(ب) - ما رواه(عليه السلام) عن سيّدنا محمّد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)
1 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): حدّثني أبي عليّ ابن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن موسي، عن أبيه موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه الباقر محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن عليّ سيّدالمستشهدين، عن أبيه أميرالمؤمنين، وسيّد الوصيّين، وخليفة رسول ربّ العالمين، وفاروق الأُمّة، وباب مدينة الحكمة، ووصيّ رسول الرحمة، عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم، عن رسول ربّ العالمين، وسيّدالمرسلين، وقائد الغرّ المحجّلين، والمخصوص بأشرف الشفاعات في يوم الدين(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أجمعين، قال:
حملة القرآن المخصوصون برحمة اللّه، الملبّسون نور اللّه، المعلّمون كلام اللّه، المقرّبون عند اللّه، من والاهم فقد والي اللّه، ومن عاداهم فقد عادي اللّه، ويدفع اللّه عن مستمع القرآن بلوي الدنيا، وعن قارئه بلوي الآخرة.
والذي نفس محمّد بيده، لسامع آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ - وهو معتقد أنّ المورد له عن اللّه تعالي محمّد الصادق في كلّ أقواله، الحكيم في كلّ أفعاله، المودع ما أودعه اللّه تعالي من علومه أمير المؤمنين عليّاً(عليه السلام)، المعتقد للإنقياد له فيما يأمر ويرسم - أعظم أجراً من ثبير ذهب يتصدّق به من لا يعتقد هذه الأمور، بل [تكون ] صدقته وبالاً عليه.
ولقاري ء آية من كتاب اللّه - معتقداً لهذ ه الأمور - أفضل ممّا دون العرش إلي أسفل التخوم يكون لمن لا يعتقد هذا الاعتقاد فيتصدّق به، بل ذلك كلّه وبال علي هذا المتصدّق به.
ثمّ قال: أتدرون متي يتوفّر علي هذا المستمع، وهذا القاري ء هذه المثوبات العظيمات؟ إذا لم يغل في القرآن [ إنّه كلام مجيد]، ولم يجف عنه، ولم يستأكل به، ولم يراء به.
وقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): عليكم بالقرآن، فإنّه الشفاء النافع، والدواء المبارك [و] عصمة لمن تمسّك به، ونجاة لمن [ أ]تبعه لا يعوّج فيقوّم، ولايزيغ فيشعب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق علي كثرة الردّ.
[و] اتلوه، فإنّ اللّه يأجركم علي تلاوته بكلّ حرف عشر حسنات، أماإنّي لا أقول (الم ) عشر، ولكن أقول: الألف عشر، و اللام عشر، و الميم عشر.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أتدرون من المتمسّك الذي (بتمسّكه ينال) هذا الشرف العظيم؟
هو الذي أخذ القرآن وتأويله عنّا أهل البيت، أو عن وسائطنا السفراء عنّا إلي شيعتنا، لا عن آراء المجادلين، وقياس القائسين.
فأمّا من قال في القرآن برأيه، فإن اتّفق له مصادفة صواب، فقد جهل في أخذه عن غير أهله، وكان كمن سلك طريقاً مسبعاً من غير حفّاظ يحفظونه، فإن اتّفقت له السلامة، فهو لا يعدم من العقلاء والفضلاء الذمّ [والعذل ] والتوبيخ، وإن اتّفق له افتراس السبع [ له ] فقد جمع إلي هلاكه سقوطه عند الخيّرين الفاضلين، وعند العوام الجاهلين.
وإن أخطأ القائل في القرآن برأيه، فقد تبوّأ مقعده من النار، وكان مثله كمثل من ركب بحراً هائجاً1ظ بحراً هائجاً، 4 بلا ملاّح، ولا سفينة صحيحة لا يسمع بهلاكه أحد إلّا قال: هو أهل لما لحقه، ومستحقّ لما أصابه.
وقال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ما أنعم اللّه عزّ وجلّ علي عبد بعد الإيمان باللّه أفضل من العلم بكتاب اللّه، والمعرفة بتأويله.
ومن جعل اللّه له في ذلك حظّاً ثمّ ظنّ أنّ أحداً -لم يفعل به ما فعل به- قدفضّل عليه فقد حقّر (نعم اللّه) عليه.
( التفسير: 13، ح 1. عنه وسائل الشيعة: 175/6، ح 7666، و33/27، ح 33143، و201، ح 33594، قِطع منه، والبحار: 217/1، ح 34، قطعة منه، و182/89، ضمن ح 18، باختصار في السند وتفاوت في المتن، ومستدرك الوسائل: 248/4، ح 4615، قطعة منه، ومقدّمة البرهان: 16، س 32، قطعة منه. )
2 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في قوله تعالي: (يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًي وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ 5يونس يا أيّها الناس قد جاءتكم موعظة من ربّكم .... 57 ، 4قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ ي فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ).
( يونس: 57/10، و58. )
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فضل اللّه عزّ وجلّ القرآن، والعلم بتأويله، ورحمته توفيقه لموالاة محمّد وآله الطيّبين، ومعاداة أعدائهم.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وكيف لا يكون ذلك خيراً، ممّا يجمعون، وهو ثمن الجنّة، ونعيمها، فإنّه يكتسب بها رضوان اللّه تعالي الذي هو أفضل من الجنّة، [و] يستحقّ بها الكون بحضرة محمّد وآله الطيّبين الذي هو أفضل من الجنّة، [و] إنّ محمّداً وآله الطيّبين أشرف زينة في الجنان.
ثمّ قال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يرفع اللّه بهذا القرآن، والعلم بتأويله، وبموالاتنا أهل البيت والتبرّي من أعدائنا أقواماً فيجعلهم في الخير قادة، تقصّ آثارهم، وترمق أعمالهم، ويقتدي بفعالهم، وترغب الملائكة في خلّتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وفي صلواتها [تبارك عليهم، و] تستغفر لهم [حتّي ] كلّ رطب ويابس [ يستغفر لهم ] حتّي حيتان البحر1ن حيتان البحر، 4، وهوامّه [ وسباع الطير] وسباع البرّ وأنعامه، والسماء ونجومها.
( التفسير: 15، ح 2. عنه البحار: 217/1، ح 35، بتفاوت يسير، و65/24، ح 50، قطعة منه، و183/89، س 11، ضمن ح 18، بتفاوت يسير، وتأويل الآيات الظاهرة: 223، س 14، قطعة منه، ومقدّمة البرهان: 165، س 13. )
3 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): ألا أُنبّئكم ببعض أخبارنا؟ قالوا: بلي، يا ابن أمير المؤمنين!
قال: إنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لمّا بني مسجده بالمدينة، وأشرع فيه بابه، وأشرع المهاجرون والأنصار (أبوابهم) أراد اللّه عزّ وجلّ إبانة محمّد، وآله الأفضلين بالفضيلة، فنزل جبرئيل(عليه السلام) عن اللّه تعالي بأن سدّوا الأبواب عن مسجد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قبل أن ينزل بكم العذاب.
فأوّل من بعث إليه رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) يأمره بسدّ الأبواب العبّاس بن عبدالمطّلب، فقال: سمعاً وطاعة للّه ولرسوله! وكان الرسول معاذ بن جبل.
ثمّ مرّ العبّاس بفاطمة(سلام اللّه عليه) فرآها قاعدة علي بابها، وقد أقعدت الحسن والحسين(عليهما السلام)، فقال لها: ما بالك قاعدة، انظروا إليها كأنّها لبوة بين يديها جرواها، تظنّ أنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) يخرج عمّه، ويدخل ابن عمّه.
فمرّ بهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقال لها: ما بالك قاعدة؟
قالت: انتظر أمر رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بسدّ الأبواب.
فقال لها: إنّ اللّه تعالي أمرهم بسدّ الأبواب، واستثني منهم رسوله، و[إنّما] أنتم نفس رسول اللّه.
ثمّ إنّ عمر بن الخطّاب جاء، فقال: إنّي أُحبّ النظر إليك يا رسول اللّه! إذا مررت إلي مصلاّك، فأذن لي في فرجة أنظر إليك منها؟!
فقال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): قد أبي اللّه عزّ وجلّ ذلك. قال: فمقدار ما أضع عليه وجهي؟ قال: قد أبي اللّه ذلك. قال: فمقدار ما أضع [عليه ] إحدي عيني؟
قال: قد أبي اللّه ذلك، ولو قلت قدر طرف إبرة لم آذن لك، والذي نفسي بيده ما أنا أخرجتكم، ولا أدخلتهم، ولكنّ اللّه أدخلهم وأخرجكم.
ثم قال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لا ينبغي لأحد يؤمن باللّه واليوم الآخر، أن يبيت في هذا المسجد جنباً إلّا محمّد، وعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، والمنتجبون من آلهم الطيّبون من أولادهم.
قال(عليه السلام): فأمّا المؤمنون فقد رضوا وسلموا، وأمّا المنافقون، فاغتاظوا لذلك وأنفوا، ومشي بعضهم إلي بعض يقولون: [فيما بينهم ] ألا ترون محمّداً لا يزال يخصّ بالفضائل ابن عمّه ليخرجنا منها صفراً؟!
واللّه! لئن أنفذنا له في حياته لنأبينّ عليه بعد وفاته! وجعل عبد اللّه بن أبيّ يصغي إلي مقالتهم، ويغضب تارة ويسكن أخري، ويقول لهم: إنّ محمّداً(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لمتألّه فإيّاكم ومكاشفته، فإنّ من كاشف المتألّه انقلب خاسئاً حسيراً، وينغصّ عليه عيشه، وأنّ الفطن اللبيب من تجرّع علي الغصّة، لينتهز الفرصة، فبيناهم كذلك إذ طلع [عليهم ] رجل من المؤمنين، يقال له: زيد بن أرقم، فقال لهم: يا أعداء اللّه! أباللّه تكذبون، وعلي رسوله تطعنون، ودينه تكيدون؟ واللّه! لأُخبرنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بكم.
فقال عبد اللّه بن أُبيّ والجماعة: واللّه! لئن أخبرته بنا، لنكذّبنّك، ولنحلفنّ [له ]، فإنّه إذا يصدّقنا، ثمّ واللّه! لنقيمنّ عليك من يشهد عليك عنده بما يوجب قتلك، أو قطعك، أو حدّك.
[قال(عليه السلام)]: فأتي زيد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فأسرّ إليه ما كان من عبد اللّه ابن أُبيّ وأصحابه، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: (وَلَاتُطِعِ الْكَفِرِينَ ) لمجاهرين لك يا محمّد! فيما دعوتهم إليه من الإيمان باللّه، والموالاة لك ولأوليائك، والمعاداة لأعدائك، (وَالْمُنَفِقِينَ ) الذين يطيعونك في الظاهر، ويخالفونك في الباطن (وَدَعْ أَذَلهُمْ ) بما يكون منهم من القول السيّ ء فيك وفي ذويك (وَتَوَكَّلْ عَلَي اللَّهِ ) في إتمام أمرك، وإقامة حجّتك، فإنّ المؤمن هو الظاهر [بالحجّة] ( الأحزاب: 48/33. )
وإن غلب في الدنيا لأنّ العاقبة له، لأنّ غرض المؤمنين في كدحهم في الدنيا إنّما هو الوصول إلي نعيم الأبد في الجنّة، وذلك حاصل لك، ولآلك، ولأصحابك، وشيعتهم.
ثمّ إنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لم يلتفت إلي ما بلغه عنهم، وأمر زيداً، فقال [له ]: إن أردت أن لا يصيبك شرّهم، ولا ينالك مكرهم، فقل إذا أصبحت: «أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم»، فإنّ اللّه يعيذك من شرّهم، فإنّهم شياطين (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَي بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا )، وإذا أردت أن يؤمنك بعد ذلك ( الأنعام: 112/6. )
من الغرق، والحرق، والسرق.
فقل إذا أصبحت: «بسم اللّه ما شاء اللّه، لا يصرف السوء إلّا اللّه، بسم اللّه ما شاء اللّه، لا يسوق الخير إلّا اللّه، بسم اللّه، ما شاء اللّه، ما يكون من نعمة فمن اللّه، بسم اللّه ما شاء اللّه، لا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم، بسم اللّه ماشاءاللّه، [و] صلّي اللّه علي محمّد وآله الطيّبين».
فإنّ من قالها ثلاثاً إذا أصبح أمن من الحرق والغرق والسرق حتّي يمسي.
ومن قالها ثلاثاً إذا أمسي أمن من الحرق، والغرق، والسرق حتّي يصبح.
وإنّ الخضر وإلياس(عليهما السلام) يلتقيان في كلّ موسم، فإذا تفرّقا تفرّقا عن هذه الكلمات، وإنّ ذلك شعار شيعتي، وبه يمتاز أعدائي من أوليائي يوم خروج قائمهم 1ق يوم خروج قائمهم، 4(عليه السلام).
( التفسير: 17، ح 4. عنه البحار: 399/13، ح 5، قطعة منه، و22/39، ح 9، بتفاوت في السند، و62/78 ح 37، و260/83، ح 29، قطعتان منه، ووسائل الشيعة: 210/2، ح 21، قطعةمنه، و197/6، س 13، ضمن ح 7719، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 386/5، ح 6156، قطعة منه.
قطعة منه في (ما رواه 7 من الأحاديث القدسيّة)، و(ما رواه 7 عن فاطمة3)، و(سورة الأحزاب: 48/33). )

4 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام الحسن ابن عليّ: قال أميرالمؤمنين(عليهما السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم):
قال اللّه عزّ وجلّ: قولوا: (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) علي طاعتك وعبادتك، ( الفاتحة: 4/1. )
وعلي دفع شرور أعدائك، وردّ مكائدهم، والمقام علي ما أمرت به.
( التفسير: 41، ح 18. عنه البحار: 252/89، س 16، ضمن ح 48، بتفاوت يسير. )
5 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ هذا القرآن مأدبة اللّه تعالي، فتعلّموا من مأدبة اللّه عزّوجلّ ما استطعتم، فإنّه النور المبين، والشفاء النافع، [ف']تعلّموه فإنّ اللّه تعالي يشرّفكم بتعلّمه.
تعلّموا (سورة البقرة )، و(آل عمران )، فإنّ أخذهما بركة، وتركهما حسرة، ولايستطيعهما البطلة - يعني السحرة - وإنّهما ليجيئان يوم القيامة كأنّهما غمامتان أو عقابتان 1مث سورة البقرة وآل عمران ليجيئان يوم القيامة كأنّهما غمامتان أو عقابتان، أوفرقان من طير صوافّ يحاجّان عن صاحبهما، 4، أو فرقان من طير صوافّ، يحاجّان عن صاحبهما، ويحاجّهما ربّ العالمين، ربّ العزّة، يقولان: يا ربّ الأرباب! إنّ عبدك هذا قرأنا وأظمأنا نهاره، وأسهرنا ليله، وأنصبنا بدنه.
يقول اللّه تعالي: يا أيّها القرآن! فكيف كان تسليمه لما أنزلته فيك من تفضيل عليّ بن أبي طالب أي محمّد رسول اللّه؟
يقولان: يا ربّ الأرباب، وإله الآلهة! والاه، ووالي أولياءه، وعادي أعداءه، إذا قدر جهر، وإذا عجز اتّقي وأسرّ.
يقول اللّه عزّ وجلّ: فقد عمل إذا بكما، كما أمرته، وعظّم من حقّكما ماعظّمته، يا عليّ! أما تسمع شهادة القرآن لوليّك هذا؟
[ف']يقول عليّ: بلي، يا ربّ! فيقول اللّه عزّ وجلّ: فاقترح له ما تريد.
فيقترح له ما يزيد علي أماني هذا القاري ء من الأضعاف المضاعفات بمالايعلمه إلّا اللّه عزّ وجلّ.
فيقول اللّه عزّ وجلّ: قد أعطيته ما اقترحت يا عليّ!
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وإنّ والدي القاري ء ليتوّجان بتاج الكرامة، يضي ء نوره من مسيرة عشرة آلاف سنة، ويكسيان حلّة لا يقوم لأقلّ سلك منها مائة ألف ضعف ما في الدنيا بما يشتمل عليه من خيراتها.
ثمّ يعطي هذا القاري ء الملك بيمينه في كتاب، والخلد بشماله في كتاب، يقرأ من كتابه بيمينه: قد جعلت من أفاضل ملوك الجنان، ومن رفقاء [محمّد] سيّد الأنبياء، و[عليّ ] خير الأوصياء، والأئمّة من بعدهما سادة الأتقياء، ويقرأ من كتابه بشماله: قد أمنت الزوال والانتقال عن هذا الملك، وأعذت من الموت، والأسقام، وكفيت الأمراض والأعلال، وجنبت حسد الحاسدين، وكيد الكائدين، ثمّ يقال له: إقرأ [و]ارق، ومنزلك عند آخر آية تقرؤها، فإذا نظر والداه إلي حليتيهما وتاجيهما، قالا: ربّنا أنّي لنا هذا الشرف، ولم تبلغه أعمالنا؟ (فقال لهما كرام ملائكة اللّه [عن اللّه ] عزّ وجلّ: هذا لكما لتعليمكما) ولدكماالقرآن.
( التفسير: 60، ح 31. عنه البحار: 208/7، ح 96، و292، ح 5، قطعتان منه، و267/89، ح 16، أورده بتمامه، بتفاوت يسير، ومستدرك الوسائل: 247/4، ح 4612، و332، ح 4810، قطعة منه. )
6 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): أمّا الزكاة فقد قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): من أدّي الزكاة إلي مستحقّها، وقضي الصلاة علي حدودها، ولم يلحق بهما من الموبقات ما يبطلهما جاء يوم القيامة يغبطه كلّ من في تلك العرصات حتّي يرفعه نسيم الجنّة إلي أعلي غرفها وعلاليها بحضرة من كان يواليه من محمّد وآله الطيّبين الطاهرين إلي أن يجي ء حين زكاته، فإن أدّاها جعلت كأحسن الأفراس مطيّة لصلاته فحملتها إلي ساق العرش.
فيقول اللّه عزّ وجلّ: سر إلي الجنان، واركض فيها إلي يوم القيامة، فماانتهي إليه ركضك فهو (كلّه بسائر ما تمسّه لباعثك)، فيركض فيها علي أنّ كلّ ركضة مسيرة سنة في قدر لمحة بصره من يومه إلي يوم القيامة، حتّي ينتهي به إلي حيث ما شاء اللّه تعالي، فيكون ذلك كلّه له، ومثله عن يمينه وشماله وأمامه وخلفه وفوقه وتحته.
وإن بخل بزكاته ولم يؤدّها أُمر بالصلاة فردّت إليه ولفّت كما يلفّ الثوب الخلق 1ي الثوب الخلق، 4، ثمّ يضرب بها وجهه، ويقال له: يا عبد اللّه! ما تصنع بهذا دون هذا.
قال: فقال أصحاب رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ما أسوأ حال هذا واللّه!؟
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أولا أنبّئكم بمن هو أسوأ حالاً من هذا.
قالوا: بلي، يا رسول اللّه! قال: رجل حضر الجهاد في سبيل اللّه تعالي فقتل مقبلاً غير مدبر، والحورالعين يتطلّعن إليه، وخزّان الجنان يتطلّعون إلي ورود روحه عليهم، وأملاك السماء وأملاك الأرض 1ع أملاك السماء ، 4 يتطلّعون إلي نزول حور العين إليه، والملائكة خزّان الجنان فلا يأتونه.
فتقول ملائكة الأرض حوالي ذلك المقتول: ما بال الحور العين لا ينزلن إليه، وما بال خزّان الجنان لا يردون عليه؟ فينادون من فوق السماء السابعة: يا أيّتها الملائكة! انظروا إلي آفاق السماء ودوينها.
فينظرون فإذا توحيد هذا العبد المقتول وإيمانه برسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وصلاته وزكاته وصدقته وأعمال برّه كلّها محبوسات دوين السماء، وقد طبقت آفاق السماء كلّها - كالقافلة العظيمة قد ملأت ما بين أقصي المشارق والمغارب ومهاب الشمال والجنوب - تنادي أملاك تلك الأفعال الحاملون لها الواردون بها: ما بالنا لا تفتح لنا أبواب السماء لندخل إليها بأعمال هذا الشهيد؟
فيأمر اللّه عزّ وجلّ بفتح أبواب السماء، فتفتح ثمّ ينادي هؤلاء الأملاك: أدخلوها إن قدرتم، فلا تقلّها أجنحتهم ولا يقدرون علي الارتفاع بتلك الأعمال، فيقولون: ياربّنا لا نقدر علي الارتفاع بهذه الأعمال.
فيناديهم منادي ربّنا عزّ وجلّ: يا أيّتها الملائكة، لستم حمالي هذه الأثقال الصاعدين بها إنّ حملتها الصاعدين بها مطاياها التي ترفعها إلي دوين العرش، ثمّ تقرّها في درجات الجنان. فتقول الملائكة: يا ربّنا! ما مطاياها؟ فيقول اللّه تعالي: وما الذي حملتم من عنده؟ فيقولون: توحيده لك وإيمانه بنبيّك.
فيقول اللّه تعالي: فمطاياها موالاة عليّ أخي نبيّي، وموالاة الأئمّة الطاهرين، فإن أُتيت، فهي الحاملة الرافعة الواضعة لها في الجنان.
فينظرون فإذا الرجل مع ما له من هذه الأشياء ليس له موالاة عليّ بن أبي طالب والطيّبين من آله، ومعاداة أعدائهم.
فيقول اللّه تبارك وتعالي للأملاك الذين كانوا حامليها: اعتزلوها والحقوا بمراكزكم من ملكوتي ليأتها من هو أحقّ بحملها ووضعها في موضع استحقاقها، فتلحق تلك الأملاك بمراكزها المجعولة لها، ثمّ ينادي منادي ربّنا عزّ وجلّ: يا أيّتها الزبانية! تناوليها وحطّيها إلي سواء الجحيم، لأنّ صاحبها لم يجعل لها مطايا من موالاة عليّ والطيّبين من آله(عليهم السلام).
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فتناول تلك الأملاك ويقلّب اللّه عزّ وجلّ تلك الأثقال أوزاراً وبلايا علي باعثها لما فارقتها مطاياها من موالاة أميرالمؤمنين(عليه السلام)، ونادت تلك الملائكة إلي مخالفته لعليّ(عليه السلام) وموالاته لأعدائه، فيسلّطها اللّه عزّ وجلّ وهي في صورة الأسود علي تلك الأعمال، وهي كالغربان والقرقس، فتخرج من أفواه تلك الأسود نيران تحرقها، ولايبقي له عمل إلّا أُحبط، ويبقي عليه موالاته لأعداء عليّ(عليه السلام)، وجحده ولايته، فيقرّه ذلك في سواء الجحيم، فإذا هو قد حبطت أعماله وعظمت أوزاره وأثقاله، فهذا أسوأ حالاً من مانع الزكاة الذي يحفظ الصلاة.
قال: فقيل لرسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فمن يستحقّ الزكاة؟ قال: المستضعفون من شيعة محمّد وآله الذين لم تقو بصائرهم.
فأمّا من قويت بصيرته وحسنت بالولاية لأوليائه والبراءة من أعدائه معرفته، فذاك أخوكم في الدين أمسّ بكم رحماً من الآباء والأُمّهات المخالفين، فلاتعطوه زكاة ولا صدقة.
فإنّ موالينا وشيعتنا منّا وكلّنا كالجسد الواحد يحرم علي جماعتنا الزكاة والصدقة، وليكن ما تعطونه إخوانكم المستبصرين البرّ، وارفعوهم عن الزكوات والصدقات، ونزّهوهم عن أن تصبّوا عليهم أوساخكم، أيحبّ أحدكم أن يغسل وسخ بدنه ثم يصبّه علي أخيه المؤمن.
إنّ وسخ الذنوب أعظم من وسخ البدن، فلا توسّخوا بها إخوانكم المؤمنين، ولا تقصدوا أيضاً بصدقاتكم وزكواتكم المخالفين المعاندين لآل محمّد المحبّين لأعدائهم، فإنّ المتصدّق علي أعدائنا كان كالسارق في حرم ربّنا عزّ وجلّ وحرمي.
قيل: يا رسول اللّه! فالمستضعفون من المخالفين الجاهلين لا هم في مخالفتنا مستبصرون، ولا هم لنا معاندون؟ قال: فيعطي الواحد منهم من الدراهم ما دون الدرهم، ومن الخبز ما دون الرغيف.
وقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ثمّ كلّ معروف بعد ذلك وما وقيتم به أعراضكم وصنتموها عن ألسنة كلاب الناس كالشعراء الوقّاعين في الأعراض تكفّونهم، فهو محسوب لكم في الصدقات.
( التفسير: 76، ح 39 و40. عنه مستدرك الوسائل: 163/1، ح 265، و21/7، ح 7533، قطعتان منه، و267/15، ح 18204، أورد ذيل الحديث، والبحار: 187/27، ح 46، بتفاوت، و8/93 ح 4، و68، ح 40، قطعتان منه، والبرهان: 160/3، ح 7، بتفاوت، ووسائل الشيعة: 229/9، ح 11904، قطعة منه، وتأويل الآيات الظاهرة: 178، س 3، قطعة منه. )
7 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
وقال أمير المؤمنين(عليه السلام)، عن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) [ أنّه ] قال: من قاد ضريراً ( في الحديث «فجاء أُمّ مكتوم يشكو ضرارته» الضرارة هنا هي العمي وكان الرجل ضريراً، وهي من الضرّ الذي هو سوء الحال، مجمع البحرين: 374/3 (ضرر). )
أربعين خطوة علي أرض سهلة لا خوف عليه [فيها] أعطي بكلّ خطوة قصراً في الجنّة مسيرة ألف سنة [في ألف سنة] لا يفي بقدر إبرة منها جميع طلاع الأرض ذهباً.
فإن كان فيما قاده مهلكة جوّزه عنها، وجد ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة أوسع من الدنيا مائة ألف مرّة، ورجّح بسيّئاته كلّها ومحقها، وأُقرّ [له ] في أعالي الجنان وغرفها.
وما من رجل رأي ملهوفاً في طريق بمركوب له قد سقط، وهو يستغيث ( الملهوف: المظلوم المستغيث. مجمع البحرين: 121/5 (لهف). )
ولايغاث، فأغاثه وحمله علي مركوبه وسوّي له، إلّا قال اللّه عزّوجلّ: كددت نفسك، وبذلت جهدك في إغاثة أخيك [هذا المؤمن ]، لأكدّنّ ملائكة هم أكثر عدداً من خلائق الإنس كلّهم من أوّل الدهر إلي آخره، وأعظم قوّة كلّ واحد منهم ممّن يسهل عليه حمل السماوات والأرضين ليبنوا لك القصور والمساكن و[ل']يرفعوا لك الدرجات، فإذا أنت في جنّاتي كأحد ملوكها الفاضلين.
ومن دفع عن مظلوم قصد بظلم ضرراً في ماله أو بدنه، خلق اللّه عزّوجلّ من حروف أقواله وحركات أفعاله وسكونها أملاكاً بعدد كلّ حرف منها [مائة] ألف ملك كلّ ملك منهم يقصدون الشياطين الذين يأتون لإغوائه فيشجّونهم ضرباً بالأحجار الدامغة.
وأوجب اللّه عزّ وجلّ بكلّ ذرّة ضرر دفع عنه، وبأقلّ قليل جزء ألم الضرر الذي كفّ عنه مائة ألف من خدّام الجنان، ومثلهم من الحور العين الحسان يدلّلونه هناك ويشرّفونه ويقولون: هذا بدفعك عن فلان ضرراً في ماله، أو بدنه.
ومن حضر مجلساً وقد حضر فيه كلب يفترس عرض أخيه الغائب، واتّسع جاهه فاستخفّ به وردّ عليه، وذبّ عن عرض أخيه الغائب، قيّض اللّه الملائكة المجتمعين عند البيت المعمور لحجّهم، وهم شطر ملائكة السماوات، وملائكة الكرسيّ والعرش، وملائكة الحجب فأحسن كلّ واحد منهم بين يدي اللّه تعالي محضره يمدحونه ويقرّبونه، ويسألون اللّه تعالي له الرفعة والجلالة.
فيقول اللّه تعالي: أمّا أنا فقد أوجبت له بعدد كلّ واحد من مادحيكم مثل عدد جميعكم من درجات [و] قصور وجنان وبساتين وأشجار وما شئت ممّإ؛15حثثثثثثثثثپ ه لايحيط به المخلوقون.
( التفسير: 81، ح 43. عنه البحار: 15/72، ح 8، و32، ح 28، و258، ح 51، قِطع منه، ومستدرك الوسائل: 131/9، ح 10459، و415/12، ح 14474، قطعتان منه. )
8 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): ولقد أصبح رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) يوماً، وقد غصّ مجلسه بأهله، فقال: أيّكم أنفق اليوم من ماله ابتغاء وجه اللّه تعالي؟ فسكتوا.
فقال عليّ صلوات اللّه عليه: أنا خرجت ومعي دينار أريد أن أشتري به دقيقاً، فرأيت المقداد بن الأسود وتبيّنت في وجهه أثر الجوع فناولته الدينار، فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وجبت، ثمّ قام [رجل ] آخر فقال: يارسول اللّه! قد أنفقت اليوم أكثر ممّا أنفق عليّ، جهّزت رجلاً وامرأةً يريدان طريقاً ولا نفقة لهما، فأعطيتهما ألفي درهم.
فسكت رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم). فقالوا: يا رسول اللّه! ما لك قلت لعليّ: وجبت، ولم تقل لهذا؟! وهو أكثر صدقة!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أما رأيتم ملكاً يهدي خادم'[-ه ] إليه هديّة خفيفة فيحسن موقعها عنده، ويرفع محلّ صاحبها، ويحمل إليه من عند خادم آخر هديّة عظيمة، فيردّها ويستخفّ بباعثها؟ قالوا: بلي!
قال: فكذلك صاحبكم عليّ دفع ديناراً منقاداً للّه سادّاً خلّة فقير مؤمن، وصاحبكم الآخر أعطي ما أعطي (نظيراً له معاندة عليّ أخي) رسول اللّه يريد به العلوّ علي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فأحبط اللّه تعالي عمله، وصيّره وبالاًعليه.
أما لو تصدّق بهذه النيّة من الثري إلي العرش ذهباً [وفضّة1ي ذهب ، 4] ولؤلؤاً لم يزدد بذلك من رحمة اللّه تعالي إلّا بعداً وإلي سخط اللّه تعالي إلّا قرباً، وفيه ولوجاً واقتحاماً.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فأيّكم دفع اليوم عن أخيه المؤمن بقوّته [ضرواً]؟
فقال عليّ(عليه السلام): أنا مررت في طريق كذا، فرأيت فقيراً من فقراء المؤمنين قدتناوله أسد فوضعه تحته وقعد عليه، والرجل يستغيث بي من تحته، فناديت الأسد خلّ عن المؤمن.
فلم يخلّ، فتقدّمت إليه فركلته برجلي، [فدخلت رجلي ] في جنبه الأيمن وخرجت من جنبه الأيسر، وخرّ الأسد صريعاً.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وجبت هكذا، يفعل اللّه بكلّ من آذي لك وليّاً يسلّط اللّه عليه في الآخرة سكاكين النار وسيوفها يبعج بها بطنه، ويحشي ( بعج بطنه بالسكّين بعجاً: إذا شقّه؛ مجمع البحرين: 278/2 (بعج). )
ناراً، ثم، يعاد خلقاً جديداً أبد الآبدين، ودهر الداهرين.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فأيّكم اليوم نفع بجاهه أخاه المؤمن؟
فقال عليّ(عليه السلام): أنا! قال: صنعت ماذا؟
قال: مررت بعمّار بن ياسر وقد لازمه بعض اليهود في ثلاثين درهماً كانت له عليه، فقال عمّار: يا أخا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): هذا يلازمني ولا يريد إلّا أذاي وإذلالي لمحبّتي لكم أهل البيت فخلّصني منه بجاهك، فأردت أن أكلّم له اليهوديّ.
فقال: يا أخا رسول اللّه! إنّك أجلّ في قلبي وعيني من أن أبذلك لهذا الكافر، ولكن اشفع لي إلي من لا يردّك عن طلبة، ولو أردت جميع جوانب العالم أن يصيّرها كاطراف السفرة [ لفعل ]، فأسأله أن يعينني علي أداء دينه، ويغنيني ( السُفرة ج سُفَر: طعام المسافر. المنجد: 337، (سفر). )
عن الاستدانة.
فقلت: اللّهمّ! افعل ذلك به، ثمّ قلت له: اضرب بيدك إلي ما بين يديك من شي ء حجر أو مدر، فإنّ اللّه يقلّبه لك ذهباً إبريزاً فضرب، يده، فتناول ( والإبريز: الذهب الخالص من الكدورات، معرّب، والهمزة والياء زائدتان، مجمع البحرين: 8/4، (برز). )
حجراً فيه أمنان، فتحوّل في يده ذهباً. ثمّ أقبل علي اليهوديّ، فقال: وكم دينك؟
قال: ثلاثون درهماً. فقال: كم قيمتها من الذهب؟ قال: ثلاثة دنانير.
قال عمّار: اللّهمّ! بجاه من بجاهه قلبت هذا الحجر ذهباً، ليّن لي هذا الذهب لأفصل قدر حقّه.
فألانه اللّه عزّ وجلّ له، ففصل له ثلاثة مثاقيل وأعطاه، ثمّ جعل ينظر إليه وقال: «اللّهمّ! إنّي سمعتك تقول: (كَلَّآ إِنَّ الْإِنسَنَ لَيَطْغَي * أَن رَّءَاهُ اسْتَغْنَي ) 5علق (كلاّ إنّ الإنسان ليطغي.... 6 ، 64 لّهمّ! إنّي سمعتك تقول: كلاّ إنّ الإنسان ليطغي، 4ولاأريد غني يطغيني، اللّهمّ! فأعد هذا الذهب حجراً بجاه ( العلق: 6/96. )
من جعلته ذهباً بعد أن كان حجراً»، فعاد حجراً، فرماه من يده، وقال: حسبي من الدنيا والآخرة موالاتي لك ياأخا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم).
[فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم):] فتعجّبت ملائكة السماوات والأرض من فعله، وعجّت إلي اللّه تعالي بالثناء عليه، فصلوات اللّه من فوق عرشه تتوالي عليه.
قال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فأبشر يا أبا اليقظان! فإنّك أخو عليّ في ديانته، ومن أفاضل أهل ولايته، ومن المقتولين في محبّته، تقتلك الفئة الباغية، وآخر زادك من الدنيا ضياح من لبن 1ف لبن، 4، وتلحق روحك بأرواح محمّد وآله الفاضلين، فأنت من خيار ( الضياح والضيح بالفتح: اللبن الخاثر، يصبّ فيه الماء ثمّ يخلط. المصدر السابق: 391/2، (ضيح). )
شيعتي، ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فأيّكم أدّي زكاته اليوم؟
قال عليّ(عليه السلام): أنا يا رسول اللّه! فأسرّ المنافقون في أُخريات المجلس بعضهم إلي بعض يقولون: وأيّ مال لعليّ(عليه السلام) حتّي يؤدّي منه الزكاة؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عليّ! أتدري ما يسرّه هؤلاء المنافقون في أُخريات المجلس؟
قال عليّ(عليه السلام): بلي! قد أوصل اللّه تعالي إلي أُذني مقالتهم يقولون: وأيّ مال لعليّ(عليه السلام) حتّي يؤدّي زكاته، كلّ مال يغتنم من يومنا هذا إلي يوم القيامة فلي خمسه بعد وفاتك يا رسول اللّه، وحكمي علي الذي منه لك في حياتك جائز فإنّي نفسك، وأنت نفسي.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): كذلك [هو] يا عليّ! ولكن كيف أدّيت زكاة ذلك؟
فقال عليّ(عليه السلام): يا رسول اللّه! علمت بتعريف اللّه إيّاي علي لسانك أنّ نبوّتك هذه سيكون بعدها ملك عضوض وجبريّة، فيستولي علي خمسي من ( ملك عضوض: شديد فيه عسف وعنف، وفي الحديث: ثمّ يكون ملك عضوض، أي يصيب الرعيّة فيه عسف وظلم كأنّهم يعضّون فيه عضّاً، والعضوض من أبنية المبالغة. لسان العرب: 191/7، (عضض). )
السبي والغنائم، فيبيعونه فلا يحلّ لمشتريه، لأنّ نصيبي فيه، فقد وهبت نصيبي فيه لكلّ من ملك شيئاً من ذلك من شيعتي لتحلّ لهم من منافعهم من مأكل ومشرب، ولتطيب مواليدهم، ولا يكون أولادهم أولاد حرام.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ما تصدّق أحد أفضل من صدقتك، وقد تبعك رسول اللّه في فعلك أحلّ لشيعته كلّ ما كان فيه من غنيمته، وبيع من نصيبه علي واحد من شيعته، ولا أحله أنا ولا أنت لغيرهم.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فأيّكم دفع اليوم عن عرض أخيه المؤمن؟
قال عليّ(عليه السلام): أنا يا رسول اللّه! مررت بعبد اللّه [بن أبيّ ]، وهو يتناول عرض زيد بن حارثة، فقلت له: اسكت! لعنك اللّه فما تنظر إليه إلّا كنظرك إلي الشمس، ولا تتحدّث عنه إلّا كتحدّث أهل الدنيا عن الجنّة، فإنّ اللّه قد زادك لعائن إلي لعائن بوقيعتك فيه.
فخجل واغتاظ، فقال: يا أبا الحسن! إنّما كنت في قولي مازحاً.
فقلت له: إن كنت جادّاً فأنا جادّ، وإن كنت هازلاً فأنا هازل.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لقد لعنه اللّه عزّ وجلّ عند لعنك له، ولعنته ملائكة السماوات والأرضين والحجب والكرسيّ والعرش، إنّ اللّه تعالي يغضب لغضبك ويرضي لرضاك ويعفو عند عفوك ويسطو عند سطوتك.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أتدري ما ذا سمعت في الملأ الأعلي فيك ليلة أسري بي يا عليّ؟!
سمعتهم يقسمون علي اللّه تعالي بك ويستقضونه حوائجهم، ويتقرّبون إلي اللّه تعالي بمحبّتك، ويجعلون أشرف ما يعبدون اللّه تعالي به الصلاة عليّ وعليك، وسمعت خطيبهم في أعظم محافلهم، وهو يقول: عليّ الحاوي لأصناف الخيرات المشتمل علي أنواع المكرمات الذي قد اجتمعت فيه من خصال الخير (ما قد تفرّق في غيره من البريّات) عليه من اللّه تعالي الصلوات والبركات والتحيّات.
وسمعت الأملاك بحضرته، والأملاك في سائر السماوات والحجب والعرش والكرسيّ والجنّة والنار يقولون بأجمعهم عند فراغ الخطيب من قوله: آمين، اللّهمّ! وطهّرنا بالصلاة عليه وعلي آله الطيّبين.
( التفسير: 83، ح 44. عنه البحار: 333/22، ح 48، قطعة منه، و18/41، ح 12، أورده بتمامه، بتفاوت يسير، و193/93، ح 16، قطعة منه، ووسائل الشيعة: 552/9، ح 12694، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 116/11، ح 12577، قطعة منه.
قطعة منه في (ما رواه عن الإمام عليّ 8). )

9 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه، عن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قال: ما من عبد ولا أمة أعطي بيعة أميرالمؤمنين 10 من عبد ولا أمة أعطي بيعة أميرالمؤمنين.... رسول اللّه ، 4عليّ(عليه السلام): في الظاهر ونكثها في الباطن، وأقام علي نفاقه، إلّا وإذا جاءه ملك الموت ليقبض روحه.
تمثّل له إبليس وأعوانه، وتمثّل النيران وأصناف عذابها لعينيه وقلبه ومقاعده من مضايقها.
وتمثّل له أيضاً الجنان، ومنازله فيها لو كان بقي علي إيمانه ووفي ببيعته، فيقول له ملك الموت: انظر فتلك الجنان التي لا يقدر قدر سرّائها وبهجتها وسرورها إلّا اللّه ربّ العالمين، كانت معدّة لك.
فلو كنت بقيت علي ولايتك لأخي محمّد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) كان إليها مصيرك يوم فصل القضاء، لكنّك (نكثت وخالفت)، فتلك النيران وأصناف عذابها وزبانيتها ومرزباتها وأفاعيها الفاغرة أفواهها، وعقاربها الناصبة أذنابها، ( الفغر: الفتح، وفي الحديث:إنّي لأبغض الرجل فاغراً فاه إلي ربّه، يقول: ياربّ ارزقني، أي فاتحاً فاه. مجمع البحرين: 441/3 (فغر). )
وسباعها الشائلة مخالبها، وسائر أصناف عذابها هو لك وإليها مصيرك، فعند ذلك يقول: (يَلَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً)، فقبلت ما أمرني ( الفرقان: 27/25. )
والتزمت من موالاة عليّ(عليه السلام) ما ألزمني.
( التفسير: 131، ح 66. عنه تأويل الآيات الظاهرة: 370، س 9، والبحار: 568/31، س 11، بتفاوت يسير، و18/24، ح 30، والبرهان: 65/1، ح 2، و165/3، ح 8. )
10 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
وقال عليّ بن الحسين(عليهما السلام): حدّثني أبي، عن أبيه، عن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، [قال:] قال: يا عباد اللّه! إنّ آدم لمّا رأي النور ساطعاً من صلبه إذ كان اللّه قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلي ظهره رأي النور، ولم يتبيّن الأشباح.
فقال: يا ربّ ما هذه الأنوار!؟
قال اللّه عزّ وجلّ: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلي ظهرك، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح.
فقال آدم: يا ربّ! لو بيّنتها لي؟
فقال اللّه عزّ وجلّ: انظر يا آدم! إلي ذروة العرش.
فنظر آدم، ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم علي ذروة العرش، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية، فرأي أشباحنا، فقال: يا ربّ! ما هذه الأشباح؟
قال اللّه تعالي: يا آدم! هذه أشباح أفضل خلائقي وبريّاتي.
هذا محمّد، وأنا المحمود الحميد في أفعالي، شققت له إسماً من إسمي.
وهذا عليّ، وأنا العليّ العظيم، شققت له إسماً من إسمي.
وهذه فاطمة، وأنا فاطر السماوات والأرض، فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي، وفاطم أوليائي عمّا يعرّهم ويسيئهم، فشققت لها إسماً من إسمي.
وهذان الحسن والحسين، وأنا المحسن [و] المجمل، شققت إسميهما من إسمي، هؤلاء خيار خليقتي، كرام بريّتي، بهم آخذ، وبهم أعطي، وبهم أعاقب، وبهم أثيب فتوسّل إلي بهم.
يا آدم! وإذا دهتك داهية فاجعلهم إليّ شفعاءك، فإنّي آليت علي نفسي قسماً حقّاً [ أن ] لا أخيّب بهم آملاً ولا أردّ بهم سائلاً، فذلك حين زلّت منه الخطيئة، دعااللّه عزّ وجلّ بهم، فتاب عليه، وغفرله.
( التفسير: 219، ح 102. عنه تأويل الآيات الظاهرة: 48، س 7، بتفاوت، والبحار: 150/11، س 14، ضمن ح 25، و327/26، س 5، ضمن ح 10، والبرهان: 88/1، ح 13، وينابيع المودّة: 288/1، ح 5، بتفاوت. )
11 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): من صلّي الخمس كفّر اللّه عنه من الذنوب ما بين كلّ صلاتين، وكان كمن علي بابه نهر جار يغتسل فيه كلّ يوم خمس مرّات.
[و] لا يبقي عليه من الدرن شيئاً إلّا الموبقات التي هي جحد النبوّة ( الدَرَن بالتحريك: الوسخ، وقد دَرِنَ الثوب بالكسر دَرَناً فهو دَرنٌ، مثل وَسِخ فهو وَسِخٌ وزناً ومعنيً، مجمع البحرين: 247/6، (درن). )
والإمامة، أو ظلم إخوانه المؤمنين، أو ترك التقيّة حتّي يضرّ بنفسه وبإخوانه المؤمنين.
( التفسير: 231، ح 111. عنه البحار: 308/71، س 20، ضمن ح 62، و219/79، ح 40، بتفاوت يسير، ومستدرك الوسائل: 16/3، ح 2901، و259/12، ح 14054، قطعة منه. )
12 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
[قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم):] ومن أدّي الزكاة من ماله طهّر من ذنوبه، ومن أدّي الزكاة من بدنه في دفع ظلم قاهر عن أخيه، أو معونته علي مركوب له [قد] سقط عنه متاع لايأمن تلفه، أو الضرر الشديد عليه [به ]، قيّض اللّه له في عرصات القيامة ملائكة يدفعون عنه نفحات النيران، ويحيّونه بتحيّات أهل الجنان، ويرفعونه إلي محلّ الرحمة والرضوان.
ومن أدّي زكاة جاهه بحاجة يلتمسها لأخيه فقضيت له أو كلب سفيه (يظهر) غيبته فألقم ذلك الكلب بجاهه حجراً، بعث اللّه عليه في عرصات القيامة ملائكة عدداً كثيراً وجمّاً غفيراً لا يعرف عددهم إلّا اللّه يحسن فيه بحضرة الملك الجبّار الكريم الغفّار محاضرهم، ويجمل فيه قولهم، ويكثر عليه ثناؤهم، وأوجب اللّه عزّوجلّ له بكلّ قول من ذلك ما هو أكثر من ملك الدنيا بحذافيرها مائة ألف مرّة.
( التفسير: 232، ح 112. عنه البحار: 309/71، س 1، ضمن ح 62، ومستدرك الوسائل: 120/12، ح 13679 و13680، قطعة منه. )
13 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
[قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم):] ومن تواضع مع المتواضعين فاعترف بنبوّة محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وولاية عليّ والطيّبين من آلهما، ثمّ تواضع لإخوانه وبسطهم وآنسهم كلّما ازداد بهم برّاً إزداد لهم استيناساً وتواضعاً، باهي اللّه عزّ وجلّ به كرام ملائكته من حملة عرشه والطائفين به.
فقال لهم: أما ترون عبدي هذا المتواضع لجلال عظمتي ساوي نفسه بأخيه المؤمن الفقير وبسطه فهو لا يزداد به برّاً إلّا ازداد له تواضعاً.
أشهدكم أنّي قد أوجبت له جناني ومن رحمتي ورضواني ما يقصر عنه أمانيّ المتمنّي، ولأرزقنّه من محمّد سيّد الوري، ومن عليّ المرتضي، ومن خيار عترته مصابيح الدجي الإيناس والبركة في جناني، وذلك أحبّ إليه من نعيم الجنان، ولو تضاعف ألف ألف ضعفها جزاء علي تواضعه لأخيه المؤمن.
( التفسير: 233، ح 113. عنه البحار: 309/71، س 13، ضمن ح 62، ومقدّمة البرهان: 161، س 31، أشار إليه. )
14 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وكان قوم من رؤساء ليهود وعلمائهم احتجنوا أموال الصدقات والمبرّات، فأكلوها واقتطعوها، ثمّ حضروا رسول اللّه صلّي اللّه عليه، وقد حشروا عليه عوامّهم يقولون: إنّ محمّداً(صلي اللّه عليه و ال وسلم) تعدّي طوره، وادّعي ما ليس له.
فجاءوا بأجمعهم إلي حضرته(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وقد اعتقد عامّتهم أن يقعوا برسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) فيقتلوه، ولو أنّه في جماهير أصحابه لا يبالون بما أتاهم به الدهر، فلمّا حضروا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وكانوا بين يديه، قال لهم رؤساؤهم -وقد واطؤوا عوامّهم- علي أنّهم إذا أفحموا محمّداً وضعوا عليه سيوفهم، فقال رؤساؤهم: يا محمّد! تزعم أنّك رسول ربّ العالمين، نظير موسي وسائر الأنبياء(عليهم السلام)، المتقدّمين؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أمّا قولي: إنّي رسول اللّه، فنعم! وأمّا أن أقول: إنّي نظير موسي و [سائر] الأنبياء فما أقول هذا، وما كنت لأصغّر ما [قد] عظّمه اللّه تعالي من قدري، بل قال ربّي: يا محمّد، إنّ فضلك علي جميع النبيّين والمرسلين 1ط النبيّين ، 4 والملائكة المقرّبين كفضلي - وأنا ربّ العزّة- علي سائر الخلق أجمعين.
وكذلك قال اللّه تعالي لموسي(عليه السلام) لمّا ظنّ أنّه قد فضّله علي جميع العالمين، فغلظ ذلك علي اليهود، وهمّوا بقتله، فذهبوا يسلّون سيوفهم، فما منهم أحد إلّا وجد يديه إلي خلفه كالمكتوف يابساً لا يقدر أن يحرّكها وتحيّروا.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) - و[قد] رأي ما بهم من الحيرة - : لا تجزعوا فخير أراده اللّه تعالي بكم منعكم من الوثوب علي وليّه، وحبسكم علي استماع حجّته في نبوّة محمّد ووصيّة أخيه عليّ.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): [ يا] معاشر اليهود هؤلاء رؤساؤكم كافرون، ولأموالكم محتجنون، ولحقوقكم باخسون، ولكم - في قسمة من بعد مااقتطعوه- ظالمون، يخفضون ويرفعون.
فقالت رؤساء اليهود: حدّث عن مواضع الحجّة، أحجّة نبوّتك، ووصيّة عليّ أخيك هذا دعواك الأباطيل وأغراؤك قومنا بنا؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): [ لا]، ولكنّ اللّه عزّ وجلّ قد أذن لنبيّه أن يدعو بالأموال التي خنتموها بهؤلاء الضعفاء ومن يليهم، فيحضرها ههنا بين يديه، وكذلك يدعو حسباناتكم، فيحضرها لديه، ويدعو من واطأتموه علي اقتطاع أموال الضعفاء، فينطق باقتطاعهم جوارحهم، وكذلك ينطق باقتطاعكم جوارحكم.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا ملائكة ربّي! احضروني أصناف الأموال التي اقتطعها هؤلاء الظالمون لعوامّهم، فإذا الدراهم في الأكياس والدنانير، وإذا الثياب والحيوانات وأصناف الأموال منحدرة عليهم [من حالق ] حتّي استقرّت بين أيديهم.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ائتوا بحسبانات هؤلاء الظالمين الذين غالطوا بها هؤلاء الفقراء، فإذا الأدراج تنزل عليهم، فلمّا استقرّت علي الأرض قال: خذوها، فأخذوها فقرأوا فيها نصيب كلّ قوم كذا وكذا.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا ملائكة ربّي! اكتبوا تحت اسم كلّ واحد من هؤلاء ما سرقوه منه وبيّنوه، فظهرت كتابة بيّنة: لا، بل نصيب كلّ واحد كذا وكذا، فإذا هم قد خانوا عشرة أمثال ما دفعوا إليهم.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا ملائكة ربّي، ميّزوا بين هذه الأموال الحاضرة [في ] كلّ ما فضل عمّا بيّنه هؤلاء الظالمون، لتؤدّي إلي مستحقّه.
فاضطربت تلك الأموال، وجعلت تنفصل بعضها من بعض حتّي تميّزت أجزاء، كما ظهر في الكتاب المكتوب، وبيّن أنّهم سرقوه واقتطعوه، فدفع رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) إلي من حضر من عوامّهم نصيبه، وبعث إلي من غاب [منهم ] فأعطاه، وأعطي ورثة من قد مات.
وفضح اللّه رؤساء اليهود، وغلب الشقاء علي بعضهم وبعض العوامّ، ووفّق اللّه بعضهم.
فقال [ له ] الرؤساء الذين همّوا بالإسلام: نشهد يا محمّد! أنّك النبيّ الأفضل، وأنّ أخاك هذا [هو] الوصيّ الأجلّ الأكمل، فقد فضحنا اللّه بذنوبنا، أرأيت إن تبنا [عمّا اقتطعنا] وأقلعنا ماذا تكون حالنا؟
قال رسول اللّه: إذن أنتم في الجنان رفقاؤنا، وفي الدنيا [و] في دين اللّه إخواننا، ويوسّع اللّه تعالي أرزاقكم، وتجدون في مواضع هذه الأموال التي أخذت منكم أضعافها، وينسي هؤلاء الخلق فضيحتكم حتّي لا يذكرها أحد منهم.
فقالوا: [ف'] إنّا نشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأنّك يا محمّد عبده ورسوله وصفيّه وخليله.
وأنّ عليّاً أخوك ووزيرك، والقيّم بدينك، والنائب عنك، والمقاتل دونك، وهو منك بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدك.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فأنتم المفلحون.
( التفسير: 233، ح 114. عنه تأويل الآيات الظاهرة: 58، س 11، قطعة منه، والبحار: 309/9، س 6، ضمن ح 10، والبرهان: 93/1، س 1، ضمن ح 1، بتفاوت يسير. )
15 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ ولاية عليّ حسنة، لا يضرّ معها شي ء من السيّئات وإن جلّت إلّا ما يصيب أهلها من التطهير منها بمحن الدنيا وببعض العذاب في الآخرة إلي أن ينجو منها بشفاعة مواليه الطيّبين الطاهرين، وإنّ ولاية أضداد عليّ غ ومخالفة عليّ(عليه السلام) سيّئة لا ينفع معها شي ء إلّا ماينفعهم بطاعاتهم في الدنيا بالنعم والصحّة والسعة، فيردون الآخرة ولايكون لهم إلّادائم العذاب.
ثمّ قال: إنّ من جحد ولاية عليّ لا يري الجنّة بعينه أبداً إلّا ما يراه بما يعرف به أنّه لو كان يواليه لكان ذلك محلّه ومأواه، [ومنزله ]، فيزداد حسرات وندامات، وإنّ من توالي عليّاً وبري ء من أعدائه وسلّم لأوليائه لا يري النار بعينه أبداً إلّا ما يراه، فيقال له: لو كنت علي غير هذا لكان ذلك مأواك إلّا مإ؛ا=ذثثثثثثثثثپ ؤ يباشره منها إن كان مسرفاً علي نفسه - بما دون الكفر - إلي أن ينظّف بجهنّم كما ينظّف القذر من بدنه بالحمّام [ الحامي ]، ثمّ ينتقل منها بشفاعة مواليه.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): اتّقوا اللّه معاشر الشيعة! فإنّ الجنّة لن تفوتكم وإن أبطأت بكم عنها قبائح أعمالكم، فتنافسوا في درجاتها.
قيل: فهل يدخل جهنّم [ أحد] من محبّيك ومحبّي عليّ(عليه السلام)؟
قال: من قذر نفسه بمخالفة محمّد وعليّ، وواقع المحرّمات، وظلم المؤمنين والمؤمنات، وخالف ما رسما له من الشرعيّات، جاء يوم القيامة قذراً طفساً، يقول له محمّد وعليّ: يا فلان! أنت قذر طفس لا تصلح لمرافقة مواليك الأخيار، ولا لمعانقة الحور الحسان، ولا لملائكة اللّه المقرّبين، ولا تصل إلي ما هناك إلّا بأن يطهر عنك ما هيهنا - يعني ما عليه من الذنوب - فيدخل إلي الطبق الأعلي من جهنّم فيعّب ببعض ذنوبه.
ومنهم من تصيبه الشدائد في المحشر ببعض ذنوبه، ثمّ يلقطه من هنا ومن هنا من يبعثهم إليه مواليه من خيار شيعتهم كما يلقط الطير الحبّ.
ومنهم من تكون ذنوبه أقل وأخفّ فيطهّر منها بالشدائد والنوائب من السلاطين وغيرهم، ومن الآفات في الأبدان في الدنيا ليدلّي في قبره وهوطاهر من [ذنوبه ].
ومنهم من يقرب موته وقد بقيت عليه فيشتدّ نزعه ويكفّر به عنه، فإن بقي شي ء وقويت عليه يكون له بطن أو اضطراب في يوم موته، فيقلّ من يحضره فيلحقه به الذلّ فيكفّر عنه، فإن بقي شي ء أتي به، ولمّا يلحد ويوضع فيتفرّقون عنه فيطهّر.
فإن كانت ذنوبه أعظم وأكثر طهر منها بشدائد عرصات [ يوم ] القيامة.
فإن كانت أكثر وأعظم طهر منها في الطبق الأعلي من جهنّم.
وهؤلاء أشدّ محبّينا عذاباً، وأعظمهم ذنوباً. ليس هؤلاء، يسمّون بشيعتنإ؛ا«ذثثثثثثثثثپ پ ولكنّهم يسمّون بمحبّينا، والموالين لأوليائنا، والمعادين لأعدائنا.
إنّ شيعتنا من شيّعنا واتّبع آثارنا، واقتدي بأعمالنا.
( التفسير: 305، ح 148 و149. عنه البحار: 301/8، س 3، ضمن ح 55، قطعة منه، و352، ح 2، أورده بتمامه، وبتفاوت يسير، و154/65، ح 11، قطعة منه، والبرهان: 119/1، س 32، ضمن ح 1، قطعة منه، و20/4، س 35، ضمن ح 4، أورده بتمامه، بتفاوت يسير، والفصول المهمّة للحرّ العامليّ: 377/1، ح 501، قطعة منه. )
16 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال الإمام(عليه السلام): قال رجل لرسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): [ يا رسول اللّه ] فلان ينظر إلي حرم جاره، فإن أمكنه مواقعة حرام لم ينزع عنه.
فغضب رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وقال: ائتوني به.
فقال رجل آخر: يا رسول اللّه! إنّه من شيعتكم، ممّن يعتقد موالاتك وموالاة عليّ، ويتبرّأ من أعدائكما.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لا تقل إنّه من شيعتنا فإنّه كذب، إنّ شيعتنا من شيّعنا وتبعنا في أعمالنا، وليس هذا الذي ذكرته في هذا الرجل من أعمالنا.
( التفسير: 307، ح 150. عنه البحار: 155/65، س 1، ضمن ح 11، والبرهان: 21/4، س 20، ضمن ح 4، وتنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 424، س 21. )
17 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): مثل مؤمن لا تقيّة له كمثل جسد لا رأس له 10 ل مؤمن لا تقيّة له كمثل جسد لا رأس له.... رسول اللّه ، 4، ومثل مؤمن لا يرعي حقوق إخوانه المؤمنين كمثل من حواسّه كلّها صحيحة فهو لايتأمّل بعقله، ولايبصر بعينه، ولايسمع بأذنه، ولا يعبّر بلسانه عن حاجته، ولا يدفع المكاره عن نفسه بالإدلاء بحججه، ولايبطش لشي ء، بيديه، ولا ينهض إلي شي ء برجليه.
فذلك قطعة لحم قد فاتته المنافع، وصار غرضاً لكلّ المكاره، فكذلك المؤمن إذا جهل حقوق إخوانه فاته ثواب حقوقهم.
فكان كالعطشان بحضرة الماء البارد، فلم يشرب حتّي طفي ء.
وبمنزلة ذي الحواسّ لم يستعمل شيئاً منها لدفاع مكروه، ولا لانتفاع محبوب، فإذا هو سليب كلّ نعمة، مبتلي بكلّ آفة.
( التفسير: 320، ح 162. عنه البحار: 414/72، ح 68، ووسائل الشيعة: 222/16، ح 21410، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 48/9، ح 10163، قطعة منه.
تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: 427، س 8، مرسلاً. )

18 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): أمّا قوله تعالي:
(لَاتَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ 5البقرة لا تعبدون إلّا اللّه.... 83 ، 4 ) فإنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قال: من شغلته عبادة اللّه ( البقرة: 83/2. )
عن مسألته، أعطاه اللّه أفضل ما يعطي السائلين.
( التفسير: 327، ح 175. عنه البحار: 343/66، س 12، و184/68، س 5، ضمن ح 44، والبرهان: 121/1 ح 12، ومستدرك الوسائل: 299/5، ح 5913. )
19 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام)]: قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أفضل والديكم وأحقّهما لشكركم محمّد وعليّ 10 ضل والديكم وأحقّهما لشكركم محمّد وعليّ.... رسول اللّه ، 4(عليهما السلام).
( التفسير: 330، ح 189. عنه البحار: 259/23، ح 8، و8/36، ح 11، و343/66، س 17، ومقدّمة البرهان: 330 ح 189، والبرهان: 121/1، ح 13، و245/3، ح 3. )
20 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): من رعي حقّ قرابات أبويه، أُعطي في الجنّة ألف درجة، بعدما بين كلّ درجتين حضر الفرس الجواد المحضير مائة سنة، ( أحضر الفرس: عدا شديداً ... المحضير: ج محاضير، من الخيل وغيرها: الشديد الركض، المنجد: 139، (حضر). )
إحدي الدرجات من فضّة والأُخري من ذهب، والأخري من لؤلؤ، والأخري من زمرّد، والأخري من زبرجد، والأخري من مسك، والأخري من عنبر، والأخري من كافور، فتلك الدرجات من هذه الأصناف.
ومن رعي حقّ قربي محمّد وعليّ(عليهما السلام) أوتي من فضائل الدرجات وزيادة المثوبات علي قدر زيادة فضل محمّد وعليّ(عليهما السلام) علي أبوي نفسه.
( التفسير: 333، ح 202. عنه والبحار: 179/8، ح 137، و261/23، س 10، ضمن ح 8، و344/66، س 3، و90/71، س 6، ضمن ح 6، والبرهان: 121/1، س 31، ضمن ح 13، ومستدرك الوسائل: 377/12، ح 14341، بتفاوت يسير، و246/15، ح 18129. )
21 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
وقال الإمام(عليه السلام): وأمّا قوله عزّ وجلّ: (وَالْيَتَمَي 5 ليتامي، 4 ) فإنّ ( البقرة: 83/2. )
رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قال: حثّ اللّه عزّ وجلّ علي برّ اليتامي لانقطاعهم عن آبائهم، فمن صانهم صانه اللّه، ومن أكرمهم أكرمه اللّه، ومن مسح يده برأس يتيم رفقاً به جعل اللّه له في الجنّة بكلّ شعرة مرّت تحت يده قصراً أوسع من الدنيا بما فيها، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، وهم فيها خالدون.
( التفسير:338، ح 213. عنه البحار: 179/8، س 23، ضمن ح 137، قطعة منه، و12/72، ح 44، والبرهان: 122/1، ح 14، ومحجّة البيضاء: 29/1، س 5، ومنية المريد: 31، س 9. )
22 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ العبد إذا أصبح، أو الأمة إذا أصبحت، أقبل اللّه تعالي عليه وملائكته -ليستقبل ربّه عزّ وجلّ بصلاته - فيوجّه إليه رحمته ويفيض عليه كرامته.
فإن وفي بما أخذ عليه فأدّي الصلاة علي ما فرضت، قال اللّه تعالي للملائكة خزّان جنانه وحملة عرشه: قد وفي عبدي هذا ففوا له.
وإن لم يف، قال اللّه تعالي: لم يف عبدي هذا، وأنا الحليم الكريم، فإن تاب تبت عليه، وإن أقبل علي طاعتي أقبلت عليه برضواني ورحمتي.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): [قال اللّه تعالي:] وإن كسل عمّا أُريد قصّرت في قصوره حسناً وبهاءاً وجلالاً وشهّرت في الجنان بأنّ صاحبها مقصّر.
وقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وذلك أنّ اللّه عزّ وجلّ أمر جبرئيل ليلة المعراج فعرض عليّ قصور الجنان، فرأيتها من الذهب والفضّة ملاطها المسك والعنبر غير أنّي رأيت لبعضها شرفاً عالية ولم أر لبعضها.
فقلت: يا حبيبي جبرئيل! ما بال هذه بلا شرف كما لسائر تلك القصور؟
فقال: يا محمّد! هذه قصور المصلّين فرائضهم الذين يكسلون عن الصلاة عليك، وعلي آلك بعدها.
فإن بعث مادّة لبناء الشرف من الصلاة علي محمّد وآله الطيّبين [بنيت له الشرف ] وإلّا بقيت هكذا حتّي يعرف سكّان الجنان أنّ القصر الذي لاشرف له هو الذي كسل صاحبه بعد صلاته عن الصلاة علي محمّد وآله الطيّبين، ورأيت فيها قصوراً منيفة مشرقة عجيبة الحسن ليس لها أمامها دهليز، ولابين أيديها بستان ولاخلفها، فقلت: ما بال هذه القصور لادهليز بين أيديها ولا بستان خلف قصرها؟
فقال: يا محمّد! هذه قصور المصلّين [ الصلوات ] الخمس الذين يبذلون بعض وسعهم في قضاء حقوق إخوانهم المؤمنين دون جميعها، فلذلك قصورهم مستّرة بغير دهليز أمامها وغير بستان خلفها.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ألا فلا تتكلّوا علي الولاية وحدها، وأدّوا ما بعدهإ؛أاژثثثثثثثثثپ پ من فرائض اللّه وقضاء حقوق الإخوان، واستعمال التقيّة، فإنّهما اللذان يتمّمان الأعمال ويقصّران بها.
( التفسير: 365، ح 256. عنه البحار: 180/8، س 19، ضمن ح 137، و229/71، س 3، ضمن ح 23، و285/82، س 13، ضمن ح 12، قِطع منه، و57/83، ح 61، أورده بتمامه، ومستدرك الوسائل: 18/5، س 14، ضمن ح 5263، و66، ح 5372، قطعتان منه. )
23 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) - لمّا نزلت هذه الآية في اليهود: هؤلاء اليهود ( أي الآية، رقم: 84، من سورة البقرة. )
[الذين ] نقضوا عهد اللّه، وكذّبوا رسل اللّه، وقتلوا أولياء اللّه - أفلا أنبّئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الأُمّة؟ قالوا: بلي يا رسول اللّه!
قال: قوم من أُمّتي ينتحلون بأنّهم من أهل ملّتي يقتلون أفاضل ذرّيّتي وأطائب أرومتي، ويبدّلون شريعتي وسنّتي، ويقتلون ولديّ الحسن والحسين كما قتل أسلاف هؤلاء اليهود زكريّا ويحيي.
ألا! وإنّ اللّه يلعنهم كما لعنهم، ويبعث علي بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هادياً مهديّاً من ولد الحسين المظلوم يحرّفهم [بسيوف أوليائه ] إلي نار جهنّم.
ألا! ولعن اللّه قتلة الحسين ومحبّيهم وناصريهم والساكتين عن لعنهم من غيرتقيّة تسكتهم.
ألا! وصلّي اللّه علي الباكين علي الحسين بن عليّ(عليهما السلام) رحمة وشفقة واللاعنين لأعدائهم والممتلئين عليهم غيظاً وحنقاً.
ألا! وإنّ الراضين بقتل الحسين(عليه السلام) شركاء قتلته.
ألا! وإنّ قتلته وأعوانهم وأشياعهم والمقتدين بهم براء من دين اللّه.
[ألا] إنّ اللّه ليأمر الملائكة المقرّبين أن يتلقّوا دموعهم المصبوبة لقتل الحسين(عليه السلام) إلي الخزّان في الجنان فيمزونها بماء الحيوان، فيزيد في عذوبتها وطيبها ألف ضعفها.
وإنّ الملائكة ليتلقّون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسين(عليه السلام) ويلقونها في الهاوية ويمزجونها بحميمها وصديدها وغسّاقها وغسلينها، فتزيد في شدّة حرارتها، وعظيم عذابها ألف ضعفها، يشدّد بها علي المنقولين إليها من أعداء آل محمّد عذابهم.
فقام ثوبان مولي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) فقال: بأبي أنت وأُمّي يا رسول اللّه! متي قيام الساعة؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ماذا أعددت لها إذ تسأل عنها؟
فقال ثوبان: يا رسول اللّه! ما أعددت لها كثير عمل إلّا أنّي أحبّ اللّه ورسوله.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وإلي ماذا بلغ حبّك لرسول اللّه؟
قال: والذي بعثك بالحقّ نبيّاً إنّ في قلبي من محبّتك مالو قطّعت بالسيوف، ونشرت بالمناشير، وقرّضت بالمقاريض، وأُحرقت بالنيران، وطحنت بأرحاء الحجارة كان أحبّ إليّ، وأسهل عليّ من أن أجد لك في قلبي غشّاً أو دغلاً أو بغضاً أو لأحد من أهل بيتك وأصحابك، وأحبّ الخلق إليّ بعدك أحبّهم لك، وأبغضهم إليّ من لا يحبّك [ويبغضك ويبغض أحداً ممّن تحبّه، يا رسول اللّه، هذا ما عندي من حبّك وحبّ من يحبّك ] وبغض من يبغضك أو يبغض أحداً ممّن تحبّه، فإن قبل هذا منّي فقد سعدت، وإن أريد منّي عمل غيره فما أعلم لي عملاً أعتمده وأعتدّ به غير هذا، وأُحبّكم جميعاً أنت وأصحابك وإن كنت لاأُطيقهم في أعمالهم.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أبشر! فإنّ المرء يحشر يوم القيامة مع من أحبّ، ياثوبان! لو أنّ عليك من الذنوب مل ء ما بين الثري إلي العرش لانحسرت، وزالت عنك بهذا الموالاة أسرع من انحدار الظلّ عن الصخرة الملساء المستوية إذا طلعت عليها الشمس، ومن انحسار الشمس إذا غابت عنها الشمس.
( التفسير: 368، ح 258، و259. عنه البحار: 311/8، ح 79، قطعة منه، مرسلاً، و100/27، ح 61، قطعة منه، و304/44، ح 17، قطعة منه، والبرهان: 123/1، س 29، ضمن ح 1. )
24 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): معاشر اليهود تعاندون رسول اللّه ربّ العالمين، وتأبون الاعتراف بأنّكم كنتم بذنوبكم من الجاهلين، إنّ اللّه لا يعذّب بها أحداً، ولا يزيل عن فاعل هذا عذابه أبداً.
إنّ آدم(عليه السلام) لم يقترح علي ربّه المغفرة لذنبه إلّا بالتوبة، فكيف تقترحونها أنتم مع عنادكم. قيل: وكيف كان ذلك يا رسول اللّه!؟
[قال:] فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لما زلّت الخطيئة من آدم(عليه السلام)، وأُخرج من الجنّة وعوتب ووبّخ، قال: يا ربّ! إن تبت وأصلحت أتردّني إلي الجنّة؟
قال: بلي! قال آدم: فكيف أصنع يا ربّ! حتّي أكون تائباً، وتقبل توبتي؟
فقال اللّه عزّ وجلّ: تسبّحني بما أنا أهله، وتعترف بخطيئتك كما أنت أهله، وتتوسّل إليّ بالفاضلين الذين علّمتك أسماءهم، وفضّلتك بهم علي ملائكتي، وهم محمّد وآله الطيّبون، وأصحابه الخيّرون.
فوفّقه اللّه تعالي، فقال: «يا ربّ! لا إله إلّا أنت، سبحانك وبحمدك عملت سوءاً وظلمت نفسي فارحمني، إنّك أنت أرحم الراحمين، بحقّ محمّد وآله الطيّبين، وخيار أصحابه المنتجبين، [سبحانك وبحمدك لا إله إلّا أنت عملت سوءاً، وظلمت نفسي، فتب عليّ إنّك أنت التوّاب الرحيم، بحقّ محمّد وآله الطيّبين، وخيار أصحابه المنتجبين ]».
فقال اللّه تعالي: لقد قبلت توبتك، وآية ذلك أنّي أُنقّي بشرتك، فقد تغيّرت -وكان ذلك لثلاث عشر من شهر رمضان - فصم هذه الثلاثة الأيّام التي تستقبلك، فهي أيّام البيض ينقّي اللّه في كلّ يوم بعض بشرتك.
فصامها، فنقّي في كلّ يوم منها ثلث بشرته.
فعند ذلك قال آدم: يا ربّ! ما أعظم شأن محمّد وآله وخيار أصحابه؟
فأوحي اللّه تعالي إليه: يا آدم! إنّك لو عرفت كنه جلال محمّد وآله عندي، وخيار أصحابه لأحببته حبّاً يكون أفضل أعمالك.
قال آدم: يا ربّ! عرّفني لأعرف؟
قال اللّه تعالي: يا آدم! إنّ محمّداً لو وزن به [جميع ] الخلق من النبيّين والمرسلين 1ط النبيّين ، 4، والملائكة المقرّبين، وسائر عبادي الصالحين من أوّل الدهر إلي آخره، ومن الثري إلي العرش، لرجح بهم.
وإنّ رجلاً من خيار آل محمّد لو وزن به جميع آل النبيّين، لرجح بهم.
وإنّ رجلاً من خيار أصحاب محمّد لو وزن به جميع أصحاب المرسلين، لرجح بهم.
يا آدم! لو أحبّ رجل من الكفّار أو جميعهم رجلاً من آل محمّد وأصحابه الخيّرين، لكافأه اللّه عن ذلك بأن يختم له بالتوبة والإيمان، ثمّ يدخله [اللّه ] الجنّة.
إنّ اللّه ليفيض علي كلّ واحد من محبّي محمّد وآل محمّد، وأصحابه من الرحمة ما لو قسّمت علي عدد كعدد [ كلّ ] ما خلق اللّه من أوّل الدهر إلي آخره، وكانوا كفّاراً لكفاههم ولأدّاهم إلي عاقبة محمودة الإيمان باللّه، حتّي يستحقّوا به الجنّة، وإنّ رجلاً ممّن يبغض [آل ] محمّد وأصحابه الخيّرين أو واحداً منهم لعذّبه اللّه عذاباً لو قسّم علي مثل عدد ما خلق اللّه تعالي لأهلكهم أجمعين.
( التفسير: 390، ح 267. عنه البحار: 321/9، س 6، ضمن ح 14، قطعة منه، و330/26، ح 12، بتفاوت يسير، و171/67، س 9، ضمن ح 20، و109/94، ح 49، قطعتان منه، والبرهان: 125/1، س 16، ضمن ح 1، ومستدرك الوسائل: 515/7، ح 8787، قطعة منه. )
25 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه: هذه نصرة اللّه تعالي لليهود علي المشركين بذكرهم لمحمّد ( إشارة إلي سورة البقرة، الآية: 89. )
وآله، ألا فاذكروا يا أُمّة محمّد! محمّداً وآله عند نوائبكم وشدائدكم لينصر اللّه به ملائكتكم علي الشياطين الذين يقصدونكم.
فإنّ كلّ واحد منكم معه ملك عن يمينه يكتب حسناته، وملك عن يساره يكتب سيّئاته.
ومعه شيطانان من عند إبليس يغويانه، فإذا وسوسا في قلبه ذكر اللّه، وقال: «لا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم، وصلّي اللّه علي محمّد وآله الطيّبين»، خنس الشيطانان، ثمّ صارا إلي إبليس فشكواه، وقالا له: قد أعيانا أمره فامددنا بالمردة، فلا يزال يمدّهما حتّي يمدّهما بألف مارد فيأتونه.
فكلّما راموه ذكر اللّه، وصلّي علي محمّد وآله الطيّبين لم يجدوا عليه طريقاً، ولامنفذاً، قالوا لإبليس: ليس له غيرك تباشره بجنودك فتغلبه وتغويه، فيقصده إبليس بجنوده.
فيقول اللّه تعالي للملائكة: هذا إبليس قد قصد عبدي فلاناً، أو أمتي فلانة بجنوده، ألا فقاتلوهم، فيقاتلهم بإزاء كلّ شيطان رجيم منهم مائة [ألف ] ملك، وهم علي أفرأس من نار، بأيديهم سيوف من نار، ورماح من نار، وقسيّ ونشاشيب وسكاكين، وأسلحتهم من نار، فلا يزالون يخرجونهم ويقتلونهم ( نشاشيب: السهام. المنجد: 808، (نشب). )
بها ويأسرون إبليس، فيضعون عليه تلك الأسلحة، فيقول: يا ربّ! وعدك وعدك قد أجّلتني إلي يوم الوقت المعلوم.
فيقول اللّه تعالي للملائكة: وعدته أن لا أميته، ولم أعده أن لا أُسلّط عليه السلاح والعذاب والآلام، اشتفوا منه ضرباً بأسلحتكم، فإنّي لا أميته، فيثخنونه بالجراحات، ثمّ يدعونه فلا يزال سخين العين علي نفسه وأولاده المقتولين، ولا يندمل شي ء من جراحاته إلّا بسماعه أصوات المشركين بكفرهم، فإن بقي هذا المؤمن علي طاعة اللّه وذكره، والصلاة علي محمّد وآله بقي علي إبليس تلك الجراحات، وإن زال العبد عن ذلك وانهمك في مخالفة اللّه عزّ وجلّ ومعاصيه، اندملت جراحات إبليس، ثمّ قوي علي ذلك العبد حتّي يلجمه ويسرج علي ظهره ويركبه، ثمّ ينزل عنه، ويركب علي ظهره شيطاناً من شياطينه، ويقول لأصحابه: أما تذكرون ما أصابنا من شأن هذا، ذلّ وانقاد لنا الآن حتّي صار يركبه هذا؟
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فإن أردتم أن تديموا علي إبليس سخنة عينه وألم جراحاته فداوموا علي طاعة اللّه وذكره، والصلاة علي محمّد وآله، وإن زلتم عن ذلك كنتم أسراء إبليس، فيركب أقفيتكم بعض مردته.
( التفسير: 396، ح 270. عنه البحار: 271/60، ح 158، و12/91، س 6، ضمن ح 11، والبرهان: 127/1، س 11، ضمن ح 1. )
26 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال أميرالمؤمنين(عليه السلام): سمعت رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) يقول: من سئل عن علم فكتمه حيث يجب إظهاره، ويزول عنه التقيّة جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من النار.
( التفسير: 402، ح 273. عنه البحار: 72/2، ح 37، و217/7، ح 120، بتفاوت في السند. )
27 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أخبر اللّه تعالي: إنّ من لا يؤمن بالقرآن 10 بر اللّه تعالي: إنّ من لا يؤمن بالقرآن.... رسول اللّه ، 4 فما آمن بالتوراة، لأنّ اللّه تعالي أخذ عليهم الإيمان بهما، لا يقبل الإيمان بأحدهما إلّا مع الإيمان بالآخر.
فكذلك فرض اللّه الإيمان بولاية عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) كما فرض الإيمان بمحمّد، فمن قال: آمنت بنبوّة محمّد، وكفرت بولاية عليّ(عليه السلام) فما آمن بنبوّة محمّد، إنّ اللّه تعالي إذا بعث الخلائق يوم القيامة نادي منادي ربّنا نداءً تعريف الخلائق في إيمانهم وكفرهم، فقال: اللّه أكبر، اللّه أكبر.
ومناد آخر ينادي: معاشر الخلائق ساعدوه علي هذه المقالة.
فأمّا الدهرية والمعطّلة فيخرسون عن ذلك ولاتنطلق ألسنتهم، ويقولها سائر الناس من الخلائق، فيمتاز الدهريّة [والمعطّلة] من سائر الناس بالخرس.
ثمّ يقول المنادي: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، فيقول الخلائق كلّهم ذلك إلّا من كان يشرك باللّه تعالي من المجوس والنصاري وعبدة الأوثان، فإنّهم يخرسون فيبيّنون بذلك من سائر الخلائق.
ثمّ يقول المنادي: أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه، فيقولها المسلمون أجمعون، ويخرس عنها اليهود والنصاري وسائر المشركين.
ثمّ ينادي من آخر عرصات القيامة: ألا فسوقوهم إلي الجنّة [لشهادتهم لمحمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بالنبوّة].
فإذا النداء من قبل اللّه تعالي: [ لا، بل ] (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسُْولُونَ ).
( الصافّات: 24/37. )
يقول الملائكة الذين قالوا: سوقوهم إلي الجنّة لشهادتهم لمحمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بالنبوّة: لماذا يوقفون يا ربّنا!؟
فإذا النداء من قبل اللّه تعالي: [قفوهم ] إنّهم مسؤلون عن ولاية عليّ بن أبي طالب وآل محمّد، يا عبادي! وإمائي! إنّي أمرتهم مع الشهادة بمحمّد بشهادة أُخري، فإن جاءوا بها فعظّموا ثوابهم، وأكرموا مآبهم، وإن لم يأتوا بها لم تنفعهم الشهادة لمحمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بالنبوّة، ولا لي بالربوبيّة، فمن جاء بها فهو من الفائزين، ومن لم يأت بها فهو من الهالكين.
قال: فمنهم من يقول: قد كنت لعليّ بن أبي طالب بالولاية شاهداً، ولآل محمّد محبّاً، وهو في ذلك كاذب يظنّ أنّ كذبه ينجيه، فيقال له: سوف نستشهد علي ذلك عليّاً، فتشهد أنت يا أبا الحسن! فتقول: الجنّة لأوليائي شاهدة، والنار علي أعدائي شاهدة.
فمن كان منهم صادقاً خرجت إليه رياح الجنّة، ونسيمها فاحتملته فأوردته علالي الجنّة وغرفها، وأحلته دار المقامة من فضل ربّه، لا يمسّه فيها نصب، ولايمسّه فيها لغوب.
ومن كان منهم كاذباً جاءته سموم النار وحميمها، وظلّها الذي هو (ثَلَثِ شُعَبٍ * لَّا ظَلِيلٍ وَلَايُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ 5المرسلات ثلاث شعب.... 30 ، 4 )، فتحمله فترفعه في الهواء، وتورده ( المرسلات: 30/77، و31. )
في نار جهنّم.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فلذلك أنت قسيم [ الجنّة و] النار، تقول لها: هذا لي، وهذا لك.
( التفسير: 404، ح 276. عنه البحار: 186/7، ح 46، بتفاوت يسير، و275، ح 50، و166/8، ح 110، و183/9، س 6، ضمن ح 11، قِطع منه، والبرهان: 129/1، س 17، ضمن ح 1، بتفاوت يسير. )
28 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وقد مرّ معه بحديقة10 ل رسول اللّه لعليّ بن أبي طالب وقد مرّ معه بحديقة.... الإمام العسكريّ ، 4 حسنة، فقال عليّ(عليه السلام): ما أحسنها من حديقة؟!
فقال: يا عليّ! لك في الجنّة أحسن منها، إلي أن مرّ بسبع حدائق كلّ ذلك يقول عليّ(عليه السلام): ما أحسنها من حديقة؟!
ويقول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لك في الجنّة أحسن منها.
ثمّ بكي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بكاءً شديداً، فبكي عليّ(عليه السلام) لبكائه، ثمّ قال: مايبكيك؟ يا رسول اللّه!
قال: يا أخي [ يا] أبا الحسن! ضغائن في صدور قوم يبدونها لك بعدي.
قال عليّ(عليه السلام): يا رسول اللّه! في سلامة من ديني؟
قال: في سلامة من دينك.
قال: يا رسول اللّه! إذا سلم ديني فلا يسؤني ذلك.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لذلك جعلك اللّه لمحمّد تالياً، وإلي رضوانه وغفرانه داعياً، وعن أولاد الرشد والغيّ بحبّهم لك، وبغضهم [عليك مميّزاً] منبئاً، وللواء محمّد يوم القيامة حاملاً، وللأنبياء والرسل 1ط الأنبياء ، 4 والصابرين تحت لوائي إلي جنّات النعيم قائداً.
يا عليّ! إنّ أصحاب موسي اتّخذوا بعده عجلاً، وخالفوا خليفته، وسيتّخذ أُمّتي بعدي عجلاً، ثمّ عجلاً، ثمّ عجلاً، ويخالفونك وأنت خليفتي علي هؤلاء يضاهئون أولئك في اتّخاذهم العجل.
ألا فمن وافقك وأطاعك فهو معنا في الرفيع الأعلي، ومن اتّخذ العجل بعدي وخالفك ولم يتب فأولئك مع الذين اتّخذوا العجل زمان موسي، ولم يتوبوا [فهم ] في نار جهنّم خالدين مخلّدين.
( التفسير: 408، ح 279. عنه البحار: 66/28، س 8، ضمن ح 26، بتفاوت يسير، ومقدّمة البرهان: 239، س 7، قطعة منه.
قطعة منه في (ما رواه عن الإمام عليّ 8). )

29 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): معاشر الناس! أحبّوا موالينا مع حبّكم لآلنا هذا زيد ابن حارثة وابنه أُسامة من خواصّ موالينا فأحبّوهما، فوالذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً لينفعكم حبّهما.
قالوا: وكيف ينفعنا حبّهما؟
قال: إنّهما يأتيان يوم القيامة عليّاً(عليه السلام) بخلق عظيم من محبّيها أكثر من ربيعة ومضر بعدد كلّ واحد منهم، فيقولان: يا أخا رسول اللّه! هؤلاء أحبّونا بحبّ محمّد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وبحبّك.
فيكتب لهم عليّ(عليه السلام) جوازاً علي الصراط، فيعبرون عليه، ويردون الجنّة سالمين، وذلك أنّ أحداً لا يدخل الجنّة من سائر أُمّة محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) إلّا بجواز من عليّ(عليه السلام)، فإن أردتم الجواز علي الصراط سالمين، ودخول الجنان غانمين فأحبّوا بعد حبّ محمّد وآله، مواليه.
ثمّ إن أردتم أن يعظّم محمّد وعليّ عند اللّه تعالي منازلكم فأحبّوا شيعة محمّد وعليّ، وجدّوا في قضاء حوائج إخوانكم المؤمنين، فإنّ اللّه تعالي إذا أدخلكم الجنّة معاشر شيعتنا ومحبّينا، نادي مناديه في تلك الجنان: قد دخلتم ياعبادي! الجنّة برحمتي، فتقاسموها علي قدر حبّكم لشيعة محمّد وعليّ(عليهما السلام) وقضائكم لحقوق إخوانكم المؤمنين.
فأيّهم كان للشيعة أشدّ حبّاً ولحقوق إخوانه المؤمنين أحسن قضاءً كانت درجاته في الجنان أعلي، حتّي أنّ فيهم من يكون أرفع من الآخر بمسيرة مائة ألف سنة ترابيع قصور وجنان.
( التفسير: 441، ح 293. عنه البحار: 57/8، ح 72، بتفاوت، و114/22، ح 84، قطعة منه، و251/66، ح 31، وغاية المرام: 263، ح 4. )
30 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): اتّقوا اللّه، عباد اللّه! واثبتوا علي ما أمركم به رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) من توحيد اللّه، ومن الإيمان بنبوّة محمّد رسول اللّه، ومن الاعتقاد بولاية عليّ ولي اللّه.
ولا يغرّنكم صلاتكم وصيامكم وعبادتكم السالفة، أنّها لا تنفعكم إن خالفتم العهد والميثاق، فمن وفي وفي له، وتفضّل [بالجلال و] بالإفضال عليه، ومن نكث فإنّما ينكث علي نفسه، واللّه وليّ الانتقام منه، وإنّما الأعمال بخواتيمها. هذه وصيّة رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لكلّ أصحابه، وبها أوصي حين صار إلي الغار.
فإنّ اللّه تعالي قد أوحي إليه يا محمّد! إنّ العليّ الأعلي يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إنّ أبا جهل، والملأ من قريش قد دبّروا يريدون قتلك، وآمرك أن تبيت عليّاً في موضعك، وقال لك: إنّ منزلته منزلة إسماعيل الذبيح من إبراهيم الخليل، يجعل نفسه لنفسك فداءً، وروحه لروحك وقاء، وآمرك أن تستصحب أبا بكر فإنّه إن آنسك وساعدك ووازرك، وثبت علي مايعاهدك، ويعاقدك كان في الجنّة من رفقائك، وفي غرفاتها من خلصائك.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لعليّ(عليه السلام): أرضيت أن أطلب فلا أوجد وتوجد، فلعلّه أن يبادر إليك الجهّال فيقتلوك.
قال: بلي، يا رسول اللّه! رضيت أن تكون روحي لروحك وقاء، ونفسي لنفسك فداء بل قد رضيت أن تكون روحي، ونفسي فداء لأخ لك أو قريب أو لبعض الحيوانات تمتهنها، وهل أُحبّ الحياة إلّا لخدمتك، والتصرّف بين أمرك ونهيك ولمحبّة أوليائك، ونصرة أصفيائك، ومجاهدة أعدائك، لولا ذلك لما أحببت أن أعيش في هذه الدنيا ساعة واحدة.
فأقبل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) علي عليّ(عليه السلام)، وقال له: يا أبا حسن! قد قرأ عليّ كلامك هذا الموكّلون باللوح المحفوظ، وقرأوا عليّ ما أعدّ اللّه [به ] لك من ثوابه في دار القرار مالم يسمع بمثله السامعون، ولا رأي مثله الراؤون، ولا خطر مثله ببال المتفكّرين.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لأبي بكر: أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر! تطلب كما أطلب، وتعرف بأنّك أنت الذي تحملني علي ما أدّعيه، فتحمل عنّي أنواع العذاب.
قال أبو بكر: يا رسول اللّه! أمّا أنا لو عشت عمر الدنيا أعذّب في جميعها أشدّ عذاب لا ينزل عليّ موت مريح، ولا فرج متيح، وكان في ذلك محبّتك لكان ذلك أحبّ إليّ من أن أتنعّم فيها، وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلّا فداؤك.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لا جرم إن اطّلع اللّه علي قلبك، ووجد ما فيه موافقاً لما جري علي لسانك، جعلك منّي بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، وبمنزلة الروح من البدن كعليّ الذي هو منّي كذلك، وعليّ فوق ذلك لزيادة فضائله، وشريف خصاله.
يا أبا بكر! إنّ من عاهد اللّه ثمّ لم ينكث ولم يغيّر ولم يبدّل ولم يحسد من قدأبانه اللّه بالتفضيل، فهو معنا في الرفيق الأعلي، وإذا أنت مضيت علي طريقة يحبّها منك ربّك، ولم تتّبعها بما يسخطه، ووافيته بها إذا بعثك بين يديه، كنت لولايةاللّه مستحقّاً، ولمرافقتنا في تلك الجنان مستوجباً.
انظر أبا بكر! فنظر في آفاق السماء فرأي أملاكاً من نار علي أفراس من نار بأيديهم رماح من نار، كلّ ينادي: يا محمّد! مرنا بأمرك في [ أعدائك و] مخالفيك نطحطحهم.
( طحطحه: كسره، والقوم وبالقوم: بدّدهم وأهلكهم. المنجد: 461، (طحطح). )
ثمّ قال: تسمّع علي الأرض، فتسمّع فإذا هي تنادي: يا محمّد! مرني بأمرك في أعدائك، أمتثل أمرك.
ثمّ قال: تسمّع علي الجبال، فتسمّعها تنادي: يا محمّد! مرنا بأمرك في أعدائك، نهلكهم.
ثمّ قال: تسمّع علي البحار، فأحضرت البحار بحضرته، وصاحت أمواجها تنادي: يا محمّد! مرنا بأمرك في أعدائك نمتثله.
ثمّ سمع السماء والأرض والجبال والبحار كلّ يقول: [ يا محمّد!] ما أمرك ربّك بدخول الغار لعجزك عن الكفّار، ولكن امتحاناً وابتلاءً ليتخلّص الخبيث من الطيّب من عباده، وإمائه بأناتك وصبرك وحلمك عنهم، يامحمّد! من وفي بعهدك، فهو من رفقائك في الجنان، ومن نكث فعلي نفسه ينكث، وهو من قرناء إبليس اللعين في طبقات النيران.
ثم قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لعليّ(عليه السلام): يا عليّ! أنت منّي بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، والروح من البدن، حبّبت إليّ كالماء البارد إلي ذي الغلّة الصادي.
ثمّ قال له: يا أبا حسن! تغشّ ببردتي فإذا أتاك الكافرون يخاطبونك، فإنّ اللّه يقرن بك توفيقه، وبه تجيبهم، فلمّا جاء أبو جهل والقوم شاهرون سيوفهم، قال لهم أبو جهل: لا تقعوا به وهو نائم لا يشعر، ولكن ارموه بالأحجار لينتبه بها، ثمّ اقتلوه، فرموه بأحجار ثقال صائبة، فكشف عن رأسه، فقال: ما ذا شأنكم وعرفوه، فإذا هو عليّ(عليه السلام).
فقال لهم أبو جهل: أما ترون محمّداً كيف أبات هذا، ونجا بنفسه لتشتغلوا به، وينجو محمّد لا تشتغلوا بعليّ المخدوع لينجو بهلاكه محمّد، وإلّا فما منعه أن يبيت في موضعه إن كان ربّه بمنع عنه كما يزعم.
فقال عليّ(عليه السلام): ألي تقول هذا؟ يا أبا جهل! بل اللّه تعالي قد أعطاني من العقل ما لو قسّم علي جميع حمقاء الدنيا ومجانينها لصاروا به عقلاء، ومن القوّة مالو قسّم علي جميع ضعفاء الدنيا لصاروا به أقوياء، ومن الشجاعة ما لو قسّم علي جميع جبناء الدنيا لصاروا [به ] شجعاناً، ومن الحلم ما لوقسّم علي جميع سفهاء الدنيا لصاروا به حلماء.
ولولا أنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أمرني أن لاأحدث حدثاً حتّي ألقاه لكان لي ولكم شأن، ولأ قتلنّكم قتلاً، ويلك يا أبا جهل! - عليك اللعنة - إنّ محمّداً(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قد استأذنه في طريقه السماء والأرض والبحار والجبال في إهلاككم فأبي إلّا أن يرفق بكم ويداريكم ليؤمن من في علم اللّه أنّه يؤمن منكم، ويخرج مؤمنون من أصلاب وأرحام كافرين وكافرات، أحبّ اللّه تعالي أن لايقطعهم عن كرامته باصطلامهم، ولو لا ذلك لأهلككم ربّكم.
إنّ اللّه هو الغنيّ، وأنتم الفقراء لا يدعوكم إلي طاعته وأنتم مضطرّون، بل مكّنكم ممّا كلّفكم، فقطع معاذيركم.
فغضب أبو البختريّ بن هشام، فقصده بسيفه فرأي الجبال قد أقبلت لتقع عليه، والأرض قد انشقّت لتخسف به، ورأي أمواج البحار نحوه مقبلة لتغرقه في البحر، ورأي السماء انحطّت لتقع عليه، فسقط سيفه وخرّ مغشيّا عليه، واحتمل ويقول أبو جهل دير به لصفراء هاجت به. يريد أن يلبّس علي من معه أمره.
فلمّا التقي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) مع عليّ(عليه السلام) قال: يا عليّ! إنّ اللّه رفع صوتك في مخاطبتك أبا جهل إلي العلوّ، وبلّغه إلي الجنان، فقال من فيها من الخزّان والحور الحسان: من هذا المتعصّب لمحمّد إذ قد كذّبوه وهجروه؟
قيل لهم: هذا النائب عنه، والبائت علي فراشه، يجعل نفسه لنفسه وقاء وروحه لروحه فداءً.
فقال الخزّان والحور الحسان: يا ربّنا! فاجعلنا خزّانه.
وقالت الحور: فاجعلنا نساءه.
فقال اللّه تعالي لهم: أنتم له ولمن يختاره هو من أوليائه، ومحبّيه يقسمكم عليهم - بأمر اللّه - علي من هو أعلم به من الصلاح أرضيتم؟
قالوا: بلي! ربّنا وسيّدنا.
( التفسير: 465، ح 303. عنه البحار: 329/9، س 2، ضمن ح 16، 80/19، ح 34، بتفاوت، ومدينة المعاجز: 456/1، ح 302، بتفاوت، وإثبات الهداة: 482/2، ح 291، قطعة منه.
قطعة منه في (ما رواه 7 من الأحاديث القدسيّة)، و(ما رواه عن الإمام عليّ 8). )

31 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال [الإمام ](عليه السلام): إنّ المسلمين لمّا أصابهم يوم أُحد من المحن ما أصابهم لقي قوم من اليهود - بعده بأيّام - عمّار بن ياسر وحذيفة بن اليمان، فقالوا لهما: ألم تريا ما أصابكم يوم أُحد إنّما يحرب كأحد طلاّب ملك الدنيا حربه سجالاً، فتارةً له وتارة عليه، فارجعوا عن دينه.
فأمّا حذيفة، فقال: لعنكم اللّه لا أُقاعدكم، ولا أسمع كلامكم، أخاف علي نفسي وديني وأفرّ بهما منكم، وقام عنهم يسعي.
وأمّا عمّار بن ياسر، فلم يقم عنهم، ولكن قال لهم: معاشر اليهود! إنّ محمّداً وعد أصحابه الظفر يوم بدر إن صبروا فصبروا وظفروا، ووعدهم الظفر يوم أُحد أيضاً إن صبروا، ففشلوا وخالفوا، فلذلك أصابهم ماأصابهم، ولو أنّهم أطاعوا وصبروا ولم يخالفوا لما غلبوا.
فقالت له اليهود: يا عمّار! وإذا أطعت أنت غلب محمّد سادات قريش مع دقّة ساقيك؟!
فقال عمّار: نعم، واللّه! الذي لا إله إلّا هو باعثه بالحقّ نبيّاً، لقد وعدني محمّد من الفضل والحكمة ما عرّفنيه من نبوّته، وفهّمنيه من فضل أخيه، ووصيّه وصفيّه وخير من يخلفه بعده، والتسليم لذرّيّته الطيّبين المنتجبين، وأمرني بالدعاء بهم عند شدائدي ومهمّاتي وحاجاتي، ووعدني أنّه لايأمرني بشي ء فاعتقدت فيه طاعته إلّا بلّغته، حتّي لو أمرني بحطّ السماء إلي الأرض أو رفع الأرضين إلي السماوات لقوّي عليه ربّي بدني بساقي هاتين الدقيقتين.
فقالت اليهود: كلاّ واللّه، يا عمّار! محمّد أقلّ عند اللّه من ذلك، وأنت أوضع عند اللّه وعند محمّد من ذلك (لا ولا حجراً فيها أربعون منّا).
فقام عمّار عنهم، وقال: لقد أبلغتكم حجّة ربّي، ونصحت لكم، ولكنّكم للنصيحة كارهون، وجاء إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقال له رسول اللّه: ياعمّار! قد وصل إليّ خبركما، أمّا حذيفة فإنّه فرّ بدينه من الشيطان وأوليائه، فهو من عباداللّه الصالحين.
وأمّا أنت يا عمّار! فإنّك قد ناضلت عن دين اللّه، ونصحت لمحمّد رسول اللّه، فأنت من المجاهدين في سبيل اللّه الفاضلين.
فبينا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وعمّار يتحادثان إذ حضرت اليهود الذين كانوا كلّموه، فقالوا: يا محمّد! هاه صاحبك يزعم أنّك إن أمرته برفع الأرض إلي السماء أو حطّ السماء إلي الأرض، فاعتقد طاعتك، وعزم علي الائتمار لك لأعانه اللّه عليه، ونحن نقتصر منك ومنه علي ما هو دون ذلك إن كنت نبيّاً، فقد قنعنا أن يحمل عمّار - مع دقّة ساقيه - هذا الحجر.
وكان الحجر مطروحاً بين يدي النبيّ(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بظاهر المدينة يجتمع عليه مائتا رجل ليحرّكوه فلا يمكنهم.
فقالوا له: يا محمّد! إن رام احتماله لم يحرّكه، ولو حمل في ذلك علي نفسه لانكسرت ساقاه وتهدّم جسمه.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لا تحتقروا ساقيه فإنّهما أثقل في ميزان حسناته من ثور وثبير وحراء وأبي قبيس، بل من الأرض كلّها وما عليها، وأنّ ( في الحديث: أنّه حرّم ما بين عير إلي ثور، قال ابن الأثير: هما جبلان، أمّا عير فجبل معروف بالمدينة، وأمّا ثور فالمعروف أنّه بمكّة، وفيه الغار الذي فيه سيّدنا رسول اللّه 6. لسان العرب: 112/4 (ثور). )
( ثبير: جبل بمكّة ... قال ابن الأثير: وهو الجبل المعروف عند مكّة. المصدر: 100/4 (ثبر). )
( حراء، بالكسر والمدّ: جبل بمكّة، معروف. المصدر: 174/14، (حري). )
( أبو قبيس: جبل بمكّة يقرب من الكعبة، سمّي برجل من مذحج، لأنّه أوّل من بني فيه. مجمع البحرين: 94/4، (قبس). )
اللّه قد خفّف بالصلاة علي محمّد وآله الطيّبين ماهو أثقل من هذه الصخرة، خفّف العرش علي كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن كان لايطيقه معهم العدد الكثير والجمّ الغفير.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عمّار! اعتقد طاعتي، وقل: «اللّهمّ! بجاه محمّد وآله الطيّبين، قوّني، ليسهّل اللّه لك ما أمرك به كما سهّل علي كالب بن يوحنّا بور البحر علي متن الماء»، وهو علي فرسه يركض عليه لسؤاله اللّه بجاهنا أهل البيت. فقالها عمّار، واعتقدها، فحمل الصخرة فوق رأسه، وقال: بأبي أنت وأُمّي يارسول اللّه! والذي بعثك بالحقّ نبيّاً لهي أخفّ في يدي من خلالة أمسكها بها!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): حلّق بها في الهواء فستبلغ بها قلّة ذلك الجبل -وأشار إلي جبل بعيد علي قدر فرسخ - فرمي بها عمّار، وتحلّقت في الهواء حتّي انحطّت علي ذروة ذلك الجبل، ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لليهود: أو رأيتم؟ قالوا: بلي!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عمّار! قم إلي ذروة الجبل فستجد هناك صخرة أضعاف ما كانت فاحتملها، وأعدها إلي حضرتي، فخطا عمّار خطوة وطويت له الأرض، ووضع قدمه في الخطوة الثانية علي ذروة الجبل، وتناول الصخرة المتضاعفة وعاد إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بالخطوة الثالثة.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لعمّار: اضرب بها الأرض ضربة شديدة، فتهاربت اليهود وخافوا، فضرب بها عمّار علي الأرض، فتفتّت حتّي صارت كالهباء المنثور وتلاشت.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): آمنوا أيّها اليهود! فقد شاهدتم آيات اللّه، فآمن بعضهم وغلب الشقاء علي بعضهم، ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أتدرون معاشر المسلمين! ما مثل هذه الصخرة؟ فقالوا: لا، يا رسول اللّه!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): والذي بعثني بالحقّ نبيّاً! إنّ رجلاً من شيعتنا تكون له ذنوب وخطايا أعظم من جبال الأرض و[من ] الأرض كلّها، والسماء بأضعاف كثيرة فما هو إلّا أن يتوب ويجدّد علي نفسه ولايتنا أهل البيت إلّا كان قد ضرب بذنوبه الأرض أشدّ من ضرب عمّار هذه الصخرة بالأرض، وإنّ رجلاً تكون له طاعات كالسماوات والأرضين والجبال والبحار فما هو إلّا أن يكفر بولايتنا أهل البيت حتّي يكون ضرب بها الأرض أشدّ من ضرب عمّار لهذه الصخرة بالأرض، وتتلاشي وتتفتّت كتفتّت هذه الصخرة، فيرد الآخرة، ولا يجد حسنة، وذنوبه أضعاف الجبال والأرض والسماء، فيشدّد حسابه، ويدوم عذابه.
قال فلمّا رأي عمّار بنفسه تلك القوّة التي جلد بها علي الأرض تلك الصخرة فتفتّت، أخذته أُريحية وقال: أفتأذن لي يا رسول اللّه! أن أُجالد هؤلاء اليهود، فأقتلهم أجمعين بما أُعطيته من هذه القوّة؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عمّار! إنّ اللّه تعالي يقول: (فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّي يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ي ) بعذابه، ويأتي بفتح مكّة وسائر ما وعد.
( البقرة: 109/2. )
وكان المسلمون تضيق صدورهم ممّا يوسوس به إليهم اليهود والمنافقون من الشبه في الدين.
فقال لهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أو لا أُعلّمكم ما يزيل ضيق صدوركم إذا وسوس هؤلاء الأعداء إليكم؟ قالوا: بلي، يا رسول اللّه!
قال: ما أمر به رسول اللّه من كان معه في الشعب الذي كان ألجأته إليه قريش، فضاقت صدورهم، واتّسخت ثيابهم.
فقال لهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): انفخوا علي ثيابكم، وامسحوها بأيديكم وهي علي أبدانكم، وأنتم تصلّون علي محمّد وآله الطيّبين، فإنّها تنقي وتطهّر وتبيّض وتحسّن، وتزيل عنكم ضيق صدوركم، ففعلوا ذلك، فصارت ثيابهم كما قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقالوا: عجباً يا رسول اللّه! بصلوتنا عليك وعلي آلك كيف طهّرت ثيابنا؟!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ تطهير الصلاة علي محمّد وآله لقلوبكم من الغلّ والضيق والدغل، ولأبدانكم من الآثام أشدّ من تطهيرها لثيابكم، وإنّ غسلها للذنوب عن صحائفكم أحسن من غسلها للدرن عن ثيابكم، وإنّ تنويرها لكتب حسناتكم - بمضاعفة ما فيها - أحسن من تنويرها لثيابكم.
( التفسير: 515، ح 316، و317. عنه البحار: 335/22، ح 49، بتفاوت، و16/9، س 9، ضمن ح 12، بتفاوت يسير، وإثبات الهداة: 396/1، ح 616، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 102/11، ح 12533. )
32 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
وقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وآتوا الزكاة من أموالكم المستحقّين لها من الفقراء والضعفاء لاتبخسوهم ولا توكسوهم، ولا تيمّموا الخبيث أن تعطوهم، فإنّ ( الوكس: النقص ...، وأوكِس الرجل إذا ذهب مالُه. لسان العرب: 257/6، (وكس). )
من أعطي الزكاة من ماله طيّبة بها نفسه أعطاه اللّه بكلّ حبّة منها قصراً في الجنّة من ذهب، وقصراً من فضّة، وقصراً من لؤلؤ، وقصراً من زبرجد، وقصراً من زمرّد، وقصراً من جوهر، وقصراً من نور ربّ العالمين.
وأيّما عبد التفت في صلاته، قال اللّه تعالي: يا عبدي! إلي أين تقصد، ومن تطلب، أربّاً غيري تريد؟ أو رقيباً سواي تطلب؟ أو جواداً خلاي تبتغي؟
أنا أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، وأفضل المعطين، أُثيبك ثواباً لايحصي قدره، فأقبل عليّ فإنّي عليك مقبل، وملائكتي عليك مقبلون.
فإن أقبل زال عنه إثم ماكان منه، وإن التفت بعد أعاد اللّه [ له ] مقالته، فإن أقبل زال عنه إثم ما كان منه، وإن التفت ثالثةً أعاد اللّه له مقالته، فإن أقبل علي صلاته غفر [ اللّه ] له ماتقدّم من ذنبه.
وإن التفت رابعةً أعرض اللّه عنه، وأعرضت الملائكة عنه ويقول: ولّيتك ياعبدي! ما تولّيت.
وإن قصّر في الزكاة قال اللّه تعالي: يا عبدي أتبخّلني، أم تتّهمني، أم تظنّ أنّي عاجز غير قادر علي إثابتك، سوف يردّ عليك يوم تكون فيه أحوج المحتاجين إن أدّيتها كما أُمرت، وسوف يردّ عليك إن بخلت يوم تكون فيه أخسر الخاسرين.
قال(عليه السلام): فسمع ذلك المسلمون، فقالوا: سمعنا وأطعنا يا رسول اللّه!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): عباد اللّه! أطيعوا اللّه في أداء الصلوات المكتوبات، والزكوات المفروضات، وتقرّبوا بعد ذلك إلي اللّه بنوافل الطاعات، فإنّ اللّه عزّوجلّ يعظّم به المثوبات.
والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ! إنّ عبداً من عباد اللّه ليقف يوم القيامة موقفاً يخرج عليه من لهب النار أعظم من جميع جبال الدنيا حتّي مايكون بينه وبينها حائل، بينا هو كذلك قد تحيّر إذ تطاير من الهواء رغيف أو حبّة قد واسي بها أخاً مؤمناً علي إضافته، فتنزل حواليه، فتصير كأعظم الجبال مستديراً حواليه، تصدّ عنه ذلك اللهب، فلا يصيبه من حرّها ولا دخانها شي ء إلي أن يدخل الجنّة.
قيل: يا رسول اللّه! وعلي هذا تنفع مواساته لأخيه المؤمن؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إي والذي بعثني بالحقّ نبيّاً! إنّه لينفع بعض المواسين بأعظم من هذا، وربّما جاء يوم القيامة من تمثّل له سيّئاته [وحسناته ] وإساءته إلي إخوانه المؤمنين - وهي التي تعظم وتتضاعف فتمتلي ء بها صحائفه - وتفرّق حسناته علي خصمائه المؤمنين المظلومين بيده ولسانه، فيتحيّر ويحتاج إلي حسنات توازي سيّئاته.
فيأتيه أخ له مؤمن - قد كان أحسن إليه في الدنيا - فيقول له: قد وهبت لك جميع حسناتي بإزاء ما كان منك إليّ في الدنيا، فيغفر اللّه له بها، ويقول لهذا المؤمن: فأنت بماذا تدخل جنّتي؟ فيقول: برحمتك، يا ربّ!
فيقول اللّه عزّ وجلّ: جدت عليه بجميع حسناتك، ونحن أولي بالجود منك والكرم، قد تقبّلتها عن أخيك، وقد رددتها عليك وأضعفتها لك، فهو من أفاضل أهل الجنان.
( التفسير: 524، ح 320. عنه البحار: 300/7، س 4، ضمن ح 51، و310/71، س 9، ضمن ح 63، و244/81، ح 34، و9/93، ح 6، قِطع منه، ومستدرك الوسائل: 34/3، ح 2951، و428/5، ح 6267، و168/7، ح 7945، قِطع منه. )
33 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال عليّ بن الحسين(عليه السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): [ إنّ هؤلاء الكاتمين لصفة [محمّد] رسول اللّه والجاحدين لحلية عليّ ولّي اللّه إذا أتاهم ملك الموت ليقبض أرواحهم أتاهم بأفظع المناظر، وأقبح الوجوه، فيحيط بهم عند نزع أرواحهم مردة شياطينهم، الذين كانوا يعرفونهم، ثمّ يقول ملك الموت: أبشري أيّتها النفس الخبيثة الكافرة بربّها بجحد نبوّة نبيّه، وإمامة عليّ وصيّه بلعنة من اللّه وغضبه، ثمّ يقول: ارفع رأسك وطرفك وانظر، [فينظر] فيري دون العرش محمّداً(صلي اللّه عليه و ال وسلم) علي سرير بين يدي عرش الرحمن، ويري عليّاً(عليه السلام) علي كرسيّ بين يديه، وسائر الأئمّة(عليهم السلام) علي مراتبهم الشريفة بحضرته، ثمّ يري الجنان قد فتحت أبوابها، ويري القصور، والدرجات والمنازل التي تقصر عنها أماني المتمنّين.
فيقول له: لو كنت لأولئك موالياً كانت روحك يعرج بها إلي حضرتهم، وكان يكون مأواك في تلك الجنان، وكانت تكون منازلك فيها.
وإن كنت علي مخالفتهم فقد حرمت [علي ] حضرتهم ومنعت مجاورتهم وتلك منازلك، وأولئك مجاوروك ومقاربوك، فانظر.
فيرفع له عن حجب الهاوية فيراها بما فيها من بلاياها ودواهيها وعقاربها وحيّاتها وأفاعيها وضروب عذابها وإنكالها.
فيقال له: فتلك إذن منازلك، ثمّ تمثّل له شياطينه هؤلاء الذين كانوا يغوونه ويقبل منهم مقرّنين معه هناك في تلك الأصفاد والأغلال، فيكون موته بأشدّ حسرة، وأعظم أسف.
( التفسير: 572، ح 335. عنه البحار: 190/6، س 1، ضمن ح 33. )
34 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): عجباً للعبد المؤمن من شيعة محمّد وعليّ 10 باً للعبد المؤمن من شيعة محمّد وعليّ.... رسول اللّه ، 4(عليهما السلام) أن ينصر في الدنيا علي أعدائه، فقد جمع له خير الدارين، وأنّ ما امتحن في الدنيا ذخر له في الآخرة ما [ لا] يكون لمحنته في الدنيا قدر عند إضافتها إلي نعيم الآخرة.
وكذلك عجباً للعبد المخالف لنا أهل البيت إن خذل في الدنيا وغلب بأيدي المؤمنين، فقد جمع له عذاب الدارين، وإن أمهل في الدنيا وأخّر عنه عذابها كان له في الآخرة من عجائب العذاب، وضروب العقاب ما يودّ لوكان في الدنيا مسلماً وما لا قدر لنعم الدنيا التي كانت له عند الإضافة إلي تلك البلايا.
فلو أنّ أحسن الناس نعيماً في الدنيا، وأطولهم فيها عمراً من مخالفينا، غمس يوم القيامة في النار غمسة ثمّ سئل: هل لقيت نعيماً قطّ؟
لقال: لا! ولو أنّ أشدّ الناس عيشاً في الدنيا وأعظمهم بلاء من موافقينا وشيعتنا غمس يوم القيامة في الجنّة غمسة ثمّ سئل: هل لقيت بؤساً [قطّ]؟
لقال: لا! فما ظنّكم بنعيم وبؤس هذه صفتهما، فذلك النعيم فاطلبوه، وذلك العذاب فاتّقوه.
( التفسير: 577، ح 339. عنه البحار: 234/64، ح 49، بتفاوت. )
35 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال عليّ بن الحسين(عليه السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ما من عبد ولا أمة زال عن ولايتنا، وخالف طريقتنا، وسمّي غيرنا بأسمائنا وأسماء خيار أهلنا الذي اختاره اللّه للقيام بدينه ودنياه، ولقّبه بألقابنا وهو لذلك يلقّبه معتقداً، لايحمله علي ذلك تقيّة خوف ولا تدبير مصلحة دين إلّا بعثه اللّه يوم القيامة.
ومن كان قد اتّخذه من دون اللّه وليّاً، وحشر إليه الشياطين الذين كانوا يغوونه، فقال [ له ]: يا عبدي! أربّاً معي، هؤلاء كنت تعبد، وإيّاهم كنت تطلب، فمنهم فاطلب ثواب ماكنت تعمل، لك معهم عقاب أجرائك.
ثمّ يأمر اللّه تعالي أن يحشر الشيعة الموالون لمحمّد وعليّ وآلهما(عليهم السلام) ممّن كان في تقيّة لا يظهر ما يعتقده، وممّن لم يكن عليه تقيّة وكان يظهر مايعتقده، فيقول اللّه تعالي: انظروا حسنات شيعة محمّد وعليّ، فضاعفوها.
قال: فيضاعفون حسناتهم أضعافاً مضاعفة.
ثمّ يقول اللّه تعالي: انظروا ذنوب شيعة محمّد وعليّ، فينظرون، فمنهم من قلّت ذنوبه فكانت مغمورة في طاعاته، فهؤلاء السعداء مع الأولياء والأصفياء، ومنهم من كثرت ذنوبه وعظمت، فيقول اللّه تعالي: قدّموا الذين كانوا لا تقيّة عليهم من أولياء محمّد وعليّ فيقدّمون.
فيقول اللّه تعالي: أنظروا حسنات عبادي هؤلاء النصّاب الذين اتّخذوا الأنداد من دون محمّد وعليّ ومن دون خلفائهم، فاجعلوها لهؤلاء المؤمنين، لماكان من اغتيابهم لهم بوقيعتهم فيهم، وقصدهم إلي أذاهم، فيفعلون ذلك.
فتصير حسنات النواصب لشيعتا الذين لم يكن عليهم تقيّة.
ثمّ يقول: أنظروا إلي سيّئات شيعة محمّد وعليّ، فإن بقيت لهم علي هؤلاء النصّاب بوقيعتهم فيهم زيادات، فاحملوا علي أولئك النصّاب بقدرها من الذنوب التي لهؤلاء الشيعة، فيفعل ذلك.
ثمّ يقول اللّه عزّ وجلّ: ائتوا بالشيعة المتّقين لخوف الأعداء فافعلوا في حسناتهم وسيّئاتهم، وحسنات هؤلاء النصّاب وسيّئاتهم ما فعلتم بالأوّلين.
فيقول النواصب: يا ربّنا هؤلاء كانوا معنا في مشاهدنا حاضرين، وبأقاويلنا قائلين، ولمذاهبنا معتقدين!
فيقال: كلاّ واللّه! يا أيّها النصّاب! ماكانوا لمذاهبكم معتقدين، بل كانوا بقلوبهم لكم إلي اللّه مخالفين، وإن كانوا بأقوالكم قائلين، وبأعمالكم عاملين للتقيّة منكم، معاشر الكافرين! قد اعتددنا لهم بأقاويلهم وأفاعيلهم، اعتدادنا بأقاويل المطيعين وأفاعيل المحسنين، إذ كانوا بأمرنا عاملين.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فعند ذلك تعظم حسرات النصّاب إذا رأوا حسناتهم في موازين شيعتنا أهل البيت 1ل شيعتنا أهل البيت، 4، ورأوا سيّئات شيعتنا علي ظهور معاشر النصّاب.
وذلك قوله عزّ وجلّ: (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَلَهُمْ حَسَرَتٍ عَلَيْهِمْ).
( البقرة: 167/2. )
( التفسير: 579، ح 341. عنه البحار: 189/7، س 12، ضمن ح 51، بتفاوت. )
36 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال عليّ بن الحسين(عليهما السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فضّلت علي الخلق أجمعين، وشرّفت علي جميع النبيّين 10 ّلت علي الخلق أجمعين، وشرّفت علي جميع النبيّين.... رسول اللّه ، 4، واختصصت بالقرآن العظيم، وأُكرمت بعليّ سيّد الوصيّين، وعظّمت بشيعته خير شيعة النبيّين والوصيّين.
وقيل لي: يا محمّد! قابل نعمائي عليك بالشكر الممتري للمزيد.
فقلت: يا ربّي! وما أفضل ما أشكرك به؟
فقال لي: يا محمّد! أفضل ذلك بثّك فضل أخيك عليّ، وبعثك سائر عبادي علي تعظيمه، وتعظيم شيعته، وأمرك إيّاهم أن لا يتوادّوا إلّا فيّ، ولايتباغضوا إلّا فيّ، ولا يوالوا ولا يعادوا إلّا فيّ، وأن ينصبوا الحرب لإبليس وعتاة مردته الداعين إلي مخالفتي، وأن يجعلوا جنّتهم منهم العداوة لأعداء محمّد وعليّ، وأن يجعلوا أفضل سلاحهم علي إبليس وجنوده تفضيل محمّد علي جميع النبيّين، وتفضيل عليّ علي سائر أُمّته أجمعين، واعتقادهم بأنّه الصادق لا يكذب، والحكيم لا يجهل، والمصيب لا يغفل.
والذي بمحبّته تثقل موازين المؤمنين، وبمخالفته تخفّ موازين الناصبين، فإذا هم فعلوا ذلك كان إبليس وجنوده المردة أخسأ المهزومين، وأضعف الضعيفين.
( التفسير: 581، ح 343. عنه البحار: 379/24، س 15، ضمن ح 106، وإثبات الهداة: 152/2، ح 669، قطعة منه. )
37 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال عليّ بن الحسين(عليهما السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عباد اللّه! اتّبعوا أخي ووصيّي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) بأمر اللّه، ولا تكونوا كالذين اتّخذوا أرباباً من دون اللّه تقليداً لجهّال آبائهم، الكافرين باللّه.
فإنّ المقلّد دينه ممّن لا يعلم دين اللّه يبوء بغضب من اللّه، ويكون من أسراء إبليس لعنه اللّه.
واعلموا! أنّ اللّه عزّ وجلّ جعل أخي عليّاً أفضل زينة عترتي، فقال [ اللّه ]: من والاه وصافاه، ووالي أولياءه وعادي أعداءه جعلته [من ] أفضل زينة جناني، ومن أشرف أوليائي وخلصائي.
ومن أدمن محبّتنا أهل البيت فتح اللّه عزّ وجلّ له من الجنّة ثمانية أبوابها، وأباحه جميعها يدخل ممّا شاء منها، وكلّ أبواب الجنان تناديه: ياوليّ اللّه! ألم تدخلني، ألم تخصّني من بيننا.
( التفسير: 582، ح 345. عنه البحار: 380/24، س 15، ضمن ح 107، بتفاوت يسير، و101/27، ح 62، قطعة منه، وإثبات الهداة: 152/2، ح 670، قطعة منه، ومقدّمة البرهان: 72، س 25، قطعة منه. )
38 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): تعوّذوا باللّه من الشيطان الرجيم، فإنّ من تعوّذ باللّه منه أعاذه اللّه، [وتعوّذوا] من همزاته ونفخاته ونفثاته، أتدرون ما هي؟
أمّا همزاته فما يلقيه في قلوبكم من بغضنا أهل البيت.
قالوا: يا رسول اللّه! وكيف نبغضكم بعد ما عرفنا محلّكم من اللّه ومنزلتكم؟!
قال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): بأن تبغضوا أولياءنا، وتحبّوا أعداءنا، فاستعيذوا باللّه من محبّة أعدائنا، وعداوة أوليائنا، فتعاذوا من بغضنا وعداوتنا، فإنّ من أحبّ أعداءنا فقد عادانا، ونحن منه براء، واللّه عزّ وجلّ منه بري ء.
( التفسير: 584، ح 347. عنه البحار: 59/27، س 12، ضمن ح 20، بتفاوت، و204/60، ح 29، بتفاوت وزيادة، ومقدّمة البرهان: 340، س 34، قطعة منه. )
39 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] قال عليّ بن الحسين(عليهما السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عباد اللّه! اتّقوا المحرّمات كلّها، واعلموا! أنّ غيبتكم لأخيكم المؤمن من شيعة آل محمّد أعظم في التحريم من الميّتة....
( التفسير: 584، ح 348 - 350.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 605. )

40 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال [رسول اللّه ](صلي اللّه عليه و ال وسلم): فكيف تجد قلبك لإخوانك المؤمنين الموافقين لك في ( في البحار هكذا: جاء رجل من المؤمنين إلي النبيّ 6 فقال له: كيف تجد قلبك لإخوانك المؤمنين لك في محبّة محمّد وعليّ، وعداوة أعدائهما.... )
محبّتهما، وعداوة أعدائهما؟
قال: أراهم كنفسي يؤلمني ما يؤلمهم، ويسرّني ما يسرّهم، ويهمّني مايهمّهم.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فأنت إذا وليّ اللّه لا تبال، فإنّك قد توفّر عليك ماذكرت، ما أعلم أحداً من خلق اللّه له ربح كربحك إلّا من كان علي مثل حالك، فليكن لك ما أنت عليه بدلاً من الأموال فافرح به، وبدلاً من الولد والعيال فأبشر به، فإنّك من أغني الأغنياء، وأحي أوقاتك بالصلاة علي محمّد وعليّ وآلهما الطيّبين، ففرح الرجل وجعل يقولها.
فقال ابن أبي هقاقم - وقد رآه -: يا فلان! قد زوّدك محمّد الجوع والعطش، وقال له أبو الشرور: قد زوّدك محمّد الأماني الباطلة ما أكثر ما تقولها، ولايجي ء بطائل.
وقد حضر الرجل السوق في غدوّ، وقد حضرا فقال أحدهما للآخر: هلّم نطنز بهذا المغرور بمحمّد، فقال له أبو الشرور: يا عبد اللّه! قد اتّجر الناس اليوم وربحوا، فماذا كانت تجارتك؟
قال الرجل: كنت من النظّارة ولم يكن لي ما أشتري، ولا ما أبيع، لكنّي كنت أُصلّي علي محمّد وعليّ وآلهما الطيّبين.
فقال له أبو الشرور: قد ربحت الخيبة، واكتسبت الخرقة والحرمان، وسبقك ( خاب يخيب خيبة: حرم، ولم ينل ما طلب. لسان العرب: 368/1، (خيب). )
إلي منزلك مائدة الجوع عليها طعام من التمنّي، وإدام وألوان من أطعمة الخيبة التي تتّخذها لك الملائكة الذين ينزلون علي أصحاب محمّد بالخيبة والجوع والعطش والعري والذلّة.
فقال الرجل: كلاّ واللّه! إنّ محمّداً رسول اللّه، وإنّ من آمن به فمن المحقّين السعيدين، سيوفّر اللّه من آمن به بما يشاء من سعة يكون بها متفضّلاً، ومن ضيق يكون به عادلاً ومحسناً للنظر له، وأفضلهم عنده أحسنهم تسليماً لحكمه، فلم يلبث الرجل أن مرّ بهم رجل بيده سمكة قد أراحت، فقال أبوالشرور، وهو يطنز: بع هذه السمكة من صاحبنا هذا، يعني صاحب رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقال الرجل اشترها منّي فقد بارت عليّ، فقال: لا شي ء معي. فقال أبو الشرور: اشترها ليؤدّي ثمنها رسول اللّه - وهو يطنز - ألست تثق برسول اللّه؟ أفلا تبسط إليه في هذا القدر؟ فقال: نعم بعنيها.
فقال الرجل: قد بعتكها بدانق، فاشتراها بدانقين علي أن يحيله علي ( الدانَق: سدس الدرهم. المنجد: 226، (دنق). )
رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فبعث به إلي رسول اللّه، فأمر رسول اللّه أسامة [ابن حارث ] Eظ ½بأ¼³ njµضH/
فجاء الرجل فرحاً مسروراً بالدرهم، وقال: إنّه أضعاف قيمة سمكتي، فشقّها الرجل بين أيديهم فوجد فيها جوهرتين نفيستين قوّمتا مائتي ألف درهم، فعظم ذلك علي أبي الشرور وابن أبي هقاقم، فسعيا إلي الرجل صاحب السمكة، وقالا له: ألم تر الجوهرتين، إنّما بعته السمكة لا ما في جوفها، فخذهما منه، فتناولهما الرجل من المشتري، فأخذ إحديهما بيمينه والأُخري بشماله، فحوّلهما اللّه عقربين لدغتاه، فتأوّه وصاح ورمي بهما من يده، فقال: ما أعجب سحر محمّد؟!
ثمّ أعاد الرجل نظره إلي بطن السمكة، فإذا جوهرتان أُخريان، فأخذهما، فقالا لصاحب السمكة: خذهما فهما لك أيضاً، فذهب يأخذهما، فتحوّلتا حيّتين، ووثبتا عليه ولسعتاه، فصاح وتأوّه وصرخ، وقال للرجل خذهما عنّي، فقال الرجل: هما لك علي ما زعمت، وأنت أولي بهما.
فقال الرجل: خذ واللّه! جعلتهما لك، فتناولهما الرجل عنه، وخلّصه منهما، فإذا هما قد عادتا جوهرتين، وتناول العقربين، فعادتا جوهرتين.
فقال أبو الشرور لأبي الدواهي: أما تري سحر محمّد ومهارته فيه وحذقه به، فقال الرجل المسلم: يا عدوّ اللّه! أو سحراً تري هذا؟!
لئن كان هذا سحراً فالجنّة والنار أيضاً تكونان بالسحر! فالويل لكما في مقامكما علي تكذيب من يسحر بمثل الجنّة والنار، فانصرف الرجل صاحب السمكة، وترك الجواهر الأربعة علي الرجل.
فقال الرجل لأبي الشرور ولأبي الدواهي: يا ويلكما! آمنا بمن آثر نعم اللّه عليه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وعلي من يؤمن به، أما رأيتما العجب العجيب؟!
ثمّ جاء بالجواهر الأربعة إلي رسول اللّه، وجاء تجّار غرباء يتّجرون فاشتروها منه بأربعمائة ألف درهم.
فقال الرجل: ما كان أعظم بركة سوقي اليوم، يا رسول اللّه؟!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): هذا بتوقيرك محمّداً رسول اللّه، وتعظميك عليّاً(عليه السلام) أخا رسول اللّه ووصيّه، وهو عاجل ثواب اللّه لك، وربح عملك الذي عملته، أفتحبّ أن أدلّك علي تجارة تشغل هذه الأموال بها؟
قال: بلي، يا رسول اللّه!
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): اجعلها بذور أشجار الجنان.
قال: كيف أجعلها؟ قال: واس منها إخوانك المؤمنين [ المساوين لك في موالاتنا وموالاة أوليائنا ومعاداة أعدائنا، وآثر بها إخوانك المؤمنين ] المقصّرين عنك في رتب محبّتنا، وساو فيها إخوانك المؤمنين الفاضلين عليك في المعرفة بحقّنا، والتوقير لشأننا، والتعظيم لأمرنا، ومعاداة أعدائنا، ليكون ذلك بذور شجر الجنان.
أما إنّ كلّ حبّة تنفقها علي إخوانك المؤمنين الذين ذكرتهم لتربي لك حتّي تجعل كألف ضعف أبي قبيس، وألف ضعف أحد، وثور، وثبير.
( تقدّمت ترجمتها في (سورة البقرة: 109/2). )
فتبني لك بها قصور في الجنّة شرفها الياقوت، وقصور الجنّة شرفها الزبرجد.
فقام رجل وقال: يا رسول اللّه! فأنا فقير، ولم أجد مثل ما وجد هذا فما لي؟
ققال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لك منّا الحبّ الخالص، والشفاعة النافعة المبلّغة أرفع درجات العلي بموالاتك لنا أهل البيت ومعاداتك أعداءنا.
( التفسير: 601، ح 357. عنه البحار: 383/17، ح 52، بتفاوت يسير، ووسائل الشيعة: 454/25، ح 32341، قطعة منه، وإثبات الهداة: 396/1، ح 617، قطعة منه. )
41 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): من أعان ضعيفاً في بدنه علي أمره أعانه اللّه تعالي علي أمره، ونصب له في القيامة ملائكة يعينونه علي قطع تلك الأهوال، وعبور تلك الخنادق من النار حتّي لا يصيبه من دخانها ولاسمومها، وعلي عبور الصراط إلي الجنّة سالماً آمناً.
ومن أعان ضعيفاً في فهمه ومعرفته فلقّنه حجّته علي خصم ألدّ طلاّب الباطل، أعانه اللّه عند سكرات الموت علي شهادة أن لا إله إلّا اللّه وحده لاشريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، والإقرار بما يتّصل بهما، والاعتقاد له حتّي يكون خروجه من الدنيا ورجوعه إلي اللّه تعالي علي أفضل أعماله وأجلّ أحواله، فيجي ء عند ذلك بروح وريحان ويبشّر بأن ربّه عنه راض، وعليه غيرغضبان.
ومن أعان مشغولاً بمصالح دنياه أو دينه علي أمره حتّي لا ينتشر عليه أعانه اللّه تعالي يوم تزاحم الأشغال وانتشار الأحوال يوم قيامه بين يدي الملك الجبّار، فيميّزه من الأشرار ويجعله من الأخيار.
( التفسير: 635، ح 370. عنه البحار: 166/8، ح 111، قطعة منه، و21/72، ح 19، بتفاوت يسير، و305/101 س 1، ضمن ح 10، قطعة منه، ومستدرك الوسائل: 415/12، ح 14473، قطعة منه. )
42 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام):
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ للّه عزّ وجلّ خياراً من كلّ ما خلقه،فله من البقاع خيار، وله من الليالي [خيار]، و [من ] الأيّام خيار، وله من الشهور خيار، وله من عباده خيار، وله من خيارهم خيار.
فأمّا خياره من البقاع، فمكّة والمدينة وبيت المقدس، وإنّ صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلّا المسجد الحرام والمسجد الأقصي - يعني مكّة و بيت المقدس -.
و أمّا خياره من الليّالي، فليالي الجمع، و ليلة النصف من شعبان 1ق شعبان، 4، وليلةالقدر، و ليلتا العيد.
و أمّا خياره من الأيّام، فأيّام الجمع، و أعياد.
و أمّا خياره من الشهور، فرجب، و شعبان، و شهر رمضان.
و أمّا خياره من عباده، فولد آدم، و خياره من ولد آدم من اختارهم علي علم منه بهم.
فإنّ اللّه عزّ وجلّ لمّا اختار خلقه، اختار ولد آدم، ثمّ اختار من ولد آدم العرب، ثمّ اختار من العرب مضر، ثمّ اختار من مضر قريشاً، ثمّ اختار من قريش هاشماً، ثمّ اختارني من هاشم، وأهل بيتي كذلك، فمن أحبّ العرب فيحبّني وأُحبّهم، ومن أبغض العرب فيبغضي وأبغضهم.
وإنّ اللّه عزّ وجلّ اختار من الشهور شهر رجب وشعبان وشهر رمضان، فشعبان أفضل الشهور إلّا ممّا كان من شهر رمضان، فإنّه أفضل منه، وإنّ اللّه عزّ وجلّ ينزّل في شهر رمضان من الرحمة ألف ضعف ما ينزّل في سائر الشهور، ويحشر شهر رمضان في أحسن صورة، فيقيمه [في القيامة] علي قلّة لا يخفي، وهو عليها علي أحد ممّن ضمّه ذلك المحشر، ثمّ يأمر فيخلع عليه من كسوة الجنّة وخلعها وأنواع سندسها وثيابها، حتّي يصير في العظم بحيث لا ينفذه بصر، ولايعي علم مقداره أُذن، ولا يفهم كنهه قلب.
ثمّ يقال للمنادي من بطنان العرش: ناد! فينادي: يا معشر الخلائق! أما تعرفون هذا؟ فيجيب الخلائق يقولون: بلي، لبّيك داعي ربّنا وسعديك، أما إنّنا لا نعرفه.
ثمّ يقول منادي ربّنا: هذا شهر رمضان، ما أكثر من سعد به منكم، وما أكثر من شقي به، ألا فليأته كلّ مؤمن له معظّم بطاعة اللّه فيه، فليأخذ حظّه من هذه الخلع، فتقاسموها بينكم علي قدر طاعتكم للّه وجدّكم.
قال: فيأتيه المؤمنون الذين كانوا للّه [فيه ] مطيعين، فيأخذون من تلك الخلع علي مقادير طاعتهم [ التي كانت ] في الدنيا.
فمنهم من يأخذ ألف خلعة، ومنهم من يأخذ عشرة آلاف، ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك وأقلّ، فيشرّفهم اللّه تعالي بكراماته.
ألا وإنّ أقواماً يتعاطون تناول تلك الخلع يقولون في أنفسهم: لقد كنّا باللّه مؤمنين، وله موحّدين، وبفضل هذا الشهر معترفين، فيأخذونها ويلبسونها، فتنقلب علي أبدانهم مقطّعات نيران، وسرابيل قطران، يخرج علي كلّ واحد منهم بعدد كلّ سلكة من تلك الثياب أفعي وعقرب وحيّة.
وقد تناولوا من تلك الثياب أعداداً مختلفة علي قدر إجرامهم، كلّ من كان جرمه أعظم فعدد ثيابه أكثر، فمنهم الآخذ ألف ثوب، ومنهم الآخذ عشرة آلاف ثوب، ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك.
وإنّها لأثقل علي أبدانهم من الجبال الرواسي علي الضعيف من الرجال، ولولا ما حكم اللّه تعالي بأنّهم لا يموتون لماتوا من أقلّ قليل ذلك الثقل والعذاب، ثمّ يخرج عليهم بعدد كلّ سلكة في تلك السرابيل من القطران ومقطّعات النيران أفعي وحيّة وعقرب وأسد ونمر وكلب من سباع النار، فهذه تنهشه، وهذه تلدغه، وهذا يفترسه، وهذا يمزّقه، وهذا يقطّعه.
يقولون: يا ويلنا! مالنا تحوّلت علينا [هذه الثياب، وقد كانت من سندس واستبرق وأنواع خيار ثياب الجنّة، تحوّلت علينا] مقطّعات النيران وسرابيل قطران، وهي علي هؤلاء ثياب فاخرة ملذّذة منعّمة؟!
فيقال لهم: ذلك بما كانوا يطيعون في شهر رمضان، وكنتم تعصون، وكانوا يعفّون وكنتم تزنون، وكانوا يخشون ربّهم وكنتم تجترئون، وكانوا يتّقون السرقة وكنتم تسرقون، وكانوا يتّقون ظلم عباد اللّه، وكنتم تظلمون.
فتلك نتائج أفعالهم الحسنة، وهذه نتائج أفعالكم القبيحة.
فهم في الجنّة خالدون، لا يشيبون فيها، ولا يهرمون، ولا يحوّلون عنها، ولايخرجون، ولا يقلقون فيها، ولا يغتمّون، بل هم فيها مسرورون فرحون مبتهجون آمنون مطمئنّون، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأنتم في النار خالدون، تعذّبون فيها وتهانون، ومن نيرانها إلي زمهريرها تنقلون، وفي حميمها تغمسون، ومن زقّومها تطعمون، وبمقامعها تقمعون، وبضروب عذابها تعاقبون، لا أحياء أنتم فيها، ولا تموتون أبد الآبدين، إلّا من لحقته منكم رحمة ربّ العالمين، فخرج منها بشفاعة محمّد أفضل النبيّين بعد [مسّ ] العذاب الأليم والنكال الشديد.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عباد اللّه فكم من سعيد بشهر شعبان في ذلك، وكم من شقيّ هناك، ألا أُنبّئكم بمثل محمّد وآله؟
قالوا: بلي، يا رسول اللّه!
قال: محمّد في عباد اللّه كشهر رمضان في الشهور، وآل محمّد في عباد اللّه كشهر شعبان في الشهور.
وعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) في آل محمّد كأفضل أيّام شعبان ولياليه، وهو ليلة النصف ويومه، وسائر المؤمنين في آل محمّد كشهر رجب في شهر شعبان هم درجات عند اللّه وطبقات، فأجدّهم في طاعة اللّه أقربهم شبهاً بآل محمّد. ألا أُنبّئكم برجل قد جعله اللّه من آل محمّد كأوائل أيّام [رجب من أوائل أيّام ] شعبان؟ قالوا: بلي، يا رسول اللّه!
قال: هو الذي يهتزّ عرش الرحمن بموته، وتستبشر الملائكة في السماوات بقدومه، وتخدمه في عرصات القيامة، وفي الجنان من الملائكة ألف ضعف عدد ( العرصة: كلّ بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء ... وقيل: هي كلّ موضع واسع لابناء فيه. لسان العرب: 52/7 و53، (عرص). )
أهل الدنيا من أوّل الدهر إلي آخره، ولا يميته اللّه في هذه الدنيا حتّي يشفيه من أعدائه، ويشفي صاحباً له وأخاً في اللّه مساعداً له علي تعظيم آل محمّد، قالوا: ومن ذلك يا رسول اللّه!؟
قال: ها هو مقبل عليكم غضباناً، فاسألوه عن غضبه، فإنّ غضبه لآل محمّد خصوصاً لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام).
فطمح القوم بأعناقهم، وشخصوا بأبصارهم ونظروا، فإذا أوّل طالع عليهم سعد بن معاذ2 د بن معاذ، 4 وهو غضبان، فأقبل.
فلمّا رآه رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قال له: يا سعد! أما إنّ غضب اللّه لما غضبت له أشدّ، فما الذي أغضبك؟
حدّثنا بما قلته في غضبك حتّي أُحدّثك بما قالته الملائكة لمن قلت له، وماقالته الملائكة للّه عزّ وجلّ وأجابها اللّه عزّ وجلّ به.
فقال سعد: بأبي أنت وأُمّي يا رسول اللّه! بينا أنا جالس علي بابي وبحضرتي نفر من أصحابي الأنصار، إذ تمادي رجلان من الأنصار فرأيت في أحدهما النفاق فكرهت أن أدخل بينهما مخافة أن يزداد شرّهما، وأردت أن يتكافّا فلم يتكافّا، وتماديا في شرّهما حتّي تواثبا إلي أن جرّد كلّ واحد منهما السيف علي صاحبه، فأخذ هذا سيفه وترسه، وهذا سيفه وترسه، وتجاولا وتضاربا، فجعل كلّ واحد منهما يتّقي سيف صاحبه بدرقته، وكرهت أن أدخل بينهما ( الدَرَقَة: التُرس من جلد ليس فيه خشب ولا عقب. المعجم الوسيط: 281، (درق). )
مخافة أن تمتدّ إليّ يد خاطئة.
وقلت في نفسي: اللّهمّ! انصر أحبّهما لنبيّك وآله، فما زالا يتجاولان، ولايتمكّن واحد منهما من الآخر، إلي أن طلع علينا أخوك عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فصحت بهما هذا عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) لم توقّراه؟! فوقّراه، وتكافّا، فهذا أخو رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وأفضل آل محمّد، فأمّا أحدهما فإنّه لمّا سمع مقالتي رمي بسيفه ودرقته من يده، وأمّا الآخر فلم يحفل بذلك، فتمكّن لاستسلام صاحبه منه، فقطّعه بسيفه قطعاً أصابه بنيّف وعشرين ضربة، فغضبت عليه، ووجدت من ذلك وجداً شديداً، وقلت له: يا عبد اللّه! بئس العبد أنت، لم توقّر أخا رسول اللّه، وأثخنت بالجراح من وقّره، وقد كان ذلك قرناً كفيّاً بدفاعك عن نفسه، وما تمكّنت منه إلّابتوقيره أخا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم).
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فما الذي صنع عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) لمّا كفّ صاحبك، وتعدّي عليه الآخر؟
قال: جعل ينظر إليه وهو يضربه بسيفه، لا يقول شيئاً ولا يمنعه، ثمّ جاز وتركهما، وإنّ ذلك المضروب لعلّه بآخر رمق.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا سعد! لعلّك تقدّر أنّ ذلك الباغي المتعدّي ظافر، إنّه ما ظفر يغنم من ظفر بظلم؟!
إنّ المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من دنياه، إنّه لايحصد من المرّ حلو، ولا من الحلو مرّ.
وأمّا غضبك لذلك المظلوم علي ذلك الظالم، فغضب اللّه له أشدّ من ذلك وغضب الملائكة [علي ذلك الظالم لذلك المظلوم ].
وأمّا كفّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) عن نصرة ذلك المظلوم، فإنّ ذلك لما أراداللّه من إظهار آيات محمّد في ذلك، لا أحدّثك يا سعد بما قال اللّه وقالته الملائكة لذلك الظالم ولذلك المظلوم ولك، حتّي تأتيني بالرجل المثخن، فتري فيه آيات اللّه المصدّقة لمحمّد.
فقال سعد: يا رسول اللّه! وكيف آتي به وعنقه متعلّقة بجلدة رقيقة، ويده ورجله كذلك، وإن حرّكته تميّزت أعضاؤه وتفاصلت.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا سعد إنّ الذي ينشي ء السحاب، ولا شي ء منه حتّي يتكاثف ويطبق أكناف السماء وآفاتها ثمّ يلاشيه من بعد حتّي يضمحلّ، فلا ( في الحديث: إذا كان الدرع كثيفاً، أي إذا كان ستيراً. مجمع البحرين: 110/5، (كثف). )
تري منه شيئاً لقادر - إن تميّزت تلك الأعضاء - أن يؤلّفها من بعد، كما ألّفها إذ لم تكن شيئاً.
قال سعد: صدقت يا رسول اللّه! وذهب، فجاء بالرجل، ووضعه بين يدي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وهو بآخر رمق.
فلمّا وضعه انفصل رأسه عن كتفه، ويده عن زنده، وفخذه عن أصله.
فوضع رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) الرأس في موضعه، واليد والرجل في موضعهما، ثمّ تفل علي الرجل، ومسح يده علي مواضع جراحاته، وقال:
«اللّهمّ! أنت المحيي للأموات، والمميت للأحياء، والقادر علي ما تشاء، وعبدك هذا مثخن بهذه الجراحات لتوقيره لأخي رسول اللّه ( أثخنته الجراحة، أي أثقلته. مجمع البحرين: 222/6 (ثخن). )
عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، اللّهمّ! فأنزل عليه شفاء من شفائك، ودواء من دوائك، وعافية من عافيتك».
قال: فوالذي بعثه بالحقّ نبيّاً! إنّه لمّا قال ذلك، التأمت الأعضاء، والتصقت وتراجعت الدماء إلي عروقها، وقام قائماً سويّاً سالماً صحيحاً، لابليّة به ولايظهر علي بدنه أثر جراحة، كأنّه ما أُصيب بشي ء البتّة.
ثمّ أقبل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) علي سعد وأصحابه فقال: الآن بعد ظهور آيات اللّه لتصديق محمّد أُحدّثكم بما قالت الملائكة لك، ولصاحبك هذا، ولذلك الظالم، إنّك لمّا قلت لهذا العبد: أحسنت في كفّك عن القتال، توقيراً لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) أخي محمّد رسول اللّه، كما قلت لصاحبه: أسأت في تعدّيك علي من كفّ عنك، توقيراً لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وقد كان لك قرناً كفيّاً كفواً.
قالت الملائكة كلّها له: بئس ما صنعت يا [عدوّ اللّه ]، وبئس العبد أنت في تعدّيك علي من كفّ عن دفعك عن نفسه، توقيراً لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) أخي محمّد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم).
[وقال اللّه عزّ وجلّ: بئس العبد أنت يا عبدي في تعدّيك علي من كفّ عنك، توقيراً لأخي محمّد].
ثمّ لعنه اللّه من فوق العرش، وصلّي عليك يا سعد في حثّك علي توقير عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وعلي صاحبك في قبوله منك.
ثمّ قالت الملائكة: يا ربّنا! لو أذنت [ لنا] لانتقمنا من هذا المتعدّي؟
فقال اللّه عزّ وجلّ: يا عبادي! سوف أُمكّن سعد بن معاذ من الانتقام منهم، وأشفي غيظه حتّي ينال فيهم بغيته، وأُمكّن هذا المظلوم من ذلك الظالم وذويه بماهو أحبّ إليهما من إهلاككم لهذا المتعدّي، إنّي أعلم ما لا تعلمون.
فقالت الملائكة: يا ربّنا ! أفتأذن لنا أن ننزل إلي هذا المثخن بالجراحات من شراب الجنّة وريحانها، لينزل به عليه الشفاء؟
فقال اللّه عزّ وجلّ: سوف أجعل له أفضل من ذلك ريق محمّد - ينفث منه عليه- ومسح يده عليه، فيأتيه الشفاء والعافية.
يا عبادي! إنّي أنا المالك للشفاء، والإحياء، والإماتة، والإغناء، والإفقار، والإسقام، والصحّة، والرفع، والخفض، والإهانة، والإعزاز، دونكم ودون سائر خلقي، قالت الملائكة: كذلك أنت يا ربّنا!
فقال سعد: يا رسول اللّه! قد أصيب أكحلي هذا، وربّما ينفجر منه الدم، ( الأكْحَل: عرق في الذراع يفصد، المصباح المنير: 527، (كحل). )
وأخاف الموت والضعف قبل أن أشفي من بني قريظة.
[فمسح عليه رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) يده، فبرأ إلي أن شفا اللّه صدره من بني قريظة]، فقتلوا عن آخرهم، وغنمت أموالهم وسبيت ذراريهم، ثمّ انفجر كلمه ومات، وصار إلي رضوان اللّه عزّ وجلّ.
فلمّا رقأ دمه [من جراحاته ] قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا سعد! سوف يشفي اللّه [بك ] غيظ المؤمنين، ويزداد لك غيظ المنافقين، فلم يلبث [ إلّا] يسيراً حتّي كان حكّم سعد في بني قريظة لمّا نزلوا [بحكمه ]، وهم تسع مائة وخمسون رجلاً جلداً، شباباً ضرّابين بالسيف، فقال: أرضيتم بحكمي؟
قالوا: بلي، وهم يتوهّمون أنّه يستبقيهم لما كان بينه وبينهم من الرحم والرضاع والصهر، قال: فضعوا أسلحتكم، فوضعوها، قال: اعتزلوا، فاعتزلوا، قال: سلّموا حصنكم، فسلّموه.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): احكم فيهم يا سعد!
فقال: قد حكمت فيهم بأن يقتل رجالهم، وتسبي نساؤهم وذراريهم، وتغنم أموالهم، فلمّا سلّ المسلمون سيوفهم، ليضعوا عليهم، قال سعد: لاأريد هكذا يارسول اللّه.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): كيف تريد اقترح ولا تقترح العذاب، فإنّ اللّه كتب الإحسان في كلّ شي ء حتّي في القتل.
قال: يا رسول اللّه لا أقترح العذاب إلّا علي واحد، وهو الذي تعدّي علي صاحبنا هذا لمّا كفّ عنه توقيراً لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وردّه نفاقه إلي إخوانه من اليهود، فهو منهم يؤتي واحد واحد منهم نضربه بسيف مرهف إلّا ذاك، فإنّه يعذّب به.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا سعد! ألا، من اقترح علي عدوّه عذاباً باطلاً فقداقترحت أنت عذاباً حقّاً.
فقال سعد للفتي: قم بسيفك هذا إلي صاحبك المتعدّي عليك، فاقتصّ منه.
قال: تقدّم إليه، فما زال يضربه بسيفه حتّي ضربه بنيّف وعشرين ضربة، كماكان ضربه [هو] فقال: هذا عدد ما ضربني به فقد كفاني، ثمّ ضرب عنقه، ثمّ جعل الفتي يضرب أعناق قوم يبعدون عنه، ويترك قوماً يقرّبون في المسافة منه ثمّ كفّ وقال: دونكم.
فقال سعد: فأعطني السيف، فأعطاه فلم يميّز أحداً، وقتل كلّ من كان أقرب إليه حتّي قتل عدداً منهم، ثمّ ملّ ورمي بالسيف، وقال: دونكم.
فما زال القوم يقتلونهم، حتّي قتلوا عن آخرهم.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) للفتي: ما بالك قتلت من بعد في المسافة عنك، وتركت من قرب؟!
فقال: يا رسول اللّه! كنت أتنكّب عن القرابات وآخذ في الأجنبي.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وقد كان فيهم من كان ليس لك بقرابة وتركته؟
قال: يا رسول اللّه! كان لهم عليّ أياد في الجاهليّة، فكرهت أن أتولّي قتلهم، ولهم عليّ تلك الأيادي.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أما إنّك لو شفعت إلينا فيهم لشفّعناك.
فقال: يا رسول اللّه! ما كنت لأدرأ عذاب اللّه عن أعدائه، وإن كنت أكره أن أتولّاه بنفسي.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لسعد: وأنت فما بالك لم تميّز أحداً؟
قال: يا رسول اللّه! عاديتهم في اللّه وأبغضتهم في اللّه، فلا أُريد مراقبة غيرك وغير محبّيك.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا سعد! أنت من الذين لا تأخذهم في اللّه لومة لائم، فلمّا فرغ من آخرهم انفجر كلمه ومات.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): هذا وليّ من أولياء اللّه حقّاً، اهتزّ عرش الرحمن لموته، ولمنزله في الجنّة أفضل من الدنيا وما فيها إلي سائر ما يكرم به فيها، حباه اللّه ما حباه.
( التفسير: 661، س 17، ضمن ح 374. عنه البحار: 190/7، ح 52، قطعة منه، و52/37، س 10، ضمن ح 27، بتفاوت يسير، و126/88، ح 23، و373/93، ح 61، و65/94، ح 2، قِطع منه، ومستدرك الوسائل: 148/6، ح 6664، و432/7، ح 8597، و545، ح 8850، و345/9، ح 11046، قِطع منه.
قطعة منه في (ما رواه 7 عن سعد بن معاذ). )

43 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ الأنبياء أنّما فضّلهم اللّه تعالي علي خلقه أجمعين لشدّة مداراتهم لأعداء دين اللّه وحسن تقيّتهم لأجل إخوانهم في اللّه.
( التفسير: 355، ح 244. عنه البحار: 401/72، س 15، ضمن ح 42، ومستدرك الوسائل: 262/12، ح 14063. )
44 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): إنّ سلمان الفارسيّ (رضي اللّه عنه) مرّ بقوم من اليهود ... .
فقالوا له: يا سلمان! ويحك أوليس محمّد قد رخّص لك أن تقول كلمة الكفر... ثمّ قاموا إليه بسياطهم وضربوه ضرباً كثيراً ... فانفرج له حائط البيت الذي هو فيه مع القوم وشاهد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وهو يقول: يا سلمان! ادع عليهم بالهلاك، فليس فيهم أحد يرشد كما دعا نوح(عليه السلام) علي قومه لمّا عرف أنّه لن يؤمن من قومه إلّا من قد آمن.
فقال سلمان: كيف تريدون أن أدعو عليكم بالهلاك؟
فقالوا: تدعو اللّه [ب'] أن يقلب سوط كلّ واحد منّا أفعي تعطف رأسها ثمّ تمشّش عظام سائر بدنه؟
فدعا اللّه بذلك، فما من سياطهم سوط إلّا قلبه اللّه تعالي عليهم أفعي لها رأسان تتناول برأس [منها] رأسه وبرأس آخر يمينه التي كان فيها سوطه، ثمّ رضّضتهم ومشّشتهم وبلعتهم والتقمتهم.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وهو في مجلسه: معاشر المؤمنين! إنّ اللّه تعالي قدنصر أخاكم سلمان ساعتكم هذه علي عشرين من مردة اليهود والمنافقين، قلبت سياطهم أفاعي رضّضتهم ومشّشتهم وهشّمت عظامهم، والتقمتهم، فقوموا بنا ننظر إلي تلك الأفاعي المبعوثة لنصرة سلمان.
فقام رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وأصحابه إلي تلك الدار، وقد اجتمع إليها جيرانها من اليهود والمنافقين لمّا سمعوا ضجيج القوم بالتقام الأفاعي لهم وإذا هم خائفون منها، نافرون من قربها.
فلمّا جاء رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) خرجت كلّها [من ] البيت إلي شارع المدينه، وكان شارعاً ضيّقاً فوسّعه اللّه تعالي وجعله عشرة أضعافه.
ثمّ نادت الأفاعي: السلام عليك يا محمّد، يا سيّد الأوّلين والآخرين! السلام عليك يا عليّ، يا سيّد الوصيّين! السلام علي ذرّيّتك الطيّبين الطاهرين! الذين جعلوا علي الخلق قوّامين،ها نحن سياط هؤلاء المنافقين [الذين ] قلبنا اللّه تعالي أفاعي بدعاء هذا المؤمن سلمان.
[ف ]قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): الحمد للّه الذي جعل [من أُمّتي ] من يضاهي بدعائه - عند كفّه وعند انبساطه - نوحاً نبيّه.
ثمّ نادت الأفاعي: يا رسول اللّه! قد اشتدّ غضبنا علي هؤلاء الكافرين، وأحكامك وأحكام وصيّك علينا جائزة في ممالك ربّ العالمين، ونحن نسألك أن تسأل اللّه تعالي أن يجعلنا من أفاعي جهنّم التي نكون فيها لهؤلاء معذّبين كما كنّا لهم في هذه الدنيا ملتقمين.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): قد أجبتكم إلي ذلك، فالحقوا بالطبق الأسفل من جهنّم بعد أن تقذفوا ما في أجوافكم من أجزاء أجسام هؤلاء الكافرين ليكون أتمّ لخزيهم وأبقي للعار عليهم إذا كانوا بين أظهرهم مدفونين، يعتبر بهم المؤمنون المارّون بقبورهم، يقولون: هؤلاء الملعونون المخزيّون بدعاء وليّ محمّد سلمان الخير من المؤمنين، فقذفت الأفاعي ما في بطونها من أجزاء أبدانهم، فجاء أهلوهم فدفنوهم، وأسلم كثير من الكافرين، وأخلص كثير من المنافقين، وغلب الشقاء علي كثير من الكافرين والمنافقين، فقالوا: هذا سحر مبين.
ثمّ أقبل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) علي سلمان فقال: يا أبا عبد اللّه! أنت من خواصّ إخواننا المؤمنين، ومن أحباب قلوب ملائكة اللّه المقرّبين، إنّك في ملكوت السماوات والحجب والكرسيّ والعرش ومادون ذلك إلي الثري أشهر في فضلك عندهم من الشمس، الطالعة في يوم لا غيم فيه ولا قتر ولا غبار في الجوّ، أنت من أفاضل الممدوحين بقوله (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ).
( التفسير: 68، ح 35.
يأتي الحديث بتمامه في ج 5، رقم 1132. )

45 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال أبو يعقوب: قلت للإمام(عليه السلام): فهل كان لرسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) ولأمير المؤمنين(عليه السلام) آيات تضاهي آيات موسي(عليه السلام)؟
فقال الإمام(عليه السلام): ... إنّ قوماً من اليهود أتوا محمّداً(صلي اللّه عليه و ال وسلم) فسألوه وجادلوه فما أتوه بشي ء إلّا أتاهم في جوابه بما بهرهم.
فقالوا له: يا محمّد! إن كنت نبيّاً فأتنا بمثل عصا موسي؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ الذي أتيتكم به أعظم من عصا موسي، لأنّه باق بعدي إلي يوم القيامة معرّض لجميع الأعداء والمخالفين لا يقدر أحد منهم أبداً علي معارضة سورة منه، وإنّ عصا موسي زالت ولم تبق بعده فتمتحن كما يبقي القرآن فيمتحن.
ثمّ إنّي سآتيكم بما هو أعظم من عصا موسي(عليه السلام) وأعجب. فقالوا: فأتنا؟
فقال: إنّ موسي كانت عصاه بيده يلقّيها فكانت القبط يقول كافرهم: هذا موسي يحتال في العصا بحيلة.
وإنّ اللّه سوف يقلّب خشباً لمحمّد ثعابين بحيث لا تمسّها يد محمّد ولايحضرها إذا رجعتم إلي بيوتكم، واجتمعتم الليلة في مجمعكم في ذلك البيت، قلّب اللّه تعالي جذوع سقوفكم كلّها أفاعي وهي أكثر من مائة جذع، فتتصدّع مرارات أربعة منكم فيموتون، ويغشي علي الباقين منكم إلي غداة غد، فيأتيكم يهود فتخبرونهم بما رأيتم فلا يصدّقونكم فتعود بين أيديهم وتملأ أعينهم ثعابين كماكانت في بارحتكم فيموت منهم جماعة، ويخبل جماعة، ويغشي علي أكثرهم.
قال الإمام(عليه السلام): فو الذي بعثه بالحقّ نبيّاً، لقد ضحك القوم [ كلّهم ] بين يدي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لا يحتشمونه، ولا يهابونه، يقول بعضهم لبعض: انظروا ماادّعي، وكيف قد عدا طوره.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إن كنتم الآن تضحكون، فسوف تبكون وتتحيّرون إذا شاهدتم ما عنه تخبرون، ألا فمن هاله ذلك منكم وخشي علي نفسه أن يموت أو يخبل فليقل:
«اللّهمّ! بجاه محمّد الذي اصطفيته، وعليّ الذي ارتضيته، وأوليائهم الذين من سلم لهم أمرهم اجتبيته، لمّا قوّيتني علي ما أري».
وإن كان من يموت هناك ممّن (تحييه وتريد إحياءه) فليدع [ له ] بهذا الدعاء ينشره اللّه عزّ وجلّ ويقوّيه....
قال(عليه السلام): وأمّا اليد فقد كان لمحمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، مثلها وأفضل منها، وأكثر من مرّة كان(صلي اللّه عليه و ال وسلم) يحبّ أن يأتيه الحسن والحسين(عليهما السلام)، وكانا يكونان عند أهليهما أو مواليهما [ أو دايتهما] وكان يكون في ظلمة الليل فيناديهما رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) ياأبامحمّد! يا أبا عبد اللّه! هلّما إليّ.
فيقبلان نحوه من ذلك البعد وقد بلغهما صوته، فيقول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بسبّابته -هكذا- يخرجها من الباب فتضي ء لهما أحسن من ضوء القمر والشمس، فيأتيان ثمّ تعود الإصبع كما كانت، فإذا قضي وطره من لقائهما وحديثهما قال: ارجعا إلي موضعكما....
وأمّا الجراد المرسل علي بني إسرائيل فقد فعل اللّه أعظم وأعجب منه بأعداء محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فإنّه أرسل عليهم جراداً أكلهم، ولم يأكل جراد موسي رجال القبط، ولكنّه أكل زروعهم، وذلك أنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) كان في بعض أسفاره إلي الشام، وقد تبعه مائتان من يهودها في خروجه عنها وإقباله نحو مكّة يريدون قتله مخافة أن يزيل اللّه دولة اليهود علي يده، فراموا قتله، وكان في القافلة فلم يجسروا عليه.
وكان رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) إذا أراد حاجة أبعد واستتر بأشجار ملتفّة أو بخربة بعيدة، فخرج ذات يوم لحاجته فأبعد وتبعوه وأحاطوا به وسلّوا سيوفهم عليه، فأثار اللّه تعالي من تحت رجل محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) من ذلك الرمل جراداً فاخترشتهم، وجعلت تأكلهم، فاشتغلوا بأنفسهم عنه، فلمّا فرغ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) من حاجته وهم يأكلهم الجراد، رجع(صلي اللّه عليه و ال وسلم) إلي أهل القافلة فقالوا [له: يا محمّد] ما بال الجماعة خرجوا خلفك، ولم يرجع منهم أحد؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): جاءوا يقتلونني فسلّط اللّه عليهم الجراد.
فجاءوا فنظروا إليهم، فبعضهم قد مات، وبعضهم قد كاد يموت، والجراد يأكلهم فما زالوا ينظرون إليهم حتّي أتي الجراد علي أعيانهم فلم تبق منهم شيئاً.
وأمّا القمّل فإنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لما ظهر بالمدينة أمره وعلا بها شأنه حدّث يوماً أصحابه عن امتحان اللّه عزّ وجلّ للأنبياء(عليهم السلام)، وعن صبرهم علي الأذي في طاعة اللّه.
فقال في حديثه: إنّ بين الركن والمقام قبور سبعين نبيّاً ما ماتوا إلّا بضرّ الجوع والقمّل....
قال(عليه السلام): وأمّا الدم، فإنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) احتجم مرّة فدفع الدم الخارج منه إلي أبي سعيد الخدريّ، وقال له: غيّبه. فذهب فشربه.
فقال له رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ماذا صنعت به؟ قال: شربته يا رسول اللّه!
قال: أولم أقل لك غيّبه؟ فقال: قد غيّبته في وعاء حريز.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إيّاك وأن تعود لمثل هذا! ثمّ اعلم أنّ اللّه قد حرّم علي النار لحمك ودمك لما اختلط بلحمي ودمي، فجعل أربعون من المنافقين يهزؤون برسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) ويقولون: زعم أنّه قدأعتق الخدريّ من النار لاختلاط دمه بدمه، وما هو إلّا كذّاب مفتر! أمّا نحن فنستقذر دمه.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أما إنّ اللّه يعذّبهم بالدم، ويميتهم به وإن كان لم يمت القبط، فلم يلبثوا إلّا يسيراً حتّي لحقهم الرعاف الدائم وسيلان دماء من أضراسهم، فكان طعامهم وشرابهم يختلط بالدم فيأكلونه فبقوا كذلك أربعين صباحاً معذّبين، ثمّ هلكوا.
وأمّا السنين ونقص من الثمرات، فإنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) دعا علي مضر فقال: «اللّهمّ! اشدد وطأتك علي مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف»، فابتلاهم اللّه بالقحط والجوع، فكان الطعام يجلب إليهم من كلّ ناحية، فإذا اشتروه وقبضوه لم يصلوا به إلي بيوتهم حتّي يتسوّس وينتن ويفسد فيذهب أموالهم، ولا يجعل لهم في الطعام نفع حتّي أضرّ بهم الأزم والجوع الشديد العظيم، حتّي أكلوا الكلاب الميتة، وأحرقوا عظام الموتي فأكلوها، وحتّي نبشوا عن قبور الموتي فأكلوهم، وحتّي ربّما أكلت المراة طفلها إلي أن مشي جماعة من رؤساء قريش إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقالوا: يا محمّد! هبك عاديت الرجال فما بال النساء والصبيان والبهائم؟!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أنتم بهذا معاقبون وأطفالكم وحيواناتكم [بهذا] غير معاقبة، بل هي معوّضة بجميع المنافع حين يشاء ربّنا في الدنيا والآخرة، وسوف يعوّضها اللّه تعالي عمّا أصابهم، ثمّ عفا عن مضر، وقال: «اللّهمّ! افرج عنهم» فعاد إليهم الخصب والدعة والرفاهية.
فذلك قوله عزّ وجلّ فيهم يعدّد (عليهم نعمه): (فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفِ م).
وقال الإمام(عليه السلام): وأمّا الطمس لأموال قوم فرعون، فقد كان مثله آية لمحمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وعليّ(عليه السلام)، وذلك أنّ شيخاً كبيراً جاء بابنه إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) والشيخ يبكي، ويقول: يا رسول اللّه! ابني هذا غذوته صغيراً، وصنته طفلاً عزيزاً، وأعنته بمالي كثيراً حتّي [ إذا] اشتدّ أزره، وقوِيَ ظهره، وكثر ماله، وفنيت قوّتي، وذهب مالي عليه، وصرت من الضعف إلي ماتري قعد بي، فلايواسيني بالقوت الممسك لرمقي.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) للشابّ: ماذا تقول؟
قال: يا رسول اللّه! لا فضل معي عن قوتي وقوت عيالي.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) للوالد: ماذا تقول؟
قال: يا رسول اللّه! إنّ له أنابير حنطة وشعير وتمر وزبيب و[بدر] الدراهم والدنانير، وهو غنيّ.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) للابن: ما تقول؟
قال الابن: يا رسول اللّه! مالي شي ء ممّا قال.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): اتّق اللّه يا فتي! وأحسن إلي والدك المحسن إليك، يحسن اللّه إليك، قال: لا شي ء لي.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فنحن نعطيه عنك في هذا الشهر فأعطه أنت فيما بعده.
وقال لأسامة: أعط الشيخ مائة درهم نفقة شهر لنفسه وعياله، ففعل.
فلمّا كان رأس الشهر جاء الشيخ والغلام، فقال الغلام: لا شي ء لي.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لك مال كثير، ولكنّك تمسي اليوم، وأنت فقير وقير أفقر من أبيك هذا، لا شي ء لك، فانصرف الشابّ، فإذا جيران أنابيره قد اجتمعوا عليه يقولون: حوّل هذه الأنابير عنّا، فجاء إلي أنابيره فإذا الحنطة والشعير والتمر والزبيب قد نتن جميعه وفسد وهلك، وأخذوه بتحويل
ذلك عن جوارهم، فاكتري أجراء بأموال كثيرة فحوّلوها، وأخرجوها بعيداً عن المدينة.
ثمّ ذهب ليخرج إليهم الكراء من أكياسه التي فيها دراهمه ودنانيره، فإذا هي [قد] طمست ومسخت حجارة، وأخذه الحمّالون بالأُجرة، فباع ماكان له من كسوة وفرش ودار، وأعطاها في الكراء، وخرج من ذلك كلّه صفراً، ثمّ بقي فقيراً وقيراً لا يهتدي إلي قوت يومه، فسقم لذلك جسده وضني.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا أيّها العاقّون للآباء والأُمّهات! اعتبروا واعلموا! أنّه كما طمس في الدنيا علي أمواله فكذلك جعل بدل ما كان أعدّ له في الجنّة من الدرجات معدّاً له في النار من الدركات.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ اللّه تعالي ذمّ اليهود بعبادة العجل من دون اللّه بعد رؤيتهم لتلك الآيات، فإيّاكم وأن تضاهوهم في ذلك.
وقالوا: وكيف نضاهيهم يا رسول اللّه!؟
قال: بأن تطيعوا مخلوقاً في معصية اللّه، وتتوكّلوا عليه من دون اللّه، فتكونوا قدضاهيتموهم.
( التفسير: 410 ح 280 - 288.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 2، رقم 472. )

46 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام [العسكريّ ](عليه السلام): ... إنّ المؤمن الموالي لمحمّد وآله الطيّبين المتّخذ لعليّ بعد محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) إمامه...إذا حضره من أمر اللّه تعالي ما لا يردّ، ونزل به من قضائه ما لا يصدّ، وحضره ملك الموت وأعوانه وجد عند رأسه محمّداً(صلي اللّه عليه و ال وسلم) رسول اللّه [سيّد النبيّين ] من جانب ....
فيقول المؤمن: بأبي أنت وأُمّي يا رسول ربّ العزة! ... هذا ملك الموت قدحضرني ولا أشكّ في جلالتي في صدره لمكانك، ومكان أخيك منّي.
فيقول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): كذلك هو، ثمّ يقبل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) علي ملك الموت، فيقول: يا ملك الموت! استوص بوصيّة اللّه في الإحسان إلي مولانا وخادمنا ومحبّنا وموثرنا، فيقول [ له ] ملك الموت: يا رسول اللّه! مره أن ينظر إلي ما قد أعدّ [ اللّه ] له في الجنان.
فيقول له رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): انظر إلي العلوّ، فينظر إلي ما لا تحيط به الألباب ولا يأتي عليه العدد والحساب.
فيقول ملك الموت: كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه، وهذا محمّد وعترته زوّاره، يا رسول اللّه! لولا أنّ اللّه جعل الموت عقبة لا يصل إلي تلك الجنان إلّا من قطعها لما تناولت روحه، ولكن لخادمك ومحبّك هذا أُسوة بك وبسائر أنبياء اللّه ورسله وأوليائه الذين أُذيقوا الموت بحكم اللّه تعالي، ثمّ يقول محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا ملك الموت! هاك أخانا قد سلّمناه إليك فاستوص به خيراً....
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وإن كان لأوليائنا معادياً ولأعدائنا موالياً ولأضدادنا بألقابنا ملقّباً....
( التفسير: 210، ح 97 و98.
يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 547. )

47 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): ... فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ اللّه عزّ وجلّ يمهلهم [ أي المنكرين لنبوّة محمّد وإمامة عليّ(عليهما السلام)] لعلمه بأنّه سيخرج من أصلابهم ذرّيّات طيّبات مؤمنات.
ولو تزيّلوا لعذّب [ اللّه ] هؤلاء عذاباً أليماً، إنّما يعجّل من يخاف الفوت.
( التفسير: 228، ح 108.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 555. )

48 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام):
خاطب اللّه بها قوماً من اليهود لبسوا الحقّ بالباطل بأن زعموا أنّ محمّداً(صلي اللّه عليه و ال وسلم) نبيّ، وأنّ عليّاً وصيّ، ولكنّهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة.
فقال لهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أترضون التوراة بيني وبينكم حكماً؟
قالوا: بلي! ....
( التفسير: 230، ح 109.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 556. )

49 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): [قال الإمام(عليه السلام):] ...
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة، لا يتيقّن الوصول إلي رضوان اللّه حتّي يكون وقت نزع روحه، وظهور ملك الموت له....
( التفسير: 238، ح 116.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 559. )

50 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): ...
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): عباد اللّه! عليكم باعتقاد ولايتنا أهل البيت، و[أن ] لاتفرّقوا بيننا، وانظروا كيف وسّع اللّه عليكم حيث أوضح لكم الحجّة ليسهّل عليكم معرفة الحقّ، ثمّ وسّع لكم في التقيّة لتسلموا من شرور الخلق، ثمّ إن بدّلتم وغيّرتم عرض عليكم التوبة وقبلها منكم، فكونوا لنعماء اللّه شاكرين.
( التفسير: 257، ح 126.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 568. )

51 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): ... قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): من [ أ] قام علي موالاتنا أهل البيت، سقاه اللّه تعالي من محبّته كأساً لا يبغون به بدلاً، ولا يريدون سواه كافياً ولا كالياً ولا ناصراً.
ومن وطّن نفسه علي احتمال المكاره في موالاتنا جعله اللّه يوم القيامة في عرصاتها بحيث يقصر كلّ من تضمّنته تلك العرصات أبصارهم عمّا يشاهدون من درجاتهم.
وإنّ كلّ واحد منهم ليحيط بماله من درجاته كإحاطته في الدنيا (لما يلقاه) بين يديه ثمّ يقال له: وطّنت نفسك علي احتمال المكاره في موالاة محمّد وآله الطيّبين، فقد جعل اللّه إليك، ومكّنك من تخليص كلّ من تحبّ تخليصه من أهل الشدائد في هذه العرصات، فيمدّ بصره فيحيط بهم، ثمّ ينتقد من أحسن إليه، أو برّه في الدنيا بقول، أو فعل، أو ردّ غيبة، أو حسن محضر، أو إرفاق فينتقده من بينهم كما ينتقد الدرهم الصحيح من المكسور.
ثمّ يقال له: اجعل هؤلاء في الجنّة حيث شئت، فينزلهم جنان ربّنا.
ثمّ يقال له: وقد جعلنا لك ومكّناك من إلقاء من تريد في نار جهنّم، فيراهم فيحيط بهم، وينتقدهم من بينهم كما ينتقد الدينار من القراضة، ثمّ يقال له: صيّرهم من النيران إلي حيث شئت، فيصيّرهم حيث يشاء من مضائق النار ...
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ألا فلا تفعلوا كما فعلت بنو إسرائيل، ولاتسخطوا نعم اللّه، ولا تقترحوا علي اللّه تعالي، وإذا ابتلي أحدكم في رزقه، أو معيشته بمالا يحبّ فلا يحدس شيئاً يسأله، لعلّ في ذلك حتفه وهلاكه، ولكن ليقل: «اللّهمّ! بجاه محمّد وآله الطيّبين إن كان ما كرهته من أمري هذا خيراً لي وأفضل في ديني، فصبّرني عليه، وقوّني علي احتماله، ونشّطني للنهوض بثقل أعبائه، وإن كان خلاف ذلك خيراً [ لي ]، فجد عليّ به، ورضّني بقضائك علي كلّ حال، فلك الحمد»، فإنّك إذا قلت ذلك قدّر اللّه [لك ]، ويسّر لك ماهو خير.
ثمّ قال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عباد اللّه! فاحذروا الإنهماك في المعاصي، والتهاون بها، فإنّ المعاصي يستولي بها الخذلان علي صاحبها حتّي يوقعه فيما هو أعظم منها فلايزال يعصي ويتهاون ويخذل ويوقع فيما هو أعظم ممّا جني حتّي يوقعه في ردّ ولاية وصيّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، ودفع نبوّة نبيّ اللّه، ولا يزال أيضاً بذلك حتّي يوقعه في دفع توحيد اللّه، والإلحاد في دين اللّه.
( التفسير: 261، ح 129.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 571. )

52 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): ... قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): احمدوا اللّه معاشر شيعتنا! علي توفيقه إيّاكم، فإنّكم تعفّرون في سجودكم، لا كما عفّره كفرة بني إسرائيل، ولكن كما عفّره خيارهم.
( التفسير: 266، ح 134.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 572. )

53 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): قال اللّه عزّ وجلّ ليهود المدينة: واذكروا (وَإِذْ قَالَ مُوسَي لِقَوْمِهِ ي إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً )... .
قال(عليه السلام): فلمّا استقرّ الأمر عليهم، طلبوا هذه البقرة، فلم يجدوها إلّا عند شابّ من بني إسرائيل أراه اللّه عزّ وجلّ في منامه محمّداً وعليّاً وطيّبي ذرّيّتهما، فقالا(عليهما السلام) له: إنّك كنت لنا [وليّاً] محبّاً ومفضّلاً، ونحن نريد أن نسوق إليك بعض جزائك في الدنيا، فإذا راموا شراء بقرتك، فلا تبعها إلّا بأمر أُمّك، فإنّ اللّه عزّوجلّ يلقّنها ما يغنيك به وعقبك، ففرح الغلام....
( التفسير: 273، ح 140.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 575. )

54 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): ...
واليهود جمعوا الأمرين واقترفوا الخطيئتين، فغلظ علي اليهود ما وبّخهم به رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقال جماعة من رؤسائهم وذوي الألسن والبيان منهم: يا محمّد! إنّك تهجونا وتدّعي علي قلوبنا ما اللّه يعلم منها خلافه، إنّ فيها خيراً كثيراً نصوم ونتصدّق ونواسي الفقراء.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّما الخير ما أريد به وجه اللّه تعالي، وعمل علي ماأمر اللّه تعالي [به ].
فأمّا ما أريد به الرياء والسمعة، أو معاندة رسول اللّه، وإظهار الغني له، والتمالك، والتشرّف عليه فليس بخير، بل هو الشرّ الخالص، ووبال علي صاحبه، يعذّبه اللّه به أشدّ العذاب.
فقالوا له: يا محمّد! أنت تقول هذا، ونحن نقول: بل ما ننفقه إلّا لإبطال أمرك، ودفع رياستك، ولتفريق أصحابك عنك، وهو الجهاد الأعظم، نؤمّل به من اللّه الثواب الأجلّ الأجسم، وأقلّ أحوالنا أنّا تساوينا في الدعاوي، فأيّ فضل لك علينا؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا إخوة اليهود! إنّ الدعاوي يتساوي فيها المحقّون والمبطلون، ولكن حجج اللّه ودلائله تفرّق بينهم فتكشف عن تمويه المبطلين، وتبيّن عن حقائق المحقّين.
ورسول اللّه محمّد لا يغتنم جهلكم، ولا يكلّفكم التسليم له بغير حجّة، ولكن يقيم عليكم حجّة اللّه تعالي التي لا يمكنكم دفاعها، ولا تطيقون الامتناع من موجبها، ولو ذهب محمّد يريكم آية من عنده لشككتم وقلتم: إنّه متكلّف مصنوع محتال فيه معمول، أو متواطأ عليه.
فإذا اقترحتم أنتم فأراكم ما تقترحون لم يكن لكم أن تقولوا معمول، أو متواطأ عليه، أو متأتّي بحيلة ومقدّمات.
فما الذي تقترحون، فهذا ربّ العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم، ويزيد في بصائر المؤمنين منكم.
قالوا: قد أنصفتنا، يا محمّد! فإن وفيت بما وعدت من نفسك من الانصاف، وإلّا فأنت أّول راجع من دعواك للنبوّة، وداخل في غمار الأُمّة، ومسلّم لحكم التوراة لعجزك عمّا نقترحه عليك، وظهور الباطل في دعواك فيما ترومه من جهتك.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): الصدق ينبي ء عنكم لا الوعيد، اقترحوا ما تقترحون ليقطع معاذيركم فيما تسألون.
فقالوا: يا محمّد! زعمت أنّه ما في قلوبنا شي ء من مواساة الفقراء، ومعاونة الضعفاء، والنفقة في إبطال الباطل، وإحقاق الحقّ، وأنّ الأحجار ألين من قلوبنا، وأطوع للّه منّا، وهذه الجبال بحضرتنا، فهلّم بنا إلي بعضها، فاستشهده علي تصديقك وتكذيبنا.
فإن نطق بتصديقك فأنت المحقّ يلزمنا اتّباعك، وإن نطق بتكذيبك أو صمت فلم يردّ جوابك، فاعلم! بأنّك المبطل في دعواك المعاند لهواك.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): نعم! هلّموا بنا إلي أيّها شئتم، أستشهده ليشهد لي عليكم، فخرجوا إلي أوعر جبل رأوه.
فقالوا: يا محمّد! هذا الجبل فاستشهده.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) للجبل: إنّي أسألك بجاه محمّد وآله الطيّبين الذين بذكر أسمائهم خفّف اللّه العرش علي كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا علي تحريكه، وهم خلق كثير لا يعرف عددهم غير اللّه عزّ وجلّ.
وبحقّ محمّد وآله الطيّبين الذين بذكر أسمائهم تاب اللّه علي آدم، وغفر خطيئته، وأعاده إلي مرتبته.
وبحقّ محمّد وآله الطيّبين الذين بذكر أسمائهم، وسؤال اللّه بهم رفع إدريس في الجنّة [مكاناً] عليّاً لمّا شهدت لمحمّد بما أودعك اللّه بتصديقه علي هؤلاء اليهود في ذكر قساوة قلوبهم، وتكذيبهم وجحدهم لقول محمّد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فتحرّك الجبل، وتزلزل وفاض منه الماء ونادي: يا محمّد! أشهد أنّك رسول [ اللّه ] ربّ العالمين، وسيّد الخلائق أجمعين.
وأشهد أنّ قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت أقسي من الحجارة، لا يخرج منها خير كما قد يخرج من الحجارة الماء سيلاً، أو تفجيراً، وأشهد أنّ هؤلاء كاذبون عليك فيما به يقرفونك من الفرية علي ربّ العالمين.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وأسألك أيّها الجبل! أمرك اللّه بطاعتي فيما ألتمسه منك بجاه محمّد وآله الطيّبين، الذين بهم نجّي اللّه تعالي نوحاً(عليه السلام) من الكرب العظيم، وبرّد اللّه النار علي إبراهيم(عليه السلام) وجعلها عليه سلاماً، ومكّنه في جوف النار علي سرير وفراش وثير لم ير ذلك الطاغية مثله لأحد من ملوك الأرض أجمعين، وأنبت حواليه من الأشجار الخضرة النضرة النزهة، وغمر ماحوله من أنواع المنثور بما لا يوجد إلّا في فصول أربعة من جميع السنة.
قال الجبل: بلي، أشهد لك يا محمّد! بذلك، وأشهد أنّك لو اقترحت علي ربّك أن يجعل رجال الدنيا قردة وخنازير لفعل، أو يجعلهم ملائكة لفعل، وأن يقلّب النيران جليداً والجليد نيراناً لفعل، أو يهبط السماء إلي الأرض أو يرفع الأرض إلي السماء لفعل، أو يصير أطراف المشارق والمغارب والوهاد كلّها صرّة كصرّة الكيس لفعل.
وإنّه قد جعل الأرض والسماء طوعك، والجبال، والبحار تنصرف بأمرك، وسائر ما خلق اللّه من الرياح والصواعق وجوارح الإنسان وأعضاء الحيوان لك مطيعة، وما أمرتها [به ] من شي ء ائتمرت.
فقال اليهود: يا محمّد! أعلينا تلبّس وتشبّه! قد أجلست مردة من أصحابك خلف صخور هذا الجبل فهم ينطقون بهذا الكلام، ونحن لا ندري أنسمع من الرجال، أم من الجبل؟!
لا يغترّ بمثل هذا إلّا ضعفاؤك الذين تبحبح في عقولهم.
فإن كنت صادقاً فتنحّ عن موضعك هذا إلي ذلك القرار، وأمر هذا الجبل ان ينقلع من أصله فيسير إليك إلي هناك، فإذا حضرك - ونحن نشاهده - فأمره أن ينقطع نصفين من ارتفاع سمكه، ثمّ ترتفع السفلي من قطعتيه فوق العليا، وتنخفض العليا تحت السفلي.
فإذا أصل الجبل قلّته وقلّته أصله لنعلم أنّه من اللّه لا يتّفق بمواطاة ولابمعاونة مموّهين متمرّدين.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) - وأشار إلي حجر فيه قدر خمسة أرطال -: ياأيّها الحجر! تدحرج، فتدحرج ثمّ قال لمخاطبه: خذه وقرّبه من أُذنك، فسيعيد عليك ما سمعت، فإنّ هذا جزء من ذلك الجبل، فأخذه الرجل فأدناه إلي أُذنه فنطق به الحجر بمثل ما نطق به الجبل أوّلاً من تصديق رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) فيما ذكره عن قلوب اليهود، وفيما أخبر به من أنّ نفقاتهم في دفع أمر محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) باطل ووبال عليهم.
فقال [ له ] رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أسمعت هذا، أخلف هذا الحجر أحد يكلّمك [ويوهمك أنّه يكلّمك ]؟!
قال: لا، فأتني بما اقترحت في الجبل؟ فتباعد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) إلي فضاء واسع، ثمّ نادي الجبل: يا أيّها الجبل! بحقّ محمّد وآله الطيّبين الذين بجاههم (ومسألة عباد اللّه) بهم أرسل اللّه علي قوم عاد ريحاً صرصراً عاتية تنزع الناس كأنّهم أعجاز نخل خاوية، وأمر جبرئيل أن يصيح صيحة [هائلة] في قوم صالح(عليه السلام) حتّي صاروا كهشيم المحتظر لمّا انقلعت من مكانك بإذن اللّه، وجئت إلي حضرتي هذه -. ووضع يده علي الأرض بين يديه.
[قال:] فتزلزل الجبل، وسار كالقارح الهملاج حتّي [صار بين يديه، و] دنا من إصبعه أصله فلزق بها، ووقف ونادي: [ها] أنا سامع لك مطيع، يارسول (ربّ العالمين)، وإن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين مرني بأمرك يارسول اللّه!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ هؤلاء [ المعاندين ] اقترحوا عليّ أن آمرك أن تنقلع من أصلك فتصير نصفين، ثمّ ينحطّ أعلاك ويرتفع أسفلك، فتصير ذروتك أصلك وأصلك ذروتك.
فقال الجبل: أفتأمرني بذلك، يا رسول اللّه ربّ العالمين!؟
قال: بلي! فانقطع [ الجبل ] نصفين، وانحطّ أعلاه إلي الأرض، وارتفع أسفله فوق أعلاه، فصار فرعه أصله، وأصله فرعه....
( التفسير: 283، ح 141.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 576. )

55 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): ...
وكان رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بين أظهرهم [ أي قريش ] إذا رآهم، وقد ضاق لضيق فجّهم صدورهم، قال بيده هكذا بيمناه إلي الجبال، وهكذا بيسراه إلي الجبال، وقال لها: اندفعي!
فتندفع وتتأخّر حتّي يصيروا بذلك في صحراء لا يري طرفاها.
ثمّ يقول بيده هكذا، ويقول: اطلعي! يا أيّتها المودعات لمحمّد وأنصاره ماأودعكموها اللّه من الأشجار والثمار [والأنهار] وأنواع الزهر والنبات.
فتطلع من الأشجار الباسقة، والرياحين المونقة، والخضروات النزهة ماتتمتّع به القلوب والأبصار، وتنجلي به الهموم والغموم والأفكار، ويعلمون أنّه ليس لأحد من ملوك الأرض مثل صحرائهم علي ما تشتمل عليهم من عجائب أشجارها، وتهدّل أثمارها، واطراد أنهارها، وغضارة رياحينها، وحسن نباتها، ومحمّد هو الذي لمّا جاءه رسول أبي جهل يتهدّده....
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) للرسول: قد أطريت مقالتك، واستكملت رسالتك؟ قال: بلي.
قال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فاسمع الجواب! إنّ أبا جهل بالمكاره والعطب يهدّدني، وربّ العالمين بالنصر والظفر يعدني، وخبر اللّه أصدق، والقبول من اللّه أحقّ، لن يضرّ محمّداً من خذله، أو يغضب عليه بعد أن ينصره اللّه عزّوجلّ، ويتفضّل بجوده وكرمه عليه.
قل له: يا أبا جهل! إنّك راسلتني بما ألقاه في خلدك الشيطان، وأنا أُجيبك بماألقاه في خاطري الرحمن إنّ الحرب بيننا وبينك كائنة إلي تسعة وعشرين [يوماً]، وإنّ اللّه سيقتلك فيها بأضعف أصحابي، وستلقي أنت، وعتبة، وشيبة، والوليد، وفلان وفلان - وذكر عدداً من قريش - في قليب بدر مقتّلين، أقتل منكم سبعين، وآسر منكم سبعين، أحملهم علي الفداء [العظيم ] الثقيل، ثمّ نادي جماعة من بحضرته من المؤمنين واليهود [والنصاري ] وسائر الأخلاط: ألاتحبّون أن أُريكم مصرع كلّ واحد من هؤلاء؟
[قالوا: بلي! قال ]: هلّموا إلي بدر فإنّ هناك الملتقي والمحشر، وهناك البلاء الأكبر، لأضع قدمي علي مواضع مصارعهم، ثمّ ستجدونها لا تزيد ولاتنقص ولا تتغيّر ولا تتقدّم ولا تتأخّر لحظة ولا قليلاً ولا كثيراً، فلم يخف ذلك علي أحد منهم، ولم يجبه إلّا عليّ بن أبي طالب وحده، وقال: نعم! بسم اللّه، فقال الباقون: نحن نحتاج إلي مركوب وآلات ونفقات، فلا يمكننا الخروج إلي هناك، وهو مسيرة أيّام.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لسائر اليهود: فأنتم ماذا تقولون؟
قالوا: نحن نريد أن نستقرّ في بيوتنا، ولا حاجة لنا في مشاهدة ما أنت في ادّعائه محيل.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لا نصب عليكم في المسير إلي هناك، اخطوا خطوة واحدة فإنّ اللّه يطوي الأرض لكم ويوصلكم في الخطوة الثانية إلي هناك.
فقال المؤمنون: صدق رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فلنتشرّف بهذه الآية.
وقال الكافرون والمنافقون: سوف نمتحن هذا الكذب لينقطع عذر محمّد وتصير دعواه حجّة عليه، وفاضحة له في كذبه.
قال فخطا القوم خطوة، ثمّ الثانية فإذا هم عند بئر بدر، فعجبوا.
فجاء رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقال: اجعلوا البئر العلامة، واذرعوا من عندها كذا ذرعاً، فذرعوا فلمّا انتهوا إلي آخرها، قال: هذا مصرع أبي جهل، يجرحه فلان الأنصاريّ، ويجهز عليه عبد اللّه بن مسعود أضعف أصحابي.
ثمّ قال: اذرعوا من البئر من جانب آخر، [ثمّ جانب آخر، ثمّ جانب آخر] كذا وكذا ذراعاً وذراعاً، وذكر أعداد الأذرع مختلفة، فلمّا انتهي كلّ عدد إلي آخره قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): هذا مصرع عتبة، وذلك مصرع شيبة، وذاك مصرع الوليد، وسيقتل فلان وفلان - إلي أن (سمّي تمام) سبعين منهم بأسمائهم - وسيؤسر فلان وفلان إلي أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وصفاتهم، ونسب المنسوبين إلي الآباء منهم، ونسب الموالي منهم إلي مواليهم.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أوقفتم علي ما أخبرتكم به؟ قالوا: بلي.
قال: (إنّ ذلك لحقّ) كائن بعد ثمانية وعشرين يوماً [من اليوم ] في اليوم التاسع والعشرين، وعداً من اللّه مفعولاً، وقضاء حتماً لازماً.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا معشر المسلمين واليهود! اكتبوا بما سمعتم.
فقالوا: يا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)! قد سمعنا ووعينا ولا ننسي.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): الكتابة [ أفضل و] أذكر لكم.
فقالوا: يا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)! وأين الدواة والكتف؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ذلك للملائكة.
ثمّ قال: يا ملائكة ربّي! اكتبوا ما سمعتم من هذه القصّة في أكتاف، واجعلوا في كمّ كلّ واحد منهم كتفاً من ذلك.
ثمّ قال: معاشر المسلمين! تأمّلوا أكمامكم وما فيها وأخرجوه واقرؤوه.
فتأمّلوها فإذا في كمّ كلّ واحد منهم صحيفة قرأها، وإذا فيها ذكر ما قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في ذلك سواء لا يزيد ولا ينقص ولا يتقدّم ولا يتأخّر.
فقال: أعيدوها في أكمامكم تكن حجّة عليكم، وشرفاً للمؤمنين منكم، وحجّة علي الكافرين....
( التفسير: 291، ح 142.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 577. )

56 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): ... إنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) كان يمشي بمكّة، وأخوه عليّ(عليه السلام) يمشي معه، وعمّه أبولهب خلفه -يرمي عقبه بالأحجار وقد أدماه - ينادي: معاشر قريش! هذا ساحر كذّاب، فافقدوه، واهجروه، واجتنبوه، وحرّش عليه أوباش قريش، فتبعوهما ويرمونهما (بالأحجار فما منها) حجر أصابه إلّا وأصاب عليّاً(عليه السلام)....
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا أبا الحسن! قد سمعت اقتراح الجاهلين، وهؤلاء عشرة قتلي كم جرحت بهذه الأحجار التي رمانا بها القوم، يا عليّ!؟
قال عليّ(عليه السلام): جرحت (أربع جراحات).
وقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): قد جرحت أنا ستّ جراحات، فليسأل كلّ واحد منّا ربّه أن يحيي من العشرة بقدر جراحاته، فدعا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لستّة منهم، فنشروا، ودعا عليّ(عليه السلام) لأربعة منهم، فنشروا.
ثمّ نادي المحيون: معاشر المسلمين! إنّ لمحمّد وعليّ شأناً عظيماً في الممالك التي كنّا فيها لقد رأينا لمحمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) مثالاً علي سرير عند البيت المعمور، وعند العرش، ولعليّ(عليه السلام) مثالاً عند البيت المعمور، وعند الكرسيّ، وأملاك السماوات، والحجب، وأملاك العرش يحفّون بهما، ويعظّمونهما، ويصلّون عليهما، ويصدرون عن أوامرهما، ويقسمون بهما علي اللّه عزّ وجلّ لحوائجهم إذا سألوه بهما، فآمن منهم سبعة نفر وغلب الشقاء علي الآخرين.
وأمّا تأييد اللّه عزّ وجلّ لعيسي(عليه السلام) بروح القدس، فإنّ جبرئيل هو الذي لمّا حضر رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) - وهو قد اشتمل بعباءته القطوانيّة علي نفسه وعلي عليّ وفاطمة والحسين والحسن(عليهم السلام)، وقال:
«اللّهمّ! هؤلاء أهلي، أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم، محبّ لمن أحبّهم، ومبغض لمن أبغضهم، فكن لمن حاربهم حرباً، ولمن سالمهم سلماً، ولمن أحبّهم محبّاً، ولمن أبغضهم مبغضاً».
فقال اللّه عزّ وجلّ: قد أجبتك إلي ذلك يا محمّد! فرفعت أُمّ سلمة جانب العباءة لتدخل، فجذبه رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وقال: لست هناك، وإن كنت في خير وإلي خير، وجاء جبرئيل(عليه السلام) متدّبراً وقال: يا رسول اللّه! اجعلني منكم، قال: أنت منّا. قال: أفأرفع العباءة، وأدخل معكم؟
قال: بلي، فدخل في العباءة ثمّ خرج وصعد إلي السماء إلي الملكوت الأعلي، وقد تضاعف حسنه وبهاؤه.
وقالت الملائكة: قد رجعت بجمال خلاف ما ذهبت به من عندنا.
قال: وكيف لا أكون كذلك وقد شرّفت بأن جعلت من آل محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وأهل بيته ... .
[و] إنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لمّا كان بمكّة قالوا: يا محمّد! إنّ ربّنا هبل الذي يشفي مرضانا، وينقذ هلكانا، ويعالج جرحانا.
قال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): كذبتم ما يفعل هبل من ذلك شيئاً، بل اللّه تعالي يفعل بكم مايشاء من ذلك.
قال(عليه السلام): فكبر هذا علي مردتهم، فقالوا: يا محمّد! ما أخوفنا عليك من هبل أن يضربك باللقوة، والفالج، والجذام، والعمي، وضروب العاهات لدعائك إلي خلافه.
قال(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لن يقدر علي شي ء ممّا ذكرتموه إلّا اللّه عزّ وجلّ.
قالوا: يا محمّد! فإن كان لك ربّ تعبده لا ربّ سواه، فاسأله أن يضربنا بهذه الآفات التي ذكرناها لك حتّي نسأل نحن هبل أن يبرأنا منها، لتعلم أنّ هبل هو شريك ربّك الذي إليه تؤمي وتشير، فجاءه جبرئيل(عليه السلام) فقال: ادع أنت علي بعضهم، وليدع عليّ [(عليه السلام)] علي بعض، فدعا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) علي عشرين منهم، ودعا عليّ(عليه السلام) علي عشرة، فلم يريموا مواضعهم حتّي برصوا، وجذموا، وفلجوا، ولقوا، وعموا، وانفصلت عنهم الأيدي والأرجل، ولم يبق في شي ء من أبدانهم عضو صحيح إلّا ألسنتهم وآذانهم.
فلمّا أصابهم ذلك صيّر بهم إلي هبل ودعوه ليشفيهم، وقالوا: دعا علي هؤلاء محمّد وعليّ، ففعل بهم ما تري فاشفهم.
فناداهم هبل: يا أعداء اللّه! وأيّ قدرة لي علي شي ء من الأشياء، والذي بعثه إلي الخلق أجمعين، وجعله أفضل النبيّين والمرسلين، لو دعا عليّ لتهافتت أعضائي، وتفاصلت أجزائي، واحتملتني الرياح، وتذروا إيّاي حتّي لا يري لشي ء منّي عين ولا أثر، يفعل اللّه ذلك بي حتّي يكون أكبر جزء منّي دون عشر عشير خردلة، فلمّا سمعوا ذلك من هبل ضجّوا إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وقالوا: قد انقطع الرجاء عمّن سواك، فأغثنا، وادع اللّه لأصحابنا، فإنّهم لا يعودون إلي أذاك.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): شفاؤهم يأتيهم من حيث أتاهم داؤهم عشرون عليّ، وعشرة علي عليّ، فجاءوا بعشرين، فأقاموهم بين يديه، وبعشرة أقاموهم بين يدي عليّ(عليه السلام).
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) للعشرين: غضّوا أعينكم، وقولوا: «اللّهمّ! بجاه من بجاهه ابتليتنا، فعافنا بمحمّد وعليّ والطيّبين من آلهما».
وكذلك قال عليّ(عليه السلام) للعشرة الذين بين يديه، فقالوها، فقاموا فكأنّما أُنشطوا من عقال، ما بأحد منهم نكبة، وهو أصحّ ممّا كان قبل أن أصيب بما أصيب، فآمن الثلاثون وبعض أهليهم، وغلب الشقاء علي [ أكثر] الباقين....
[و] إنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) - لمّا برءوا - قال لهم: آمنوا؟
فقالوا: آمنّا، فقال: ألا أزيدكم بصيرة؟
قالوا: بلي، قال: أخبركم بما تغذّي به هؤلاء وتداووا؟
فقالوا: [قل يا رسول اللّه! فقال:] تغذّي فلان بكذا، وتداوي فلان بكذا، وبقي عنده كذا حتّي ذكرهم أجمعين، ثمّ قال: يا ملائكة ربّي! أحضروني بقايا غذائهم ودوائهم علي أطباقهم وسفرهم، فأحضرت الملائكة ذلك، وأنزلت من السماء بقايا طعام أولئك، ودوائهم.
فقالوا: هذه البقايا من المأكول كذا، والمداوي به كذا.
ثمّ قال: يا أيّها الطعام! أخبرنا، كم أكل منك؟
فقال الطعام: أكل منّي كذا، وترك منّي كذا، وهو ما ترون، وقال بعض ذلك الطعام: أكل صاحبي [هذا] منّي كذا، وبقي منّي كذا (وجاء به) الخادم فأكل منّي كذا، وأنا الباقي.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فمن أنا؟
فقال الطعام والدواء: أنت رسول اللّه صلّي اللّه عليك وآلك.
قال فمن هذا ؟ - يشير إلي عليّ(عليه السلام) -
فقال الطعام والدواء: هذا أخوك سيّد الأوّلين والآخرين ووزيرك، أفضل الوزراء، وخليفتك سيّد الخلفاء....
( التفسير: 371، ح 260 - 264.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 585. )

57 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): ...
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): المتصدّق علي أعدائنا كالسارق في حرم اللّه ...
وقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، ولايقبل اللّه صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول.
وإنّ أعظم طهور الصلاة - التي لا يقبل الصلاة إلّا به، ولا شي ء من الطاعات مع فقده- موالاة محمّد وأنّه سيّد المرسلين، وموالاة عليّ وأنّه سيّد الوصيّين، وموالاة أوليائهما، ومعاداة أعدائهما.
وقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ العبد إذا توضّأ فغسل وجهه تناثرت [عنه ] ذنوب وجهه، وإذا غسل يديه إلي المرفقين تناثرت عنه ذنوب يديه، وإذا مسح برأسه تناثرت عنه ذنوب رأسه، وإذا مسح رجليه - أو غسلها للتقيّة - تناثرت عنه ذنوب رجليه.
وإن قال في أوّل وضوئه: بسم اللّه الرحمن الرحيم، طهرت أعضاؤه كلّها من الذنوب، وإن قال في آخر وضوئه أو غسله من الجنابة: «سبحانك اللّهمّ! وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وأشهد أنّ محمّداً عبدك ورسولك، وأشهد أنّ عليّاً وليّك وخليفتك بعد نبيّك علي خليقتك، وأنّ أولياءه وأوصياءه خلفاؤك»، تحاتّت عنه ذنوبه كلّها كما يتحاتّ ورق الشجر، وخلق اللّه بعدد كلّ قطرة من قطرات وضوئه أو غسله ملكاً يسبّح اللّه ويقدّسه ويهلّله ويكبّره ويصلّي علي محمّد وآله الطيّبين، وثواب ذلك لهذا المتوضّي ء، ثمّ يأمر اللّه بوضوئه أو غسله فيختم عليه بخاتم من خواتم ربّ العزّة.
ثمّ يرفع تحت العرش حيث لا تناله اللصوص، ولا يلحقه السوس، ولايفسده الأعداء حتّي يردّ عليه ويسلّم إليه، أو فيما هو أحوج وأفقر ما يكون إليه، فيعطي بذلك في الجنّة ما لا يحصيه العادّون، ولا يعي عليه الحافظون، ويغفر اللّه له جميع ذنوبه حتّي تكون صلاته نافلة.
وإذا توجّه إلي مصلاّه ليصلّي، قال اللّه عزّ وجلّ لملائكته: يا ملائكتي! أما ترون هذا عبدي كيف قد انقطع عن جميع الخلائق إليّ، وأمّل رحمتي وجودي ورأفتي!؟ أُشهدكم أنّي أختصّه برحمتي وكراماتي.
فاذا رفع يديه وقال: اللّه أكبر، وأثني علي اللّه تعالي بعده، قال اللّه لملائكته: أما ترون عبدي هذا كيف كبّرني وعظّمني ونزّهني عن أن يكون لي شريك، أو شبيه، أو نظير، ورفع يديه تبرّءً عمّا يقوله أعدائي من الإشراك بي!؟ أُشهدكم ياملائكتي! أنّي سأكبّره وأُعظّمه في دار جلالي، وأُنزّهه في متنزّهات دار كرامتي، وأُبرئه من آثامه وذنوبه من عذاب جهنّم ونيرانها.
فإذا قال: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ ّ الْعَلَمِينَ ) فقرأ فاتحة الكتاب وسورة قال اللّه تعالي لملائكته: أما ترون عبدي هذا كيف تلذّذ بقراءة كلامي، أُشهدكم [ يا] ملائكتي لأقولنّ له يوم القيامة اقرأ في جناني وارق درجاتها، فلا يزال يقرأويرقي درجة بعدد كلّ حرف درجة من ذهب، ودرجة من فضّة، ودرجة من لؤلؤ، ودرجة من جوهر، ودرجة من زبرجد أخضر، ودرجة من زمرّد أخضر، ودرجة من نور ربّ العالمين.
فإذا ركع قال اللّه لملائكته: يا ملائكتي! أما ترونه كيف تواضع لجلال عظمتي؟ أشهدكم لأُعظمنّه في دار كبريائي وجلالي.
فإذا رفع رأسه من الركوع قال اللّه تعالي: أما ترونه يا ملائكتي! كيف يقول أترفّع علي أعدائك كما أتواضع لأوليائك، وأنتصب لخدمتك؟
أُشهدكم ياملائكتي! لأجعلنّ جميل العاقبة له، ولأُصيّرنّه إلي جناني.
فإذا سجد قال اللّه [تعالي لملائكته ]: يا ملائكتي! أما ترونه كيف تواضع بعد ارتفاعه، وقال: إنّي وإن كنت جليلاً مكيناً في دنياك، فأنا ذليل عند الحقّ إذا ظهر لي، سوف أرفعه بالحقّ وأدفع به الباطل.
فإذا رفع رأسه من السجدة الأولي قال اللّه تعالي: يا ملائكتي! أما ترونه كيف قال؟ وإنّي وإن تواضعت لك فسوف أخلط الانتصاب في طاعتك بالذلّ بين يديك.
فإذا سجد ثانية قال اللّه عزّ وجلّ: يا ملائكتي! أما ترون عبدي هذا كيف عاد إلي التواضع لي لأُعيدنّ إليه رحمتي.
فإذا رفع رأسه قائماً قال اللّه: يا ملائكتي! لأرفعنّه بتواضعه كما ارتفع إلي صلاته، ثمّ لا يزال يقول اللّه لملائكته هكذا في كلّ ركعة حتّي إذا قعد للتشهّد الأوّل والتشهّد الثاني، قال اللّه تعالي: يا ملائكتي! قد قضي خدمتي وعبادتي وقعد يثنّي عليّ، ويصلّي علي محمّد نبيّي، لأُثنّينّ عليه في ملكوت السماوات والأرض، ولأُصلّينّ علي روحه في الأرواح.
فإذا صلّي علي أمير المؤمنين(عليه السلام) في صلاته قال [ اللّه له ]: لأُصلّينّ عليك كماصلّيت عليه، ولأجعلنّه شفيعك كما استشفعت به.
فإذا سلّم من صلاته سلّم اللّه عليه، وسلّم عليه ملائكته.
( التفسير: 520، ح 318.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 594. )

58 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): ...
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): سيخرج منه [ أي عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام)] كبراء وسيكون أبا عدّة من الأئمّة الطاهرين، وأبا القائم من آل محمّد، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً.
( التفسير: 569، ح 332.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 597. )

59 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): ...
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ولو شاء لحرم عليكم التقيّة، وأمركم بالصبر علي ما ينالكم من أعدائكم عند إظهاركم الحقّ.
ألا فأعظم فرائض اللّه تعالي عليكم بعد فرض موالاتنا ومعاداة أعدائنا، استعمال التقيّة علي أنفسكم وإخوانكم [ومعارفكم وقضاء حقوق إخوانكم ] في اللّه، ألا وإنّ اللّه يغفر كلّ ذنب بعد ذلك ولا يستقصي.
فأمّا هذان فقلّ من ينجو منهما إلّا بعد مسّ عذاب شديد إلّا أن يكون لهم مظالم علي النواصب والكفّار، فيكون عذاب هذين علي أولئك الكفّار، والنواصب قصاصاً بما لكم عليهم من الحقوق ومالهم إليكم من الظلم، فاتّقوا اللّه ولا تتعرّضوا لمقت اللّه بترك التقيّة، والتقصير في حقوق إخوانكم المؤمنين.
( التفسير: 573، ح 336.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 599. )

60 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): قال اللّه عزّ وجلّ: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ) بتوحيد اللّه، ونبوّة محمّد(صلي اللّه عليه و ال وسلم) رسول اللّه، وبإمامة عليّ وليّ اللّه ( كُلُواْ مِن طَيِّبَتِ مَا رَزَقْنَكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلَّهِ) علي مارزقكم منها بالمقام علي ولاية محمّد وعليّ ليقيكم اللّه تعالي بذلك شرور الشياطين المتمرّدة علي ربّها عزّ وجلّ، فإنّكم كلّما جدّدتم علي أنفسكم ولاية محمّد وعليّ(عليهما السلام)، تجدّد علي مردة الشياطين لعائن اللّه، وأعاذكم اللّه من نفخاتهم ونفثاتهم.
فلمّا قاله رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قيل: يا رسول اللّه! وما نفخاتهم؟
قال: هي ما ينفخون به عند الغضب في الإنسان الذي يحملونه علي هلاكه في دينه ودنياه، وقد ينفخون في غير حال الغضب بما يهلكون به.
أتدرون ما أشدّ ما ينفخون به هو ما ينفخون بأن يوهموه أنّ أحداً من هذه الأُمّة فاضل علينا أو عدل لنا أهل البيت، كلاّ - واللّه - بل جعل اللّه تعالي محمّداً(صلي اللّه عليه و ال وسلم) ثمّ آل محمّد فوق جميع هذه الأُمّة كما جعل اللّه تعالي السماء فوق الأرض، وكما زاد نور الشمس والقمر علي السهي.
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وأمّا نفثاته فأن يري أحدكم أنّ شيئاً بعد القرآن أشفي له من ذكرنا أهل البيت ومن الصلاة علينا، فإنّ اللّه عزّ وجلّ جعل ذكرنا أهل البيت شفاء للصدور، وجعل الصلوات علينا ماحية للأوزار والذنوب، ومطهّرة من العيوب، ومضاعفة للحسنات....
( التفسير: 584، ح 348 - 350.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 605. )

61 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال اللّه عزّ وجلّ: (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن م بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَاوَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَي الْكَذِبِينَ )، فكان الأبناء الحسن والحسين(عليهما السلام)، جاء بهمإ؛ع ظطثثثثثثثثثپ ذ رسول اللّه، فأقعدهما بين يديه كجروي الأسد، وأمّا النساء فكانت فاطمة(سلام اللّه عليه)، جاء بها رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وأقعدها خلفه كلبوة الأسد، وأمّا الأنفس فكان عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) جاء به رسول اللّه فأقعده عن يمينه كالأسد، وربض هو(صلي اللّه عليه و ال وسلم) كالأسد، وقال لأهل نجران: هلّموا الآن نبتهل، فنجعل لعنة اللّه علي الكاذبين. فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): «اللّهمّ! هذا نفسي، وهو عندي عدل نفسي، اللّهمّ! هذه نسائي أفضل نساء العالمين».
وقال: اللّهمّ! هذان ولداي وسبطاي، فأنا حرب لمن حاربوا، وسلم لمن سالموا، ميّز اللّه بذلك الصادقين من الكاذبين....
فذلك أوّل تصديقه له، فذلك قول رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في الحسن وفي الحسين(عليهما السلام): إنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة إلّا ما كان من ابني الخالة عيسي ويحيي، ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): هؤلاء الأربعة عيسي ويحيي والحسن والحسين، وهب اللّه لهم الحكم، وأبانهم بالصدق من الكاذبين، فجعلهم من أفضل الصادقين في زمانهم، وألحقهم بالرجال الفاضلين البالغين....
( التفسير: 658، س 4، ضمن ح 374.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 613. )

62 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): وقال الحسن بن عليّ(عليهما السلام): إنّ رجلاً جاع عياله، فخرج يبغي لهم ما يأكلون، فكسب درهماً فاشتري به خبزاً وإداماً، فمرّ برجل وامرأة من قرابات محمّد وعليّ(عليهما السلام) ، فوجدهما جائعين.
فقال: هؤلاء أحقّ من قراباتي، فأعطاهما إيّاه ...
فرأي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وعليّاً(عليه السلام) فقالا له: كيف تري إغناءنا لك لمّا آثرت قرابتنا علي قرابتك.
[ثمّ ] لم يبق بالمدينة ولا بمكّة ممّن عليه شي ء من المائة ألف دينار إلّا أتاه محمّد وعليّ في منامه، وقالا له: إمّا بكّرت بالغداة علي فلان بحقّه من ميراث ابن عمّه، وإلّا بكّرنا عليك بهلاكك واصطلامك وإزالة نعمك، وإبانتك من حشمك، فأصبحوا كلّهم وحملوا إلي الرجل ما عليهم حتّي حصل عنده مائةألف دينار، وما ترك أحد بمصر ممّن له عنده مال إلّا وأتاه محمّد وعليّ(عليهما السلام) في منامه وأمراه أمر تهدّد بتعجيل مال الرجل أسرع ما يقدر عليه، وأتي محمّد وعليّ(عليهما السلام) هذا المؤثر لقرابة رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في منامه، فقالا له: كيف رأيت صنع اللّه لك قد أمرنا من في مصر أن يعجّل إليك مالك، أفنأمر حاكمها بأن يبيع عقارك وإملاكك، ويسفتج إليك بأثمانها لتشتري بدلها من المدينة؟ قال: بلي.
فأتي محمّد وعليّ(عليهما السلام) حاكم مصر في منامه، فأمراه أن يبيع عقاره والسفتجة بثمنه إليه، فحمل إليه من تلك الأثمان ثلاثمائة ألف دينار، فصار أغني من بالمدينة، ثمّ أتاه رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقال: يا عبد اللّه! هذا جزاؤك في الدنيا علي إيثار قرابتي علي قرابتك، ولأعطينّك في الآخرة بدل كلّ حبّة من هذا المال في الجنّة ألف قصر، أصغرها أكبر من الدنيا مغرز إبرة منها خير من الدنيا وما فيها.
( التفسير: 337، ح 212.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 671. )

63 - التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال الإمام(عليه السلام): ...
كان رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في منزله إذ استأذن عليه عبد اللّه بن أُبيّ بن سلول، فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): بئس أخوا العشيرة، ائذنوا له، فأذنوا له.
فلمّا دخل أجلسه وبشّر في وجهه، فلمّا خرج قالت له عايشة: يارسول اللّه! قلت فيه ما قلت، وفعلت به من البشر ما فعلت؟!
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عويش! يا حميراء! إنّ شرّ الناس عند اللّه يوم القيامة من يكرم اتّقاء شرّه.
( التفسير: 354، ح 241.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 683. )

64 - الحضينيّ(ره): عن عيسي بن مهديّ الجوهريّ، قال: ...
فلمّا دخلنا علي سيّدنا أبي محمّد الحسن(عليه السلام) [قال ]: ... قال جدّي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إيّاكم أن تزهدوا في الشيعة، فإنّ فقيرهم الممتحن المتّقي عنداللّه يوم القيامة، له شفاعة عند اللّه يدخل فيها مثل ربيعة ومضر....
فقال(عليه السلام): أوّل من صلّي عليه من المسلمين خمساً عمّنا حمزة بن عبدالمطّلب أسد اللّه، وأسد رسوله، فإنّه لمّا قتل قلق رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) قلقاً شديداً، وحزن عليه حتّي عدم صبره وعزاؤه، فقال رسول اللّه: واللّه لأقتلنّ عوضاً كلّ شعرة سبعين رجلاً من مشركي قريش....
( الهداية الكبري: 344، س 21.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 1، رقم 321. )

65 - الشيخ الصدوق(ره): وحدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغداديّ، قال: حدّثني أحمد بن الفضل، قال: حدّثني بكر بن أحمد القصريّ، قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي، عن أبيه، عن آبائه(عليهم السلام)، قال: سمعت رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) يقول:
ليلة أسري بي ربّي عزّ وجلّ رأيت في بطنان العرش ملكاً بيده سيف من نور يلعب به، كما يلعب عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) بذي الفقار، وإنّ الملائكة إذا اشتاقوا إلي وجه عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) نظروا إلي وجه ذلك الملك.
فقلت: يا ربّ! هذا أخي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وابن عمّي؟
فقال: يا محمّد! هذا ملك خلقته علي صورة عليّ يعبدني في بطنان عرشي، تكتب حسناته وتسبيحه وتقديسه لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) إلي يوم القيمة.
( عيون أخبار الرضا7: 131/2، ح 15. عنه البحار: 353/18، ح 65، و109/39، ح 14. )
66 - السيّد الشريف الرضيّ(ره): حدّثني أبو محمّد هارون بن موسي، قال: حدّثني أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عبيد اللّه بن أحمد بن عيسي بن المنصور، قال: حدّثني أبو موسي عيسي بن أحمد بن عيسي بن المنصور، قال: حدّثني الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي بن جعفر(عليهم السلام)، قال: حدّثني أبي عليّ، قال: حدّثني أبي محمّد، قال: حدّثني أبي عليّ، قال: حدّثني أبي موسي، قال: حدّثني أبي جعفر، قال: حدّثني أبي محمّد، قال: حدّثني أبي عليّ، قال: حدّثني أبي الحسين بن عليّ، عن أبيه، أمير المؤمنين عليهم السلام والصلاة، قال:
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا عليّ! مثلكم في الناس مثل سفينة نوح 1ض نوح، 104 عليّ! مثلكم في الناس مثل سفينة نوح.... رسول اللّه ، 4، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، فمن أحبّكم يا عليّ! نجا، ومن أبغضكم ورفض محبّتكم هوي في النار.
ومثلكم يا عليّ! مثل بيت اللّه الحرام 1مث مثلكم يا عليّ! مثل بيت اللّه الحرام، 4، من دخله كان آمناً، فمن أحبّكم ووالاكم كان آمناً من عذاب النار، ومن أبغضكم ألقي في النار، يا عليّ! (وَلِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ).
( آل عمران: 97/3. )
ومن كان له عذر فله عذره، ومن كان فقيراً فله عذره، ومن كان مريضاً فله عذره، وإنّ اللّه لا يعذر غنيّاً، ولا فقيراً، ولا مريضاً، ولا صحيحاً، ولاأعمي، ولا بصيراً في تفريطه في موالاتكم ومحبّيكم.
( خصائص الأئمّة:: 77 س 7.)
67 - أبو جعفر الطبريّ(ره): ... الحسين بن أحمد بن عليّ الرياحيّ، قال: ...
قال [ أبو محمّد الحسن العسكريّ(عليهما السلام) ]: ...، عن النبيّ(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أنّه قال: أعطي اللّه عليّاً ستّاً لم تكن لي ولا للنبيّين من الأوّلين:
حموه مثلي، وليس لي حمو مثله، وحماة مثل خديجة الكبري وليست لي حماة مثلها، وزوجة مثل فاطمة وليست لي زوجة مثلها، وولدان مثل الحسن والحسين وليس لي ولدان مثلهما، وولادته في بيت اللّه الحرام وأنا ولدت في دار جدّي عبدالمطلّب.
( بشارة المصطفي: 189، س 17.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 2، رقم 459. )

68 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): حدّثني به السيّد العالم العابد أبوجعفر مهديّ بن أبي حرب الحسينيّ المرعشيّ(رضي اللّه عنه)، قال: حدّثني الشيخ الصدوق أبوعبداللّه جعفر بن محمّد بن أحمد الدوريستيّ(ره)، قال: حدّثني أبي، محمّد بن أحمد، قال: حدّثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ(ره)، قال: حدّثني أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الأستراباديّ، قال: حدّثني أبو يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد، وأبوالحسن عليّ بن محمّد بن سيّار - وكانا من الشيعة الإماميّة -.
قالا: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ(عليهما السلام)، قال حدّثني أبي، عن آبائه(عليهم السلام)، عن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أنّه قال: أشدّ من يتم اليتيم الذي انقطع عن أُمّه، وأبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه، ولا يقدر علي الوصول إليه، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه.
ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا، وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره.
ألا! فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلي.
( الاحتجاج: 6/1، ح 2.
التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ 7: 339، ح 214، بتفاوت. عنه البرهان: 122/1، ح 15، والفصول المهمّة للحرّ العامليّ: 599/1، ح 937، بتفاوت يسير، ومستدرك الوسائل: 317/17، ح 21458، والبحار: 344/66، س 8. وعنه وعن الاحتجاج، البحار: 2/2، ح 1.
عوالي اللئالي: 16/1، ح 1.
منية المريد: 31، س 15.
محجّة البيضاء: 29/1، س 11.
الصراط المستقيم: 55/3، س 3، عن مشكاة الأنوار. )

69 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): قال أبو محمّد الحسن العسكريّ(عليه السلام): لمّا كان رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بمكّة أمره اللّه تعالي أن يتوجّه نحو بيت المقدس في صلاته ويجعل الكعبة بينه، وبينها إذا أمكن، وإذا لم يمكن استقبل بيت المقدس كيف كان.
فكان رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) يفعل ذلك طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة، فلمّا كان بالمدينة، وكان متعبّداً باستقبال بيت المقدس، استقبله وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهراً، أو ستّة عشر شهراً.
وجعل قوم من مردة اليهود يقولون: واللّه! ما دري محمّد كيف صلّي حتّي صار يتوجّه إلي قبلتنا، ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا.
فاشتدّ ذلك علي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لمّا اتّصل به عنهم، وكره قبلتهم، وأحبّ الكعبة، فجاءه جبرئيل(عليه السلام): فقال له رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا جبرئيل لوددت لو صرفني اللّه عن بيت المقدس إلي الكعبة، فقد تأذّيت بما يتّصل بي من قبل اليهود من قبلتهم.
فقال جبرئيل(عليه السلام): فاسأل ربّك أن يحوّلك إليها، فإنّه لا يردّك عن طلبتك، ولا يخيّبك من بغيتك، فلمّا استتمّ دعاؤه صعد جبرئيل، ثمّ عاد من ساعته، فقال:اقرأ، يا محمّد!: (قَدْ نَرَي تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَل-هَا فَوَلِ ّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ و ) الآيات.
( البقرة: 144/2. )
فقال اليهود عند ذلك: (مَا وَلَّل-هُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا ) فأجابهم اللّه أحسن جواب فقال: (قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) وهو يملكهما، وتكليفه التحوّل إلي جانب، كتحويله لكم إلي جانب آخر.
(يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَي صِرَطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) وهو أعلم بمصلحتهم، وتؤدّيهم ( البقرة: 142/2. )
طاعتهم إلي جنّات النعيم.
قال أبو محمّد(عليه السلام): وجاء قوم من اليهود إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، فقالوا: يامحمّد! هذه القبلة بيت المقدس قد صلّيت إليها أربعة عشر سنة، ثمّ تركتها الآن أفحقّاً كان ما كنت عليه، فقد تركته إلي باطل، فإنّ مايخالف الحقّ باطل، أو باطلاً كان ذلك، فقد كنت عليه طول هذه المدّة، فما يؤمننا أن تكون الآن علي باطل.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): بل ذلك كان حقّاً، وهذا حقّ، يقول اللّه: (قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَي صِرَطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) إذا عرف صلاحكم، أيّها العباد في استقبالكم المشرق أمركم به، وإذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب أمركم به، وإن عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به، فلاتنكروا تدبير اللّه في عباده، وقصده إلي مصالحكم.
ثمّ قال [ لهم ] رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): لقد تركتم العمل يوم السبت، ثمّ عملتم بعده [من ] سائر الأيّام ثم تركتموه في السبت، ثمّ عملتم بعده، أفتركتم الحقّ إلي الباطل، أو الباطل إلي حقّ، أو الباطل إلي باطل، أو الحقّ إلي حقّ، قولوا: كيف شئتم؟ فهو قول محمّد، وجوابه لكم.
قالوا: بل ترك العمل في السبت حقّ، والعمل بعده حقّ.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فكذلك قبلة بيت المقدس في وقته حقّ، ثمّ قبلة الكعبة في وقته حقّ.
فقالوا له: يا محمّد! أفبدا لربّك فيما كان أمرك به بزعمك، من الصلاة إلي بيت المقدس حتّي نقلك إلي الكعبة؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): مابدا له عن ذلك، فإنّه العالم بالعواقب، والقادر علي المصالح، لا يستدرك علي نفسه غلطاً، ولا يستحدث رأياً بخلاف المتقدّم، جلّ عن ذلك ولا يقع عليه أيضاً مانع يمنعه من مراده، وليس يبدو إلّا لمن كان هذا وصفه، وهو عزّ وجلّ يتعالي عن هذه الصفات علوّاً كبيراً.
ثمّ قال لهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أيّها اليهود! أخبروني عن اللّه، أليس يمرض ثمّ يصحّ، ويصحّ ثمّ يمرض، أبدا له في ذلك؟ أليس يحيي ويميت [ أليس يأتي بالليل في أثر النهار، والنهار في أثر الليل؟]، أبدا له في كلّ واحد من ذلك؟
قالوا: لا، قال: فكذلك اللّه تعبّد نبيّه محمّد بالصلاة إلي الكعبة بعد أن كان تعبّده بالصلاة إلي بيت المقدس، وما بدا له في الأوّل.
ثمّ قال: أليس اللّه يأتي بالشتاء في أثر الصيف، والصيف في أثر الشتاء أبدا له في كلّ واحد من ذلك؟ قالوا: لا، قال: فكذلك لم يبد له في القبلة.
قال: ثمّ قال: أليس قد ألزمكم في الشتاء أن تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة، وألزمكم في الصيف أن تحترزوا من الحرّ، أفبدا له في الصيف حين أمركم بخلاف ما كان أمركم به في الشتاء؟
قالوا: لا، فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): فكذلكم اللّه تعبّدكم في وقت لصلاح يعلمه بشي ء ثمّ تعبّدكم في وقت آخر لصلاح آخر يعلمه بشي ء آخر، فإذا أطعتم اللّه في الحالين، استحققتم ثوابه، فأنزل اللّه تعالي: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَسِعٌ عَلِيمٌ ) يعني إذا توجّهتم بأمره، فثمّ الوجه ( البقرة: 115/2. )
الذي تقصدون منه اللّه، وتأملون ثوابه.
ثمّ قال رسول اللّه: يا عباد اللّه! أنتم كالمرضي، واللّه ربّ العالمين كالطبيب، فصلاح المرضي فيما يعمله الطبيب، ويدبّره به، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه، ألا فسلّموا للّه أمره تكونوا من الفائزين.
فقيل [ له ]: يا ابن رسول اللّه! فلم أمر بالقبلة الأولي؟
فقال: لمّا قال اللّه تعالي: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ -وهي بيت المقدس- إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَي عَقِبَيْهِ ) إلّا لنعلم ذلك منه موجوداً بعد أن علمناه سيوجد.
وذلك أنّ هوي أهل مكّة1ل أهل مكّة، 4 كان في الكعبة، فأراد اللّه أن يبيّن متّبعي محمّد ممّن خالفه باتّباع القبلة التي كرهها، ومحمّد يأمر بها، ولمّا كان هوي أهل المدينة1ل أهل المدينة، 4 في بيت المقدس، أمرهم بمخالفتها، والتوجّه إلي الكعبة، ليبيّن من يوافق محمّداً فيما يكرهه، فهو مصدّقه وموافقه.
ثمّ قال: (وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَي الَّذِينَ هَدَي اللَّهُ ) أي [ إن ] كان ( البقرة: 143/2.)
التوجّه إلي بيت المقدس في ذلك الوقت لكبيرة إلّا علي من يهدي اللّه، فعرف أنّ اللّه يتعبّد بخلاف ما يريده المرء ليبتلي طاعته في مخالفة هواه.
( الاحتجاج: 81/1، ح 25. عنه البحار: 59/81، ح 12، ونور الثقلين: 132/1، ح 399، و133، ح 400، و135، ح 412، قِطع منه.
التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ 7: 492، ح 312، بتفاوت يسير. عنه البحار: 105/4، س 1، ضمن ح 18، والبرهان: 158/1، ح 3، بتفاوت يسير، ومستدرك الوسائل: 174/3، ح 3296، و175، ح 3297، وإثبات الهداة: 329/1، ح 310، قطعة منه.
قطعة منه في (ما رواه عن جبرئيل 8)، و(سورة البقرة: 115/2، و142، و143). )

70 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): قال أبو محمّد الحسن العسكريّ(عليه السلام): لقدرامت الفجرة الكفرة ليلة العقبة قتل رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) علي العقبة10 درامت الفجرة الكفرة ليلة العقبة قتل رسول اللّه 6 علي العقبة.... الإمام العسكريّ، 4، ورام من بقي من مردة المنافقين بالمدينة قتل عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فما قدروا علي مغالبة ربّهم، حملهم علي ذلك حسدهم لرسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في عليّ(عليه السلام) لما فخّم من أمره، وعظّم من شأنه من ذلك.
إنّه لمّا خرج النبيّ(صلي اللّه عليه و ال وسلم) من المدينة، وقد كان خلّفه عليها، وقال له: إنّ جبرئيل أتاني، وقال لي: يا محمّد! إنّ العليّ الأعلي يقرأ عليك السلام، ويقول لك: يا محمّد! إمّا أن تخرج أنت ويقيم عليّ، أو تقيم أنت ويخرج عليّ، لابدّ من ذلك، فإنّ عليّاً قد ندبته لإحدي اثنتين لا يعلم أحد كنه جلال من أطاعني فيهما، وعظيم ثوابه غيري، فلمّا خلّفه أكثر المنافقون الطعن فيه، فقالوا: ملّه وسئمه وكره صحبته، فتبعه عليّ(عليه السلام) حتّي لحقه، وقد وجد [غمّاً شديداً] ممّا قالوا فيه.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): ما أشخصك [ يا عليّ ] عن مركزك؟
قال: بلغني عن الناس كذا كذا.
فقال له: أما ترضي أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي، فانصرف عليّ إلي موضعه فدبّروا عليه أن يقتلوه، وتقدّموا في أن يحفروا له في طريقه حفيرة طويلة قدر خمسين ذراعاً، ثمّ غطوّها بحصر رقاق، ونثروا فوقها يسيراً من التراب بقدر ماغطّوا به وجوه الحصر.
وكان ذلك علي طريق عليّ(عليه السلام) الذي لابدّ له من سلوكه ليقع هو ودابّته في الحفيرة التي قد عمقوها، وكان ما حوالي المحفور أرض ذات حجارة.
ودبّروا علي أنّه إذا وقع مع دابّته في ذلك المكان كبسوه بالأحجار حتّي يقتلوه، فلمّا بلغ عليّ(عليه السلام) قرب المكان لوي فرسه عنقه وأطاله اللّه فبلغت جحفلته أُذنيه، وقال: يا أمير المؤمنين! قد حفر [ لك ] هيهنا، ودبّر عليك ( جحفلة الدابّة: ما تناول به العلف، وقيل الجحفلة من الخيل والحمر والبغال والحافر بمنزلة الشفة من الإنسان، والمشفر للبعير. جحافل الخيل: أفواهها. لسان العرب: 102/11، (جحفل). )
الحتف، -وأنت أعلم- لا تمرّ فيه.
فقال له عليّ(عليه السلام): جزاك اللّه من ناصح خيراً كما تدبّر بتدبيري، فإنّ اللّه عزّوجلّ لا يخلّيك من صنعه الجميل.
وسار حتّي شارف المكان، توقّف الفرس خوفاً من المرور علي المكان.
فقال عليّ(عليه السلام): سر بإذن اللّه سالماً سويّاً عجيباً شأنك بديعاً أمرك، فتبادرت الدابّة.
فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد متّن الأرض، وصلّبها، ولأم حفرها [ كأنّها لم تكن محفورة] وجعلها كسائر الأرض.
فلمّا جاوزها عليّ(عليه السلام) لوي الفرس عنقه ووضع جحفلته علي أُذنه، ثمّ قال: مإ؛فغع ثثثثثثثثثپ ع أكرمك علي ربّ العالمين، أجازك علي هذا المكان الخاوي.
فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): جازاك اللّه بهذه السلامة عن نصيحتك التي نصحتني بها، ثمّ قلب وجه الدابّة إلي ما يلي كفلها، والقوم معه بعضهم كان أمامه، وبعضهم [ كان ] خلفه، وقال: اكشفوا عن هذا المكان، فكشفوا عنه فإذا هو خاو[و] لا يسير عليه أحد إلّا وقع في الحفرة فأظهر القوم الفزع، والتعجّب ممّارأوا [منه ].
فقال عليّ(عليه السلام) للقوم: أتدرون من عمل هذا؟ قالوا: لا ندري!
قال(عليه السلام): لكن فرسي هذا يدري، وقال للفرس: يا أيّها الفرس! كيف هذا، ومن دبّر هذا؟
فقال الفرس: يا أمير المؤمنين(عليه السلام)! إذا كان اللّه عزّ وجلّ يبرم ما يروم جهّال القوم نقضه أو كان ينقض ما يروم جهّال الخلق إبرامه، فاللّه هو الغالب، والخلق هم المغلوبون، فعل هذا يا أمير المؤمنين! فلان وفلان إلي أن ذكر العشرة بمواطاة من أربعة وعشرين هم مع رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في طريقه.
ثمّ دبّروا رأيهم علي أن يقتلوا رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) علي العقبة، واللّه عزّوجلّ من وراء حياطة رسول اللّه ووليّ اللّه لا يغلبه الكافرون.
فأشار بعض أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام): بأن يكاتب رسول اللّه بذلك، ويبعث رسولاً مسرعاً، فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): إنّ رسول اللّه إلي محمّد رسوله أسرع وكتابه إليه أسبق، فلا يهمّنّكم هذا [ إليه ].
فلمّا قرب رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) من العقبة التي بإزائها فضائح المنافقين والكافرين نزل دون العقبة، ثمّ جمعهم، فقال لهم: هذا جبرئيل، الروح الأمين يخبرني أنّ عليّاً دبّر عليه كذا وكذا، فدفع اللّه عزّ وجلّ عنه بألطافه، وعجائب معجزاته بكذا وكذا.
إنّه صلّب الأرض تحت حافر دابّته، وأرجل أصحابه، ثمّ انقلب علي ذلك الموضع عليّ(عليه السلام)، وكشف عنه، فرأيت الحفيرة.
ثمّ إنّ اللّه عزّ وجلّ لأمها كما كانت لكرامته عليه، وأنّه قيل له: كاتب بهذا وأرسل إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم).
فقال [عليّ ]: رسول اللّه إلي رسول اللّه أسرع، وكتابه إليه أسبق.
ثمّ لم يخبرهم رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بما قال عليّ(عليه السلام) علي باب المدينة، إنّ من مع رسول اللّه سيكيدونه، ويدفع اللّه عنه.
فلمّا سمع الأربعة والعشرون أصحاب العقبة ماقاله [رسول اللّه ](صلي اللّه عليه و ال وسلم) في أمر عليّ(عليه السلام) قال بعضهم لبعض: ما أمهر محمّداً بالمخرقة، وإنّ فيجاً مسرعاً أتاه، أو طيراً من المدينة من بعض أهله، وقع عليه أنّ عليّاً قتل بحيلة كذاوكذا، وهو الذي واطأنا عليه أصحابنا، فهو الآن لمّا بلغه كتم الخبر، وقلبه إلي ضدّه يريد أن يسكّن من معه لئلّا يمدّوا أيديهم عليه.
وهيهات واللّه! مالبّث عليّاً بالمدينة إلّا حينه، ولا أخرج محمّداً إلي هيهنا إلّا حينه، وقد هلك عليّ وهو هيهنا هالك لا محالة، ولكن تعالوا حتّي نذهب إليه، ونظهر له السرور بأمر عليّ ليكون أسكن لقلبه إلينا إلي أن نمضي فيه تدبيرنا، فحضروه، وهنّؤه علي سلامة عليّ من الورطة التي رامها أعداؤه.
ثمّ قالوا له: يا رسول اللّه! أخبرنا عن عليّ(عليه السلام) أهو أفضل أم ملائكة اللّه المقرّبون؟
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وهل شرّفت الملائكة إلّا بحبّها لمحمّد وعليّ، وقبولها لولايتهما، وأنّه لا أحد من محبّي عليّ [وقد] نظف قلبه من قذر الغشّ والدغل ونجاسات الذنوب إلّا كان أطهر وأفضل من الملائكة، وهل أمر اللّه الملائكة بالسجود لآدم إلّا لما كانوا قد وضعوه في نفوسهم أنّه لايصير في الدنيا خلق بعدهم إذا رفعوا عنها إلّا - وهم يعنون أنفسهم - أفضل منه في الدين فضلاً، وأعلم باللّه وبدينه علما.
فأراد اللّه أن يعرّفهم أنّهم قد أخطاؤا في ظنونهم واعتقاداتهم، فخلق آدم وعلّمه الأسماء كلّها، ثمّ عرضها عليهم، فعجزوا عن معرفتها، فأمر آدم(عليه السلام) أن ينبأهم بها، وعرّفهم فضله في العلم عليهم.
ثمّ أخرج من صلب آدم ذرّيته منهم الأنبياء والرسل، والخيار من عباد اللّه أفضلهم محمّد، ثمّ آل محمّد، ومن الخيار الفاضلين منهم أصحاب محمّد، وخيار أُمّة محمّد، وعرّف الملائكة بذلك أنّهم أفضل من الملائكة إذا احتملوا ماحملوه من الأثقال، وقاسوا ماهم فيه بعرض يعرض من أعوان الشياطين، ومجاهدة النقوس، واحتمال أذي ثقل العيال، والاجتهاد في طلب الحلال، ومعاناة مخاطرة الخوف من الأعداء - من لصوص مخوّفين، ومن سلاطين جورة قاهرين - وصعوبة في المسالك و[في ] المضائق والمخاوف والأجراع والجبال والتلاع ( الجَرَعة ... والجرعاء: الأرض ذات الحزونة تشاكل الرمل، وقيل: هي الرملة السهلة المستوية. لسان العرب: 46/8، (جرع). )
( التلعة: مجري الماء من أعلي الوادي إلي بطون الأرض، والجمع التلاع. المصدر: 36/12، (تلع). )
لتحصيل أقوات الأنفس والعيال من الطيب الحلال.
فعرّفهم اللّه عزّ وجلّ أنّ خيار المؤمنين يحتملون هذه البلايا، ويتخلّصون منها، ويحاربون الشياطين، ويهزمونهم، ويجاهدون أنفسهم بدفعها عن شهواتها، ويغلبونها مع ماركّب فيهم من شهوات الفحولة، وحبّ اللباس، والطعام، العزّ والرئاسة، والفخر، والخيلاء، ومقاساة العناء، والبلاء من إبليس -لعنه اللّه-، وعفاريته وخواطرهم وإغوائهم واستهوائهم، ودفع ما يكابدونه من ألم الصبر علي سماع الطعن من أعداء اللّه، وسماع الملاهي، والشتم لأولياء اللّه، ومع مإ؛قفع ثثثثثثثثثح 0 يقاسونه في أسفارهم لطلب أقواتهم، والهرب من أعداء دينهم، والطلب لمن يأملون معاملته من مخالفيهم في دينهم.
قال اللّه عزّ وجلّ: ياملائكتي! وأنتم من جميع ذلك بمعزل، لا شهوات الفحولة تزعجكم، ولا شهوة الطعام تحقركم، ولا خوف من أعداء دينكم ودنياكم ينخب في قلوبكم، ولا لإبليس في ملكوت سماواتي وأرضي شغل علي إغواء ملائكتي الذين قد عصمتهم منهم.
ياملائكتي! فمن أطاعني منهم، وسلم دينه من هذه الآفات والنكبات، فقداحتمل في جنب محبّتي ما لم تحتملوا، واكتسب من القربات [ إليّ ] مالم تكتسبوا، فلمّا عرّف اللّه ملائكته فضل خيار أُمّة محمّد وشيعة عليّ وخلفائه(عليهم السلام) واحتمالهم في جنب محبّة ربّهم ما لا تحتمله الملائكة، أبان بني آدم الخيار المتّقين بالفضل عليهم.
ثمّ قال: فلذلك فاسجدوا لآدم لما كان مشتملاً علي أنوار هذه الخلائق الأفضلين، ولم يكن سجودهم لآدم، إنّما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه للّه عزّوجلّ، وكان بذلك معظّماً له مبجّلاً، ولا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون اللّه، ويخضع له خضوعه للّه ويعظّمه - بالسجود له - كتعظيمه للّه.
ولو أمرت أحداً أن يسجد هكذا لغير اللّه لأمرت ضعفاء شيعتنا وسائر المكلّفين من شيعتنا أن يسجدوا لمن توسّط في علوم عليّ وصيّ رسول اللّه، ومحض وداد خير خلق اللّه عليّ بعد محمّد رسول اللّه، واحتمل المكاره، والبلايا في التصريح بإظهار حقوق اللّه، ولم ينكر عليّ حقّاً أرقبه عليه قد كان جهله أو أغفله.
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): عصي اللّه إبليس فهلك لما كان معصيته بالكبر علي آدم، وعصي اللّه آدم بأكل الشجرة، فسلم ولم يهلك لما لم يقارن بمعصيته التكبّر علي محمّد وآله الطيّبين.
وذلك أنّ اللّه تعالي قال له: يا آدم! عصاني فيك إبليس، وتكبّر عليك فهلك، ولو تواضع لك بأمري وعظّم عزّ جلالي لأفلح كلّ الفلاح كما أفلحت، وأنت عصيتني بأكل الشجرة و[عظّمتني ] بالتواضع لمحمّد وآل محمّد، فتفلح كلّ الفلاح، وتزول عنك وصمة الزلّة، فادعني بمحمّد وآله الطيّبين لذلك، فدعا بهم، فأفلح كلّ الفلاح لمّا تمسّك بعروتنا أهل البيت.
ثمّ إنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أمر بالرحيل في أوّل نصف الليل الأخير وأمر مناديه، فنادي: ألا لا يسبقنّ رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أحد إلي العقبة، ولا يطأها حتّي يجاوزها رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم).
ثمّ أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة، فينظر من يمرّ بها، ويخبر رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وكان رسول اللّه أمره أن يتشبّه بحجر.
فقال حذيفة: يا رسول اللّه! إنّي أتبّين الشرّ في وجوه رؤساء عسكرك، وإنّي أخاف إن قعدت في أصل الجبل وجاء منهم من أخاف أن يتقدّمك إلي هناك للتدبير عليك يحسّ بي ويكشف عنّي فيعرفني ويعرف موضعي من نصيحتك فيتّهمني ويخافني فيقتلني.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّك إذا بلغت أصل العقبة فاقصد أكبر صخرة هناك إلي جانب أصل العقبة، وقل لها: إنّ رسول اللّه يأمرك أن تنفرجي لي حتّي أدخل [في ] جوفك، ثمّ [ إنّه ] يأمرك أن تثقبي فيك ثقبة أبصر منها المارّين، ويدخل عليّ منها الروح لئلّا أكون من الهالكين، فإنّها تصير إلي ما تقول لها بإذن اللّه ربّ العالمين، فأدّي حذيفة الرسالة، ودخل جوف الصخرة، وجاء الأربعة والعشرون علي جمالهم، وبين أيديهم رجالتهم يقول بعضهم لبعض: من رأيتموه هيهنا كائناً من كان فاقتلوه لأن لا يخبروا محمّداً أنّهم قد رأونا هيهنا، فينكص محمّد ولايصعد هذه العقبة إلّا نهاراً، فيبطل تدبيرنا عليه، وسمعها حذيفة، واستقصوإ؛ك ق ع ثثثثثثثثثپ پ فلم يجدوا أحداً، وكان اللّه قد ستر حذيفة بالحجر عنهم، فتفرّقوا، فبعضهم صعد علي الجبل، وعدل عن الطريق المسلوك، وبعضهم وقف علي سفح الجبل عن يمين وشمال، وهم يقولون: الآن ترون حين محمّد كيف أغراه بأن يمنع الناس عن صعود العقبة حتّي يقطعها هو لنخلو به هيهنا، فنمضي فيه تدبيرنا وأصحابه عنه بمعزل.
وكلّ ذلك يوصله اللّه تعالي من قريب أو بعيد إلي أُذن حذيفة، ويعيه حذيفة، فلمّا تمكّن القوم علي الجبل حيث أرادوا كلّمت الصخرة حذيفة، وقالت [ له ]: انطلق الآن إلي رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) فأخبره بما رأيت وبما سمعت.
قال حذيفة: كيف أخرج عنك وإن رآني القوم قتلوني مخافة علي أنفسهم من نميمتي عليهم.
قالت الصخرة: إنّ الذي مكّنك من جوفي، وأوصل إليك الروح من الثقبة التي أحدثها فيّ، هو الذي يوصلك إلي نبيّ اللّه وينقذك من أعداء اللّه.
فنهض حذيفة ليخرج فانفرجت الصخرة [بقدرة اللّه تعالي ] فحوّله اللّه طائراً فطار في الهواء محلّقاً حتّي انقضّ بين يدي رسول اللّه، ثمّ أُعيد علي صورته، فأخبر رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) بما رأي وسمع.
فقال [ له ] رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): أوعرفتهم بوجوههم؟
قال: يا رسول اللّه! كانوا متلثّمين، وكنت أعرف أكثرهم بجمالهم، فلمّا فتّشوا المواضع فلم يجدوا أحداً أحدروا اللثام، فرأيت وجوههم وعرفتهم بأعيانهم وأسمائهم فلان وفلان وفلان حتّي عدّ أربعة وعشرين.
فقال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): يا حذيفة! إذا كان اللّه تعالي يثبت محمّداً لم يقدر هؤلاء ولا الخلق أجمعون أن يزيلوه، إنّ اللّه تعالي بالغ في محمّد أمره ولوكره الكافرون.
ثمّ قال: يا حذيفة! فانهض بنا أنت وسلمان وعمّار وتوكّلوا علي اللّه، فإذإ؛ك ق ع ثثثثثثثثثپ پ جزنا الثنيّة فأذنوا للناس أن يتبعونا.
( الثنيّة: الطريق في الجبل. المعجم الوسيط: 102، (ثني). )
فصعد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم)، وهو علي ناقته، وحذيفة وسلمان أحدهما آخذ بخطام ناقته يقودها، والآخر خلفها يسوقها، وعمّار إلي جانبها، والقوم علي جمالهم ورجالتهم منبثّون حوالي الثنيّة علي تلك العقبات، وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) وتقع به في المهوي الذي يهول الناظر إليه من بعده.
فلمّا قربت الدباب من ناقة رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أذن اللّه لها، فارتفعت ارتفاعاً عظيماً، فجاوزت ناقة رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) ، ثمّ سقطت في جانب المهوي، ولم يبق منها شي ء إلّا صار كذلك، وناقة رسول اللّه كأنّها لاتحسّ بشي ء من تلك القعقعات التي كانت للدباب.
( القعقعة: حكاية حركة لشي ء يسمع له صوت. لسان العرب: 286/8، (قعقع). )
ثمّ قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) لعمّار: اصعد [ إلي ] الجبل فاضرب بعصاك هذه وجوه رواحلهم فارم بها، ففعل ذلك عمّار، فنفرت بهم [رواحلهم ] وسقط بعضهم فانكسر عضده، ومنهم من انكسرت رجله، ومنهم من انكسر جنبه،واشتدّت لذلك أوجاعهم، فلمّا جبرت واندملت بقيت عليهم آثار الكسر إلي أن ماتوا.
ولذلك قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) في حذيفة وأمير المؤمنين(عليه السلام): إنّهما أعلم الناس بالمنافقين لقعوده في أصل الجبل، ومشاهدته من مرّ سابقاً لرسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): وكفي اللّه رسوله أمر من قصد له، وعاد رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم) إلي المدينة [سالماً]، فكسي اللّه الذلّ والعار من كان قعد عنه، وألبس اللّه الخزي من كان دبّر علي عليّ(عليه السلام)، دفع اللّه عنه(عليه السلام).
( الاحتجاج: 116/1، ح 31. عنه إثبات الهداة: 331/1، ح 313، و113/2، ح 474، و446، ح 149، قِطع منه، والجواهر السنيّة: 199، س 8، قطعة منه.
وعنه وعن التفسير، البحار: 136/11، ح 1، قطعة منه، و223/21، ح 6، أورده بتمامه وبتفاوت يسير، و338/26، ح 4، و304/57، ح 18، قطعتان منه، ووسائل الشيعة: 388/6، ح 8256، قطعة منه، ومقدّمة البرهان: 32، س 3، قطعة منه.
التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ 7: 380، ح 265. عنه مدينة المعاجز: 288/1، ح 182، قطعة منه، والبرهان: 81/1، ح 6، قطعة منه، و141/2 ح 6.
المناقب لابن شهرآشوب: 300/2، س 18، قطعة منه. عنه البحار: 34/42، س 15.
قطعة منه في (ما رواه عن الإمام عليّ 7)، وما رواه عن الحذيفة). )

71 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): ... وقال الإمام(عليه السلام): حدّثني أبي، عن جدّي، عن الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ(عليهم السلام)، عن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): إنّ اللّه اختارنا معاشر آل محمّد، واختار النبيّين، واختار الملائكة المقرّبين، ومااختارهم إلّا علي علم منه بهم أنّهم لايواقعون ما يخرجون به عن ولايته، وينقطعون به من عصمته، وينضمّون به إلي المستحقّين لعذابه ونقمته ....
( الاحتجاج: 513/2، ح 338.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 2، رقم 468. )

72 - أبو منصور الطبرسيّ(ره): ... أبي يعقوب وأبي الحسن أيضاً أنّهما قالا: حضرنا عند الحسن بن عليّ أبي القائم(عليهم السلام)، فقال: ...
قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم): الدالّ علي الخير كفاعله....
( الاحتجاج: 516/2، ح 339.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 674. )

73 - الإربليّ(ره): وروي ابن خالويه في كتاب الآل، قال: حدّثني أبوعبداللّه الحنبليّ، قال: [حدّثنا] محمّد بن أحمد بن قضاعة، قال: حدّثنا أبومعاذ عبدان بن محمّد، قال: حدّثني مولاي أبو محمّد الحسن بن عليّ، عن أبيه عليّ بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن موسي، عن أبيه موسي بن جعفر، عن بيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام) قال: قال رسول اللّه(صلي اللّه عليه و ال وسلم):
لمّا خلق اللّه آدم وحوّا تبخترا في الجنّة، فقال آدم لحوّا: ما خلق اللّه خلقاً هو أحسن منّا، فأوحي اللّه إلي جبرئيل: ائت بعبدي الفردوس الأعلي، فلمّا دخلا الفردوس نظرا إلي جارية علي درنوك من درانيك الجنّة، وعلي رأسها تاج ( الدرنوك بضمّ الدال أشهر من فتحها ونون مضمومة أيضاً: ستر له خَمَلٌ. مجمع البحرين: 265/5 (درنك). )
من نور، وفي أذنيها قرطان من نور، قد أشرقت الجنان من نور وجهها.
فقال آدم: حبيبي جبرئيل! من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنان من حسن وجهها؟
فقال: هذه فاطمة بنت محمّد نبيّ من ولدك يكون في آخر الزمان.
قال: فما هذا التاج الذي علي رأسها؟
قال: بعلها عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).
قال ابن خالويه: البعل في كلام العرب خمسة أشياء: الزوج، والصنم من قوله: (أَتَدْعُونَ بَعْلاً )، والبعل اسم أمرأة وبها سمّيت بعلبك، والبعل من النخل ما ( الصافّات: 125/37. )
شرب بعروقة من غير سقي، والبعل السماء، والعرب تقول: السماء بعل الأرض.
قال: فما القرطان اللذان في أذنيها؟
قال: ولداها الحسن والحسين.
قال آدم: حبيبي! أخلقوا قبلي؟
قال: هم موجودون في غامض علم اللّه قبل أن تخلق بأربعة آلاف سنة.
( كشف الغمّة: 456/1، س 8.
البحار: 5/25، ح 5، و52/43، س 1، عن كتاب الآل لابن خالويه.
مقتل الحسين 7 للخوارزميّ: 106 ح 37، بتفاوت في السند.
عنه إحقاق الحقّ: 259/9 س 5. )

74 - فخر الدين الطريحيّ(ره): نسخة توقيع ورد من الإمام أبي محمّد العسكريّ(عليه السلام) إلي عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ ...
[قال ]: إنّ النبيّ(صلي اللّه عليه و ال وسلم) أوصي عليّاً(عليه السلام)، فقال: يا عليّ! عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل...[و] قال [(صلي اللّه عليه و ال وسلم) ]: أفضل أعمال أُمّتي انتظار الفرج ....
( جامع المقال: 195، س 22.
تقدّم الحديث بتمامه في ج 3، رقم 769. )