الوهابية
فرقة للتفرقة بين المسلمين


دراسة تاريخية شاملة و مواثيق و مستندات
عن دورهم الخياني في هزائم الامة الاسلامية


حامد ابراهيم عبدالله
 

 

 

 

المقدمة

عزيزي القاريء: إن الذي بين يديك لمحة خاطفة من تاريخ الوهابيين و جذورهم و منظريهم و المؤسسين لها و جرائمهم بحقّ الامة الإسلامية من قتل و نهب  و هدم و استئصال و غارات على البلدان الإسلامية الامنة و اعتداء على الحرمين الشريفين و شن الهجوم و سلب الأمن و الأمان من المسلمين و في الأشهر الحرم و تواطئهم مع الاستعمار البريطاني لشقّ صفوف المسلمين و طعن الأمة الإسلامية من خلف و بالتالي ضرب الأمة الإسلامية و سحقها بأيادي و شعارات إسلامية و جدير أن يلقّبَ هذا التيار بالحزب الذي أسسّ علي التفرقة بين المسلمين .

 

المدخل

نظراً لاهتمام الوهابية و إمامهم ابن عبدالوهاب، بابن تيمية و إعتنائهم الفائق بشأنه؛ و للتأثير البالغ لكتبه في فكر ابن عبدالوهاب و آرائه، بل ان آرائه امتداد لتلك المزاعم[1]
و التكهنات. فلذا نري من الضروري، التعريف بابن تيمية اولاً. ثم ابن القيّم الجوزية، و بعد ذلك، البحث عن ابن عبدالوهاب و فتنة الوهابية.


ابن تيمية

نسبه و ولادته


هو احمد بن عبد الحليم بن عبدالسلام الحراني الحنبلي الدمشقي ولد عام (661 ﻫ) إحدي و ستين و ستمائة، خمس سنوات بعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد. ولد بحرّان مهد الصابئة، و كان فيها الي سبعة سنوات ثم فرّ عام 667هـ مع أُسرته الي دمشق نتيجة لهجوم التتار و استيلائهم علي البلاد. فبدأ يدرس الفقه الحنبلي و كان أبوه من شيوخ هذا المذهب.

مشايخه


درس الفقه و الأصول عند والده و سمع الحديث من الشيخ شمس‌الدين والشيخ زين‌الدين بن المنجا و المجد بن عساكر.
 

أول شذوذ في ابن تيمية


ورد إليه سؤال من حماة و فيه: ما قول السادة العلماء في آيات الصفات . كقوله :  (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)[2]
و قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) >[3]

و قوله(ص): «إنَّ قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن»[4]
،
و قوله : «يضع الجبار قدمه في النار»[5]

فأجاب بما هو نص في التجسيم ـ و سيوافيك في الأبحاث الآتية ـ فأحدث ضجة كبري ، و عُرف بالشذوذ و الانحراف. و كان ذالك عام 698ﻫ.

يقول ابن كثير : قام عليه جماعة من الفقهاء و أرادوا إحضاره إلى مجلس القاضي جلال الدين الحنفي، فلم يحضر فنودي في البلد في العقيدة التي كان قد سأله عنها أهل حماة ، المسماة بالحموية...[6]

و في عام 705ه‍ جري حوار بينه و بين شريحة من القضاة و بالتالي صدر القرار بنفيه الي مصر ... ثم عام 706ه‍ أحضر الأمير سيف‌الدين سلار نائب مصر، القضاة الثلاثة: الشافعي والمالكي والحنبلي، والفقهاء: الباجي و الجزري و النمواري و تكلموا بإِخراجه من الحبس والمنفي علي أن يرجع عن بعض عقائده. وبالتالي أفرج عنه و اختار هو الإقامة بمصر، و لكن عام 707 ادعى ابن عطاء عليه اشياء ري القاضي بدرالدين بن الجماعة: أن في آراءه قلة أدب بساحة النبي(ص) فتمّ الأمر بحبسه الي عام 708ه‍ ثم توجّه منفيآ الي الاسكندرية.

ثم صدر منه بعد ذلك فتاوي شاذة... فحبس .... و جعل في قلعة دمشق ... ثم منع من الكتابة و المطالعة. و أخرجوا ما كان عنده من الكتب ، و لم يتركوا عنده دواة و لا قلما ولا ورقا.[7]
و مات عام 728.

و قد يتضح  مما تلوناه عليك :

1. انه لم يكن رجلا موضوعياً يهمّه ما كان يعاني منه المسلمون في تلك الظروف العصيبة التي كانت  الدعوة الي الوحدة فيها أحوج ما يحتاج اليه الناس، فكان يبث بذور الفتنة و الخلاف بعد فترة و فترة و يشغل الحكومات و القضاة عن القيام بالواجب إلي نقل الشيخ من مكان الي مكان.

2 . ان آراءه كانت مخالفة لما هو المشهور، المجمع عليه بين العلماء و أن جماهير القضاة و الفقهاء كانت مخالفة لما كان يبرزها من الآراء.

3. ان الرجل كان معروفا بالقول بالتجسيم و التشبيه و الجهة...

4. انه كان يعارض فكرة الاستغاثة بالرسول الاكرم(ص) و كان يفتي بحرمة ذلك و يروّج حرمة زيارة قبور الانبياء و الصالحين.

موقف علماء عصره من ابن تيمية


1. صفي الدين الهندي الأرموي- المتوفي عام  715 ﻫ ـ و هو من كبار المذهب الأشعري و قد ناظر ابن تيمية في مجلس حوار بينهما و كان هذا الهندي طويل النفس في التقرير، اذا شرع في وجه يقرره لا يدع شيئا الا أشار اليه في التقرير، فلما شرع يقرر، أخذ ابن تيمية يعجّل عليه علي عادته ، و يخرج من  شيء الي شيء، فقال له الهندي:

ما أراك يابن تيمية إلاّ كالعصفور حيث أردت ان اقبضه  من مكان ، فرّ الي مكان آخر.

و حبس بعد ذلك ونودي عليه و علي أصحابه ، فعزلوا عن وظائفهم.[8]

2.
شهاب الدين الحلبي (733 ﻫ :)

فانّه الّف كتابا في نفي الجهة ردّا علي ابن تيمية و قال في المقدمة:

أما بعد فالذي دعا الي تصدير هذه النبذة، ما وقع في هذه المدّة، مما علقه بعضهم في اثبات الجهة، و اغترّ بها من لم يرسخ له في التعليم قدم . و لم يتعلق بأذيال المعرفة. ولا استبصر بنور الحكمة. فأحببت أن أذكر عقيدة أهل السنة و أهل الجماعة ثم أُبيّن فساد ما ذكره مع أنه لم يدّع دعوي إلا نقضها و لا أطّد قاعدة الا هدمها...[9]

3. قاضي‌القضاة كمال‌الدين الزملكاني :733ﻫ: و هو الامام العلامة المناظر – كما عن السبكي - صنف في الرد على ابن تيمية في مسألتي الطلاق و الزيارة.[10]

4. الحافظ شمس‌الدين الذهبي 748ﻫ: و قد نصحه برسالة منه: «الي كم ترى القذاة في عين أخيك و تنسى الجذع في عينيك؟ الي كم تمدح نفسك و شقاشقك و عباراتك، و تذم العلماء و تتبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي الرسول : لا تذكروا موتاكم الا بخير، فانهم قد أفضوا الي ما قدّموا.» بل أعرف أنك تقول لي لتنصر نفسك: انّما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شمّوا  رائحة... الاسلام، و لا عرفوا ما جاء به محمد(ص) و هو جهاد ، بلي و الله عرفوا خيراً كثيرا مما اذا عُمل به العبد فقد فاز. و جهلوا شيئاً كثيرا مما لا يعنيهم؛ و من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ، يا رجل! بالله عليك كفّ عنّا فإنّك محجاج عليم اللسان لا تقرُّ و لاتنام، و اياكم و الغلوطات في الدين ، كره نبيك المسائل و عابها و نهى عن كثرة السؤال و قال: إنَّ اخوف ما اخاف علي اُمتي  كل منافق عليم اللسان». و كثرة الكلام بغير زلل، تقسي القلب اذا كان في الحلال و الحرام . فكيف اذا كان في عبارات اليونسية الفلاسفة و تلك الكفريات التي تعمي القلوب و الله قد صرنا ضحكة في الوجود ، فإلي كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية؟ لنردَّ عليها بعقولنا

يا رجل! قد بلعت سموم الفلاسفة و تصنيفاتهم مرّات، و كثرة إستعمال السموم يدمن عليه الجسم ، و تكمن والله في البدن واشوقاه الي مجلس فيه تلاوة بتدبر و خشية بتذكر و صمت بتفكّر و اهاً لمجلس يذكر فيه الابرار. فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة بل عند ذكرالصالحين يذكرون بالازدراء و اللعنة، كان سيف الحجاج و لسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما.

.... يا خيبة من اتبعك فانه معرَّض للزندقة و الانحلال لا سيما اذا كان قليل العلم و الدين باطولـيّاً شهوانيا لكنّه ينفعك و يجاهد عنك بيده و لسانه و في الباطن عدّو لك بحاله و قلبه.

فهل معظم أتباعك الاّ قعيد مربوط خفيف العقل ؟ أو عامي كذاب بليد الذهن ، او غريب واجم ، قويّ المكر أو ناشف صالح عديم الفهم فان لم تصدّقني ففتّشهم و زنهم بالعدل،

يا مسلم اقدم حمار شهوتك لمدح نفسك الي كم تصادقها و تعادي الاخيار؟ الى كم تصادقها و تزدري الابرار؟ الى كم تعظّمها و تصغّر العباد؟ الي كم تخاللها و تمقت الزهاد؟ الى متي تمدح كلامك بكيفية لا تمدح و الله بها احاديث الصحيحين؟

يا ليت احاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف و الاهدار، او بالتأويل و الانكار. اما آن لك ان ترعوي؟ اما آن لك أن تتوب و تنيب؟ أما انت في عشر السبعين و قد قرب الرحيل؟ بلي والله ما اذكر أنك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت، فما أظنك تقبل علي قولي و لاتصغي الي وعظي بل  لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات . و تقطع لي أذناب الكلام ، و لا تزال تنتصر حتي اقول: البتة سكتُّ. فاذا كان هذا حالك عندي و انا الشفوق المحب الوادّ، فكيف حالك عند أعدائك؟ و أعدائك فيهم صلحاء و عقلاء و فضلاء. كما أن أولياءك فيهم فجرة و كذبة و جهلة و بطلة و عور و بقر. قد رضيت منك بأن تسبّني علانية ، و تنتفع بمقالتي سراً – فرحم الله امرءا أهدي اليَّ عيوبي....[11]

5. الحافظ عبد الكافي السبكي: 756 ﻫ: و هو احد من رد على ابن تيمية و الّف كتابا اسماه «شفاء السقام في زيارة خير الانام» و ربما سمّي بـ «شن الغارة على من أنكر السفر للزيارة».

قال عبد الكافي في شأن الوالد: قام حين خلط على ابن تيمية الامر و سوّل له قرينه الخوض في ضحضاح ذلك الجمر حين سدّ باب الوسيله و انكر شدّ الرحال لمجرد الزيارة و ما برح يولج و يسير حتى نصر صاحب ذلك الحمي الذي لا ينهك و قد كادت تذود عنه قسراً صدور الركائب و تجّر قهرا عنه القلوب بتلك الشبهة التي كادت شرارتها تعلق بحداد الاوهام. كيف يزار المسجد و يخفي صاحبه او يخفيه الابهام؟ و لو لاه عليه السلام لما عرف تفضيل ذلك المسجد و لو لاه لما قدّس الوالي، و لا اسس علي التقوي مسجد في ذلك النادي

و قال أيضاً في خطبة كتابه : الدرة المضيئة في الرد علي ابن تيمية: اما بعد فانه بعد ما احدث ابن تيمية ما احدث في اصول العقائد ، و نقض من دعائم الاسلام الاركان و المعاقد. بعد ان كان مستترا بتبعية الكتاب و السنة. مظهرا  انّه داع الي الحق ، هاد الي الجنة، فخرج عن الاتّباع الي الإبتداع و شذَّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الاجماع و قال بما يقتضي الجسمية و التركيب في الذات المقدسة و إن الافتقار الي الجزء ليس بمحال. و قال: بحلول الحوادث بذات الله تعالي....

و قال السبكي ايضا: إعلم ان هذه الرفقه -اي المزي و الذهبي و البرزالي- و كثيرا من اتباعهم أضرَّ بهم ابو العباس ابن تيمية اضرارا بينّا و حملّهم من عظائم الامور امراً ليس هيّناً و جرّهم الي ما كان التباعد عنه اولى بهم و اوقفهم في دكادك من نار....[12]


6. اليافعي:

قال في مرآة الجنان في ترجمة ابن تيمية : ... وله مسائل غريبة، مباينة لمذهب أهل السنة و من أقبحها نهيه عن زيارة النبي(ص).[13]

7. ابوبكر الحصني الدمشقي المتوفي عام 829ﻫ: يقول: فاعلم أني نظرت في كلام هذا الخبيث الذي في قلبه مرض الزيغ ، المتتبع ما تشابه من الكتاب و السنة ابتغاء الفتنة، و تبعه على ذلك خلق من العوام و غيرهم ممن اراد الله عزوجل إهلاكه فوجدت فيه ما لا اقدر علي النطق به و لا لي انامل تطاوعني علي رسمه و تسطيره لما فيه من تكذيب ربِّ العالمين. في تنزيهه لنفسه في كتابه المبين و كذا الازدراء بأصفيائه المنتجبين و خلفائهم الراشدين و أتباعهم الموفّقين، فعدلت عن ذلك الي ذكر ما ذكره الائمة المتقون، و ما اتفقوا عليه من تبعيده و إخراجه ببغضه من الدين.[14]

8. شهاب الدين ابن حجر  الهيثمي المتوفي عام  973ﻫـ قال في ترجمة ابن تيمية : ابن تيمية عبد خذله الله و اضله و اعماه و اصمه و اذلّه، بذلك صرّح الائمة الّذين بيّنوا فساد احواله و كذب اقواله ... والحاصل أنّه لايقام لكلامه وزن، بل يرمي في كل وعر و حزن و يعتقد فيه انه مبتدع، ضال، غال، عامله الله بعدله، و أجارنا من مثل طريقته و عقيدته و فعله.[15]

و قال: فان قلت: كيف تحكي الاجماع السابق علي مشروعية الزيارة والسفر اليها و ابن تيمية من متأخري الحنابلة منكر لمشروعية ذلك كله ، و أطال ابن تيمية في الاستدلال بذلك بما تمجّه الاسماع و تنفر منه الطباع ...

قلت : من هو ابن تيمية حتي ينظر اليه؟ او يعوّل في شيء من امور الدين عليه؟ و هل هو الا كما قال جماعة من الائمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة و حججه الكاسدة: حتي أظهروا عوار سقطاته و قبايح اوهامه و غلطاته كالعز من جماعة: عبد اذلّه الله و أغواه و البسه رداء الخزي و بوّأه من قوة الافتراء و الكذب ما اعقبه الهوان و اوجب له الحرمان..[16]

9 ـ ملا علي القاري الحنفي المتوفي: 1016ﻫـ قال في شرح الشفا: و قد افرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرّم السفر لزيارة النبي(ص) كما أفرط غيره حيث قال: كون الزيارة قربة معلوم من الدين بالضرورة. و جاحده محكوم عليه بالكفر و لعل الثاني أقرب الي الصواب، لأن تحريم ما أجمع العلماء فيه علي الاستحباب يكون كفرا لأنه فوق تحريم المباح المتفق عليه في هذا الباب.[17]

10. النبهاني : قال في شواهد الحق : فقد ثبت و تحقق و ظهر ظهور الشمس في رابعة النهار أنّ علماء المذاهب الاربعة قد اتفقوا علي ردّ بدع ابن تيمية، و منهم من  طعنوا بصحة نقله كما طعنوا بكمال عقله، فضلا عن شدّة تشنيعهم عليه في خطئه الفاحش في تلك المسائل التي شذّ بها في الدين و خالف بها اجماع المسلمين و لا سيما فيما يتعلق بسيد المرسلين.[18]

11. و قال ابن بطوطه : و كان في عقله شيء.[19]

12. قال الحافظ ابو الفضل الغماري : و ابن تيمية ... يسميه بعضهم شيخ الاسلام و هو ناصبي عدو لعلي ـ كرم الله وجهه ـ و اتهم فاطمة3 بأن فيها شعبة من النفاق و كان مع ذلك مشبّها الي بِدَع اخري كانت فيه. و من ثم عاقبه الله تعالى ... فكانت المبتدعة بعد عصره تلامذة كتبه و نتائج افكاره و ثمار غرسه.[20]

14. و قال ابن حجر العسقلاني : افترق الناس فيه- ابن تيمية- شيعاً  فمنهم من نسبه الي التجسيم لقوله : إن اليد و القدم و الساق و الوجه صفات حقيقية لله و انه مستوٍ على العرش ذاته. و منهم من ينسبه الي الزندقة لقوله : النبي لا يستغاث به و أن في ذلك تنقيصاً و منعاً من تعظيم النبي(ص).

و منهم من ينسبه الي النفاق لقوله في علي2 ما تقدم، أخطا في سبعة عشر شيئا ثم خالف فيها نص الكتاب... و لقوله  انما قاتل للرئاسة لا للديانة ... فانه شنّع في ذلك فألزموه بالنفاق لقوله : ولا يبغضك الا منافق.[21]

وقال ايضاً في تجاسره علي علي عليه السلام و تحامله عليه: كم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي ـ اي العلامة الحلي في منهاج الكرامة ـ أدّته إحياناً إلي تنقيص علي رضي الله عنه. [22]

هذا اجمال ما يتعلق بابن تيمية و اما تلميذه الذي كان السبب الوحيد لرواج اَفكاره و مزاعمه فلابد من الاشارة الى ترجمته...

 

 

 

      ابن القيم محمد بن ابي بكر الحنبلي751
 

و كان اسمه ابن زفيل الزرعي المعروف بابن القيّم و كان تلميذاً له  و قد تابعه في شواذه حياً و ميتا ًو يقلده فيها تقليداً اعمي في الحق و الباطل ... و ان كان يتظاهر بمظهر الاستدلال، لكن لم يكن استدلاله المصطنع سوى ترديد منه لتشغيب قدوته . دائباً علي اذاعة شواذ شيخه . طالبا تلطيف لهجة استاذه. لتنفق سلع استاذه علي الضعفاء و كان عمله كله التلبيس عن تلك الأهواء حتى افنى عمره بالدندنة حول مفردات شيخه .

قالوا فيه :

1. قال الذهبي عني بالحديث بمتونه و بعض رجاله و كان يشتغل في الفقه و قد حبس مدة لإنكاره على شد الرحال لزيارة قبر الخليل (ابراهيم)...[23]

2. و قال ابن حجر : في الدرر الكامنة : غلب عليه حب ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شيء من اقواله بل ينتصر له في جميع ذلك و هو الذي هذّب كتبه و نشر علمه ... و اعتقل مع ابن تيمية بعد ان أُهين و طيف به على جمل مضروباً بالدرة فلما مات أفرج عنه وامتحن مرة اخرى بسبب فتاوى ابن تيمية و كان ينال من علماء عصره و ينالون  منه.[24]

3. قال ابن كثير : كان يُقصد للافتاء بمسألة الطلاق، حتي جرت له بسببها اُمور يطول بسطها مع السبكي و غيره و كان جمّاعا للكتب فحصّل منها ما لايُحصر، حتى كان اولاده يبيعون منها بعد موته دهرا طويلا سوي ما اصطفوه منها لأنفسهم و كان معظمها من كلام شيخه....[25]
و لايزال يدندن حول مفرداته و ينصرها و يحتج لها.

4. قال ابن الحصني: «... و كان علي هذا الاعتقاد ـ حرمة شدّ الرحال للزيارة ـ تلميذه ابن قيّم الجوزية الزرعي، و اسماعيل بن كثير الشركويني، فاتفق أنّ ابن قيّم الجوزية سافر الي القدس الشريف، و رقي علي منبر في الحرم... و قال: ... و ها أنا راجع و لا أزور الخليل.

وجاء الي نابلس، و عمل له مجلس وعظ، و ذكر المسألة بعينها حتي قال: فلايزور قبر النبي(ص) فقام اليه الناس و ارادوا قتله: فحماه منهم والي نابلس، و كتب اهل القدس و اهل نابلس الي دمشق يعرّفون صورة ما وقع منه. فطلبه القاضي المالكي فتردد و صعد الي الصالحية، الي القاضي شمس‌الدين الحنبلي و أسلم علي يديه، فقبل توبته و حكم بإسلامه و حقن دمه، و لم‌يعزّره لأجل ابن تيمية... ثمّ احضر ابن قيّم و ادّعي عليه بما قاله في القدس الشريف و في نابلس فانكر. فقامت عليه البيّنة بما قاله: فأدّب و حمل علي جمل، ثمّ أعيد الي السجن، ثم أحضر الي مجلس شمس‌الدين المالكي، و ارادوا ضرب عنقه، فما كان جوابه الاّ أن قال: انّ القاضي الحنبلي حكم بحقن دمي و بإسلامي، و قبول توبتي، فأعيد الي الحبس الي أن اُحضر الحنبلي. فأخبر بما قاله: فاُحضرو عزّر و ضرب بالدرّة، و اركب حماراً و طيف به في البلد و ردّوه الي الحبس و جرّسوا ابن القيّم و ابن كثير، و طيف بهما في البلد، و علي باب الجوزية لفتواهم في مسألة الطلاق.[26]


نماذج من المزاعم

النموذج الاول:

المراد من النهي عن دعوة غير الله؟

إنّ الوهابية تبعاً لابن تيمية يتمسكون بالآيات من دون ان يتفكروا في مفادها و موردها فيعدون دعاء الصالحين و الاستغاثه بهم و الطلب منهم شركاً. بحجة انه سبحانه عدّ دعاء المشركين للاصنام و الاوثان شركاً.

 

1 . (وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً).[27]

2. ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْ‏ءٍ).[28]

3. (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ).[29]

4. (وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ).[30]

5. ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَ لا تَحْوِيلاً).[31]

6 . (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ)[32]

7 . (وَ لا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَ لا يَضُرُّكَ).[33]

8. (وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ).[34]

 

ترى الوهابيين و بكل وقاحة يطبّقون هذه الآيات علي المسلمين الموحدين الذين لايعتقدون في حق الانبياء و الصالحين سوي كونهم عبادا مقربين، تستجاب دعوتهم اذا دعوا و يقومون بحاجة المستنجد، بإذنه سبحانه.

فنقول في الجواب:

1. إنّ هذه الآيات تختص بالمشركين الذين كانوا يزعمون في اصنامهم أنّهم آلهة يملكون كشف الضر و التحويل و ينصرون بلا استئذان منه سبحانه . لأنهم يملكون هذا الجانب من الافعال الالهيه و اين هذا من عقيدة المسلم الموّحد في حق الانبياء الصالحين من أنهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما امرهم و هم بأمره يعملون.

2. المراد بالدعاء في هذه الايات ليس الدعوة المجردة وبمعني النداء بل المراد هو الدعاء الخاص المرادف للعبادة، فقد جمع الله تعالى بين الدعوة و العبادة في آية واحدة:

 (وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ).[35]
يقول الامام زين العابدينعليه السلام: فسمّيتَ دعائك عبادة، وتركه اِستكباراً و توعدّت على تركه دخول جهنم داخرين. [36]

و ما ورد في الحديث : الدعاء مخ العبادة [37]
،

فالمراد هو هذا القسم من الدعاء اي الدعاء المقرون بإُلوهية المدعو بنحو من الانحاء .

3.
انّ المراد من المنهي عنه في الآيات هو جعل المدعوّ في رتبة الله الخالق كما يعرب عنه قوله:  (
وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً).
[38]
و كان هذا هو اساس عبادة المشركين.

قال سبحانه: (وَ جَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ)[39]

(إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ )[40]
.

النموذج الثاني : مصلحة التفرقه بين المسلمين

يرى ابن تيمية تبعاً لما يدعي وجودهم من الفقهاء أن مصلحة التفرقة بين مذاهب الامة الاسلامية ترجح على مصلحة فعل المستحب. فلو دارالأمر بين فعل ما هو ثابت استحبابه و بين ان لا يتميز الشيعي من السني ولو بترك هذا المستحب، فترك المستحب اولي!!! كما قال:

و من هنا ذهب من ذهب من الفقهاء الى ترك بعض المستحبات اذا صارت شعارا لهم ـ اي للشيعة ـ فانه و إن لم‌يكن الترك واجبا لذلك و لكن في اظهار ذلك مشابهة لهم فلا يتميز السني من الرافضي، و مصلحة التميز عنهم لأجل هجرانهم و مخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب.[41]

اقرا العبارة مرة  ثانية  ثم فكّر : من هو التابع للسنة النبوية و من  العامل بها؟  هل ابن تيمية الذي يري ترك السنّة  الثابتة، ام أتباع مدرسة اهل البيت:، الذين يعملون بالسنة و يجعلون العمل بها شعاراً لهم كما يقوله ابن تيمية؟!

النموذج الثالث:

يرى ابن تيمية حرمة الاستغاثة  بقبر النبيِّ(ص) او اي صالح و يعتبره شركاً و يستحل بذلك دم المستغيث!

قال : من ياتي الي قبر نبي او صالح و يسأله  حاجته  و يستنجده  مثل ان يسأله ان يزيل مرضه  او يقضي دينه او نحو ذلك ممّا لايقدر عليه الا الله فهذا شرك صريح يجب ان‌يستتاب صاحبه فان تاب و الا قتل.[42]

كأن الرجل لم‌يطّلع علي سيرة  المسلمين منذ توفي الرسول الاكرم(ص) الي يومنا هذا. حيث أنهم كانوا يستغيثون بالقبر الشريف او انه كان مطّلعا علي سيرة  المسلمين و لكن آراءه خارجة  و شاذة  عن طريقة  المسلمين و سيرتهم.

1ـ هذا عثمان بن حنيف الصحابي يأمر رجلاً بالتوسل و الاستغاثة بقبر النبي(ص).[43]

2 ـ هذه عائشة تأمر اهل المدينة  بالاستغاثة  بقبر النبي لأجل الاستسقاء.[44]

3 ـ ها هم اهل المدينة عام 53ه‍ لاذوا بقبر النبي(ص) ثلاثة  أيام، صغيرهم و كبيرهم مستغيثين به لدفع شرّ زياد بن ابيه. [45]
فمات بعد هذه التوسلات والاستغاثة بالقبر الشريف.

4 ـ و قد استغاث رجل في عهد الخليفة  الثاني بقبر رسول الله(ص) [46]
بمري ومسمع من الصحابة بمن فيهم علي بن ابيطالب عليه السلام.

5 ـ و قد استغاث شيخ الحنابلة  ابو علي الخلال بقبر الامام الكاظم ببغداد. [47]

6 ـ و قد استغاث الشافعي – محمد بن ادريس- بقبر أبي حنيفة. >[48]

7 ـ و قد استغاث اهل سمرقند بقبر البخاري عام 460هـ و بكي الناس عند القبر، و تشفّعوا بصاحبه.[49]

8 ـ وهذا كتاب مصباح الظلام في المستغيثين بسيد الانام . للبلنسي المتوفي عام 634 ﻫ. طافح بأسماء و قصص ممن استغاث بقبر النبي(ص) من اكابر الصحابة  و التابعين و الفقهاء و المحدثين من السنة. امثال المنكدر الصحابي و الد محمد بن المنكدر و ابن المنكدر نفسه[50]
و الطبراني مولف المعجم الكبير [51]
و محب‌الدين الطبري كما استغاث السمهودي نفسه ايضا بالقبر الشريف فقضيت حاجته.

9 ـ و هذه فتاوى علماء الاسلام في استحباب الاستغاثة  بقبر النبي(ص) كالقيرواني المالكي المتوفي 737ﻫ.[52]
  و القسطلاني المتوفي 923ﻫ[53]
و المراغي المتوفي 816 ﻫ[54]
و الشيخ سلامه العزامي [55]
و العشرات من نظائرهم، و كأن ابن تيمية لم‌يطّلع على آرائهم، او إنه اطّلع على ارائهم و لكنه قد حكم عليهم بالارتداد و الشرك و اصدر فيهم حكم الاعدام!! و لاجل المزيد من التوضيح يراجع كتاب روافد الايمان الي عقائد الاسلام ص 64-91.

 

 

محمد بن عبد الوهاب
 

لقد اندرست افكار ابن تيمية بعد موته و موت ابن قيم لو لا أن محمد بن عبد الوهاب، اخذ يروّج له

موجز من ترجمته


 ولد عام 1111 أو 1115 ﻫ  و توفي 1207 و عمّر اكثر من تسعين سنة نشا في بلدة عيينة في نجد، و تلقي الدروس على علماء الحنابلة . ثم غادر بلده متوجها الي المدينة المنوّرة.

يقول أحمد أمين: سافر الى المدينة ثم أقام في البصرة  اربع سنين ثم في بغداد خمس سنين ثم سنة  في كردستان ثم سنتين في همدان، ثم اصفهان ثم  خرج الى الناس بدعوته  الجديدة.

قال علي عليه السلام: ما اضمر احد شيئاً الاّ ظهر في فلتات لسانة  و صفحات وجهه. [56]

و قد تفرس فيه العلماء : اضلاله؛ و ان والده كان يتفرس فيه الالحاد و يحذّر الناس منه و كذلك اخوه الشيخ سليمان حيث الّف كتابا في الرد على ما احدثه من البدع و العقائد  الزائغة  و اسماه «الصواعق الالهية  في الرد على الوهابية» و كان ابن عبد الوهاب مولعاً بمطالعة اخبار من ادعى النبوة كاذباً كمسيلمة الكذاب و سجاح و
 الاسود العنسي و طليحة
[57]
الاسدي و اضرابهم . كما صرح بذلك ميرزا ابو طالب الاصفهاني من معاصريه. [58]


دعواه النبوة و نزول الوحي عليه

1. 
روي الفقيه الشافعي، احمد زيني دحلان، أنَّ رجلاً قال لابن عبدالوهاب: هذا الذي جئتَ به متصل ام منفصل؟ فقال له: حتّي مشايخي و مشايخهم الي ستمائة سنة كلهم مشركون. فقال له الرجل: اذن، دينك منفصل لا متصل فعمّن أخذته؟ فقال: وحي إلهام كالخضر.» [59]

2. 
كتب في رسالته: وأنا أخبركم عن نفسي: والله الذي لا اله الاّ هو لقد طلبتُ العلمَ و إعتقدَ من عرفني أنَّ لي معرفة و أنا ذلك الوقت لا اعرف معني لا اله الا الله... و لا اعرف دين الاسلام! قبل هذا الخبر الذي منَّ الله به. و كذلك مشايخي ما منهم رجل عرف ذلك.» [60]


علماء الاسلام يكفّرون الوهابية

3. 
بعث محمد بن عبدالوهاب ـ ايام حكومة الشريف مسعود ـ ثلاثين مبلغاً الي مكة لأجل التبليغ و الاذن لأداء مناسك الحج. فجمع الشريف علماء‌ الحرمين و ناظروهم. فنظروا الي عقائدهم، فإذا هي مشتملة علي كثير من المكفرات فبعد أن أقاموا عليهم الحجة والبرهان، امر الشريف مسعود، قاضي الشّرع أن يكتب حجة بكفرهم الظاهر ليعلم به الاول و الآخر، و أمر بسجن اولئك الملاحدة الانذال و وضعهم في السلاسل و الاغلال فقبض منهم جماعة و سجنهم و فرّ الباقون.» [61]

4. 
وفي عام 1184 ـ امارة الشريف احمد: ارسل امير الدرعية جماعة من علمائهم فأمر العلماء أن يختبروهم فوجدوهم لايتدينون الابدين الزنادقة، فأبي أن يأذن لهم في الحج.» [62]


انتقال والده الى حريملة

ترك ابوه العيينة مغادراً لها ونزل بلده حريملة و بقي فيها الي ان توفي عام 1143ﻫ ولم‌يكن راضيا عن ابنه وطالما زجره و نهاه و لما توفي ابوه تجّرأ عليه اهل حريملة و همّوا بقتله فهرب الي العيينة و هي مسقط رأسه فتعاهد هو و  اميرها (عثمان بن معمر) علي ان يشدّ كلٌ ازر الاخر فيترك الامير للشيخ الحرية في اظهار الدعوة و العمل على نشرها و شرط ان يقوم محمد بن عبد الوهاب بشتّي الوسائل لسيطرة الأمير على نجد بكاملها. و كانت نجد آنذاك موزعّة الي ست او سبع امارات منها امارة العيينة ثم لأجل تقوية العلاقات وتوثيقها زوّج الامير اخته «جوهرة» من ابن عبدالوهاب و بهذا فقد سخّر الدين لأجل الدنيا و تسليط الامير وسيطرته على المنطقة.[63]


هدم القبر و الامر باخراج الشيخ

لم‌يطل عمرُ التحالف و ذلك حيث أمر بهدم قبر زيد بن الخطاب[64]
، فحدثت الفتن واشتدّ الاعتراض علي‌ابن عبدالوهاب جرّاء ذلك، فأمر سليمان الحميدي ـ صاحب الاحساء و القطيف ـ عثمان بن معمر بقتل الشيخ.

يقول صاحب تاريخ نجد : قرر عثمان أن يتخلص من ضيفه فطلب منه ان يختار المكان الذي يريد الذهاب اليه، فاختار الدرعية فأرسل عثمان معه رجلاً اسمه فريد، و كلّفه ان‌يقتل ابن عبدالوهاب في الطريق و لكن فريداً خذلته ارادته و ترك الشيخ و قفل راجعا دون ان يمسه بسوء.[65]

وعن السيد محمود شكري: انّه خرج الي الدرعية ـ سنة 1160 بالهجرة و هي بلاد مسيلمة الكذاب.[66]


الاتفاق بينه و بين ابن سعود

ورد الشيخ الدرعية عام 1160ﻫ و كان اميرها ابن سعود و تمّ الاتفاق بين الامير و الشيخ، على غرار ما كان بينه و بين عثمان في العيينة فقد وهب الشيخ نجد و عربانها لابن سعود. ووعده كثرة الغنائم الحربية التي تفوق ما يتقاضاه من الضرائب، بشرط أن يدع لابن عبدالوهاب الحرية الكاملة فيما يراه من وضع الخطط لنشر دعوته.

يقول الرواة: إنَّ الامير سعود بايع محمد بن عبد الوهاب على القتال في سبيل الله و معلوم انهما لم يفتحا بلدا غير مسلم في الشرق او في الغرب و انما كانا يغزوان و يحاربان المسلمين الذين لم يدخلوا في طاعة ابن سعود و لاجل ذلك قال الامير لابن عبد الوهاب: ابشر بالنصر لك و لما أمَرتَ به و الجهاد على من  خالف التوحيد لكن اريد ان اشترط عليك شرطين : اولاّ  اذا قمنا بنصرتك و فتح الله لنا و لك اخشى ان ترحل عنّا و تستبدل بنا غيرنا فعاهده الشيخ ان لا يفعل.

ثانيا : إنّي أتقاضى من اهل الدرعية مالا وقت الثمار. و اخاف ان تمنع ذلك فقال الشيخ : لعل الله يفتح الفتوحات فيعوضّك الله من الغنائم ما هو اعظم منها. [67]

 


قوة التحالف

 

فقد زوج محمد سعود ابنه عبدالعزيز من احدى بنات ابن عبد الوهاب. فقوي الترابط بينهما ولايزال هذا العهد و التعاهد مستمراً بين عائلة آل الشيخ و عائلة آل‌سعود.[68]


بدء الدعوة

بعد ان شعر ابن عبد الوهاب بقوته، جمع انصاره و اتباعه و حثهم علي الجهاد و كتب الي البلدان المجاورة المسلمة ان تَقْبلَ دعوته و تدخل في طاعته و كان يأخذ ممن يطيعه عُشر المواشي و النقود و العروض.

و من خالفه، غزاه بانصاره و قتل الانفس و نهب الاموال و سبي الذراري ، و كان شعاره: أُدخل في الوهابية و الافالقتل لك و الترمّل لنسائك و اليتم لأطفالك.[69]

هذا هو مبدا الوهابية الذي لم يتنازل عنه لأية مصلحة و من اجله تحالف مع ابن معمر في العيينة ثم مع ابن سعود في الدرعية... و من الأكيد أنّه كان على اتم استعداد ان يتحالف مع اي قوة يستعين بها للوصول الي نواياه و مآربه.

يقول عبدالله فيلبي في تاريخ نجد: «و قد ادخل ابن عبدالوهاب في عقول طلاّبه مبادي فريضة الجهاد المقدس! فوجد الكثير منهم في الجهاد أقدس تعاليمه اذ انه يتفق مع ما اعتاده عليه العرب» يريد أن العرب قد اعتادوا علي السلب و النهب. كما خصص الشيخ خُمس الأسلاب و الاموال السرقات و النهب لخزينته المركزية التي كان الامير و الامام يتقاضيان منها ما يقوم بأودها و هكذا كان سلطان الشيخ في تصرف شوؤن البلاد بعد مرور سنة او سنتين.


الوهابية و السيف

قد يتعجب القاريء عند ما يسمع أن الوهابية تحصنت بهذا الشعار فقد ارتفع صرح الامارة السعودية يوم انتشارها الي العصر الحاضر على هذا الاصل: فإن نجد آنذاك و يوم تعاهدها مع ابن عبدالوهاب كانت تعيش حياة البؤس والفقر. و لم‌يكن ابن سعود متمكناً حتى من تأمين الأغذية لأعزَّ تلاميذ ابن عبدالوهاب[70]
و بعد اولى الغزوات علي الجيران من المسلمين. وزعت الغنائم بالعدل طبقا لأحكام الوهابية: الخمس لابن سعود و الباقي للجند، ثلث للمشاة و ثلثان للخيّالة و كان المتمسك بالوهابية يكافأ مادياً فقد تحول الغزو؛ الى انتزاع اموال المشركين (بزعم ابن عبد الوهاب) !!  و دفعه الي المسلمين الوهابيين!!

العداء بين ابن عبد الوهاب و امير العيينة

خاف الامير عثمان من سطوة ابن سعود فزّوج ابنته من احدى ابنائه و لكن الحقد بين ابن عبدالوهاب و الامير لم‌ينته و ذلك لأجل أنه طرده من العيينة و لذا بعث اليه فاغتالوه و هو في مصّلاة.

فقد جاء في كتاب أصدره الوهابيون: ـ تحت عنوان تاريخ نجد وقد نقل فيه عن رسائل ابن عبدالوهاب ـ : إن عثمان بن معمر مشرك كافر، فلما تحقق اهل الاسلام من ذلك تعاهدوا على قتله، بعد انتهائه من صلاة الجمعة، و قتلوه و هو في مصلاّه في المسجد في رجب 1163ه‍.

و في اليوم الثالث من قتله جاء محمد بن عبدالوهاب الى العيينة و عيّن عليهم مشاري بن معمر و هو من اتباع محمد بن عبد الوهاب .


ثورة عيينة و تدميرها

فقد ثارت عيينة علي حكم السعوديين و ابن عبدالوهاب لكنّهم واجهوا حكماً ارهابياً حديدياً مؤطراً بأطار ديني و سلس الفتاوي من ابن عبدالوهاب. فهاجموهم و دمّروا البلد عن آخره فهدموا الجدران وردموا الابار و احرقوا الاشجار و اعتدوا على اعراضهم و بقروا بطون الحوامل من النساء و قطعوا أيدي الاطفال و احرقوهم بالنار و سرقوا المواشي و كل ما في البيوت وقتلوا الرجال عن بكرة ابيهم. وهذه عيينه ما زالت ركام و حطام منذ عام 1163ﻫ حتي يومنا هذا.

و الوهابية يبررون أعمالهم بما قاله ابن عبدالوهاب: إنّ الله سبحانه و تعالى قد صبّ غضبه علي العيينة و اهلها و افناهم تطهيرا لذنوبهم، و غضباً علي ما قاله حاكم العيينة؛ عثمان بن معمر، فقد قيل لحاكمها بأن الجراد أتت الي بلادنا و نخشي أن يأكل الجراد زراعتنا. فأجاب الحاكم ساخرا من الجراد: سنُخرج الي الجراد دجاجاً  فتأكله و بهذا غضب الله سبحانه لسخريّة الحاكم بالجراد و هو آيه من آيات الله لا يجوز السخرية منها!! و لهذا ارسل الله الجراد علي بلدة العيينة فأهلكها عن آخرها...[71]

حكم السيف: لقد قوّى إنتصار القبيلة السعودية علي حاكم العيينة عزيمتهم على توسيع نطاق حكومتهم مغبة امر محمد بن عبد الوهاب بالجهاد و حث أتباعه عليه. و اوّل جيش تمّ تأليفه له من  سبع ركائب و معلوم أن هذه الجيوش و الركائب لم تغزو بلاد الكفار و المشركين و لا الرومان؛ و أنما غزت بلاد المؤمنين. القائلين بـ «لا اله الله محمد رسول الله» و لما احسّ ابن عبدالوهاب بسلطة و سطوة، كتب الي اهل نجد ـ و هم المسلمون ـ . على الدخول في مذهب التوحيد فاَطاع بعضهم بينما امتنع آخرون. فامر اهل الدرعية بالقتال فاجابوه و قاتلوا معه اهل نجد و الاحساء مراراً؛ حتى دخل بعضهم في طاعته طوعا او كرها و صارت جميع اَمارة نجد لآل سعود بالقهر و الغلبة. [72]


سنة سيئة

إنّ الوهابية سنّت القتل و السفك المروع و ابن عبدالوهاب يهتف: لاعدل ولا سلم و لا رحمة ولا إنسانية  ولا حياة لا شيء، ابدا الاّ الوهابية او السيف. و محمد بن عبدالوهاب هو المسؤول عن هذه البدعة  و الحروب و الضحايا و قتل الالاف من المسلمين الابرياء. يكفينا قول اخيه الشيخ سليمان حيث قال لأخيه:

فانتم تكفّرون بأقل القيل و القال؛ بل تكفّرون بما تظنون انتم انه كفر بل تكفّرون بصريح الاسلام بل تكفّرون من توقف عن تكفير من كفرتموه.[73]

رجــوع السيــد محمد بن اسماعيل الصنعاني

المتوفى 1182ﻫ

إن السيد لما بلغه من احوال الشيخ النجدي: من الدعوة  الي التوحيد رحّب بالفكرة داعما لها بأبيات، فأنشا:

 

سلام علي نجـد و مـن حــلّ في نجد

                    وإن كان تسليمي علي البعد لايجدي

 

لكنه بعد التحقيق وجد أن الامر على عكس ما وصل اليه فانشأ:

رجعت عن القول الذي قلت في نجد

                  فقد صح لي عنه خلاف ا لذي عندي

 

فقد حكي عنه انه قال في شرح القصيدة المذكورة  المسماة بـ: «محو الحوبة في شرح ابيات التوبة» لما بلغت قصيدتي الاولي نجداً التي مدحت فيها الحركة الوهابية جاء الينا بعد اعوام رجل كان يعرِّف نفسه بالشيخ مربد بن احمد التميمي و ذلك في صفر 1170 و حمل بعض كتب ابن تيمية و ابن القيم بخّطه، ثم عاد الي وطنه في شوال تلك السنة و كان هذا من تلاميذ ابن عبدالوهاب الذي وجهنا اليه القصيدة  و قد قدم الينا قبله الشيخ الفاضل عبدالرحمن النجدي. و وصف لنا من حال ابن عبدالوهاب اشياء انكرناها عليه من سفك الدماء و نهب الاموال و التجرّي علي قتل النفوس و لو بالاغتيال و تكفيره الأمة المحمدية في جميع الاقطار فبقي فينا تردّد فيما نقله ذلك الشيخ حتي قدم الينا الشيخ مربد و له نباهة و معه بعض رسائل ابن عبد الوهاب التي جمعها في وجه تكفير اهل الايمان و قتلهم و نهبهم و حقق  لنا احواله، فعرفنا احوال رجل عرف في الشريعة  شطرا و لم‌يمعن النظر و لا قرأ على من يهديه نهج‌ الهداية و يدلّه علي العلوم النافعة  و يفقهه  بل طالع بعض مولفات ابن تيمية و تلميذه  ابن القيم. و قلّدهما من غير اتقان مع انهما يحرمان التقليد.[74]

يقول السيد الامين العاملي: و هذا يدلّ على انّه ـ السيد الصنعاني ـ رجع عن مغالاتة  في التوّهب، لعل رجوعه كان بعد تاليفه رسالة «تطهير الاعتقاد عن اردان الالحاد» فان تلك الرسالة  لا تقصر عن كتب ابن عبدالوهاب في المغالاة.[75]


موقف اخيه منه

يقول الشيخ سليمان بن عبد الوهاب: في الصواعق الالهية: فان اليوم ابتلي الناس بمن ينتسب الي الكتاب و السنة  و يستنبط من علومهما و لا يبالي من خالفه  و اذا طلبت منه اَن يعرض كلامه على اهل العلم لم‌يفعل بل يوجب علي الناس الاخذ بقوله او بمفهومه، و من خالفه فهو عنده كافر هذا و هو لم‌تكن فيه خصلة واحدة من فعال اهل الاجتهاد و لا والله و لا والله عشر واحدة، ومع هذا فراج كلامه علي كثير من الجهّال فانّا لله وانّا اليه راجعون؛ الامة  تصيح بلسان واحد و مع هذا لا يرد لهم في كلمة بل كلّهم كفار وجهال!! اللهم اَهدِ هذا الضال ورده الي الحق.[76]

ويقول أيضاً: ان هذه الامور التي يكفّر بها محمد بن عبدالوهاب حدثت من قبل زمان الامام احمد في زمن ائمة الاسلام، حتي ملأت بلاد الاسلام كلها ولم يُرَو عن احد من ائمة المسلمين انهم كفّروا بذلك ولا قالوا هؤلاء مرتدون؛ و لا امروا بجهادهم ولا سمّوا بلاد المسلمين بلاد الشرك و الحرب كما قلتم انتم، بل كفّرتم من لم‌يكفر بهذه الأفاعيل و ان لم‌يفعلها، و تمضي قرون علي الائمة من ثمانمئة عام و مع هذا لم‌يرو عن عالم من علماء المسلمين أنّه كفّر بل ما يظن هذا عاقل بل و الله لازم قولكم اَن جميع الامة بعد زمان احمد، علماؤها و امراؤها و عامتها كلّهم كفار مرتدون. فانا لله وانّا اليه راجعون، واغوثاه الى الله ثم واغوثاه أن تقولوا كما يقول بعض عامتكم: أن الحجة ما قامت الاّ بكم و الا فمن كان  قبلكم لم‌يعرف دين الاسلام.

افكاره و بعض آرائه

1 ـ قال زيني دحلان: خطب ابن عبدالوهاب يوم‌الجمعة في مسجد الدرعية و قال: من توسّل بالنبي فقد كفر و كان أخوه الشيخ سليمان ينكر عليه إنكاراً شديداً فقال لأخيه يوما: كم اركان الاسلام يا محمد؟ فقال خمسة، فقال انت جعلتها ستة: السادس : من لم‌يتبعك فليس بمسلم. هذا عندك ركن سادس للاسلام!!

2 ـ و قال رجل آخر : كم يعتق الله كل ليلة في  شهر رمضان؟  فقال له : يعتق في كل ليلة مائة الف، و في آخر ليلة: يعتق مثل ما اعتق في الشهر كلّه فقال له: لم‌يبلغ من اتبعك عشر ما ذكرت. فمن هؤلاء المسلمون الذين يعتقهم الله تعالى و قد حصرت المسلمين فيك و في من اتبعك؟ فبهت الذي كفر.[77]

3 ـ يقول جميل صدقي: كان محمد بن عبدالوهاب يسمي جماعته من اهل بلده بالانصار و كان يسمي متابعيه من الخارج بالمهاجرين، و كان يأمر من حجَّ حجةالاسلام قبل اتبّاعه أن يحج ثانيا قائلا: اِن حجّتك الاولي غيرُ مقبولة لأنّك حججتها و انت مشرك، و يقول لمن اراد ان يدخل في دينه: اشهد على نفسك انك كنت كافرا، و اشهد علي والديك انهما ماتا كافرين، و اشهد على فلان و فلان. «و يسمي جماعة من اكابر العلماء الماضين» انّهم كانوا كفاراً فان شهد بذلك قَِبِلَه، و كان يصرح بتكفير الامة منذ ستمائة سنة و يكفّر كل من لايتبعه و ان كان من اَتقي المسلمين و يسميهم مشركين، و يستحل دماءهم و اموالهم و يثبت الايمان لمن اتّبعه.

4 ـ و كان يكره الصلاة علي النبي(ص) بعد الاذان و ينهى عن ذكرها ليلة الجمعة و عن الجهر بها علي المنابر، ويعاقب من يفعل ذلك عقابا شديدا حتى انه قتل رجلا اعمي مؤذّناً لم ينته عن الصلاة علي النبي(ص) بعد الاذان و يلبس على اتباعه أنَّ ذلك كلّه محافظة على التوحيد و قد احرق كثيرا من كتب الصلاة علي النبي(ص) مثل: دلائل الخيرات و غيرها و كذلك احرق كثيرا من كتب الفقه و التفسير والحديث مما هو مخالف لاباطيله.[78]

5 ـ قال زيني دحلان: ان الوهابيين ارسلوا في دولة الشريف مسعود بن سعيد ت 1165ﻫ ثلاثين نفرا من علمائهم فامر الشريف ان يناظرهم علماءُ الحرمين فناظروهم فوجدوا عقائدهم فاسدة، و كتب قاضي الشرع حجة بكفرهم فأمر بسجنهم فسجن بعضهم و فَّر الباقون.

6 ـ ثم في دوله الشريف احمد المتوفي عام 1195ﻫ ارسل امير الدرعية بعض علمائه فناظرهم علماء مكه و اثبتوا كفرهم فلم يأذن لهم بالحج.[79]

7ـ لما منع الناس من زيارة النبي(ص) خرج ناس من الاحساء وزاروا النبي(ص) و بلغه خبرهم فلما رجعوا مروا عليه بالدرعية فأمر بحلق لحاهم ثم اركبهم مقلوبين من الدرعيةالى الاحساء.[80]

8 ـ و بلغه مرّة اَن جماعة قصدوا الزيارة و الحج و عبروا اعلى الدرعيّة فسمعه بعضهم يقول لتابعيه خلّوا المشركين يسيرون طريق المدينة، و المسلمون ـ اي اتباع الوهابية ـ يخلفون معنا.

عقيدته في المسلمين

 يرى  ابن عبدالوهاب ـ كما في رسالته ـ كُفر جميع المسلمين الا من كان علي شاكلته، و اليك خلاصة رسالته:

1 ـ  ان الكفار الذين قاتلهم رسول الله مقرُّون بان «الله» هو الخالق الرازق المدبّر و لم‌يدخلهم ذلك في الاسلام لقوله تعالي:

(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الأَْرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَ الأَْبْصارَ وَ مَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ مَنْ يُدَبِّرُ الأَْمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ) [81]

 

2 ـ انّهم يقولون : ما دعونا الاصنام و ما توجهنا اليهم الا لطلب القرب و الشفاعة : (الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى).[82]

3 ـ انّه(ص) ظهر على قوم متفرقين في عبادتهم فبعضهم يعبد الملائكة و بعضهم الانبياء والصالحين و بعضهم الاشجار و الاحجار و بعضهم الشمس و القمر فقاتلهم و لم يفرق بينهم.

4 ـ انّ مشركي زماننا أغلظ شركاً من الاولين، لأنّ اولئك يشركون في الرخاء و يخلصون في الشدة و هؤلاء شركهم في الحالتين لقوله تعالي:

(فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ). [83]

ويقصد بذلك المسلمين عامة لانّهم يتوسلون بالنبي في شدتهم و رخائهم و لذلك صاروا عنده أغلظ من مشركي عهد الرسالة.

و يرد عليه: فرق بين المسلمين و عبدة الاوثان فانّ المسلمين يعبدون الله وحده و لا يتوجّهون الي النبي(ص) الا بقصد ان‌يدعو لهم عند الله و يشفع لهم عنده و أين هذا من عبدة الطاغوت الذين كانو يعبدون الاصنام ولايعبدون الله و هذه المغالطة تكررت في كلماته و رسائله ايضاً، حيث قال: ارسله الله الي اناس يتعبدون و يتصدقون و يذكرون الله كثيرا و لكنهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط  بينهم و بين الله، يقولون نريد منهم التقرب الي الله و نريد شفاعتهم عنده. مثل الملائكة و عيسي بن مريم و أناس غيرهم من الصالحين.[84]

اقول: انّ المغالطة واضحة فقد ركز ابن عبدالوهاب علي التوسيط مع انهم عبدوهم اوّلاً و اتخذوهم وسائط ثانيا فالممنوع هو عبادة الغير لا توسيطه فالشيخ يركز علي مجرد الوساطة التي ليست ملاكا لشركهم و يترك ما هو الملاك لكفرهم، يعني عبادتهم، و عمل المسلمين علي اتخاذ الوسيلة لا على عبادتها .

شعار الوهابية تكفير المسلمين

من الواضح لدي كل من تأمل في مؤلفات الوهابية انّهم كفروا المسلمين قاطبة و اباحوا دمائهم و اموالهم.

يشهد على ذلك ما كتبه الآلوسي «صاحب كتاب تاريخ نجد» الذي  كانت له علاقات وثيقة[85]
و صداقةَ مع السعوديين يقول بعد التطرق لسعود بن عبدالعزيز: «إنه قاد الجيوش و اذعنت له صناديد العرب و رؤساؤهم؛ بيد أنّه منع الناس عن الحج، و خرج على السلطان و غالى في تكفير من خالفهم، و شدّد في بعض الاحكام . و حمل اكثر الامور علي ظواهرها كما غالى الناس في قدحه والانصاف الطريق الوسطى لا التشديد الذي ذهب اليه علماء نجد من تسمية غاراتهم على المسلمين بالجهاد في سبيل الله و منعهم الحج. و لا التساهل الذي عليه عامة اهل العراق و الشامات و غيرهما.

اقول : نعم، لكنهم في الفترة الاخيرة تراجعوا عن تكفير المسلمين علانية و لا ترى هذه التهمة في صفحات إعلامهم ومنشوراتهم الا بالنسبة الي اتباع مذهب اهل البيت من المسلمين الشيعة. ثم اين الانصاف الذي يدعو اليه الآلوسي؟ كانّه نسي المجازر و المذابح في كربلاء و ضواحي النجف... و سيأتي الاشارة الي تلك الفضائح.

سرّ تغلّب ابن عبد الوهاب

مع انَّ ابن عبدالوهاب امتداد لمزاعم ابن تيمية و لكنه نجح دونه، و ان تبع ابنَ تيمية بعضُ النّاس من العوام و الجهلة ولكن لا عن علم، لكن الحكم عليه بالسجن والنفي صار سببا لاستمالة قلوب البعض والدعاية له. والدليل على ذلك تبرك الناس بجنازته مع أن هذا هو الشرك عنده.[86]

و السبب في نجاحه دون ابن تيمية هو: أن ابن تيمية عرض فكرته بين الاواسط العلمية فاخمدوا ضوضائها بالبراهين و لكن ابن عبدالوهاب فقد عرضها في اواسط مليئة بالامية و الجهل بمباديء الاسلام والغالب عليها البداوة و كانوا اعراباً. اضافة الى مناصرة آل سعود و دعمهم الفاعل.

يقول الرهاوي: لما راى ابن عبد الوهاب ان قاطبة بلاد نجد بعيدون عن عالم الحضارة و لم‌يزالوا على البساطة و السذاجة في الفطرة و قد ساد عليهم الجهل حتى لم‌تبق للعلوم العقلية عندهم مكان و لا رواج. وجد هنالك من قلوبهم ما هو صالح لان تزرع فيه بذور الفساد؛ مما كانت نفسه تنزع اليه و تمنيّه به من قديم الزمان،  و هو الحصول علي رئاسة عظيمة ينالها باسم الدين فلم يجد للحصول علي اُمنيّته طريقاً بين اولئك إلاّ ان يدّعى انّه مجدّد في الدين مجتهد في احكامه فحمله هذا الامر علي تكفير جميع طوائف المسلمين و جعلهم مشركين بل اسوأ حالا و أشد كفراً و ضلالا.[87]
فعمد الى الايات القرآنية النازلة في المشركين فجعلها عامة شاملة لجميع المسلمين الذين يزورون قبر نبيهم(ص) و يستشفعون الي ربهم.[88]

الرادون عليه

الّف الكثير من العلماء السنة كتباً في ردّ ضلالاته و في طليعتها كتاب الصواعق الالهية في الرد علي الوهابية لأخيه سليمان بن عبدالوهاب و فيما يلي بعض ذلك:

1 ـ مقدمة شيخ محمد بن سليمان الكردي الشافعي: تقريضا ًعلي رسالة سليمان بن عبد الوهاب و فيها : إشارة الي ضلاله و مروقه عن الدين كما نقل ذلك عن شيخه الآخر: محمد حياة السندي ، و والده عبدالوهاب.

2 ـ تجريد سيف الجهاد لمدعي الاجتهاد ، لشيخه عبدالله بن عبد اللطيف الشافعي.

3 ـ «الصواعق و الرعود»، عفيف الدين عبدالله الحنبلي

قال العلامة علوي بن احمد الحداد، كتبتْ عليه تقاريظ ائمة من علماء البصرة و بغداد و حلب و الاحساء و غيرهم و لخّصه محمد بن بشير قاضي رأس الخيمة بعجمان.

4 ـ «تهكّم المقلدين بمن ادعى تجديد الدين» محمد بن عبد الرحمن ابن عفالق الحنبلي و قد ترصّد فيه لكل مسالة من المسائل التي ابتدعها وردَّ عليها بأبلغ رد...

5 ـ رسالة احمد بن علي القباني، فانه عقد فصولها كافة للرد علي معتقداته و تزييف اباطيله.

6 ـ الصارم الهندي في عنق النجدي للشيخ عطاء المكي.

7 ـ رسالة شيخ عبدالله بن عيسي المويسي.

8 ـ رسالة للشيخ احمد المصري الاحسائي.

9 ـ السيوف الصقال في اعناق من انكر على الاولياء بعد الانتقال. لأحد علماء بيت المقدس.

10 ـ السيف الباتر لعنق المنكر علي الاكابر للسيد علوي بن احمد.

11 ـ تحريض الاغبياء علي الاستغاثة بالانبياء و الاولياء عبد الله بن ابراهيم مير غني.

12 ـ الانتصار للاولياء الابرار للعلامة طاهر سنبل الحنفي.

13 ـ مصباح الانام و جلاء الظلام في ردِّ شبه البدعي النجدي التي اضلَّ بها العوام . السيد علوي بن الحداد.

14 ـ قصيدة للشيخ غلبون الليبي:

 

سلامي علي اهل الاصابة و الرشد

و ليس علي نجد و من حلَّ في نجد

 

15 ـ الدرر السنية في الردّ علي الوهابية. لمفتي مكه احمد زيني دحلان.

16 ـ شواهد الحق في التوسل بسيد الخلق للشيخ يوسف النبهاني .

17 ـ اظهار العقوق ممن منع التوسل بالنبي و الولي الصدوق للشيخ      المشرفي المالكي

18 ـ رسالة في جواز التوسل، للشيخ مهدي الوازناني مفتي فاس.

19 ـ جلال الحق في كشف احوال اشرار الخلق للشيخ ابراهيم القادري

20 ـ النقول الشرعيّة في الرد علي الوهابية للشيخ حسن الحنبلي.

21 ـ المقالات الوفية في الرد علي الوهابية للشيخ حسن قزبك

22 ـ الاقوال المرضية في الرد علي الوهابية للشيخ عطاء الكسم الدمشقي.

     و هي اربعون كتابا تقريبا ... و كلها من اهل السنة و نكتفي بهذا العدد من الردود.

 

اما من الامامية :

 

1 ـ منهج الرشاد لمن اراد السداد للشيخ جعفر كاشف الغطاء [89]

2 ـ الآيات البينات في قمع البدع و الضلالات. محمدحسين كاشف الغطاء، المتوفي عام 1373هـ ق.

3 ـ الآيات الجلية في رد شبهات الوهابية للشيخ مرتضى كاشف الغطاء المتوفي 1349هـ

4 ـ ازاحة الوسوسة عن تقبيل الاعتاب المقدسة للشيخ عبدالله المامقاني ت 1351هـ.

5 ـ البراهين الجلية في دفع شبة الوهابية. للسيد محمدحسن القزويني.

6ـ دعوى الهدى الى الورع في الافعال و الفتوى. للشيخ جواد البلاغي

7 ـ الرد علي الوهابية محمد علي الغروي الاردوبادي.

8 ـ الرد علي الوهابية للسيد حسن الصدر.

9 ـ كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب للسيد محسن الامين العاملي

10 ـ المواسم و المراسم: للسيد جعفر مرتضي العاملي

11 ـ هذه هي الوهابية للشيخ محمدجواد مغنية

12 ـ التبرك  للشيخ علي الاحمدي

13 ـ مع الوهابيين في خططهم و عقائدهم للشيخ جعفر السبحاني

14 ـ الوهابية في الميزان للشيخ جعفر السبحاني

15 ـ روافد الايمان الي عقائد الاسلام للطبسي

تاريخ الامارة السعودية

عرفت سابقا ان آل سعود و على رأسهم محمد بن سعود كانوا هم الحماة لابن عبدالوهاب و ذلك نتيجة للاتفاقية بينه و بين السعوديين و هي باقية الي يومنا هذا.

و لكن سر توسيع نطاق دعوة الوهابيين يتوقف على دراسة حياة قبيلة آل سعود و كيفية تعاملهم مع الناس من اراقة الدماء و سل السيوف و التدمير و الحرق مما يدل على انّها ليست حركة دينية بل قبلية همجية محضة ولكنها تحت غطاء ديني و شعار رفض الشرك.


 

 

الفترات الثلاث

قسّم المؤرخون تاريخ السعوديين الي فترات ثلاث:

1 ـ الاولى : من عام 1137 الي 1233ﻫ ق.

2 ـ الثانية: من عام 1240 الي 1309هـ ق.

3 ـ الثالثة : من عام 1319 الي عصرنا.

الفترة الاولى

1 ـ و هي تبدأ من محمد بن سعود حليف ابن عبد الوهاب و قد حصل بينه و بين امير العيينة صدام فخشي من سلطة آل سعود فعقد حلفاً مع ثرمدة و ابن سويط شيخ الظفير و لكنه باء بالفشل واغتيل بأمر من ابن عبدالوهاب و انتهى دور آل‌معمر و انضمّت عيينة الي الحكم القبلي السعودي.[90]

 يقول زيني دحلان : كان ابتداء ظهور امره «ابن‌عبدالوهاب» في الشرق عام 1143ﻫ ق و اشتهر امره بعد الخمسين و الف و مئة بنجد و قراها فتبعه و قام بنصرته امير الدرعية محمد بن سعود و جعل ذلك وسيلة الى اتساع ملكه و نفاذ امره فحمل اهل الدرعية على متابعة محمد بن عبد الوهاب فيما يقول؛ فتبعه اهل الدرعيةو ما حولها . و ما زال يطيعه على ذلك كثير من احياء العرب ، حي بعد حي و قبيلة بعد قبيلة حتى قوي امرُه فخافته البادية، فكان يقول لهم انما ادعوكم الي التوحيد و ترك الشرك بالله و يزيّن لهم القول : و هم بوادٍٍ في غاية الجهل لايعرفون شيئا من اُمُور الدين فاستحسنوا ما جاء هم به و كان يقول لهم: اني ادعوكم الى الدين و جميع من هو تحت السبع الطباق مشرك على الاطلاق!! و من قتل مشركا فله الجنة فتابعوه و صارت نفوسهم بهذا القول مطمئنة و كان محمد بن عبد الوهاب بينهم كالنبي- نعوذ بالله- في امته، لايتركون شيئا مما يقول، و اذا قتلوا انسانا اَخذوا ماله و اعطوا الامير محمد بن سعود الخُمس و إقتسموا الباقي و كانوا يمشون معه حيثما مشى و يأتمرون له بما شاء ، و الامير محمد بن سعود ينَفّذ كل ما يقول حتى إتسع له المُلك .

البعثة الوهابية الى مكة

بعث ابن سعود ثلاثين عالما تحت عنوان الحج. و كان الهدف الدعوة الي الوهابية و قد كان اهل الحرمين سمعوا بالدعوة في نجد و افسادهم اهل البوادي و لكن لم يعرفوا حقيقتهم فلما وصل هولاء الي مكة... طلب امير مكه منهم المناظرة و فوجئوا بعقائد شاذة فأقاموا عليهم البرهان. فألقي القبض علي بعضهم و فرّ الباقون. و قد اشرنا الي هذه القصة فراجع.

هزيمة ابن سعود و  ابن عبدالوهاب من نجران 

كان حاكم الرياض دهام بن دواس من ألدّ اعداء الوهابية و استمرت الحروب بين الرياض و الدرعية سبعة و عشرين عاما و قتل فيها ولدا ابن سعود ـ فيصل و سعود ـ في هذه المعارك.

و في عام 1178ه‍، اتفق ابناء «يام» من اهالي نجران و قبيلتي العجمان و بني‌خالد و تحالفوا علي سحق هذه الحركة الضالة واجتثاثها من جذورها فاتفقوا علي ان‌يسير بنو يام من نجران بقيادة السيد حسن بن هبة‌الله و أن يسير بنوخالد و العجمان من الاحساء بقيادة حاكمها انذاك باسم الخالدي، و تواعد الجميع علي الزحف على الدرعية فصارت جموع من نجران و الاحساء و لكن قائد نجران قد وصل الي ضواحي الدرعية قبل وصول حلفائه و تمكنوا من سحق الجند السعودي و اختفى ابن سعود و كاد أن ينتهي دور التيار الوهابي علي يد ابطال نجران و لكن ابن عبدالوهاب التجأ الى المكرو الخداع . و رفع راية الصلح بشرط ان يقف اهالي نجران عند حدّهم و يمتنعوا من دخول «الدرعية» وأن يسلّموا الاسرى و يتعهد ابن عبد الوهاب و ابن سعود بدفع عشرة آلاف جنيه ذهب كتعويض لأهالي نجران عن رحلتهم هذه خسارة الحرب و ان لا يتعدى التيار الوهابي حدود الدرعية.

و لما وصلت قوات الخالدي، المسلّحه بالمدافع و معهم الكثيرون من اهالي النجد فوجئوا بهذا الصلح فاحترموه ثم بعد هذا الصلح مرض ابن سعود من جرّاء الغم و الهم و مات عام 1179.

2- عبد العزيز بن محمد بن سعود 1179 ـ 1218هـ

انتخب عبدالعزيز باشارة من ابن عبدالوهاب و كان صهره و كانت سيرته كسيرة ابيه مليئة بالجرائم من الدمار و القتل و سفك الدم.