف هذه الكرّة، ونهرب من بلدنا خجلاً وأنفةً ممّا لحقنا، وعجزاً عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة أعدائنا.
فقال عليّ بن موسي [الرضا](عليهما السلام): ائذن لهم، ليدخلوا.
فدخلوا عليه، فسلّموا عليه، فلم يردّ عليهم، ولم يأذن لهم بالجلوس، فبقوا قياماً، فقالوا: يا ابن رسول اللّه! ما هذا الجفاء العظيم، والاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب، أيّ باقية تبقي منّا بعد هذا؟
فقال الرضا(عليه السلام): اقرءوا (وَمَآ أَصَبَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ). ما اقتديت إلّا بربّي عزّ وجلّ فيكم وبرسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) ( الشوري: 30/42. )
وبأمير المؤمنين(عليه السلام) ومن بعده من آبائي الطاهرين(عليهم السلام)، عتبوا عليكم فاقتديت بهم، قالوا: لماذا يا ابن رسول اللّه!؟
قال [لهم ]: لدعواكم أنّكم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، ويحكم إنّما شيعته الحسن والحسين(عليهما السلام) وسلمان وأبي ذرّ والمقداد وعمّار ومحمّدبن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئاً من أوامره، ولم يرتكبوا شيئاً من [فنون ] زواجره.
فأمّا أنتم إذا قلتم أنّكم شيعته، وأنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون، مقصّرون في كثير من الفرائض، [و] متهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في اللّه، وتتّقون حيث لاتجب التقيّة، وتتركون التقيّة [حيث لابدّ من التقيّة].
لو قلتم أنّكم موالوه ومحبّوه، والموالون لأوليائه، والمعادون لأعدائه لم أنكره من قولكم، ولكن هذه مرتبة شريفة ادّعيتموها إن لم تصدّقوا قولكم بفعلكم هلكتم إلّا أن تتدارككم رحمة [من ] ربّكم.
قالوا: يا ابن رسول اللّه! فإنّا نستغفر اللّه ونتوب إليه من قولنا بل نقول -كما علّمنا مولانا- نحن محبّوكم ومحبّوا أوليائكم، ومعادوا أعدائكم.
قال الرضا(عليه السلام): فمرحباً بكم، يا إخواني وأهل ودّي! ارتفعوا، ارتفعوا، فمازال يرفعهم حتّي ألصقهم بنفسه، ثمّ قال لحاجبه: كم مرّة حجبتهم؟
قال: ستّين مرّة.
فقال لحاجبه: فاختلف إليهم ستّين مرّة متوالية فسلّم عليهم وأقرئهم سلامي، فقد محوا ما كان من ذنوبهم باستغفارهم وتوبتهم، واستحقّوا الكرامة لمحبّتهم لنا وموالاتهم، وتفقّد أُمورهم وأُمور عيالاتهم، فأوسعهم بنفقات ومبرّات وصلات ودفع معرّات.
( التفسير: 312، ح 159. عنه البحار: 157/65، س 24، ضمن ح 11، بتفاوت يسير، والبرهان: 22/4، س 31، ضمن ح 4، بتفاوت.
الاحتجاج: 459/2، ح 318، بتفاوت. عنه البحار: 330/22، ح 39، قطعة منه، ووسائل الشيعة: 217/16، ح 21400، قطعة منه. )

3 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وكان عليّ بن موسي(عليهما السلام) بين يديه فرس صعب، وهناك راضة لا يجسر أحد منهم أن يركبه، وإن ركبه لم يجسر أن يسيّره مخافة أن يشبّ به فيرميه ويدوسه بحافره.
وكان هناك صبيّ ابن سبع سنين، فقال: يا ابن رسول اللّه! أتأذن لي أن أركبه وأسيّره وأذلّله؟ قال: أنت؟! قال: نعم، قال: لماذا؟
قال: لأنّي قد استوثقت منه قبل أن أركبه بأن صلّيت علي محمّد وآله الطيّبين الطاهرين مائة [مرّة]، وجدّدت علي نفسي الولاية لكم أهل البيت.
قال: اركبه! فركبه. فقال: سيّره! فسيّره، وما زال يسيّره ويعدّيه حتّي أتعبه وكدّه، فنادي الفرس: يا ابن رسول اللّه! قد آلمني منذ اليوم فاعفني منه، وإلّا فصبّرني تحته. [ف']قال الصبيّ: سل ما هو خير لك أن يصبّرك تحت مؤمن.
قال الرضا(عليه السلام): صدق! [فقال ]: اللّهمّ صبّره فلان الفرس، وسار فلمّا نزل الصبيّ قال: سل من دوابّ داري وعبيدها وجواربها ومن أموال خزائني ماشئت فإنّك مؤمن قد شهرك اللّه تعالي بالإيمان في الدنيا.
قال الصبيّ: يا ابن رسول اللّه! [صلّي اللّه عليك وآلك ] وأسال ما أقترح. قال: يا فتي! اقترح، فإنّ اللّه تعالي يوفّقك لاقتراح الصواب.
فقال: سل لي ربّك التقيّة الحسنة، والمعرفة بحقوق الإخوان، والعمل بما أعرف من ذلك، قال الرضا(عليه السلام): قد أعطاك اللّه ذلك، لقد سألت أفضل شعار الصالحين ودثارهم.
( التفسير: 323، ح 170. عنه وسائل الشيعة: 223/16، ح 21418، قطعة منه، والبحار: 416/72، س 3، ضمن ح 68، ومدينة المعاجز: 100/7، ح 2204، بتفاوت يسير. )
4 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال عليّ بن موسي الرضا(عليهما السلام) [في هذه الآية] (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ): [قول ] لاإله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، وعليّ وليّ اللّه، وخليفة محمّد رسول اللّه حقّاً، وخلفاؤه خلفاء اللّه، (وَالْعَمَلُ الصَّلِحُ يَرْفَعُهُ و ) علمه في قلبه بأنّ هذا ( فاطر: 10/35. )
[الكلام ] صحيح، كما قلته بلساني.
( التفسير: 328، ح 184. عنه البحار: 358/24، ح 76، مرسلاً وبتفاوت، و198/67، س 14، و211، س 6، ضمن ح 33، والبرهان: 358/3، ح 2.
تأويل الآيات الظاهرة: 469، س 6، مرسلاً.
تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 428، س 2، مرسلاً. )

5 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال [عليّ بن موسي الرضا(عليهما السلام)] أيضاً: مل ء الأرض من العباد المرائين لا يعدلون عنداللّه شيخاً ضئيلاً زمناً يخلص عبادته.
( التفسير: 329، ح 185. )
6 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] وقال عليّ بن موسي الرضا(عليهما السلام): أما يكره أحدكم أن ينفي عن أبيه وأُمّه الذين ولداه؟ قالوا: بلي، واللّه! قال: فليجتهد أن لا ينفي عن أبيه وأُمّه الذين هما أبواه أفضل من أبوي نفسه.
( التفسير: 331، ح 198. عنه البحار: 260/23، س 14، ضمن ح 8، و10/36، س 3، ضمن ح 11، والبرهان: 245/3، س 19، ضمن ح 3. )
7 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] وقيل للرضا(عليه السلام): ألا نخبرك بالخاسر المتخلّف؟
قال: من هو؟ قالوا: فلان باع دنانيره بدراهم أخذها، فرّد ماله من عشرة آلاف دينار إلي عشرة آلاف درهم.
قال(عليه السلام): بدرة باعها بألف درهم، ألم يكن أعظم تخلّفاً وحسرةً؟
قالوا: بلي! قال: ألا أنبئّكم بأعظم من هذا تخلّفاً وحسرةً؟
قالوا: بلي! قال: أرأيتم لو كان له ألف جبل من ذهب باعها بألف حبّة من زيف، ألم يكن أعظم تخلّفاً وأعظم من هذا حسرةً؟
( جاء في الحديث: درهم زَيْفٌ أي ردي ء. مجمع البحرين: 68/6، (زيف). )
قالوا: بلي! قال: أفلا أنبئّكم بمن هو أشدّ من هذا تخلّفاً وأعظم من هذا حسرةً؟ قالوا: بلي! قال: من آثر في البرّ والمعروف [قرابة أبوي نسبه ] علي قرابةأبوي دينه محمّد وعليّ(عليهما السلام)، لأنّ فضل قرابات محمّد وعليّ أبوي دينه علي قرابات [أبوي ] نسبه أفضل من فضل ألف جبل [من ] ذهب علي ألف حبّة زائف.
( التفسير: 336، ح 209. عنه مستدرك الوسائل: 380/12، ح 14347، بتفاوت يسير، والبحار: 263/23، س 4، ضمن ح 8. )
8 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): قال عليّ بن موسي الرضا(عليهما السلام): إنّ اللّه تعالي ذمّ اليهود [والنصاري ] والمشركين والنواصب، فقال: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَبِ ) اليهود والنصاري، (وَلَاالْمُشْرِكِينَ ) ولا من المشركين الذين هم نواصب يغتاظون لذكر اللّه، وذكر محمّد، وفضائل عليّ(عليه السلام)، وإبانته عن شريف [فضله و] محلّه، (أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم ) لا يودّون أن ينزّل [عليكم ] (مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) من الآيات الزائدات في شرف محمّد وعليّ وآلهما الطيّبين(عليهم السلام)، ولا يودّون أن ينزّل دليل معجز من السماء يبيّن عن محمّد وعليّ وآلهما.
فهم لأجل ذلك يمنعون أهل دينهم من أن يحاجّوك مخافة أن تبهرهم حجّتك وتفحمهم معجزتك، فيؤمن بك عوامّهم ويضطربون علي رؤسائهم، فلذلك يصدّون من يريد لقاءك يا محمّد! ليعرف أمرك بأنّه لطيف خلّاق، ساحر اللسان، لاتراه ولا يراك خير لك، وأسلم لدينك ودنياك، فهم بمثل هذا يصدّون العوامّ عنك.
ثمّ قال اللّه تعالي: (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ ي ) وتوفيقه لدين الإسلام وموالاة محمّد وعليّ(عليهما السلام) (مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) علي من ( البقرة: 105/2. )
يوفّقه لدينه ويهديه لموالاتك وموالاة أخيك عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).
قال: فلمّا قرّعهم بهذا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) حضره منهم جماعة، فعاندوه وقالوا: يا محمّد! إنّك تدّعي علي قلوبنا خلاف ما فيها ما نكره أن تنزل عليك حجّة تلزم الانقياد لها، فننقاد.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لئن عاندتم هاهنا محمّداً، فستعاندون ربّ العالمين، إذ أنطق صحائفكم بأعمالكم، وتقولون: ظلمتنا الحفظة، فكتبوا علينا ما لم نفعل، فعند ذلك يستشهد جوارحكم فتشهد عليكم.
فقالوا: لا تبعد شاهدك فإنّه فعل الكذّابين، بيننا وبين القيامة بعد، أرنا في أنفسنا ما تدّعي لنعلم صدقك، ولن تفعله لأنّك من الكذّابين.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لعليّ(عليه السلام): استشهد جوارحهم.
فاستشهدها عليّ(عليه السلام)، فشهدت كلّها عليهم أنّهم لا يودّون أن ينزل علي أُمّة محمّد علي لسان محمّد خير من عند ربّكم آية بيّنة، وحجّة معجزة لنبوّته، وإمامة أخيه عليّ(عليه السلام) مخافة أن تبهرهم حجّته، ويؤمن به عوامّهم، ويضطرب عليهم كثير منهم.
فقالوا: يا محمّد! لسنا نسمع هذه الشهادة التي تدّعي أنّ جوارحنا تشهد بها.
فقال: يا عليّ! هؤلاء من الذين قال اللّه تعالي: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَايُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ ءَايَةٍ5يونس ولو جاءتهم كلّ آية.... 97 ، 4 ).
( يونس: 96/10، و97. )
ادع عليهم بالهلاك، فدعا عليهم عليّ(عليه السلام) بالهلاك، فكلّ جارحة نطقت بالشهادة علي صاحبها انفتّت حتّي مات مكانه.
فقال قوم آخرون حضروا من اليهود: ما أقساك يا محمّد! قتلتهم أجمعين. فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ما كنت لألين علي من اشتدّ عليه غضب اللّه تعالي، أما إنّهم لو سألوا اللّه تعالي بمحمّد وعليّ وآلهما الطيّبين أن يمهلهم ويقيلهم لفعل بهم، كما كان فعل بمن كان من قبل من عبدة العجل لمّا سألوا اللّه بمحمّد وعليّ وآلهما الطيّبين، وقال اللّه لهم علي لسان موسي: لو كان دعا بذلك علي من قد قتل لأعفاه اللّه من القتل كرامة لمحمّد وعليّ وآلهما الطيّبين(عليهم السلام).
( التفسير: 488، ح 310. عنه البحار: 333/9، ح 19، بتفاوت يسير، والبرهان: 139/1، ح 1، بتفاوت يسير، ومدينة المعاجز: 448/1، ح 300، ومقدّمة البرهان: 139، س 8، قطعة منه. )
9 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا محمّد بن القاسم المفسّر، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد ابن ( تقدّمت ترجمته في (ما رواه عن الإمام الحسين(ع))، رقم 980. )
عليّ، عن أبيه(عليهم السلام)، قال: دخل موسي بن جعفر(عليهما السلام) علي رجل قد غرق في سكرات الموت، وهو لا يجيب داعياً، فقالوا له: يا ابن رسول اللّه! وددنا لوعرفنا كيف الموت؟ وكيف حال صاحبنا؟
فقال: الموت هو المصفّاة يصفّي المؤمنين من ذنوبهم، فيكون آخر ألم يصيبهم كفّارة آخر وزر بقي عليهم.
ويصفّي الكافرين من حسناتهم، فيكون آخر لذّة أو راحة تلحقهم، وهو آخر ثواب حسنة تكون لهم، وأمّا صاحبكم هذا فقد نخل من الذنوب نخلاً، وصفّي من الآثام تصفية، وخلص حتّي نقي كما ينقي الثوب من الوسخ، وصلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد.
( معاني الأخبار: 289، ح 6. عنه البحار: 155/6، ح 10، وفيه: المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن أبي محمّد العسكريّ، عن آبا ئه:، قال: ... .
جامع الأخبار: 168، س 6، مرسلاً. )

10 - أبو جعفر الطبريّ(ره): حدّثني الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن نصر، قال: حدّثنا الأسعد منصور بن الحسن بن عليّ بن المرزبان، قال: [حدّثنا]الأستاد أبو القاسم الحسن بن الحسن الأبنورانيّ، قال: [حدّثنا] عليّ ابن موسي الصائغ، قال: [حدّثنا] الطيّب القواصريّ، عن سعد بن أبي القاسم الحسين بن مأمون، قال: [حدّثنا] أبو نصر محمّد بن محمّد القاشانيّ، قال: [حدّثنا] أبويعقوب بن إسحاق بن محمّد بن أبان بن لاحق النخعيّ، أنّه سمع مولانا الحسن الأخير(عليه السلام) يقول: سمعت أبي يحدّث عن جدّه عليّ بن موسي(عليهما السلام): [ أنّه قال: اعتلّ صعصعة بن صوحان العبديّ فعاده مولانا أميرالمؤمنين(عليه السلام) في جماعة من أصحابه، فلمّا استقرّ بهم المجلس فرح صعصعة، فقال أمير المؤمنين(عليه السلام):] لا تفتخرنّ علي إخوانك بعيادتي إيّاك.
ثمّ نظر إلي فهر في وسط داره، فقال لأحد أصحابه: ناولنيه، فأخذه منه، و ( الفِهر: جمع أفهار وفُهور، هو حجر رقيق تسحق به الأدوية. المنجد: 597، (فهر). )
أداره في كفّه، فإذا به سفرجلة رطبة، فدفعها إلي أحد أصحابه وقال: قطّعها قطعاً، وادفع إلي كلّ واحد منّا قطعة، وادفع إلي صعصعة قطعة، وإليّ قطعة، ففعل ذلك.
فأدار مولانا(عليه السلام) القطعة من السفرجلة في كفّه، فإذا بها تفّاحة، فدفعها إلي ذلك الرجل وقال له: اقطعها وادفع إلي كلّ واحد قطعة، وإلي صصعصة [قطعة]، وإليّ قطعة، ففعل ذلك، فأدار مولانا عليّ(عليه السلام) قطعة التفّاحة في كفّه، فإذا هي حجر فهر، فرمي به إلي وسط الدار، فأكل صعصعة قطعتين واستوي جالساً، وقال: شفيتني وزدت في إيماني وإيمان أصحابك، صلوات اللّه عليك ياأميرالمؤمنين(عليه السلام).
( نوادر المعجزات: 56، ح 22.
عيون المعجزات: 50، س 19، وفيه: حدّثني الشيخ أبو محمّد الحسن بن محمّد بن محمّد بن نصر، يرفعه إلي محمّد بن أبان بن لاحق النخعيّ ...، بتفاوت يسير. عنه مدينة المعاجز: 432/1، ح 293. )

11 - أبو منصور الطبرسي(ره): وبالإسناد الذي تكرّر عن ( تقدّم السند في ج 3، رقم 375. )
أبي محمّد الحسن العسكريّ(عليه السلام)، قال: دخل علي أبي الحسن الرضا(عليه السلام) رجل فقال: ياابن رسول اللّه 10 ل: دخل علي أبي الحسن الرضا رجل فقال: يا ابن رسول اللّه.... الإمام العسكريّ، 4! لقد رأيت اليوم شيئاً عجبت منه.
قال: وما هو؟
قال: رجل كان معنا يظهر لنا أنّه من الموالين لآل محمّد المتبرّئين من أعدائهم، فرأيته اليوم وعليه ثياب قد خلعت عليه، وهو ذا يطاف به ببغداد، وينادي المنادون بين يديه: معاشر المسلمين! اسمعوا توبة هذا الرجل الرافضيّ، ثمّ يقولون له: قل! فقال: خير الناس بعد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أبا بكر.
فإذا قال ذلك ضجّوا، وقالوا: قد تاب، وفضّل أبا بكر علي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).
فقال الرضا(عليه السلام): إذا خلوت فأعد عليّ هذا الحديث! فلمّا خلي أعاد عليه.
فقال له: إنّما لم أُفسّر لك معني كلام الرجل بحضرة هذا الخلق المنكوس كراهة أن ينقل إليهم فيعرفوه ويؤذوه، لم يقل الرجل خير الناس بعد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) (أبوبكر)، فيكون قد فضّل أبابكر علي عليّ(عليه السلام)، ولكن قال: خير الناس بعد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) (أبابكر)، فجعله نداء لأبي بكر ليرضي من يمشي بين يديه من بعض هؤلاء الجهلة، ليتواري من شرورهم، إنّ اللّه تعالي جعل هذه التورية ممّا رحم به شيعتنا ومحبّينا.
( الاحتجاج: 458/2، ح 317. عنه البحار: 15/68، ح 27، بتفاوت يسير.
التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): 360، ح 249، بتفاوت يسير.
عنه مستدرك الوسائل: 265/12، ح 14068، بتفاوت يسير، والبحار: 404/72، س 14، ضمن ح 42، بتفاوت يسير. )

12 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وعنه [أي أبي محمّد العسكريّ ](عليه السلام) قال: قال عليّ بن موسي الرضا(عليهما السلام): يقال للعابد يوم القيامة: نعم الرجل كنت همّتك ذات نفسك، وكفيت مؤنتك، فادخل الجنّة.
ألا إنّ الفقيه من أفاض علي الناس خيره، وأنقذهم من أعدائهم، ووفّر عليهم نعم جنان اللّه تعالي، وحصّل لهم رضوان اللّه تعالي.
ويقال للفقيه: يا أيّها الكافل لأيتام آل محمّد! الهادي لضعفاء محبّيهم ومواليهم، قف! حتّي تشفع لكلّ من أخذ عنك أو تعلّم منك، فيقف فيدخل الجنّة [و]معه فئاماً وفئاماً وفئاماً - حتّي قال عشراً -.
وهم الذين أخذوا عنه علومه، وأخذوا عمّن أخذ عنه، وعمّن أخذ عمّن أخذ عنه إلي يوم القيامة، فانظروا كم صرف مابين المنزلتين.
( الاحتجاج: 14/1، ح 9. عنه وعن التفسير، البحار: 5/2، ح 10، ومستدرك الوسائل: 319/17، ح 21465.
التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): 344، ح 223، بتفاوت يسير. عنه الفصول المهمّة للحرّ العامليّ: 603/1، ح 946، والبحار: 225/7، س 12، ضمن ح 143، ومنية المريد: 34، س 11، ومحجّة البيضاء: 32/1، س 6.
عوالي اللئالي: 19/1، ح 7، بتفاوت.
الصراط المستقيم: 56/3، س 6. )

13 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وقال أبو محمّد(عليه السلام): قال عليّ بن موسي الرضا(عليهما السلام): أفضل مايقدّمه العالم من محبّينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته وذلّه ومسكنته، أن يغيث في الدنيا مسكيناً من محبّينا من يد ناصب عدوّ للّه ولرسوله، يقوم من قبره والملائكة صفوف من شفير قبره إلي موضع محلّه من جنان اللّه، فيحملونه علي أجنحتهم، يقولون له: مرحباً، طوباك طوباك، يادافع الكلاب! عن الأبرار، ويا أيّها المتعصّب! للأئمّةالأخيار.
( الاحتجاج: 21/1، ح 18. عنه وعن التفسير، البحار: 11/2، ح 21.
التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): 350، ح 236. عنه البحار: 208/7، ح 97، و226، س 13، ضمن ح 143.
الصراط المستقيم: 58، س 7. )


(ي) - ما رواه عن الإمام محمّد بن عليّ الجواد(عليهم السلام)
1 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام) حدّثني أبي، عن أبيه(عليهما السلام) أنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) كان من خيار أصحابه [عنده ] أبو ذرّ الغفاريّ، فجاءه ذات يوم فقال: يا رسول اللّه! إنّ لي غنيمات قدر ستّين شاة أكره أن أبدو فيها، وأفارق حضرتك وخدمتك، وأكره أن آكلها إلي راع فيظلهما ويسي ء رعايتها، فكيف أصنع؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أبد فيها. [فبدا فيها]، فلمّا كان في اليوم السابع جاء إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا أبا ذرّ!
فقال: لبّيك يا رسول اللّه! قال: ما فعلت غنيماتك؟
فقال: يا رسول اللّه! إنّ لها قصّة عجيبة. [ف']قال: وما هي؟
قال: يا رسول اللّه! بينا أنا في صلاتي إذ عدا الذئب علي غنمي فقلت: ياربّ! صلاتي، يا ربّ! غنمي، فآثرت صلاتي علي غنمي فأخطر الشيطان ببالي: ياأباذرّ! أين أنت إن عدت الذئاب علي غنمك، وأنت تصلّي فأهلكتها كلّها ومايبقي لك في الدنيا ما تتعيّش به؟
فقلت للشيطان: يبقي لي توحيد اللّه تعالي والإيمان بمحمّد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وموالاة أخيه سيّد الخلق بعده عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وموالاة الأئمّة الهادين الطاهرين من ولده، ومعاداة أعدائهم وكلّما فات من الدنيا بعد ذلك جلل.
فأقبلت علي صلاتي، فجاء ذئب فأخذ حملاً وذهب به وأنا أحسّ به إذا أقبل علي الذئب أسد فقطّعه نصفين واستنقذ الحمل وردّه إلي القطيع.
ثمّ ناداني: يا أبا ذرّ! أقبل علي صلاتك، فإنّ اللّه تعالي قد وكلّني بغنمك إلي أن تصلّي، فأقبلت علي صلاتي وقد غشيني من التعجّب ما لا يعلمه إلّا اللّه تعالي حتّي فرغت منها فجاءني الأسد، وقال لي: امض إلي محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) فأخبره: أنّ اللّه تعالي قد أكرم صاحبك الحافظ لشريعتك، ووكّل أسداً بغنمه يحفظها.
فتعجّب من [كان ] حول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم).
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): صدقت يا أبا ذرّ! ولقد آمنت به أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (صلوات اللّه عليهم أجمعين).
فقال بعض المنافقين: هذا بمواطاة بين محمّد وأبي ذرّ يريد أن يخدعنا بغروره، واتّفق منهم عشرون رجلاً وقالوا: نذهب إلي غنمه وننظر إليها وننظر إليه إذا صلّي هل يأتي الأسد ويحفظ غنمه فيتبيّن بذلك كذبه.
فذهبوا ونظروا و[إذا] أبو ذرّ قائم يصلّي، والأسد يطوف حول غنمه ويرعاها ويردّ إلي القطيع ما شذّ عنه منها حتّي إذا فرغ من صلاته ناداه الأسد هاك قطيعك مسلّماً وافر العدد سالماً.
ثمّ ناداهم الأسد: [يا] معاشر المنافقين! أنكرتم لوليّ محمّد وعليّ وآله الطيّبين والمتوسّل إلي اللّه تعالي بهم أن يسخّرني [اللّه ] ربّي لحفظ غنمه، والذي أكرم محمّداً وآله الطيّبين الطاهرين، لقد جعلني اللّه طوع يدي أبي ذرّ حتّي لو أمرني بافتراسكم، وهلاككم لأهلكتكم.
والذي لا يحلف بأعظم منه! لو سأل اللّه بمحمّد وآله الطيّبين صلوات اللّه عليهم أن يحوّل البحار دهن زنبق وبان، والجبال مسكاً وعنبراً وكافوراً، ( الزَنبق: نبات من فصيلة الزنبقيّات، زهرته من أجمل الأزهار تفوح منها رائحة ذكيّة. المنجد: 307، (زنبق).
البان واحدته البانة: شجر معتدل القوام من فصيلة البانيّات، مهده الأصلي آسيا القطبيّة، يؤخذ من حبّه دهن طيّب. المصدر: 55، (بان). )

وقضبان الأشجار قضب الزمرّد والزبرجد لما منعه اللّه تعالي ذلك.
فلمّا جاء أبو ذرّ إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قال له رسول اللّه: يا أبا ذرّ! إنّك أحسنت طاعة اللّه، فسخّر اللّه لك من يطيعك في كفّ العوادي عنك، فأنت من أفضل من مدحه اللّه عزّ وجلّ [ب']أنّه يقيم الصلاة.
( التفسير: 73، ح 37. عنه البحار: 414/17، ح 44، و393/22، ح 1، و231/81، س 19، ضمن ح 5، وإثبات الهداة: 391/1، ح 596، أشار إليه، ومدينة المعاجز: 409/1، ح 272، ومستدرك الوسائل: 86/3، ح 3079.
قصص الأنبياء للراونديّ: 306، ح 376، قطعة منه، مسنداً.
إرشاد القلوب: 425، س 6، بتفاوت.
الخرائج والجرائح: 503/2، ح 15، قطعة منه، مرسلاً.
تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 420، س 6. )

2 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال [الإمام ](عليه السلام): ودخل رجل علي محمّد بن عليّ بن موسي الرضا1ز محمّد بن عليّ بن موسي الرضا، 4(عليهم السلام)، وهو مسرور، فقال: ما لي أراك مسروراً؟
قال: يا ابن رسول اللّه! سمعت أباك يقول: أحقّ يوم بأن يسرّ العبد فيه يوم يرزقه اللّه صدقات، ومبرّات، وسدّ خلات من إخوان له مؤمنين، وإنّه قصدني اليوم عشرة من إخواني [المؤمنين ] الفقراء لهم عيالات قصدوني من بلد كذا وكذا، فأعطيت كلّ واحد منهم، فلهذا سروري.
فقال محمّد بن عليّ(عليهما السلام): لعمري! إنّك حقيق بأن تسرّ إن لم تكن أحبطته، أو لم تحبطه فيما بعد.
فقال الرجل: وكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلّص؟
قال: هاه، قد أبطلت برّك بإخوانك وصدقاتك.
قال: وكيف ذاك يا ابن رسول اللّه!؟
قال له محمّد بن عليّ(عليهما السلام): اقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَاتُبْطِلُواْ صَدَقَتِكُم بِالْمَنِ ّ وَالْأَذَي ).
( البقرة: 264/2. )
قال الرجل: يا ابن رسول اللّه! ما مننت علي القوم الذين تصدّقت عليهم، ولا آذيتهم.
قال له محمّد بن عليّ(عليهما السلام): إنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما قال: (لَاتُبْطِلُواْ صَدَقَتِكُم بِالْمَنِ ّ وَالْأَذَي ) ولم يقل لا تبطلوا بالمنّ علي من تتصدّقون [عليه وبالأذي لمن تتصدّقون عليه ]، وهو كلّ أذي، أفتري أذاك للقوم الذين تصدّقت عليهم أعظم، أم أذاك لحفظتك، وملائكة اللّه المقرّبين حواليك، أم أذاك لنا؟ فقال الرجل: بل هذا، يا ابن رسول اللّه!
فقال: فقد آذيتني، وآذيتهم، وأبطلت صدقتك. قال: لماذا؟
قال: لقولك: وكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلّص، ويحك أتدري من شيعتنا الخلّص؟
[قال: لا! قال: شيعتنا الخلّص ] حزقيل المؤمن، مؤمن آل فرعون 2 من آل فرعون، 4، وصاحب يس الذي قال اللّه تعالي [فيه ]: (وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَي )، ( يس: 20/36. )
وسلمان، وأبو ذرّ، والمقداد، وعمّار، أسويّت نفسك بهؤلاء أماآذيت بهذا الملائكة وآذيتنا.
فقال الرجل: أستغفر اللّه وأتوب إليه، فكيف أقول؟
قال: قل: أنا من مواليكم ومحبّيكم ومعادي أعدائكم، وموالي أوليائكم.
فقال: كذلك أقول: وكذلك أنا يا ابن رسول اللّه! وقد تبت من القول الذي أنكرته، وأنكرته الملائكة، فما أنكرتم ذلك إلّا لإنكار اللّه عزّ وجلّ.
فقال محمّد بن عليّ بن موسي الرضا(عليهم السلام) الآن قد عادت إليك مثوبات صدقاتك، وزال عنها الإحباط.
( التفسير: 314، ح 160. عنه البحار: 159/65، س 6، ضمن ح 11، ومستدرك الوسائل: 234/7، ح 8123، قطعة منه، والبرهان: 23/4، س 14، ضمن ح 4. )
3 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] وقال محمّد بن عليّ(عليهما السلام): أفضل العبادة الإخلاص.
( التفسير: 329، ح 186. عنه البحار: 245/67، ح 19.
عدّة الداعي: 233، س 15. عنه البحار: 249/67، س 10، ضمن ح 25.
تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 428، س 5، مرسلاً. )

4 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] وقال محمّد بن عليّ [بن موسي ](عليهم السلام) حين قال رجل بحضرته: إنّي لأُحبّ محمّداً وعليّاً حتّي لوقطّعت إرباً إرباً أو قرضت لم أزل عنه.
قال محمّد بن عليّ(عليهما السلام): لا جرم أنّ محمّداً وعليّاً يعطيانك من أنفسهما ماتعطيهما [أنت ] من نفسك، إنّهما ليستدعيان لك في يوم فصل القضاء ما لايفي ما بذلته لهما بجزء من مائة ألف ألف جزء من ذلك.
( التفسير: 332، ح 199. عنه البحار: 260/23، س 17، ضمن ح 8، بتفاوت، و10/36، س 6، ضمن ح 11، بتفاوت، والبرهان: 245/3، س 21، ضمن ح 3، بتفاوت. )
5 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] وقال محمّد بن عليّ الرضا(عليهما السلام): من اختار قرابات أبوي دينه محمّد وعليّ(عليهما السلام) علي قرابات أبوي نسبه، اختاره اللّه تعالي علي رؤوس الأشهاد يوم التناد، وشهّره بخلع كراماته، وشرّفه بها علي العباد إلّا من ساواه في فضائله أو فضله.
( التفسير: 336، ح 210. عنه مستدرك الوسائل: 380/12، ح 14348، والبحار: 263/23، س 13، ضمن ح 8. )
6 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] وقال محمّد بن عليّ(عليهما السلام): إنّ حجج اللّه علي دينه أعظم سلطاناً يسلّط اللّه بها علي عباده، فمن وفّر منها حظّه فلا يرينّ أنّ من منعه ذلك [قد فضّله عليه، ولو جعله في الذروة العليا من الشرف والمال والجمال، فإنّه إن رأي ذلك ] كان قد حقّر عظيم نعم اللّه لديه.
وإنّ عدوّاً من أعدائنا النواصب يدفعه بما تعلّمه من علومنا أهل البيت لأفضل له من كلّ مال لمن فضّل عليه، ولو تصدّق بألف ضعفه.
( التفسير: 351، ح 237. عنه البحار: 11/2، ح 22، بتفاوت يسير. )
7 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] قال: وقال رجل لمحمّد بن عليّ(عليهما السلام): يا ابن رسول اللّه! مررت اليوم بالكرخ، فقالوا: هذا نديم محمّد بن عليّ إمام الرافضة، فاسألوه من خير الناس بعد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فإن قال: عليّ، فاقتلوه، وإن قال: أبوبكر، فدعوه، فانثال عليّ منهم خلق عظيم، وقالوا لي: من خير الناس بعد ( يقال: انثال عليه الناس: اجتمعوا وأتوه من كلّ ناحية. المعجم الوسيط: 102، (ثال). )
رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)؟
فقلت مجيباً لهم: خير الناس بعد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أبوبكر وعمر وعثمان، وسكتّ ولم أذكر عليّاً.
فقال بعضهم: قد زاد علينا، نحن نقول ههنا وعليّ.
فقلت لهم: في هذا نظر، لا أقول هذا.
فقالوا بينهم: إنّ هذا أشدّ تعصّباً للسنّة منّا قد غلطنا عليه.
ونجوت بهذا منهم، فهل عليّ يا ابن رسول اللّه! في هذا حرج؟ وإنّما أردت: أخير [الناس ]، أي أهو خير؟ - استفهاماً لا إخباراً -.
فقال محمّد بن عليّ(عليهما السلام): قد شكر اللّه لك بجوابك هذا، وكتب لك أجره، وأثبته لك في الكتاب الحكيم، وأوجب لك بكلّ حرف من حروف ألفاظك بجوابك هذا لهم ما يعجز عنه أمانيّ المتمنّين، ولا يبلغه آمال الآملين.
( التفسير: 362، ح 250. عنه البحار: 405/72، س 4، ضمن ح 42، بتفاوت، ومستدرك الوسائل: 266/12، ح 14069. )
8 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] قال محمّد بن عليّ بن موسي الرضا(عليهم السلام): (مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ ) بأن نرفع حكمها، (أَوْ نُنسِهَا ): بأن نرفع رسمها، ونزيل عن القلوب حفظها،وعن قلبك، يامحمّد! كما قال اللّه تعالي: (سَنُقْرِئُكَ فَلَاتَنسَي * إِلَّا مَا شَآءَ اللَّهُ 5الأعلي إلّا ما شاء اللّه.... 7 ، 4) ( الأعلي: 6/87 - 7. )
أن ينسيك، فرفع ذكره عن قلبك.
(نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ ) يعني؛ بخير لكم، فهذه الثانية أعظم لثوابكم، وأجلّ لصلاحكم من الآية الأُولي المنسوخة، (أَوْ مِثْلِهَآ ) من الصلاح لكم، أي إنّا لاننسخ ولا نبدّل إلّا وغرضنا في ذلك مصالحكم.
ثمّ قال: يا محمّد! (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَي كُلِ ّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ ) فإنّه قدير ( البقرة: 106/2. )
يقدر علي النسخ وغيره.
(أَلَمْ تَعْلَمْ - يا محمّد! - أَنَّ اللَّهَ لَهُ و مُلْكُ السَّمَوَتِ وَالْأَرْضِ ) وهو العالم بتدبيرها ومصالحها، فهو يدبّركم بعلمه.
(وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍ ّ ) يلي صلاحكم إذ كان العالم بالمصالح هواللّه عزّ وجلّ دون غيره، (وَلَا نَصِيرٍ ) وما لكم [من ] ناصر ينصركم من مكروه إن أراد [اللّه ] إنزاله بكم، أو عقاب إن أراد إحلاله بكم.
وقال محمّد بن عليّ(عليهما السلام): وربّما قدر عليه النسخ والتبديل لمصالحكم ومنافعكم، لتؤمنوا بها، ويتوفّر عليكم الثواب بالتصديق بها، فهو يفعل من ذلك ما فيه صلاحكم، والخيرة لكم.
ثمّ قال: (أَلَمْ تَعْلَمْ - يا محمّد! - أَنَّ اللَّهَ لَهُ و مُلْكُ السَّمَوَتِ وَالْأَرْضِ) فهو يملكها بقدرته ويصرّفها بحسب مشيّته، لا مقدّم لما أخّر، ولا مؤخّر لما قدّم.
ثمّ قال: (وَمَا لَكُم ) يا معشر اليهود والمكذّبين! بمحمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) والجاحدين بنسخ الشرائع (مِّن دُونِ اللَّهِ ) سوي اللّه (مِن وَلِيٍ ّ ) يلي مصالحكم إن لم يل لكم ربّكم المصالح (وَلَا نَصِيرٍ ) ينصركم من دون ( البقرة: 107/2 )
اللّه فيدفع عنكم عذابه.
( التفسير: 491، ح 311. عنه البرهان: 140/1، ح 1، والبحار: 104/4، ح 18. )
9 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر(رضي اللّه عنه)، قال: حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد، وعليّ بن محمّد بن سيّار، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ العسكريّ، عن أبيه عليّ بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ(عليهم السلام): أنّ الرضا عليّ بن موسي(عليهما السلام) لمّا جعله المأمون وليّ عهده، احتبس المطر، فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصّبين علي الرضا يقولون: انظروا لمّا جاءنا عليّ بن موسي(عليهما السلام)، وصار وليّ عهدنا، فحبس اللّه عنّا المطر، واتّصل ذلك بالمأمون، فاشتدّ عليه، فقال للرضا(عليه السلام): قد احتبس المطر، فلودعوت اللّه عزّوجلّ أن يمطر الناس.
فقال الرضا(عليه السلام): نعم! قال: فمتي تفعل ذلك؟ وكان ذلك يوم الجمعة.
قال: يوم الاثنين، فإنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أتاني البارحة في منامي، ومعه أميرالمؤمنين عليّ(عليه السلام)، وقال: يابنيّ! انتظر يوم الاثنين، فأبرز إلي الصحراء، واستسق، فإنّ اللّه تعالي سيسقيهم، وأخبرهم بما يريك اللّه ممّا لا يعلمون من حالهم ليزداد علمهم بفضلك، ومكانك من ربّك عزّ وجلّ.
فلمّا كان يوم الاثنين غدا إلي الصحراء، وخرج الخلائق ينظرون، فصعد المنبر، فحمد اللّه وأثني عليه، ثمّ قال: «اللّهمّ يا ربّ! أنت عظّمت حقّنا أهل البيت 6 لّهمّ يا ربّ! أنت عظّمت حقّنا أهل البيت، 4، فتوسّلوا بنا كما أمرت، وأمّلوا فضلك ورحمتك، وتوقّعوا إحسانك ونعمتك، فاسقهم سقياً نافعاً عامّاً غيررائث ولا ضائر»، وليكن ابتداء ( راث يريث ريثاً: أبطأ...، غير رائث أي غير بطي ء. لسان العرب: ج 2، ص 157، (ريث). )
( ضاره الأمر يضوره كيضيره ضيراً وضوراً، أي ضرّه. لسان العرب: 494/4، (ضور). )
مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلي منازلهم ومقارّهم».
قال: فوالذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً! لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم، وأرعدت، وأبرقت، وتحرّك الناس كأنّهم يريدون التنحّي عن المطر.
فقال الرضا(عليه السلام): علي رسلكم أيّها الناس! فليس هذا الغيم لكم، إنّما ( الرّسل بالكسر: الرفق والتؤْدَةُ، والاسترسال: الاستيناس والطمأنينة إلي الإنسان والثقة به فيما يحدّثه، وأصله السكون والثبات. مجمع البحرين: 382/5، (رسل). )
هولأهل بلد كذا، فمضت السحابة وعبرت، ثمّ جاءت سحابة أخري تشتمل علي رعد وبرق، فتحرّكوا.
فقال: علي رسلكم، فما هذه لكم، إنّما هي لأهل بلد كذا، فما زالت حتّي جاءت عشر سحابة وعبرت، ويقول عليّ بن موسي الرضا(عليه السلام) في كلّ واحدة: علي رسلكم، ليست هذه لكم، إنّما هي لأهل بلد كذا.
ثمّ أقبلت سحابة حادية عشر، فقال: أيّها الناس! هذه سحابة بعثها اللّه عزّ وجلّ لكم، فاشكروا اللّه علي تفضّله عليكم، وقوموا إلي مقارّكم ومنازلكم فإنّها مسامتة لكم، ولرؤوسكم ممسكة عنكم إلي أن تدخلوا إلي مقارّكم، ( في المصدر: مسامة، والظاهر أنّه غير صحيح، يدّل عليه ما في البحار ومدينة المعاجز.
سامته: قابله ووازاه. المنجد: 349، (سمت). )

ثمّ يأتيكم من الخير ما يليق بكرم اللّه تعالي وجلاله.
ونزل من المنبر، وانصرف الناس، فما زالت السحابة ممسكة إلي أن قربوا ( في المصدر: علي المنبر، والظاهر أنّه غير صحيح كما يدّل عليه البحار ومدينة المعاجز. )
من منازلهم، ثمّ جاءت بوابل المطر، فملئت الأودية، والحياض، ( الوَبْل والوابل: المطر الشديد الضخم القطْر. لسان العرب: 720/11، (ويل). )
والغدران، والفلوات.
فجعل الناس يقولون: هنيئاً لولد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) كرامات اللّه عزّوجلّ، ثمّ برز إليهم الرضا(عليه السلام)، وحضرت الجماعة الكثيرة منهم، فقال: ياأيّهاالناس! اتّقوا اللّه في نعم اللّه عليكم، فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره علي نعمه وأياديه.
واعلموا! أنّكم لا تشكرون اللّه تعالي بشي ء بعد الإيمان باللّه، وبعدالاعتراف بحقوق أولياء اللّه من آل محمّد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أحبّ إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين علي دنياهم التي هي معبر لهم إلي جنان ربّهم، فإنّ من فعل ذلك كان من خاصّة اللّه تبارك وتعالي.
وقد قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في ذلك قولاً ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل اللّه عليه فيه، إن تأمّله وعمل عليه، قيل: يا رسول اللّه! هلك فلان يعمل من الذنوب كيت وكيت؟!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): بل قد نجي، ولا يختم اللّه عمله إلّا بالحسني، وسيمحوا اللّه عنه السيّئات، ويبدّلها من حسنات، إنّه كان يمرّ مرّة في طريق ( في البحار ومدينة المعاجز: ويبدلها له حسناً. )
عرض له مؤمن قد انكشف عورته وهو لا يشعر، فسترها عليه، ولم يخبره بها مخافة أن يخجل، ثمّ إنّ ذلك المؤمن عرفه في مهواه، فقال له: أجزل اللّه لك ( المهواة: موضع في الهواء مشرف ما دونه من جبل وغيره ...، ورأيتم يتهاوون في المهواة: إذا سقط بعضهم في إثر بعض. لسان العرب: 370/15، (هوا). )
الثواب وأكرم لك المآب ولا ناقشك في الحساب، فاستجاب اللّه له فيه، فهذا العبد لا يختم اللّه له إلّا بخير، بدعاء ذلك المؤمن.
فاتّصل قول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بهذا الرجل، فتاب وأناب، وأقبل علي طاعة اللّه عزّ وجلّ، فلم يأت عليه سبعة أيّام حتّي اُغير علي سرح المدينة، فوجّه ( السرح: الماشية [فناء الدار]. المنجد: 329، (سرح). )
رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في أثرهم جماعة، ذلك الرجل أحدهم، فاستشهد فيهم.
قال الإمام محمّد بن عليّ بن موسي(عليهم السلام): وعظّم اللّه تبارك وتعالي البركة في البلاد بدعاء الرضا(عليه السلام)، وقد كان للمأمون من يريد أن يكون هو وليّ عهده من دون الرضا(عليه السلام)، وحسّاد كانوا بحضرة المأمون للرضا(عليه السلام).
فقال للمأمون بعض أولئك: يا أمير المؤمنين! أُعيذك باللّه أن تكون تاريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشرف العميم والفخر العظيم من بيت ولد العبّاس إلي سبيت ولد عليّ، لقد أعنت علي نفسك وأهلك، جئت بهذا الساحر ولد السحرة، وقد كان خاملاً، فأظهرته، ومتّضعاً فرفعته، ومنسيّاً فذكّرت به، ومستخفّا ( خمل ذكره وصوته، خمُولا: خَفِي. أقرب الموارد: 303/1، (خمل).
فنوّهت به، قد ملاء الدنيا مخرقة وتشوّقاً بهذا المطر الوارد عند دعائه، ( نوّه الشي ء تنويهاً: رفعه. أقرب الموارد: 1362/2، (نوه). ) )

ماأخوفني أن يخرج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العبّاس إلي ولد عليّ؟!
بل ما أخوفني أن يتوصّل بسحره إلي إزالة نعمتك، والتواثب علي ( توثّب: استولي. أقرب الموارد: 1424/2، (وثب). )
مملكتك، هل جني أحد علي نفسه وملكه مثل جنايتك؟!
فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستتراً عنّا، يدعو إلي نفسه، فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافه لنا، وليعتقد فيه المفتونون به أنّه ليس ممّا ادّعي في قليل ولا كثير، وإنّ هذا الأمر لنا من دونه، وقد خشينا إن تركناه علي تلك الحالة أن ينفتق علينا منه ما لانسدّه، ويأتي علينا منه ما لا نطيقه، والآن، فإذ قد فعلنا به ما فعلناه، وأخطأنا في أمره بماأخطأنا، وأشرفنا من الهلاك بالتنويه به علي ما أشرفنا.
فليس يجوز التهاون في أمره، ولكنّا نحتاج أن نضع منه قليلاً قليلاً حتّي نصوّره عند الرعايا بصورة من لايستحقّ لهذا الأمر؛ ثمّ ندبّر فيه بما يحسم عنّا موادّ بلائه.
قال الرجل: يا أمير المؤمنين! فولّني مجادلته، فإنّي أفحمه وأصحابه، وأضع من قدره، فلولا هيبتك في نفسي لأنزلته منزلته، وبيّنت للناس قصوره عمّا رشحته له.
قال المأمون: ما شي ء أحبّ إليّ من هذا.
قال: فاجمع جماعة وجوه أهل مملكتك من القوّاد، والقضاة، وخيار الفقهاء لأُبيّن نقصه بحضرتهم، فيكون أخذاً له عن محلّه الذي أحللته فيه علي علم منهم بصواب فعلك.
قال: فجمع الخلق الفاضلين من رعيّته في مجلس واسع، قعد فيه لهم، وأقعد الرضا(عليه السلام) بين يديه في مرتبته التي جعلها له، فابتدء هذا الحاجب المتضمّن للوضع من الرضا(عليه السلام).
وقال له: إنّ الناس قد أكثروا عنك الحكايات، وأسرفوا في وصفك، بماأري أنّك إن وقفت عليه برئت إليهم منه.
قال: وذلك أنّك قد دعوت اللّه في المطر المعتاد مجيئه فجاء، فجعلوه آية معجزة لك، أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا، وهذا أمير المؤمنين أدام اللّه ملكه وبقاءه لا يوازي بأحد إلّا رجّح به، وقد أحلّك المحلّ الذي قد عرفت، فليس من حقّه عليك أن تسوّغ الكاذبين لك وعليه ما يتكذّبونه.
فقال الرضا(عليه السلام): ما أدفع عباد اللّه عن التحدّث بنعم اللّه عليّ، وإن كنت لاأبغي أشراً و لا بطراً وأمّا ما ذكرك صاحبك الذي أحلّني ما أحلّني، ( أشِرَ، أشَراً: بَطِرَ ومَرِح. المنجد: 12، (اَشِرَ). )
( بَطِراً: أخذته دهشة. أقرب الموارد: 47/1، (بطر). )
فماأحلّني إلّا المحلّ الذي أحلّه ملك مصر يوسف الصديق(عليه السلام)، وكانت حالهما ما قد علمت، فغضب الحاجب عند ذلك، وقال: يا ابن موسي! لقد عدوت طورك، وتجاوزت قدرك أن بعث اللّه بمطر مقدّر وقته لا يتقدّم ولا ( في المصدر: تجاوزك، والظاهر أنّه غير صحيح، كما دلّ عليه البحار ومدينة المعاجز. )
يتأخّر، جعلته آية تستطيل بها، وصولة تصول بها، كأنّك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم(عليه السلام) لمّا أخذ رؤوس الطير بيده، ودعا أعضاءها التي كان فرّقها علي الجبال، فأتينه سعياً، وتركّبن علي الرؤوس، وخفقن وطرن بإذن اللّه تعالي.
( خفقه، خفقاً: ضربه بشي ء. أقرب الموارد: 290/1، (خفق). )
فإن كنت صادقاً فيما توهّم فأحي هذين وسلّطهما عليّ، فإنّ ذلك يكون حينئذ آية معجزة، فأمّا المطر المعتاد مجيئه، فلست أنت أحقّ بأن يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا، كما دعوت.
وكان الحاجب أشار إلي أسدين مصوّرين علي مسند المأمون الذي كان مستنداً إليه، وكانا متقابلين علي المسند.
فغضب عليّ بن موسي(عليهما السلام)، وصاح بالصورتين دونكما الفاجر، فافترساه ولاتبقيا له عيناً ولا أثراً. فوثبت الصورتان، وقد عادتا أسدين، فتناولا الحاجب، ورضّاه، وهشماه وأكلاه، ولحسا دمه.
( رَضّه: دقّه وجرشه. أقرب الموارد: 409/1، (رضض). )
( هشمه، هشماً: كسره، أقرب الموارد: 1391/2، (هشم). )
( لَحَسَ: لعِقَها وأخذ ما علق بجوانبها بالإصبع أو باللسان. أقرب الموارد: 1132/2. )
والقوم ينظرون متحيّرين ممّا يبصرون، فلمّا فرغا منه أقبلا علي الرضا(عليه السلام) وقالا: يا وليّ اللّه! في أرضه ماذا تأمرنا نفعل بهذا، أنفعل به ما فعلنا بهذا؟، يشيران إلي المأمون.
فغشي علي المأمون ممّا سمع منهما، فقال الرضا(عليه السلام): قفا! فوقفا.
قال الرضا(عليه السلام): صبّوا عليه ماء ورد وطيّبوه، ففعل ذلك به، وعاد الأسدان يقولان: أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟
قال: لا! فإنّ للّه عزّ وجلّ فيه تدبيراً هو ممضيه، فقالا: ماذا تأمرنا؟
( في المصدر: فإنّ اللّه، وهو غير صحيح، يدلّ عليه ما في البحار ومدينة المعاجز. )
قال: عودا إلي مقرّكما، كما كنتما، فصارا إلي المسند، وصارا صورتين كماكانتا.
فقال المأمون: الحمد للّه الذي كفاني شرّ حميد بن مهران يعني الرجل المفترس، ثمّ قال للرضا(عليه السلام): يا ابن رسول اللّه! هذا الأمر لجدّكم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) ثمّ لكم، فلو شئت لنزلت عنه لك؟
فقال الرضا(عليه السلام): لو شئت لما ناظرتك، ولم أسألك، فإنّ اللّه تعالي قدأعطاني من طاعة سائر خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين إلّاجهّال بني آدم، فإنّهم وإن خسروا حظوظهم، فللّه عزّ وجلّ فيه تدبير، ( في البحار: فيهم، وكذا في مدينة المعاجز. )
وقد أمرني بترك الاعتراض عليك، وإظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك، كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر.
قال: فما زال المأمون ضئيلا في نفسه إلي أن قضي في عليّ بن موسي ( الضئيل: الصغير الدقيق الحقير والنحيف. أقرب الموارد: 674/1، (ضؤل). )
الرضا(عليهما السلام) ما قضي.
( عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 167/2، ح 1. عنه البحار: 155/5، ح 7، قطعة منه، و180/49، ح 16، بتفاوت، و311/88، ح 2، قطعة منه، ومدينة المعاجز: 137/7، ح 2240، بتفاوت آخر لم نذكره، ووسائل الشيعة: 8/8، ح 9997، قطعة منه، وإثبات الهداة: 259/3، ح 35، قطعة منه، ونور الثقلين: 34/4، ح 123، قطعة منه.
الخرائج والجرائح: 658/2، ح 1، مرسلاً، وبتفاوت.
الصراط المستقيم: 197/2، ح 17، باختصار.
المناقب لابن شهر آشوب: 370/4، س 1، باختصار.
الثاقب في المناقب: 467 ح 394، و469، ح 395، قطعتان منه.
دلائل الإمامة: 376، ح 340، بتفاوت. )

10 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا محمّد بن القاسم الأستر آباديّ المفسّر(رضي اللّه عنه) ، قال: حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد، وعليّ، بن محمّد بن سيّار، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام)، عن أبيه، عن جدّه(عليهما السلام)، قال: جاء رجل إلي الرضا(عليه السلام)، فقال له: يا ابن رسول اللّه 10 ء رجل إلي الرضا، فقال له: يا ابن رسول اللّه.... الإمام الجواد ، 4! أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ ّ الْعَلَمِينَ ) ما تفسيره؟
فقال: لقد حدّثني أبي، عن جدّي، عن الباقر، عن زين العابدين، عن أبيه(عليهم السلام): أنّ رجلاً جاء إلي أمير المؤمنين(عليه السلام)، فقال: أخبرني عن قول اللّه عزّوجلّ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ ّ الْعَلَمِينَ ) ما تفسيره؟
فقال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ )، هو أن عرّف عباده بعض نعمه عليهم جملاً، إذلايقدرون علي معرفة جميعها بالتفصيل، لأنّها أكثر من أن تحصي، أو تعرف.
فقال لهم: قولوا: الحمد للّه علي ما أنعم به علينا ربّ العالمين، وهم الجماعات من كلّ مخلوق من الجمادات، والحيوانات.
وأمّا الحيوانات، فهو يقلّبها في قدرته، ويغذوها من رزقه، ويحوطها بكنفه، ويدبّر كلًّا منها بمصلحته.
وأمّا الجمادات، فهو يمسكها بقدرته، ويمسك المتصّل منها أن يتهافت، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق، ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلّا بإذنه، ويمسك الأرض أن تنخسف إلّا بأمره، إنّه بعباده لرؤف رحيم.
وقال(عليه السلام): (رَبِ ّ الْعَلَمِينَ )، مالكهم، وخالقهم، وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون، ومن حيث لا يعلمون.
فالرزق مقسوم، وهو يأتي ابن آدم علي أيّ سيرة سارها من الدنيا، ليس تقوي متّق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه وبينه ستر وهو طالبه، فلو أنّ أحدكم يفرّ من رزقه لطلبه رزقه، كما يطلبه الموت.
فقال اللّه جلّ جلاله: قولوا: (الْحَمْدُ لِلَّهِ ) علي ما أنعم به علينا، وذكّرنا به من خير في كتب الأوّلين قبل أن نكون.
ففي هذا إيجاب علي محمّد وآل محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وعلي شيعتهم أن يشكروه بمافضّلهم، وذلك أنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قال: لمّا بعث اللّه عزّ وجلّ موسي بن عمران(عليه السلام)، واصطفاه نجيّاً، وفلق له البحر، ونجا بني إسرائيل، وأعطاه التورية والألواح، رأي مكانه من ربّه عزّ وجلّ.
فقال: يا ربّ! لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحداً قبلي.
فقال اللّه جلّ جلاله: يا موسي! أما علمت أنّ محمّداً عندي أفضل من جميع ملائكتي، وجميع خلقي؟
قال موسي(عليه السلام): يا ربّ! فإن كان محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أكرم عندك من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟
قال اللّه جلّ جلاله: يا موسي! أما علمت أنّ فضل آل محمّد علي جميع آل النبيّين، كفضل محمّد علي جميع المرسلين.
فقال موسي: يا ربّ! فإن كان آل محمّد أفضل عندك من أُمّتي؟ ظلّلت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المنّ والسلوي، وفلقت لهم البحر، فقال اللّه جلّ جلاله: يا موسي! أما علمت أنّ فضل أُمّة محمّد علي جميع الأُمم كفضله علي جميع خلقي.
فقال موسي(عليه السلام): يا ربّ! ليتني كنت أراهم.
فأوحي اللّه عزّ وجلّ إليه: يا موسي! إنّك لن تراهم، وليس هذا أوان ظهورهم، ولكن سوف تراهم في الجنّات، جنّات عدن، والفردوس، بحضرة محمّد في نعيمها يتقلّبون، وفي خيراتها يتبحبحون، أفتحبّ أن أسمعك كلامهم؟ ( تَبَحْبَح في المجد: أي أنّه في مجد واسع ...، وتبحبح إذا تمكّن وتوسّط المنزل والمقام. لسان العرب: 407/2، (بحح). )
فقال: نعم، إلهي!
قال اللّه جلّ جلاله: قم بين يديّ! واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يديّ الملك الجليل، ففعل ذلك موسي(عليه السلام).
فنادي ربّنا عزّ وجلّ: يا أُمّة محمّد! فأجابوه كلّهم، وهم في أصلاب آبائهم، وأرحام أُمّهاتهم: «لبّيك، اللّهمّ لبّيك، لبّيك، لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة والملك لك، لا شريك لك».
قال: فجعل اللّه عزّ وجلّ تلك الإجابة شعار الحاجّ.
ثمّ نادي ربّنا عزّ وجلّ: يا أُمّة محمّد! إنّ قضائي عليكم، أنّ رحمتي سبقت غضبي، وعفوي قبل عقابي، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني، وأعطيتكم من قبل أن تسألوني.
من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، صادق في أقواله، محقّ في أفعاله، وأنّ عليّ بن أبي طالب أخوه، ووصيّه من بعده، ووليّه، ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمّد.
وأنّ أوليائه المصطفين الطاهرين المطهّرين المنبئين بعجائب آيات اللّه، ( في البحار: المبانين، وفي العلل: الميامين.
ودلائل حجج اللّه من بعدهما أوليائه، أدخلته جنّتي، وإن كانت ذنوبه مثل زبدالبحر1ظ البحر، 4. )

قال(عليه السلام): فلمّا بعث اللّه عزّ وجلّ نبيّنا محمّداً(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قال: يا محمّد! (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا ) أُمّتك بهذه الكرامة.
( القصص: 28/ 46. )
ثمّ قال عزّ وجلّ لمحمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم): قل: الحمد للّه ربّ العالمين علي ما اختصّني به من هذه الفضيلة، وقال لأُمّته: قولوا أنتم: الحمد للّه ربّ العالمين علي مااختصّنا به من هذه الفضائل.
( عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 282/1، ح 30. عنه تفسير البرهان: 49/1، ح 18. )
بشارة المصطفي: 212، س 15.
التفسير المنسوب إلي الإمام الحسن العسكريّ(عليه السلام): 30، ح 11، مرسلاً، قال الإمام: جاءرجل إلي الرضا(عليه السلام) ... . عنه تأويل الآيات الظاهرة: 27، س 6، و411، س 11، قطعتان منه. وعنه وعن العيون، البحار: 274/26، ح 17.
من لا يحضره الفقيه: 211/2، ح 967، قطعة منه. عنه الجواهر السنيّة: 193، س 22. وعنه وعن العيون، الفصول المهمّة للحرّ العامليّ: 406/1، ح 551، ووسائل الشيعة: 384/12، ح 16572، والوافي: 717/3، ح 1332، قطعة منه.
علل الشرايع: ب 416/157، ح 3، مسنداً نحو ما في تفسير الإمام(عليه السلام). عنه الجواهر السنيّة: 193، س 10، قطعة منه. وعنه وعن العيون، البحار: 340/13، ح 18، قطعة منه، و224/89، ح 2، أورده بتمامه، و185/96، ح 16، قطعة منه. )
11 - الشيخ الصدوق(ره): حدّثنا محمّد بن القاسم المفسّر، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن محمّد ( تقدّمت ترجمته في (ما رواه عن الإمام الحسين(ع))، رقم 980.
ابن عليّ: قال: مرض رجل من أصحاب الرضا(عليه السلام)، فعاده، فقال: كيف تجدك؟ قال: لقيت الموت بعدك - يريد ما لقيه من شدّة مرضه -. )

فقال: كيف لقيته؟
قال: أليماً شديداً، فقال: ما لقيته، إنّما لقيت ما ينذرك به، ويعرّفك بعض حاله، إنّما الناس رجلان: مستريح بالموت، ومستراح به منه، فجدّد الإيمان باللّه وبالولاية تكن مستريحاً، ففعل الرجل ذلك.
( معاني الأخبار: 289، ح 7. عنه البحار: 155/6، ح 11، وفيه: المفسّر، عن أحمد بن الحسن الحسينيّ، عن أبي محمّد العسكريّ(عليه السلام) ... .
الدعوات للراونديّ: 248، ح 698، وفيه: عن محمّد بن عليّ(ع)، وزاد فيه: ثمّ قال: ياابن رسول اللّه! هذه ملائكة ربّي بالتحيّات والتحف، يسلّمون عليك، وهم قيام بين يديك ، فائذن لهم في الجلوس.
فقال الرضا(عليه السلام): اجلسوا ملائكة ربّي، ثمّ قال للمريض: سلهم! أمروا بالقيام بحضرتي؟
فقال المريض: سئلتهم، فزعموا أنّه لو حضرك كلّ من خلقه اللّه من ملائكته لقاموا لك ولم يجلسوا حتّي تأذن لهم، هكذا أمرهم اللّه عزّ وجلّ، ثمّ غمز الرجل عينيه، وقال: السلام عليك يا ابن رسول اللّه! هكذا شخصك ماثل لي مع أشخاص محمّد6، ومن بعده من الأئمّة:، وقضي الرجل.
عنه البحار: 194/6، ح 45، و72/49، ح 96، ومستدرك الوسائل: 126/2، ح 2. )

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
12 - أبو جعفر الطبريّ(ره): وحدّثني أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه، قال: حدّثني جعفر [بن محمّد] بن مالك الفزاريّ، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل الحسنيّ، عن أبي محمّد الحسن بن عليّ(عليهما السلام)، قال:
كان أبو جعفر شديد الأُدمة10 ن أبو جعفر شديد الأُدمة.... الإمام العسكريّ ، 4، ولقد قال فيه الشاكّون المرتابون - وسنّه ( اَلأُدْمَةُ: السمْرَة، لون مُشْرَب سواداً أو بياضاً. لسان العرب: 11/12، (أدم). )
خمسة وعشرون شهراً-: إنّه ليس هو من ولد الرضا(عليه السلام).
وقالوا لعنهم اللّه: إنّه من شُنيف الأسود مولاه، وقالوا: من لؤلؤ.
( في نوادر المعجزات: «سعيد»، بدل «شنيف»، وفي الهداية الكبري: «سيف». )
وإنّهم أخذوه، والرضا(عليه السلام) عندالمأمون، فحملوه إلي القافة، وهو طفل بمكّة في مجمع من الناس بالمسجدالحرام، فعرضوه عليهم.
فلمّا نظروا إليه، وزرقوه بأعينهم، خرّوا لوجوههم سجّداً، ثمّ قاموا.
( زرقوه: زرقت عينه نحوي: إذا تقلّبت، فظهر بياضها. مجمع البحرين: 176/5، (زرق). )
فقالوا لهم: يا ويحكم! مثل هذا الكوكب الدرّيّ، والنور المنير، يعرض علي أمثالنا، وهذا واللّه، الحسب الزكيّ، والنسب المهذّب الطاهر، واللّه! ما تردّد إلّا في أصلاب زاكية، وأرحام طاهرة، وواللّه! ما هو إلّا من ذرّيّة أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب، ورسول اللّه.
فارجعوا واستقيلوا اللّه، واستغفروه، ولا تشكّوا في مثله.
وكان في ذلك الوقت سنّه خمسة وعشرين شهراً، فنطق بلسان أرهف من ( أرهف السيف: حَدَّدَه ورقّق حدّه. أقرب الموارد: 439/1، (رهف). )
السيف، وأفصح من الفصاحة، يقول: «الحمد للّه الذي خلقنا من نوره بيده، واصطفانا من بريّته، وجعلنا أُمناءه علي خلقه ووحيه».
معاشر الناس! أنا محمّد بن عليّ الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر بن عليّ سيّد العابدين بن الحسين الشهيد بن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب، وابن فاطمة الزهراء، وابن محمّد المصطفي(عليهم السلام).
ففي مثلي يشكّ، وعليّ وعلي أبويّ يفتري، وأُعرض علي القافة!؟
وقال: واللّه! إنّني لأعلم بأنسابهم من آبائهم، إنّي واللّه! لأعلم بواطنهم وظواهرهم، وإنّي لأعلم بهم أجمعين، وما هم إليه صائرون، أقوله حقّاً، واُظهره صدقاً، علماً ورّثناه اللّه قبل الخلق أجمعين، وبعد بناء السماوات والأرضين.
وأيم اللّه! لولا تظاهر الباطل علينا، وغلبة دولة الكفر، وتوثّب أهل الشكوك والشرك والشقاق علينا، لقلت قولاً يتعجّب منه الأوّلون والآخرون، ثمّ وضع يده علي فيه، ثمّ قال: يا محمّد! اصمت، كما صمت آباؤك (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَاتَسْتَعْجِل لَّهُمْ ) إلي آخر الآية.
( الأحقاف: 35/46. )
ثمّ تولّي لرجل إلي جانبه، فقبض علي يده ومشي يتخطّي رقاب الناس، والناس يفرجون له.
قال: فرأيت مشيخة ينظرون إليه، ويقولون: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ و ) فسألت عن المشيخة؟
( الأنعام: 124/6. )
قيل: هؤلاء قوم من حيّ بني هاشم، من أولاد عبد المطّلب.
قال: وبلغ الخبر، الرضا عليّ بن موسي(عليهما السلام)، وما صنع بابنه محمّد.
فقال: الحمد للّه! ثمّ التفت إلي بعض من بحضرته من شيعته، فقال: هل علمتم ما قد رميت به مارية القبطيّة، وما ادّعي عليها في ولادتها إبراهيم بن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)؟!
قالوا: لا! يا سيّدنا! أنت أعلم، فخبّرنا، لنعلم.
قال: إنّ مارية لمّا أُهديت إلي جدّي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، أُهديت مع جوار قسّمهنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) علي أصحابه، وظنّ بمارية من دونهنّ، وكان معها خادم يقال له: (جريح) يؤدّبها بآداب الملوك، وأسلمت علي يد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وأسلم جريح معها، وحسن إيمانهما وإسلامهما، فملكت مارية قلب رسول اللّه فحسدها بعض أزواج رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم).
فأقبلت زوجتان من أزواج رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) إلي أبويهما تشكوان رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) فعله وميله إلي مارية، وإيثاره إيّاها عليهما، حتّي سوّلت لهما أنفسهما أن يقولا: إنّ مارية إنّما حملت بإبراهيم من جريح، وكانوا لايظنّون جريحاً خادماً زمناً.
( الزمانة: عدم بعض الأعضاء وتعطيل القوي. أقرب الموارد: 475/1، (زمن). )
فأقبل أبواهما إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وهو جالس في مسجده، فجلسا بين يديه، وقالا: يا رسول اللّه! ما يحلّ لنا ولا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك قال: وماذا تقولان؟
قالا: يا رسول اللّه! إنّ جريحاً يأتي من مارية الفاحشة العظمي، وإنّ حملها من جريح، وليس هو منك يا رسول اللّه! فاربدّ وجه رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، ( أربدّ وجهه وتربّد: احمرّ حمرة فيها سواد عند الغضب. لسان العرب: 170/3، (ربد). )
وتلوّن لعظم ماتلقّياه به، ثمّ قال: ويحكما! ماتقولان؟
فقالا: يا رسول اللّه! إنّنا خلّفنا جريحاً ومارية في مشربة، وهو يفاكهها ( فاكهه: مازحه، تفاكه القوم: تمازحوا. أقرب الموارد: 940/2، (فكه). )
ويلاعبها، ويروم منها ما تروم الرجال من النساء، فابعث إلي جريح فإنّك تجده علي هذه الحال، فأنفذ فيه حكمك وحكم اللّه تعالي.
فقال النبيّ(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا أبا الحسن! خذ معك سيفك ذاالفقار، حتّي تمضي إلي مشربة مارية، فإن صادفتها وجريحاً كما يصفان، فأخمدهما ضرباً.
فقام عليّ(عليه السلام) واتّشح بسيفه، وأخذه تحت ثوبه، فلمّا ولّي ومرّ من بين يدي رسول اللّه أتي إليه راجعاً، فقال له: يا رسول اللّه! أكون فيما أمرتني كالسكّة المحماة في النار، أو الشاهد يري ما لا يري الغائب؟
فقال النبيّ(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فديتك يا عليّ! بل الشاهد يري ما لا يري الغائب.
قال: فأقبل عليّ(عليه السلام) وسيفه في يده حتّي تسوّر من فوق مشربة مارية، ( تسوّرته: أي علوته. لسان العرب: 386/4، (سوّر). )
وهي جالسة وجريح معها، يؤدّبها بآداب الملوك، ويقول لها: أعظمي رسول اللّه، وكنّيه، وأكرميه، ونحواً من هذا الكلام حتّي نظر جريح إلي أميرالمؤمنين وسيفه مشهر بيده، ففزع منه جريح، وأتي إلي نخلة في دار المشربة، فصعد إلي رأسها، فنزل أمير المؤمنين إلي المشربة، وكشف الريح عن أثواب جريح، فانكشف ممسوحاً، فقال: انزل، يا جريح! فقال: ياأميرالمؤمنين! آمن علي نفسي؟ قال: آمن علي نفسك.
قال: فنزل جريح، وأخذ بيده أمير المؤمنين، وجاء به إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فأوقفه بين يديه، وقال له: يا رسول اللّه! إنّ جريحاً خادم ممسوح.
فولّي النبيّ(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بوجهه إلي الجدار، وقال: حلّ لهما -ياجريح!- واكشف عن نفسك حتّي يتبيّن كذبهما، ويحهما! ما أجرأهما علي اللّه وعلي رسوله، فكشف جريح عن أثوابه، فإذا هو خادم ممسوح كماوصف، فسقطا بين يدي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وقالا: يا رسول اللّه! التوبة، استغفر لنا، فلن نعود، فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لا تاب اللّه عليكما، فماينفعكما استغفاري ومعكما هذه الجرأة علي اللّه وعلي رسوله.
قالا: يا رسول اللّه! فإن استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربّنا، وأنزل اللّه الآية التي فيها: (إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ).
( التوبة: 80/9. )
قال الرضا عليّ بن موسي(عليهما السلام): «الحمد للّه الذي جعل فيّ وفي ابني محمّد، أُسوة برسول اللّه، وابنه إبراهيم»، ولمّا بلغ عمره ستّ سنين وشهور قتل المأمون أبه وبقيت الطائفة في حيرة، واختلفت الكلمة بين الناس، واستصغر سنّ أبي جعفر(عليه السلام) وتحيّر الشيعة في سائر الأمصار.
( دلائل الإمامة: 384، ح 342. عنه مدينة المعاجز: 264/7، ح 2312، وحلية الأبرار: 534/4، ح 2.
نوادر المعجزات: 173، ح 1، بتفاوت يسير.
مشارق أنوار اليقين: 98، س 20، أشار إليه. عنه حلية الأبرار: 540/4، ح 3، والبحار: 108/50، ح 27، قطعة منه.
الهداية الكبري: 295، س 13، مرسلاً وبتفاوت. عنه البرهان: 127/3، ح 5، قطعة منه.
المناقب لابن شهر آشوب: 387/4، س 1، قطعة منه. عنه البحار: 8/50، س 15، ح 9.
قطعة منه في (ما رواه عن الإمام الرضا(ع))، و(أنّ الإمام الجواد(عليه السلام) كوكب الدرّيّ ومن ذريّة أمير المؤمنين(عليه السلام)). )

13 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): وعنه [أي أبي محمّد العسكريّ ](عليه السلام) قال: قال محمّد بن عليّ الجواد(عليهما السلام): إنّ من تكفّل بأيتام آل محمّد، المنقطعين عن إمامهم، المتحيّرين في جهلهم، الأُساري في أيدي شياطينهم، وفي أيدي النواصب من أعدائنا.
فاستنقذهم منهم، وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم، وقهر الناصبين بحجج ربّهم ودلائل أئمّتهم، ليفضّلون عند اللّه علي العابد بأفضل المواقع، بأكثر من فضل السماء علي الأرض والعرش والكرسيّ، والحجب علي السماء، وفضلهم علي هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر علي أخفي كوكب في السماء.
( الاحتجاج: 14/1، ح 10. عنه وعن التفسير، البحار: 6/2، ح 11، بتفاوت يسير. التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): 344، ح 224، بتفاوت يسير. عنه منية المريد: 34، س 18، والمحجّة البيضاء: 32/1، س 13، بتفاوت يسير، والفصول المهمّة للحرّ العامليّ: 603/1، ح 947.
الصراط المستقيم: 56/3، س 11. )