نقد كتاب أُصول مذهب الشيعة

لمؤلفه الدكتور السلفي ناصر بن عبد الله القفاري

 

منهج تأسيسي في الإجابة

عن الشبهات المثارة ضدّ المذهب الشيعي

 

 

الجزء الثالث

أ. د. السيّد محمّد الحسيني القزويني

الاُستاذ في الحوزة العلمية قسم الدراسات العليا في قم المقدسة،

ورئيس قسم الحديث، وعضو الهيئة العلمية في جامعة آل البيت  العالمية.


 

 

 

هوية الكتاب

اسم الكتاب:........................... نقد كتاب اُصول مذهب الشيعة

تأليف:..... أ. د. محمد الحسيني القزويني بمساعدة اللجنة العلمية

الإخراج الفني وتدقيق المصادر:........................... حسن السعدي

الناشر:.................. مؤسسة وليّ العصر # للدراسات الإسلامية

رقم الإيداع الدولي (ج3):...................... 9 ــ 31 ــ 8615 ــ 964 ــ 978

رقم الإيداع الدولي للدورة:.................... 6 ــ 32 ــ 8615 ــ 964 ــ 978

الطبعة:............................................ الأولى/ 1434هـ ـ 2013م

عدد النسخ:..................................................... 5000 نسخة

يحق للجميع طبع الكتاب ونشره مع إعلام المؤلف والناشر قبل ذلك


 

 

 

 

اللجنة العلمية

 

د. فلاح عبد الحسن الدوخي

د. يحيى عبد الحسن الدوخي

د.حكمت جارح الرحمة

السيّد حاتم كاطع البخاتي

 

 

تحت إشراف

أ. د. السيّد محمد الحسيني القزويني

 


 

 

 

 

 

الإهداء

إلى من كان رمز الجهاد والتضحية والفداء، إلى من أفنى حياته في الدفاع عن حريم الإسلام وإعلاء كلمته، إلى من وطّد أركان الإسلام بجهده وجهاده، إلى من كان همه الحفاظ على وحدة المسلمين وتقوية شوكتهم في وجه أعدائه، إلى ابن عم النبي’ وأخيه، أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب× نهدي هذا الجهد المتواضع والبضاعة المزجاة، راجين من الله تعالى القبول.

 


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

 

 

 

 

 

الباب الثالث

شبهات حول المهدية والتوسل

 

ويتضمن فصلين:

الفصل الأول :شبهات حول المهدي ×

الفصل الثاني: شبهات حول التوسل

 

 


مقدمة

لم يكن الحديث عن عقيدة المهدي× حديثاً عن فكرة خيالية أو مخترعة من قبل بعض في عصور متأخرة عن الإسلام، بل الحديث عنها يعدّ حديثاً عن صميم العقائد الإسلامية التي ما انفكت تتنقل في أذهان المسلمين ووجدانهم منذ الرعيل الأوّل وحتى عصرنا هذا، وليس من البعيد أن تكون تلك العقيدة ـ بما تعني من وجود منقذ وعادل يعيد الاُمور إلى نصابها ـ قد سبقت الإسلام بقرون حملها واعتقد بها أغلب أصحاب الديانات السماوية الاُخرى؛ إذ لا يعني بالضرورة أنّ كلّ التعاليم التي جاء بها نبي الإسلام|كانت من مختصاته دون الأديان السابقة، بل هناك كثير من المسائل الكلية كانت موجودة في الشرائع السابقة قبله وقد سعى الأنبياء لتبيينها، وإلى هذا المعنى أشار أبو إسحاق الشاطبي في (الموافقات) قال: «وكثير من الآيات اُخبر فيها بأحكام كلِّية كانت في الشرائع المتقدمة، وهي في شريعتنا ولا فرق بينهما»([1]).

ففكرة المنقذ والمخلّص وخروجه في آخر الزمان لينقذ الاُمّة من الظلم والتعسف ويقيم العدل والرخاء في أرجاء العالم هي فكرة بطبيعتها تتناغم مع فطرة الإنسان وارتكازاته، فهو مجبول على الاعتقاد بها، كجبلته وفطرته القائمة على قبول الدين والإيمان بفكرة الخالق تعالى، لذلك من الصعوبة بمكان أن يتجه التفكير إلى رفض هذه الفكرة إذا ما فرضنا بقاء تلك الفطرة على نقائها وطهارتها، فالنزوع إلى رفضها بلا مبرر ـ مع كونها من الثوابت المسلّمة في الدين الإسلامي كما سيتضح لاحقاً ـ يخالف مبادئ تلك الفطرة أولاً، ويخالف تلك الثوابت التي آمنت بها كلّ الفرق والمذاهب الإسلامية، فهي رغم خلافاتها الكثيرة إلاّ أنها لا ترفض فكرة ظهور المنقذ والمخلص الذي هو المهدي في آخر الزمان، ابتداء من الشيعة بكلّ مذاهبها، مروراً بالخوارج والمعتزلة والأشاعرة، وأهل الحديث والظاهرية، وغيرها، وانتهاءً بالوهابية السلفية، فهم ـ أي الوهابية ـ أيضاً رغم انكماشهم في الفكر الديني، إلاّ أنّهم يعتقدون بظهور الإمام المهدي× بعد أن بشَّر به النبي|، وبعد الاعتقاد بوجوب تصديق النبي|؛ كونه لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى، قال شيخ السلفية ابن تيمية: «وأحاديث المهدي معروفة، رواها الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم»([2]).

وقد ذكر الشيخ الألباني تصحيح خمسة من كبار العلماء لأحاديث المهدي, وهم الحاكم والذهبي وابن خلدون وابن حبان والترمذي, وقال بعدها: >فهؤلاء خمسة من كبار أئمّة الحديث قد صحّحوا أحاديث خروج المهدي ومعهم أضعافهم من المتقدمين والمتأخرين< ثم شرع بذكر أحد عشر عالماً قد صحّحوا أحاديث ظهور المهدي([3]).

ونحن حينما نطالع ما كتبه القفاري في شبهاته حول المهدي نجده قد استعمل أعنف عبارات الاتهام والطعن بالشيعة، مستخدماً اُسلوب التهكّم والسخرية في كثير من الأحيان. مع أنهم لا يفترقون في عقيدتهم مع أهل السنة في خصوص المهدي الموعود، نعم وقع الخلاف في مصداق المهدي في الخارج، فأهل السنة يرون أنّه لم يولد بعدُ، وأنه سيولد في يومٍ ما، والشيعة ذهبت ـ وفق ما آمنت به من أدلة شرعية صحيحة مستفيضة ـ إلى أنّه قد ولد، وهو محمد بن الحسن العسكري×، ويعيش طيلة هذه السنين متوارياً عن الأنظار، منتظراً أمر ربه بالخروج.

فالشيعة الإمامية إذن يقولون بولادته، وبوجوده وحياته وغيبته وإنّه سيظهر بإذن الله تعالى، وإنه الإمام الثاني عشر، وهو ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب^، ورواياتهم في ذلك معتبرة، وكثير منها من الصحاح، بل بملاحظة مجموعها يحصل القطع بصدروها.

وهذه الروايات لم تكن قد رويت بعد ولادته حتى يقال: إنّها من مخترعات الشيعة، بل هي مخرّجة في أصول الشيعة وكتبهم المؤلفة قبل ولادة المهدي×.

فليس هناك ما يدعو القفاري إلى تلك الحملة العنيفة التي فقد فيها توازنه كباحث عن الحقيقة، وراح يخلط الأوراق، ويكيل التهم والافتراءات للشيعة واصفاً إياهم تارة بالجهل وتارة بعدم العقل، ولم تكن تلك التهم مستندة إلى مبرر صحيح على الإطلاق، فلئن كان السبب ينحصر في تحديد مصداق المهدي خارجاً وأنه يستلزم القول بطول عمره، فلا ندري ما هو الفرق الواضح بينه وبين من يؤمن بحياة عيسى×([4])، ويؤمن بحياة الخضر×([5]) ويؤمن بطول عمر نوح، ويقرأ في القرآن: {فَلَبِثَ فِيهِم أَلْفَ سَنَةٍ إلاّ خَمْسِينَ عَاماً}([6]) ويؤمن بحياة إدريس وأن الله تعالى رفعه إلى السماء الرابعة وقد رآه النبي’ في عروجه، ففي سنن الترمذي، قال: «حدثنا أنس بن مالك أن نبي الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال: لمّا عرج بي رأيت إدريس في السماء الرابعة. هذا حديث حسن صحيح»([7]).

ويؤمن بحياة الدجال الكافر، ويروي روايات عن النبي| أنّ ابن صيّاد هو الدجال، وفيها دلالة واضحة في أنّه كان حياً في عصر النبي| وأنّه يخرج في آخر الزمان([8])، وأمثال هذه الاُمور، فلماذا لا يغيب العقل عند من يؤمن بذلك، ويغيب العقل عند من يؤمن بالمهدي كما يؤمن به الشيعة؟

ونحن نعتقد ـ من خلال استقرائنا لما كَتَب في هذا البحث ـ أن القفاري لا يؤمن بفكرة المهدوية من الأساس، وقد يتذرّع لذلك بعدة ذرائع، منها: أن تلك العقيدة لم تذكر بشكل صريح في الصحيحين البخاري ومسلم، ومنها: أن أحاديث المهدي معارضة بأحاديث اُخرى صحيحة تنفي المهدي، وغير ذلك من المبررات التي سنتعرّض إلى ذكرها لاحقاً.

وقبل الدخول في الإجابة عن إشكالاته، سوف نتطرّق بشكل مختصر إلى بعض المسائل المهمة التي تساهم في رفع بعض أوجه الخفاء التي قد تحيط بعقيدة المهدي عند بعض المسلمين بشكل عام، وعند الشيعة بشكل خاص، ومن هذه المسائل:

1ـ عالمية عقيدة المنقذ.

2ـ صحة أحاديث المهدي× وتواترها.

3ـ حكم من أنكر المهدي× عند أهل السنة.

4ـ الأحاديث التي تحدد هوية المهدي×.

5ـ المهدي× من ولد فاطمة÷ ومن ولد الحسين×.

6ـ الأحاديث التي دلت على وجوده.

7ـ الأئمة الاثنا عشر هم أهل البيت^.

8ـ شبهة التعارض في أحاديث المهدي×.

9ـ شبهة عدم إخراج البخاري ومسلم لأحاديث المهدي×.

عالمية الإيمان بفكرة المنقذ والمخلص

إنّ الإيمان بفكرة ظهور منقذ ومخلّص للبشرية في آخر الزمان يتحقق على يديه إقامة دولة العدل والمساواة، وذلك بالقضاء على الظلم والفساد في جميع العالم.

هذا الإيمان وهذه الفكرة قد تمسّكت بها معظم شعوب الأرض واعتنقتها الأمم على مرّ العصور.

فقد آمن بها اليهود([9])، كما آمن النصارى بعودة عيسى×([10])، وكذلك نجد فلاسفة الغرب وعباقرته تؤمن بوجود منتظر مصلح يوحّد العالم على يديه وتترسخ مبادئ الحب والإخاء في دولته. ومن هؤلاء العلماء:

الفيلسوف الإنجليزي (برتراند راسل)، حيث يقول: «إنّ العالم في انتظار مصلح يوحِّد العالم تحت علم واحد وشعار واحد»([11]).

آينشتاين صاحب النظرية النسبية، قال: «إنّ اليوم الذي يَسُود العالم كلّه الصلح والصفاء، ويكون الناس مُتَحَابِّينَ مُتَآخِينَ ليس ببعيد»([12]).

إذن هناك يوم ينتظره العالم يسود فيه الصلح والصفاء، وذلك من خلال منقذ يوحّده، وهذه حقيقة فطرية أوجدها الله تعالى في النفس البشرية وهي تعيش في أعماق عقله ويشعر بها الضمير الإنساني، والعقل أيضاً يدرك في كينونته أن العالم قائم على موازين العدالة والحق، وإلاّ لزم الفوضى والعبثية، وهو محال في ساحة قدسه تعالى، ومعلوم أن الإسلام يمثّل الرسالة العالمية والرحمة الإلهية {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}([13]).

فهذا الدين الذي أنقذ العالم من الجاهلية وظلماتها سوف يعود مرة اُخرى بمصلح عالمي ينشر العدالة الربانية، ويقضي على الفوضى والجهل، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، قال تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}([14]).

أخرج أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن أبي الطفيل، قال حجاج: «سمعت علياً (رضي الله عنه)، يقول: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لبعث الله عزّ وجلّ رجلاً منّا يملؤها عدلاً، كما ملئت جوراً»([15]).

وقال الإمام علي×: «لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها» ثم تلا× الآية المتقدمة {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ ...}، وقد علّق ابن أبي الحديد، قائلاً: «وأصحابنا يقولون: إنّه وعد بإمام يملك الأرض ويستولي على الممالك»([16]).

وما ذلك الإمام إلاّ المهدي× من ولد النبي الأكرم، قال’: «والذي بعثني بالحق بشيراً لو لم يكن في الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج منه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى بن مريم، فيصلّي خلفه، فتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب»([17]). أي يبلغ سلطانه جميع العالم شرقاً وغرباً ويسود العدل تلك البقاع، ويقضي على الظلم عند قيام دولته المباركة.

لذا نجد أنّ ابن خلدون يصرّح باتفاق المسلمين على ظهور رجل من أهل البيت^ اسمه المهدي×. قال: «إنّ في المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار، أنّه لابدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت، يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمّى بالمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وأن عيسى ينزل من بعده»([18]).

وكذلك أحمد أمين بعد نقله اعتراف ابن خلدون الآنف الذكر، قال: «قد أحصى ابن حجر الأحاديث المروية في المهدي، فوجدها نحو الخمسين»([19]).

إذن؛ فالإيمان بظهور المنقذ والمخلّص متفق عليه بين المسلمين وغيرهم، وكلام ابن حجر الذي نقله أحمد أمين، المعروف بإنكاره لفكرة المهدي×، يشهد بوجود خمسين حديثاً وبطرق مختلفة تؤكد هذا المعنى، لذا نجد أن هناك من جعل المهدي× من أشراط الساعة، وقد اُلّفت الكتب في هذا المجال، وثبتت صحة هذه الأحاديث وتواترها، كما سيأتي ذكره في الأبحاث اللاحقة.

صحة أحاديث الإمام المهدي×

إنّ أحاديث الإمام المهدي× استفاضت، بل تواترت ومنكرها يعد منكراً للضروريات والبدَهيات، ولعلّنا لا نجد كثرة الأحاديث الصحيحة في مصادر الفريقين في موضوع ما كما نجده في وجود المهدي× وظهوره.

وإليك جملة ممن قالوا بصحة هذه الأحاديث:

1ـ الترمذي (ت/ 279هـ).

ذكر ثلاثة أحاديث ووصفها بالصحيح أو الحسن، في باب ما جاء في المهدي، عن رسول الله|، قال: «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»، وقال عنه الترمذي: «هذا حديث صحيح»([20]).

وعن رسول الله| أيضاً: «يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»([21])، وعنه أيضاً: «إنّ في أمتي المهدي يخرج ويعيش خمساً أو سبعاً ...» قال الترمذي: «هذا حديث حسن»([22]).

2ـ الحاكم النيسابوري (ت/ 405 هـ).

صحّح الحاكم جملة من الأحاديث، كقوله|: «... إذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنّه خليفة الله المهدي» قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين»([23]). وغير ذلك من الأحاديث.

3ـ البيهقي (ت/ 458 هـ).

نقل عبارته المزي في تهذيبه حيث قال: «والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصحّ إسناداً، وفيها بيان كونه من عترة النبي (صلّى الله عليه وسلّم)»([24]).

4ـ البغوي (ت/ حدود 510 هـ أو 516 هـ).

أورد ثلاثة أحاديث في المهدي، في كتابه (شرح السنة)، باب المهدي، ثم صحّح الحديث الثالث: «عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بغير عدد»، ثم علّق عليه قائلا ً: «هذا حديث صحيح أخرجه مسلم»([25]).

5ـ القرطبي (ت/ 671 هـ).

قال في كتابه (التذكرة في أحوال الموتى واُمور الآخرة)، في معرض كلامه حول حديث: >لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم<: «إسناده ضعيف، والأحاديث عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصحّ من هذا الحديث، فالحكم لها دونه»([26]).

6ـ ابن تيمية (ت/ 728 هـ).

قال في معرض تعليقه على حديث >يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه اسمي ...<: «إنّ الأحاديث التي يحتجّ بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره»([27]).

7ـ الحافظ الذهبي (ت/ 748 هـ).

سكت عمّا صحّحه الحاكم في مستدركه من أحاديث المهدي، وصرّح بصحة الحديث المروي عن أبي سعيد: «يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث. ويخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحاً ..([28]).

8ـ محمد ناصر الألباني (ت/ 1420 هـ).

ذكر في مقال له بعنوان (حول المهدي) ما نصّه: «أمّا مسألة المهدي فليعلم أنّ في خروجه أحاديث صحيحة، قسم كبير منها له أسانيد صحيحة»([29]).

تواتر أحاديث المهدي×

لم تكن بعض الأحاديث في الإمام المهدي× صحيحة فحسب، بل بلغت كثرتها حدّ التواتر، وقد قال بهذا التواتر كبار علماء أهل السنة، منهم:

1ـ الحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين الآبري السجزي (ت/ 363هـ).

قال: «وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن المصطفى (صلّى الله عليه وسلّم) في المهدي وأنّه من أهل بيته، وأنّه يملك سبع سنين، وأنّه يملأ الأرض عدلاً وأنّ عيسى× يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنّه يؤمّ هذه الاُمّة ويصلّي عيسى خلفه، في طول من قصّته وأمره»([30]).

2ـ القرطبي المالكي (ت/ 716 هـ)، في تعليقه على حديث (المهدي هو عيسى فقط)، قال: «الأخبار الصحاح قد تواترت على أن المهدي من عترة الرسول (صلّى الله عليه وسلّم)»([31]).

3ـ الحافظ جمال الدين المزّي (ت/ 742 هـ)، نقل قول الآبري المتقدّم وارتضاه وهو كاشف عن إيمانه به([32]).

4ـ ابن القيّم (ت/ 751 هـ).

بعد أن نقل قول الآبري ذكر الأحاديث الصحيحة التي تؤيد قول الآبري([33]).

5ـ المتقي الهندي (ت/ 975 هـ).

قال في رسالته المسمّاة: (الرد على من حكم وقضى أنّ المهدي الموعود جاء ومضى): «لا شكّ أنّ وجود المهدي الموعود ثبت بالأحاديث والآثار نحو من ثلاثمائة فصاعداً»([34]). وواضح أنّ هذا العدد من  الأحاديث والآثار يحقق بل، يفوق التواتر.

6ـ القاضي محمد بن علي الشوكاني (ت/ 1255هـ).

قال الكتاني في (نظم المتناثر) نقلاً عن الشوكاني: «والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحرّرة في الأصول، وأمّا الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً، لها حكم الرفع، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك»([35]).

7ـ الشيخ محمد بن جعفر الكتاني (ت/ 1345هـ).

ذكر في كتابه (نظم المتناثر من الحديث المتواتر) من خرّج أحاديث الإمام المهدي× من الصحابة، فقال: «خروج المهدي الموعود المنتظر الفاطمي [روي] عن:

1ـ ابن مسعود، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

2ـ وأمّ سلمة: أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم في المستدرك.

3ـ وعلي بن أبي طالب: أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

4ـ وأبي سعيد الخدري: أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأبو يعلى والحاكم في المستدرك.

5ـ وثوبان: أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم في المستدرك.

6ـ وقرة بن إياس المزني: أخرجه البزار والطبراني في الكبير والأوسط.

7ـ وعبد الله بن الحارث: أخرجه ابن ماجه والطبراني في الأوسط.

8ـ وأبي هريرة: أخرجه أحمد والترمذي وأبو يعلى والبزار في مسندهما والطبراني في الأوسط وغيرهم.

9ـ وحذيفة بن اليمان: أخرجه الروياني.

10ـ وابن عباس: أخرجه أبو نعيم في أخبار المهدي.

11ـ وجابر بن عبد الله: أخرجه أحمد ومسلم إلاّ أنّه ليس فيه تصريح بذكر المهدي، بل أحاديث مسلم كلّها لم يقع فيها تصريح به.

12ـ وعثمان: أخرجه الدارقطني في الأفراد.

13ـ وأبي اُمامة: أخرجه الطبراني في الكبير.

14ـ وعمار بن ياسر: أخرجه الدارقطني في الأفراد والخطيب وابن عساكر.

15ـ وجابر ابن ماجد الصدفي: أخرجه الطبراني في الكبير.

16ـ وابن عمر.

17ـ وطلحة بن عبيد الله: أخرجهما الطبراني في الأوسط.

18ـ وأنس بن مالك: أخرجه ابن ماجه.

19ـ وعبد الرحمان بن عوف: أخرجه أبو نعيم.

20ـ وعمران بن حصين: أخرجه الإمام أبو عمرو الداني في سننه. وغيرهم»

ثم قال الكتّاني: «... والحاصل أنّ الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى بن مريم×»([36]).

8ـ أحمد بن محمد بن الصديق أبو الفيض الغماري (ت/ 1380هـ).

قال في مقدمة كتابه (إبراز الوهم المكنون في كلام ابن ‏خلدون): «ظهور الخليفة الأكبر ... محمد بن عبد الله ‏المنتظر، قد تواترت بكونه من أعلام الساعة وأشراطها، وصحّت‏ عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ذلك الآثار، وشاع ذكره‏ وانتشر خبره بين الكافة من أهل الإسلام على مرّ الدهور والأعصار. فالإيمان بخروجه واجب، واعتقاد ظهوره ـ تصديقاً لخبر الرسول ـ محتّم ‏لازب»([37]).

ونحن وإن كنّا نتفق مع اعتقاد الغماري في تواتر أحاديث الإمام المهدي× وانتشار خبره بين أهل الإسلام كافة، ولكن لا نشاطره الرأي في أن خليفة الله الأكبر هو (محمد بن عبد الله) بل نعتقد أنّه (محمد بن الحسن العسكري) وذلك وفقاً لنصوص صحيحة ومتواترة في كونه من ولد علي وفاطمة والحسين^، وكذلك ما أجمع وأطبق عليه علماء الإمامية وجمع من علماء أهل السنة، من كونه من ولد الحسن العسكري× كما سيأتي ذلك لاحقاً.

9ـ ابن باز، مفتي السعودية العام سابقاً، ورئيس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، قال: «إنّ أمر المهدي معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة، بل متواترة متعاضدة، وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها، وهي متواترة تواتراً معنوياً؛ لكثرة طرقها واختلاف مخارجها ورواتها وألفاظها، فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به، أمره ثابت وخروجه حق»([38]).

إذن تواتر أحاديث الإمام المهدي× واستفاضتها حقيقة ثابتة وواضحة، وقد اعترف بها معظم علماء المسلمين، ومن تنكّر لها فهو شاذّ نادر، ولا عبرة بكلامه.

النصوص المبشرة بالإمام المهدي× قبل ولادته

إنّ الإيمان بالإمام المهدي× الذي تؤمن به الشيعة الإمامية لم يكن خيالاً أو أسطورة كما يزعم البعض؛ بل جاء على إثر النصوص الصحيحة والصريحة التي تبشّر به وتتحدث عنه، وهو الذي يملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

ويمكن تقسيم تلك النصوص إلى طائفتين: طائفة حدّدت شخصية الإمام وهويته، وكونه من أهل البيت ومن ذرية رسول الله’، ومن ولد فاطمة ÷، وإنه من ولد الحسين×.

وطائفة اُخرى من الأحاديث لا تنطبق بمعناها العام إلاّ على الإمام المهدي×: كحديث (الاثني عشر) و(الثقلين) وحديث (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة) والتي تفيد ضرورة وجوده واستمرار حياته، وليس هناك تطبيق صحيح لهذه الأحاديث سوى ما تذهب إليه المدرسة الإمامية، كما سيأتي.

الأحاديث التي تحدد هوية وشخصية الإمام المهدي×

المهدي من عترة النبي

وردت عدة روايات في أن المهدي× من عترة رسول الله| وأهل بيته جاءت بعدة ألفاظ كقوله|: >المهدي من عترتي< أو: >من أهل بيتي<، أو قوله: >منّا<، أو: >من ولدي<، وكلّها تؤدي إلى معنى واحد هو أنّ المهدي من أهل بيت رسول الله| ومن هذه الروايات:

1ـ أخرج أبو داود في سننه، وابن أبي شيبة، عن علي× عن رسول الله’، قال: «لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً»([39]).

وقال الطبرسي في مجمع البيان: «رواه الخاص والعام عن النبي، أنّه قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم، حتى يبعث رجلاً صالحاً من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما قد ملئت ظلماً وجوراً»([40]).

طعن ابن خلدون في هذا الحديث

وقد تكلم ابن خلدون عن هذا الحديث؛ لأن في سنده فطر بن خليفة، حيث قال: «وقطن بن خليفة وإن وثّقه أحمد ويحيى بن القطان وابن معين والنسائي وغيرهم إلاّ أن العجلي قال: حسن الحديث وفيه تشيّع قليل.. وقال أحمد بن عبد الله بن يونس: كنا نمرّ على قطن وهو مطروح لا نكتب عنه ... وقال الدارقطني: لا يحتجّ به ...»([41]).

الحديث صحيح

أولاً: الصواب هو (فطر) وليس (قطن)، وقد وثّق، وهذا واضح لمن تتبّع ترجمته، ولا نعلم هل كان هذا خلطاً من ابن خلدون أم أنّه من خطأ النسّاخ([42]).

ثانياً: قال المزّي في تهذيبه: «قال عبد الله بن حنبل عن أبيه: ثقة صالح الحديث، قال: وقال أبي: كان فطر عند يحيى بن سعيد ثقة، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: ثقة، وقال العجلي: كوفي ثقة حسن الحديث.

وقال أبو حاتم: صالح الحديث كان يحيى بن سعيد يرضاه ويحسن القول فيه ويحدّث عنه، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال في موضع آخر: ثقة حافظ كيّس»([43]).

وقال العظيم آبادي: «وثّقه أحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين والنسائي والعجلي وابن سعد والساجي، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وأخرج له البخاري. ويكفي توثيق هؤلاء الأئمة لعدالته، فلا يلتفت إلى قول ابن يونس وأبي بكر بن عياش الجوزجاني في تضعيفه؛ بل هو قول مردود. والله أعلم»([44]).

فالرجل موثّق ورواياته معتبرة، ولا عبرة بقول ابن خلدون وغيره.

2ـ أخرج أبو يعلى وابن حبّان والحاكم النيسابوري عن أبي سعيد (رضي الله عنه)، قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً، ثم يخرج رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً»([45]).

وهذا الحديث صحّحه الحاكم النيسابوري، قائلاً: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»([46]).

3ـ أخرج أحمد بسنده عن أبي سعيد أن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال: «تملأ الأرض ظلماً وجوراً، ثم يخرج رجل من عترتي يملك سبعاً أو تسعاً فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً»([47]).

4ـ روى المقدسي الشافعي في (عقد الدرر) عن علي× أنّه قال للنبي’: «أمِنَّا المهدي أم من غيرنا يا رسول الله؟ قال: بل منّا، يختم الله به الدين كما فتحه ...».

ثم عقّب عليه، فقال: «أخرجه جماعة من الحفاظ في كتبهم، منهم أبو القاسم الطبراني، وأبو نعيم الأصبهاني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو عبد الله نعيم بن حماد، وغيرهم وفيه (أمنا المهدي أو من غيرنا؟ بل منا، يختم الله به الدين، كما فتحه بنا) وزاد في روايته الثانية. (وبنا ينقذون من الفتن، كما أنقذوا من الشرك) ...»([48]).

وعن الكنجي الشافعي في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان): «قلت: هذا حديث حسن عال، رواه الحفاظ في كتبهم»([49]).

أخرج أبو داود في سننه ـ واللفظ له ـ والطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري، عن النبي’: «المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يملك سبع سنين»([50]).

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: «أمّا حديث أبي سعيد فأخرجه أبو داود عنه مرفوعاً: (المهدي مني، أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ويملك سبع سنين)، قال المنذري: في إسناده عمران القطان وهو أبو العوام عمران بن داود القطان البصري، استشهد به البخاري ووثقه عفان بن مسلم، وأحسن عليه الثناء يحيى بن سعيد القطان»([51]).

6ـ روى الجويني الشافعي في (فرائد السمطين)، والقندوزي الحنفي في (ينابيع المودة) عن أمير المؤمنين×، عن رسول الله’ قال: «المهدي من ولدي تكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء^، فيملؤها عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً»([52]).

المهدي من ولد فاطمة ÷

1ـ قال ابن حجر الهيتمي في صواعقه، عند تعليقه على الأحاديث الواردة في زواج علي من فاطمة ÷: «وقد ظهرت بركة دعائه في نسلهما، فكان منه من مضى ومن يأتي ولو لم يكن في الآتين إلاّ الإمام المهدي لكفى، وسيأتي في الفصل الثاني جملة مستكثرة من الأحاديث المبشّرة به، ومن ذلك ما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وآخرون، المهدي من عترتي من ولد فاطمة»([53]).

فالظاهر أنّ مسلماً في صحيحه أخرج هذا الحديث بشهادة ابن حجر الهيتمي المتقدمة، ولكننا لم نجد اليوم هذا الحديث في النسخ الحديثة، ولعلّ يد التحريف أسقطته، ولكن هذا لا يضر، لوجود الأحاديث التي سوف تأتي، وإن لم يذكرها مسلم والبخاري، فالعبرة بصحة الحديث ولحاظ رواته وطرقه، وإن لم يذكراه.

فهذا الحديث أخرجه بطريق صحيح ابن ماجه، وأبو داود في سننهما، والطبراني في معجمه، والحاكم النيسابوري في مستدركه: «عن أمّ سلمة، عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) أنّه قال: المهدي من ولد فاطمة»([54]).

قال الكنجي الشافعي: «هذا حديث حسن صحيح أخرجه ابن ماجه، كما أخرجناه ورويناه عالياً»([55]).

وكذلك أخرجه البخاري في تاريخه: «عن أمّ سلمة عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم): المهدي حقّ، وهو من ولد فاطمة»([56]).

قال السيوطي في الجامع الصغير عن أمّ سلمة: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة»([57])، وصححه الألباني([58]).

2ـ أخرج نعيم بن حماد في (الفتن)، وأبو عمرو الداني في سننه: «عن عبد الرزاق، عن معمر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: المهدي حق؟ قال: حق، قال: قلت: ممن هو؟ قال: من قريش، قلت: من أي قريش؟ قال: من بني هاشم، قلت: من أي بني هاشم؟ قال: من بني عبد المطلب، قلت: من أي عبد المطلب؟ قال: من ولد فاطمة»([59]).

وكذلك أخرج البخاري في تاريخه عن ابن المسيب: «المهدي من ولد فاطمة»([60]).

3ـ قال العجلوني بعد أن أورد حديث: >المهدي من ولد فاطمة<: «ورد ذكره في أحاديث أفردها بعض الحفاظ بالتأليف: منهم الحافظ السخاوي في كتاب سمّاه ارتقاء الغرف، ومنهم ابن حجر الهيتمي في جزء سمّاه القول المختصر في أحوال المهدي المنتظر، وكذلك ذكر كثيراً منها في الفتاوى الحديثية، وكذلك شيخنا البرزنجي في (الإشاعة) فمن تلك الأحاديث: ما أخرجه أبو داود وابن ماجه عن أمّ سلمة مرفوعاً (المهدي من ولد فاطمة)»([61]).

إلى هنا نكاد نقترب من حقيقة ونسب المهدي المنتظر، وقد نقترب أكثر حينما نعرف أن المهدي× إلى أي ولد من أولاد فاطمة ينتمي، والروايات تفيد بأنه ينتمي إلى الحسين× وليس إلى الحسن×.

المهدي من ولد الحسين×

1ـ أخرج الكنجي الشافعي في (البيان في أخبار صاحب الزمان) بسنده عن حذيفة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لبعث الله فيه رجلاً، اسمه اسمي وخلقه خلقي، يكنى أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن والمقام، ّيرد الله به الدين، ويفتح له الفتوح، فلا يبقى على ظهر الأرض إلاّ من يقول لا إله إلاّ الله.

فقال سلمان: يا رسول الله من أي ولدك هو؟ قال: من ولد ابني هذا، وضرب بيده على الحسين»، ثمّ قال الكنجي الشافعي: «قلت: هذا حديث حسن رزقناه عالياً بحمد الله»([62]).

وأخرج أيضاً بسنده عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله’، أنّه قال: «يا فاطمة، إنّا أهل بيت أعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الأوّلين، ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت، نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوك ... ومنّا مهدي الاُمّة الذي يصلّي عيسى خلفه، ثم ضرب على منكب الحسين×، فقال: من هذا مهديّ الاُمّة»([63])، وعلّق الكنجي الشافعي عن هذا الحديث قائلاً: «قلت: هكذا أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل»([64]).

2ـ في (عقد الدرر) للمقدسي الشافعي عن الإمام الباقر× في حديث طويل جاء فيه: «والمهدي يا جابر رجل من ولد الحسين»([65]).

3ـ في (كتاب الفتن) لابن حماد المروزي عن أبي قبيل، قال: «يخرج رجل من ولد الحسين، من قبل المشرق لو استقبلته الجبال لهدّها واتخذ فيها طرقاً»([66]).

4ـ في (ينابيع المودة)، للقندوزي الحنفي: «عن علي (كرم الله وجهه) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمتي رجل من ولد الحسين يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً»([67]).

إذن؛ مما تقدم من الأحاديث اتّضح أنّ هوية الإمام المهدي× مشخصة وواضحة لا يمكن الشك والتردد فيها، وهو كونه من ولد النبي’ ومن ولد علي من فاطمة، ومن ذرية الحسين×.

المهدي ليس من ولد الإمام الحسن×

وأمّا ما جاء من أنّ المهدي× من ولد الحسن× فلا يوجد ما يدلّ عليه في كتب أهل السنة إلاّ حديث واحد فقط أخرجه أبو داود السجستاني في سننه، قال: «حُدِّثْتُ عن هارون بن المغيرة، قال: حدثنا عمر بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق، قال: قال علي (رضي الله عنه) ـ ونظر إلى ابنه الحسن ـ فقال: إنّ ابني هذا سيّد كما سمّاه النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، وسيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم، يشبهه في الخُلُق ولا يشبهه في الخَلْق، ثم ذكر قصة: يملأ الأرض عدلاً»([68]).

وعند دراسة سند الحديث ومتنه، ومقارنة ذلك بأحاديث كون المهدي من ولد الحسين×، يتّضح ضعف الحديث وربما وضعه؛ لأسباب ستتضح خلال البحث.

ضعف سند حديث أن المهدي× من ولد الحسن

نقول: إنّ هذا الحديث ضعيف السند من جهتين:

الاُولى: أنّ أبا داود لم يروِه عن هارون بن المغيرة نفسه، وإنما رواه عمّن حدَّثه عنه، فيكون الحديث منقطعاً.

الثانية: أنّ أبا إسحاق السبيعي لم يروِ عن أمير المؤمنين× وإنّما رآه رؤية، قال المنذري: >هذا [الحديث] منقطع، أبو إسحاق السبيعي رأى عليّاً× رؤية<([69])، وقد كان عمره يوم شهادة أمير المؤمنين× سبع سنين؛ لأنّه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان في قول ابن حجر([70]).

وضعّفه الألباني في السلسلة الضعيفة([71])، وفي تعليقته على مشكاة المصابيح، قال معلّقاً على الحديث: «وإسناد الحديث ضعيف»([72]).

اختلاف نقل الحديث

اختُلف في نقل الحديث عن أبي داود، فقد أورد الجزري الشافعي (ت 833هـ) هذا الحديث بسنده عن أبي داود نفسه وفيه اسم: الحسين مكان الحسن، فقال: «والأصح أنّه من ذرية الحسين بن علي لنصّ أمير المؤمنين علي على ذلك، فيما أخبرنا به شيخنا المسند رحلة زمانه عمر بن الحسن الرّقي ... أنبأنا أبو داود الحافظ قال: حُدِّثْتُ عن هارون بن المغيرة، قال: حدثنا عمر بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق، قال: قال علي× ـ ونظر إلى ابنه الحسين، ـ فقال: إنَّ ابني هذا سيّد كما سمّاه النبي (صلّى الله عليه وسلّم)...»([73]).

وقال القندوزي الحنفي: «وعن أبي إسحاق، قال: قال علي ـ ونظر إلى ابنه الحسين ـ قال: إنّ ابني هذا سيّد... ثم ذكر قصة: يملأ الأرض عدلاً (رواه أبو داود ولم يذكر القصة)»([74]).

وهذا الاختلاف في النقل يجعلنا لا نثق بصحّة صدور الحديث بهذا اللفظ ما لم يعتضد بدليل آخر غير هذا الحديث، وهو مفقود، فيبقى احتمال أنّ اللفظ الصحيح هو الحسين بدل الحسن‘ لوجود الأدلة الكثيرة على ذلك.

احتمال التصحيف في الحديث

يحتمل قوياً حصول التصحيف في الاسم من الحسين إلى الحسن في حديث أبي داود بقرينة اختلاف النقل، إمّا من دون قصد أو عن قصد وعمد، ويؤيد الاحتمال الثاني أنّ الحسنيّين وأتباعهم وأنصارهم زعموا مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط×، الذي قتل سنة145هـ في زمن المنصور العباسي، فربما وضعوا هذا الحديث أو حرّفوه؛ وذلك من أجل تحقيق أهداف ومصالح سياسية كبيرة لا يمكن الوصول إليها بسهولة من دون اختلاق هكذا حديث([75])، فالراوي لا يريد أن يواصل الحديث ويثبت أنّه من ولد الحسين× حتى لا يصير ورقة بيد الشيعة في إثبات ما تذهب إليه من أن المهدي من ولد الحسين×. والأمثلة على إخفاء مثل هذه الحقائق كثيرة.

الأحاديث العامة الدالة على هويته واستمرار وجوده×

بعد أن تعرّضنا لذكر الأحاديث الخاصة، ننتقل إلى ذكر الأحاديث التي تكلّمت بشكل عام عن الإمام المهدي× ولم تشخّص هويته، لكنّ هذه الأحاديث ليس لها مصداق صحيح إلاّ المهدي الذي التي تذهب إليه الشيعة.

ومن النصوص التي تدلّ على هويته بشكل عام واستمرار وجوده وبقائه حيّاً، هو ما أخبر به رسول الله في جملة من الأحاديث نذكر منها:

1ـ حديث (الاثني عشر خليفة)

أـ أخرج البخاري في الصحيح في كتاب الأحكام بسنده عن جابر بن سمرة، قال: «سمعت النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، يقول: يكون اثنا عشر أميراً، فقال كلمة لم أسمعها، فقال لي: إنّه قال: كلّهم من قريش»([76]).

ب ـ أخرج مسلم في الصحيح في كتاب الإمارة بسنده «عن جابر بن سمرة، قال: سمعت النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، يقول: لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً، ثم تكلّم النبي (صلّى الله عليه وسلّم) بكلمة خفيت عليّ، فسألت أبي: ماذا قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)؟ فقال: كلّهم من قريش»([77]).

وأخرج أيضاً بسنده «عن جابر بن سمرة، قال: دخلت مع أبي على النبي (صلّى الله عليه وسلّم) فسمعته يقول: إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة، قال: ثم تكلّم بكلام خفي عليّ، قال: فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلّهم من قريش»([78]).

ج ـ أخرج الترمذي في السنن كتاب الفتن بسنده «عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): يكون من بعدي اثنا عشر أميراً، قال: ثم تكلّم بشيء لم أفهمه، فسألت الذي يلي، فقال: كلّهم من قريش»، وقال الترمذي معلّقاً: «هذا حديث حسن»([79]).

  د ـ أخرج أبو داود في السنن بسنده: «عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم تجتمع عليه الاُمّة، فسمعت كلاماً من النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول؟ قال: كلّهم من قريش»([80]).

وفي رواية اُخرى عن جابر بن سمرة، قال: «سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة، فكبّر الناس وضجّوا، ثم قال كلمة خفيّة، قلت لأبي: يا أبتِ، ما قال؟ قال: كلّهم من قريش»([81]).

هـ ـ أخرج أبو يعلى في مسنده ـ واللفظ له ـ والطبراني في المعجم الكبير، والحاكم النيسابوري في مستدركه: «عن الشعبي، عن مسروق، قال: كنّا جلوساً عند ابن مسعود ليلة بالمغرب، وهو يقرئنا القرآن، فسأله رجل: يا أبا عبد الرحمن، أسألتم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) كم يملك هذه الاُمّة من خليفة؟ فقال ابن مسعود: ما سألني مذ قدمت العراق قبلك، قال: نعم، سألنا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فقال: اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل»([82]).

وأخرج الطبراني في الكبير بسنده عن جابر بن سمرة، قال: «كنت مع أبي عند النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، فقال: يكون لهذه الاُمّة اثنا عشر قيّماً لا يضرّهم من خذلهم»([83]).

وأخرج أيضاً عن جابر عن النبي|، قال: «اثنا عشر قيّماً من قريش لا يضرّهم عداوة من عاداهم»([84]).

وفي ضوء هذه الأحاديث نستنتج ما يلي:

أولاً: حصر الأئمة باثني عشر خليفة.

ثانياً: إن هوية هؤلاء الأئمة أنهم من قريش؛ بل ومن بني هاشم تحديداً، كما روي ذلك عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة: «كنت مع أبي عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فسمعته يقول: بعدي اثنا عشر خليفة، ثم أخفى صوته، فقلت لأبي: ما الذي أخفى صوته؟ قال: قال: كلّهم من بني هاشم»([85]).

ثالثاً: إنّ اختياره للمقارنة بينهم وبين عدة نقباء بني إسرائيل فيه دلالة واضحة على أنّ خلافتهم ليست بانتخاب من الناس، بل تعيين من الله، فقد قال الله تعالى عن النقباء: {وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً}([86]).

رابعاً: عدم خلو الزمان منهم؛ لأن قيام الدين وعزته مقرونة بهم^.

خامساً: إن من خصائص ومميّزات هؤلاء الاثني عشر أنّهم لا يضرهم خذلان من خذلهم، ولا عداوة من عاداهم، لأنهم على الهدى ودين الحق، وهم هداة الاُمّة وقادتها الحقيقيون.

وبناءً على ما تقدّم؛ يطرح سؤال مهم وهو: هل يوجد خلفاء فيهم هذه المزايا؟ وهل تحقّقت عزّة الإسلام وأهدافه في خلافة معاوية وابنه يزيد وأمثالهما في الدولتين الأموية والعباسية؟ أم أن هناك أئمة تصدق وتنطبق عليهم هذه الأحاديث؟

الأئمة الاثنا عشر هم أئمة أهل البيت^

لقد روي من طرق أهل السنة في كتاب (ينابيع المودة) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن علي×، قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): يا علي، أنت وصيي، حربك حربي وسلمك سلمي وأنت الإمام وأبو الأئمة الإحدى عشر الذين هم المطهّرون المعصومون ومنهم المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً»([87]).

وقال أيضاً: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): الأئمة من بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم»([88]).

وروى الجويني في (فرائد السمطين) عن ابن عباس، قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): أنا سيد النبيين وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين، وأن أوصيائي اثنا عشر أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم»([89]).

وروي عن ابن عباس أيضاً، عن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال: «إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي، قيل: يا رسول الله، ومن أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب، قيل: فمن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»([90]).

فهذه الأحاديث تشير وتؤكد بأنّ (الاثني عشر) هم أئمة أهل البيت^، أولهم علي بن أبي طالب× وآخرهم المهدي×.

ولو تأمّل الإنسان المنصف ودقّق في حديث (الخلافة في قريش إلى قيام الساعة)([91])، لوجد أنّ هناك خصوصية ناظرة إلى وجود إمام حيّ باقٍ إلى قيام الساعة.

روى أحمد بن حنبل في مسنده ـ واللفظ له ـ وأبو يعلى في مسنده وابن حبّان في صحيحه، في باب أن ولاية أمر المسلمين تكون في قريش إلى قيام الساعة «عن عبد الله بن عمر... يقول: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان»([92]). والتعبير بلفظ (ما بقي اثنان) أي إلى قيام الساعة.

قال السيوطي في الديباج على صحيح مسلم: «لا يزال هذا الأمر في قريش، أي: الخلافة ما بقي في الناس اثنان، أي أنّ هذا الحكم مستمر إلى آخر الدنيا»([93]).

وواضح أن استمرار الخلافة إلى آخر الدنيا ينطبق على ما تعتقده الشيعة؛ بأنّ الإمام الثاني عشر (الإمام المهدي×) حي في جميع الأزمنة، وأنه لابدّ من ظهوره في آخر الزمان، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، على وفق ما بشّر به جده المصطفى.

تضارب آراء أهل السنة في معنى حديث (الاثني عشر)

ولو قرأنا وتفحصنا أقوال علماء أهل السنّة وآرائهم في هذا الحديث الشريف، نجد أنها لا تنطبق على خلفائهم أبداً، بل لم نر إجماعاً في تطبيقه خارجاً على مجموعة عندهم؛ فاختلفوا فيما بينهم؛ بل اعترفوا أنهم لم يفهموا هذا الحديث، كما قال ابن العربي المالكي، في شرح الترمذي: «لم أعلم للحديث معنى»([94]).

وقال ابن حجر في فتح الباري عن ابن البطال، أنّه حكى عن المهلب قوله: «لم ألق أحداً يقطع في هذا الحديث بشيء معين»([95]).

وعن ابن الجوزي، قال: «قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث، وتطلبت مضامينه، وسألت عنه، فلم أقع على المقصود»([96]).

وقد علّق الشيخ محمود أبو ريّة متهكماً على ما أورده السيوطي، قال: «أما السيوطي فبعد أن أورد ما قاله العلماء في هذه الأحاديث المشكلة، خرج برأي غريب نورده هنا تفكهةً للقراء، وهو: وعلى هذا فقد وجد من الاثني عشر، الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ـ وهؤلاء ثمانية ويحتمل أن يضم إليهم المهدي من العباسيين؛ لأنّه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أمية، وكذلك الظاهر، لما أوتيه من العدل وبقي الاثنان المنتظران!! أحدهما المهدي! لأنّه من أهل بيت محمد ـ ولم يبيّن المنتظر الثاني ـ ورحم الله من قال في السيوطي: إنّه حاطب ليل»([97]).

إذن أهل السّنة لم يتفقوا على تسمية الاثني عشر، لذا لجأ بعضهم إلى إدخال يزيد بن معاوية ومروان وعبد الملك ونحوهم، وصولاً إلى عمر بن عبد العزيز لكي يكملوا العدد الوارد في نص حديث (الإثني عشر خليفة)، ولكن فاتهم أن الحديث يصرّح بأنّ الدين لا يزال قائماً بوجودهم ومستمراً إلى آخر الدنيا كما تقدم في قول السيوطي، وعلى هذا تكون الخلافة قد انقطعت بعد عمر بن عبد العزيز.

فلو فسّرنا أحاديث الخلفاء الاثني عشر من وجهة النظر السنية، فلا نستطيع أن نجد الحلّ الصحيح الذي يلائم ما قاله رسول الله’ في هذا الحديث الشريف؛ لأنّه لو تخلّينا عن حملها على ما تعتقده المدرسة الشيعية، لوقعنا في إشكالية أنّ الذين مارسوا الحكم وادّعوا أنهم من قريش هم أضعاف العدد المنصوص عليه في هذه الأحاديث، فضلاً عن انقراضهم وموتهم، سواء كانوا أمويين أم عباسيين.

لذا نجد أنّ القندوزي الحنفي المذهب كان ملتفتاً لهذا الأمر، وهذا ما صرح به، حيث قال: «قال بعض المحققين: إنّ الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اثني عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم أن مراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من حديثه هذا، الأئمة اثنا عشر من أهل بيته وعترته، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه، لقلتهم عن اثني عشر، ولا يمكن أن نحمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر، ولظلمهم الفاحش إلاّ عمر بن عبد العزيز، ولكونهم غير بني هاشم؛ لأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: كلّهم من بني هاشم، في رواية عبد الملك، عن جابر، وإخفاء صوته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في هذا القول يرجح هذه الرواية؛ لأنّهم لا يحسنون خلافة بني هاشم، ولا يمكن أن يحمل على الملوك العباسية، لزيادتهم على العدد المذكور، ولقلة رعايتهم... ويؤيد هذا المعنى ـ أي: أنّ مراد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته ـ ويرجّحه حديث الثقلين»([98]).

الانطباق القهري للحديث على أئمة أهل البيت^

بعدما تقدم من تضارب الأقوال عند أهل السنة، وأنهم تحيّروا في التفسير الحقيقي والواقعي لهذا الحديث، لذا فالتطبيق الصحيح هو ما أثبتته المدرسة الإمامية القائلة بإمامة اثني عشر إماماً من أهل البيت^ ـ أولهم الإمام علي بن أبي طالب× وآخرهم المهدي× ـ لذا لا مناص من المصير إلى ما ذهبت إليه الشيعة، فلا نعرف لهذه الروايات تطبيقاً آخر في تاريخنا المعاصر والقديم غيرهم، فلم يدّع غير أئمّة الشيعة الاثني عشر العصمة، ولم يقل غيرهم إنّه الحجة على الخلق وإنّه إمام طاعته هدى ودين، ومخالفته ضلال وجاهلية، ولم يدّع غيرهم أنّهم هم المقصودون بالأئمة الاثني عشر.

ولكي تتضح هذه الرؤية أكثر من ذلك، نقول:

أولاً: أنّ أهل البيت^ هم حجج الله تعالى على خلقه بمقتضى ما ورد عن رسول الله في حديث الثقلين، قال: «وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله... وأهل بيتي»([99])، فمخالفتهم جاهلية وضلال، فهم المنصوص عليهم وهم المؤهلون لهذا المنصب الرباني.

ثانياً: لم نجد أنّ أحداً أحصى عليهم تناقضاً في قول أو فعل، وتشهد لهم بذلك آية التطهير: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}([100]).

ثالثاً: لو فتشنا في كتب التاريخ والحديث لم نجد من يدّعي لنفسه هذا الأمر من العصمة وإمامة المسلمين، وأنّه لا يخلو منهم زمان ولا تخلو الأرض من حجة منهم، قال الإمام علي×: «اللّهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إمّا خائفاً مستوراً؛ لئلا تبطل حجج الله..»([101]).

رابعاً: قد تقدم أن الأحاديث أفادت أنّ المهدي من ولد علي، أو من ولد فاطمة، أو من ولد الحسين^، فهذه الأحاديث تدلّ بالدلالة العرفية على أنّهم من قريش، فهي مفسّرة لحديث >كلّهم من قريش<.

هذه النقاط الأربع بمجموعها لو قُرنت وضُمت إلى تلك الأحاديث التي ذكرناها سابقاً في الصحاح التي أثبتت أن الأئمة اثنا عشر، وهم من قريش، لما بقي شك أن المصداق والتطبيق الصحيح ينحصر فيما ذهبت إليه المدرسة الإمامية الاثني عشرية.

حديث (الاثني عشر) سبق ولادة الأئمة^

إنّ حديث: >الاثني عشر خليفة< سابق للتسلسل التاريخي للأئمة^، فقد بشّر رسول الله| بهم وبولادتهم^، قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري، وهذا يعبّر عن واقع وحقيقة لا يمكن إلاّ أن يذعن لها المنكر والمشكك؛ لأنها وردت وضبطت في أصحّ الكتب وبأصحّ الطرق، كما تقدم.

قال السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله): «إنّ الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر، وضبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري، أمكننا أن نتأكد من أن هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع؛ وإنما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن هوى، فقال: (إن الخلفاء بعدي اثنا عشر) وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام علي وانتهاء بالمهدي، ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف»([102]).

فكل المحاولات التي سعت إلى إيجاد تطبيق صحيح للحديث في الواقع الخارجي واجهت عدة مشاكل لا يمكن علاجها، في حين أنّه بناءً على قبول الاعتقاد الشيعي، فسيكون التطبيق صحيحاً ومقبولاً.

2ـ حديث الثقلين

ومن الأحاديث العامة الاُخرى التي تؤكد النظرية الشيعية في كون الأئمة هم من أهل البيت^ وأنّ خلافتهم لا تنتهي إلى يوم القيامة، هو حديث الثقلين، الذي قال فيه النبي|: «إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»([103]). والذي يلتقي مع الحديث السابق: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان» في حيثية بقاء أحد هؤلاء الأئمّة إلى قيام الساعة، وبما أنّه ورد لفظ (العترة) في هذا الحديث، فهذا لازمه أنّ العترة لها استمرار وبقاء مع الكتاب إلى أن يردا على النبي’، وهذا لا يمكن توجيهه إلاّ بوجود الإمام المهدي× وكونه حياً، وهذا ما صرح به علماء الشيعة، وإلاّ يلزم الإخبار على خلاف الواقع.

صحة حديث الثقلين: الكتاب والعترة عند أهل السنة

بات من المسلّمات صحة حديث الثقلين لا سيما في مصادر أهل السّنة، بل هو من الأحاديث المتواترة، وقد نقلنا بعض مصادر وطرق الحديث عند إجابتنا عن الشبهات المثارة حول عقيدة الشيعة بالسنة النبوية، فقد ورد هذا الحديث في واحد من أصحّ الكتب عند أهل السنة وهو صحيح مسلم: «وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به.. وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي...»([104]).

وقال ابن كثير في تفسيره: «وقد ثبت في الصحيح أنّ رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) قال في خطبته بغدير خمّ: إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي وإنّهما لم يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض»([105]).

وقال أيضاً: «قال شيخنا أبو عبد اللّه الذهبي: وهذا حديث صحيح»([106]).

وقال الهيثمي: «رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات»([107])، وقال في موضع آخر: «رواه أحمد وإسناده جيّد»([108]).

وحكم بصحته ابن حجر الهيتمي: «روى هذا الحديث ثلاثون صحابيّاً وأنّ كثيراً من طرقه صحيح وحسن»([109]).

وكذلك صححه البغوي في شرح السنة، قال: «هذا حديث صحيح أخرجه مسلم»([110])، وصحّحه الحاكم في مستدركه([111])، وشهد بصحّته ناصر الدين الألباني في صحيح الجامع الصغير([112]).

وقال أبو منذر سامي بن أنور المصري الشافعي: «فحديث العترة بعد ثبوته من أكثر من ثلاثين طريقاً وعن سبعة من صحابة سيّدنا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ورضي عنهم، وصحته التي لا مجال للشك فيها يمكننا أن نقول: إنّه بلغ حد التواتر»([113]).

دلالة الحديث على وجود الإمام المهدي×

بعدما تقدم من صحة هذا الحديث، فدلالته على وجود الإمام المهدي× واضحة؛ لأنّه يدلّ على وجود إمام من العترة ـ وهو الخليفة ـ مع الكتاب، ولا يمكن أن يفترق عنه إلى يوم القيامة. والتطبيق المعقول الوحيد له من أهل البيت هو الإمام المهدي وهو آخر الأئمة^، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً؛ لأنّه لا معنى للاستمرار بالتمسّك بهم والأخذ والاقتداء بإمامتهم والتسليم لهم، إلاّ إذا فسّرناه بما تقول به الإمامية الاثنا عشرية، وهو التفسير الحقيقي والواقعي والمنطقي.

3ـ حديث: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة)

ومن الأحاديث العامّة أيضاً حديث: «إنّ الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة»([114]) وهذا الحديث مشهور عند أهل السنة، وقد صحّحه ابن حجر وابن القيّم وغيرهم.

قال ابن حجر العسقلاني وكذا العيني: «... دلالة للصحيح من الأقوال، أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة، والله أعلم»([115]).

وقال ابن القيّم: >ويأبى الله إلا أن يتم نوره ويصدق قول رسوله: إنه لا تخلو الأرض من قائم لله بحججه ولن تزال طائفة من أمته على محض الحق الذي بعثه به<([116]).

وهذا الحديث أيضاً يدلّ على استمرار حجة الله في الأرض، ولا يصحّ ادّعاء أنّ غير أئمّة أهل البيت^ هم حجج الله على الخلق.

الآلوسي يصرح بخلافة الإنسان الكامل إلى قيام الساعة

صرّح الآلوسي في معرض كلامه حول تفسير معنى (الخليفة) في قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}([117])، قال: «المشهور أن المراد به آدم×»، ثم استدرك على كلامه قائلاً: «ولم تزل تلك الخلافة في الإنسان الكامل إلى قيام الساعة وساعة القيام، بل متى فارق هذا الإنسان العالِم مات العالَم؛ لأنّه الروح الذي به قوامه، فهو العماد المعنوي للسماء، والدار الدنيا جارحة من جوارح جسد العالم الذي الإنسان روحه، ولمّا كان هذا الاسم الجامع قابل للحضرتين بذاته، صحّت له الخلافة وتدبير العالم، والله سبحانه الفعّال لما يريد ولا فاعل في الحقيقة سواه»([118]).

ولكن الآلوسي سكت ولم يصرح بالتطبيق، ومن هو ذلك الإنسان الكامل الذي يبقى إلى قيام الساعة، فاكتفى بقوله: «وفي المقام ضيق، والمنكرون كثيرون ولا مستعان إلاّ بالله عزّ وجلّ»([119]).

فالآلوسي لم يفصح عن بيان ماهية هذا الإنسان الكامل، وحجته كثرة المنكرين، ومن ثم يستعين على هذا السكوت بالله عزّ وجلّ. أليس الإنسان الكامل الذي تصح له الخلافة، وتدبير العالم إلى قيام الساعة هو الإمام المهدي×؟ أليس ما ذكرناه من تلك الأحاديث المتقدمة، كحديث الاثني عشر والثقلين وعدم خلو الأرض من حجة، كلّها شواهد على تلك الحقيقية، وهي وجود (الإنسان الكامل الذي تصحّ له الخلافة والإمامة). والتي لا يمكن إلاّ وأن يذعن لها العقل والفطرة السليمة؟

شبهة التعارض في أحاديث الإمام المهدي×

ذكر السيد محمد رشيد رضا في تفسيره، قائلاً: «وأمّا التعارض في أحاديث المهدي فهو أقوى وأظهر والشبهة فيها أظهر، ولذلك لم يعتد الشيخان بشيء من رواياتها في صحيحيهما»([120]). وعليه فتتعارض وتتساقط.

الجواب

إنّ هذه الشبهة مردودة من وجوه:

أولاً: قد تقدّم أنّ هناك جمّاً غفيراً من كبار العلماء ممن قال بصحة وتواتر أحاديث الإمام المهدي×، وهذا بطبيعة الحال يكشف عن عدم الخلاف في هذه القضية. ثم إنّ التعارض لا يعني إلاّ التنافي بين دليلين أو أكثر، بحيث يتحيّر العرف في العمل بأيّ منهما، ويكون هناك تدافع وتناقض بين الدليلين، والعرف هنا لم يتحيّر بل جمع بين أحاديث الإمام المهدي× فلا تعارض أصلاً.

ثانياً: التعارض إنّما يحصل بين الأدلة الظنيّة لا القطعية، وما دلّ على عقيدة المهدي قطعيّ جزماً؛ لأنّ اتفاق ما يزيد على خمسين حديثاً رواه أكثر من صحابي وصحابية يورث الاطمئنان والجزم، وكذلك التواتر بطرقها في جميع الطبقات، فلا تصل المسألة إلى التعارض، لأنّ ما كان جزمياً لا ينافيه ما كان ظنياً.

وعليه؛ فما فرض من تعارض أحاديث الإمام المهدي× ليس صحيحاً، لعدم وجود موضوع لهذا التعارض حتى نقول به.

شبهة عدم إخراج البخاري ومسلم أحاديث المهدي في صحيحيهما

من الشبهات التي أدّت إلى إنكار أحاديث الإمام المهدي× من قبل البعض: عدم ورودها في صحيح البخاري ومسلم، وعدم ذكرها في الصحيحين علامة على ضعفها، قال محمد رشيد رضا: «لم يعتد الشيخان بشيء من رواياتها في صحيحيهما»([121]).

وقال أحمد أمين: «ولم يرو البخاري ومسلم شيئاً من أحاديث المهدي؛ مما يدلّ على عدم صحتها عندهما»([122])، والقفاري قد نهج نفس الأسلوب واقتفى نفس الأثر.

الجواب

 الشبهة باطلة لعدة وجوه:

الوجه الأول: أنّ البخاري ومسلم لم يدّعيا أنّهما استوعبا في كتابيهما جميع الأحاديث الصحيحة، إن سلّمنا بأنّ جميع ما فيهما من أحاديث صحيحة([123]).

أمّا البخاري، فواضح من اسم كتابه الذي ذكره ابن الصلاح في مقدمته، قال: «اسمه الذي سمّاه به هو الجامع المسند الصحيح المختصر من اُمور رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وسننه وأيامه»([124])، فهو يصرّح بأنّه المختصر من اُمور رسول الله’، فكلمة (الجامع) في اسم كتابه هي للمختصر، وليس لكل ما ورد في سنته’.

وقال الذهبي وابن حجر العسقلاني: «قال إبراهيم بن معقل: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: ما أدخلت في كتاب الجامع إلاّ ما صحّ وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب»([125]).

وقال الحازمي: «فقد ظهر أن قصد البخاري كان وضع مختصر في الحديث، وأنه لم يقصد الاستيعاب لا في الرجال، ولا في الحديث»([126]).

أمّا مسلم، فقد صرّح هو بنفسه بعدم جمعه لكلّ الصحاح، قال: «ليس كلّ شيء عندي صحيح وضعته هاهنا إنّما وضَعْتُ هاهنا ما أجمعوا عليه»([127]).

وقال النووي في مقدمة شرحه: إنّ مسلماً قال: «إنّما أخرجت هذا الكتاب وقلت: هو صحاح، ولم أقل ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب فهو ضعيف، وإنما خرّجت هذا الحديث من الصحيح؛ ليكون مجموعاً عندي، وعند من يكتبه عني».

وأضاف النووي: «ألزم الحافظ الدار القطني وغيره، البخاري ومسلماً إخراج أحاديث تركا إخراجها، مع أن أسانيدها أسانيد قد أخرجا لرواتها في صحيحهما. وذكر الدارقطني وغيره: أن جماعة من الصحابة (رضي الله عنهم) رووا عن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ورويت أحاديثهم من وجوه الصحاح لا مطعن في ناقليها، ولم يخرجا من أحاديثهم شيئاً، فيلزمهما إخراجهما على مذهبهما. وذكر البيهقي: إنهما اتفقا على أحاديث صحيفة همام بن منبه، وأن كلّ واحد منهما انفرد عن الآخر بأحاديث منها، مع أن الإسناد واحد.. وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة، فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح؛ بل صحّ عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه، وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح، كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله لا أنّه يحصر جميع مسائله»([128]).

أضف إلى ذلك، فإنّ هناك ما يشير إلى أنّ مسلماً قد أخرج بعض أحاديث المهدي, فقد قال ابن حجر الهيتمي: >ما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي وآخرون: المهدي من عترتي من ولد فاطمة<([129]), فلعلّ الحديث سقط أو أُسقط!

الوجه الثاني: من الثابت عند علماء الحديث أنّ المقبول من الحديث أعمّ من الصحيح، فهو يشمل الصحيح لذاته، والصحيح لغيره، والحسن لذاته، والحسن لغيره، والصحيح ليس مقصوراً وجوده في كتاب الصحيحين، كما هو بدَهي، فالعلماء قسّموا الصحيح بحسب القوة إلى سبعة مراتب:

المرتبة الاُولى: ما اتفق عليه الشيخان، والثانية: ما تفرد به البخاري، والثالثة: ما تفرد به مسلم، والرابعة: ما كان على شرط البخاري ومسلم، والخامسة: ما هو على شرط البخاري، والسادسة: ما هو على شرط مسلم، والسابعة: ما رواه من غيرهم من الأئمة الذين التزموا الصحة وصحّحوه([130]).

ومعلوم أنّه ليس في الصحيحين من هذه المراتب إلاّ الثلاث الاُولى، أمّا الأربع الباقية، فوجودها إنّما هو خارج الصحيحين.

ومعلوم أيضاً أنّ العلماء في جميع العصور يحتجون بالأحاديث الصحيحة، بل والحسنة حتى ما كان منها خارج الصحيحين، والعمل بها مطلقاً، واعتبار ما دلّت عليه من غير حطّ من شأنها أو التقليل من قيمتها، سواء أكان ذلك في اُمور الاعتقاد أم في اُمور الأحكام.

فهناك أحاديث قد احتج بها علماء أهل السنة في غير الصحيحين، فليس بالضرورة أن كلّ حديث لم يخرجه البخاري ومسلم هو ضعيف أو لا يحتجّ به.

الثالث: أنّ الأحاديث التي وردت في صحيح البخاري ومسلم لا نستطيع أن نجزم بعدم شمولها لأحاديث الإمام المهدي×؛ بل هناك أحاديث وردت فيهما وإن لم يرد فيها التصريح بذكر المهدي× على جهة التفصيل، وقد أشارت تلك الأحاديث إلى المهدي× وإن لم تصرّح باسمه، فدّلت على ظهور رجل صالح يؤم المسلمين عند نزول عيسى× في آخر الزمان، يصلّي عيسى بن مريم خلفه.

ومن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم في باب نزول عيسى بن مريم، عن أبي هريرة، قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم»([131]).

وكذلك أخرج مسلم عن جابر بن عبد اللّه، أنّه سمع النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم× فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أمراء؛ تكْرِمةَ اللهِ هذه الاُمّة»([132]).

وجاء ما يفسر هذه الأحاديث في السنن والمسانيد الاُخرى ويبيّن اسم هذا الأمير الذي يصلّي عيسى× خلفه، وصفته أنّه هو المهدي×؛ وأحاديث السنة يفسر بعضها بعضاً:

روى ابن أبي شيبة في المصنّف عن ابن سيرين قال: «المهدي من هذه الاُمّة وهو الذي يَؤُمُّ عيسى بن مريم»([133])، وقال ابن حجر: «وقال أبو الحسن الخسعي الأبدي في مناقب الشافعي: تواترت الأخبار بأنّ المهدي من هذه الاُمّة وأن عيسى يصلي خلفه»([134]).

وروى ابن قيم في المنار المنيف عن مسند الحارث بن أبي أسامة وصحّحه، قال: «روى الحارث بن أبي أسامة في مسنده، حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدثنا إبراهيم بن عقيل، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن جابر، قال: قال: رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا، فيقول: لا، إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الاُمّة»، ثم قال معلقاً: «وهذا إسناد جيد»([135]). وأيضاً صحّحه الألباني في السلسلة الصحيحة([136]).

وقال السيوطي في ردّ من ينكر أن عيسى بن مريم يصلّي خلف المهدي: «وهذا من أعجب العجب، فإن صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدة أحاديث صحيحة بأخبار رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، وهو الصادق المصدوق الذي لا يخلف خبره»([137]).

وخلاصة القول: إنّ هذه الأحاديث وإن رويت في الصحاح بشكل مجمل، ولكن كتب السنة قد فسّرتها وشرحتها؛ ولعل السبب في عدم ذكر البخاري أو مسلم لها مخافة إثارة القلق بسبب أنّ ذكر المهدي كان يشكّل هاجساً مخيفاً للسلطة العباسية الحاكمة آنذاك، فكانت عيونهم وجواسيسهم تتحرّى وترصد كلّ المواليد في ذلك الوقت، فهل يعقل والحال هذه أن يقدم ويجازف الشيخان على هذا الفعل؟ فلذا كانا يتجنّبان الحديث عن المهدي× صراحة، ومع هذا قد أشارا إلى ذلك تلويحاً حين ذكرا أحاديث خروج الدجال، وأحاديث نزول عيسى، وإمامة أمير المسلمين لعيسى×، فهما يعبّران عن وجود الإمام المهدي: (بكلمة أمير) أو (الإمام) مطلقاً([138]).

إذن؛ هناك أحاديث كثيرة منها الصحيح وغير الصحيح في أمر المهدي ولم ترد في صحيحي البخاري ومسلم؛ لذا نجد الحفّاظ الآخرين كابن خزيمة وتلميذه ابن حبّان، و الحاكم النيسابوري وغيرهم قد استدركوا وجمعوا وصحّحوا أحاديث المهدي× وصنّفوها في مؤلفاتهم المشهورة والمعروفة عند أهل العلم والمعرفة.

وبهذا اتّضح سقوط شبهة ضعف أحاديث الإمام المهدي× لعدم إخراج البخاري ومسلم لها في صحيحيهما، وكذلك شبهة التعارض.

ومن مجموع ما تقدم سقطت أيضاً دعوى خرافة وأسطورة القول بالإمام المهدي وغيبته، فهي محض ادعاء لا تستند إلى دليل علمي.

وبعد ذكر هذه المقدّمة عن عقيدة المنقذ أو المهدي عند المسلمين وغيرهم، نحاول الآن الإجابة عن بعض الشبهات التي أوردها القفاري حول المهدي والمهدوية في هذا الجزء، تاركين ما تبقّى إلى الأجزاء الباقية إذا وفقنا الله تعالى لذلك.


 

شبهات القفاري حول المهدي×

الشبهة: إن الإمام العسكري× مات بلا عقب

قال القفاري في فصل (نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة الاثني عشرية):

«إذ بعد وفاة الحسن ـ إمامهم الحادي عشر ـ سنة (260هـ) لم يُر له خلف، ولم يُعرف له ولد ظاهر، فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمّه، كما تعترف بذلك كتب الشيعة نفسها، وبسبب ذلك اضطرب أمر الشّيعة وتفرّق جمعهم؛ لأنّهم أصبحوا بلا إمام، ولا دين عندهم بدون إمام، لأنّه هو الحجّة على أهل الأرض...»([139]).

ثم قال في فصل نقد عقيدة الغيبة: «حتى قال بعضهم: إنّا قد طلبنا الولد بكل وجه فلم نجده، ولو جاز لنا دعوى أن للحسن ولداً خفياً لجاز مثل هذه الدعوى في كلّ ميت من غير خلف، ولجاز أن يقال في النبي (صلّى الله عليه وسلّم) إنّه خلف ابناً نبيّاً رسولاً؛ لأن مجيء الخبر بوفاة الحسن بلا عقب كمجيء الخبر بأنّ النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لم يخلف ولداً من صلبه، فالولد قد بطل لا محالة»([140]).

أساسيات الشبهة

1ـ إنّ الإمام الحسن العسكري× لم ير، ولم يعرف له ولد.

2ـ بعد وفاته انحصر تقسيم ميراثه بين أم الإمام الحسن× وأخيه فقط.

3ـ اضطراب الشيعة واختلافهم بعد وفاة الإمام الحسن×.

4ـ ادعاء الولد للإمام العسكري× يشبه ادعاء أنّ النبي قد خلّف ولداً نبيّاً.

الجواب: الشبهة باطلة من عدة وجوه

الوجه الأول: تهافت أقوال القفاري

زعم القفاري أن كتب الشيعة قد صرّحت بأنّ الإمام العسكري× لم يعرف له ولد ظاهر، بينما نجده في نصّ آخر ينقل عن الشيعة أنفسهم، فيقول: «أما الاثنا عشريّة فقد ذهبت إلى الزّعم بأنّ للحسن العسكري ولداً كان قد أخفى (أي الحسن) مولده، وستر أمره؛ لصعوبة الوقت وشدّة طلب السّلطان له، فلم يظهر ولده في حياته، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته»([141]).

وهو بهذا يصرّح بأنّ رأي الشيعة الإمامية هو أنّ للإمام العسكري ولداً وقد أخفي مولده، وهذا الكلام بطبيعة الحال يقتبس من كتب الشيعة التي تمثل رأيهم.

فهناك تهافت واضح في نقله لآراء الشيعة في مسألة ولادة الإمام المهدي× والمفترض أنّه ينقل آراء الشيعة الإمامية حسب عنوان أطروحته التي خصّها بالإمامية الاثني عشرية، فلا معنى لأن يكون مقصوده بعض الأقوال لغير الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وهذا هو الخطأ الكبير والفاحش الذي وقع في منهج نقده للشيعة الإمامية، فهناك خلط واضح بين المذهب الإمامي الاثني عشري وبقية الفرق التي تنسب للشيعة.

الوجه الثاني: كتب الشيعة تصرح بأن الخلف من صلب الإمام العسكري

إنّ القفاري نقل ادّعاء أنّ الإمام العسكري× لم ير له خلف من الأشعري صاحب كتاب (المقالات والفرق) ونسبه للشيعة مطلقاً، بينما كان الأشعري بصدد نقل أقوال الفرق بعد وفاة الإمام الحسن العسكري×، فبعد أن ذكر أن الإمام لم ير له خلف، قال: «ففرقة منها وهي المعروفة بالإمامية قالت:... فنحن متمسكون بإمامة الحسن بن علي، مقرّون بوفاته موقنون مؤمنون بأنّ له خلفاً من صلبه، متدينون بذلك، وأنه الإمام من بعد أبيه الحسن بن علي، وأنه في هذه الحالة مستتر خائف مأمور بذلك حتى يأذن الله عزّ وجلّ له فيظهر ويعلن أمره»([142]).

وقد قطع القفاري كلام الأشعري، ولم ينقل ذيله المتقدم الذي يفيد أن الإمامية الاثني عشرية: موقنون مؤمنون متدينون بأنّ للإمام الحسن العسكري خلفاً من صلبه، وأنه الإمام من بعد أبيه، وهو يتبنى هذا القول؛ لأن مذهبه وعقيدته هي (الإيمان باثني عشر إماماً)، فأين اعتراف كتب الشيعة الإمامية بأنّ الإمام لم يخلف ولدا ً؟!


الوجه الثالث: عدم الرؤية لا تدل على عدم الوجود

إنّ قول الأشعري في النصّ الذي نقله القفاري: «ولم ير له خلف ولم يعرف له ولد ظاهر» على تقدير صحّته، ليس فيه دلالة على أنّ الإمام العسكري لم يخلّف ولداً، فعدم رؤيته من قبل الناس ومعرفتهم له لا تدلّ على عدم ولادته، لعدم الملازمة بينهما، ففرق بين أن يقال: لم يولد له ولد، وبين أن يقال: لم ير له ولد.

الوجه الرابع: اقتسام جعفر لميراث العسكري لا يدل على عدم ولادة المهدي

لقد استدلّ القفاري على عدم ولادة الإمام المهدي× بانحصار قسمة ميراث الإمام العسكري× بين اُمّه وبين أخيه جعفر الكذّاب، وهذا الانحصار يدلّ على عدم ولادته، قال: «قال: فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمّه»، وهو استدلال لا يخلو من غرابة؛ لأنّ بعض كتب الشيعة عندما تنقل ذلك، لا تدّعي أنّ الإمام المهدي× غير مولود، بل تقول: إنّ جعفراً الكذاب قد ادّعى الإمامة بعد أخيه الحسن بن علي‘ حسداً وطمعاً وكذباً، لذلك ادعى ميراثه، فاقتسامه الميراث مع اُمّ الإمام المهدي× لا يدلّ على عدم ولادته×، بل هو فعل أراد به أن يقوّي زعمه بأنه هو الإمام من بعد أبيه، كما صرّحت بذلك عدّة روايات من طرقنا.

فقد روى الصدوق بسنده عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، عن الإمام زين العابدين×، قال: «حدّثني أبي، عن أبيه: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب^ فسموّه الصادق، فإن للخامس من ولده ولداً اسمه جعفر يدّعي الإمامة؛ اجتراءً على الله وكذباً عليه، فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري على الله عزّ وجلّ، والمدّعي لما ليس له بأهل، المخالف على أبيه والحاسد لأخيه، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة وليّ الله عزّ وجلّ، ثم بكى علي بن الحسين بكاءً شديداً، ثم قال: كأنّي بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ الله، والمغيّب في حفظ الله والتوكيل بحرم أبيه؛ جهلاً منه بولادته، وحرصاً منه على قتله إن ظفر به؛ طمعاً في ميراثه حتى يأخذه بغير حقه»([143]).

فالرواية وردت على لسان رسول الله’، وتشير بشكل صريح أن جعفراً كان يروم كشف ستر الله تعالى عند غيبته؛ حرصاً منه على قتله وطمعاً في ميراثه.

وهذه الرواية تحمل صدقها معها، لوجود قرينة تدل على ذلك، وهي حكاية الواقع وصدقه بما أخبر به×، فجعفر كان حاسداً لأخيه، وطامعاً في ميراثه ساعياً لأخذه بغير حقّ، لذا نجد الشيخ المفيد رحمه الله يصرّح بقوله: «وتولى جعفر بن علي أخو أبي محمد× أخذ تركته، وسعى في حبس جواري أبي محمد× واعتقال حلائله، وشنّع على أصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بإمامته، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشرّدهم، وجرى على مخلفي أبي محمد× بسبب ذلك كلّ عظيمة، من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذل، ولم يظفر السلطان منهم بطائل. وحاز جعفرٌ ظاهرَ تركة أبي محمد×، واجتهد في القيام عند الشيعة مقامه، فلم يقبل أحد منهم ذلك ولا اعتقده فيه، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه، وبذل مالاً جليلاً، وتقرّب بكلِّ ما ظنّ أنّه يتقرب به، فلم ينتفع بشيء من ذلك»([144]).

رأي الإمامية في جعفر الكذاب

خلاصة رأي الإمامية في جعفر لا سيما في هذه المسألة تندرج في النقاط التالية:

أولاً: أنّه ادّعى الإمامة وهو غير مؤهل لها؛ مما اضطرّه إلى اللجوء للسلطة الحاكمة للتمهيد لهذا الأمر، ولكن خاب سعيه في ذلك، لذا نجد أن الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان نهره عندما جاء إليه في هذا الأمر، حيث قال له: «يا أحمق، السلطان جرّد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمّة؛ ليردهم عن ذلك، فلم يتهيأ له ذلك، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة لك إلى السلطان؛ ليرتّبك مراتبهم ولا غير السلطان، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا...»([145]).

ولم يكتف جعفر مجرد ادعائه الإمامة؛ بل استخدم الأموال الكثيرة ليصل إلى مآربه الخبيثة، ولكن أيضاً لم يوفّق في هذا المسعى، فحمل للسلطان الحاكم آنذاك أموالاً طائلة تقدر بـ (عشرين ألف دينار)، طالباً منه أن يجعل له مرتبة أخيه ومنزلته، فأجابه السلطان بنحو جواب الوزير ابن خاقان([146]).

ثانياً: لقد ادّعى تركة الأموال والميراث الذي تركه أخوه بلا وجه حق، ومن ثم حيازته لها بإذن من السلطة الحاكمة.

قال ابن شهر آشوب في مناقبه: «تولّى أخوه أخذ تركته... واجتهد جعفر في المقام مقامه فلم يقبله أحد وبرؤوا منه ولقبّوه الكذاب»([147]).

ثالثاً: لقد قام بإفشاء سرّ أخيه العسكري× إلى الدولة من خلال الإيعاز لهم بولادة الإمام المهدي×، ومن هنا بدأت سلسلة من المطاردات والاعتقالات لعيال الإمام×، بل تسببت في جلب المحن والبلاء لشيعة علي×.

قال الشيخ الطبرسي: «وشنّع على الشيعة في انتظارهم ولده وقطعهم بوجوده واعتقادهم لإمامته، وجرى بسبب ذلك على مخلفة أبي محمد× وشيعته كل بلاء ومحنة، من حبس واعتقال وشدة»([148]).

إذن هذا هو حال جعفر؛ فجاءت تسميته بـ (الكذاب) عند الإمامية، وهذا بطبيعة الحال، لا يدلّ على أن الإمام العسكري لم يخلّف، أو لم يولد له ولد، كما صوّر وادعى الدكتور ذلك.

الوجه الخامس: أحاديث ولادة المهدي× متواترة

إنّ الأحاديث التي تقدّم ذكرها، كحديث (الثقلين) وحديث (الاثني عشر) وحديث (عدم خلو الأرض من قائم لله بحجة) والتي دلّت على استمرار وجوده، فهي تدّل جزماً على ولادته، وكذلك ما ورد من تطبيقٍ لهذه الأحاديث من مصادر الحديث السنية، وكذلك ما تواتر من أحاديث تحديد هويته، وكونه من قريش ومن أهل البيت من ولد النبي ومن ولد علي وفاطمة والحسين^. كما روى الجويني عن مجاهد، عن رسول الله: «إن وصيي علي بن أبي طالب، وبعده سبطاي: الحسن والحسين، يتلوه تسعة من صلب الحسين أئمّة أبرار... إذا مضى الحسين فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمد، فإذا مضى محمد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمد، ثم ابنه عليّ، ثم ابنه الحسن، ثم الحجة بن الحسن، فهذه اثنا عشر أئمة عدد نقباء بني إسرائيل»([149]). وغيرها من الأحاديث التي تقدم ذكرها.

وسوف نتناول اعتراف جملة كبيرة من العلماء ممن قالوا بولادته× وكونه من ولد الإمام الحسن العسكري×؛ ولاسيما ممن اشتهر بخبرته واطلاعه في علم الأنساب، فسنذكر الذين دوّنوا واعترفوا في صحفهم هذه الحقيقة، وكذلك نذكر بشكل عام ممن قال بولادته من غير علماء الأنساب.

وأيضاً سننقل الروايات والأحاديث من طرق الشيعة من خلال الشهادات والوثائق التي تثبت لنا ولادته×، مع وضوح هذا الأمر عند الإمامية؛ لأنها من صلب عقيدتهم؛ ولكن لتشكيك بعض في روايات الشيعة في هذا الأمر سنضطر لنقلها.

اعتراف علماء الأنساب بولادة الإمام المهدي×

في البدء ننقل عبارة القفاري التي نفى فيها تصريح علماء الأنساب بولادة الإمام المهدي×، حيث قال في فصل (نقد عقيدة الغيبة والمهدية عند الاثني عشرية): «وقد ذكر أهل العلم بالأنساب والتواريخ أن الحسن بن علي لم يكن له نسل ولا عقب»([150]).

نقول: هذا قول من لا خبرة له بما قاله علماء الأنساب، فقد ذهب جملة منهم من كلا الفريقين إلى القول بولادة الإمام المهدي×، فهم الأدرى والأعلم بشجرة الأنساب، وقولهم يورث الاطمئنان بالصدق، فيكون حجة بلا نزاع في ذلك، ومن هؤلاء العلماء:

1ـ الشيخ أبو نصر البخاري.

وهو النسّابة الشهير الشيخ أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان بن أبان بن عبد الله البخاري من أعلام القرن (الخامس الهجري)([151]).

قال في سرّ السلسلة العلوية: «وولد علي بن محمد النقي× الحسن بن علي العسكري× من أمّ ولد نوبية([152]) تدعى ريحانة، وولد سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وقبض سنة ستين ومائتين بسامراء، وهو ابن تسع وعشرين سنة... وولد علي النقي ابن محمد التقي× جعفراً وهو الذي تسميّه الإمامية جعفر الكذاب، وإنما تسمّيه الإمامية بذلك لادعائه ميراث أخيه الحسن× دون ابنه القائم الحجة×، لا طعن في نسبه»([153]).

2ـ السيد الشريف نجم الدين أبو الحسن بن محمد العلوي العمري.

النسابة المشهور، من أعلام (القرن الخامس) في كتابة (المجدي في أنساب الطالبيين) قال: «ومات أبو محمد× وولده من نرجس معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله... وامتحن المؤمنون، بل كافة الناس بغيبته»([154]).

3ـ فخر الدين محمد بن عمر الرازي الشافعي (ت/606 هـ)([155]).

قال في كتابه (الشجرة المباركة في أنساب الطالبية): «أما الحسن العسكري الإمام× فله ابنان وبنتان: أمّا الابنان، فأحدهما: صاحب الزمان، والثاني موسى درج في حياة أبيه...»([156]).

4ـ النسابة الشهير السيد جمال الدين أحمد بن علي الحسنى، المعروف بابن عنبة والمتوفى سنة (828 هـ) في كتابه (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب)، قال: «الإمام أبو محمد الحسن العسكري× كان من الزهد والعلم على أمر عظيم، وهو والد الإمام محمد المهدي صلوات الله عليه ثاني عشر الأئمة عند الإمامية، وهو القائم المنتظر عندهم، من أمّ ولد اسمها نرجس، واسم أخيه أبو عبد الله جعفر الملقب بالكذّاب؛ لادعائه الإمامة بعد أخيه الحسن»([157]).

5ـ الشيخ أبو المعالي محمد سراج الدين الرفاعي (ت/ 885 هـ)([158]).

قال في كتابه (صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار): «وكان له [أي الإمام الهادي] خمسة أولاد الإمام الحسن العسكري والحسين ومحمد وجعفر وعائشة، فالحسن العسكري أعقب صاحب السرداب الحجة المنتظر، وليّ الله الإمام محمد المهدي×...»([159]).

6ـ محمد أمين السويدي (ت/ 1246 هـ)([160]).

قال في كتابه (سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب): «محمد المهدي: وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة، حسن الوجه والشعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة»([161]).

اعتراف علماء السنة بولادة الإمام المهدي×

اعترف جملة كبيرة من علماء أهل السّنة ـ غير علماء الأنساب ـ بولادة الإمام المهدي×، فهم على صنفين: منهم من ذكر ولادته من دون أن يشكّك فيها ومنهم من ذكر ذلك ونسبه لرأي الشيعة، والقسم الأول الذي اعترف بولادته لم يتطرق إلى زمان وكيفيّة وفاة الإمام المهدي، مع أنّ السيرة المعروفة عندهم ـ في الغالب ـ أن تذكر الوفيات لكل من يترجم له، أو من تذكر سيرته عندهم، بل صرح بعضهم أنّه لا يعلم كيف مات الإمام المهدي.

قال الذهبي والصفدي وغيرهما عند ترجمتهم للإمام الحسن العسكري×: «عُدم، ولم يعلم كيف مات...» وهذه العبارة فيها اعتراف ضمني بولادته؛ لأنهم لا يعلمون كيف مات، كما هو صريح عبارتهم([162]).

فالمسألة يلفّها الغموض بينهم، فيدور حالهم بين أمرين:

إمّا الاعتراف بما تقول به الشيعة من تحقّق غيبته×، وإمّا أن يبرّروا للقارئ ـ بموضوعية ـ سبب عدم ذكر وفاته!!

وعليه نستطيع القول إنّ هناك اتفاقاً على ولادته في الجملة، وهذا كاف في رفع هذا الإشكال.

يقول مصطفى الرافعي([163]) في كتابه (إسلامنا) بعد أن ذكر جملة من علماء السنّة الذين قالوا بولادته: «وكثيرٌ غيرهم من علماء السنّة الأجلاء الذين ذاع صيتهم ويذكرون بكل إعجاب وتقدير. هؤلاء وكثير غيرهم ممّن لا يتّسع المقام لذكرهم يقولون بمقولة الإمامية: من أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري وأنّه حي في مكان ما في هذا العالم، ولا يجدون في مقولتهم هذه ما يناهض العقل، وبخاصة إذا اعتبرت حياة المهدي من الاُمور الخارقة للعادة، كالتي أجراها الله؛ معجزة لبعض أنبيائه، أو كرامة لبعض أوليائه، وذلك كحياة المسيح والخضر من الأتقياء وإبليس الدجّال من الأشقياء»([164]).

ومن جملة علماء أهل السنّة الذين صرحوا بولادته:

1ـ ابن الأثير الجزري (ت/630 هـ)([165]).

قال في كتابه (الكامل في التاريخ) في حوادث سنة (260هـ): «وفيها توفي أبو محمد العلوي العسكري، وهو أحد الأئمة الاثني عشر، على مذهب الإمامية، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر...»([166]).

2ـ محيي الدين بن العربي (ت/ 638 هـ)([167]). قال نقلاً عن الشعراني في كتابه (اليواقيت والجواهر): «وعبارة الشيخ محيي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات: واعلموا أنّه لابدّ من خروج المهدي×، ولكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلاّ يوم واحد طوّل اللّه تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول اللّه (صلّى الله عليه وسلّم) من ولد فاطمة (رضي الله عنها)، وجدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده حسن العسكري ابن الإمام علي النقي...»([168]).

وهذه العبارة التي نقلها الشعراني عن ابن العربي قد حذفت من النسخ المطبوعة، وهو بلا شك خلاف الأمانة العلمية، لذا أدرج الشيخ مهدي فقيه إيماني نسخة مصوّرة من الفصل المتعلق بالموضوع في كتابه (المهدي عند أهل السنّة) وهذا إن دلّ فهو يشير إلى حقيقة ولادة الإمام المهدي، لذا نجد أن النصوص غير المرغوب فيها تارةً تقطّع وتارةً تحذف.

3ـ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي (ت/ 652 هـ)([169]).

قال في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول): «محمد ابن الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي الحجة الخلف الصالح المنتظر عليهم السلام ورحمة الله وبركاته».

ثم ذكر أبياتاً من الشعر:

«فهذا الخلف الحجة قد أيّده الله

 

 

 

 

هداه منهج الحق وأتاه سجاياه

وأعلى في ذرى العليا بالتأييد مرقاه

 

 

 

 

وأتاه حلى فضل عظيم فتحلاّه

قال رسول الله قولاً قد رويناه

 

 

 

 

وذو العلم بما قال إذا أدرك معناه

ترى الأخبار في المهدي جاءت بمسماه

 

 

 

 

وقد أبداه بالنسبة والوصف وسماه»

إلى آخر أبياته، ثم قال: «فأما مولده: فبِسُرّ من رأى، في ثالث وعشرين رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة»([170]).

4ـ سبط ابن الجوزي الحنفي (ت/ 654 هـ)([171]).

قال في كتابه (تذكرة الخواص) فصل في ذكر الحجة المهدي: «هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكنيته أبو عبد الله وأبو القاسم، وهو الخلف الحجة صاحب الزمان، القائم المنتظر، والتالي، وهو آخر الأئمة...»([172]).

5ـ محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي (ت/658هـ)([173]).

قال في كتابه (كفاية الطالب): «ودفن في داره بِسُرَّ من رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه وخلّف ابنه وهو الإمام المنتظر صلوات الله عليه...»([174]).

وفي كتابه الآخر الذي أسماه (البيان في أخبار صاحب الزمان) في الباب الخامس والعشرين في الدلالة على كون المهدي حياً باقياً منذ غيبته إلى الآن، قال: «ولا امتناع في بقائه؛ بدليل بقاء عيسى وإلياس والخضر من أولياء الله تعالى، وبقاء الدجال وإبليس الملعونين من أعداء الله تعالى، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة»([175]).

6ـ ابن خلّكان: (ت/ 681 هـ)([176]).

قال في كتابه (وفيات الأعيان) تحت عنوان الحجة المنتظر: «أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية، المعروف بالحجة، وهو الذي تزعم الشيعة أنّه المنتظر والقائم والمهدي... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ولمّا توفي أبوه... كان عمره خمس سنين»([177]).

7ـ الجويني الشافعي (ت/ 722 هـ)([178]).

ذكر في كتابه (فرائد السمطين) عدّة روايات في عدد الأئمة وأسمائهم، ونصّ على أنّ المهدي هو الحجة القائم المنتظر، كما نجد ذلك واضحاً عند ذكره لحديث اللوح، حيث ذكر الأئمة الاثني عشر واحداً واحداً، وأنّ آخرهم القائم، المهدي المنتظر بن الحسن العسكري([179]).

وأخرج كذلك بسنده إلى دعبل الخزاعي عن الإمام الرضا×، قال: «... يا دعبل، الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره...»([180]).

8ـ أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي (ت/732 هـ)([181]).

قال في تاريخه (المختصر من أخبار البشر) عند ذكره لوفاة الإمام الحسن العسكري في أحداث سنة (254هـ): «والحسن العسكري المذكور هو والد محمد المنتظر صاحب السرداب، ومحمد المنتظر المذكور هو ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على رأي الإمامية، ويقال له: القائم والمهدي والحجة وولد المنتظر المذكور في سنة خمس وخمسين ومائتين»([182]).

9ـ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت/ 748 هـ)([183]).

قال في كتابه (تاريخ الإسلام) في ترجمة الإمام الحسن العسكري×: «وأمّا ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة، فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة ست وخمسين، عاش بعد أبيه سنتين ثم عُدم، ولم يعلم كيف مات...»([184]).

10ـ محمد بن يوسف الزرندي (ت/ 750 هـ)([185]).

قال في كتابه (معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول): «الإمام أبو القاسم محمد بن الحسن... وكان مولده× على ما نقلته الشيعة ليلة الجمعة للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، بِسُرَّ من رأى في زمان المعتمد، واُمّه: نرجس بنت قيصر الروم، أم ولد، وكان نقش خاتمه: الله عصمتي ومحمد حجتي، وعلي قوتي»([186]).

11ـ خليل بن أيبك الصفدي الشافعي (ت/ 764 هـ)([187]).

قال في كتابه (الوافي بالوفيات) عند ترجمته للإمام الحسن العسكري×: «وأمّا ابنه محمد الحجة الخلف الذي تدّعيه الرافضة، فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل: ست وخمسين، عاش بعد أبيه سنتين، ومات، عُدِمَ ولم يُعلم كيف مات...»([188]).

12ـ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت/ 852هـ)([189]).

قال في كتابه: (لسان الميزان) عند ترجمته لجعفر الكذاب: «أخو الحسن الذي يقال له العسكري، وهو الحادي عشر من الأئمّة الإمامية، ووالد محمد صاحب السرداب...»([190]).

13ـ نور الدين علي بن الصباغ المالكي (ت/ 855 هـ)([191]).

قال في كتابه (الفصول المهمة في معرفة الأئمة): «ولد أبو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص بِسُرَّ من رأى، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة، وأمّا نسبه أباً وأمّاً، فهو أبو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، صلوات الله عليهم أجمعين... وأمّا لقبه فالحجّة والمهدي والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان، وأشهرها المهدي...»([192]).

14ـ الفضل بن روزبهان (ت/ بعد 909 هـ)([193]).

نظّم في كتابه (إبطال الباطل) أبياتاً شعرية رائعة في فضل أهل البيت^ واحداً تلو الآخر، ثم ذكر القائم المنتظر وأنّه من سلالة الحسن العسكري، وأنه سيملأ الأرض عدلاً، وبذلك فهو ينصّ على الاثني عشر إماماً، كما سترى من هذا النظم الشعري.

قال: «ونعم ما قلت فيهم منظوماً:

سلام على المصطفى المجتبى

 

سلام على السيد المرتضى

 

سلام على ستنا فاطمة

 

مَن اختارها الله خير النسا

 

سلام على المسك أنفاسه

 

على الحسن الألمعي الرضا

 

سلام على الأورعي الحسين

 

شهيد يرى جسمه كربلا

 

سلام على سيد العابدين

 

علي بن الحسين المجتبى

سلام على الباقر المهتدي

 

سلام على الصادق المقتدى

سلام على الكاظم الممتحن

 

رضي السجايا إمامِ التقى

سلام على الثامن المؤتمن

 

علي الرضا سيد الأصفيا

سلام على المتقي التقي

 

محمد الطيب المرتجى

سلام على الأريحي النقي

 

علي المكرم هادي الورى

سلام على السيد العسكري

 

إمام يجهز جيش الصفا

سلام على القائم المنتظر

 

أبي القاسم القرم نور الهدى

سيطلع كالشمس في غاسق

 

ينجيه من سيفه المنتقى

ترى يملأ الأرض من عدله

 

كما ملئت جور أهل الهوى

سلام عليه وآبائه

 

وأنصاره ما تدوم السما»([194])

15ـ محمد بن طولون الدمشقي الحنفي (ت/953 هـ)([195]).

قال في كتابه (الأئمة الاثنا عشر): «وثاني عشرهم ابنه محمد بن الحسن، وهو أبو القاسم محمد بن الحسن بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، (رضي الله عنهم)... كانت ولادته (رضي الله عنه) يوم الجمعة، منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين»([196]).

16ـ القاضي حسين بن محمد الديار بكري (ت/ 966 هـ)([197]).

قال في كتابه (تاريخ الخميس): «وفي سنة ستين ومائتين، مات الحسن بن علي الجواد بن الرضا العلوي، أحد الأئمة الاثني عشر الذين تعتقد الرافضة عصمتهم، وهو والد منتظرهم محمد بن الحسن»([198]).

17ـ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني الشافعي (ت/ 973 هـ)([199]).

قال في كتابه (اليواقيت والجواهر) في المبحث الخامس والستين من الجزء الثاني، في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حق لابدّ أن تقع كلّها قبل قيام الساعة: «وذلك كخروج المهدي، ثم الدجال ثم نزول عيسى» إلى أن قال: «ثم تأخذ في ابتداء الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريباً كما بدأ، وذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضي ثلاثين سنة من القرن الحادي عشر، فهناك يُترقّب خروج المهدي×، وهو من أولاد الإمام حسن العسكري، ومولده× ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم×، فيكون عمره إلى وقتنا هذا ـ وهو سنة ثمان وخمسين وتسعمائة ـ سبعمائة وست سنين»([200]).

18ـ ابن حجر الهيتمي الشافعي (ت/ 974 هـ)([201]).

قال في كتابه (الصواعق المحرقة): «أبو محمد الحسن الخالص... مات بسُرَّ من رأى، ودفن عند أبيه وعمه، وعمره ثمانية وعشرون سنة. ويقال: إنّه سُمَّ أيضاً، ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن آتاه الله فيها الحكمة، ويسمى القائم المنتظر، قيل: لأنّه سُتر بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب»([202]).

19ـ الملاّ علي القاري (ت: 1014 هـ)([203]).

قال في كتابه (مرقاة المفاتيح) معلقاً على حديث (الاثني عشر من قريش): «قلت: وقد حمل الشيعة: الاثني عشر على أنهم من أهل بيت النبوّة متوالية، أعم من أن تكون لهم خلافة حقيقية أو استحقاقاً، فأولهم علي، فالحسن، فالحسين، فزين العابدين، فمحمد الباقر، فجعفر الصادق، فموسى الكاظم، فعلي الرضا، فمحمد التقي، فعلي النقي، فحسن العسكري، فمحمد المهدي (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين)، على ما ذكره زبدة الأولياء خواجة محمد بارسا في كتاب (فصل الخطاب) مفصلة، وتبعه مولانا نور الدين عبد الرحمن الجامي في أواخر (شواهد النبوّة) وذكر فضائلهم ومناقبهم وكراماتهم ومقاماتهم مجملة..»([204]).

20ـ ابن العماد الحنبلي (ت/1089 هـ)([205]).

قال في كتابه (شذرات الذهب في أخبار من ذهب): «وفيها: [أي سنة 260 هـ توفي] الحسن بن علي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني، أحد الاثني عشر الذين تعتقد الرافضة فيهم العصمة، وهو والد المنتظر محمد صاحب السرداب»([206]).

21ـ سليمان بن إبراهيم المعروف بالقندوزي الحنفي (ت: 1294 هـ)([207]).

قال في كتابه (ينابيع المودة) الباب التاسع والسبعون في ذكر ولادة القائم المهدي: «فالخبر المعلوم المحقّق عند الثقات أنّ ولادة القائم× كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين في بلدة سامراء»([208]).

22ـ خير الدين الزركلي (ت: 1410 هـ)([209]).

قال في كتابه (الأعلام): «محمد بن الحسن العسكري (الخالص) بن علي الهادي، أبو القاسم: آخر الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، وهو المعروف عندهم بالمهدي، وصاحب الزمان، والمنتظر، والحجة، وصاحب السرداب ولد في سامراء...»([210]).

23ـ محمد ناصر الألباني (ت 1420 هـ)([211]).

قال في كتابه (التعليقات الرضية على الروضة الندية)، لمؤلفه (صديق حسن خان (ت/1307 هـ): «قال الماتن رحمه الله: ومن هذا القبيل استثناء الفاطمية من قوله: (ويغتفر برضا الأعلى والولي) وجعل بنات فاطمة (رضي الله عنها) أعلى قدراً وأعظم شرفاً من بنات رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، لصلبه» ثم قال: «فيا عجباً كل العجب من هذه التعقيبات الغريبة ... انظر اُمّهات العترة الطاهرة الذين هم قدوة السادة واُسوة القادة في كلّ خير ودين مَنْ كُنّ؟

فاُمّ أبي العترة الإمام زين العابدين علي بن الحسين شهربان بنت يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن خسروبرويز بن هرمز بن نوشيروان ـ ملك الفرس ـ واُمّ الإمام موسى الكاظم اُمّ ولد اسمها حميدة، واُمّ الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم اُمّ ولد أيضاً اسمها تكتم» إلى أن قال: «واُمّ الإمام محمد بن حسن الملقب بالحجة والقائم والمهدي اُمّ ولد اسمها نرجس، وهكذا كان شأن التزوج في أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لم يعرج أحد منهم على الكفاءة في النسب»([212]).

فهناك اعتراف من الألباني ـ المعروف بتشدده ـ بولادة الإمام المهدي× من أمّه نرجس، وهذا يؤيد ما قالته الشيعة.

نكتفي بهذا المقدار من الأقوال التي فيها دلالة واضحة على ولادة الإمام المهدي×.

وننتقل بعد ذلك إلى الروايات الشيعية الصحيحة التي صرّحت بالولادة، وكذلك الشهادات والوثائق التي تدلّ على إثبات ذلك.

الروايات الدالة على ولادة الإمام المهدي من طرق الشيعة

من الواضحات والمسلّمات عند مذهب الإمامية الاثني عشرية ولادة وإمامة المهدي×، ولكن مع هذا نجد القفاري قد شكّك في الوضوح والتسالم، مدّعياً أن كتب الشيعة تخلو من ذلك؛ لذا سنضطر لنقل بعض الروايات الصحيحة والشواهد والوثائق التي تدلّ على ذلك.

الرواية الأولى

روى الكليني بسند صحيح، عن محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم الجعفري، قال: «قلت لأبي محمد×: جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل، قلت: يا سيدي، هل لك ولد؟ فقال: نعم، فقلت: فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ قال: بالمدينة»([213]).

سند الرواية

1ـ محمد بن يحيى العطار: ثقة عين، قال النجاشي: «محمد بن يحيى أبو جعفر العطار القمي، شيخ أصحابنا في زمانه، ثقة، عين، كثير الحديث»([214]). وكذلك أورد العلامة الحلّي في خلاصته نفس كلام النجاشي([215]).

2ـ أحمد بن إسحاق: هو ابن سعد الأشعري، ثقة، قال النجاشي في رجاله: «وكان خاصة أبي محمد×»([216]).

وقال الطوسي في رجاله: «أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، قميّ ثقة»([217]).

وقال في الفهرست: «كان من خواص أبي محمد×، ورأى صاحب الزمان× وهو شيخ القمّيين ووافدهم»([218]).

3ـ أبو هاشم الجعفري: هو داود بن القاسم يكنّى أبا هاشم، ثقة عظيم المنزلة.

قال النجاشي في رجاله: «كان عظيم المنزلة عند الأئمة^، شريف القدر، ثقة»([219]).

وقال الطوسي في رجاله: «ثقة جليل القدر»([220]).

وبهذا يكون سند الرواية في غاية الاعتبار والصحة.

أما دلالة الرواية فواضحة وصريحة في أن الإمام العسكري× كان قد خلّف ولداً وهو المهدي×.

الرواية الثانية

روى الكليني أيضاً في الكافي، والمفيد في الإرشاد، بسند صحيح: «عن علي بن محمد، عن محمد بن علي بن بلال، قال: خرج إليّ من أبي محمد قبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إليّ من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده»([221]).

سند الحديث

1ـ علي بن محمد: هو القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن بندار، يعتبر من مشايخ الكليني والصدوق، قال الشيخ منتجب الدين في فهرسته: «القاضي أبو الحسن علي بن بندار بن محمد الهوشمي: فاضل، ثقة»([222]).

وقال الأردبيلي في جامع الرواة: «علي بن بندار بن محمد الهوشمي القاضي أبو الحسن: فاضل ثقة»([223]).

2ـ محمد بن علي بن بلال: وثّقه الشيخ الطوسي في رجاله قائلاً: «محمد بن علي بن بلال، ثقة»([224]).

وقال العلامة الحلي في الخلاصة: «أحمد بن علي بن بلال، من أصحاب أبي محمد العسكري×، ثقة»([225]).

ونقل السيد الخوئي في معجمه، وثاقته، قائلاً: «والمتلخص من جميع ما ذكرنا: أنّ الرجل كان ثقة مستقيماً... فلا مانع من العمل برواياته، بناء على كفاية الوثاقة في حجية الرواية، كما هو الصحيح»([226]).

إذن فالرواية صحيحة، ودلالتها واضحة في إخبار الإمام الحسن العسكري بولادة وإمامة خلفه من بعده.

الرواية الثالثة

روى الصدوق بسنده عن أبي الغنائم خادم الإمام×، قال: «ولد لأبي محمد× ولد، فسمّاه محمداً، فعرضه على أصحابه يوم الثالث، وقال: هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتدّ إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً»([227]).

وهذه الرواية متحدة المضمون مع الروايتين السابقتين، وهذا يقوّي صحتها بغضّ النظر عن سندها.

هذه بعض النماذج من الروايات التي تؤكد ولادته، وهناك روايات اُخرى مستفيضة، ولعلها تصل إلى حدّ التواتر، ولك أن تراجع كتاب الغيبة للشيخ النعماني وكتاب الغيبة للطوسي، وكتاب إكمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق، وكفاية الأثر للشيخ الخزاز القمي، وغيرها من الكتب في هذا المجال، التي تدلّ على ما ندّعيه.

الشهادات الحسية لولادة الإمام المهدي×

أولاً: شهادة من رآه من أصحابه ومن كان معه ومع أبيه ×

ويدعم صحة تلك الروايات، شهادة من رآه من أصحابه، ومن كان معه ومع أبيه، وهذه الشهادات مطابقة لمضامين تلك الروايات الدالّة على ولادته، وقد بلغت تلك الشهادات حداً من الكثرة بحيث لا تحتاج معه إلى البحث في سندها، ومن تلك الشهادات:

1ـ شهادة حكيمة بنت محمد بن علي‘ ([228]).

روى الكليني وتبعه المفيد ـ واللفظ للأول ـ بسنده عن موسى بن محمد بن القاسم، قال: «حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي ـ وهي عمّة أبيه ـ أنها رأته ليلة مولده وبعد ذلك»([229]).

وروى الصدوق بسنده عن حكيمة بنت الإمام محمد الجواد، قالت: «بعث إليّ أبو محمد الحسن بن علي×، فقال: يا عمّة اجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا، فإنها ليلة النصف من شعبان، فإن الله تبارك وتعالى سيُظهر في هذه الليلة الحجّة، وهو حجته في أرضه...» ثم إنّ حكيمة عمّة الإمام العسكري تتحدث عن ولادة الإمام المهدي وتقول: «فضممته إليّ فإذا أنا به نظيف، متنظف، فصاح بي أبو محمد×: هلمي إليّ ابني يا عمة...»([230]).

2ـ عثمان بن سعيد أبو عمرو العمري([231]).

روى المفيد بسنده عن حمدان القلانسي، قال: «قلت لأبي عمرو العمري: قد مضى أبو محمد، فقال لي: قد مضى، ولكن قد خلّف فيكم من رقبته مثل هذه ـ وأشار بيده»([232]).

3ـ محمد بن عثمان العمري([233]).

روى الصدوق في إكمال الدين، بسند صحيح، عن محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: «حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: قلت لمحمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه): إني أسألك سؤال إبراهيم ربه جل جلاله حين قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} فأخبرني عن صاحب هذا الأمر هل رأيته؟ قال: نعم، وله رقبة مثل ذي، وأشار بيده إلى عنقه»([234]).

4ـ معاوية بن حكيم([235]).

روى الصدوق بسنده عن معاوية بن حكيم، ومحمد بن أيوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه)، قالوا: «عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي‘ ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلاً، فقال: هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا، قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت إلاّ أيام قلائل حتى مضى أبو محمد×»([236]).

5ـ يعقوب بن منقوش([237]).

روى الصدوق بسنده عن يعقوب بن منقوش، قال: «دخلت على أبي محمد الحسن بن علي× وهو جالس على دكّان في الدار... فقلت له: [يا] سيدي من صاحب هذا الأمر؟ فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي([238]) له عشر أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين أبيض الوجه، دري المقلتين... فجلس على فخذ أبي محمد×، ثم قال لي: هذا صاحبكم...»([239]).

6ـ إبراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري([240]):

وأيضاً روى عن فارس النيسابوري، قال: «لما همّ الوالي عمر بن عوف بقتلي... غلب عليّ خوف عظيم، فودّعت أهلي وأحبائي وتوجهت إلى دار أبي محمد× لأودّعه، وكنت أردت الهرب، فلمّا دخلت عليه رأيت غلاماً جالساً في جنبه وكان وجهه مضيئاً كالقمر ليلة البدر، فتحيّرت من نوره وضيائه... فقلت لأبي محمد×: يا سيدي، جعلني الله فداك، من هو؟ وقد أخبرني بما كان في ضميري؟ فقال: هو ابني وخليفتي من بعدي»([241]).

وهناك الكثير غير ما ذكرنا ممن رآه وتشرف بلقائه ورؤيته، فقد أفرد الشيخ الكليني باباً سمّاه (فيمن رآه×) وقد ذكر فيه خمسة عشر رواية تدل على مشاهدته من قبل أصحابه، وكذلك فعل الشيخ الصدوق([242]) والشيخ المفيد([243]) رحمهم الله.

ثانياً: الإكثار من العقائق عن الإمام المهدي ×

لعل واحدة من الإجراءات الإعلامية التي اتخذها وسلكها الإمام العسكري× لإثبات ولادة ولده القائم المهدي×، ولكي يثبت للشيعة أنّه هو الإمام من بعده، هي كثرة العقائق عن ولده، فقد حدثتنا الروايات عن حالات اتخذها الإمام جديرة بأن يُلتفت إليها، منها:

أـ إنّه لم يعق عن أحد من الأئمة^ كما كان للإمام المهدي×، فقد أمر الإمام العسكري× وكيله عثمان بن سعيد بهذه المهمة، وكلّفه بشراء (عشرة آلاف رطل خبز ومثله من اللحم) وفرقه على الفقراء.

روى الشيخ الصدوق بسنده عن أبي جعفر العمري، قال: «لمّا ولد السيد [أي الإمام المهدي×]، قال أبو محمد×: ابعثوا إلى أبي عمرو [أي عثمان بن سعيد]، فبعث إليه فصار إليه، فقال له: اشتر عشرة آلاف رطل خبز، وعشرة آلاف رطل لحم وفرّقه... وعقّ عنه بكذا وكذا شاة»([244]).

ب ـ تعدّد وتنوّع الأماكن التي أمر الإمام العسكري بتفريق تلك العقائق فيها، وهذا التعدد فيه دلالة إعلامية للإخبار بولادة ولده صاحب الزمان×، حيث بعث بأربعة من العقائق إلى صاحبه إبراهيم، وكتب إليه بعد البسملة: «هذه عن ابني محمد المهدي، كلّ منها وأطعم من وجدت من شيعتنا»([245]).

ولا يخفى أن هذا الإخبار هو للثقات من أصحابه فقط، وإلاّ فالإمام في نفس الوقت كان يأمر بكتمان أمره؛ خوفاً عليه من بطش السلطات الحاكمة.

وبهذا تكون ظاهرة العقائق ـ من كثرتها وتعدد الأماكن لها ـ تعبيراً عن إرادة الإمام العسكري في توجيه أنظار الخواصّ من شيعته إلى ولادة ابنه المهدي؛ لأنّه كان يعلم ما سيؤول إليه الأمر من بعده، وأن السلطات ستوحي للناس بأنّ الإمام لم يخلف ولداً؛ ولذا جاء بهذا الإثبات ليُطمئن شيعته بأنّ له ولداً هو المهدي، وهو من يتولى أمر الإمامة من بعده.

ثالثاً: رؤية الوكلاء للمهدي ×

وأيضاً من الشهادات الحسّية الواضحة، رؤية الوكلاء له×، ونذكر ما رواه الصدوق، حيث قال: «ورآه من الوكلاء ببغداد: العمري وابنه، وحاجز، والبلالي، والعطار، ومن الكوفة: العاصمي، ومن أهل الأهواز: محمد بن إبراهيم بن مهزيار، ومن أهل قم: أحمد بن إسحاق، ومن أهل همدان: محمد بن صالح، ومن أهل الري: البسامي، والأسدي، ومن أهل آذربيجان: القاسم بن العلاء، ومن أهل نيسابور: محمد بن شاذان ... ومن همدان: محمد بن كشمرد، وجعفر بن حمدان، ومحمد بن هارون بن عمران، ومن الدينور: حسن بن هارون، وأحمد بن أخية، وأبو الحسن، ومن إصفهان: ابن باذشالة، ومن الصيمرة: زيدان، ومن قم: الحسن بن النضر، ومحمد بن محمد، وعلي بن محمد بن إسحاق، وأبوه، والحسن بن يعقوب، ومن أهل الري: القاسم بن موسى وابنه، وأبو محمد بن هارون، وصاحب الحصاة، وعلي بن محمد، ومحمد بن محمد الكليني، وأبو جعفر الرفاء»([246]).

وغيرهم ممن ذكرهم الصدوق رحمه الله تعالى.

رابعاً: تعامل السلطة العباسية بعد وفاة الإمام العسكري ×

ومن الأدلة الحسّية أيضاً التي رافقت الأحداث المؤلمة بعد وفاة الإمام العسكري× هو تحرّي السلطة الحاكمة المتمثلة آنذاك بالخليفة المعتمد العباسي (ت/279هـ)، فقام هذا الخليفة مباشرة بعد وفاة الإمام العسكري× بتفتيش داره وحبس جواريه واعتقال حلائله.

وقد تقدم قول المفيد رحمه الله: «وسعى في حبس جواري أبي محمد× واعتقال حلائله، وشنّع على أصحابه... وجرى على مخلفي أبي محمد× بسبب ذلك كلّ عظيمة، من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذل، ولم يظفر السلطان منهم بطائل»([247]).

وهذا يكشف عن إيمان الخليفة العباسي بوجود الإمام المهدي× نتيجة إيمانه بمضامين الأحاديث المتواترة التي أكدت ولادته، وأنّه من ولد فاطمة÷ ومن ذرية الحسين ومن ولد الحسن العسكري^، وإلاّ لا يوجد مبرر آخر صحيح لهذا التأكيد على تفتيش بيت الإمام العسكري× واعتقال عياله ...

وأمّا ما ذكره من أن السلطة كانت قد فعلت ذلك؛ للمطالبة بميراث جعفر الكذاب، فهو ليس صحيحاً، بل كان مجرد ذريعة، وإلاّ كان يمكن أن يُكتفى لحل هذه المسألة من خلال إجراءات قضائية، لا أنّه تقوم السلطة بنفسها بالمطالبة بعد وفاة الإمام العسكري× مباشرة، فهذا يكشف أنّ هناك إيماناً مسبقاً بوجود خلف وعقب للإمام العسكري×؛ لذا جاءت هذه الإجراءات لتؤكد هذا المعنى، ولكن شاءت القدرة والسنّة الإلهية أن يُحفظ الوليد كما حفظت قبله موسى× من فرعون.

وخلاصة ما تقدّم من روايات الفريقين وأقوال علمائهم وشهادة الإمام العسكري× نفسه بولادة ابنه المهدي× وكذلك من خلال الشهادات الحسيّة، كشهادة من رآه من أصحابه وكثرة العقائق عنه، ورؤية الوكلاء له، وممن وقف على معجزاته، وكذلك تصرّف السلطات العباسية مع هذا الحدث، واللجوء إلى مطاردته بحجة الأخذ بميراث جعفر، كلّها شهادات تثبت لنا ولادته وإمامته×.

 

الشبهة: اضطراب أمر الشيعة بعد وفاة الإمام العسكري×

قال القفاري: «وبسبب ذلك اضطرب أمر الشيعة، وتفرّق جمعهم؛ لأنّهم أصبحوا بلا إمام، ولا دين عندهم بدون إمام؛ لأنّه هو الحجّة على أهل الأرض...»([248]).

الجواب: الشيعة الإمامية لم يضطرب أمرهم

لم يبيّن القفاري من هم الشيعة الذين اضطرب أمرهم، هل هم الاثنا عشرية الإمامية أم غيرهم؟

فإن كان الثاني: فالمفروض أنّ محطّ اهتمامه هو عقائد الإمامية الاثني عشرية، كما هو موضوع رسالته، وليس صحيحاً نقد عقائد الآخرين.

وإن كان الأول: فقد اتضح من مجموع بحثنا اتفاق الشيعة الإمامية على ولادة الإمام المهدي وإمامته، وعضدنا ذلك بأقوال جملة كبيرة من علماء أهل السنة الذين صرّحوا بولادته، فأين اضطراب الشيعة الإمامية وتفرقهم؟! وكيف أصبحوا بلا إمام؟!!

أمّا قول الإمامية إنّ الأرض لا تخلو من حجة، فهذا الكلام لم تنفرد فيه الشيعة فقط؛ وقد تقدّم الحديث عن ذلك([249]).

وهذا الحديث المتقدّم ينسجم مع ما رواه أهل السنة من أنّ أهل البيت هم أمان لأهل الأرض، وهم القيّمون على هذا الدين، فقد أخرج الحاكم في مستدركه بسنده عن جابر (رضي الله عنه)، قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):... وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون. صحيح الإسناد ولم يخرجاه»([250]).

وأخرج الجويني في كتابه (فرائد السمطين) عن الإمام جعفر الصادق×، عن أبيه محمد بن علي‘ عن أبيه علي بن الحسين‘ قال: «نحن أئمّة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغرّ المحجّلين، وموالي المؤمنين، ونحن أمان لأهل الأرض، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وينشر الرحمة، ويخرج بركات الأرض، ولولا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها».

ثم قال: «ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها، ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها، ولولا ذلك لم يُعبد الله»([251]).

وكذلك تقدم الكلام عن حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين([252])، حيث قلنا هناك إنّ العترة لا يمكن أن تنفك وتفترق عن الكتاب، والتمسّك بهما عاصم عن الضلال، وهذا لازمه الاستمرار والبقاء مع الكتاب إلى أن يردا على النبي’.

إذن لابدّ في كلّ زمان من حجة في الأرض من أهل بيت النبي’، يكون أماناً لأهل الأرض ولا يفترق عن القرآن، وإلاّ ماجت الأرض بأهلها، كما ينقل ذلك المتقي الهندي في كنزه عن ابن النجار، قال: «إذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها»([253]).

الشبهة: بطلان دعوى أن للإمام الحسن العسكري× ولداً خفياً

لقد تمسّك القفاري في ادّعائه أنّ الإمام الحسن العسكري ليس له ولد، بعدة أمور: أهمّها: إنكار الشيعة أنفسهم لذلك، حيث قال: «إنّ هذه الدعوى لم تلق قبولاً لدى الشيعة أنفسهم إلاّ في العصور المتأخرة نسبيّاً»([254]).

ثم استشهد القفاري على ذلك بكلامٍ نقله عن الأشعري القمي والنوبختي ـ حكايةً عن بعض فرق الشيعةـ قالا: «حتى قال بعضهم: إنّا قد طلبنا الولد بكل وجه فلم نجده، ولو جاز لنا دعوى أنّ للحسن ولداً خفيّاً لجاز مثل هذه الدعوى في كل ميت من غير خلف، ولجاز أن يقال في النبي (صلّى الله عليه وسلّم) أنّه خلّف ابناً نبياً رسولاً، لأنّ مجيء الخبر بوفاة الحسن بلا عقب كمجيء الخبر بأنّ النبي (صلّى الله عليه وسلّم) لم يخلّف ولداً من صلبه، فالولد قد بطل لا محالة»([255]).

الجواب: كلام القفاري باطل من عدة وجوه

يمكننا الجواب عن هذه الشبهة بعدة وجوه أهمّها:

الوجه الأول: لقد نقلنا فيما تقدم من أبحاث، شهادات علماء أهل السنة من المؤرخين وعلماء الأنساب بولادة خلفٍ للحسن بن علي اسمه محمد، بل صرّح بعض منهم بأنّه يلقب بالمهدي([256]).

الوجه الثاني: إنّ ما استشهد به القفاري على دعواه مما ذكره الأشعري والقمّي هو قول لإحدى فرق الشيعة غير الإمامية الاثني عشرية، ولم يبيّن الأشعري والنوبختي هوية هذه الفرقة التي ادّعت عدم الولد، أو عدد أتباعها، ولم ينقل لنا التاريخ شيئاً عنها وعن غيرها من الفرق التي ذكرت، فليست هي إلا محض ادّعاءات لبعض من الناس الذين عرضت لهم شبهة أو كانوا من الجهلة البسطاء أو ممن رجعوا عن الحق، وما أكثر أصحاب المقالات والمدعيات في تاريخ الفرق الإسلامية الذين يطلقون بعض الدعاوى بحثاً عن المال أو الشهرة والجاه، ومن يراجع كتب الفرق والمقالات والملل وأهل الأهواء يجد الشيء الكثير من ذلك، فالأمر ليس مختصاً بالشيعة فقط، بل لازالت إلى يومنا هذا تظهر لنا مقالة هنا وهناك، وتشذّ فرقة من هذه الطائفة أو تلك، فليس من الإنصاف أن تعمّم المقالات على طائفة بأكملها.

مضافاً إلى ذلك؛ فإنّ استدلال القفاري هذا يعد خروجاً عن المنهج الذي ادّعى السير عليه، وهو أن يحتجّ على الشيعة من كتبهم وأقوال علمائهم، فإنّ من احتجّ بقولهم القفاري لا يمثلون الشيعة الإمامية الاثني عشرية الذين خصص القفاري رسالته فيهم، وذِكرُ الأشعري والنوبختي لهم في فرق الشيعة لا يدخلهم في الشيعة الإمامية، ولذا نجدهما قد أفردا للشيعة الإمامية كلاماً خاصاً في مسألة ولادة المهدي× معترفين بولادته ومجمعين على ذلك، لكن القفاري لم يتعرض لذكره! قالا ـ واللفظ للأشعري ـ :«ففرقة منها وهي المعروفة بالإمامية، قالت: لله في أرضه ـ بعد مضي الحسن بن علي حجة على عباده وخليفته في بلاده ـ قائم بأمره من ولد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا، آمرٌ ناهٍ مبلغٌ عن آبائه مودعٌ عن أسلافه... خلفٌ لأبيه ووصيّ له قائم بالأمر بعده... فنحن متمسّكون بإمامة الحسن بن علي، مقرّون بوفاته، مؤمنون بأنّ له خلفاً من صلبه، متديّنون بذلك، وأنّه الإمام من بعد أبيه الحسن بن علي، وأنّه في هذه الحالة مستتر خائف مغمود مأمور بذلك حتى يأذن الله عزّ وجلّ فيظهر ويعلن أمره ... ولا يكون أن يموت إمام إلا ولد له لصلبه وله ولد وولد، فهذه سبيل الإمامة وهذا المنهاج الواضح والغرض الواجب اللازم الذي لم يزل عليه الإجماع من الشيعة الإمامية المهتدية رحمة الله عليها، وعلى ذلك كان إجماعنا إلى يوم مضى الحسن بن علي (رضوان الله عليه)»([257]).

فكيف بعد هذا يدعي القفاري بأنّ الشيعة تنكر ولادة الإمام المهدي؟

الوجه الثالث: لقد قام القفاري باقتطاع ما نقله عن النوبختي والأشعري القمي فيما يخصّ كلام هذه الفرقة من الشيعة التي ادعت نفي الولد، فإنّه بعد مراجعة الكلام بصورته الكاملة يتضح أنّ هذه الفرقة من الشيعة ـ التي نجهل حقيقتها ـ لا تنفي وجود خلف للإمام الحسن العسكري نفياً مطلقاً، بل تنفي ولادته قبل وفاة أبيه، في الوقت نفسه تؤمن بأنّ الإمام الحسن× قد توفي وكانت إحدى جواريه حاملاً، وهذا الحمل هو الإمام المهدي؛ لأنّهم يعتقدون ـ كبقية الشيعةـ بأنّه لابدّ من وجود إمام في كل زمان حيث لا يمكن أن تخلو الأرض من قائم لله بحجة.

وإليك كلام الفرقة الشيعية التي نقل كلامها النوبختي ولم يذكره القفاري: «ولكن هناك حَبَلٌ قائمٌ قد صحّ في سَريّة له، وستلد ذكراً إماماً متى ما ولدت؛ فإنّه لا يجوز أن يمضي الإمام ولا خلف له فتبطل الإمامة وتخلو الأرض من الحجة»([258]).

وواضح للقارئ من كلامهم أنّهم لم ينفوا الولد مطلقاً، بل كما ذكرنا فإنّ النفي للولد في حياة الإمام العسكري فقط.

ثم بعد ذلك يذكر النوبختي احتجاج الإمامية على تلك الفرقة، قال: «واحتجّ أصحاب الولد على هؤلاء، فقالوا: أنكرتم علينا أمراً قلتم بمثله ثم لم تقنعوا بذلك حتى أضفتم إليه ما تنكره العقول، قلتم: أن هناك حَبَلاً قائماً، فإن كنتم اجتهدتم في طلب الولد فلم تجدوه فأنكرتموه لذلك، فقد طلبنا معرفة الحَبَل وتصحيحه أشدّ من طلبكم، واجتهدنا فيه أشدّ من اجتهادكم، فاستقصينا في ذلك غاية الاستقصاء فلم نجده، فنحن في الولد أصدق منكم؛ لأنّه قد يجوز في العقل والعادة والتعارف أن يكون للرجل ولد مستور لا يعرف في الظاهر ويظهر بعد ذلك ويصحّ نسبه، والأمر الذي ادّعيتموه منكر وشنيع، ينكره عقل كل عاقل، ويدفعه التعارف والعادة، مع ما فيه من كثرة الروايات الصحيحة عن الأئمة الصادقين أنّ الحَبَل لا يكون أكثر من تسعة أشهر، وقد مضى للحَبَل الذي ادّعيتموه سنون، وإنّكم على قولكم بلا صحة ولا بيّـنة»([259]).

فليس من العدل والإنصاف أن يتم اقتطاع الكلام بهذه الكيفية ويتلاعب به من أجل إثبات الحجة على الخصم، وليس هذا من الخلق الإسلامي الذي يحتّم علينا قول الحق والعدل ولو كان بيننا وبين الخصم عداوة وبغضاء، قال تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}([260]).

الشبهة: الاعتقاد بالمهدي وغيبته سببه تطلع الشيعة لكيان سياسي

زعم القفاري أن منشأ الاعتقاد بالمهدي وغيبته إمّا أن يكون الرغبة عند الشيعة في قيام كيان مستقل لهم منفصلاً عن دولة الإسلام، أو أن يكون الرغبة بالاستئثار بالأموال تحت مسمى الخمس، أو أن يكون المنشأ الديانة المجوسية سابقاً حيث كان في معتقداتها وجود مهدي منتظر باق حي، وقد رجح القفاري المنشأ الأخير، فقال في فصل (أسباب القول بالغيبة): «ولعل من أسباب القول بالمهديّة والغيبة أيضاً تطلّع الشيعة إلى قيام كيان سياسي لهم مستقل عن دولة الإسلام، وهذا ما نلمسه في اهتمامهم بمسألة الإمامة، ولمّا خابت آمالهم، وغُلبوا على أمرهم وانقلبوا صاغرين، هربوا من الواقع إلى الآمال والأحلام كمهرب نفسي ينقذون به أنفسهم من الإحباط وشيعتهم من اليأس، وأخذوا يبثّون الرجاء والأمل في نفوس أصحابهم، ويمنّونهم بأنّ الأمر سيكون في النهاية لهم؛ ولذلك فإن القول بالمهدية والغيبة ينشط دعاته بعد وفاة كلّ إمام؛ لمواجهة عوامل اليأس وفقدان الأمل، بالإضافة إلى تحقيق المكاسب المادية»([261]).

وقال في نفس الفصل: «وأنّ وراء دعوى غيبة الإمام وانتظار رجعته الرغبة في الاستئثار بالأموال، وأنّ هناك فئات منتفعة بدعوى التشيّع تغرّر بالسذّج، وتأخذ أموالهم باسم أنّهم نوّاب الإمام، فإذا ما توفّي الإمام أنكروا موته لتبقى الأموال في أيديهم، ويستمرّ دفع الأموال إليهم باسم خمس الإمام الغائب. وهكذا تدور عمليات النهب والسلب»([262]).

وقال في نفس الفصل أيضاً: «وأرجّح في هذه المسألة أن عقيدة الاثني عشرية في المهدية والغيبة ترجع إلى أصول مجوسية، فالشيعة أكثرهم من الفرس، والفرس من أديانهم المجوسيّة، والمجوس تدّعي أنّ لهم منتظراً حيّاً باقياً مهديّاً من ولد بشتاسف بن بهراسف يُقال له: أبشاوثن، وأنّه في حصن عظيم من خراسان والصّين»([263]).

إذن هناك ثلاثة أسباب يستعرضها القفاري ويزعم أنّها منشأ الاعتقاد بالمهدي وغيبته:

1ـ تطلّع الشيعة لقيام كيان سياسي مستقل منفصل عن دولة الإسلام؛ وذلك باهتمامهم الكبير في مسألة الإمامة، ثم فرّع على هذا أنّ دعاة المهدية ينشطون بعد وفاة كل إمام.

2ـ الرغبة باستئثار الأموال باسم خمس الإمام الغائب.

3ـ أن يكون منشأ عقيدة المهدي راجع إلى الديانة المجوسية.

وسوف نجيب عن هذه المزاعم تباعاً:

جواب الشبهة

أمّا جواب ما زعمه من أنّ سبب الاعتقاد بالمهدية هو تطلّع الشيعة إلى قيام كيان سياسي في قوله: «ولعل من أسباب القول بالمهدية والغيبة([264]) أيضاً تطلّع الشيعة إلى قيام كيان سياسي لهم»، وقد علل ذلك بالاهتمام الكبير عندهم في مسالة الإمامة، حيث قال: «وهذا ما نلمسه في اهتمامهم بمسالة الإمامة». فنقول:

الإمامة الامتداد الطبيعي للنبوة

إنّ مسألة الإمامة التي تعتقد بها الشيعة هي من المسائل المهمة في الإسلام؛ كونها تشكّل البنية الصحيحة له، فهي الركيزة الأساسية لفهم تعاليم الإسلام وتجسيده بأصوله وأركانه وفروعه، والاثنا عشرية عندما اعتنقوا واهتموا بهذه العقيدة كان دليلهم الكتاب، والسنة الشريفة المتمثّلة بالنبي الأكرم وأهل بيته الطاهرين، فليست المسألة بهذه السذاجة وهي كونهم يريدون بناء كيان سياسي لهم؛ بل الأدلة والنصوص هي التي أخذت بأعناقهم للقول بنظرية الإمامة، أو بحسب تعبير السيد شرف الدين في كتابه (المراجعات) حيث قال: «إنّ تعبدنا في الأصول بغير المذهب الأشعري وفي الفروع بغير المذاهب الأربعة لم يكن لتحزب أو تعصب، ولا للريب في اجتهاد أئمّة تلك المذاهب، ولا لعدم عدالتهم وأمانتهم ونزاهتهم وجلالتهم علماً وعملاً. لكن الأدلة الشرعية أخذت بأعناقنا إلى الأخذ بمذهب الأئمّة من أهل بيت النبوّة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي والتنزيل، فانقطعنا إليهم في فروع الدين وعقائده، وأصول الفقه وقواعده، ومعارف السنّة والكتاب، وعلوم الأخلاق والسلوك والآداب، نزولاً على حكم الأدلة والبراهين، وتعبّداً بسنّة سيد النبيين والمرسلين، صلّى الله عليه وآله وعليهم أجمعين.

ولو سمحت لنا الأدلة بمخالفة الأئمة من آل محمد، أو تمكنّا من تحصيل نيّة القربة لله سبحانه في مقام العمل على مذهب غيرهم لقصصنا أثر الجمهور، وقفونا إثرهم؛ تأكيداً لعقد الولاء، وتوثيقاً لعرى الإخاء، لكنها الأدلة القطعية تقطع على المؤمن وجهته، وتحول بينه وبين ما يروم»([265]).

وهناك الكثير من الآيات والروايات التي تدل على إمامة الاثني عشر، وقد تقدّم منّا في فصل الإمامة وغيره الحديث مفصلاً حول (آية الولاية) وكذلك حديث الغدير والثقلين والسفينة وحديث الاثني عشر من قريش وغيرها من النصوص.

فإيماننا بالأئمة جاء من كونهم سفن نجاة الاُمّة، وباب حطتها، وأمانها من الاختلاف في الدين، وأعلام هدايتها، وثقل رسول الله’، وبقيته في أمته.

روى الطبراني في المعجم الكبير وعنه الهيثمي في الزوائد وابن حجر الهيتمي في الصواعق والمتقي الهندي في كنز العمال، بسنده عن رسول الله’: «فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين ... كتاب الله ... فاستمسكوا به ولا تضلوا والآخر عترتي، وأن اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، وإنّي سألت ذلك لهما، فلا تقدّموهما؛ فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما؛ فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنّهم أعلم منكم»([266]).

وقال ابن حجر الهيتمي: «وفي قوله (صلّى الله عليه وسلّم): فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم، دليل على أن من تأهّل منهم للمراتب العلية والوظائف الدينية كان مقدماً على غيره»([267]).

وقال أيضاً: «وفي أحاديث الحثّ على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متاهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما أن الكتاب عزيز كذلك ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض»([268]).

وقال المناوي في فيض القدير معلقاً على حديث الثقلين: «إنّي تارك فيكم تلويح، بل تصريح بأنّهما كتوأمين خلّفهما ووصّى أمّته بحسن معاملتهما وإيثار حقّهما على أنفسهم والاستمساك بهما في الدين»([269]).

ثم نبّه على قول الشريف([270])، قال: «تنبيه: قال الشريف: هذا الخبر يُفهِم وجود من يكون أهلاً للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كلّ زمن إلى قيام الساعة، حتى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك به، كما أن الكتاب كذلك، فلذلك كانوا أماناً لأهل الأرض، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض»([271]).

وقال التفتازاني في شرح المقاصد: «ألا ترى أنّه عليه الصلاة والسلام قرنهم بكتاب اللّه تعالى في كون التمسك بهما منقذاً عن الضلالة، ولا معنى للتمسك بالكتاب إلاّ الأخذ بما فيه من العلم والهداية، فكذا في العترة»([272]).

فكان على القفاري أن يسأل نفسه: من هم هؤلاء الذين من تقدّمهم ومن قصر عنهم هالك؟ ومن هم الذين قرنهم الله بكتابه فكان التمسك بهما منقذاً من الضلالة إلى قيام الساعة؟ ومن هم الأمان لأهل الأرض كما ينقل المناوي والشريف السمهودي؟ وعلى من تنطبق هذه الأوصاف؟ أليس التطبيق الصحيح لتلك الأوصاف ـ إذا ما نظرنا بنظرة خالية من التعصّب ـ هم العترة من أهل بيته’ الذين جُعلوا عدلاً للقرآن، وجعل التمسك بهما نجاة من الضلال والهلاك؟

وهذا ما أجابت عنه نفس السنة ووضحته، فقد أخرج الترمذي في سننه عن عمر بن أبي سلمة، قال: «لما نزلت هذه الآية على النبي (صلّى الله عليه وسلّم): {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} في بيت أمّ سلمة، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً، فجلّلهم بكساء وعلي خلف ظهره، فجلله بكساء، ثم قال: اللّهم، هؤلاء أهل بيتي، فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، قالت أمّ سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: أنت على مكانك وأنت إلى خير»([273])، قال عنه الألباني: «صحيح»([274])، وأخرجه غيره من المحدثين والعلماء، كالطبري في جامع البيان([275]) والطحاوي في مشكل الآثار([276]).

فأهل البيت^ هم الامتداد الطبيعي للرسول الأكرم’، وهم حملة لواء الشريعة الإسلامية، وأتباع أهل البيت وشيعتهم حينما يتبعوهم فهم بذلك مطيعون لله في أمره باتباعهم منهجهم والاهتداء بهديهم والاقتباس من نورهم.

وأمّا مسألة الإمام المهدي× ـ الإمام الثاني عشر من أئمة العترة الطاهرة ـ بالإضافة إلى ما أشرنا إليه آنفاً ـ فقد تقدّمت الأحاديث المتواترة ومن نقلها وقال بصحتها، وأيضاً اعتراف كبار علماء أهل السنة بولادته وغيبته، وعطفنا البحث حول طرق الشيعة وذكرنا أدلتهم بأسانيد صحيحة، وكذلك نقلنا الوثائق والشواهد التي زُعم أنّها غير موجودة في كتب الشيعة.

وبعد هذا نقول: فأين هروب الشيعة من الواقع؟ بل إن الواقع ـ كلّ الواقع ـ هو الذي فرض هذه الحقيقة، كما أشرنا إلى ذلك في حديث الاثني عشر الذي مصداقه وتطبيقه الصحيح هم أئمّة الشيعة الاثني عشرية، فهذا الحديث ضبط قبل تكامل الواقع الإمامي، فهو انعكاس وحقيقة نطق بها من لا ينطق عن الهوى، فقال: «إن الخلفاء بعدي اثنا عشر»، وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام علي× وانتهاءً بالمهدي×، ليكون التطبيق المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف.

فالاهتمام بمسألة الإمامة جاء لهذا الغرض وليس ـ كما يدعي القفاري ـ لتطلّع الشيعة إلى قيام كيان سياسي مستقل عن دولة الإسلام؛ بل صميم الإسلام وروحه هو القول بإمامتهم وخلافتهم بمقتضى ما تقدم من الأحاديث الدالّة على ذلك.

الشبهة: القول بالمهدية ينشط دعاته بعد وفاة كل إمام

بعد أن ذكر القفاري أنّ سبب الاعتقاد بالمهدية والغيبة هو رغبة الشيعة بإقامة كيان سياسي مستقل، وقد خابت آمالهم فأخذوا يبثّون الأمل في نفوس أتباعهم، قال: «ولذلك فإن القول بالمهدية والغيبة ينشط دعاته بعد وفاة كلّ إمام؛ لمواجهة عوامل اليأس وفقدان الأمل، بالإضافة إلى تحقيق المكاسب المادية»([277]).

الجواب: ادعاء الشيعة للغيبة حصل بعد وفاة العسكري×

إنّ ما قاله القفاري ليس صحيحاً؛ فإنّ الشيعة الإمامية لم تدّع الغيبة إلاّ بعد وفاة الإمام الحسن العسكري×، ولم تحصل هذه الدعوى بعد وفاة كلّ إمام كما زعم، ثمّ إنّ اعتقادهم بالغيبة بعد الإمام الحسن العسكري× كان منذ زمن النبي| وليس اعتقاداً مبتكراً؛ وذلك من خلال الروايات المتواترة المصرّحة على لسان النبي وأهل بيته^، بأنّ الأئمة اثنا عشر، أوّلهم علي بن أبي طالب× وآخرهم المهدي×، وعليه فهذا الأمر كان ثابتاً قبل ولادة الإمام المهدي× بسنوات طويلة، وهناك مئات الكتب قد ألّفت في هذا المضمار من الفريقين.

وأمّا النصوص التي دلّت على ذلك، والتي تقدّم بعضها في أحاديث هوية الإمام المهدي×، وأنّه من ولد رسول الله’ ومن ولد علي وفاطمة‘ ومن ذرية الحسين×، وذكرنا أيضاً أقوال علماء السنّة الذين قالوا إنّه من ولد الحسن العسكري، وكذلك روايات تصريح الإمام الحسن العسكري بولادته× وغيبته، وقد أجبنا عن ذلك بالتفصيل فلا نطيل، ودعوى أنّ المبرر للقول بالغيبة هو لمواجهة اليأس وتحقيق المكاسب المادية، ليست إلاّ تخرّصاً وقراءة خاطئة لعقائد الشيعة الإمامية، ومحاولة لتشويهها.

الشبهة: سبب القول بالغيبة الاستئثار بالأموال تحت مسمى الخمس

زعم القفاري أنّ أحد أسباب القول بالغيبة هو الاستئثار بالأموال تحت عنوان (خمس الإمام)، فقال: «وأنّ وراء دعوى غيبة الإمام وانتظار رجعته الرغبة في الاستئثار بالأموال، وأن هناك فئات منتفعة بدعوى التشيّع... ويستمرّ دفع الأموال إليهم باسم خمس الإمام الغائب، وهكذا تدور عمليّات النهب والسلب»([278]).

الجواب: الأموال المدفوعة حق شرعي ثابت بنص الكتاب والسنة

نقول: لم يقتصر القفاري باتهام الشيعة بالاستئثار بالأموال في فصل الغيبة؛ بل نجده يكرر هذا الكلام في أكثر من فصل من كتابه، لا سيما في الباب الخامس من الفصل الأول (في المجال الاقتصادي) ([279]) وفي خاتمة كتابه، حيث قال: «وفي المجال الاقتصادي كان أثرهم واضحاً في أخذ أموال المسلمين بالقوة أو الخديعة، وفي تدمير اقتصاد الاُمّة بأي وسيلة، وكان ما يأخذونه من أموال باسم آل البيت من أهم أسباب رغبة شيوخ الشيعة في بقاء شذوذهم وخلافهم مع المسلمين»([280]).

فريضة الخمس في القرآن والسنة النبوية([281])

إنّ اتهام الشيعة باكتناز الأموال ليس له ما يبرره فهو اتهام ألصق بالشيعة بلا وجه حق؛ وذلك لأن تلك الأموال التي تكلّم عنها القفاري إنّما كانت بعنوان الخمس أو الزكاة، وهي حقوق شرعية نصّ عليها الكتاب الكريم والسنة الشريفة، وما يراه القفاري من أنّه سلب ونهب للأموال! إنّما نشأ من اعتقاده بأنّ الخمس يختصّ بغنائم الحرب، وهذا بحث وقع فيه الخلاف بين الشيعة والسنّة، فالشيعة تعتقد أن فريضة الخمس ثابتة في كلّ غنيمة، ولو لم تكن في الحرب.

 وعلى أية حال؛ فهو بحث فقهي ناتج من اختلاف الاجتهادات وفهم الأدلة الشرعية، الأمر الذي لا يستوجب اتهام الشيعة وعلمائها بالسلب والنهب!

وسنتعرّض بشكل إجمالي إلى بحث الخمس وأدلته من الكتاب الكريم والسنّة النبويّة الطاهرة.

الخمس في القرآن الكريم

قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أنَّمَا غَنِمْتُم مِّنْ شَيْء فأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَـمَى وَالْمَسَـكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِاللهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كلّ شَيْْء قَدِيرٌ}([282]).

إنّ معنى الغنيمة لا يختص بالمأخوذ في الحرب، وهذه الآية وإن نزلت في مورد خاصّ، ولكنّها أعطت حكماً عامّاً وهو وجوب أداء الخُمْس من أيّ شي‌ء غنموا ـ أي فازوا به‌ـ لأهل الخُمْس، ولو كان مفاد الآية وجوب أداء الخُمْس ممّا غنموا في الحرب خاصّة، لكان ينبغي أن يقيّد المولى تعالى كلامه، فيقول: واعلموا أنّ ما غنمتم في الحرب، وبما أنّه لم يقيد فإنّه يستفاد عندئذٍ أنّ الغنيمة، بما لها من معنى لغوي عام، يشمل كلّ فائدة وربح، وهذا المعنى العام هو ما تثبته كتب اللغة والاستعمالات اللغوية للكلمة.

المعنى اللغوي للغنيمة

لفظة غَنِمْتُمْ من غنم الشيء، وهو لغةً: الفوز والظفر بالشيء، فهو يرادف الربح.

قال ابن منظور في العرب: «وغنم الشيء غنماً فاز به»([283]).

قال الراغب في المفردات: «غنم: الغنم معروف... والغنم إصابته والظفر به، ثم استعمل في كلّ مظفور به من جهة العدى وغيرهم»([284]).

والغُنْم أيضاً: «الفوز بالشيء من غير مشقة»([285]).

ويؤيد هذا المعنى استعمال الفقهاء، من قبيل قولهم: «من له الغنم فعليه الغرم»([286]) أو كما في الرهن حيث قالوا: «الرهن لمن رهنه، له غنمه وعليه غرمه»([287]) أي نماؤه وفاضل قيمته.

ومن يتابع موارد استعمال الغنيمة ومشتقاتها في اللغة، يتبيّن له بوضوح أن مفهوم الغُنم يشمل جميع ما يحصل عليه الإنسان، سواء بمشقة أو بدون مشقة.

فقد جاء في وصف شهر رمضان: أنّه غنم للمؤمن([288])، وفي الدّعاء عند أداء الزّكاة: «اللّهم اجعلها مغنماً»([289]) وورد في ثواب مجالس ذكر الله تعالى: «غنيمة مجالس الذكر الجنّة»([290]).

فالغنيمة وجميع مشتقاتها بحسب اللغة لا تختص بغنائم دار الحرب فقط، ولو سلّم كثرة استعمالها في خصوصها بحيث صارت حقيقة عرفية، فإن ذلك لا يوجب هجر معناها اللغوي، لا سيما وأن المذكور في الآية هو الفعل الماضي (غَنِمْتُم) لا لفظ الغنيمة.

الخمس لا يقتصر على غنائم الحرب

إنّ وجوب الخمس لا يقتصر على غنائم الحرب عند جميع المسلمين، وهو ما يظهر من خلال الروايات وأقوال الفقهاء:

الخمس في السنة النبوية

ورد في كثير من الروايات أن الخمس لا يختصّ بغنائم الحرب، بل هناك موارد اُخرى مثل الركاز الذي فسر بالكنز، والمعدن، وغيرها ممّا يجب فيها الخمس أيضاً.

ففي صحيح البخاري ومسلم: «العجماء جرحها جبّار، والمعدن جبّار، وفي الركاز الخمس»([291]) وأخرج أحمد في مسنده ـ واللفظ له ـ وابن ماجه في سننه، عن ابن عباس، قال: «قضى رسول اللهفي الركاز الخمس»([292]).

وأخرج أحمد أيضاً عن أنس بن مالك، قال: «خرجنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى خيبر، فدخل صاحب لنا إلى خربة يقضي حاجته، فتناول لبنة ليستطيب بها فانهارت عليه تبراً، فأخذها فأتى بها النبي (صلّى الله عليه وآله) فأخبره بذلك، فقال (صلّى الله عليه وآله): زنها، فوزنها فإذا هي مائتا درهم، فقال النبي’: هذا ركازٌ وفيه الخمس»([293])، بل أوجب رسول الله’ الخمس في كلّ مغنم، فقد أخرج البخاري: «عن أبي جمرة، قال: كنت أترجم([294]) بين ابن عباس وبين الناس، فقال: إن وفد عبد القيس أتوا النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، فقال: من الوفد أو من القوم؟ قالوا: ربيعة، فقال مرحباً بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى، قالوا: إنا نأتيك من شقة بعيدة، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، ولا نستطيع أن نأتيك إلاّ في شهر حرام، فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا، ندخل به الجنة، فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع، أمرهم بالايمان بالله عزّ وجلّ وحده، قال: هل تدرون ما الايمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وتعطوا الخمس من المغنم، ونهاهم عن الدباء، والختم والمزفت، قال شعبة: ربما قال: النقير، وربما قال: المقير، قال: احفظوه وأخبروه من وراءكم»([295]).

حيث يتّضح من هذه الرواية أن النبي’ قد أوجب على قبيلة عبد القيس الخمس في المغنم، أي في غير غنائم الحرب؛ لأنّهم كما تقول الرواية عاجزون عن الخروج من مناطقهم إلى حرب أو غيرها، ومع هذا فقد أوجب النبي’ الخمس عليهم، وفيه دلالة واضحة على أنّ الخمس غير مختص بغنائم الحرب.

ومما كتبه’ لعمر بن حزم حين بعثه إلى اليمن: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله ورسوله، يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود، عهداً من رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن. أمره بتقوى الله في أمره كله... وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله»([296]).

وأيضاً كتب رسول الله| إلى الفجيع العامري ما نصّه: «من محمد النبي، للفجيع ومن تبعه وأسلم وأقام الصلاة وآتى الزكاة وأطاع الله ورسوله وأعطى من الغنائم خمس الله»([297]).

ومن الواضح أنّه حين أمر النبي’ أهل اليمن وفجيع وأتباعه بإعطاء الخمس، فإن الجميع لم يكونوا محاربين؛ ليؤخذ منهم خمس غنائم الحرب، بل كانوا تجاراً يكتسبون ويتاجرون، وأنّ مغانمهم هي مغانم مكسبهم، ولاسيّما أهل اليمن.

فالخمس الذي اُمروا بإعطائه للنبيّ’إنما هو خمس مغانم المكاسب.

الخمس في أقوال الفقهاء

ورد في كلمات عدد من الفقهاء أن الخمس يجب في اُمور، غير غنائم الحرب، كالكنز والمعادن والغوص وغيرها، ففي صحيح البخاري: «وقال الحسن: في العنبر واللؤلؤ الخمس»([298])، وفي المدونة الكبرى: «كان مالك يقول في دفن الجاهلية ممّا يصاب فيه من الجوهر والحديد والرصاص والنحاس واللؤلؤ والياقوت وجميع الجواهر أرى فيه الخمس، ثم رجع فقال: لا أرى فيه شيئاً لا زكاة ولا خمساً، ثم كان آخر ما فارقناه أن قال: عليه الخمس (قال ابن القاسم) وأحبّ ما فيه إليّ أن يؤخذ منه الخمس من كلّ شيء يصاب فيها من دفن الجاهلية، وإنما اختلاف قوله في الجوهر والحديد والنحاس، وأمّا ما أصيب من ذهب أو فضة فيه، فإنّه لم يختلف قوله فيه أنّه ركاز وفيه الخمس»([299]).

وفي المغني: «في نصاب المعادن: وهو ما يبلغ من الذهب عشرين مثقالاً ومن الفضة مائتي درهم أو قيمة ذلك من غيرهما، وهذا مذهب الشافعي، وأوجب أبو حنيفة الخمس في قليله وكثيره من غير اعتبار نصاب بناء على أنّه ركاز؛ لعموم الأحاديث التي احتجوا بها عليه، ولأنّه لا يعتبر له حول فلم يعتبر له نصاب كالركاز»([300]).

بل إن بعضاً استدلّ على وجوب الخمس في الكنز بالآية الشريفة: {وَاعْلَمُوا أنَّمَا غَنِمْتُم مِّنْ شَيْء فأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}([301]).

وعليه فيكون ظاهر الآية أن موضوع الخمس هو ما يكون غنيمة بحسب اللغة لا خصوص غنيمة الحرب.

ووقوع الآية في سياق آيات غزوة بدر لا يوجب التخصيص، إذ المورد لا يخصّص الحكم، كما هو معروف وإلاّ لوجب تخصيصها بغنائم غزوة بدر فقط، مع أنّه لا قائل بذلك، وقد ثبت عند العلماء أنّه لا مانع من أن يكون مورد خاص موجباً لنزول حكم كلي، كما هو الشائع في كثير من الأحكام الواردة في الكتاب والسنّة، فالتشكيك في دلالة الآية باحتمال اختصاصها بغنائم دار الحرب لا مبرر له، خصوصاً مع ذهاب علماء المسلمين على شمول الغنيمة لغنيمة الركاز (وهو الكنز) ووجوب الخمس فيه، وأن مصرفه مصرف الخمس.

رأي الشيعة أن الخمس في كل مكسب

تذهب الشيعة الإمامية، استناداً إلى الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة أهل البيت^إلى أن الخمس لا يقتصر على غنائم الحرب، بل أن تلك الغنائم واحدة من سبعة أشياء أجمع الشيعة على تعلق الخمس فيها، وهذه السبعة:

1ـ غنائم دار الحرب. 2ـ المعادن. 3ـ الكنز. 4ـ كلّ ما يخرج من البحر بالغوص. 5ـ إذا اشترى الذمي أرضاً من مسلم. 6ـ الحلال إذا اختلط بالحرام ولا يتميز. 7ـ ما يفضل عن مؤونة السنة.

وقد وقع الخلاف في المورد السابع، من أنّه هل يختص بأرباح المكاسب أو يشمل مطلق الفائدة بحيث يعمّ الهدايا والمواريث، وفي كلّ الأحوال هذا الرأي يتحد مع مضامين الروايات التي نقلناها عن النبي’من مصادر أهل السنّة، كما أن الشيعة لا يقتصرون ـ في ثبوت الخمس في مطلق الفوائد ـ على الاستدلال بالآية الكريمة، بل بضميمة روايات صحيحة أثبتت الخمس في الفوائد، وعلى سبيل المثال: ما ورد في كتاب التهذيب للشيخ الطوسي: «عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفر×، وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة، قال: ... فأما الغنائم والفوائد: فهي واجبة عليهم في كلّ عام، قال الله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فأنّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، والغنائم والفوائد يرحمك الله، فهي الغنيمة يغنمها المرء، والفائدة يفيدها، والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر عظيم، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن...»([302]).

وقد فسّر الإمام أنّ المراد بالغنيمة هو مطلق الفوائد، واستشهد بالآية الشريفة على ثبوت الخمس في الفوائد في كلّ سنة، ولم يكتف بذلك، بل تصدّى بنفسه لبيان بعض أمثلة الغنائم.

إلى هنا يتضح أنّ ثبوت الخمس في غير غنائم الحرب ليس من مختصات الشيعة، كما أنّ القول بثبوت الخمس في مطلق الفوائد لم يكن بلا مستند ودليل، بل ذهبت الشيعة إلى ذلك وفق رؤيتها المنبثقة عن كون أهل البيت هم الطريق الأجدر بالاتباع في الأحكام التي جاء بها النبي’. وقد ثبت عن أهل البيت أن الخمس يشمل كلّ فائدة وأن الغنيمة في الآية تعمّ كلّ ربح وفائدة.

بعد ذلك ننتقل إلى مستحق الخمس وكيفية تقسيمه.

مستحق الخمس

ذكرت الآية الكريمة أنّ مورد الخمس إنّما يكون: لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.

ولا بد من تشخيص من هم ذوو القربى؟ وكذلك ما هو المقصود من العناوين التي تلتهم كاليتامى والمساكين وابن السبيل؟

فنقول: المراد من ذوي القربى بلا شك هم قربى النبي’ وهو نفس المعنى المقصود في قوله تعالى: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}([303]).

وفي الدرّ المنثور: «وأخرج ابن جرير عن علي بن الحسين (رضي الله عنه) أنّه قال لرجل من أهل الشام: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أفما قرأت في بني إسرائيل: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}؟ قال: وإنّكم للقرابة الذي أمر الله أن يؤتى حقه؟ قال: نعم»([304]).

وفي صحيح مسلم عن نجدة الحروري أنّه كتب إلى ابن عباس يسأله عن خمسة أشياء منها مستحق الخمس فأجابه ابن عباس: «تسألني عن الخمس لمن هو؟ وإنا كنا نقول: هو لنا فأبى علينا قومنا ذلك»([305]).

وفي مسند أحمد بشكل واضح: «عن يزيد بن هرمز، أن نجدة الحروري حين خرج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى: لمن تراه؟ قال: هو لنا؛ لقربى رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قسمه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لهم، وقد كان عمر عرض علينا منه شيئاً رأيناه دون حقنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله»([306]).

قال شعيب الأرنؤوط: >إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات، رجال الشيخين، غير يزيد بن هرمز، فمن رجال مسلم<([307]).

وبحسب سياق الآية ومفاد الروايات التي عبّرت أنّ الخمس لهم من دون أن تُخرج منه شيئاً، يكون المقصود من باليتامى والمساكين وابن السبيل هم يتامى أقرباء الرسول ومساكينهم وأبناء سبيلهم.

وفي جامع البيان للطبري، عن المنهال بن عمرو، قال: «سألت عبد الله بن محمد بن علي وعلي بن الحسين عن الخمس، فقالا: هو لنا، فقلت لعلي: إن الله يقول: واليتامى والمساكين وابن السبيل، فقال: يتامانا ومساكيننا»([308]).

وسواء كان المقصود باليتامى والمساكين وابن السبيل آل الرسول أم لا، فإنّه على كل التقادير هناك سهم من الخمس قد أوجبته الشرعية لذوي القربى بالخصوص.

وبعد هذا البيان المختصر عن الخمس يتضح أنّه من فرائض الله تعالى، وأنّ مورده ليس منحصراً في غنائم الحرب، بل يشمل كل غنيمة وفائدة وأنّ مستحقّه هم ذوو القربى من أهل بيت النبي’، فقد جعل الله تعالى لهم ذلك إكراماً لهم، كما روى ذلك ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): رغبت لكم عن غسالة الأيدي؛ لأنّ لكم في خمس الخمس ما يغنيكم أو يكفيكم»([309])، قال ابن كثير: «هذا حديث حسن الإسناد»([310]).

وعليه فيكون اعتقاد الشيعة بوجوبه ودفعه إلى مستحقه، وأولهم الأئمة من أهل البيت^، وفق القواعد الصحيحة، وليس كما يزعم القفاري من كون دفع الخمس كان بلا مبرر شرعي سوى إرادة السلب والنهب!!

الخمس حق لمنصب الإمامة

المعروف بين المتأخرين من علمائنا أنّ الخمس ينقسم إلى ستة أقسام: ثلاثة منها لله تعالى ولرسوله وللإمام، وهي المعبر عنها بسهم الإمام، وهو اليوم للإمام المهدي×، الذي يعتقد الشيعة بأنه إمام العصر، وثلاثة منها للأيتام والمساكين وأبناء السبيل من بني هاشم، وهي المعبر عنها بسهم الفقراء السادة، وعليه فيكون المراد من ذوي القربى خصوص الإمام المعصوم×.

وأمّا علماء أهل السنة، فقد اختلفت كلماتهم في التقسيم، فمنهم من ألغى السهام الثلاثة الاُولى، قال في المغني: «روي عن الحسن وقتادة في سهم ذي القربى كانت طعمة لرسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) في حياته فلمّا توفي حمل عليه أبو بكر وعمر في سبيل الله، وروى ابن عباس أن أبا بكر وعمر قسّما الخمس على ثلاثة أسهم، ونحوه حكي عن الحسن بن محمد بن الحنفية وهو قول أصحاب الرأي، قالوا: يقسم الخمس على ثلاثة: اليتامى والمساكين وابن السبيل وأسقطوا سهم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بموته وسهم قرابته أيضاً»([311]).

ومنهم من يرى أنّ الخمس مفوض أمره إلى اجتهاد الإمام ليصرفه بحسب اجتهاده وتشخيصه.

قال في المغني: «إنّ مالكاً قال: يعطي الإمام أقرباء رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) على ما يرى، وقال الثوري والحسن: يضعه الإمام حيث أراه الله عزّ وجلّ، ولنا قول الله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فأنّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} وسهم الله والرسول واحد، كذا قال عطاء والشعبي، وقال الحسن بن محمد بن الحنفية وغيره: قوله: {فأنّ لِلّهِ خُمُسَهُ} افتتاح كلام يعني أنّ ذكر الله تعالى لافتتاح الكلام باسمه؛ تبركاً به لا لإفراده بسهم، فإن لله تعالى الدنيا والآخرة، وقد روي عن ابن عمر وابن عباس، قالا: كان رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقسم الخمس على خمسة»([312]).

وقال ابن تيمية في المنهاج: «وقد تنازع العلماء في الخمس والفيء، فقال مالك وغيره من العلماء: مصرفهما واحد، وهو فيما أمر الله به ورسوله، وعيّن ما عيّنه من اليتامى والمساكين وابن السبيل؛ تخصيصاً لهم بالذكر، وقد روى عن أحمد بن حنبل ما يوافق ذلك، وأنّه جعل مصرف الخمس من الركاز مصرف الفيء، وهو تبع لخمس الغنائم، وقال الشافعي وأحمد في الرواية المشهورة: الخمس يقسّم على خمسة أقسام، وقال أبو حنيفة: على ثلاثة، فأسقط سهم الرسول وذوي القربى بموته (صلّى الله عليه وسلّم) وقال داود بن علي: بل مال الفيء أيضاً يقسّم على خمسة أقسام»([313]).

فذهاب الشيعة إلى كون سهم ذوي القربى يختص بالإمام بحيث يضعه الإمام حيث يرى، هذا القول ليس بدعاً وبلا مبرر، بل هو الأقرب للصواب، أما كيف يمكن تسليمه للإمام المعصوم× في زمن الغيبة، فالشيعة لا يرون في زمن الغيبة وجوب تسليمه لشخصه، بل يرون أن الفقهاء العدول يقومون مقام الإمام المعصوم وينوبون عنه، وهم الأدرى في تشخيص المصلحة، وهذا الرأي يقترب من رأي بعض علماء أهل السنة في أن الإمام أو الخليفة هو من يحق له تقسيم الخمس؛ لكونه قائماً مقام النبي’، بل أن المفتين أيضاً يقومون مقام النبي’ كما صرح بذلك الشاطبي في الموافقات :>المفتي قائم في الأمة مقام النبي صلى الله عليه وسلم<([314]) وتابعه في هذا الرأي عبد العزيز آل الشيخ مفتي السعودية، قال: >المفتي قائم مقام النبي في الأمة<([315]).

ومن هنا، فما كان الشيعة يدفعونه للإمام سواء في زمن غيبته الصغرى أم في هذا الزمان، فهو في الواقع حقّ الإمام في الخمس، وهو سهم ذوي القربى.

الفكر الوهابي وغنيمة الخمس بين القتل والسلب والنهب

بعد أن فسّرنا مبررات إعطاء ودفع الخمس للإمام×؛ نطلب من القفاري أن يفسّر لنا ما قام به الوهابيون من سلب ونهب لأموال المسلمين، في غزواتهم وحروبهم، باسم الجهاد في مناطق نجد والحجاز ومكة والمدينة والمنطقة الشرقية، وكيفية توزيع الغنائم وأخذ الخمس منها، وكذلك ما قاموا به من هجوم بربري على ضريح الإمام الحسين×، وما صاحب ذلك من قتل ونهب وسلب واعتداء على حرمات المسلمين، قال عبد الرحمن الجبرتي([316]) عن أحداث سنة 1215هـ: «وفي يوم الجمعة خامس عشرة حضرت مكاتبات من الديار الحجازية يخبرون فيها عن الوهابيين أنهم حضروا إلى جهة الطائف، فخرج إليهم شريف مكة الشريف غالب فحاربهم فهزموه، فرجع إلى الطائف وأحرق داره التي بها وخرج هارباً إلى مكة، فحضر الوهابيون إلى البلدة وكبيرهم المضايفي نسيب الشريف، وكان قد حصل بينه وبين الشريف وحشة، فذهب مع الوهابيين وطلب من مسعود الوهابي أن يؤمره على العسكر الموجه لمحاربة الشريف، ففعل فحاربوا الطائف وحاربهم أهلها ثلاثة أيام حتى غُلبوا، فأخذ البلدة الوهابيون واستولوا عليها عنوة، وقتلوا الرجال وأسروا النساء والأطفال وهذا دأبهم مع من يحاربهم»([317]).

وقال في مورد آخر: «في يوم الإثنين وردت مكاتبات من الديار الحجازية مؤرخة في منتصف محرم وفيها الأخبار باستيلاء الوهابيين على مكة في يوم عاشوراء، وأن الشريف غالب أحرق داره وارتحل إلى جدة، وأن الحجاج أقاموا بمكة ثمانية أيام زيادة عن المعتاد؛ بسبب الارتباك قبل حصول الوهابيين بمكة؛ ومراعاة للشريف حتى نقل متاعه إلى جدة، ثم ارتحل الحجاج وخرجوا من مكة طالبين زيارة المدينة، فدخل الوهابيون بعد ارتحال الحج بيومين.

وفي يوم الأربعاء ثامن عشره أخرجوا باقي الانكشارية والدلاة والسجمان وكانوا مجتمعين بمصر القديمة، فتضرر منهم المارة وأهل تلك الجهة بسبب قبائحهم وخطفهم أمتعة الناس، بل وقتلهم، وكان تجمّعهم على أن يذهبوا إلى جهة الصعيد ويلتفّون على حسن باشا بجرجا وينضمون إليه وإلى من بناحية الصعيد من أجناسهم، فذهب منهم من أخبر الأمراء المصرلية([318]) بذلك فضبطوا عليهم الطرق، واتّفق أن جماعة منهم وقفوا لبعض الفلاحين المارين بالبطيخ والخضار فحجزوهم وطلبوا منهم دراهم فمر بهم بعض المماليك من أتباع البرديسي فاستجار بهم الفلاحون فكلموهم فتشاحنوا معهم وسحبوا على بعضهم السلاح، فقتل مملوك منهم، فذهبوا إلى سيدهم وأعلموه...»([319]).

وفي الموسوعة العربية العالمية: عند الحديث عن تاريخ الدولة السعودية جاء في ضمن خلافها مع ولاة العراق العثمانيين، ما نصه: «هاجم السعوديون مناطق جنوبي العراق عام 1216هـ ـ 1801م، وهدموا ما شاهدوه هناك من أضرحة وقباب ومزارات بما فيها قبة الحسين، فأصدرت الدولة العثمانية أوامرها المشددة إلى والي بغداد من أجل أن يعمل على وقف الحملات العسكرية السعودية على مناطق جنوبي العراق، وغضب شاه إيران وأراد التدخل العسكري، وطلب من والي بغداد السماح لقواته بالمرور عبر العراق، والزحف على السعوديين في الأحساء، وتوالت الحملات السعودية بعد ذلك على مناطق جنوبي العراق حتى وصلت إلى أسوار كربلاء مرة ثانية عام 1223هـ 1808م»([320]).

وقال ابن بشر([321]) في كتابه (عنوان المجد في تاريخ نجد): «ثم دخلت السنة السادسة عشر بعد المائتين والألف، وفيها سار سعود بالجيوش المنصورة والخيل العتاق المشهورة من جميع حاضر نجد وباديها والجنوب والحجاز وتهامة وغير ذلك، وقصدوا أرض كربلاء ونازل أهل بلد الحسين، وذلك في ذي القعدة، فحشد عليها المسلمون وتسوّروا جدرانها ودخلوها عنوة وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت، وهدموا القبة الموضوعة بزعم من اعتقد فيها على قبر الحسين، وأخذوا ما في القبة وما حولها وأخذوا النصيبة التي وضعوها على القبر، وكانت مرصوفة بالزمرد، واليواقيت والجواهر، وأخذوا جميع ما وجدوا في البلد من الأموال والسلاح واللباس والفرش والذهب والفضة والمصاحف الثمينة وغير ذلك ما يعجز عنه الحصر، ولم يلبثوا فيها إلاّ ضحوة وخرجوا منها قرب الظهر بجميع تلك الأموال، وقتل من أهلها قريب ألفا([322]) رجل.

ثم إنّ سعود ارتحل منها على الماء المعروف بالأبيض، فجمع الغنائم وعزل أخماسها وقسم باقيها على المسلمين غنيمة، للراجل سهم وللفارس سهمان، ثم ارتحل قافلاً إلى وطنه»([323]).

إذن السلب والنهب وقتل الناس الأبرياء وهدم الأضرحة المقدسة باسم الدين والجهاد وتوزيعها كخمس للغنائم، هو من أفعال معتنقي الفكر الوهابي المتشدد.

ولا زال هذا التحجّر والتطرّف يعاني منه المسلمون إلى يومنا هذا، فما قاموا به من قتل وذبح وتفخيخ وتفجير للمدارس والأسواق والمساجد ومراقد الأئمة كمرقدي الإمامين العسكريين في العراق، وغيرهما من الأضرحة في سائر بلاد المسلمين، خير شاهد على ذلك، ولو ظفروا بأهل هذه البلاد لفعلوا الأمر نفسه ولوزعوا الغنائم للفارس والراجل.

الشبهة: رجوع القول بالمهدية والغيبة إلى أصول مجوسية

قال القفاري: «وأرجح في هذه المسألة أن عقيدة الاثني عشرية في المهدية والغيبة ترجع إلى أصول مجوسية، فالشيعة أكثرهم من الفرس، والفرس من أديانهم المجوسيّة والمجوس تدّعي أنّ لهم منتظراً حيّاً باقياً مهدياً من ولد بشثاسف»([324]).

الجواب: قول القفاري باطل لعدة وجوه

لا تنتهي سلسلة الافتراءات والتقوّلات والتّهم الجاهزة التي يلصقها القفاري بالمذهب الشيعي وأتباعه.

فقوله: ـ إن عقيدة الشيعة الاثني عشرية ترجع إلى أصول فارسية، ثم يعطف كلامه على الإمام المهدي وغيبته ليثبت أنّها من وحي الفكر المجوسي؛ لأنّ الشيعة أكثرهم من الفرس، والفرس من أديانهم المجوسية التي كانت في عقيدتها المهدي المنتظر، إذن فالقول بالمهدوية يكون أصله مجوسياً ـ باطل من عدة وجوه:


الوجه الأول: لم يثبت في ديانة المجوس وجود مهدي منتظر باق حي

لم يثبت بحجة مقبولة أنّ في ديانة المجوس سابقاً مهدياً منتظراً حياً باقياً؛ حتى يرجّح القفاري أنّ تلك العقيدة قد تسرّبت إلى العقيدة الشيعية، فلم نجد من ذكر هذا القول غير القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه تثبيت دلائل النبوّة، قال: «والمجوس تدّعي أنّ لهم منتظراً حيّاً باقياً مهديّاً من ولد بشتاسف، يقال له: أبشاوثن، وأنه في حصن عظيم من خراسان والصين ومعه كثير كلهم ثقات أمناء أخيار... هذا الذي أتيقّنه مما ذكره أذرباذ بن أميذ الموبذ في وصفه أبشاوثن»([325]).

وأنت كما ترى المصدر، فلا يصحّ الجزم بهذه القضية؛ اعتماداً على حافظة القاضي عبد الجبار مما ذكره اذرباذ ؟!! فليس من المنطقي أن تكون مستنداً للترجيح كما حصل ذلك عند الدكتور القفاري.

الوجه الثاني: التشيع عربي المولد والنشأة

إنّ اُصول التشيّع ـ ومنها عقيدة المهدي وغيبته ـ لم تكن يوماً فارسية المنشأ، بل اُصوله عربية، وأن بلاد الفرس وغيرها قد دخلها التشيّع نتيجة هجرة العلويين وأتباعهم الذين فرّوا إليها؛ هرباً من بطش الأمويين والعباسيين؛ وذلك لبعدها الجغرافي عن مركز السلطة الحاكمة، ولتعاطف السكّان المحليين وحبّهم لأهل البيت^.

قال أبو زهرة: «وأمّا فارس وخراسان وما وراءهما من بلدان الإسلام، فقد هاجر إليها كثيرون من علماء الإسلام الذين كانوا يتشيّعون فراراً بعقيدتهم من الأمويين أولاً، ثم العباسيين ثانياً، وأنّ التشيع كان منتشراً في هذه البلاد انتشاراً عظيماً قبل سقوط الدولة الأموية بفرار أتباع زيد ومن قبله إليها»([326]).

وكما نجد ذلك أيضاً في كلمات المستشرقين، نذكر منهم:

أ ـ المستشرق جولد تسيهر، قال: «إن من الخطأ القول بأنّ التشيع في نشأته ومراحل نموه يمثل الأثر التعديلي الذي أحدثته أفكار الأمم الإيرانية في الإسلام بعد أن اعتنقته، أو خضعت لسلطانه عن طريق الفتح والدعاية، وهذا الوهم الشائع مبني على سوء فهم الحوادث التاريخية، فالحركة العلوية نشأت في أرض عربية بحتة»([327]).

ب ـ المستشرق آدم متز([328])، قال: «قد أبانت لنا مباحث "فلهاوزن" بصورة أدنى إلى الصواب أن مذهب الشيعة ليس ـ كما يعتقد البعض ـ رد فعل من جانب الروح الإيرانية يخالف الإسلام، ومما يؤيد أبحاث "فلهاوزن" التوزيع الجغرافي للشيعة في القرن الرابع، وقد ألمع الخوارزمي في أواخر القرن الرابع إلى أن العراق هو الموطن الأول للتشيّع، وكانت الكوفة وبها قبر علي (رضوان الله عليه) أكبر مركز للشيعة»([329]).

وقال أيضاً: «وكانت جزيرة العرب شيعةً كلّها عدا المدن الكبرى مثل مكة وتهامة وصنعاء وقرح، وكان للشيعة غلبة في بعض المدن أيضاً مثل عمان، وهجر، وصعدة، وفي بلاد خوزستان التي تلي العراق كان نصف الأهواز ـ وهي القصبة ـ على مذهب الشيعة، أما في فارس فكان الشيعة كثيرين على السواحل التي تتصل اتصالاً وثيقاً بالعراق وخصوصاً بالعرب المتشيّعين»([330]).

أبناء فارس ينالون الإيمان

بعد أن دخل الفرس في الإسلام، فقد حسن إسلامهم، وليس من اللائق اتهامهم أو التعريض بهم كونهم مجوساً وأنّ عقائدهم أو بعضها من صنيع المجوسية، فهذا إجحاف في حقهم وغضّ النظر عن الأحاديث الصحيحة التي وردت في حقهم، والتي تؤكد إيمانهم العميق بالإسلام، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس، أو قال: من أبناء فارس حتى يتناوله»([331]).

وأخرج الحاكم في مستدركه عن ابن عمر، قال: «قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم)... العجم يشركونكم في دينكم وأنسابكم، قالوا: العجم يا رسول الله؟! قال: لو كان الإيمان معلّقاً بالثريا لناله رجال من العجم وأسعدهم به الناس».

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه»([332]).

وأخرج الطبراني في الكبير عن قيس بن سعد بن عبادة: «أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) قال: لو كان الإيمان معلّقاً بالثريا لناله رجال من فارس»([333]).

قال الهيثمي في زوائده: «رواه أبو يعلى والبزار والطبراني ورجالهم رجال الصحيح»([334]).

كبار علماء أهل السنة من الفرس

كان المفترض من القفاري قبل أن يتهم الشيعة بأنّ بعض عقائدهم مجوسية الأصل، كان عليه أن يلتفت إلى أنّ أغلب علماء المذهب السني الذين شيّدوا بناءه، بل وبعض أئمة المذاهب الأربعة كانوا من الفرس، كالبخاري ومسلم النيسابوري والترمذي والنسائي وابن ماجه القزويني، والرازي والبيضاوي وأبي زرعة الرازي، وفخر الدين الرازي وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم كثير.

فقد يقول قائل أيضاً: لماذا لا نشكّك في بعض معتقدات المذاهب السنّية وأنها جاءتهم من المجوسية؛ لأنّ علماءهم كانوا من الفرس الذين كانوا هم أو آباؤهم يدينون بالديانة المجوسية، وبالتالي سوف تكون المذاهب السنية عرضة للاتّهامات بأنّ بعض عقائدها ذات جذور مجوسية؟ وهذا ليس منطقاً صحيحاً في الاستدلال.

ثمّ لا يخفى ما للفرس من دور كبير في خدمة الإسلام والمسلمين، فقد برز منهم عدد كبير من العلماء من الشيعة والسنة، وتركوا لنا تراثاً كبيراً في شتى صنوف العلم والمعرفة، قال الشيخ مغنية: «لولا الفرس لم يكن للمسلمين هذا العدد الضخم من العلماء الذين نفاخر بهم أمم الشرق والغرب، ولا كان للإسلام هذه المكتبة المتخمة بألوف المجلدات في شتى العلوم، ولسنا نعرف اُمّة خدمت الإسلام ولغة القرآن كالفرس، ولو أحصيت المكتبة الإسلامية والعربية لكان سهم الفرس منها أوفى من أسهم بقية المسلمين مجتمعين. إن الفرس لم يتستروا باسم التشيع، ليكيدوا للإسلام، بل إن أعداء الإسلام تستروا باسمه، ليكيدوا للتشيع بعامة، والفرس بخاصة، لأنهم كانوا وما زالوا من أقوى أركان الإسلام وأنصاره»([335]).

إذن فالتشيع عربي المولد والنشأة، وأمّا دخول الفرس إلى الإسلام واختيار بعضهم للتشيّع؛ فذلك لما فهموه من نصوص قد أخذت بأعناقهم لموالاة أهل البيت^، وهم كغيرهم من سائر الأمم، كالعرب والترك والروم، فلا مبرّر بعد هذا، أن يقال: إنّ عقيدة الشيعة في المهدي× مجوسية الأصل!


الوجه الثالث: تواتر أحاديث المهدي قبل ولادته يكذب هذه الدعوى

تقدم في بحثنا القول بتواتر خروج الإمام المهدي× من طرق الفريقين، وقلنا إنّ الإمام المهدي وغيبته أنبأ عنها رسول الله قبل ولادته، فلو أضفنا إلى ذلك أن فتح مملكة الفرس قد وقع في عهد خلافة عمر بن الخطاب، فكيف يعقل أن تكون روايات المهدي× التي نطق بها النبي| قد صدرت بعد وفاته في زمن إسلام الفرس؟!

الوجه الرابع: ليست الكثرة هي المقياس في قبول الأدلة

من الغريب أن يستدل القفاري بكثرة الشيعة الفرس الذين كانوا يدينون المجوسية على أن عقيدة المهدية ذات جذور فارسية؛ فمتى كانت الكثرة مقياساً في تشخيص صحة الاعتقادات؟! وهل يصحّ لنا أن ندّعي أنّ عقائد المسلمين جاءتنا من الهند أو الباكستان أو اندنوسيا؛ لأن أكثر المسلمين من هذه البلاد؟!

وهل يصح أن نقول: أن هناك من عقائد البوذية والهندوسية قد امتزجت في عقائد المسلمين؟

إنّ هذه الدعوى باطلة من أساسها، ولعلّ الحقد والبغض للتشيع والشيعة هو المبرر لهذه الأقوال الخالية من الدليل والبرهان الصحيح والمعقول.

الدكتور طه حسين يفسر افتراءات القفاري وأمثاله

يقول الدكتور طه حسين: «وخصومهم [الشيعة] واقفون لهم بالمرصاد، يحصون عليهم كلّ ما يقولون ويفعلون ويضيفون إليهم أكثر مما قالوا وما فعلوا، ويحملون عليهم الأعاجيب من الأقوال والأفعال، ثمّ يتقدّم الزمان، وتكثر المقالات، ويذهب أصحاب المقالات في الجدال كلّ مذهب، فيزداد الأمر تعقيداً وإشكالاً، ثم تختلط الاُمور بعد أن يبعد عهد الناس بالأحاديث، ويتجاوز الجدال خاصة الناس إلى عامتهم، ويتجاوز الذين يحسنونه إلى الذين لا يحسنونه، ويخوض فيه الذين يعلمون والذين لا يعلمون، فيبلغ الأمر أقصى ما يمكن أن يبلغ من الإيهام والإظلام، وتصبح الاُمّة في فتنة عمياء لا يهتدي فيها إلى الحق إلاّ الأقلون»([336]).

فخصوم الشيعة يحملون عليهم الأعاجيب من الأقوال والأفعال بدون علم ومعرفة، والغرض هو الكيد والتنكيل؛ لإشاعة الفتنة والتضليل، هذا ما شهد به الدكتور طه حسين.

الشبهة: السفراء الأربعة هم واضعو فكرة المهدية والغيبة

قال القفاري: «هؤلاء الأبواب الأربعة: عثمان بن سعيد، وابنه، وابن روح، والسمري، هم المؤسسون لقضية الغيبة والمهدية..»([337]).

وعلّل أنّ سبب وضعهم لذلك كان لأجل جمع الأموال؛ ولذا كانت تحدث نزاعات بينهم وبين غيرهم بسبب ذلك، قال: «فهو تزاحم وتكالب على البابية والوكالة من أجل جمع الأموال...»([338]).

 

الجواب:

في البداية ننوه إلى أنّه من غير الصحيح الإجابة عن الشبهة بمعزل عن الإجابات الاُخرى، لأن كثيراً من الموضوعات مترابطة فيما بينها، ومترتب بعضها على بعض، كما هو الحال في هذه الشبهة، فإننا سبق وإن أجبنا وقلنا: بأنّ فكرة الإمام المهدي× هي فكرة إسلامية إن لم تكن عالمية، وقد استفاضت وتواترت الأحاديث الإسلامية الدالة على خروج الإمام المهدي× وظهوره في آخر الزمان، ومنكرها يعد منكراً للضروريات والبدَهيات، ونقلنا جملة كبيرة مما نقله علماء أهل السنة الذين اعتقدوا بصحة تلك الأحاديث وتواترها، وكذلك نقلنا الأحاديث الصحيحة التي تحدّد شخصيته وهويته وكونه من أهل البيت^ ومن ولد فاطمة ومن ولد الحسين×، وكذلك نقلنا الأحاديث التي تفرض وجوده حياً في جميع الأزمنة كحديث (الثقلين) وحديث (الاثني عشر) وحديث (عدم خلو الأرض من قائم لله بحجة)، وقلنا هناك أنّه لا تطبيق صحيح سوى ما تذهب إليه المدرسة الإمامية، بمقتضى هذه النصوص.

ثمّ إنّ الشيعة قد آمنت بأنّ للإمام المهدي× غيبتين: صغرى وكبرى أو قصرى وطولى، وهذا ما نبّأتنا به الأحاديث الواردة عن رسول الله’ وأهل بيته الأطهار، كما سنأتي قريباً على ذكرها.

أمّا الغيبة الصغرى، فمن مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته، بوفاة آخر السفراء وعدم نصب غيرهم، وهي مدة أربع وسبعون سنة، ففيها كان السفراء يشاهدونه، وربما شاهده غيرهم، ويَصِلون إلى خدمته، وتخرج على أيديهم توقيعات منه إلى شيعته في أجوبة مسائل، وفي اُمور شتى.

وأمّا الغيبة الكبرى، فهي التي أعقبت الاُولى، وقد جاء في بعض التوقيعات التي خرجت على أيدي السفراء، أنّه بعد الغيبة الصغرى لا يراه أحد، وإن من ادّعى الرؤية في غيبته الكبرى، قبل خروج السفياني والصيحة، فهو كذّاب، وجاء في عدّة أخبار أنّه يحضر المواسم كلّ سنة، فيرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه([339]).

معنى الغيبة عند الشيعة

إنّ غيبة الإمام عند الشيعة لا تعني غياب شخصه؛ بل هي خفاء هويته وعنوانه، فهو موجود بشخصه، ولكنه غائب عن الأبصار، فلا يتمكّن الناس من رؤيته، فهو× يشهد الموسم ويرى الناس ولا يرونه، وذلك شبيه قصة الخضر× الذي كان مختفياً عن الأنظار، وفي نفس الوقت كانت له القدرة على التصرّف في الاُمور التكوينية، بإذن من الله تعالى على ما هو معروف في القصة التي دارت بينه وبين موسى×، وقد أشبع التراث الشيعي هذا الموضوع، ومصادره حافلة بأحاديث الغيبة عن رسول الله والأئمة المعصومين^ قبل ولادة الإمام المهدي×؛ بل إن هذا الأمر يُعدّ من الاُمور التي تسالمت عليه الطائفة الشيعية؛ ولعل منشأ ذلك هو تهيئة أذهان الاُمّة لتقبّل هذا الأمر الحتمي الوقوع، وكذلك إزالة الغموض الذي قد يثيره بعض حول هذه المسألة المهمة، فليست الغيبة من اختراعات السفراء أو غيرهم كما يزعم القفاري.

كما أننا نجد أنّ غيبة الإمام المهدي× ينقلها بعض علماء أهل السنة من خلال نقلهم أحاديث تفيد تحقق الغيبة، وسوف ننقل روايات أهل السنة، ثم ننقل روايات الشيعة:

روايات الغيبة عند أهل السنة

روى المقدسي الشافعي (توفي في القرن السابع)، بسنده عن أبي عبد الله الحسين بن علي‘، أنّه قال: «لصاحب هذا الأمر ـ يعني المهدي× ـ غيبتان: إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، وبعضهم: قتل، وبعضهم: ذهب، ولا يطّلع على موضعه أحد من وليّ ولا غيره إلاّ المولى الذي يلي أمره...»([340]).

وروى عن أبي جعفر محمد بن علي‘ أيضاً، قال: «يكون لصاحب هذا الأمر ـ يعني المهدي× ـ غيبة في بعض هذه الشعاب، وأومأ بيده إلى ناحية ذي طوى...»([341]).

2ـ روى الجويني الشافعي (ت/722هـ)، بسنده عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب^، قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): المهدي من ولدي، يكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»([342]).

3ـ روى القندوزي الحنفي (ت/1294هـ)، بسنده عن جابر بن عبد الله رفعه: «المهدي من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلْقاً وخُلقاً، يكون له غيبة وحيرة يضل فيها الأمم، يقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً»([343]).

4ـ وروى أيضاً بسنده: «عن الباقر عن آبائه عن علي بن أبي طالب رفعه: المهدي من ولدي يكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، يأتي به خير الأنبياء، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»([344]).

روايات الغيبة عند الشيعة

ولتأكيد وجود فكرة الغيبة في التراث الإسلامي، فقد وردت جملة من الروايات من طرق أهل البيت^ تبين مفهوم الغيبة، قبل ولادة الإمام المهدي×، وهي مروية عن عدد من الأئمة^، نذكر منهم:

الإمام الباقر×

روى النعماني في كتاب الغيبة عن إبراهيم بن عمر اليماني، قال: «سمعت أبا جعفر× يقول: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين، وسمعته يقول: لا يقوم القائم ولأحد في عنقه بيعة»([345]).

الإمام الصادق×

وردت عن الإمام الصادق× روايات عديدة تؤكد غيبة الإمام المهدي× منها:

1ـ روى الشيخ الكليني بسند صحيح: «عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله×: للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة والاُخرى طويلة، الغيبة الاُولى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة شيعته، والاُخرى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة مواليه»([346]).

2ـ عن الإمام الصادق×، قال: «إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها، قال: فقلت له: يا بن رسول الله! ولِمَ ذلك؟ قال: لأن الله عز ّوجلّ أبى إلاّ أن تجري فيه سنن الأنبياء^ في غيباتهم، وأنّه لابدّ له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ} أي: سنن من كان قبلكم»([347]).

3ـ عن أبي بصير، قال: «قلت لأبي عبد الله×: إن أبا جعفر× يقول: للقائم من آل محمّد عليه وعليهم السلام غيبتان: واحدة طويلة، والاُخرى قصيرة. قال: فقال لي: نعم يا أبا بصير، إحداهما أطول من الاُخرى...»([348]).

4ـ عن حازم بن حبيب، قال: «قال لي أبو عبد الله×: يا حازم، إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين يظهر في الثانية، إن جاءك من يقول إنّه نفض يده من تراب قبره فلا تصدّقه»([349]).

الإمام الرضا×

5ـ روى الصدوق بسند صحيح، قال: «حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: لما أنشدت مولاي الرضا× قصيدتي التي أولها:

مدارس آيات خلت من تلاوة

 

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلمّا انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج

 

يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كلّ حق وباطل

 

ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضا× بكاءً شديداً، ثم رفع رأسه إليّ، فقال لي: يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، هل تدري من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا سيدي، إلاّ إني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملؤها عدلاً، فقال: يا دعبل، الإمام بعدي، محمد ابني وبعد محمد، ابنه علي، وبعد علي، ابنه الحسن، وبعد الحسن، ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً...»([350]). وواضح من هذا الحديث، النصّ على إمامة الإمام المهدي×، فضلاً عن غيبته الصغرى والكبرى.

الإمام العسكري×

روى الصدوق بسند صحيح، قال: «حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن أحمد العلوي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكر× يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولِمَ جعلني الله فداك؟ فقال: لأنكم لا ترون شخصه...»([351]). وعدم رؤية شخصه إشارة إلى غيبته×.

السفراء لم يخترعوا الغيبة

تبين لك مما سلف أنّ الغيبة مفهوم إسلامي نطقت به الروايات، وتناقله المسلمون جيلاً بعد جيل، ولم يكن يوماً من اختراع السفراء الأربعة، الذين عاشوا في القرن الثالث الهجري، بدافع جمع المال والجاه، فإن قضية السفراء في الحقيقة ليست إلاّ امتداداً لفكرة الوكالة التي أسّسها الأئمة^الذين سبقوا الإمام المهدي، لكي يتواصلوا مع شيعتهم وأتباعهم، بل إنّ بعض السفراء كان وكيلاً للإمام الحسن العسكري×.

مبعدات عقلائية لفرضية أن السفراء هم من اخترع الغيبة

مضافاً إلى ذلك، هناك شواهد ومبعّدات تاريخية وعقلائية، تفنّد فرضية اختراع الغيبة والمهدوية من قبل هؤلاء السفراء، منها:

لم يعرف السفراء بالثراء المادي

لو كان دافع السفراء الأربعة من وراء ادعاء السفارة بين الإمام وشيعته هو الكسب والثراء المادي ـ كما زعم القفاري ـ وكانوا باسم المهدي يكنزون الذهب والفضة والأموال التي تجبى إليهم من الشيعة من جميع الآفاق، لكان من الطبيعي أن يُعرفوا في الوسط الشيعي بالثراء والترف المادي، ولاقتنوا الضياع وبنوا القصور وتزوجوا الإماء!! واحتمال أنهم كانوا يخفون ذلك ولا يظهرونه؛ خوفاً من أن يفتضح أمرهم، مدفوع بعدم انكشاف ذلك بعد وفاتهم، فكان من المتوقع أن يظهر ذلك ونسمع بتقاسم الورثة لتلك الأموال، بينما لم ينقل لنا التاريخ أي شيء من ذلك، رغم تربّص الأعداء بهم، بل نقل أنهم كانوا أناساً كسبة ومن عامة الناس، يأكلون من كدّ أيديهم وعرق جبينهم، وكانوا يوزّعون ما يصل إليهم من هذه الأموال على الفقراء والمساكين من المسلمين.

في حين نجد أنّ التاريخ نقل لنا الثراء الفاحش والأموال الطائلة التي خلّفها بعض من الصحابة في غضون سنوات قليلة، حتى أنّ ثروة بعضهم من الذهب كانت تتجاوز الحدّ المعقول، بل كانت تكسّر بالفؤوس، مع أنّ المفترض ـ على أقلّ تقدير ـ أن يعيش الحياة الطبيعية التي تنسجم مع ذلك العصر الذي كان يعيشه رسول الله’، فهم الأقرب إلى تلك المفاهيم السامية التي رسّخها في أفكار وذهن أصحابه، ومنها: المساواة بين الناس، وعدم كنز الأموال والعيش مع الفقراء، في حين أنّ تأريخهم يحدثنا بعكس ذلك([352]).

السفراء يعيشون في جو من الخوف والإرهاب

من الاُمور المسلّمة تاريخياً أنّ عموم الشيعة كانوا يعيشون في ظروف من القهر والخوف والقمع الذي كانت تمارسه السلطات الحاكمة آنذاك، فكيف حال من يتصدّى منهم لاُمور القيادة ويدّعي الاتصال بالإمام المهدي×، ويأخذ الأموال من الناس باسمه؟ فهو بلا شكّ سيكون عدوّها الأول وسيحمل خشبة صلبه على كتفه، خصوصاً إذا لاحظنا أنهم كانوا يعيشون في بغداد عاصمة الخلافة العباسية، فأي مكسب ماديّ يبحث عنه هذا الشخص الذي يعيش التهديد والرعب في كل لحظات حياته؟! وكيف يفكر بالانتفاع من هذه الأموال وفي أيّ مكان يمكنه أن يستمتع بها؟

فإنّ من يبحث عن المال عادة ما ينشد السلامة والأمان ليتمتّع به، وإلاّ فما فائدة المال لشخص يعيش الخوف والحذر والسرّية طيلة لحظات حياته؟ فما يدّعيه القفاري من أنّ هؤلاء اخترعوا الغيبة لا يرتضيه منطق الحياة وسيرة العقلاء.

هذا مضافاً إلى أنّه من حق أي شخص أن يتساءل ويقول: لو كانت الغيبة أكذوبة اخترعها هؤلاء الأربعة فكيف تسنّى لهذه الأكذوبة أن تستمرّ تلك المدة الطويلة دون أن تنكشف خيوطها ويظهر زيفها، فإنّ حبل الكذب قصير، كما يقال، ولذا يقول السيد محمد باقر الصدر&: «فهل تتصور أن بإمكان أكذوبة أن تعيش سبعين عاماً، ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب كلّهم يتفقون عليها، ويظلون يتعاملون على أساسها وكأنها قضية يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم دون أن يبدر منهم أي شيء يثير الشك»([353]) ويضيف قائلاً: «ومنطق الحياة يثبت أيضاً أن من المستحيل عملياً بحساب الاحتمالات أن تعيش أكذوبة بهذا الشكل، وكل هذه المدة، وضمن كلّ تلك العلاقات والأخذ والعطاء، ثم تكسب ثقة جميع من حولها»([354]).

ثم هَبْ أنّ أكذوبة السفارة قد انطلت على الشيعة واستمرّت تلك المدة، فلماذا لم يكتب لها الاستمرار، مادامت الناس تصدق مخترعيها، وتغدق عليهم الأموال؟! لماذا اقتصرت القضية على أربعة أشخاص فقط؟!

إنّ هذه المسألة وبحساب الاحتمالات العقلائية كما يقول السيد الصدر& لا يمكن أن تكون مجرد أسطورة لا واقع موضوعي لها، ولا يمكن لعقل سليم أن يرفضها بشكل فوري إلاّ أن يكون قد ابتلي بداء التعصّب والتحجّر والأحكام المسبقة.

كما أنّه مضافاً إلى كلّ هذه المبعّدات؛ هناك ما يطمئن به إلى سقوط تلك الفرضية، وهو شهرة هؤلاء السفراء الأربعة بالوثاقة والصدق في القول والعمل، وما كانوا يتمتّعون به من مكانة بين الشيعة بمختلف طبقاتهم، في الوقت الذي برز في هذه الأثناء أشخاص أدعياء كذبة اتهمتهم الشيعة بالكذب والانحراف، ولم يتمّ التعامل معهم باحترام وتقدير، وهذه الشهرة تجعل من غير المعقول قبول فرضية اختراعهم الغيبة لكسب المال، كما ادعى القفاري.

 

 

 

وثاقة السفراء وجلالة قدرهم

السفير الأول: عثمان بن سعيد العمري الأسدي

صفاته

كان الشيخ العمري من الفقهاء والعلماء الكبار، فهو الأمين والعفيف وهو الصادق، وكان موضع ثقة الجميع؛ لذا جاء اختياره لهذه المهمة والمسؤولية، مع ما فيها من مخاطر قد تؤدي إلى قتله؛ لأنّ السلطة الحاكمة كانت تترصّد حركات الإمام المهدي× وأتباعه، فامتهن تجارة بيع السمن وجاءت تسميته بالسمّان؛ لكي تقيه من ملاحقة السلطة ومطاردتها له، وليكون قادراً على إنجاز مهمة إيصال الرسائل والأموال وغيرها بشكل سريّ من وإلى الإمام×.

سفارته

تعدّ سفارة الشيخ عثمان بن سعيد العمري هي الاُولى في عصر الغيبة الصغرى، وقد نصّ عليه الإمام المهدي لتسنّم هذا المنصب، كما أنّه حاز شرف الوكالة من قبل الإمامين العسكريين، الهادي والعسكري‘([355]).

أمّا مسألة النصّ عليه، فقد قال الإمام المهدي× مخاطباً محمد بن عثمان عند وفاة والده عثمان: «... وكان من كمال سعادته أن رزقه الله تعالى ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره»([356]).

وهذا النصّ يكشف بصورة جلية سفارة ووكالة العمري (رحمه الله).

وأمّا مدّة سفارته فقد بلغت خمس سنوات، من 260 هـ إلى 265 هـ.

وثاقته وجلالته

نذكر بعض ما ورد من مدح وإطراء لهذه الشخصية العظيمة، الذي يدلّ على كبر منزلته وجلالته وورعه وصدقه.

فقد روى الشيخ الطوسي بسنده عن أحمد بن إسحاق بن سعد القمي، عن الإمام الهادي×، قال: «هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه إليكم فعنّي يؤدّيه»([357]).

وروى أيضاً بنفس السند عن الإمام العسكري، قال: «هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات...»([358]).

وكتب الإمام العسكري× إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري فيه توثيق واضح للعمري، ورد فيه: «... فلا تخرجن من البلدة حتى تلقى العمري (رضي الله عنه) برضاي عنه، وتسلّم عليه وتعرفه ويعرفك، فإنّه الطاهر الأمين العفيف، القريب منّا وإلينا»([359]).

وعند وفاة عثمان بن سعيد (رضوان الله عليه)، خاطب الإمام المهدي× ولده محمد معزيّاً ومادحاً لأبيه، وهو يكشف عن مدى حبّ الإمام له وأنّ له منزلة وجلالة ووثاقة عالية عنده، قال: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، تسليماً لأمره ورضاء بقضائه... عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه، فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً فيما يقرّبه إلى الله عزّ وجلّ، نضّر الله وجهه وأقاله عثرته»([360]).

قال الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: «كانت توقيعات صاحب الأمر× تخرج على يدي عثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه أبي محمد×، بالأمر والنهي والأجوبة عمّا يسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن×، فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما إلى أن توفي عثمان بن سعيد رحمه الله ورضي عنه، وغسله ابنه أبو جعفر وتولّى القيام به، وحصل الأمر كله مردوداً إليه، والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته؛ لما تقدم له من النصّ عليه بالأمانة والعدالة والأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن× وبعد موته في حياة أبيه عثمان رحمة الله عليه»([361]).

وخلاصة الكلام: إنّ العمري كان همزة الوصل بين الإمام المهدي وشيعته في مراسلاتهم وقضاياهم، فهو ذلك النابغة في الفكر والعقل والحكمة مضافاً إلى صفات تحلّى بها ـ وهو أهل لها ـ كالتقوى والورع والصدق والأمانة؛ ممّا أهّله ذلك ليكون نائباً خاصاً ووكيلاً عاماً عن الإمام×.

وفاته

توفّي الشيخ العمري (رضوان الله عليه) في بغداد سنة 265 هـ، ودفن بجانب الرصافة في بغداد، وقبره معروف يزار.

السفير الثاني: محمد بن عثمان العمري أبو جعفر

منزلته

لقد كانت له منزلة عظيمة عند الشيعة الإمامية، فقد تواترت وثاقته وجلالته عند الإمامية، وكان يلقب بالخلاّني؛ لتجارته وبيعه مادة الخل المعروفة؛ ولعل ذلك مخافة قتله لو علموا بكونه وكيلاً أو سفيراً للإمام المهدي×، فهم لم يتورعوا ـ كما قلنا سابقاً ـ عن انتهاك بيت الإمام العسكري×، والعبث بكل ما يطالونه عند وفاة الإمام×، فكيف لو علموا بأنّ شخصاً وكيلاً شرعياً له، وقد قيل: لحلمه وورعه وتقواه صار الخل والصديق والصاحب لكل الناس، فجاءت شهرته لهذه العلة، وعلى كلا القولين، فهو ذلك الإنسان الورع الجليل محل ثقة الإمام المهدي×.

قال الشيخ الطوسي: «محمد بن عثمان بن سعيد العمري، يكنى أبا جعفر، وأبوه يكنى أبا عمرو، جميعاً وكيلان من جهة صاحب الزمان×، ولهما منزلة جليلة عند الطائفة»([362]).

سفارته

أمّا سفارته فقد تم تعيينه من الإمام المهدي× سفيراً ثانياً له، وقائماً بأعماله، بعد وفاة والده مباشرة، وقد قام الإمام المهدي× بخطوات عملية لإثبات سفارته، وذلك من خلال خطاباته إلى شيعته ومواليه في أرجاء العالم الإسلامي يعلمهم بخبر نيابة وخلافة محمد بن عثمان محل والده، فهو النائب والوكيل عنه×.

ومن تلك الخطابات والرسائل ما بعثه الإمام المهدي إلى محمد بن مهزيار الأهوازي، حيث جاء في كلامه:

«والابن وقاه الله لم يزل ثقتنا في حياة الأب (رضي الله عنه) وأرضاه ونضّر وجهه، يجري عندنا مجراه، ويسدّ مسدّه، وعن أمرنا يأمر الابن وبه يعمل، تولاه الله، فانته إلى قوله، وعرف معاملتنا([363]) ذلك»([364]).

وواضح من هذا الخطاب أنّ الإمام المهدي× وضع ثقته المطلقة في (محمد بن عثمان) الذي لا يختلف عن أبيه في القيام في هذا الدور الحيوي والمهم، في تبليغ وصايا الإمام، وتوجيه الاُمّة نحو الصلاح والكمال في ظرف قد يجعله عرضة للقتل في كلّ لحظة، لاسيّما وعيون السلطة تراقب حركاتهم وسكناتهم.

ولهذا كان موضع رضا وقبول الإمام المهدي×، بحيث كان يدعو له أن يعينه ويقوّيه ويحفظه في تحمّل المهام الصعبة الملقاة عليه، وذلك حين خاطبه عند وفاة أبيه معزياً ومحفزاً لتسلم مهام النيابة من بعده، حيث قال له: «أجزل الله لك الثواب وأحسن لك العزاء، رزئت ورزئنا وأوحشك فراقه وأوحشنا، فسرَّه الله في منقلبه، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله تعالى ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره، ويترحّم عليه، وأقول: الحمد لله، فإن الأنفس طيبة بمكانك، وما جعله الله عزّ وجلّ فيك وعندك، أعانك الله وقواك وعضدك ووفقك، وكان لك ولياً وحافظاً وراعياً وكافياً ومعيناً»([365]).

أما مدة سفارته فكانت أربعين سنة، من سنة 265 هـ إلى 305 هـ.

وثاقته وجلالته

قال ابن الأثير في الكامل: «مات أبو جعفر بن محمد بن عثمان العسكري المعروف بالسمّان، ويعرف أيضاً بالعمري رئيس الإمامية، وكان يدعي أنّه الباب إلى الإمام المنتظر، وأوصى إلى أبي القاسم بن الحسين بن روح»([366]).

وقال الشيخ الطوسي: «محمد بن عثمان بن سعيد العمري، يكنى أبا جعفر، وأبوه يكنى أبا عمرو، جميعاً وكيلان من جهة صاحب الزمان×، ولهما منزلة جليلة عند الطائفة»([367]).

وروى الشيخ الطوسي أيضاً بسنده عن إسحاق بن يعقوب عن الإمام المهدي× قال: «وأمّا محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه)، وعن أبيه من قبل، فإنّه ثقتي، وكتابه كتابي»([368]).

وروى الشيخ الطوسي عن الإمام العسكري×: «العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا، فعنّي يؤدّيان، وما قالا، فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان»([369]).

وتقدم توثيقه من الإمام× حين قال: «والابن وقاه الله لم يزل ثقتنا في حياة الأب (رضي الله عنه)»([370]).

رؤيته للإمام المهدي×

روى الشيخ الصدوق بسند صحيح: «عن عبد الله بن جعفر الحميري قال: سألت محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه)، فقلت له: أرأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: اللّهم أنجز لي ما وعدتني»([371]).

وروى أيضاً بنفس السند: «عن محمد بن عثمان العمري، قال: سمعته يقول: والله إنّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كلّ سنة، فيرى الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه»([372]).

فيتّضح من خلال هذه الروايات الصحيحة، أنّ العمري قد تشرّف برؤية الإمام× وفي هذا دلالة على عظم هذه الشخصية وكونه من المقرّبين والموثوق بهم عند الإمام المهدي×.

وفاته

توفي الشيخ محمد بن عثمان العمري سنة 305 هـ بعد أن أوصى لخلَفِه الشيخ الحسين بن روح النوبختي بالنيابة بعده بأمر الإمام المهدي×، ودفن في بغداد، وقبره معروف يزار.

السفير الثالث: الحسين بن روح أبو القاسم النوبختي

جلالته ووثاقته

عُرِف عنه بكونه من الثقات الأجلاء عند الخاصة والعامة، فكانت العامة تعظمه وتحترمه وترى فيه الصدق والأمانة، فهو رأس الشيعة والشيخ الصالح بشهادة الذهبي، وكان فاضلاً موثوقاً ﻻ يختلف في ذلك اثنان، حتّى كان أبو سهل النوبختي يقول في حقّه: «لو كان الحجّة× تحت ذيله وقرّض بالمقاريض ما كشف الذيل»([373]).

قال الذهبي: «أبو القاسم الحسين بن روح رأس الشيعة، الملقّب بالباب إلى صاحب الزمان»([374]).

وقال في تاريخ الإسلام: «هو الشيخ الصالح أحد الأبواب لصاحب الأمر، نص عليه بالنيابة أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري عنه، وجعله من أول من يدخل عليه حين جعل الشيعة طبقات. وقد خرج على يديه تواقيع كثيرة. فلمّا مات أبو جعفر صارت النيابة إلى أبي القاسم. وجلس في الدار ببغداد، وجلس حوله الشيعة...»([375]).

سفارته

الشيخ الحسين بن روح هو ثالث السفراء، وكانت مدّة سفارته إحدى وعشرين سنة، من 305 هـ إلى 326 هـ، وقد وكّله العمري بعده للنيابة والسفارة والقيام بالمهمات بين الإمام وشيعته، بأمر الإمام المهدي×، روى الشيخ الطوسي: «إن أبا جعفر العمري لما اشتدت حاله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة... فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي، والسفير بينكم وبين صاحب الأمر× والوكيل له والثقة الأمين، فارجعوا إليه في اُموركم وعوّلوا عليه في مهماتكم فبذلك أمرت وقد بلغت اُموركم»([376]).

وفاته

توفّي (رضوان الله عليه) في شهر شعبان 326 هـ في بغداد، ودفن بجانب الرصافة في بغداد، وقبره معروف يزار.

السفير الرابع: علي بن محمد السمري

وثاقته وسمو شأنه

لا يختلف اثنان في وثاقة وسمو ورقي مكانة السمري (رضوان الله عليه) عند الطائفة الشيعية، فيكفيه فخراً أن الإمام اختاره لهذه المرتبة الجليلة في كونه نائباً ووكيلاً عنه، فلا ينال ذلك إلاّ من كان ثقةً جليلاً مؤهلاً لتحمّل المسؤولية، وهذا ما خوله لتسنّم هذه الوظيفة, وقد أورد الشيخ الطوسي نبذة من أخباره, تدلّ على علوّ شأنه ورفيع مقامه([377]).

سفارته

نال شرف السفارة والقيام بأعباء المسؤولية عن الإمام المهدي×، بعد وفاة السفير الثالث الشيخ الحسين بن روح النوبختي، وكانت مدّة سفارته ثلاث سنوات، من 326 هـ إلى 329 هـ، فهي أقصر مدة تولى فيها هذا المقام السامي، وبعدها انتهت الغيبة الصغرى، وذلك بالبيان الذي بلّغه به الإمام×، لتتحقّق بعده الغيبة الكبرى، وكانت آخر كلمات وخطابات الإمام له هي قوله:

«بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية فلا ظهور إلاّ بعد إذن الله عزّ وجلّ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم... فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيّك من بعدك؟ فقال: لله أمر هو بالغه»([378]).

وبنهاية هذه النيابة اقتضت حكمة الله تعالى أن يغيب الإمام المهدي× ويحتجب عن عيون محبيه وشيعته، لتبدأ مرحلة ودور آخر وهو ما نسميه بالغيبة الكبرى، وقد أرجع الإمام شيعته فيها إلى الفقهاء للقيام بمهام التبليغ إلى ما شاء الله أن يصدع بأمر ظهوره ليملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد أن تمتلأ بالظلم والجور.

وفاته:

توفّي الشيخ السمري في بغداد سنة 329هـ بجانب الرصافة، وقبره معروف يزار.

وهكذا يتّضح جلالة ووثاقة ونزاهة هؤلاء السفراء، وأنّ وظيفتهم كانت تتمثّل في أنّهم حلقة الوصل بين الإمام× وشيعته، ونقل المسائل الفقهية والعقائدية من الإمام إليهم وقضاء حوائج المؤمنين وحلّ مشاكلهم بالإضافة إلى وظيفة جمع الأموال الشرعية.

وبعد ترجمتنا لهؤلاء الثقات التي أجمعت الطائفة على صدقهم ووثاقتهم، وكذلك ما ورد من كلمات بعض أهل السنة بكونهم من رؤوس الشيعة، فهل يعقل أن يضعوا ويختلقوا قصة بهذا الحجم لنظرية المهدوية، التي أطبق على ذكرها الفريقان وبطرق صحيحة وقبل أن يلد الإمام المهدي×، ثم هل يعقل أن الوكلاء والنواب الذين لم يحص عليهم خطأ أو كذب أو تحايل في تصرف، أو تهافت في نقل، مدة سبعين عاماً، أن يخلقوا لنا مثل هذه الفكرة ويتفقون على نقلها دون إثارة الشكوك حولها ويكسبون بذلك ثقة الشيعة طوال هذه السنوات؟!

وجود المنحرفين سنة اجتماعية

لقد حاول القفاري أن يثبت زعمه بأنّ السفراء الأربعة هم من اخترع الغيبة من أجل جمع الأموال، مستدلاً على ذلك بحصول الاختلافات والنزاعات بينهم وبين غيرهم، قال: «وتكشف بعض أوراقهم سبب هذا التنازع بينهم»([379]).

ثم نقل كلاماً عن الشيخ الطوسي حول رجل يدّعى محمد بن علي بن بلال كان قد رفض سفارة محمد بن عثمان العمري، وامتنع عن تسليم الأموال له، جاعلاً ذلك دليلاً على أنّ السفارة إنّما اختُلقت لجمع المال.

وفي معرض الردّ على هذا الكلام؛ يمكن القول بأنّ القفاري إمّا أن تنقصه الأهلية العلمية التي لا تصونه عن الوقوع في أخطاء واضحة، أو أن تحامله على الشيعة يوقعه في مثل هذه الهفوات، وإلاّ فإن المنحرفين عن الحق موجودون في كلّ زمان ومكان، والصراع بين أهل الحق والباطل صراع أزلي منذ وطأ الإنسان الأرض، وفي مقدمة من ابتلي بهذا الأمر هم الأنبياء^، حيث تجد في قبال كلّ نبي هناك من يرفض نبوّته، أو يتّهمه باُمور عديدة، أو يدّعي النبوّة دونه، وهذا في الحقيقة جزء من الامتحان والاختبار الذي أراده الله لبني البشر، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}([380]) فعلى منطق القفاري لابدّ أنّ نشكك في نبوّة الأنبياء^ وأحقيتهم؛ لأن هناك من نازعهم واختلف معهم واتهمهم، وهذا لا يقول به عاقل فضلاً عمّن يدعي العلم والفهم.

ومن هنا لا يخرج سفراء الإمام المهدي× عن هذه القاعدة؛ إذا برز في طريق عملهم الحسّاس والخطير بعض ضعاف النفوس ممن يسعون وراء الدنيا وبريقها، وهي سنة اجتماعية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات، ولا يحتاج إثباتها إلى شواهد وأدلة.

ثم رتّب القفاري على انحراف الشخص المدعو محمد بن علي بن بلال واستئثاره بالحقوق الشرعية، عدم وجود الإمام المهدي× بدعوى أنّه كيف يجعل الإمام×، شخصاً منحرفاً، وكيلاً له في أخذ الأموال، وهو يعلم ما كان وما يكون، قال القفاري: «وإلاّ لو كان هناك إمام غائب... لما صارت الأموال إلى هذا الرجل المحتال، ولما كان محلّ ثقة الإمام صاحب الزمان؛ لأن الإمام عندهم يعلم ما كان وما يكون، فلماذا لم يصدر أمره من البداية في التحذير من التعامل معه حتى لا يأخذ أموال الناس؟! لكن الحقيقة أنّه لا إمام غائب...»([381]).

في هذا المقطع من كلام القفاري توجد عدة فرضيات:

الاُولى: أنّ الإمام× عند الشيعة يعلم ما كان وما يكون.

الثانية: أنّ هذا الشخص كان منحرفاً من بداية الأمر.

الثالثة: أنّ الإمام عيّنه وكيلاً في أخذ الأموال مع كونه منحرفاً، ولم يحذّر الناس منه، وهذا غير معقول، فإذن لا وجود لهذا الإمام.

ونحن لو سلّمنا بالفرضية الاُولى، وقبلنا أن الإمام× لديه هذا العلم من الله سبحانه ـ وقد تكلمنا عن الشبهات الموجهة إلى علم الأئمة في الجزء الأول من هذا الكتاب ـ ولكن من أين أتى القفاري بفرضية أن هذا الشخص كان منحرفاً من البداية؟! أليس هذا رجماً بالغيب؟! ألا يمكن أن يكون هذا الشخص مستقيماً في حياته، ثم عرض له الانحراف؟! وكم له من نظير، فيكون اختيار الإمام× له في حينه صحيحاً وفي محلّه، ولا يقدح باختياره له كونه سينحرف في المستقبل، لأنّ ذلك بيد الله سبحانه، ولا يجوز ترتيب أثر على شيء لم يحدث.

ثمّ إنّ الله سبحانه اعتمد على أشخاص ورزقهم العلم والفهم وفضّلهم على غيرهم، ولكنهم انحرفوا وحادوا عن طريق الحق وجادّة الصواب، فهذا بلعم بن باعورا ـ على سبيل المثال ـ وهو عالم من علماء بني إسرائيل، قد أعطاه الله من آياته، ورزقه علماً، ثم انحرف فيما بعد، قال المناوي في فيض القدير: «قال الغزالي: كان بلعم بن باعوراء من العلماء وكان بحيث إذا نظر رأى العرش وهو المعني بقوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا}»([382]).

وقال الطبري: «فإنّ أهل العلم بأخبار الأولين مجمعون على أنّ بلعم بن باعوراء كان ممن أعان الجبارين بالدعاء على موسى»([383])، فهل كان الله يعلم بما سيؤول إليه حاله أو لا يعلم؟ فإذا كان يعلم، فلماذا يعطيه تلك الآيات، والعلم الغزير؟! فلا شك هناك مصلحة ما اقتضت ذلك، وإن كان الله تعالى يعلم أنّه في مرحلة متأخرة سوف يتحقق منه الانحراف.

وكذا الحال بالنسبة إلى رسول الله|، حين >بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق مصدقاً، فأخبر عنهم أنهم ارتدوا وأبوا من أداء الصدقة؛ وذلك أنهم خرجوا إليه فهابهم ولم يعرف ما عندهم، فانصرف عنهم ... فبعث إليهم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت فيهم، فأخبروه أنهم متمسكون بالإسلام، ونزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ}»([384]).

فلماذا بعثه رسول الله’ إذا كان فاسقاً، بنص القرآن الكريم؟! هل كان يعلم أو لا يعلم؟! أو أنّه يعلم ولكنه مأمور بالتعامل مع ظاهر الحال، أو أنّ هناك مصلحة لا نعلمها.

وغير ذلك من الشواهد الكثيرة، التي حدثت بالنسبة لبعض القادة والعمال الذين كان يعتمد عليهم النبي’ في بعض المهامّ، ويظهر فيما بعد إخفاقهم أو تقصيرهم أو انحرافهم.

والحال ذاته ينطبق على بعض وكلاء الإمام×، فليست المسألة غريبة حتى يستنج القفاري منها عدم وجود الإمام×.


الشبهة: تسريب نظرية المهدي والغيبة عن طريق حكيمة

قال القفاري: «فمسألة المهدي وغيبته تسربت إلى الشيعة عن طريق حكيمة، كما تقوله رواية شيخ الطائفة، وما أدري كيف يقبل الشيعة قول امرأة واحدة غير معصومة في أصل المذهب ...»([385]).

الجواب

تارة ينقل لنا القفاري أن مسألة الإمام المهدي وغيبته× قد اخترعها عثمان بن سعيد العمري والآخرون معه، ومن ثم تكونت كعقيدة للشيعة، وتارة يقول إنها تسربت إلى الشيعة عن طريق حكيمة، ولا ندري من هو مخترعها الحقيقي حسب قناعات القفاري؟! هل هي حكيمة التي سربتها لنا أو عثمان بن سعيد؟!!

فهناك تخبط واضح في أقوال القفاري، فهو لا يلتفت إلى التناقضات التي يقع فيها، ولعلّ الذي ألجأه إلى هذا التناقض، هو تجذّر فكرة الإمام المهدي× وحضورها في الذهنية الإسلامية، فكلّما حاول دحض هذه العقيدة أدخل نفسه في متاهات لا يجد لنفسه مخرجاً منها.

وأمّا السيدة حكيمة، التي حاول أن يطعن بشهادتها على ولادة الإمام المهدي×، فهو يطعن في الحقيقة بشهادة حسّية على ولادته×، وما شهادتها إلاّ واحدة من الأدلة الكثيرة على تحقّق الولادة، فولادته لم تنحصر بشهادة السيدة الفاضلة حكيمة، وهذه الشهادة لا علاقة لها بأصل عقيدة المهدوية عند الشيعة، ولا ربط بين الأمرين.

ولكن السؤال الذي يجب أن نتناوله هنا: من هي السيدة حكيمة؟ وهل شهادتها تورث الاطمئنان بصدق الولادة أم لا؟

والجواب على الأمر الثاني هو: نعم، شهادتها على الولادة تورث الاطمئنان بتحقق ذلك ، فهي سليلة أهل بيت الذين طهرهم الله تعالى وأذهب عنهم الرجس.

وأمّا من هي السيدة حكيمة، فننقل ترجمتها لكي يقف القارئ على درجة وفضل هذه السيدة الجليلة.

ترجمة السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد×

اسمها ونسبها

السيدة حكيمة بنت الإمام محمّد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب^.

جلالتها ووثاقتها

من خلال نسبها الطاهر تتضح وثاقتها وجلالتها، فهي من العلويات النجيبات الكريمات، لما لها من الفضل والعلم والتقوى، فكانت المودعة لأسرار الأئمة^، بشهادة الشيخ المجلسي والسيد محسن الأمين (رحمهما الله).

قال المجلسي: «ثمّ اعلم أنّ في القبّة الشريفة قبراً منسوباً إلى النجيبة الكريمة العالمة الفاضلة التقية الرضية حكيمة بنت أبي جعفر الجواد ولا أدري لِمَ لم يتعرضوا لزيارتها مع ظهور فضلها وجلالتها وإنّها كانت مخصوصة بالأئمّة^، ومودعة أسرارهم، وكانت اُمّ القائم عندها، وكانت حاضرة عند ولادته×، وكانت تراه حيناً بعد حين في حياة أبي محمّد العسكري×، وكانت من السفراء والأبواب بعد وفاته، فينبغي زيارتها بما أجرى الله على اللسان ممّا يناسب فضلها وشأنها»([386]).

وقال السيد محسن الأمين: «كانت من الصالحات العابدات القانتات»([387]).

مشاهدتها وحضورها لولادة الإمام المهدي×

روى القندوزي الحنفي عن السيدة حكيمة: «فلمّا كانت ليلة النصف من شعبان سنة خامس وخمسين ومائتين، دخلت حكيمة عند الحسن، فقال لها: يا عمتي كوني الليلة عندنا لأمر، فأقامت، فلمّا كان وقت الفجر اضطربت نرجس، فقامت إليها حكيمة، فوضعت المولود المبارك ...»([388]).

روى الشيخ الصدوق بسنده عن السيدة حكيمة، قالت: «بعث إليّ أبو محمّد الحسن بن علي، فقال: يا عمّة، اجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا، فإنّها ليلة النصف من شعبان، فإنّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة، وهو حجّته في أرضه، قالت: فقلت له: ومن اُمّه؟ قال لي: نرجس ... فقلت لها: إنّ الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والآخرة، قالت: فخجلت واستحيت، فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت ... فجلست وقرأت ألم السجدة ويس، فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبت إليها، فقلت: اسم الله عليك، ثمّ قلت لها: أتحسين شيئاً؟ قالت: نعم يا عمّة، فقلت لها: اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك، قالت: فأخذتني فترة وأخذتها فترة فانتبهت بحسّ سيّدي، فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به×»([389]).

وفاتها

توفّيت السيّدة حكيمة ÷ سنة (274 ه‍ـ)، ودفنت بجوار مرقد الإمامين العسكريين بمدينة سامراء.

وبهذا يتّضح ممّا تقدّم من ترجمتها أنّ السيدة حكيمة كانت شاهدة وحاضرة عملية الولادة الطاهرة للإمام الثاني عشر، وهذا دليل حسّي على ولادة الإمام محمد بن الحسن العسكري، وهي من الوثاقة والجلالة، فلا يمكن إلاّ أن نصدق بكلماتها ورواياتها، أمّا أنها هي التي سرّبت نظرية المهدوية، فهذا من مفتريات وغرائب القفاري التي لا نجد لها واقعاً صحيحاً يصدقها.

حجب الإمام الناس عن رؤيته لا ينافي ضرورة معرفته

وأمّا قول القفاري: «وتلاحظ أنّ إمامهم يأمر بحجب أمر المهدي وغيبته إلاّ عن الثقات من شيعته، مع أنّ مَن لم يعرف الإمام ـ عندهم ـ فإنّما يعرف ويعبد غير الله وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق»([390]).

نقول: إنّ مسألة حجب الإمام أمره عن الناس ما عدا الثقات، كان أمراً طبيعياً وله ما يسوّغه في ظلّ حكومة تسعى إلى القضاء عليه لما تعلم من أنّه يشكل عاملاً يهدد كيان السلطة آنذاك، فالإمام يحتجب خوفاً على نفسه من القتل الذي قد يطاله في كلّ لحظة، وقد تقدمت الروايات في ذلك.

وأمّا ربط عدم مشاهدة الإمام إلا من قبل الثقات بمسألة وجوب معرفته, وأنّ الروايات صرّحت: بأنّ: من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة كفر ونفاق؟

نقول أيضاً: إنّ هذا الكلام ليس له وجه صحيح؛ لأنّ الشيعة لا تقصد المعرفة الحسيّة العيانية؛ بل المقصود هو المعرفة القلبية الإيمانية، فنحن نعتقد بالله ورسوله وملائكته، وهذا الاعتقاد هو إيماني غيبي وليس المقصود منه أنّ نشاهده حضوراً، ثُمّ نؤمن به.

الشبهة: التنافي بين علة الغيبة ـ خوف القتل ـ وبين العلم بموته

قال القفاري: «أما سبب غيبته: فقد جاء في الكافي عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله يقول: إن للقائم× غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولِمَ؟ قال: إنّه يخاف ـ وأومأ بيده إلى بطنه ـ يعني القتل، وجاءت عندهم روايات عدة في هذا، وأكد ذلك شيخ الطائفة الطوسي بقوله: لا علة تمنع من ظهوره إلاّ خوفه على نفسه من القتل؛ لأنّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار، وكان يتحمل المشاق والأذى، فإنّ منازل الأئمّة، وكذلك الأنبياء^ إنما تعظم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى.

ولكن هذا التعليل للغيبة الذي يؤكده شيخ الطائفة لا يتصور في حق الأئمة ـ على ما يعتقد الشيعة ـ لأنّ الأئمة يعلمون متى يموتون ... فكيف يخرجون من هذا التناقض؟»([391]).

جواب الشبهة

إنّ ما أورده الدكتور القفاري لهذه الإشكالية مدفوع بأمرين:

الأول: إنّ حياة الإمام× مدة طويلة مشروطة بشرائط، منها: اختفاؤه عن الناس، وهذا لا يتنافى مع علمه بمدة عمره ووقت موته أو قتله؛ وذلك لأننا نقول: إن الله تعالى أعطاه القدرة على العلم بموته لكن ليس مطلقاً، بل هو مشروط باختفائه وهروبه من القتل إذا احتمل القتل أو جزم به، وهذا ليس ببعيد، فإنّ رسول الله كان يعلم متى يموت، ولكنه خرج وفرّ عن الناس وآوى إلى الغار، ثم هاجر إلى المدينة، فهل تستطيع أن تقول: هذا تناقض كيف هرب من الموت وهو عالم به؟!

وكذلك الأمر ينسحب على نبي الله موسى× فإنّه يعلم أنّه سيكون حياً وسوف يكون رسولاً، فقد أخبر الله تعالى أمّه بذلك، ومن الطبيعي أن يعلم هو بذلك أيضاً، قال تعالى: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}([392])، ومع ذلك قال تعالى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ}([393])، وقال أيضاً على لسان موسى×: {فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ}([394]).

فموسى× فرّ من القتل خوفاً على نفسه، فهل هذا تناقض وقع فيه نبي الله موسى× لأنّه هرب وهو يعلم بموته؟!

بالطبع كلا، فإنّ هناك شروطاً لحياة الأنبياء أو الأئمة^ منها الهروب أو الخوف من القتل لمصلحة تقتضي هذا الخوف، ولا تلازم أو تناقض بين الأمرين.

الثاني: إنّ الله سبحانه وتعالى أخبرنا في كتابه العزيز في قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ اُمُّ الْكِتَابِ}([395]). وهذا ما يطلق عليه بلوح المحو والإثبات، فيشمل الموت والحياة والرزق وغير ذلك.

قال الشيخ المفيد: «وقد يكون الشيء مكتوباً بشرط، فيتغيّر الحال فيه، قال تعالى: {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ}([396]). فتبيّن أنّ الآجال على ضربين: ضرب منها مشترط يصحّ فيه الزيادة والنقصان، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إلاّ فِي كِتَابٍ}([397]). وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أهل الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ}([398]) فتبيّن أنّ آجالهم كانت مشروطة في الامتداد بالبر، والانقطاع بالفسوق»([399]).

وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن علي× أنّه سأل رسول الله عن هذه الآية الكريمة {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ اُمُّ الْكِتَابِ} فقال له رسول الله: «لأقرّن عيني أمتي بتفسيرها، الصدقة على وجهها، وبر الوالدين واصطناع المعروف يحوّل الشقاء سعادة، ويزيد في الرزق، ويقي مصارع السوء»([400]).

فالآجال مشروطة بأفعال معينة، قد يطول العمر بها وقد يقصر، والإمام المعصوم× لا يخرج عن ذلك القانون الإلهي، حتى مع علمه بموته وأجله، ولكن مع ذلك يعلم بطروّ محو الله تعالى على الأجل، ولذا يحتاط ويخاف من وقوع بعض الاُمور التي قد تقع طبقاً لذلك القانون الرباني، وهذا الأمر قد حدّثتنا عنه الروايات، فعن أصبغ بن نباتة: «أن أمير المؤمنين× عدل من حائط مائل إلى آخر، فقيل له: يا أمير المؤمنين أتفرّ من قضاء الله؟ قال: أفرّ من قضاء الله إلى قدره عزّ وجلّ»([401]).

قال السيد الطباطبائي: «إنّ القدر لا يحتّم المقدّر، فمن المرجو أن لا يقع ما قدّر، أمّا إذا كان القضاء فلا مندفع له»([402]).

فالإمام علي× كما في هذه الروايةـ مع علمه المسبق بأنه سوف يقتل بيد أشقى الآخرين في مسجد الكوفة بإخبار من النبي|([403]) ـ فرّ من ذلك الحائط.

وكذلك الأمر فيما نحن فيه، فإنّ الإمام المهدي× يخضع لتلك القاعدة الربانية في لوح المحو والإثبات، وهذا لا يتنافى مع علمه المسبق بطول عمره.

الشبهة: غيبات بعض الأنبياء لا تدل على وقوع غيبة المهدي

قال القفاري: «ويلتمس الإمامية من الغيبة التي وقعت لبعض الأنبياء دليلاً على صحة وقوع غيبة مهديهم ... أقول: إنّ هذه المقارنات غير مجدية في إثبات فكرة غيبة إمامهم؛ لأسباب كثيرة، منها أن غيبة موسى ويوسف ويونس^ قد أخبر الله سبحانه بها في كتابه بنص واضح صريح لا لبس فيه ولا غموض، أما غيبة مهديهم فتنتهي رواياته إلى حكيمة إن صحت النسبة إليها، ثم أخبار الأبواب الأربعة المطعون في شهادتهم؛ لأنهم يجرّون المصلحة إليهم، حيث المال المتدفق»([404]).

الجواب: ذكر الشيعة لغيبات الأنبياء لنفي غرابة الغيبة

إنّ ذكر الشيعة لبعض غيبات الأنبياء إنّما هو في سياق نفي غرابة أصل الغيبة واستهجانها، وليس بضارّ في ذلك أنّ غيبة الأنبياء قد صرّح بها القرآن بينما غيبة المهدي× لم يصرّح بها، وأمّا كلام القفاري بأنّ الإخبار عن غيبة المهدي× ظل غامضاً، فهذا الغموض إنّما جاء بسبب الغشاء الذي لفّ القفاري به نفسه، وإلاّ فإنّ الله تعالى قد أخبر عن هذه الغيبة على لسان نبيه| الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى، مضافاً إلى ما روي عن أهل بيته^ وهم بدورهم أخبروا بها شيعتهم قبل وقوعها بقرون.

قال الشيخ الصدوق&: «إنّ الأئمة^ قد أخبروا بغيبته× ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نقل عنهم واستحفظ في الصحف ودوّن في الكتب المؤلفة من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أكثر، فليس أحد من أتباع الأئمة^ إلاّ وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ودوّنه في مصنفاته، وهي الكتب التي تعرف بالأصول مدونة مستحفظة عند شيعة آل محمد^، من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين»([405]).

وقد أكّد الإمام الصادق× على مفهوم الغيبة بشكل واضح لا يقبل الشك،كما تقدم وسيأتي أيضاً.

ولا يقال: إنّ تلك الأخبار هي من علم الغيب فلا يصحّ الاحتجاج بها؟

فهذا القول مردود بما صرح به ابن خلدون (ت/808 هـ) في تأريخه، قال: «ولو صحّ السند إلى جعفر الصادق لكان فيه نعم المستند من نفسه أو من رجال قومه، فهم أهل الكرامات، وقد صحّ عنه أنّه كان يحذّر بعض قرابته بوقائع تكون لهم فتصحّ كما يقول، وقد حذّر يحيى ابن عمّه زيد من مصرعه وعصاه، فخرج وقتل بالجوزجان كما هو معروف، وإذا كانت الكرامة تقع لغيرهم فما ظنّك بهم علماً وديناً وآثاراً من النبوءة، وعناية من الله بالأصل الكريم تشهد لفروعه الطيبة، وقد ينقل بين أهل البيت كثير من هذا الكلام غير منسوب لأحد»([406]).

وقال أيضاً: «وقع لجعفر وأمثاله من أهل البيت كثير من ذلك، مستندهم فيه والله أعلم الكشف بما كانوا عليه من الولاية، وإذا كان مثله لا ينكر من غيرهم من الأولياء في ذويهم وأعقابهم، وقد قال (صلّى الله عليه وسلّم): إن فيكم محدَّثين، فهم أولى الناس بهذه الرتب الشريفة والكرامات الموهوبة»([407]).

وقد أشار أبو العلاء المعري (ت/ 449 هـ) إلى هذه الحقيقة في قوله:

لقد عجبوا لأهل البيت لما

 

أتاهم علمهم في مسك جفر

ومرآة المنجم وهي صغرى

 

أرته كلّ عامرة وقفر([408])

وعلمهم^ ليس ذاتياً، بل عرضي وبتوسّط إفاضة الله عليهم، وننقل هنا قول الآلوسي (ت/ 1270هـ)، الذي لا يرى مانعاً للعلم بالغيب، لاسيّما للخواصّ من الناس، حيث قال: «ولعل الحق أن يقال: إنّ علم الغيب المنفي عن غيره جلّ وعلا هو ما كان للشخص لذاته، أي بلا واسطة في ثبوته له، وهذا مما لا يعقل لأحد من أهل السموات والأرض لمكان الإمكان فيهم ذاتاً وصفة، وهو يأبى ثبوت شيء لهم بلا واسطة ... وما وقع للخواص ليس من هذا العلم المنفي في شيء؛ ضرورة أنّه من الواجب عزّ وجلّ أفاضه عليهم بوجه من وجوه الإفاضة، فلا يقال: إنّهم علموا الغيب بذلك المعنى، ومن قاله كفر قطعاً، وإنّما يقال: إنّهم أظهروا أو اطلعوا ـ بالبناء للمفعول ـ على الغيب أو نحو ذلك مما يفهم الواسطة في ثبوت العلم لهم»([409]).

وهذا عين ما تقول به الإمامية، فعلمهم هو بالإفاضة والإشاءة الإلهية؛ لأنهم محدّثون من الله تعالى، كما مرّ في كلام ابن خلدون، وقد أكّد الإمام الصادق× هذا المعنى، حيث قال: «نحن اثنا عشر محدّثاً»([410]).

أمّا قول القفاري: «أمّا غيبة مهديهم فتنتهي رواياته إلى حكيمة إن صحت النسبة إليها».

نقول: اتّضح بطلان هذه الدعوى من خلال الأحاديث المروية عن الإمام الصادق× الآنفة الذكر، وأيضاً قد تناولنا هذا البحث سابقاً، وترجمنا للسيدة حكيمة، وقلنا إنّ دورها في قضية ومسألة المهدوية كونها شاهدة على ولادة الإمام المهدي×، وهي سيدة جليلة عظيمة ينتهي نسبها إلى العترة الطاهرة، فأقوالها ورواياتها تورث الاطمئنان، لذا فهي شاهد حسّي على هذه الواقعة.

أمّا ولادته وغيبته، فالقفاري قد نسي أو تناسى أنها مروية بأسانيد صحيحة، لاسيّما في كتب الشيعة ـ الذي يحاول أن يطعن فيها ـ ودلالتها واضحة وقد فصّلنا القول في ذلك.


 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني

شبهات حول التوسل


 

أهمية بحث التوسل

تبرز أهمية البحث عن عقيدة التوسل في عدة أمور:

أولاً: أنّها من المسائل الابتلائيّة التي يمارسها المسلمون كثيراً في حياتهم؛ انسياقاً وراء فطرتهم التي لم يمنع عنها دينهم.

 وثانياً: أنّه كثر في الآونة الأخيرة السجال والجدال واتسعت دائرته حول عقيدة التوسّل حتّى ضاعت في خضمّ هذا السجال الكثير من الحقائق وشوّهت الكثير من الدلائل، فبرز هناك طرفان: طرف رافض لفكرة التوسّل ويراها تمسّ الذات الإلهيّة بنحو من الشرك والوثنية، وقد بالغ في ذلك وغلا غلوّاً شديداً نتج عنه تكفير المسلمين، وكان هناك على النقيض طرف يراها فكرة مقبولة تنسجم مع فطرة الإنسان ومع الأدلّة القرآنية والروايات، ويرى أنّ التشدّد والمبالغة في رفضها ليس له ما يُبرّره.

 وقد وظّف الاتجاه الرافض للتوسّل الكثير من الشواهد والأدلة والذرائع لتحقيق غرضه في بيان عدم مشروعية التوسّل، لكنّ ما ذكره لا يعدو الدعاوى والخطابات التي تهدف التأثير على العقول البسيطة ومحاولة إقناعها واستمالتها، فحاول توجيه وتفسير الأدلّة القرآنية والروائية تفسيرات انتقائية تعسفيّة بعيدة عن الذوق العرفي والفهم العقلائي، فوقع في أخطاء جسيمة واضحة برهنت على ضعف ذلك الاتجاه.

ومن هنا رأينا أن نُدخل بحث التوسل في كتابنا هذا ضمن انتقادنا لشبهات الدكتور ناصر القفاري في كتابه أصول مذهب الشيعة؛ مع أنّ هناك من المباحث الأخرى قد تحظى أيضاً بأهميّة كبيرة وتحتاج منّا إلى نقد وتوضيح لإشكالاته، لكن لما ذكرنا، فنحن قدّمنا بحث التوسل على بقية البحوث، ونأمل ـ إذا شاء الله وأمدنا بطول العمر ـ أن نستمر في الإجابة عن جميع شبهات الكتاب.


منهج البحث في شبهات التوسل

لأهمية البحث ـ كما أسلفنا ـ نجد من الضروري توسيع البحث ليشمل مباحث أكثر أهمية مما ذكره القفاري، ولهذا سوف يكون بحثنا هنا على مرحلتين:

مرحلتان في بحث التوسل

 المرحلة الاولى: بحث حول التوسل بنحو عام، يتضمن: بحوثاً تمهيدية، وأنواع التوسل، وأحكامها وادلتها، والاجابة عن الشبهات الجزئية المتعلقة بها... الخ.

 المرحلة الثانية: تختص بالشبهات التي ذكرها القفاري في كتابه (أصول مذهب الشيعة)، وكذلك بعض الشبهات العامة الأخرى حول التوسل.

المرحلة الأولى: بحث عام حول التوسل

ثلاثة أمور لا بد أن تبحث في المرحلة الأولى

الأمر الأول: مقدمة في بيان حكم التوسل

الأمر الأوّل: مقدمة في بيان حكم التوسّل مع غض النظر عن التطبيقات المختلفة له, وبعبارة أخرى: بيان أصل حكم التوسل من دون النظر إلى ماهية وطبيعة المتوسَّل به.

الأمر الثاني: في بيان أنواع التوسل وأحكامه

الأمر الثالث: في بيان سيرة الصحابة وعلماء المسلمين على التوسل


 

الأمر الأول: مقدمة في بيان حكم أصل التوسل

لا شكّ ولا شبهة في جواز التوسل عند جميع المذاهب الإسلامية بما في ذلك السلفية الوهابية, إذ الخلاف وقع في أنواع التوسل الجائزة, لا في أصل جوازه في الجملة, لذا فإنّ السلفية الوهابية يرون جواز مثل التوسّل بأسماء الله وصفاته وبالعمل الصالح الذي قام به المتوسل وبدعاء الصالحين من الناس.

وقبل بيان بعض الآيات الدالة على أصل مشروعية التوسّل, لا بأس أنْ نتعرض مجملاً لمعنى التوسّل بحسب اللغة, فنقول:

الوسيلة في اللغة, لها معان عدّة, قال في لسان العرب: >الوسيلة: المنزلة عند الملك. والوسيلة: الدرجة. والوسيلة: القربة. ووسل فلان إلى الله وسيلة إذا عمل عملاً تقرب به إليه. والواسل: الراغب إلى الله، قال لبيد:

أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم

 بلى كلّ ذي رأي إلى الله واسل

وتوسل إليه بوسيلة إذا تقرب إليه بعمل. وتوسل إليه بكذا: تقـرب إليـه بحرمة آصرة تعطفه عليه. والوسيلة: الوصلة والقربى، وجمعها الوسائل...<([411]).

وقال الجوهري: >التوسل: ما يتقرب به إلى الغير...<([412]).

فالتوسل لغة هو الاستناد على شيء بغية الوصول إلى المقصود, فالعمل الصالح هو وسيلة لتحقيق رضا الله سبحانه وتعالى, كما أنّ السلم وسيلة الصعود سطح المنزل, والطائرة هي وسيلة لنقل المسافر إلى بلد آخر.

والوسيلة في الاصطلاح لا تخرج عن ذلك المعنى, فهي تعني أنْ يجعل العبد بينه وبين ربّه شيئاً يكون وسيلة لتقرب العبد من الله واستجابة دعائه وقضاء حاجته, كأنْ يقول: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد وأصحابه المنتجبين, أو باسمائك وصفاتك, أنْ تغفر لي وترحمني وتقضي حاجتي...

والتوسّل بهذا المعنى ـ أي أنْ تجعل شيئاً يكون واسطة في التقرب واستجابة الدعاء وقضاء الحاجة ـ  هو مشروع اتّفاقاً كما أشرنا, وإنّما وقع الكلام في بعض موارده خارجاً.

ولا بأس هنا أن نبرز بعض الأدلة القرآنية على أصل جواز التوسّل, منها:

1ـ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}([413]).

وبغضّ النظر عن مصداق الوسيلة، سواء أكان هو الأعمال الصالحة أو غيرها، فالآية تقرّر أنّ التوسّل مبدأ قرآني, فالقرآن يحثُّ على طلب الوسيلة إليه ويرغب بها.

فالآية تأمر باتّباع كل وسيلة من شأنّها أنْ تقرّب إلى الله سبحانه وتعالى, ولا شكّ في أنّ العمل الصالح والتقوى هو من أوضح مصاديق التقرب إلى الله, لكن ذلك لا يمنع أنْ يكون التوسّل بأسماء الله وصفاته مقربة إلى الله, ولا تمنع كون التوسّل بالعمل الصالح الذي قام به الشخص سابقاً وسيلة للتقرب إلى الله.

وفي الجملة فإنّ الآية وإن لم تحدّد نوع الوسيلة المقرّبة إلى الله, لكنّها تنص على مشروعية أصل التوسّل, فكلّ نوع ثبتت مشروعيته بدليل ما فهو داخل في الآية الكريمة.

2ـ قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}([414]).

وهذه الآية كسابقتها دلت على مشروعية أصل التوسل، بل وأثنت على المتوسلين بأنّهم يبحثون عن الأقرب إلى الله تعالى؛ ليتوسلوا به.

فالآيتان الكريمتان صريحتان في جواز التوسل إلى الله سبحانه وتعالى, وإن كان ثمة خلاف، فهو في نوع المتوسَّل به.


الأمر الثاني: بيان أنواع التوسّل وأحكامه

من الضروري أن نستعرض أنواع التوسّل ونبيّن أحكامها عند المسلمين؛ ليكون القارئ على بيّنة من أنّ ما تفعله الشيعة الإمامية ـ وكذا غيرهم من أهل السنة ـ من توسّل إنّما هو مستقى من القرآن الكريم والسنّة النبويّة, وقد عمل به السلف وتبعهم الخلف باستثناء المذهب السلفي الوهابي.

النوع الأول: التوسل بأسماء الله وصفاته

لا خلاف بين المسلمين في جواز هذا النوع من التوسل، فقد صرّح به القرآن الكريم؛ إذ جاء فيه: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}([415])والشيعة ـ كسائر المسلمين ـ يعدّون هذا النوع من التوسل مشروعاً، وكتبهم طافحة به([416]).

النوع الثاني: التوسل بعمل صالح قام به الداعي

وهذا أيضاً لا خلاف فيه بين المسلمين, ويدلّ عليه قوله تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}([417]) وقوله تعالى: {إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}([418]). وغيرها من الآيات الكريمة التي يظهر منها أنّ الدعاء متفرع على العمل الصالح الذي قام به الإنسان, فكأنّه يدعو الله متوسلاً إليه بذلك العمل, وهناك اتفاق على جواز ومشروعيّة هذا النوع من التوسّل.

قال الألباني: >التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي:كأن يقول المسلم: اللهم بإيماني بك، ومحبتي لك، واتباعي لرسولك اغفر لي.. أو يقول: اللهم إني أسألك بحبي لمحمد وإيماني به أن تفرج عني.. ومنه أن يذكر الداعي عملاً صالحاً ذا بالٍ، فيه خوفه من الله سبحانه، وتقواه إياه، وإيثاره رضاه على كل شيء، وطاعته له جل شأنه، ثمّ يتوسل به إلى ربّه في دعائه، ليكون أرجى لقبوله وإجابته<.

 ثم قال: >وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله تعالى وارتضاه، ويدل على مشروعيته قوله تعالى: {الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار}<([419]).

والشيعة كسائر المسلمين يتوسلون إلى الله بأعمالهم الصالحة, ومن الأمثلة على ذلك دعاؤهم المعروف: >اللهمّ إنّي أطعتك في أحبّ الأشياء إليك وهو التوحيد ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك وهو الكفر فاغفر لي ما بينهما...<([420]).

النوع الثالث: التوسّل بدعاء الأحياء من الأنبياء والأئمّة والصالحين

 أمّا بالنسبة إلى النبيّ الخاتم’ فهو رسول الهدى والتقى والقدوة الحسنة التي أُمر الناس باتباعها, وهو أفضل الخليقة على الإطلاق بلا منازع, وشأنه وجلالته ومكانته عند ربّ العباد قد أوضحتها آيات عديدة لا تخفى على أحد, ولذا أمر الله سبحانه المذنبين أن يأتوا إلى النبي’ ويستغفروا الله ثم يسألوا النبي’أن يستغفر لهم, فإنّ استغفاره سبب في قبول توبتهم ونزول رحمة رب العالمين, قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}([421]).

فلا خلاف في مشروعية التوسل بدعاء النبي| في حال حياته وإنما حصل الخلاف في مشرعية التوسل بدعائه بعد رحيله والتحاقه بالرفيق الأعلى.

وأما بالنسبة إلى التوسل بدعاء باقي الأنبياء والأئمة^ والصالحين في حال حياتهم؛ فهذا ممّا لا خلاف فيه أيضاً بين أهل القبلة, بل سارت عليه البشرية جمعاء, فقد ورد في القرآن الكريم كيف أنّ إخوة يوسف طلبوا من أبيهم الاستغفار, في قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ}([422]).

 والسيرة الثابتة بالقطع واليقين عند جميع المسلمين قائمة على ذلك, فالغالبية العظمى من المسلمين إن لم نقل كلهم يطلبون من الأولياء والصالحين في مجتمعاتهم أن يدعوا لهم الله في قضاء حوائجهم, وإنكار ذلك مكابرة واضحة, وحتى الوهابيّة المعترضين على التوسل فإنّهم يجوزون هذا النوع منه، فالألباني يصرّح بجواز هذا النوع , حيث ذكر أنّ النوع الثالث من التوسل المشروع هو: >التوسّل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح< وقال في بيانه: >كأن يقع المسلم في ضيق شديد أو تحلّ به مصيبة كبيرة ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى فيجب أن يأخذ بسبب قوي إلى الله فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى أو الفضل والعلم بالكتاب والسنّة, فيطلب منه أن يدعو له ربه؛ ليفرج عنه كربه ويزيل عنه همه, فهذا نوع آخر من التوسل المشروع دلّت عليه الشريعة المطهرة وأرشدت إليه، وقد وردت أمثلة منه في السنّة الشريفة، كما وقعت نماذج منه من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم<([423]).

النوع الرابع: التوسل بدعاء الأموات من الأنبياء والأولياء

وهذا النوع من التوسل هو الأكثر مثاراً للجدل والخلاف، وقد يُطلق عليه الاستغاثة؛ لأنّها طلب الدعاء وقضاء الحاجة من النبي’ أو الإمام أو الولي الصالح، بعد موته, لذا فقد صرّح البعض بأنّ التوسل والإغاثة بمعنى واحد([424]).

وقبل البدء في تفصيل البحث تجدر الإشارة إلى أمر مهم: وهو أنّ الطلب من الأنبياء والأئمّة والصالحين يقع من المتوسل على نحوين:

نحوان من التوسل بالأنبياء والأئمة والصالحين

الأول: قد يتوسل المتوسِّل وهو يعتقد بالتأثير المستقل للنبي والولي، من دون أن يكون هناك تأثير لله سبحانه وتعالى، أو يعتقد أن التأثير في تحقق طلبه هو مشترك بين الله وبين الشخص المتوسَّل به, وهذا النحو من التوسل أو الاستغاثة حرام وشرك بلا كلام، ولا يقول به أحد من أهل التوحيد.

الثاني: أن يتوسل المتوسِّل وهو يعتقد أنّ المؤثر الوحيد في تحقق مطلبه هو الله تعالى دون غيره، لكنّه حيث يعلم بكثرة ذنوبه وتقصيره مثلاً مما يقع حائلاً دون استجابة دعائه من الله تعالى بشكل عاجل، فيتجه إلى النبيّ أو الوليّ فيطلب منه قضاء حاجته, وهذا في الحقيقة مرجعه إلى أنّ هذا الخائف من ذنوبه يقوم بتوسيط شخص مقرب ومحبوب عند الله سبحانه وتعالى كالأنبياء والأولياء والصالحين, معتقداً أنّ هؤلاء أحياء عند الله تعالى, وسوف يشفعون له بأنْ يطلبوا ويدعوا الله سبحان وتعالى في قضاء حاجته, وهذا الأمر لا يتخلله شرك؛ لأنّه في واقعه طلب من الله، وأمّا الشفيع فليس له إلاّ دور الواسطة الصالحة في قضاء الحاجة مع اعتقاد أنّ الأمر بيد الله سبحانه وتعالى.

والكلام في التوسل والاستغاثة لا يُقصد به إلاّ هذا النحو, وهو ليس خلافاً شيعيّاً سنيّاً, بل هو خلاف إسلاميٌ سلفي وهابي, فالذي يزعم أنّ النبيّ بعد وفاته لا يضرّ ولا ينفع هم السلفية الوهابية بالخصوص؛ إذ يزعمون ـ كما ورد على لسان محمد بن عبد الوهاب ـ أنّ النبي >طارش< وأنّ عصا محمّد بن الوهاب أفضل منه([425]).

وعلى أية حال فمشروعيّة هذا النوع من التوسّل خاضعة للدليل, فإنْ تمّ الدليل فهو، وإلا لم نقل به؛ لأنّ هدفنا هو البحث عن الحق.

أمران يتوقف عليهما الموضوع

وهناك أمران يتوقف عليهما الموضوع لابدّ من بيانهما أولاً، ولو بنحو الإجمال، وهما:

الأمر الأول: أنّ النبي أو الإمام أو الولي بعد وفاته لم ينعدم، بل هو حيّ يرزق عند الله تعالى.

الأمر الثاني: أنّه في تلك الحياة يسمع وقادر على فعل بعض الأشياء.

الأمر الأول: الأنبياء والأولياء أحياء عند الله

أمّا الأوّل: وهو أنّ النبي أو الإمام حي عند الله، فالأدلّة متوافرة على ذلك، ولا نجد حاجة لبسط الكلام فيه بعد اتفاق جميع المسلمين على حياتهم البرزخية, حيث لم ينف أحد ـ بحسب تتبعنا ـ ذلك , فقد جاء في تذكرة القرطبي عن شيخه أحمد بن عمرو ـ وكذا نقله عنه ابن القيم في كتابه الروح ـ :>إنّ الموت ليس بعدم محض، وإنّما هو انتقال من حال إلى حال، ويدلّ على ذلك: أنّ الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين مستبشرين، وهذه صفة الأحياء في الدنيا، وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء بذلك أحقّ وأولى، مع أنّه قد صحّ عن النبيّ أنّ الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنّ النبي قد اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء وخصوصاً بموسى، وقد أخبرنا بما يقتضي أن الله تبارك وتعالى يردّ عليه روحه حتّى يردّ السلام على كل من يسلم عليه، إلى غير ذلك ممّا يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أنْ غُيّبوا عنّا بحيث لا ندركهم، وإنْ كانوا موجودين أحياء، وذلك كالحال في الملائكة، فإنّهم موجودون أحياء ولا يراهم أحد من نوعنا<([426]).

وقال السيوطي: >حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره هو وسائر الأنبياء معلومة عندنا علماً قطعياً؛ لما قام عندنا من الأدلة في ذلك وتواترت به الأخبار الدالة على ذلك<([427]).

وقال السخاوي بعد أن ذكر عدّة من الأحاديث النبويّة حول الصلاة والسلام على النبي’ وبلوغ النبيّ ذلك، بل وردّه السلام وشفاعته لمن يفعل ذلك بما نصّه: >نحن نؤمن ونصدّق بأنّه صلّى الله عليه وسلّم حيّ يرزق في قبره، وأنّ جسده الشريف لا تأكله الأرض، والإجماع على هذا<([428]).

ونقل الهيثمي في زوائده: عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله’: >الأنبياء أحياء في قبورهم يصلّون<.

قال الهيثمي: >رواه أبو يعلى والبزار ورجال أبي يعلي ثقات<([429]).

وقال المناوي: >وهو حديث صحيح<([430]).

والحديث صحّحه الألباني أيضاً([431]).

فحياة الأنبياء بعد موتهم وخروجهم من الحياة الدنيا ممّا لا خلاف فيه, إلاّ أنّ البعض يتعلّل بأنّها حياة مجهولة لنا لا نعرف حقيقتها وكنهها, يقول الألباني: >فرسول الله صلى الله عليه و سلّم بعد موته حي أكمل حياة يحياها إنسان في البرزخ، ولكنها حياة خاصة لا تشبه حياة الدنيا ولعلّ مما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه و سلم: (ما من أحد يسلّم علي إلا ردّ الله عليّ روحي حتّى أردّ عليه السلام)، وعلى كلّ حال فإنّ حقيقتها لا يدريها إلا الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك فلا يجوز قياس الحياة البرزخية أو الحياة الأخروية على الحياة الدنيوية، كما لا يجوز أن تعطى واحدة منها أحكام الأخرى، بل لكلّ منها شكل خاص وحكم معين ولا تتشابه إلا في الاسم، أمّا الحقيقة فلا يعلمها إلاّ الله تبارك وتعالى<([432]).

وسيأتي ما يتعلق بهذا الكلام في النقطة التالية، وسنعرف أنّ طبيعة الحياة الثابتة لهم يتحقق معها معنى التوسّل المذكور.

الأمر الثاني: الأنبياء والأولياء يسمعون وقادرون على فعل الأشياء

وأمّا الثاني: وهو أنّ الأنبياء والأولياء في تلك الحياة يسمعون وقادرون على فعل بعض الأشياء.

وهنا يمكن القول إنّ سمعهم وقدرتهم على الفعل ملازم لكونهم أحياء في تلك الدار, فلا نحتاج معها إلى دليل آخر.

 إلا أنّه قد يجاب على ذلك: بأنّ نفس ثبوت الحياة للأنبياء والأولياء في تلك الدار بنحو مجمل غير كاف في إثبات قدرتهم على فعل بعض الاشياء من قبيل إمكان توسطهم بالدعاء والاستغفار, فإنّ تلك الحياة مجهولة لا نعرف كنهها ولا حقيقتها.

 فلا بدّ من إثبات أنّهم يسمعون الكلام أوّلاً، وبإمكانهم فعل بعض الأمور كالدعاء والاستغفار ثانياً, وهنا يمكن أن نبرز عدّة أدلّة على ذلك.

الأدلة على أنّ الأنبياء والأولياء يسمعون وقادرون على الفعل

الدليل الأول: آيات قرآنية

الدليل الأوّل: الآيات القرآنية المباركة الواردة في حق الشهداء؛ مثل قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}([433]).

فالآيات الكريمة، بعد أن أثبتت أنّ الشهداء أحياء؛ أثبتت لهم عدّة من الآثار, مثل كونهم: يُرزقون، ويفرحون بما آتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم, ويستبشرون بنعمة الله. وهذه آثار مشابهة لآثار الحياة الدنيا, لذا قرأنا فيما سبق ما نقله ابن القيّم مقرّاً به, عن القرطبي عن شيخه, قال: >وهذه صفة الأحياء في الدنيا، وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء بذلك أحقّ وأولى< فهذه الآثار تدلّك على أنّ الحياة البرزخيّة هي من نوع مشابه لهذه الحياة, وأنّ الموت انتقال من دارٍ مشاهدةٍ إلى دارٍ غير مشاهدة, وهو ما صرّح به شيخ القرطبي ـ على ما تقدّم نقله من القرطبي وابن القيّم ـ حينما قال: >...بأن موت الأنبياء إنّما هو راجع إلى أن غُيبوا عنا بحيث لا ندركهم وإن كانوا موجودين أحياء، وذلك كالحال في الملائكة فإنهم أحياء موجودون ولا نراهم<([434]), ولعلّ قوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ}([435]) فيه إشارة واضحة إلى هذا المعنى, فالحياة ثابتة غير متغيّرة، إلاّ أنّ شعورنا بها غير متحقق، لأنّهم في دار أخرى, وهي دار البرزخ, وهذه الدار يمكن التعرف عليها من خلال ما ينكشف لنا من آثارها.

فثبت من خلال الآيات أعلاه: أنّ لحياة البرزخ آثاراً مشابهة للحياة الدنيا؛ كالرزق والفرح والاستبشار, ومن كان حاله هكذا فليس عصيّاً عليه أن يدعو الله ويستغفر للمتوسلين.

الدليل الثاني: حديث الأنبياء أحياء في قبورهم

الدليل الثاني: وهو الحديث الصحيح المتقدّم، عن أنس عن النبي’: >الأنبياء أحياء في قبورهم يصلّون<.

وفي صحيح مسلم: عن أنس عن النبي’: >مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلّى في قبره<([436]).

فهذان الحديثان، وغيرهما ممّا في الباب، يثبتان أثراً آخر من آثار الحياة البرزخية، وهو الصلاة, وهو أثر متوافق مع آثار الحياة الدنيويّة, فكما أنّ الأنبياء في الحياة الدنيا يصلّون لله, فهم كذلك في دار البرزخ, ولم يبيّن النبيّ’ أنّ هذه الصلاة مجهولة الحقيقة وغير معروف كنهها, بل ذكرها للناس من دون تقييد بأي شيء, وحقّ الألفاظ أن تحمل على معانيها الظاهرة ما لم يكن هناك مانع من ذلك, وفي المقام لا نرى دليلاً من عقل أو نقل يخالف ذلك؛ لأنّ الكون وخلقه بأجمعه أمر غيبي لا نعرفه إلا من خلال الآثار, ومن خلال ما عرفناه من الشارع نفسه, فحينما يخبرنا الشارع بأنّ الأنبياء أحياء ويصلّون في قبورهم فوظيفتنا قبول ذلك والتسليم به.

والصلاة تشمل الدعاء والاستغفار كما لا يخفى.

الدليل الثالث: حديث رد الله علي روحي

الدليل الثالث: وهو ما ورد عن أبي هريرة, عن رسول الله’ أنّه قال: >ما من أحد يُسلّم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتّى أردّ عليه السلام<([437]).

قال النووي: >رواه أبو داود بإسناد صحيح<([438]).

وهذه الرواية تثبت صريحاً أنّ النبي’يردّ السلام على جميع من سلّم عليه, ورد السلام أثر آخر من آثار الحياة, وفعل مشابه لأفعال الحياة الدنيا, فالرواية تتضمن كونه حيّاً وتدل على قيامه بفعل ردّ السلام، ومن يسمع السلام ويردّه يمكنه أن يدعو للمؤمنين ويستغفر لهم([439]).

وقد اتفق المسلمون بكافّة انتماءاتهم على السلام على النبي’ في التشهد الأخير من الصلاة, بقولهم: >السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته<، فالسلام هنا بصيغة الخطاب للنبي’, فلو كان النبي’ لا يضرّ ولا ينفع ولا يسمع ولا يبلغه السلام لكان ذلك لغواً لا يأمر الله به، ولا يفعله العقلاء.

الدليل الرابع: حديث صلاتكم معروضة علي

الدليل الرابع: وهو ما أخرجه الحربي عن أوس بن أوس عن النبي’، قال: >أكثروا عليّ من الصلاة يوم الجمعة فإنّ صلاتكم معروضة عليّ. قالوا: كيف تعرض عليك وقد أرمت. قال: إنّ الله تعالى حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء<([440]).

وقد أخرجه أبو داود([441]) والنسائي([442]) وابن ماجة([443]) والحاكم([444]) وغيرهم, بزيادة في أوّله وهي: >إنّ من أفضل أيامكم يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه...<.

قال النووي: >حديث أوس بن أوس هذا صحيح، رواه أبو داود والنسائي وغيرهما بأسانيد صحيحة<([445]).

وقال الحاكم: >هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه< ووافقه الذهبي([446]).

وقال الألباني: >إسناده صحيح<([447]).

والرواية تثبت أنّ النبي’ يسمع الصلاة وأنّ له شعوراً وإدراكاً في قبره، وإلاّ فلا معنى لعرض الصلاة على من لا يدرك معناها ولا يشعر بها, وهذا الإدراك والشعور هو أثر آخر من آثار الحياة الدنيا, خصوصاً أنّ النبي’ علّل ذلك بأنّ الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء, وكأنّه يريد القول بأنّه حيٌّ كما كان في الحياة الدنيا بروحه وبدنه, وحيث إنّ المتبادر إلى الذهن هو فناء بدنه في القبر, لذا سألوه عن ذلك, فأجابهم بأنّ الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء, ولم يكن هناك سؤال عن الروح بعد التسليم بها, فالسؤال كما يبدو كان ناظراً إلى أنّ عرض الصلاة هل يكون على الروح والجسد أم يكون مختصاً بالروح فقط بتصوّر أنّ الجسد سوف يبلى, فأجابهم ببقاء الجسد أيضاً.

 وبما ذكرناه صرّح العلامة علي القاري حيث قال: >إنّ الصحابة رضي الله عنهم سألوا بيان كيفيّة العرض، بعد اعتقاد جواز أن العرض كائنٌ لا محالة لقول الصادق: ( فإن صلاتكم معروضةً عليّ)، لكن حصل لهم الاشتباه أن العرض هل هو على الروح المجرّد أو على المتصل بالجسد، وحسبوا أنّ جسد النبيّ كجسد كلّ أحد...<([448]).

ويحتمل أن يكون الصحابة غفلوا عن مسألة إمكان عرض الصلاة على الروح وتخيّلوا أنّ العرض لا بدّ أن يكون على الجسد وهو سيفنى, فرفع النبي’ عنهم تلك الشبهة وبيّن لهم أنّ أجساد الأنبياء باقية لا تفنى.

وكيف ما كان؛ فالرواية تثبت حياة النبي’ وسماعه لصلوات الناس عليه عند عرضها عليه, وإدراكه وشعوره بها, ومن كانت حاله هكذا فلا مانع من طلب الدعاء والاستغفار منه، كما لا يخفى.

الدليل الخامس: الأخبار الواردة في سماع سائر الموتى وعرض الأعمال عليهم

وهي روايات وآثار كثيرة ومتنوعة:

فقد ورد أنّ سائر الموتى يسمعون السلام، كما أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة, قال: >إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين, وإنّا إنْ شاء الله بكم لاحقون<([449]).

ولا معنى للسلام عليهم إذا كانوا لا يسمعون ولا يشعرون بذلك.

وأخرج ابن عبد البر, عن ابن عباس، قال: >قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما من أحد مرّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فسلّم عليه إلاّ عرفه وردّ عليه السلام<([450]).

والحديث صحّحه عبد الحق الاشبيلي وابن عبد البر والحافظ بن رجب وغيرهم, ذكر ذلك السيّد السقاف وفصّل القول في صحّة الحديث وبيان مخارجه, فليراجع([451]).

وقال ابن كثير بعد أن ذكر تصحيح ابن عبد البرّ للحديث أعلاه: >وثبت عنه صلّى الله عليه وسلم أنّ الميت يسمع قرع نعال المشيعين له، إذا انصرفوا عنه، وقد شرع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأمّته إذا سلّموا على أهل القبور أن يسلّموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول المسلم: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا هذا الخطاب لكانوا بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأنّ الميت يعرف بزيارة الحي له ويستبشر< ثم ذكر مجموعة من الآثار في ذلك, وقال بعدها: >وهذا باب فيه آثار كثيرة عن الصحابة، وكان بعض الأنصار من أقارب عبد الله بن رواحة يقول: اللهم إني أعوذ بك من عمل أخزى به عند عبد الله بن رواحة, كان يقول ذلك بعد أن استشهد عبد الله. وقد شرع السلام على الموتى، والسلام على من لم يشعر ولا يعلم بالمسلِّم محال. وقد علّم النبي صلى الله عليه وسلّم أمته إذا رأوا القبور أن يقولوا: سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منّا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية. فهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويرد وإن لم يسمع المسلِّم الرد، والله أعلم<([452]).

وقد ذكر ابن القيّم في كتابه (الروح) نحو الكلام أعلاه إن لم نقل عينه([453]).

وقال ابن تيمية معلّقاً على رواية تعليم النبي ’ أمّته كيفية زيارة القبور: >فهذا خطاب لهم, وانما يخاطب من يسمع<([454]).

كما ورد أنّ الأعمال تعرض على الموتى أيضاً، فقد أخرج الحاكم وصحّحه عن النعمان بن بشير, قال: >سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: إلا انه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب تمور في جوّها، فالله في إخوانكم من أهل القبور فانّ أعمالكم تعرض عليهم<([455]).

وكان أبو الدرداء يقول عند سجوده: >اللهمّ إنّي أعوذ بك أنْ يمقتني خالي عبد الله بن رواحة إذا لقيته<([456]).

قال ابن كثير: >وقد ورد: أنّ أعمال الأحياء تعرض على الأموات من الأقرباء والعشائر في البرزخ، كما قال أبو داود الطيالسي: حدّثنا الصلت بن دينار, عن الحسن, عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم في قبورهم، فإن كان خيراً استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا: اللهمّ ألهمهم أن يعملوا بطاعتك. وقال الإمام أحمد: أنبانا عبد الرزاق عن سفيان عمّن سمع أنساً يقول: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إنّ أعمالكم تُعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات فإن كان خيراً استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا: اللهمّ لا تمتهم حتّى تهديهم كما هديتنا<([457]).

فنلاحظ هنا أنّ الأعمال تعرض عليهم, وهم يستبشرون بالأعمال الصالحة, ويدعون للأحياء إن كانت أعمالهم غير صالحة.

الأدلّة على جواز طلب الحاجة أو الاستغفار من الأنبياء والأولياء

بعد أن ثبت أن الأنبياء والأولياء أحياء عند ربهم، وأنّهم قادرون على فعل بعض الأشياء، فلا مانع حينئذٍ من استغفارهم للمؤمنين وقضاء حاجتهم بدعاء الله والطلب منه, ونفس ما ذكرناه من الروايات أعلاه تدلّل على المطلوب, فالنبي يصلي ويناجي ربه ويسمع السلام والصلاة عليه, فلا مانع من أن يدعو لمن يسأله ذلك, خصوصاً قد تقدم الاتفاق على جواز طلب الدعاء من الحيّ، والأنبياء أحياء من هذه الجهة بلا كلام، على أنّه يوجد في المقام أدلّة أخرى, منها:

الدليل الأول: التمسّك بإطلاق آية استغفار النبي

وهو قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}([458])، فالآية أطلقت ولم تقيّد المجيء في حال حياة الرسول’, وإنّما يعدل إلى التقييد في الحياة دون الإطلاق فيما إذا كان هناك ما يمنع من التمسّك بالإطلاق, والمانع هو كون النبي’ ميتاً لا ينفع ولا يضر, ومن خلال ما تقدّم ثبت أنّ هذا المانع غير موجود إلاّ في ذهن قائليه فقط بلا دليل ولا حجّة على ذلك, بل إنّ الدليل على حياته وكذا صلاته بعد الممات وردّه السلام وبلوغه الصلاة عليه مّما لم ينازع فيه أحد, وحينئذٍ تبقى الآية على إطلاقها شاملة لحياة النبي’ ولما بعد مماته([459]), إلا إذا ادّعى الوهابية بأنّ النبي’ بعد مماته ليس بنبيٍّ! فلا تشمله الآية, وهو كفر بلا كلام.

وما يقال: من أنّ الظرف >إذ< يفيد الماضي بالخصوص، فيمتنع دلالة الآية على العموم، فلا تكون شاملة لما بعد ممات النبي’، فهذا غير صحيح؛ فـإن الظرف >إذ< كما يفيد الماضي فهو يفيد المستقبل أيضاً، وهو بذلك يشابه الظرف >إذا< فقد قالوا: إنه يفيد الماضي لكن لم يمنع من استعماله في المستقبل، لأن دلالته على الماضي غالبة لا منحصرة، ولهذا استعمل في الماضي كما في آيات قرآنية متعددة من قبيل قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ}([460])وقوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ}([461])وقوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أو لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا}([462]).

وفي المقام يقال أيضاً: إن الظرف >إذ< وإن كانت دلالته على الماضي لكن ذلك لا يمنع من استعماله في المستقبل؛ لعدم انحصار فائدته في الماضوية، بل هي دلالة غالبية؛ لذلك فقد استعمل كثيراً في المستقبل، كما في آيات قرآنية عدّة، من قبيل قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}([463]). وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}([464]). وقوله تعالى: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ}([465]).

أضف إلى ذلك: فإنّ النكرة إذا وقعت في سياق الامتنان أفادت العموم([466])؛ لأنّ كمال الامتنان إنما يتحقق مع العموم لا الاقتصار على بعض الأفراد، فالنكرة في سياق الإثبات وإن كان العموم يمتنع معها، لكن مع قرينة الامتنان تدل على العموم؛ ومن هنا ذكروا في قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً}([467]): إن كل ماء ينزل من السماء فهو طاهر.

وكذلك الفعل أيضاً إذا وقع في سياق الامتنان فهو يفيد العموم؛ لنفس العلة، يقول الهيتمي: >والفعل وإن كان في حيز الإثبات، فلا عموم له، لكنه في مقام الامتنان للعموم، كما قالوا به في النكرة في سياق الامتنان؛ إذْ الفعل والنكرة المثْبتَة من وادٍ واحد عموماً وعدمه<([468]).

 وهنا؛ حيث إن الآية في معرض الامتنان حتماً، فالمناسب بلحاظ الفعل {جاءوك} أن كل من جاء النبي ـ سواء في حياته أو بعد مماته ـ واستغفر الله، ثم استغفر له الرسول، فسوف يجد الله تعالى تواباً رحيماً، وهذا هو الموافق لكامل الامتنان.

مؤيدات الدليل الأول

 العموم الذي نتمسّك به غير منحصر بفهمنا للآية؛ بل عليه مؤيدات عدّة, منها:

الأوّل: فَهْمُ الصحابي ابن مسعود:

أخرج الحاكم: عن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: >إنّ في سورة النساء لخمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} و: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا}، و: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، و: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} و: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أو يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} قال عبد الله: ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها<.

قال الحاكم: >هذا إسناد صحيح إن كان عبد الرحمن سمع من أبيه، فقد اختلف في ذلك<. ووافقه الذهبي([469]).

وقال الهيثمي: >رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح<([470]).

وأمّا مسألة سماع عبد الرحمن من أبيه, فقد قال الألباني: >فقد ثبت سماعه منه بشهادة جماعة من الأئمة، منهم سفيان الثوري وشريك القاضي وابن معين والبخاري وأبو حاتم، وروى البخاري في(التاريخ الصغير) بإسناد لا بأس به عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: لما حضر عبد الله الوفاة، قال له ابنه عبد الرحمن: >يا أبت أوصني، قال: ابك من خطيئتك< فلا عبرة بعد ذلك بقول من نفى سماعه منه، لأنه لا حجة لديه على ذلك إلا عدم العلم بالسماع، و من علم حجّة على من يعلم<([471]).

وقال العلامة أحمد محمد شاكر: >والراجح عندي أنّه سمع منه, وهو الذي رجّحه البخاري في التاريخ الصغير...<([472]).

وأمّا دلالة الخبر على عموم الآية؛ فمن الواضح أنّ ابن مسعود ذكر آيات تعطي قواعد كليّة تُبشّر الإنسان بالمغفرة والتوبة، وهذه القواعد غير مختصة بوقت دون وقت بل هي شاملة لأمّة محمد’ إلى يوم القيامة, وقد ساق هذه الآية ضمن تلك الآيات العامّة، ممّا يدلّل على فهمه العموم منها, أضف إلى ذلك: أنّ التحديث جاء بعد عهد رسول الله’, فذكر هذه الآية من ابن مسعود، مع كونها خاصة، وغير شاملة لما بعد وفاة النبي’ لا فائدة فيه.

 وكلام ابن مسعود حجة في المقام؛ لأنّه شهد الوحي والتنزيل، وهو أعلم من هؤلاء المعاصرين.

والذي دعا البعض إلى تخصيصها بزمن الحياة هو التأثر بالمسبَّقات الذهنية, وفهمهم للدليل على ضوء المعتقد, إلا أنّ اللازم على المسلم هو بناء العقيدة على ضوء القرآن والأحاديث الصحيحة, لا تأويل القرآن والأحاديث وتقييدها على ضوء العقيدة المسبّقة, لذا فإنّ الفهم السليم لهذه الآية هو عمومها وشمولها لحال الحياة والوفاة.

 ومن هنا نرى أنّ الكثير من علماء أهل السنّة تعاملوا معها معاملة العموم، ولم يقيّدوها بزمن حياة النبي’، كما سيأتي.

المؤيد الثاني: ذكر بعض المفسرين قصّة مجيء الأعرابي إلى قبر النبي’، فنودي من القبر أنّه قد غفر لك, في ذيل الآية الشريفة, ممّا يكشف عن تبنيهم جواز طلب الدعاء والاستغفار من النبي’ في حال مماته، وأنّ الآية غير مختصة بحال الحياة.

 أمّا القصّة؛ فهي على ما جاء في كتاب (تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك) للسيوطي: قال ابن السمعاني في كتاب (الدلائل): أنا أبو بكر هبة الله بن الفرج أنا أبو القاسم يوسف بن محمد بن يوسف الخطيب أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر بن تميم المؤدب ثنا علي بن إبراهيم بن علان أنا علي بن محمد بن علي ثنا أحمد بن الهيثم الطائي حدثني أبي عن أبيه ابن سلمة بن كعسل عن أبي صادق عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، قال: >قدم علينا أعرابي، بعد ما دفنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم وحثا من ترابه على رأسه، وقال: يا رسول الله، قلتَ فسمعنا قولك ووعيتَ عن الله تعالى فوعينا عنك، وكان فيما أنزل الله تعالى عليك: {ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً}، وقد ظلمتُ نفسي وجئتك لتستغفر لي فنودي من القبر أنّه قد غفر لك<([473]).

وقد ورد ما يشبه هذه القصّة من طريق العتبي, وهي قصّة مشهورة رواها العلماء في كتبهم مستحسنين ذكرها عند زيارة القبر النبوي الشريف, وسيأتي ذكرها في كلمات ابن كثير والنووي بعد قليل.

وأمّا العلماء الذين استشهدوا بالقصّة فهم من كبار علماء أهل السنّة، منهم:

1ـ الثعلبي في تفسيره مقتصراً في تفسير الآية:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}([474])، على الرواية المتقدمة([475]).

2ـ القرطبي في تفسيره في ذيل نفس الآية: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًاً}. حيث ذكر الرواية أعلاه، ولم يذكر شيئاً آخر في تفسير الآية([476]).

3ـ أبو حيّان الأندلسي, حيث ذكر هذه الرواية بعد تفسيره للآية الكريمة([477]).

4ـ ابن كثير الدمشقي, حيث قال في تفسيره عقب الآية: >يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم ولهذا، قال:{لو جدوا الله تواباً رحيماً}، وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه (الشامل) الحكاية المشهورة عن العتبي، قال: كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه

 

فطاب من طيبهن القاع والاكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه

 

فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف الأعرابي، فغلبتني عيني، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم، فقال: يا عتبي، الحَقْ الأعرابي فبشّره أن الله قد غفر له<([478]).

ويبدو أنّ قصّة العتبي التي استشهد بها ابن كثير هي غير قصة ذلك الأعرابي التي تحمل المعنى نفسه, وما يهمّنا هنا هو ذكرهم لهكذا قصص في ذيل تلك الآية, وهو شاهد قوي على اعتقادهم العموم وشمول الآية لحالة وفاة النبي’.

المؤيد الثالث: استحسان العلماء قراءة هذه الآية عند زيارة قبر النبي’, وهذا يكشف أيضاً عن تبنيهم شمول الآية لحالة ما بعد الموت, وهم عدد كثير من مختلف المذاهب الفقهيّة، منهم:

1ـ عبد الله بن قدامة الحنبلي: حيث ذكر أنّ من جملة ما يفعله الزائر عند القبر النبوي الشريف أنْ يقول: >اللهم انك قلت وقولك الحق: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً}، وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي، مستشفعاً بك إلى ربّي، فأسألك يا رب أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه في حياته<([479]).

2ـ عبد الرحمن بن قدامة الحنبلي: حيث ذكر نحو ما تقدّم([480]).

3ـ محمد بن عبد الله السامري الحنبلي في كتاب (المستوعب): في باب زيارة قبر الرسول’: حيث جاء في جملة ما ذكره من أفعال الزيارة أن تقول وأنت متوجها للقبر الشريف: > اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك عليه السلام: {ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وإنّي قد أتيتك تائباً مستغفراً، فأسألك أن توجب لي المغفرة، كما أوجبتها لمن أتاه في حياته، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك بنيّ الرحمة, يا رسول الله إنّي أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي ذنوبي, اللهمّ إنّي أسألك بحقّه أن تغفر لي ذنوبي...<([481]).

4- الإمام الكبير محيي الدين النووي الشافعي: حيث ذكر في (المجموع) وهو يشرح كيفية زيارة قبر النبي’: >أنّ أحسن ما يقول الزائر ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له، قال: كنت جالساً عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: {ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه


 

فطاب من طيبهن القاع والاكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه

 

فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف فحملتني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: يا عتبى، الحَقْ الأعرابي فبشّره بأن الله تعالى قد غفر له<([482]).

5ـ أبو بكر ابن السيد محمد شطا الدمياطي الشافعي: قال في كلامه حول زيارة القبر الشريف: >ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجهه الشريف، فيقول: الحمد لله رب العالمين، اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد, السلام عليك يا سيدي يا رسول الله, إنّ الله تعالى أنزل عليك كتاباً صادقاً، قال فيه: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً}، وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي...<([483]).

6ـ الشرنبلالي الحنفي في (مراقي الفلاح): قال في زيارة قبر النبي’: >لما كانت زيارة النبي’ من أفضل القرب وأحسن المستحبات, بل تقرب من درجة ما لزم من الواجبات فإنّه حرّض عليها وبالغ في الندب إليها...<، وقال: >ومما هو مقرر عند المحققين أنّه’ حي يرزق ممتَّع بجميع الملاذ والعبادات غير أنّه حجب عن أبصار القاصرين عن شريف المقامات, ولما رأينا أكثر الناس غافلين عن أداء حق زيارته, وما يسنّ للزائرين من الكليات والجزئيات, أحببنا أن نذكر بعد المناسك وأدائها ما فيه نبذة من الآداب تتميماً لفائدة الكتاب فنقول: ينبغي لمن قصد زيارة النبي’ أن يكثر من الصلاة عليه فإنه يسمعها وتبلغ إليه...<.

 وذكر مجموعة من الأفعال والأدعية، ومنها أن تقول: >يا رسول الله، نحن وفدك وزوّار حرمك تشرفنا بالحلول بين يديك، وقد جئناك من بلاد شاسعة وأمكنة بعيدة نقطع السهل والوعر بقصد زيارتك لنفوز بشفاعتك والنظر إلى مآثرك ومعاهدك والقيام بقضاء بعض حقك والاستشفاع بك إلى ربنا؛ فإن الخطايا قد قصمت ظهورنا، والأوزار قد أثقلت كواهلنا، وأنت الشافع المشفع، الموعود بالشفاعة العظمى، والمقام المحمود، وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} وقد جئناك ظالمين لأنفسنا مستغفرين لذنوبنا فاشفع لنا إلى ربك، وأسأله أن يميتنا على سنتك، وأن يحشرنا في زمرتك، وأن يوردنا حوضك وأن يسقينا بكأسك غير خزايا ولا نادمين، الشفاعة، الشفاعة يا رسول الله...<([484]).

7ـ محمد بن محمد العبدري المالكي: قال في زيارة النبي’: >فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محلّ حط أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا؛ لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب؛ إذ أنّها أعظم من الجميع فليستبشر من زاره ويلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام من لم يزره، اللهم لا تحرمنا من شفاعته بحرمته عندك، آمين يا رب العالمين، ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم، ألم يسمع قول الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}، فمن جاءه ووقف ببابه وتوسل به وجد الله تواباً رحيماً؛ لأن الله عز وجل منزه عن خلف الميعاد، وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن جاءه ووقف ببابه وسأله واستغفر ربه، فهذا لا يشك فيه ولا يرتاب إلا جاحد للدين معاند لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، نعوذ بالله من الحرمان<([485]).

فهذه مجموعة من أقوال بعض العلماء أوردناها على سبيل التأييد لما ذهبنا إليه, واستقصائهم وبيان تفصيل جميع كلماتهم يحتاج إلى أكثر من مجلد, وكتب الفقه للمذاهب المختلفة موجودة متيسر الحصول عليها, وبإمكان القارئ الكريم مراجعتها ليتحقق من ذلك بنفسه, وليتيقن بأنّ المخالف هم الفرقة الوهابية فقط.

المؤيّد الرابع: ذكْر الإمام مالك لهذه الآية عند مناظرته لأبي جعفر المنصور حول التوسّل بالنبي’: أخرج القاضي عياض بسنده عن ابن حميد, قال: >ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين، لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإنّ الله تعالى أدّب قوماً، فقال: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} ومدح قوماً، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} وذمّ قوماً، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ} وإن حرمته ميتاً كحرمته حياً، فاستكان لها أبو جعفر، وقال: يا أبا عبد الله، أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ولِمَ تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفِّعه الله, قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} الآية<([486]).

وهذه القصّة صحيحة السند، بالرغم من إنكار ابن تيمية وتكذيبه لها، قال ابن حجرالهيتمي: >وإنکار ابن تيمية لهذه الحكاية عن مالك؛ حتى لا يردّ إنكاره التوسل والتشفع به’، من خرافاته وتهوراته، كيف وقد جاءت عنه بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه!<([487]).

وقال الزرقاني ردّا على تكذيب ابن تيمية للقصّة: >هذا تهوّر عجيب, فإنّ الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه (فضائل مالك) بإسناد لا بأس به, وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدّة من ثقات مشايخه, فمن أين أنّها كذب, وليس في إسنادها وضّاع ولا كذّاب<([488]).

وقال السمهودي: >وقال عياض في الشفاء بسند جيّد, عن ابن حميد أحد الرواة عن مالك< وساق القصّة([489]).

وقال الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني: >ذكره القاضي عياض في الشفاء وساقه بإسناد صحيح...<([490]).

وعلى أيّة حال؛ فنحن لم نسق القصّة كدليل مستقل لإثبات عموم الآية, بل هي أحد الشواهد على ذلك، كما هو واضح؛ فالنقاش في سندها في المقام ليس له أثر كبير.

 

الدليل الثاني :حديث عرض الاعمال على النبي واستغفاره للمذنبين

وهو ما أخرجه البزار في مسنده، قال: >حدثنا يوسف بن موسى قال: نا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن سفيان عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: إنّ لله ملائكة سيّاحين يبلّغوني عن أمّتي السلام، قال: وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تُعرض عليّ أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شرّ استغفرت الله لكم<([491]).

قال الهيثمي: >رواه البزار ورجاله رجال الصحيح<([492]).

وقال الزرقاني: >رواه البزار بإسناد جيد<([493]).

وقال الحافظان العراقيان: زين الدين العراقي وابنه ولي الدين: >وروى أبو بكر البزار في مسنده بإسناد جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه<([494])، ثم ذكرا الحديث.

وقال السيوطي: >أخرج الحارث في مسنده وابن سعد والقاضي إسماعيل عن بكر بن عبد الله المزني، قال: قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلم: حياتي خير لكم وموتي خير لكم، تعرض عليّ أعمالكم، فما كان من حسن حمدت الله عليه وما كان من سيء استغفرت الله لكم، وأخرج البزار بسند صحيح من حديث ابن مسعود مثله<([495]).

 وألّف الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري في خصوص هذا الحديث جزءاً سمّاه: (نهاية الآمال في شرح وتصحيح حديث عرض الأعمال), فالحديث صحيح ومعتبر.

تضعيف الألباني لجزء من حديث عرض الأعمال

لكن الشيخ الألباني ضعّف قسماً من الحديث المروي وهو خصوص قوله’: >حياتي خير لكم...< الخ، زاعماً أنه زيادة شاذّة على أصل الحديث الذي رواه جمع من الثقات، متوهماً أن هذا القسم مع الأصل يشكّلان حديثاً واحداً لا حديثين قد وردا بسند واحد، وحيث إن هذه الزيادة المزعومة لم تروَ إلاّ من جهة عبد المجيد بن عبد العزيز، وهو متكلّم فيه من قِبَل حفظه، فتكون هذه الزيادة عندئذٍ ساقطة لشذوذها([496]).

الجواب

1ـ أنّ هذه ليست زيادة على أصل الحديث، كما توهّم الألباني، بل هي حديث آخر معتبر وصحيح، ورد بنفس سند الحديث الأول, وورد أيضاً من طرق أخرى موصولاً تارة، كما عن أنس([497])، ومرسلاً أخرى، كما عن بكر بن عبد الله([498])، مضافاً إلى أنّ لسانه ليس لسان زيادة، إذ لا توجد علاقة بينه وبين الحديث الأول, فلا توجد مخالفة للثقات إذن.

 وعبد المجيد، الذي تُكلّم فيه، هو من رجال مسلم ورجال أصحاب السنن الأربعة، ووثقه أحمد وابن معين وأبو داود والنسائي([499]). فحديثه معتبر, والألباني بنفسه يعترف بأنّ علّة الحديث هي المخالفة لحديث الثقات، ولولاها لكان سند الحديث جيداً ([500]).

2ـ لو سلّمنا أنّها زيادة وأنّ عبد المجيد متكلّم فيه من قبل حفظه, فهي زيادة صحيحة أيضاً؛ وذلك لورودها من طريق آخر, فقد أخرج ابن سعد في الطبقات: >أخبرنا يونس بن محمد المؤدب أخبرنا حماد بن زيد عن غالب عن بكر بن عبد الله، قال: >قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حياتي خير لكم تحدَّثون ويحدَّث لكم، فإذا أنا متّ كانت وفاتي خيراً لكم، تعرض عليّ أعمالكم، فإذا رأيتُ خيراً حمدت الله وإن رأيتُ شرّاً استغفرت الله لكم<([501]).

وهذا السند صحيح, إلا أنّه مرسل, فإنّ بكر بن عبد الله ثقة من التابعين وليس من الصحابة, وبقية رجاله ثقات كما اعترف الألباني نفسه بذلك([502]).

وهذا السند المرسل الصحيح يعضد ذلك السند لو سلمنا بوجود ضعف خفيف عند عبد المجيد, وهذا هو الذي تقتضيه القواعد الحديثيّة وهو الذي يتّبعه الألباني في مبانيه، لا أن يضعّف المتصل بالمرسل، فهذا من غرائب التضعيف, ولو بنينا علم الحديث على مثل هذه الاحتمالات لما بقي شيء.

 فقول الألباني: >فلعلّ هذا الحديث الذي رواه عبد المجيد موصولاً عن ابن مسعود أصله هذا المرسل عن بكر، أخطأ فيه عبد المجيد فوصله عن ابن مسعود ملحقاً إياه بحديثه الأول عنه. والله أعلم<([503]) ليس بصحيح, ولا يعتدّ به، بل هو غريب جداً من الألباني؛ ضرورة عدم وجود أي مناسبة توجه هذا الخطأ غير المبرر مطلقاً.

 فالمرسل الصحيح يقوي ذلك الحديث ويشهد له لا يضعِّفه, وكلمة >لعل< التي ذكرها الألباني لا تغني من الحق شيئاً. فوجود الحديث من طرق أخرى يدلّ على أنّ عبد المجيد لم يُخطئ فيه.

3ـ أضف إلى ذلك، فإنّ القرآن يشهد بصحّة الحديث, وذلك لتصريحه بشهادة النبي’ يوم القيامة على أمّته, من قبيل قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كلّ اُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً}([504]).

وقوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كلّ اُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء}([505]).

 ومعلوم أنّ الشهادة تتوقف على علم ومعرفة بالأعمال, فالرسول لا يمكن أن يكون شاهداً من دون أن يكون قد اطلع على تلك الأعمال وشاهدها.

فالحديث صحيح معتبر، ودلالته صريحة بأنّ الأعمال تعرض على النبي’ وأنّه يستغفر لأمّته([506]).

 الدليل الثالث :تصريح النبيبأنه يستجيب لعيسى

عن أبي هريرة أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم, قال: >والذي نفس أبي القاسم بيده لينزلنّ عيسى بن مريم إماماً مقسطاً وحكماً عدلاً، فليكسرنّ الصليب ويقتلنّ الخنزير وليصلحنّ ذات البين وليذهبن الشحناء وليعرضنّ المال، فلا يقبله أحدٌ، ثم لئن قام على قبري، فقال: يا محمّد لأجبته<. قال الهيثمي: >قلت: هو في الصحيح باختصار, رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح<([507]).

 وفي الرواية دلالة واضحة على أنّ النبي’ يسمع ويجيب, ولا معنى هنا للقول بأنّه يسمع ويجيب لعيسى فقط دون غيره, فالرواية تثبت أنّه حي ويسمع ويجيب, وحينئذٍ فلا مانع من طلب الدعاء والحاجة والاستغفار منه, فإنّه يسمع ذلك وقادر على طلب حاجة المؤمن من الله سبحانه وتعالى.

الدليل الرابع: رواية مالك الدار

 قال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار، قال وكان خازن عمر على الطعام: >أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله! استسق لأمّتك فإنّهم قد هلكوا، فأتى الرجل في المنام، فقيل له: ائت عمر فأقرئه السلام، وأخبره أنكم مسْقيّون، وقل له: عليك الكيس! عليك الكيس! فأتى عمر فأخبره فبكى عمر، ثم قال: يا رب لا آلو إلاّ ما عجزت عنه<([508]). والرواية صحيحة، ومحاولة تضعيفها بمالك الدار غير موفقة, فمالك كان خازناً لعمر, وذكر ابن سعد أنّه كان معروفاً ([509])،  وقال الخليلي: >تابعي قديم، متفق عليه, أثنى عليه التابعون<([510]).

ولهذا قال ابن حجر: >وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري...<([511]). وقال ابن كثير: >وهذا إسناد صحيح<([512])، وسيأتي اعتراف ابن تيمية بثبوته ضمن الدليل السادس حين نتعرض لاعترافاته لاحقاً.

فهذه الرواية إذن صريحة في الطلب من النبي’ بعد وفاته, ولا يضرّ فيها عدم معرفة الرجل الذي جاء إلى القبر؛ وذلك لقبول عمر بذلك وبكائه ولم يستشكل ولم يقل: إنّ النبي’ لا يضر ولا ينفع, بل قبل ذلك وبكى معرفة منه لمقام النبي’, فالرواية صريحة في التوسل والاستغاثة بالنبي’ بعد وفاته.

الدليل الخامس: مجيء الصحابي أبي أيّوب الأنصاري إلى قبر النبي

أخرج أحمد والحاكم عن داود بن أبي صالح، قال: >أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر، فقال أتدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب، فقال: نعم، جئت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله<([513]).

قال الحاكم: >هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه<. وقال الذهبي: >صحيح<([514]). وقال حمزة أحمد الزين: >إسناده صحيح<([515]).

وقد أُشكل على سند الحديث بأنّ داود بن أبي صالح الحجازي مجهول, فقد سكت عنه ابن أبي حاتم([516]) وقال عنه الذهبي: لا يعرف([517]), وقال ابن حجر: مقبول([518]).

فإن تمّ ذلك وقلنا إن سكوت ابن أبي حاتم لا يدلّ على التوثيق([519])؛ فالسند فيه ضعف خفيف يزول بوروده من وجه آخر, فقد ورد الحديث بطريق ليس فيه داود هذا, بل من طريق المطلب بن عبد الله, وهو ثقة إلا أنّه يدلّس, فيرتفع الحديث بمجموع طريقيه إلى الحسن لغيره.

وهذا الطريق أخرجه يحيى بن الحسن في أخبار المدينة، قال: >حدثني عمر بن خالد، ثنا أبو نباتة، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب, قال: أقبل مروان بن الحكم...<([520]).

واخرجه ابن عساكر من طريق مغاير عن كثير بن زيد عن المطلب يعني ابن عبد الله بن حنطب، قال: >جاء أبو أيوب الأنصاري....<([521]).

فهذان طريقان للحديث عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله.

وكثير بن زيد مختلف فيه، وأدنى حالاته أن يكون حديثه حسناً, وقد حسّن له الألباني والمنذري وابن حجر([522])؛ لذا فالحديث حسن بمجموع طريقيه، إن شاء الله.

وفي الحديث نرى الصحابي أبا أيّوب الأنصاري يبيّن أنّ المجيء هو إلى الرسول وليس إلى حجر لا يضر ولا ينفع، فالمقصود هو النبي’، والنبي’ حيٌّ يرزق يضر وينفع, وإلاّ يكون جوابه: جئت إلى رسول الله’؛ لغواً لا معنى له، إذا كان النبي’ في قبره لا يضر ولا ينفع, فالصحابي أبو أيّوب الأنصاري كان يفهم أنّ النبي’ حيّ يضر وينفع يمكن الذهاب إليه والتبرك به وبث الشكوى عنده, فجاءه متألماً ممّا حلّ بالدين بعد أن وليه غير أهله.

الدليل السادس: اعتراف ابن تيميّة بقضاء الحوائج عند قبور الأنبياء والأولياء

اعترف ابن تيمية بأنّ حوائج الناس تقضى عند قبر النبي’ بل وقبور الأولياء أيضاً وأنّ لأهل هذه القبور منازل غير متصورة عند الناس, ومقاماتهم عظيمة , فقد قال في معرض كلامه على عدم استحباب الدعاء عند القبر([523]) ما نصّه: >ولا يدخل في هذا الباب ما يروى من أنّ قوماً سمعوا ردّ السلام من قبر النبي صلّى الله عليه وسلم أو قبور غيره من الصالحين وأنّ سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي الحرة([524]) ونحو ذلك, فهذا كلّه حق ليس ممّا نحن فيه والأمر أجل من ذلك وأعظم.

وكذلك أيضاً ما يروى أنّ رجلاً جاء إلى قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فشكا إليه الجدب عام الرمادة، فرآه وهو يأمره أن يأتي عمر فيأمره أن يخرج فيستسقي الناس فإنّ هذا ليس من هذا الباب، ومثل هذا يقع كثيراً لمن هو دون النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأعرفُ من هذه الوقائع كثيراً، وكذلك سؤال بعضهم للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو لغيره من أمّته حاجته فتقضى له، فإنّ هذا قد وقع كثيراً وليس هو ممّا نحن فيه، وعليك أن تعلم أنّ إجابة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو غيره لهؤلاء السائلين ليس ممّا يدلّ على استحباب السؤال، فإنّه هو القائل صلّى الله عليه وسلّم: إنّ أحدكم ليسألني مسألة فأعطيه إياها فيخرج بها يتأبطها ناراً، فقالوا: يا رسول الله، فلمَ تعطيهم؟ قال: يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل. وأكثر هؤلاء السائلين الملحين لما هم فيه من الحال لو لم يجابوا لاضطرب إيمانهم كما أنّ السائلين له في الحياة كانوا كذلك وفيهم من أجيب وأمر بالخروج من المدينة<([525]).

والأمر المهم الملاحظ هنا هو أنّ ابن تيميّة لم يفرّق بين حال وفاة النبي’ وبين حياته واعترف أنّه يقضي حاجة المحتاج، وهذا ما أردنا إثباته, أمّا تعليله بأنّ الحاجة تكون ناراً على صاحبها فهو تعليل ضعيف؛ لأنّ النبي أكرم من أن يعطي للسائل ما يتعذب به وهو بُعث رحمة للعالمين, مضافاً إلى أنّ الكثير من السائلين سواء كانوا في حياة النبي’ أو بعد مماته هم من الصالحين فلا يمكن شمول هذه العلّة لكلّ طالب من النبي’, وليس هنا محلّ بحث هذا التعليل, فإنّ ما يهمّنا في المقام هو اعتراف ابن تيّمية بحياة النبي’ وقضائه لحوائج الناس سواء كان في الدنيا أو في قبره، فتأمّل!

وقال أيضاً: >وكذلك ما يذكر من الكرامات وخوارق العادات التي توجد عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها، وتوقي الشياطين والبهائم لها، واندفاع النار عنها وعمّن جاورها، وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتى، واستحباب الاندفان عند بعضهم، وحصول الأنس والسكينة عندها، ونزول العذاب بمن استهان بها، فجنس هذا حق ليس ممّا نحن فيه, وما في قبور الأنبياء والصالحين من كرامة الله ورحمته وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق، لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك.

وكل هذا لا يقتضي استحباب الصلاة أو قصد الدعاء والنسك عندها، لما في قصد العبادات عندها من المفاسد التي حذّر منها الشارع، كما تقدّم، فذكرت هذه الأمور لأنّها ممّا يتوهم معارضته لما قدّمنا وليس كذلك<([526]).

ونترك التعليق للقارئ ليرى كيف أنّ ابن تيميّة يعترف بأنّ لقبور الصالحين والأولياء كرامة وحرمة عند الله تفوق ما يتوهمه الناس, وتجري في قبورهم الكرامات وخوارق العادات وتنزل الملائكة, وينزل العذاب بمن استهان بها! ويحصل الأنس والسكينة عندها، وغير ذلك ممّا ذكره أعلاه, ثمّ ليقارن بين هذا القول وبين القول بأنّ الميّت لا يضرّ ولا ينفع!!

خلاصة القول في التوسل بدعاء الأموات من الأنبياء والأولياء

اتّضح أنّ الأنبياء والأولياء أحياء في قبورهم، وأنّ الطلب منهم بعد مماتهم أمر جائز مشروع دل عليه الدليل, وهو في حقيقته طلب من الله سبحانه وتعالى, لأنّه توسيط للنبي أو الولي في قضاء الحاجة عن طريق دعائه بقضائها, وليس طلباً من النبي بمعنى أنّه المستقل في التأثير, فانّ الأمور بيد الله سبحانه وتعالى, ومن ادّعى استقلال أحد بالتأثير غير الله، فقد أشرك وكفر, لكنّ هذا غير موجود, فإنّ الناس في زياراتهم يصلّون ويعبدون الله الواحد الأحد ويتوسلون بالأنبياء والأولياء لقضاء حوائجهم عند الله, فكيف يمكن اتهام هؤلاء بالشرك، وهم يصرحون بعبادة الله الواحد الأحد!!

النوع الخامس: التوسل بذوات الأنبياء والأولياء في حياتهم وبعد وفاتهم

وهو الدعاء المشفوع بالتوسل بالنبي أو الولي أو حقّهم وجاههم عند الله من قبيل قول الداعي: اللهمّ إنّي أسالك بنبيّك أو بحقّ نبيّك...

وقد وردت أدلّة عديدة معتبرة على جواز ومشروعيّة هذا النوع من التوسّل نورد بعضاً منها فيما يلي:

الدليل الأول على التوسل بالذات

حديث الضرير

أخرج أحمد وغيره عن عثمان بن حنيف قال: >إنّ رجلاً ضرير البصر أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: إن شئتَ دعوتُ لك وإن شئتَ أخّرتُ ذاك فهو خير. فقال: ادعه. فأمره أن يتوضأ فيُحسن وضوءه فيصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة، يا محمّد، إنّى توجهت بك إلى ربّى في حاجتي هذه, فتقضى لي، اللهمّ شفعه في<([527]) وفي رواية الترمذي: >لتقضى لي اللهم فشفعة في<([528]).

قال الحاكم: >هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه< ووافقه الذهبي([529]), وكذلك صحّحه الترمذي([530]) والألباني([531]) والأرنؤوط([532]).

فالحديث صحيح من الجهة السنديّة ولا غبار عليه.

وأمّا الدلالة فهي جليّة وواضحة, فالضرير جاء إلى النبي’ طالباً الدعاء, وقد خيّره النبي’ بين أن يصبر أو أن يدعو له, فاختار الضرير الدعاء, وإلى هنا لا يوجد أي نوع من التوسّل بالذات في الرواية, ولكن بعد أن اختار الضرير الدعاء, لم نجد في الحديث أنّ النبي’ دعا له, بل الحديث يدلّ على خلاف ذلك, وأنّ النبي’ علّمه طريقة تُقضى بها الحاجة، فأمره أن يتوضأ ويُحسن وضوءه ويصلّي ركعتين ويدعو بالدعاء المتقدم.

فقوله: >اللهمّ إنّي أسألك وأتوجه إليك بنبيّك...< وقوله: >يا محمّد, إنّي توجهت بك إلى ربي< عبارات صريحة وواضحة في أنّ التوسل كان بذات النبي’, لذا فإنّ جملة من العلماء استندوا إلى هذا الحديث في جواز التوسل بالذات:

قال الشوكاني: >وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله إلى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى وأنه المعطي المانع، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن<([533]).

وقال الشيخ عبد الغني في إنجاح الحاجة: >ذكر شيخنا عابد السندي في رسالته: والحديث يدل على جواز التوسل والاستشفاع بذاته المكرم في حياته، وأما بعد مماته فقد روى الطبراني في الكبير عن عثمان بن حنيف: أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له، فذكر الحديث، قال: وقد كتب شيخنا المذكور رسالة مستقلة فيها التفصيل من أراد فليرجع إليها<([534]).


شبهات حول دلالة حديث الضرير

الشبهة الأولى

 إنّ المقصود من الحديث هو التوسّل بدعاء النبيّ’ لا بذاته؛ بقرينة أنّ النبي’ وعد الأعمى بالدعاء له إذا أراد ذلك، والقصة تدور مدار الدعاء, فلا دلالة في الحديث على جواز التوسل بالذات, ويشهد لذلك أمران:

 أمران يشهدان للشبهة

الأمر الأول: أنّ المستدلّين بجواز التوسل بالذات يلزمهم تقدير كلمة >جاه< أو نحوها, فيكون المراد من كلمة >بنبيّك< هي >بجاه نبيّك< وإذا كان التقدير هنا لازم ولابدّ منه فالأولى أن نقدّر كلمة >دعاء< ويكون المراد من عبارة >بنبيّك< أي >بدعاء نبيّك<, لدلالة الأخبار على صحّة التوسل بدعاء النبي، بل وكذا بدعاء الأولياء والصالحين, ولكون الرواية كلّها تدور حول الدعاء فهذا التقدير أولى من ذاك([535]).

جواب الأمر الأول للشبهة

أوّلاً: لا شكّ في أنّ القصّة تدور مدار الدعاء, وأن النبي’ وعد السائل بأنه سوف يدعو له، لكن الاستدلال ينصبّ على الدعاء الذي علّمه النبي’ للضرير, وتعليم النبي’ حجّة يجب التعبّد بها, وظاهر تعليم النبي’ للضرير هو الدعاء المشتمل على التوسّل بالذات كما أسلفنا([536]), ولا نجد ضرورة لتقدير كلمة جاه أو كلمة دعاء, فالجملة تامّة من حيث اللغة العربية ولا تحتاج إلى تقدير, فالتوسّل كان بذاته الطاهرة.

نعم إنّ الداعي إلى التوسل بذاته هو جاهه’ وعظمته ومكانته عند الله([537]).

ثانياً: لو اضطررنا إلى التقدير كما زعم السلفيّة, فالتقدير بكلمة >جاه< هو المناسب لسياق الدعاء والمتوافق مع كلماته, فكلّ عربي لو خُلّي وطبعه لرأى أنّ تقدير كلمة >دعاء< لا صلة لها بالموضوع, وأنّ كلمة >جاه< هي المناسبة, فإنّ الجاه من لوازم الذات ومتعلقة بها, بخلاف كلمة الدعاء فهي أجنبية وغريبة عن سياق الكلام تماماً, ولهذا فمن غير المناسب أن تكون مرادة ومع هذا تحذف ولم تذكر في الحديث؛ لأنّ الحذف إنما يكون مناسباً وموافقاً لأساليب اللغة فيما إذا كان ما يدل عليه في الكلام واضحاً عرفاً, وإلا لأحدث خللاً في الكلام.

ثالثاً: أنّ تقدير كلمة >دعاء< يستدعي الغرابة, فإنّ السلفيّة يفسّرون التوسّل بالدعاء بمعنى أنّ الشخص المتوسِّل يأتي إلى النبي’ أو إلى الرجل الصالح ويطلب الدعاء منه، فيدعو النبي ’ أو الرجل الصالح للشخص المتوسل. وأما أنه بمعنى أنّ المتوسل يجلس في بيته ويقول: اللهم إنّي أتوجه إليك بدعاء نبيّك, فهذا لا معنى له أولاً، وثانياً: لم يكن هذا من الأنواع الجائزة التي تعرض لها الألباني وادّعى أنّ المشروعية محصورة بها، حيث زعم أن الأنواع الجائزة ثلاثة، هي: 1ـ التوسل باسم من أسماء الله تبارك وتعالى أو صفة من صفاته. 2ـ التوسل بعمل صالح قام به الداعي. 3ـ التوسل بدعاء رجل صالح.

  ثم قال: >وأمّا ما عدا هذه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف, والذي نعتقده وندين الله تعالى أنّه غير جائز ولا مشروع<([538]).

  عندئذٍ، فتقدير كلمة دعاء هنا لا مبرر لها ولا تؤيّد حلية التوسل بدعاء الحي؛ لأنّها أمر مغاير لذاك التوسّل.

رابعاً: سيأتي أنّ عثمان بن حنيف علّم صاحب الحاجة تلك الطريقة النبوية في قضائها, فاستجاب الله له, وهذا يدلّ على أنّ عثمان بن حنيف لم يفهم أنّ التوسّل كان بدعاء النبي’, بل كان بذاته المقدسة, لوضوح أنّ تعليمه لصاحب الحاجة كان بعد وفاة النبي’ وفي زمن عثمان بن عفّان.

الأمر الثاني: أنّ ما يؤيّد كون التوسل كان بدعاء النبيّ’ لا بذاته؛ ورود عبارة: >وشفعّني فيه< ولا يمكن معها حمل التوسل على التوسل بالذات؛ لأنّ المراد من العبارة، حسب ما يرى الألباني: أي اقبل شفاعتي, أي دعائي في أنْ تقبل شفاعته, أي دعاءه في أنْ تردّ عليّ بصري([539]) فيكون المراد هو التوسل بدعاء النبي’.

وكذلك ورود عبارة: >فشفعّه فيّ< التي تعني: اللهم اقبل شفاعته فيّ: أي اقبل دعاءه فيّ، قال الألباني: > وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته’؛ أو جاهه أو حقه؛ إذ أن المعنى: اللهم اقبل شفاعته’ فيّ؛ أي اقبل دعاءه في أن ترد عليّ بصري<([540]).

جواب الأمر الثاني للشبهة

أولاً: أنّ هذا الأمر مبني على انحصار معنى الشفاعة والتشفع بطلب الدعاء من الغير، لكن هذا ليس صحيحاً؛ فإنّ التشفّع والتوسّل والإغاثة والتجوِّه كلها قد تكون بمعنى واحد([541]), وهو سؤال الله بالنبي’ أو بالصالحين من المؤمنين, فلا يرد كلام الألباني من الأساس.

ثانياً: أنّ عبارة: >وشفعني فيه<، زيادة ينتابها نوعٌ من الغموض, والأغلب أنّها زيادة وغلط من الراوي, وهذا ما صُرّح به في بعض الطرق, فقد جاء في صحيح ابن خزيمة بعد أن أورد الرواية من طريق محمّد بن بشار وأبي موسى: >زاد أبو موسى: وشفعني فيه، قال: ثمّ كأنّه شكّ بعد في: وشفعني فيه<([542]).

وقد أخرج أحمد بن حنبل الحديث من طريق عثمان بن عمر عن شعبة... بدون الزيادة, وأخرجها من طريق روح عن شعبة بالزيادة وجاء فيه بعد عبارة: >وتشفعني فيه وتشفعه في< قال: >فكان يقول هذا مراراً ثمّ قال بعد: أحسبُ أنّ فيها أن تشفعني فيه، قال: ففعل الرجل فبرأ<([543]).

وقد تنبّه الحافظ ابن كثير لذلك، فقال: >وقد رواه أحمد أيضاً عن عثمان بن عمرو عن شعبة به، وقال: اللهم شفعه في، ولم يقل الأخرى، وكأنها غلط من الراوي، والله أعلم<([544]).

 فالرواية من طريق شعبة كما اتضح وردت بها الزيادة تارة ولم ترد تارة أخرى, فإذا أضفنا إلى ذلك أنّ ثلاثة من الثقات رووا الحديث عن أبي جعفر الخطمي دون ذكر هذه الزيادة يتّضح أنّها زيادة شاذة لا يمكن التمسّك بها, وهؤلاء الثلاثة هم: حماد بن سلمة([545]), وروح بن القاسم([546]), وهاشم الدستوائي([547]).

 فالزيادة هي من خطأ الراوي وليست من قول النبي’, ولا أقلّ من كونها مشكوكة, فلا ينفع السلفيّة التمسّك بها وتأويل الحديث الصحيح طبق رغباتهم وأهوائهم.

 ثمّ إنّ ثبوت هذه الزيادة, لا يغير دلالة الحديث في جواز التوسّل بالذات, فإنّه بناءً على تفسير الألباني لكلمة الشفاعة وحملها على دعاء النبي للضرير, تكون الكلمات التي علّمها النبي| للضرير تتضمن أمرين:

الأول: هو التوسل بذاته الشريفة، وهو قوله: > اللهم إنّي أسألك وأتوجه إليك بنبيّك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، لتقضى لي<.

 والثاني: هو دعاء المتوسّل الله تعالى بأنّ يستجيب دعاء النبي| في حق نفسه، فلا توجد منافاة بين صدر الدعاء وعجزه.

ومما تقدم يتضح أن عبارة: >اللهم شفعه فيّ< لا تتنافى أيضاً مع التوسّل بالذات الواردة في صدر الدعاء, وغاية ما تثبته الجملة أنّ النبي’ علم الضرير دعاءً وقام هو بالدعاء له أيضاً.

ويتبيّن من خلال ذلك كله: أنّ النبي’ دعا للضرير بدعاء لم تذكره الرواية, وقام بتعليم الضرير عملاً لقضاء الحاجة, ولعلّ الحكمة في ذلك هي أنّ النبي’ لم يرد قصر الموضوع على تلك الحالة الخاصّة, بل أراد أن يعطي للضرير وللأمة شيئاً عامّاً ينفعهم في قضاء الحوائج وهو الصلاة ركعتين ثم الدعاء بتلك الكلمات.

رواية حماد بن سلمة تدل على عموم التوسل

 وما يؤيد ما ذكرناه سابقاً؛ رواية حماد بن سلمة، إذ احتوت على زيادة تبطل استدلالهم من رأس، وتثبت أنّ الدعاء الذي علّمه النبي’ للضرير عام وغير مختص بزمان أو مكان معيّن, ومعها لا يمكن حمل التوسّل على أنّه توسّل بدعاء النبي’, فقد زاد حمّاد بن سلمة كما في تاريخ ابن أبي خيثمة: >وإن كانت حاجةٌ فافعل مثلَ ذلك< حكاه ابن تيمية في كتاب التوسل, قال: >وقد روى أبو بكر ابن أبي خيثمة في تاريخه حديث حماد بن سلمة، فقال: حدثنا مسلم بن إبراهيم حدّثنا حمّاد بن سلمة أنا أبو جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف: أنّ رجلاً أعمى أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: إنّي أصبت في بصري فادع الله لي. قال: اذهب فتوضأ وصلّ ركعتين، ثمّ قل: اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيي محمّد نبي الرحمة، يا محمّد إنّي أستشفع بك على ربي, في ردّ بصري, اللهمّ فشفعني في نفسي وشفع نبيي في ردّ بصري, وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك, فرد الله عليه بصره<([548]).

وهذه الزيادة تدلّ على جواز التوسل في حياة النبي’ وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ولا تتناسب مع كلمات السلفيّة بأنّ التوسل كان بدعاء النبي’ في حال حياته, بمعنى طلب الدعاء من النبي’, ولذا حاولوا إبطال هذه الزيادة بحجج واهية:

منها: أنّها مخالفة لرواية من هو أحفظ من حماد بن سلمة، فشعبة وروح بن القاسم لم يوردا هذه الزيادة فتكون شاذّة([549]).

والجواب: أنّ هذا تطبيق للقاعدة في غير محلّها, فهي زيادة على رواية الثقات من ثقة ولا توجد مخالفة في المقام, وزيادة الثقة مقبولة, وهذه الزيادة منسجمة مع سياق الرواية.

ومنها: قد تكون الزيادة من الصحابي عثمان بن حنيف وليست من كلام النبي’([550]).

والجواب: أنّ هذا تخرص وظنٌ بلا دليل, والظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً, فلفظ الرواية يحمل على أنّه كلام النبي’ ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك.

ومنها: أنّ المراد من الزيادة هي عين دعوى التوسل بالدعاء؛ فالمراد منها كما يقول الألباني: >يعني من إتيانه صلى الله عليه وسلم في حال حياته وطلب الدعاء منه والتوسل به والتوضؤ والصلاة والدعاء الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو به<([551]).

والجواب: أنّ سياق الرواية يقتضي قيام المحتاج بتلك الأفعال من الصلاة والدعاء لتقضى حاجته، وليس فيها دلالة على العود والرجوع إلى النبيّ’, إذ إنّ الملحوظ في الحوار الدائر هو تعليم النبي’ للضرير تلك الأفعال، ولم يكن الحوار دائراً حول حصول المجيء أو عدمه, ثمّ إنّه مع ضرورة العود إلى النبيّ’ لا معنى للتمسّك بتلك الأفعال، فالنبي’ قد يوجّهه إلى أعمال أخرى, أو يقوم بالدعاء له فقط كما دعا لآخرين, فالمناسب حينئذٍ ـ طبق هذا البيان ـ أنْ يقول له النبيّ’: وإذا كانت حاجة فعد إليّ, لا أن يقول له فافعل مثل ذلك.

مضافاً إلى انسجام هذه الزيادة مع متن الدعاء المتضمن للتوسل بذات النبي’، فيكون المراد منها واضح جداّ، وهو: إن حصلت لك حاجةـ بعد ذلك ـ فتوضأ وصلّ ركعتين وادعُ بهذا الدعاء, وهذا ما يفهمه كلّ عربي خالي الذهن من المسبّقات العقدية.

ومن غرائب الأمور؛ نرى أنّ السلفية يحاولون التمسك بالزيادة التي يشكّك الراوي نفسه في صدورها، كما تقدّم في عبارة: >وشفعني فيه<، ويحاولون إبطال الزيادة الواردة بسند صحيح معتبر, ومن دون أن يشك الراوي فيها.

الشبهة الثانية

 أن التوسل بالذات لو سلّمنا بجوازه، فهو مختص بحياة النبيّ’ دون وفاته([552]).

الجواب

هناك عدّة دلائل وقرائن تفيد عموم الحديث وعدم اختصاصه بحياة النبي’؛ منها:

1ـ أنّ تعليم النبي’ للضرير يعتبر سنّة شرعيّة, والسنّة لا يمكن أن تختص بزمن معيّن, ولو كانت خاصّة لكان لزاماً على النبي’ بيان ذلك, فالأصل في سنن النبي’ هو العموم وشمولها لكل الأوقات والأزمان إلاّ ما خرج بالدليل, وحيث لا دليل على تخصيص هذه الرواية لزم التمسك بالعموم.

وقد صرّح الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية، بعموم الرواية، وعدم الاحتياج إلى إثبات عمومها بقصة الرواية، التي سيأتي ذكرها منا قريباً([553]), حيث قال: >وفي الحقيقه، فنحن لا نحتاج إلى ذكر قصّه الحديث...حتّى نستدلّ على جواز الدعاء بهذه الصيغة بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا علّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً من أصحابه صيغة دعاء ونقلت إلينا بالسند الصحيح، فدل ذلك على استحباب الدعاء بها في كلّ الأوقات حتّى يرث الله الأرض ومن عليها، وليس هناك مخصص لذلك الدعاء لهذا الصحابي وحده، ولا مقيد لذلك بحياته صلّى الله عليه وسلّم، فالأصل في الأحكام والتشريعات أنّها مطلقة وعامّة إلاّ أن يثبت المخصّص أو المقيّد لها<([554]).

2ـ زيادة حماد بن سلمة في الرواية, وهو قول النبي’: >وإن كانت حاجةٌ فافعل مثلَ ذلك<, وقد تقدم ذكر الرواية سابقاً, فهذه الزيادة صريحة في أنّ التوسل بالذات مشروع في حال حياة النبي’ وبعد وفاته, فطروّ الحاجة غير مقتصر على حياة النبي’ ولم يقيّد النبي’ فعل ذلك في حال حياته فقط, فدلالة هذه الزيادة على العموم ممّا لا تخفى على أحد.

3ـ أنّ عدول النبي’ عن الدعاء للضرير وتعليمه طريقة معيّنة لقضاء الحاجة يدلّ على إرادة النبي’ تعميم هذه المسألة لكلّ الأمّة وعدم قصرها على شخص معين أو زمان معيّن, وإلاّ فكان من الممكن أن يدعو النبي’ للضرير ويستجيب الله دعاءه وينتهي الأمر.

4ـ فهْمُ الكثيرِ من الحفّاظ والمحدّثين عموم الخبر وعدم قصره على حياة النبي’؛ لذا أوردوه في كتبهم تحت أبواب معيّنة كقضاء الحاجة وغيرها:

 فقد أورده ابن ماجة تحت باب: ما جاء في صلاة الحاجة([555]).

وأورده البيهقي تحت باب: ما في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم يصبر وما ظهر في ذلك من آثار النبوة([556]).

وأورده النووي تحت باب: أذكار صلاة الحاجة([557]).

وأورده المنذري تحت باب: الترغيب في صلاة الحاجة ودعائها([558]).

وهكذا غيرهم, فلو كان الحديث مختصاً في حال حياة النبي’ فلا معنى لإيراده تحت تلك العناوين.

والأكثر من ذلك أنّ الترمذي أخرجه في كتابه وصحّحه, وقد قال عن كتابه: >جميع ما في هذا الكتاب من الحديث فهو معمول به، وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين: حديث ابن عبّاس: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه([559])...< ([560]).

فيكون هذا الحديث ممّن عمل به بعض أهل العلم, ولا معنى لعملهم به إذا كان مختصاً بحياة رسول الله’، كما يدّعي السلفيّة.

5ـ فهْمُ الصحابي عثمان بن حنيف عموم الحديث, وتعليمه لطالب حاجة بعد وفاة النبي’ تلك الأعمال من الصلاة والدعاء في قصّة معروفة مشهورة, فلا بدّ من الوقوف عليها قليلاً وملاحظتها متناً وسنداً ليتضح الحال.

الصحابي عثمان بن حنيف وحديث الضرير

 أخرج الطبراني من طريق عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمّه عثمان بن حنيف: >أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف، فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلي فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وربي عز وجل فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح إليّ حتى أروح معك، فانطلق الرجل، فصنع ما قال له عثمان، ثم أتى باب عثمان، فجاء البواب حتى أخذ بيده، فأدخله على عثمان بن عفان، فأجلسه معه على الطنفسة، وقال: حاجتك؟ فذكر حاجته، فقضاها له، ثم قال له: ما ذكرتُ حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فأتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً, ما كان ينظرُ في حاجتي ولا يلتفتُ إليّ حتّى كلمتَهُ فيّ، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمتُه، ولكن شهدت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكا عليه ذهاب بصره، فقال له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم: أفتصبر؟ فقال: يا رسول الله, إنّه ليس لي قائد وقد شقّ عليّ، فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إئت الميضأة فتوضأ ثمّ صلّ ركعتين، ثمّ ادع بهذه الدعوات، قال عثمان: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط<([561]).

وأخرجه البيهقي من طريق يعقوب بن سفيان: حدّثنا أحمد بن شبيب بن سعيد فذكره بطوله([562]).

وأخرجه من طريق العباس بن فرج عن إسماعيل بن شبيب عن أبيه([563]).

قال الطبراني: >لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبو سعيد المكي وهو ثقة، وهو الذي يحدث عنه أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس بن يزيد الأيلي، وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي ـ واسمه عمير بن يزيد ـ وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة، والحديث صحيح، وروى هذا الحديث عون بن عمارة عن روح بن القاسم عن محمد بن النكدر عن جابر رضي الله عنه وهم فيه عون بن عمارة، والصواب حديث شبيب بن سعيد<([564]).

فهذا الحديث صحيح من الجهة السنديّة كما قال الطبراني، وكما تقتضيه القواعد الحديثيّة, ودلالته واضحة وبيّنة في جواز التوسل بالنبي’ بعد وفاته, ولم يتسنَ للسلفية حمل الرواية على التوسل بدعاء النبي’ لأنّ الحادثة وقعت بعد وفاته, لذا حاولوا نقاش الرواية من جهة أخرى, فحاولوا تضعيفها من حيث السند، فقالوا:

أولاً: أنّ الطبراني لم يصحّح القصّة وإنّما صحّح الحديث([565]), ولا كلام في صحّة الحديث, إنّما الكلام في هذه القصّة التي وقعت بعد وفاة النبي’, فلا يمكن التمسّك بتصحيح الطبراني حينئذٍ([566]).

الجواب: أنّ سياق كلام الطبراني يقتضي تصحيح القصة كاملة والتي جاء في ضمنها الحديث كما هو واضح, ولو تنزلنا عن ذلك وقلنا: إنّه صحّح الحديث فقط الذي جاء في سياقها, فهو أيضاً صرّح بوثاقة شبيب بن سعيد الذي هو محلّ النزاع في هذا السند, فتوثيقه للرجل بصورة مطلقة ومن دون قيود هو عبارة أخرى عن تصحيحه لسند القصّة.

ثانياً: أنّ في سند القصة شبيب بن سعيد, وقبول روايته تتوقف على شرطين: أن تكون من رواية ابنه أحمد عنه, وأن تكون روايته عن يونس لا غير, وهنا تحقق الشرط الأول وهو رواية ابنه أحمد عنه, ولم يتحقق الشرط الثاني, فإنّ شبيب لم يرو عن يونس, إنّما روى الحديث عن روح بن القاسم([567]).

والجواب: أولاً: عرفنا عمّا قريب أنّ الطبراني قد صرّح بوثاقة شبيب من دون قيود. وثانياً: إنّ جملة كبيرة من علماء الحديث ونقّاده صرحوا بوثاقة شبيب مطلقاً:

جاء في تهذيب الكمال: >قال عليّ بن المديني: ثقة كان من أصحاب يونس بن يزيد كان يختلف في تجارة إلى مصر وكتابه كتاب صحيح وقد كتبتها عن ابنه أحمد.

وقال أبو زرعة: لا بأس به.

وقال أبو حاتم: كان عنده كتب يونس بن يزيد وهو صالح الحديث لا بأس به.

 وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو أحمد بن عدي: ولشبيب نسخة الزهري عنده عن يونس عن الزهري أحاديث مستقيمة، وحدث عنه ابن وهب بأحاديث مناكير، وذكره بن حبان في كتاب الثقات<([568]).

وأضاف ابن حجر في تهذيب التهذيب: >وقال الدارقطني: ثقة، ونقل ابن خلفون توثيقه عن الذهلي، ولمّا ذكره ابن عدي وقال الكلام المتقدم قال بعده: ولعلّ شبيباً لمّا قدم مصر في تجارته كتب عنه ابن وهب من حفظه فغلط ووهم، وأرجو أن لا يتعمد الكذب، وإذا حدث عنه ابنه أحمد فكأنّه شبيب آخر يعني يُجوّد، وقال الطبراني في الأوسط: ثقة<([569]).

فهذه هي كلمات نقّاد الحديث والرجال وهي تصرّح بوثاقة الرجل مطلقاً, وقد استثنى ابن عدي حالة واحدة وهي في حال رواية ابن وهب عنه فإنّه حدّث عنه في حال سفره للتجارة فغلط ووهم.

 ولعل سبب ذلك يعود لمشاق السفر والتعب فكانت عنده أغلاط. أمّا في حال رواية ابنه أحمد عنه فانها رواية مستقيمة صحيحة, وبذلك صرّح ابن عدي نفسه حين قال كما تقدم: >وإذا حدّث عنه ابنه أحمد فكأنّه شبيب آخر, يعني يجوّد<.

ولذا نجد الحافظ ابن حجر يصحّح روايته من طريق ابنه أحمد عنه، فقال في التقريب: >لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب<([570]).

وأمّا الذهبي، فقد أطلق القول في اعتبار حديثه، فقال في الكاشف: >صدوق<([571]).

فتحصل: أنّ رواية شبيب إمّا أن تكون معتبرة مطلقاً أو مقيّدة في حالة رواية ابنه أحمد عنه, ولا يشترط في اعتبار روايته أن تكون من طريق يونس, فتكون الرواية أعلاه صحيحة ومعتبرة.

على أنّ هذه الرواية وردت تارة من طريق ابن وهب عنه, وأخرى من طريق ابنه أحمد عنه, وهذا يدلّك على أنّ شبيب لم يغلط ولم يهم حتّى في سفره.

وأمّا كون أنّ البخاري أخرج في صحيحه روايات شبيب برواية ابنه أحمد عنه عن يونس, فلا تعني عدم صحّة رواياته عن غير يونس؛ لأنّ البخاري لم يخرج جميع الروايات الصحيحة في كتابه هذا، بل ترك الكثير الكثير, ثمّ إنّ غاية ما يمكن أن يقال: إنّ الرواية عن أحمد عن أبيه عن غير يونس هي ليست على شرط البخاري في صحيحه, وهذا لا يؤثر في المقام, فالمئات إنْ لم نقل الآلاف من الروايات هي ليست على شرط البخاري وليست على شرط مسلم, وهي روايات صحيحة معمول بها عند العلماء والفقهاء.

كما أنّ وجود كتب يونس عنده لا يعني انحصار صحّة روايات شبيب بكونها عن يونس, بل غايتها أنّ رواياته عن يونس صحيحة, ولذا فإنّ العلماء كما تقدّم ذكر كلماتهم صرّحوا بأنّه ثقة أو صدوق أو لا بأس به وصرّحوا بوجود كتب يونس عنده, ولم يقيّدوا وثاقته في حال رواياته عن يونس.

هذا ما يقتضيه التحقيق الصحيح في حال شبيب, وما عدا ذلك فهو قفز على قواعد الحديث وردٌ للحديث الصحيح اعتماداً على المسبّقات الذهنية, وهو رد للسنّة الصحيحة بلا دليل.

ثالثاً: لا يمكن التمسّك بصحّة القصّة للاختلاف فيها على أحمد بن شبيب, فقد أخرج الحديث ابن السني في (عمل اليوم والليلة) والحاكم في (المستدرك) من ثلاثة طرق عن أحمد بن شبيب بدون ذكر القصّة، وكذلك رواه عون بن عمارة البصري ثنا روح ابن القاسم به، أخرجه الحاكم، وعون هذا وإن كان ضعيفاًً، فروايته أولى من رواية شبيب، لموافقتها لرواية شعبة وحماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي([572]).

والجواب: الثلاثة الذين أُشير إليهم هم:

العبّاس بن فرج والحسين بن يحيى الثوري ومحمّد بن عليّ بن زيد الصائغ, فقد أخرج الحديث ابن السنّي من طريق العبّاس بن فرج الرياشي والحسين بن يحيى الثوري، قالا: >ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد قال ثنا أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المدني وهو الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمّه عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجاء إليه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره..<.([573])

وأخرجه الحاكم من طريق محمّد بن عليّ بن زيد الصائغ: >ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي حدّثني أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المدني وهو الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وجاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره، فقال: يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق عليّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ائت الميضاة، فتوضأ ثمّ صلّ ركعتين ثمّ قل: اللهم ّإنّي أسألك وأتوجه إليك بنبيّك محمّد صلّى الله عليه وآله نبيّ الرحمة يا محمّد انى أتوجه بك إلى ربك فيجلى لي عن بصري، اللهم شفعّه فيّ وشفعني في نفسي<، قال عثمان: >فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر قط<([574]).

وحينئذٍ يتسنى لنا أن نقول:

1ـ أنّه لا توجد مخالفة في المقام, لأنّ هناك حديث عن النبي’ وهناك قصّة حدثت لرجل مع عثمان بن حنيف, فالراوي قد يروي الحديث في بعض الأحيان, وقد يروي الحديث بقصّته في بعض آخر, فأين المخالفة؟! فهذه كتب الحديث تارة تنقل حديثاً بطوله وأخرى مختصراً, فكيف إذا كانت هناك قصّة مع الحديث, فمن الطبيعي جدّا أنّ الراوي قد ينقل القصّة مع الحديث تارة وقد يقتصر على الحديث تارة أخرى.

2ـ أنّ من روى القصّة عن أحمد هو الحافظ الثقة المشهور يعقوب بن سفيان الفسوي, ومن لم يرو القصة مع الحديث، بل اقتصر على نقل الحديث فقط، هؤلاء الثلاثة أعلاه, وحينئذٍ ومن المعروف عند علماء الحديث أنّه تقدّم رواية الأوثق والأحفظ, ولا شكّ هنا في تقديم رواية الحافظ يعقوب بن سفيان على غيره, خصوصاً إذا ما عرفنا أنّ العبّاس بن فرج وهو أحد الثلاثة, قد روى القصّة مع الحديث كما عند البيهقي([575]) فهو حينئذٍ موافق للحافظ الفسوي.

والحسين بن يحيى؛ لم نعثر عليه في كتب الرجال, فلا حجّة في روايته, فلم يبق مخالف للفسوي إلاّ محمّد بن علي بن زيد الصائغ كما عند الحاكم, وهو وإن كان ثقة, إلا أنّه لا يبلغ مرتبة الحافظ المشهور يعقوب بن سفيان الفسوي, ولا شكّ في تقديم رواية الفسوي عليه, قال أبو زرعة الدمشقي عنه: >قدم علينا رجلان من نبلاء الرجال، أحدهما وأجلهما يعقوب بن سفيان أبو يوسف، يعجز أهل العراق أن يروا مثله رجلاً <([576]).

أمّا ما ذيّل به الألباني كلامه من تقديم رواية عون الضعيف على رواية شبيب الثقة, فهذا لا قائل به من أهل العلم, مع أنّها لا تنفع الألباني بالمرّة, لأنّه لا يوجد فيها طلب دعاء من النبي’ بل ورد فيها أنّ الأعمى قال للنبي’: >يا رسول الله، علّمني دعاء أدعو به يرد الله على بصرى، فقال له: قل: اللهم إنّي أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد إنى قد توجهت بك إلى ربّى اللهم شفعه في وشفعني في نفسي، فدعا بهذا الدعاء فقام وقد أبصر<([577]).

فالرواية بهذا اللفط لا يمكن حملها على التوسل بدعاء النبي’ , بل هي صريحة في التوسل بالذات, وصريحة في عمومها لأنّ التعليم غير مختص بشخص دون آخر.

فتلخص أنّه لا توجد مخالفة من الأساس، فبعضهم روى القصّة والحديث وبعضهم اقتصر على الحديث, ولو كانت هناك مخالفة فرواية الفسوي مقدمة على غيرها, وبهذا يثبت صحّة القصة, ويثبت معها جواز التوسل بذات النبي’ بعد وفاته.

رابعاً: أنّ ما علّمه عثمان بن حنيف لصاحب الحاجة بعض دعاء النبي’, ولم يذكر فيه عبارة: >اللهم فشفعه فيّ وشفعني فيه< فما أمر به عثمان لم يكن مأثوراً عن النبي’ لأنه جزء من تعليم النبي’ وما هو المأثور عن النبي’ لم يأمر به عثمان, ومثل هذا لا تقوم به حجّة([578]).

الجواب: أمّا جملة >وشفعني فيه< فتقدّم أنّها زيادة وغلط من الراوي, وأمّا جملة >فشفعه فيّ< فلم يذكرها عثمان، لأنّه فهم من كلام النبي’ أنّ هذه الفقرة مختصّة بحياته لذا لم يذكرها, لكنّه لم يفهم أنّ الصلاة ركعتين والدعاء مختص بحياة النبي’ لذا علّم صاحب الحاجة ذلك الدعاء مستنداً به إلى النبي’ ولم يسنده إلى نفسه, فما علمه عثمان هو مأثور عن النبي’ وتقوم به الحجّة خصوصاً أنّ عثمان سمع من النبيّ’ أنه قال: >وإنْ كانت لك حاجة فافعل مثل ذلك< ففهم أنّ هذا الدعاء عام وأنّ تلك الفقرة خاصّة في حياته’.

الشبهة الثالثة

إنّ هذا التوسل لو سلّمنا بجوازه فهو مختص بذات النبي’ دون غيره, لا يشاركه فيه غيره من الأنبياء والصالحين، وإلحاقهم به ممّا لا يقبله النظر الصحيح؛ لأنّه سيدهم وأفضلهم جميعاً، فيمكن أن يكون هذا مما خصّه الله به عليهم ككثير ممّا صحّ به الخبر، وباب الخصوصيات لا تدخل فيه القياسات، فمن رأى أنّ توسّل الأعمى كان بذاته لله، فعليه أن يقف عنده، ولا يزيد عليه، كما نقل عن الإمام أحمد والشيخ العزّ بن عبد السلام رحمهما الله تعالى. هذا هو الذي يقتضيه البحث العلمي مع الإنصاف([579]).

الجواب

أوّلاً: هذا الاعتراف بأنّ الإمام أحمد والعزّ بن عبد السلام يجوزون التوسّل بذات النبي’ بعد وفاته, يقطع الشكّ في دخول التوسّل في باب البدعيات أو الشركيات, وإلاّ لكان لزاماً على السلفية أن تتهم الإمام أحمد وكذا الشيخ العزّ بن عبد السلام بالشرك أو البدعة!!! وإذا كانت المسألة أجنبيّة عن ذلك فلا معنى لهذا التطبيل والتزمير سواء قلنا بالاختصاص بالنبي’ أو التعدّي إلى غيره, لأنّ المسألة تابعة للدليل ولا حجّة لفريق على آخر, فكلّ من قام عنده الدليل على جواز التوسل بالأولياء والصالحين يكون الأمر حجّة عليه ولا يصحّ للآخرين التشنيع عليه, كما هو الشأن في سائر المسائل الفقهية, فالاختلاف موجود ولا نرى في البين من يشنع على ذلك([580]).

ثانياً: أنّ الإمام أحمد نُقل عنه جواز التوسل بذات النبي’ ولم يُنقل عنه المنع من غيره, فقد جاء في منسك المروزي، أنّه قال: >وحوّل وجهك إلى القبلة وسل الله حاجتك متوسّلاً إليه بنبيّه صلّى الله عليه وسلّم تقض من الله عزّ وجلّ<([581])؛ ولذا سيأتي في ذكر كلمات العلماء, أنّ علماء الحنابلة ـ وهم أعرف برأي إمامهم ـ لم يقصروا التوسّل على ذات النبي’ بل تعدّوا إلى الأولياء والصالحين.

ثالثاً: عدم اختصاص جواز التوسّل بالنبي’ من خلال الرواية نفسها؛ وذلك من خلال تنقيح مناط الحكم, فإنّ التوسل بالنبي’ إنّما هو لأجل كون النبي’ يتحلّى بالتقوى والإيمان والعمل والصالح والإخلاص لله سبحانه وتعالى, وبعبارة أخرى لقرب درجة النبي’ من الله تعالى, وهذا المعنى وإن كان النبي’ يمثّل أعلى درجاته إلا أنّه غير مختص به وغير منحصر به, فالأولياء والصالحون لهم درجات من القرب الإلهي وإن كانت لا تصل إلى مرتبة النبي’, وحينئذٍ جاز التوسّل بهم إلى الله سبحانه وتعالى.

الدليل الثاني على التوسل بالذات

 حديث توسّل آدم بالنبيّ محمّد|

أخرج الحاكم بسنده إلى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جدّه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: >لما اقترف آدم الخطيئة، قال: يا رب، أسألك بحقّ محمّد لمّا غفرت لي, فقال الله: يا آدم وكيف عرفت محمّد و لم أخلقه؟ قال: يا رب لأنك لمّا خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلاّ أحبّ الخلق إليك، فقال الله: صدقت يا آدم، إنه لأحبّ الخلق إليّ، ادعني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك<.

 قال الحاكم: >هذا حديث صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب<([582]).

وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة, وقال: >تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم, من هذا الوجه, وهو ضعيف<([583]).

قال المقريزي: >هو أبو زيد عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب، ضعّفه أحمد وأبو داود والنسائي، وقال ابن عدي: له أحاديث حسان، وهو ممن احتمله وصدقه بعضهم، وهو ممّن يكتب حديثه...<([584]).

وقال المنذري متكلّماً حول سند رواية فيها عبد الرحمن بن زيد: >رواه ابن ماجه من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقد وثق, قال ابن عدي: أحاديثه حسان وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم وهو ممن يكتب حديثه<([585]).

قلتُ: فمثله ممّن يستشهد بحديثه إن شاء الله.

 وهناك عدة شواهد على حديث توسل آدم× بالنبي| أهمها:

الشاهد الأوّل: حديث استشفاع آدم× وحواء باسم النبي|.

قد وجدنا لهذا الحديث شاهداً قويّ الإسناد, أورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى, قال: >وقد رواه أبو الحسين بن بشران من طريق الشيخ أبى الفرج ابن الجوزى في الوفا بفضائل المصطفى: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عمرو حدّثنا أحمد بن إسحاق بن صالح ثنا محمد بن صالح ثنا محمد بن سنان العوفى ثنا إبراهيم بن طهمان عن يزيد بن ميسرة عن عبد الله بن سفيان عن ميسرة، قال: قلت يا رسول الله، متى كنتَ نبيّاً؟ قال: لمّا خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وخلق العرش كتب على ساق العرش محمّد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله الجنّة التى أسكنها آدم وحواء، فكتب اسمى على الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد، فلمّا أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمى فأخبره الله انّه سيّد ولدك، فلمّا غرّهما الشيطان تابا واستشفعا باسمى إليه<([586]).

قال الصالحي الشامي: >وروى ابن الجوزي بسند جيّد لا بأس به عن ميسرة رضي الله تعالى عنه< وذكر الحديث([587]).

وقال الحافظ الغماري: >إسناد هذا الحديث قوي<([588]).

ومن الواضح أنّ قوله: >واستشفعا باسمى إليه< هو معنى قول آدم في الحديث السابق: >يا رب أسألك بحقّ محمّد لمّا غفرت لي<, فهو من نوع التوسل بالذات ولا يمكن حمله على أيّ معنى آخر, خصوصاً أنّ القصّة حصلت قبل مولد النبي’ وفي زمن آدم عليه السلام, فلا يمكن لأحد أن يقول هنا أنّ هذا التوسل هو توسل بدعاء النبي’.

وحيث إنّ السلفية لم يستطيعوا تأويل هذه الدلالة, لذا حاولوا إبطال هذا الحديث من وجهين:

الوجه الأول: إنّ هذا السند ليس له أصل, فابن الجوزي لم يذكر الأسانيد في كتابه الوفا بأحوال المصطفى المطبوع بين أيدينا بأكثر من طبعة, فلا يمكن إثبات الدلالة بسند لا أصل له.

الجواب:

 1ـ إنّ السند ذكره ابن تيميّة وهو شيخ الإسلام بزعمكم, ومن البعيد جدّاً أن يقع بخطأ مثل هذا, بحيث يُركّب إسناداً كاملاً على حديث ليس له إسناد, فإنّ من يقع في مثل هذا الخطأ لا يمكن الاعتماد عليه مطلقاً, لذا لا بدّ أن يكون ابن تيمية اعتمد على مصدر موثوق في معرفة سند ابن الجوزي.

2ـ إنّ الشيخ الصالحي الشامي وهو تلميذ السيوطي جوّد إسناد الحديث من طريق ابن الجوزي كما تقدّم, ولم يعزه إلى ابن تيمية, فلعلّه وقف على الإسناد أيضاً, أو لا أقلّ من كونه أمضى كلام ابن تيميه ولم يتوقف فيه.

3ـ لو قبلنا أنّ سند هذا المتن مفقود فلا يضر ذلك بصحّـته, وذلك أنّ ابن الجوزي ذكر في مقدّمة كتابه بأنّه لا يخلط فيه الصحيح بالكذب كما يفعل من يقصد تكثير روايته([589]), وهذا يدلّ على أنّه انتقى الصحيح, خصوصاً أنّ هذا الحديث هو ثالث حديث ذكره في كتابه, فلا يعقل أن يصدّر كتابه بأحاديث موضوعة أو ضعيفه مع عبارته هذه.

بل إنّ ابن الجوزي عاد في مكان آخر من كتابه، وقال: >ومن بيان فضله على الأنبياء: أنّ آدم سأل ربّه بحرمة محمّد أن يتوب عليه, كما ذكرنا<([590]) فهو أرسلها إرسال المسلّمات, ولم تكن عنده عقدة من مسألة التوسّل, بل عدّ التوسل به’ من دلائل فضله على الأنبياء.

فسواء عرفنا إسناده أم لم نعرفه, فإنّ ابن الجوزي يعترف بصحّته, وقول العالم معتبر مأخوذ به ما لم نقف على علّة ظاهرة توجب طرحه, وحيث لم نقف هنا على السند كما يزعمون, فيبقى قول ابن الجوزي حجّة؛ لأنّه وقف على الإسناد واعترف بصحّة الحديث.

4ـ أنّ ابن تيمية ذكر بعد هاتين الروايتين ما يدلّ على اعتبارهما وتعاضدهما معاً فقد ذكر هذه الرواية أوّلاً ثمّ ذكر بعدها رواية عبد الرحمن بن زيد وقال: >فهذا الحديث يؤيّد الذى قبله وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة<([591]).

فهل يعتمد شيخ الإسلام على أحاديث ضعيفة واهية ويفسّر بها الأحاديث الصحيحة!!!

فتحصّل ممّا تقدّم؛ أنّ هذا الوجه في تضعيف الرواية غير صحيح, وفيه اتهام لشيخ الإسلام بوضع الأسانيد على المتون, ولا يمكن التفصي من ذلك بنسبة الخطأ لنساخ كتب ابن تيمية, فهو مضافاً لبعده جداً, فان ابن تيمية لم يقتصر على ذكر السند, بل أضاف بأنّ الحديث مؤيّد برواية عبد الرحمن بن زيد, واعتبرهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة, فهل أنّ هذه العبارة أيضاً من خطأ النسّاخ!!

الوجه الثاني: أنّ الزيادة في الحديث من قوله: >فلمّا غرّهما الشيطان تابا واستشفعا باسمى إليه<, لم ترد في طرق حديث ميسرة, فما جاء عنه هو لفظ مختصر, وهو: >قلت: يا رسول الله, متى كنتتَ نبيّاً قال: وآدم عليه السلام بين الروح والجسد<([592]), فتكون هذه الزيادة شاذة.

الجواب:

 1ـ أنّ هذه الزيادة غير مخالفة للحديث, ولا مغيّرة لمعناه, بل هي عبارة عن أمر آخر, يتحدث عن الكلمات التي ذكرها آدم فتاب الله عليه, وهي الاستشفاع بمحمد’, فهي بمنزلة الرواية المستقلّة, فمادام الإسناد صحيحاً فهي زيادة صحيحة مقبولة ولا موجب لطرحها.

2ـ أنّ هذه الزيادة لها شواهد ولم يتفرد بها راوٍ واحد حتّى يُقال بشذوذها, فقد تقدّم في رواية عبد الرحمن بن زيد أنّ آدم قال: >يا ربّ أسألك بحقّ محمّد لمّا غفرت لي< وستأتي شواهد أخرى على ذلك فيما يلي.

الشاهد الثاني: توسّل آدم× بحقّ محمّد| وعلي وفاطمة والحسن والحسين^:

وهو ما أخرجه ابن المغازلي وابن الجوزي بسنديهما عن محمّد بن عليّ بن خلف العطار قال: >حدّثنا حسين الأشقر حدّثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: سألت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عنه، فقال: قال بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبتَ عليّ فتاب عليه<([593]).

وسند ابن الجوزي لم يُتكلّم فيه إلا من جهة حسين الأشقر, وعمرو بن ثابت, وهو عمرو بن أبي المقدام, أما أبوه (أبو المقدام) هو ثابت بن هرمز, فهو ثقة([594]), وسعيد بن المسيّب تابعي ثقة ثبت([595]), ومحمد بن علي بن خلف العطار, ثقة مأمون حسن العقل([596]).

أمّا حسين الأشقر؛ فقد تقدّم في الجزء الأوّل([597]), ونتعرض له هنا  مختصراً, مع بعض الإضافات: فهو صدوق لم يُتّهم بعدالته، بل صرّحوا بصدقه وعدم تعمّده الكذب، فقد ورد عن أحمد بن محمّد بن هانئ، قال: «قلت لأبي عبد الله ـ يعني ابن حنبل: تُحدّث عن حسين الأشقر؟ قال: لم يكن عندي ممّن يكذب... وقال ابن الجنيد: سمعت ابن معين ذكر الأشقر، فقال: كان من الشيعة الغالية، قلت: فكيف حديثه؟ قال: لا بأس به، قلت: صدوق؟ قال: نعم، كتبت عنه»([598]).

وذكره ابن حبّان في كتاب الثقات([599]).

وقال ابن حجر: «صدوق يهم، ويغلو في التشيع»([600]).

وقال النسائي: حسين الأشقر ليس بالقوي([601]). وكذا قال الدارقطني([602]).

والراجح عند أهل الفن أنّ قولهم ليس بالقوي لا يعني التضعيف, بل يعني أنّه لا يبلغ رتبة الثقات الأثبات([603]). كما أنّ الترمذي والبخاري يقبلون رواية الأشقر, فقد قال الترمذي معلّقاً على حديث: >الذهب بالذهب عيناً بعين< والذي في رواته حسين الأشقر: >سألت محمداً [يعني البخاري] عن هذا الحديث، فقال: أرجو أن يكون محفوظاً، وحسين بن الحسن مقارب الحديث<([604]).

ولفظ: >مقارب الحديث< من ألفاظ التعديل, قال الترمذي عند كلامه عن الأفريقي: >ورأيت محمّد بن إسماعيل يقوى أمره، ويقول: هو مقارب الحديث<([605]).

فتلخَّص, أنّ الرجل غير مطعون في صدقه ووثاقته، بل الطعن جاء نتيجة تشيعه ورواياته لفضائل أهل البيت^.

وأمّا عمرو بن ثابت؛ فالظاهر أنّ الرجل صدوق في نفسه وأحاديثه مستقيمة وليس فيها نكارة, لكنّهم ضعّفوه بأمور لا علاقة لها بالوثاقة, وهذه الأمور هي الرفض والتشيع وسبّ السلف كما يزعمون، وروايته: ارتداد الناس بعد رسول الله إلا أربعة:

قال أبو داود: >عمرو بن ثابت، وأبو إسرائيل، ويونس بن خباب ليس في حديثهم نكارة<([606]), وقال: >قد روى إسماعيل بن أبي خالد، وسفيان عن عمرو بن ثابت ـ وهو المشؤوم([607]) ـ ليس يشبه حديثه أحاديث الشيعة, وجعل يقول: يعني أنّ أحاديثه كانت مستقيمة<([608]), وقال: >وعمرو بن ثابت رافضي رجل سوء, ولكنّه كان صدوقاً في الحديث<([609]).

كما أنّ ابن المبارك حدّث عنه ثمّ ترك ذلك: قال الحاكم: >عمرو بن ثابت هذا هو ابن أبي المقدام الكوفي، وليس من شرط الشيخين، وإنّما ذكرته شاهداً، ورواية عبد اللّه‏ بن المبارك عنه حثّني على إخراجه<([610]).

وقال عبد الملك: >سألت ابن المبارك، قلت: عمرو بن ثابت، لمَ تركتَ حديثه؟ قال: كان يشتم السلف؛ فلذلك تركت حديثه<([611]).

فابن المبارك كان يحدّث عن عمرو، وقد أوضح العلّة في تركه إياه، وهي دعوى سبّ السلف, ومرادهم من السلف على ما يبدو: عثمان, قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: >كان يشتم عثمان, ترك ابن المبارك حديثه<([612]). وهذه ليست بعلّة قادحة عندهم, فهم يوثقون من يسبّ ويقع في عليّ بن أبي طالب, فلماذا يضعّف من يقع في عثمان ولا يضعّف من يقع في غيره من الصحابة؟!!

ولذا نرى الحافظ أبا الوليد هشام بن عبد الملك لا يرى به بأساً, قال الحافظ الفسوي: >فسمعت أبا الوليد هشام بن عبد الملك، يقول: قد كتبنا عنه ونحدث عنه. فقال له قائل: ابن المبارك تكلّم فيه. قال أبو الوليد: كان يذهب مذهب الزيدية ولم يكن به بأس<([613]).

كما أنّ هناد بن السري حدّث عنه كثيراً, وقال: >كتبت عن عمرو بن ثابت، قال: حدّثنا كثيراً فبلغني عنه أنه كان يوماً عند حبان بن علي، قال هناد: وأخبرني من سمعه وما أراه إلا نوفل، يقول: كفر الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أربعة، قال: قيل لحبان: أيقول هذا ولم تنكر عليه؟ قال: فقال حبان: هو جليسنا، كأنه قال: فكرهت أنْ أقول له شيئاً، قال: وكان حين تكلّم بهذا الكلام يتناوم، كأنه ينعس، يعني حبان<([614]).

فنلحظ هنا أنّ حبّان بن علي يرفض الطعن في عمرو بن ثابت، بل أظهر نفسه مظهر المتناعس لأجل أن لا يتكلم فيه, مضافاً إلى أنّ هذه الرواية ليست بعلّة قادحة في الرجل, فهو لم يتفرد بها، بل قد روي ذلك بأسانيد صحيحة، وعلى سبيل المثال ما جاء عن أنس، قال: >لما توفى رسول الله صلّى الله عليه وآله ارتدّت العرب<. والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي([615]).

كما أنّ عبد الرحمن بن مهدي ارتضاه فحدّث عنه أيضاً, قال محمّد بن المثنى: >سمعت عبد الرحمن يُحدّث عن عمرو بن ثابت بن أبي المقدام<([616]).

وقد لخص البزار الرأي في عمرو بن ثابت, حيث قال: >كان يتشيّع ولم يُترك<([617]).

ولذا فإنّ البخاري لم يزد على أن قال: >ليس بالقوي عندهم<([618]). وعرفنا فيما سبق أنّ هذه العبارة لا تدل على الجرح، بل تفيد درجة دانية من الوثاقة، فهو بمنزلة الصدوق.

فتلخص من جميع ما تقدّم: أنّ الرجل صدوق في نفسه, فيكون حديثه حسناً لذاته, ولا أقلّ من كونه صالحاً في المتابعات والشواهد, فيعضد الحديثين اللذين قبله فيكون الحديث حسناً بمجموع طرقه.

الشاهد الثالث: توسّل آدم× بجاه محمّد|:

قال السيوطي: >وأخرج ابن المنذر عن محمّد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب قال: لمّا أصاب آدم الخطيئة عظم كربه واشتدّ ندمه، فجاءه جبريل، فقال: يا آدم، هل أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه، قال: بلى يا جبريل، قال: قم في مقامك الذي تناجي فيه ربّك فمجده وامدح، فليس شيء أحب إلى الله من المدح، قال: فأقول ماذا يا جبريل؟ قال: فقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير كلّه، وهو على كلّ شيء قدير، ثمّ تبوء بخطيئتك، فتقول: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلاّ أنت رب إنّى ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفر لي إنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت.

 اللهم إنّي أسالك بجاه محمّد عبدك وكرامته عليك أن تغفر لي خطيئتي، قال: ففعل آدم، فقال الله: يا آدم من علمك هذا؟ فقال: يا رب إنك لما نفخت في الروح فقمت بشراً سويا أسمع وأبصر وأعقل وأنظر، رأيت على ساق عرشك مكتوباً: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله، فلما لم أر على أثر اسمك اسم ملك مقرب ولا نبي مرسل غير اسمه علمت أنه أكرم خلقك عليك، قال: صدقت، وقد تبت عليك وغفرت لك خطيئتك، قال: فحمد آدم ربه وشكره وانصرف بأعظم سرور لم ينصرف به عبد من عند ربّه<([619]).

الشاهد الرابع: توسل آدم× بحق محمد| وآل محمد:

 أخرج الديلمي في مسند الفردوس على ما ذكره السيوطي بسند رواه عن علي عن النبي’ أنّ الكلمات التي قالها آدم فتاب الله عليه هي: >اللهمّ إنّي أسالك بحقّ محمّد وآل محمّد سبحانك لا إله الا أنت عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنّي أسالك بحقّ محمّد وآل محمّد، سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءاً وظلمتُ نفسي فتب عليّ انّك أنت التواب الرحيم، فهؤلاء الكلمات التي تلقّى<([620]).

الشاهد الخامس: توسل آدم بحق محمد’:

قال الآجري: >أخبرنا أبو أحمد هارون بن يوسف بن زياد التاجر، قال: حدثنا أبو مروان العثماني، قال: حدثني أبي عثمان بن خالد، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: من الكلمات التي تاب الله بها على آدم عليه السلام قال: اللهم إني أسألك بحق محمد عليك، قال الله عز وجل: يا آدم، ما يدريك بمحمد؟ قال: يا رب رفعت رأسي فرأيت مكتوبا على عرشك: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنه أكرم خلقك عليك<([621]).

الشاهد السادس: توسّل آدم بحرمة النبي’:

أورده القسطلاني في المواهب اللدنية, قال: >وروي أنّه لما خرج آدم من الجنّة رأى مكتوباً على ساق العرش وعلى كل موضع في الجنّة اسم محمد’ مقروناً باسم الله تعالى, فقال: يا ربّ هذا محمد من هو؟ فقال الله: هذا ولدك الذي لولاه ما خلقتك. فقال: يا رب بحرمة هذا الولد ارحم هذا الوالد, فنودي: يا آدم, لو تشفعت إلينا بمحمّد في أهل السماوات والأرض لشفعناك<([622]).

وينتج من جميع ذلك أنّ الحديث قويٌ بشواهده.


الدليل الثالث على التوسل بالذات

توسّل النبي| بنفسه وبالأنبياء الذين من قبله

قال الطبراني: >حدّثنا أحمد بن حمّاد بن زغبة قال: حدّثنا روح بن صلاح قال: حدّثنا سفيان الثوري, عن عاصم الأحول, عن أنس بن مالك قال: لمّا ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أمّ عليّ, دخل عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجلس عند رأسها، فقال: رَحِمَكِ الله يا أمّي, كنتِ أمّي بعد أمّي, تجوعين وتشبعيني, وتعرين وتكسيني, وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني, تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة, ثمّ أمر أن تغسل ثلاثاً وثلاثاً, فلمّا بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده, ثمّ خلع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قميصه فألبسها إياه, وكُفّنت فوقه, ثمّ دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود ليحفروا, فحفروا قبرها, فلمّا بلغوا اللحد حفره رسول الله بيده, وأخرج ترابه بيده, فلمّا فرغ دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاضطجع فيه، وقال: الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقّنها حجتها, ووسّع عليها مدخلها, بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي, فإنّك أرحم الراحمين, ثمّ كبّر عليها أربعاً, ثمّ أدخلوها القبر هو والعبّاس وأبو بكر الصديق<.

قال الطبراني: >لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا سفيان الثوري, تفرد به روح بن صلاح<([623]).

قال الهيثمي: >رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقيّة رجاله رجال الصحيح<([624]).

قلت: عبارة الهيثمي تدلّ على تحسين حديث الرجل, فإنّه قال: فيه ضعف, ولم يقل ضعيف, فأقلّ حالاته أن يكون حديثه حسناً.

وقال الفقيه ابن حجر الهيتمي: >وروى الطبراني بسند جيد أنّه ذكر في دعائه بحق نبيّك والأنبياء الذين من قبلي<([625]).

والحديث دلالته صريحة في التوسّل؛ ولذا ذكره الفقيه ابن حجر الهيتمي تحت عنوان: >جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه واله وسلم<([626]), وقال العلامة أحمد زيني دحلان: >ومما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من التوسل أنه كان يقول في بعض أدعيته بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي<([627]), ولم نر منكراً لذلك([628]), نعم حاولوا تضعيف السند بـروح بن صلاح، والذي يقال له: روح بن سيابة, بدعوى عدم توثيقه إلاّ من ابن حبّان والحاكم وهما متساهلان, وقد جرحه غيرهم فيقدّم الجرح على توثيقهما.

والجواب: لا بدّ أن نقف على كلمات الجرح والتعديل فيه وملاحظة ما ادعي من تساهل الحاكم وابن حبان ليتضح حال الرجل وهل يمكن الاحتجاج به أم لا:

أمّا التوثيق فقد وثقه ثلاثة من أئمّة النقد وليس اثنين:

1ـ الحاكم النيسابوري, حيث قال في سؤالات السجزي: >روح بن صلاح, ثقة مأمون<([629]).

وتساهل الحاكم إنّما هو في المستدرك حيث ألّفه في آخر عمره ووافته المنيّة ولم يكمل تنقيحه, وقيل إنّه تغير في آخر عمره([630]), وأمّا في غيره فهو معتدل إنْ لم يحكم بتشدده:

قال المعلمي اليماني - بعد ذكر أسباب وقوع الخلل في المستدرك-: >وذكرهم للحاكم بالتساهل إنّما يخصونه بـ (المستدرك) فكتبه في الجرح والتعديل لم يغمزه أحد بشيء ممّا فيها فيما أعلم، وبهذا يتبيّن أنّ التشبث بما وقع له في (المستدرك) وبكلامهم فيه لأجله, إن كان لإيجاب التروي في أحكامه التي في (المستدرك) فهو وجيه, وإن كان للقدح في روايته أو في أحكامه في غير (المستدرك) في الجرح والتعديل ونحوه فلا وجه لذلك، بل حاله في ذلك كحال غيره من الأئمة العارفين, إنْ وقع له خطأ فنادر كما يقع لغيره, والحكم في ذلك إطراح ما قام الدليل على أنّه أخطأ فيه وقبول ما عداه<([631]).

ولو تنزلنا وقلنا إنّه متساهل فلا يمكن طرح قوله هنا بالكلية, فهو قال عن الراوي: >ثقة مأمون<, فلا أقل من كون الراوي ثقة أو صدوق.

2ـ الحافظ يعقوب بن سفيان الفسوي, فقد روى عنه, قال الخطيب البغدادي عن روح بن صلاح المصري: >وهو روح بن سيابة الحارثي, روى عنه يعقوب بن سفيان< ثم ساق له رواية عنه([632]), وقد صرح الفسوي بأنّ مشايخه كلّهم ثقات, قال: >كتبت عن ألف شيخ وكسر كلّهم ثقات<([633]). فيكون روح بن صلاح ثقة عند الحافظ الفسوي, وهو من أئمّة الجرح والتعديل وقوله معتمد.

2ـ ابن حبان حيث ذكره في الثقات وقال: >روح بن صلاح من أهل مصر, يروي عن يحيى بن أيوب وأهل بلده, روى عنه محمد بن إبراهيم البوشنجي وأهل مصر<([634]).

وغاية ما يؤخذ على ابن حبان أنّه وثق المجهولين؛ بناء على عدالة المسلم ما لم يجرح, وفي المقام يمكن القول بأنّ ابن حبّان لم يذكر روح بن الصلاح في الثقات بناء على كونه مجهولاً؛ وذلك لوضوح رواية الأئمّة والثقات عنه أمثال الحافظ يعقوب بن سفيان, والحافظ محمد بن إبراهيم البوشنجي, وأحمد بن حماد بن زغبة كما تقدّم, وغيرهم كثير, وكذا فقد ترجم له النقاد أمثال ابن يونس وهو متقدم على ابن حبّان, فمن البعيد جدّا عدم معرفة ابن حبان بذلك, خصوصاً أنّه صرّح برواية المصريين عنه, فذكْره له هو توثيق غير مبتن على تلك القاعدة وهو توثيق مأخوذ به.

وأمّا التضعيف:

1ـ قال ابن عدي: ضعيف, وذكر له حديثين ونسب البلاء في الثاني منها إلى غيره، فقال: وهذان الحديثان بإسناديهما ليسا بمحفوظين ولعل البلاء فيه من عيسى هذا([635]) فإنّه ليس بمعروف ولروح بن سيابة أحاديث ليست بالكثيرة عن ابن لهيعة والليث وسعيد بن أبي أيوب ويحيى بن أيوب وحياة وغيرهم وفي بعض حديثه نكرة([636]).

أقول: أمّا قوله: ضعيف, فهو جرح غير مفسر لا يصمد أمام التوثيق, وأمّا قوله: وفي بعض حديثه نكرة, فهو أيضاً لا يمكن الركون إليه, فإنّ ابن عدي ذكر أنّ البلاء في أحد الحديثين من عيسى وليس من روح.

 أضف إلى ذلك أنّ النكارة في الحديث ليست بعلة قادحة ما لم تكثر عند الراوي وتصبح صفة ملازمة له بحيث يقال عنه منكر الحديث, فإنّ مجرد وجود النكارة في حديث الرواي ليس بجرح مفسد له, قال في النكت: >ومما أجمله ابن الصلاح قولهم: روى أحاديث مناكير، قال الشيخ في شرح الإلمام: لا يقتضي بمجرده ترك روايته حتى تكثر المناكير في روايته وينتهي إلى أن يقال فيه: منكر الحديث، فليتنبه للفرق بين قولهم: منكر الحديث، وروى مناكير<.

وقال في الإلمام: من يقال فيه: منكر الحديث، ليس كمن يقال فيه: روى أحاديث منكرة؛ لأن منكر الحديث، وصف في الرجل يستحق به الترك لحديثه، والعبارة الأخرى تقتضي أنه وقع له في حين لا دائماً, وقد قال أحمد بن حنبل في محمد بن إبراهيم التيمي: يروي أحاديث منكرة، وقد اتفق عليه الشيخان وإليه المرجع في حديث: إنّما الأعمال بالنيات. انتهى<([637]).

وقال الذهبي: >ما كلّ من روى المناكير يضعف<([638]).

بل لعلّ النكارة في الحديث ترجع إلى من رووا عنه أو روى عنهم, كما في المقام فابن عدي ارجع النكارة في أحد الحديثين إلى عيسى, الراوي عن روح, ولم ينسب النكارة إلى روح نفسه.

2ـ وفي لسان الميزان: >ذكره ابن يونس في تاريخ الغرباء فقال من أهل الموصل قدم مصر وحدّث بها رويت عنه مناكير ثمّ ذكر وفاته. ونسبه ابن صلاح بن سيابة بن عمرو الحارثي. وقال الدارقطني: ضعيف في الحديث, وقال ابن ماكولا: ضعّفوه سكن مصر<([639]).

قلت: أمّا التضعيف فهو غير مفسَّر, وأمّا رواية المناكير عنه فهي غير قادحة، كما تقدم قبل قليل, ومنه يتضح وثاقة الرجل ولا أقل من كون حديثه حسناً لذاته.

الدليل الرابع على التوسل بالذات

أمر عائشة بفتح كوى على قبر النبي لأجل الاستسقاء:

 أخرج الدارمي في سننه، قال: >حدّثنا أبو النعمان ثنا سعيد بن زيد ثنا عمرو بن مالك النكري حدّثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله، قال: قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة فقالت: انظروا قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم فاجعلوا منه كوى إلى السماء؛ حتّى لا يكون بينه وبين السماء سقف, قال: ففعلوا فمطرنا مطراً حتّى نبت العشب وسمنت الإبل حتّى تفتقت من الشحم, فسمّي عام الفتق<([640]).

 فهذا توسّل بقبره الشريف للاستسقاء؛ وهو إمّا أن يدخل في هذا النوع، باعتبار أنّ القصد من فتح الكوّة هو توسل إلى الله بحقّ صاحب هذا القبر, أو يدخل في النوع المتقدم من طلب الدعاء من النبيّ’ بعد وفاته، باعتبار فتح الكوة كناية عن الطلب من النبيّ ’ أنْ يدعو الله في نزول المطر, وكيف ما كان, فالرواية تدحض كلام السلفيين في حرمة التوسّل أو كونه من الشرك, فإنّ فعْل السيّدة عائشة لم يكن بمعزل عن بقيّة الصحابة وعلماء وأئمّة المدينة ولم يكن هناك أيّ اعتراض على ذلك, فهل كانت السيّدة عائشة تدعو إلى الشرك أو فعل الحرام وأقرّها الصحابة والتابعون على ذلك؟!

وقد حاول السلفيّة على عادتهم الطعن بهذا الحديث بأمور لا ترقى إلى الحوار العلمي, نوردها فيما يلي ونجيب عنها مختصراً:

الأمر الأول: أنّ في سند الخبر سعيد بن زيد, وفيه ضعف, قال فيه الحافظ في (التقريب): صدوق له أوهام. وقال الذهبي في (الميزان): >قال يحيى بن سعيد: ضعيف وقال السعدي: ليس بحجّة يُضعّفون حديثه، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي، وقال أحمد: ليس به بأس, كان يحيى بن سعيد لا يستمرئه<([641]).

الجواب: إن سعيد بن زيد من رجال مسلم ووثّقه يحيى ابن معين, وقال عنه البخاري: صدوق حافظ, وقال ابن سعد: كان ثقة, وقال أبو حاتم والنسائي ليس بالقوي، وقال العجلي بصري ثقة، وقال أبو زرعة: سمعت سليمان بن حرب يقول: ثنا سعيد بن زيد وكان ثقة، وقال أبو جعفر الدارمي: ثنا حبان بن هلال ثنا سعيد بن زيد وكان حافظاً صدوقاً، وقال ابن عدي وليس له منكر لا يأتي به غيره وهو عندي في جملة من ينسب إلى الصدق([642]), أفليس من العجب طرح كلّ هذه التوثيقات لأجل جرح غير مفسّر, ولا نعرف لماذا غض الألباني الطرف عن ذكر كل هذه التوثيقات؟!، خصوصاً توثيق ابن معين ومسلم والبخاري, على أنّ ما ذكره من قول النسائي: ليس بالقوي, ليس بتضعيف, بل درجة دانية من الوثاقة([643]), كما أنّ قول أحمد: ليس به بأس, ليس من التضعيف في شيء, بل هو توثيق للرجل في ذاته, فأقل حالات الرجل مع كلّ هذه التوثيقات ومع ملاحظة أنّ الجرح المذكور في حقّه غير مفسر أن يكون حديث الرجل حسناً لذاته إن لم يكن صحيحاً، ولو ضعفنا الرجل مع كل هذه التوثيقات لما سلم لنا راوٍ.

ولهذا فقد تعقب مؤلفا كتاب تحرير التقريب قول ابن حجر: صدوق له أوهام, بقولهما: >بل صدوق حسن الحديث<([644]).

الأمر الثاني: أنّه موقوف على عائشة وليس بمرفوع إلى النبيّ صلّى الله عليه و سلّم ولو صحّ لم تكن فيه حجّة لأنّه يحتمل أن يكون من قبيل الآراء الاجتهادية لبعض الصحابة مما يُخطئون فيه ويُصيبون، ولسنا ملزمين بالعمل بها([645]).

الجواب:

1ـ بعد الإقرار بأنّ هذا التوسل من آراء السيّدة عائشة, وأنّها تعتقد بحليّته, فلا نرى مبرراً بعد ذلك لتكفير المسلمين والتشنيع عليهم واتّهامهم بأنّهم عبدة القبور وما إلى ذلك, فإنّ مرجع هذا إلى اتّهام السيّدة عائشة بذلك, ولا ضير على المسلم إذا اجتهد ووافق السلف الصالح في اجتهاده, خصوصاً أنّهم أسوة وقدوة للمسلمين.

2ـ أنّ السيّدة عائشة لم تعمل ذلك بمفردها, بل علّمت المسلمين من أهل المدينة ذلك حين لجأوا إليها مستغيثين من القحط, ولم ينكر عليها أحد من الصحابة أو التابعين ذلك, ممّا يدلّ على قبولهم إيّاه ورضاهم به, وحاشاهم أن يقبلوا بالكفر, أو يرضوا بغش المسلمين وتعليمهم الأمور المحرمة, ومادام الأمر غير مختص بشخص واحد بل شامل لكل أهل المدينة بحيث عُرف ذلك العام بعام الفتق, فمن غير المناسب أن نسمي ذلك اجتهاداً لها قد تُخطئ فيه وتصيب, خصوصاً إذا ما عرفنا أنّ قول الصحابي إذا اشتهر ولم ينكر عليه فهو حجّة, وقد سمّاه البعض إجماعاً([646]).

 3ـ أنّ ما علّمتهم السيّدة عائشة ـ بحسب الظاهر ـ لم يكن من الأمور الاجتهادية التي يُخطئ الصحابي فيها ويُصيب, بل هو من الأمور التي لا يقال فيها بالرأي, والمحقق عند أهل السنّة وعند الألباني أيضا, أنّ قول الصحابي إذا كان ممّا لا يقال فيه بالرأي فهو حجّة وبحكم المرفوع, لأنّ الأمر إذا كان غيبياً فلا بدّ أن يكون الصحابي قد استقاه من الشرع, وفي المقام لا معنى لاجتهاد السيدة عائشة في أمر لا يمكن أن نعلمه إلا من جهة الشرع, فيكون قولها بحكم المرفوع وهو حجة.

الأمر الثالث: أنّ أبا النعمان هذا هو محمّد بن الفضل يعرف بعارم وهو وإن كان ثقة فقد اختلط في آخر عمره. وقد أورده الحافظ برهان الدين الحلبي في (الاغتباط بمن رمي بالاختلاط) تبعاً لابن الصلاح حيث أورده في >المختلطين< من كتابه (المقدمة) وقال: >والحكم فيهم أنّه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولا يقبل من أخذ عنهم بعد الاختلاط أو أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده<.

 وهذا الأثر لا يدرى هل سمعه الدارمي منه قبل الاختلاط أو بعده فهو إذن غير مقبول فلا يحتج به([647]).

الجواب: نعم, صحيح أنّ أبا النعمان تغيّر في آخر عمره, لكنّ ذلك لا يعني التوقف عن أخذ حديثه, لأمور:

الأوّل: أنّ الإمساك عن حديثه يتمّ فيما إذا استمرّ على التحديث حتّى بعد تغيره, أو لا نعلم بذلك على الأقل, أمّا إذا علمنا بتركه التحديث بعد تغيره, فتكون كلّ أحاديثه حجّة لأنّنا نعلم بوقوعها قبل التغيّر, ومحمّد بن الفضل لم يحدّث بعد التغيّر, قال الذهبي: >تغيّر قبل موته فما حدّث<([648]).

الثاني: صرّح الدارقطني بأنّ الرجل لم يأتِ منه ما ينكر بعد اختلاطه, قال: >تغير بآخره، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر. وهو ثقة<([649]).

وقد تبنّى الذهبي هذا الرأي من الدارقطني راداً بذلك عن ابن حبان, فقال: >قلت: فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأت بعد النسائي مثله، فأين هذا القول من قول ابن حبان الخساف المتهور في عارم، فقال: اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدرى ما يحدث به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة، فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون، فإذا لم يعلم هذا من هذا ترك الكل، ولا يحتج بشئ منها.

 قلت [الذهبي]: ولم يقدر ابن حبّان أن يسوق له حديثاً منكراً، فأين ما زعم؟<([650]).

كما أنّ الشيخ شعيب الأرنؤوط وكذا بشّار عواد تبنّيا هذا القول, فقالا في تحريرهما: >الظاهر صحّة قول الدارقطني والذهبي, فلا يعرف لعارم ما ينكر من الحديث, ولم يذكر أحد من المتقدمين حديثاً خلط فيه, فلا يؤثر اختلاطه في صحّة رواياته, إلاّ أنْ يُنص عليها, والله أعلم<([651]).

الأمر الرابع: ما قاله ابن تيمية, وهو: >وممّا يبيّن كذب هذا, أنّه في مدّة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة, بل كان بعضه باقياً كما كان على عهد النبيّ صلّى الله عليه و سلّم, بعضه مسقوف وبعضه مكشوف, وكانت الشمس تنزل فيه كما ثبت في الصحيحين عن عائشة, أنّ النبيّ صلّى الله عليه و سلّم كان يُصلّي العصر والشمس في حجرتها, لم يظهر الفيء بعد, ولم تزل الحجرة كذلك حتى زاد الوليد بن عبد الملك في المسجد في إمارته لما زاد الحجر في مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم, وكان نائبه على المدينة ابن عمّه عمر بن عبد العزيز وكانت حجر أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم شرقي المسجد و قبليه فأمره أن يشتريها من ملاكها ورثة أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاشتراها وأدخلها في المسجد... ثمّ إنه بنى حول حجرة عائشة التي فيها القبر جدار عال وبعد ذلك جُعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف.

وأمّا وجود الكوة في حياة عائشة فكذب بيّن, ولو صحّ ذلك لكان حجّة و دليلاً على أنّ القوم لم يكونوا يقسمون على الله بمخلوق, ولا يتوسّلون في دعائهم بميّت, ولا يسألون الله به, وإنّما فتحوا على القبر لتنزل الرحمة عليه, ولم يكن هناك دعاء يقسمون به عليه, فأين هذا من هذا<([652]).

الجواب: أنّ كلام ابن تيميه خال من المستندات التاريخية القطعية التي يمكن أن تقاوم دلالة الرواية, فالرواية هي مستند تاريخي أيضاً مضافاً لمفادها الفقهي بجواز التوسل, فما ورد في الصحيحين من دخول الشمس في البيت لا يدلّ على أنّ بعضه لم يكن مسقوفاً, فالشمس كانت تأتي من الجانب مثلاً, ثمّ إنّه من غير المعلوم بقاء البيت على حاله في زمن عائشة, ولو ثبت ما ذكره ابن تيمية من شراء عمر بن عبد العزيز للبيت فيما بعد, وعمل كوة فيه, لا يدلّ أيضاً على عدم وجود تغيير للبيت في زمن عائشة, كما لا يدلّ على عدم وجود كوة في زمن عائشة, فإنّ الكوة التي عُملت في ذاك العام أو في تلك الحادثة قد تكون ألغيت مرة أخرى, إذ إنّهم عملوها لأجل الاستسقاء ثم أغلقوها مرة أخرى بعد الحادثة, فلو فُرض صحّة كلام ابن تيمية من أنّ الكوة عملت في عهد عبد الملك, فهي لا تنافي وجودها في زمن عائشة, غاية ما هنالك أنّ هذه كوة أخرى عُملت لغرض معيّن, فما دام الخبر الصحيح دلّ على عمل كوة, فلا يمكن ردّه بتكهنات وتخرصات لا تستند إلى أساس علمي, وأمّا ما ادّعاه من عدم دلالة الخبر على التوسّل فلا يمكن قبوله بأي وجه, فالرواية صريحة في اتّخاذهم النبي’ وسيلة لأجل الاستسقاء, ففتح الكوة هي كناية عن التوسّل إلى الله بحق النبي محمد’ أو هي كناية عن طلب الدعاء من النبي’ بعد وفاته, وأيّهما ثبت فهو يدحض مزاعم الوهابية المحرِّمة لكلا النوعين من التوسّل, وما قول ابن تيمية إنّ هذا لأجل نزول الرحمة إلا كناية أخرى عن التوسّل إلى الله بالنبي’ , فهل نزول الرحمة بنظر ابن تيمية كان متوقفاً بسبب غلق السقف وحين جُعِلت كوّة نزلت الرحمة!! أم هي كناية عن التوسل إلى الله بحقّ نبيّه أن ينزل الرحمة والغيث على أرض المسلمين!!

الدليل الخامس على التوسل بالذات

استسقاؤهم بالعباس عمّ النبي:

أخرج البخاري بسنده إلى أنس بن مالك قال: >أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعبّاس بن عبد المطلب، فقال: اللهمّ إنّا كنّا نتوسل إليك بنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم فتسقينا, وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا, قال: فيُسقون<([653]).

وهذا الخبر من حيث السند لا كلام فيه لوروده في البخاري, وأمّا من حيث الدلالة فهو ظاهر بأنّ الاستسقاء كان بذات العبّاس نفسه, وأنّهم كانوا يستسقون بذات النبي’ نفسه أيضاً, ولم نرَ من المسلمين من اعترض على عمر مع كون الحادثة عامّة, فالخبر صريح في أنّ المسلمين كانوا يتوسلون بذات النبي’ ومن ثمّ بذات العباس, وهو دليل واضح على جواز التوسل بذات النبي’ والصالحين من العباد. وما يُقال من أنّ التوسل في الخبر كان بدعاء العباس ولم يكن توسّلا بذاته؛ فمردود لعدّة أمور:

الأوّل: لم يُذكر في الخبر أنّهم كانوا يتوسلون بدعاء النبي’ ولم يذكر أنّهم صاروا يتوسّلون بدعاء العباس, بل في كلا الحالين ذكر الخبر أنّ التوسل كان بالنبي’ وبالعباس, ممّا يعني أنّ التوسل كان بذاتيهما لا بدعائيهما, وصرف الخبر عن ظاهره بلا قرينة واضحة غير جائز.

الثاني: دلّت بعض الأخبار صراحة على أنّ عمر هو من قام بالدعاء متوسّلاً بالعبّاس, قال البلاذري: >حدّثني أبو بكر الوراق، حدّثنا إسحاق بن البهلول عن محمّد بن إسماعيل بن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه, قال: خرج عمر يستسقي فأخذ بضبعي العباس، وقال: اللهمّ هذا عمّ نبيّك فاسقنا، فما برح الناس حتّى سقوا<([654]).

وقال ابن سعد: >أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام عن يحيى بن مقلة عن أبيه عن موسى بن عمر, قال: أصاب الناس قحط فخرج عمر بن الخطاب يستسقي فأخذ بيد العبّاس فاستقبل به القبلة فقال: هذا عمّ نبيّك عليه السلام جئنا نتوسّل به إليك فاسقنا, قال: فما رجعوا حتّى سقوا<([655]).

وقال الطبراني: >حدّثنا أبو مسلم الكشي، ثنا محمّد بن عبد الله الأنصاري، حدثني أبي، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج يستسقي, وخرج بالعبّاس رضي الله عنه معه، فقال: اللهمّ إنّا كنّا نستسقي بنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وهذا عمّ نبيّك صلّى الله عليه وسلّم فاسقنا، قال: فسقوا<([656]).

وأخرج ابن عساكر بسنده إلى الزبير بن عبد الله: >حدّثني محمّد بن حسن المخزومي عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه عن أبي وجزة السعدي عن أبيه, قال: استسقى عمر بن الخطاب لما وقف على المنبر أخذ في الاستغفار فقلت ما تراه يعمد لحاجته ثم قال في آخر كلامه: اللهم إنّي قد عجزت عنهم, وما عندك أوسع لهم, وأخذ بيد العباس, فقال: وهذا عم نبيك نحن نتوسل به إليك, فلمّا أراد عمر أن ينزل, قلب رداءه, ثمّ نزل, فتراءى الناس طرة في مغرب الشمس فقالوا, ما هذا؟ قال: وما رأينا قبل ذلك من قزعة سحاب([657]) أربع سنين, قال: ثمّ سمعنا الرعد ثمّ انتشرت ثمّ أمطرت...<([658]).

ولا نريد هنا أنْ نُحوّل البحث إلى دراسة مُفصّلة في رجال السند, لكن نشير إلى أنّ الخبر صحيح بطرقه المختلفة, فإنّ سند الطبراني حسن على أقلّ حالاته وكذا سند البلاذري, فبضميمة بقيّة الطرق يكون الخبر صحيحاً بلا كلام, وهو يصرّح بأنّ عمر من قام بالدعاء متوسلاً بالعبّاس بقوله: اللهمّ هذا عمّ نبيّك فاسقنا, أو هذا عمّ نبيّك جئنا نتوسل به إليك فاسقنا, فهو توسّل صريح بذات العبّاس لا بدعائه, ومع هذا الخبر لا يضر قيام العبّاس بالدعاء أيضاً, فما المانع أن يكون عمر توسّل بذات العبّاس والعبّاس قام بالدعاء أيضاً, لا يوجد بين الأمرين أيّ تنافٍ, وحينئذٍ فإنّ محاولات إثبات قيام العبّاس بالدعاء وصرف التوسل الوارد في صحيح البخاري عن ظاهره إلى التوسّل بدعاء الحي هي محاولة فاشلة يبطلها الخبر المتقدّم.

ثالثاً: أنّ جملة من العلماء فهموا من الخبر أنّ التوسّل كان بذات العبّاس وليس بدعائه, منهم:

بدر الدين العيني الحنفي, حيث قال في شرح الخبر: >قوله: >استسقى بالعبّاس< أي: متوسّلاً به حيث قال: >اللهمّ إنّا كنّا...< إلى آخره...وفيه من الفوائد: استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوّة.

 وفيه: فضل العبّاس وفضل عمر، رضي الله تعالى عنهما، لتواضعه للعبّاس ومعرفته بحقّه<([659]).

فلم نرَ العيني يقول إنّ عمر توسّل بدعاء العبّاس بل قال: متوسّلاً به!! مصرّحاً باستحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة.

2ـ الشوكاني, حيث قال: >وأمّا التوسّل بالصالحين, فمنه ما ثبت في الصحيح أنّ الصحابة استسقوا بالعبّاس رضي الله عنه عم رسول الله, وقال عمر رضي الله عنه: اللهمّ إنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا<([660]).

وقال أيضاً: >ولا يخفاك أنّه قد ثبت التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في حياته، وثبت التوسّل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعا سكوتياً لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في التوسّل بالعبّاس رضي الله عنه...<([661]).

 3ـ ابن حجر العسقلاني, حيث قال: >ويستفاد من قصّة العبّاس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوّة, وفيه فضل العبّاس وفضل عمر لتواضعه للعبّاس ومعرفته بحقّه<([662]).

4ـ محيي الدين النووي حيث قال: >ويستحب إذا كان فيهم رجل مشهور بالصلاح أنْ يستسقوا به فيقولوا: >اللهمّ إنّا نستسقي ونتشفع إليك بعبدك فلان< وأردف كلامه بنقل قصّة العباس المتقدمة, فقال: >روينا في (صحيح البخاري) أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان إذا قحطوا استسقى بالعبّاس بن عبد المطلب، فقال: اللهمّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم فتسقينا، وإنّا نتوسل إليك بعمّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم فاسقنا، فيسقون<([663]).

5ـ ابن الحاج, العبدري المالكي, حيث قال عند كلامه عن زيارة القبور: >فإنْ كان الميّت المُزار ممّن تُرجى بركته فيتوسل إلى الله تعالى به، وكذلك يتوسل الزائر بمن يراه الميت ممن ترجى بركته إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، بل يبدأ بالتوسل إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ هو العمدة في التوسل والأصل في هذا كلّه والمُشرِّع له فيتوسل به صلّى الله عليه وسلّم وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه: أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس، فقال: اللهمّ كنّا نتوسل إليك بنبيّك صلّى الله عليه وسلّم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا. فيسقون. ثمّ يُتوسّل بأهل تلك المقابر أعني بالصالحين منهم في قضاء حوائجه ومغفرة ذنوبه...<([664]).

فهذه نماذج من كلمات كبار العلماء وهي تصرّح بأنّ الحديث يدلّ على أنّ التوسّل كان بالذات, ولم يدّعوا مثل السلفيّة ضرورة تأويل الحديث وصرفه عن ظاهره, وهذا هو الذي يقتضيه الفهم الصحيح الخالي من المسبّقات الذهنية.


شبهة أن التوسل بالعباس كان بدعائة لا بذاته

أثار المذهب السلفي شبهة حول الاستدلال بهذه الرواية على جواز التوسل بالذات، حاصلها: أن ظاهر التوسل في الرواية كان بدعاء العباس لا بذاته، وقرروا هذه الشبهة بنحوين:

نحوان لهذه الشبهة

النحو الأول: الرواية بحاجة إلى تقدير كلمة جاه أو دعاء.

 توضيح الشبهة: إنّ عبارة >وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا< بحاجة إلى تقدير إحدى كلمتين, إمّا أن نقدر كلمة جاه, فيكون المراد: >بجاه عمّ نبيّك< أو كلمة دعاء فيكون المراد: >بدعاء عمّ نبيّك<, وحيث إنّ المعهود من الصحابة هو الذهاب إلى النبي’ وطلب الدعاء منه للاستسقاء, والسنّة تفسر بعضها بعضاً, فيكون المراد هو توسل بالدعاء لا بالذات؛ إذ إنّ التوسل بالذات لا وجود له في السنّة النبوية([665]).

الجواب

أولاً: إنّ الحذف يكون بلاغياً ومقبولاً فيما إذا كان المحذوف واضحاً وظاهراً عرفاً من قبيل قوله تعالى: {واسألوا القرية} فانّ المراد: أهل القرية, أمّا إذا كان الخطاب يحتاج إلى تقدير كلام بعيد وغير معروف فهذا لم يجر عليه العرب ولا يساعد عليه العرف, وفي المقام فإنّ كلمة دعاء هي كلمة أجنبيّة وبعيدة عن سياق الخطاب فلا يمكن حذفها اعتماداً على فهم الناس, أمّا كلمة (جاه) فهي من اللوازم الخاصة للذات, فكل عربي ومتشرع لو سألته بأنّه ما المراد بلفظة: >اللهمّ بمحمّد< أو >اللهم بالعبّاس< سيجيبك بلا تردّد بأنّ المراد بجاه أو بحق أو بعظمة محمّد’, فالجاه والعظمة والمنزلة هي لوازم خاصّة لذاته القدسيّة؛ لذا صحّ تركها لانصراف الكلام إليها بلا تكلّف, بخلاف كلمة (دعاء) فهي كلمة أجنبية عن الذات ولا علاقة لها بها, فإن كان هناك نزاع في تقدير أي الكلمتين فالعرف يرى تقديم كلمة (جاه) بلا تكلّف.

وأمّا ما ذهب إليه الألباني من تقدير كلمة (دعاء) باعتبار أنّ الصحابة كانوا يذهبون إلى النبي ويطلبون منه الدعاء, فهذا لا علاقة له بالتقدير؛ لأنّ هذا التقدير مبتن على حرمة التوسل بالذات مسبقاً, لكن مع ظهور هذه الرواية ونظيراتها في التوسل بالذات لا نحتاج إلى تأويل الخبر وفق أدلّة وروايات أخرى, وبناءً على هذه الطريقة في تأويل الأحاديث فإنّه حتّى لو أوردنا مئات الروايات التي يظهر منها التوسّل بالذات لقال الألباني وغيره من السلفية إنّها منصرفة إلى التوسل بالدعاء, وكأنّ النبي’ عجز عن أنْ يذكُر كلمة الدعاء في عباراته، وعمر عجز كذلك!! وشرّاح الحديث عجزوا عن ذكرها أيضاً !!

ثانياً: تقدّم سابقاً أنّ تقدير كلمة >دعاء< يستدعي الغرابة, فإنّ السلفيّة يفسّرون التوسّل بالدعاء بمعنى أنّ الشخص المتوسِّل يأتي إلى النبي’ أو إلى الرجل الصالح ويطلب الدعاء منه، فيدعو النبي ’ أو الرجل الصالح للشخص المتوسل, وأما أنه بمعنى أنّ المتوسل يجلس في بيته ويقول: اللهم إنّي أتوجه إليك بدعاء نبيّك, فهذا لا معنى له أولاً، وثانياً: لم يكن هذا من الأنواع الجائزة التي تعرض لها الألباني وادعى أن المشروعية محصورة بها([666]).

ثالثاً: قد عرفنا أنّ العلماء فهموا من الحديث جواز التوسل بالذات, ولم يتأولوه كما فعل الألباني, التزاماً منهم بحجية الظواهر الحديثية, وعدم جواز تأويلها إلا بقرينة قطعية صارفة لها عن ظهورها, وهنا لا قرينة في المقام إلاّ الاعتقاد المسبق بحرمة التوسل بالذات, وأمّا مع عدم وجود هذا الفهم المسبق فالرواية تدلّ على جواز التوسل بالذات ظاهراً وليست بحاجة إلى تأويل.

رابعاً: تقدّم مفصّلاً أنّ حديث الضرير دلّ بلا شكّ على جواز التوسّل بالذات, فيتعاضد مع هذا الحديث من جهة الدلالة, فالسنّة كما دلّت على مشروعية التوسّل بالدعاء, دلّت على مشروعيّة التوسل بالذات, فلا يوجد مبرر لتقديم تقدير الدعاء على تقدير كلمة (جاه)سوى الاعتقاد بحرمة التوسل بالذات وهو اعتقاد باطل.

خامساً: عرفنا فيما تقدّم أنّ الأخبار فسّرت توسّل عمر بأنّه توسل بالذات إذ صرّحت بأنّ عمر دعا الله متوسّلاً بالعبّاس فمطرت السماء, ومع تفسير الأخبار للمراد وانسجامها مع ظاهر الخبر محل البحث, يتعيّن المراد منه, ولا يبقى مبرر للبحث عن تقدير كلمة وتأويل الخبر عن ظاهره, فإنّ هذا طرح للأخبار الصحاح وعدول عن ظاهر الحديث بلا مبرر شرعي, فهو تحكّم بلا دليل.

النحو الثاني: عدول الخليفة عمر عن التوسل بذات النبي

 توضيح الشبهة: إنّ التوسّل بالذات لو كان جائزاً لما كان هناك مبرر للعدول عن التوسل بالنبي’ إلى التوسل بالعبّاس, مع أنّهم كانوا في ضيق شديد, فدلّ عدولهم على أنّ توسلهم كان بدعاء النبي’ فلمّا توفي النبي’ ولم يمكن التوسّل بدعائه لجأوا إلى العبّاس فتوسّلوا بدعائه([667]).

الجواب

أولاً: أنّ عدول عمر لا يعني عدم جواز التوسل بالذات؛ فإنّ كلام السلفيّة على فرض تمامه فهو أخصّ من المدّعى, فغاية ما يدلّ عليه هو أنّ التوسل بالذات منحصر بالحيّ دون الميّت, ولا يدلّ على أنّ التوسل كان بالدعاء، وحيث توفي النبي’ ولا يمكن التوسّل بدعائه عدل عمر إلى العبّاس وتوسل بدعائه, فيمكن أن يكون المراد أنّهم كانوا يتوسلون بذاته الشريفه وهو حي, فحين مات توسلّوا بذات العبّاس.

ثانياً: بعد ثبوت صحّة خبر التوسّل بالنبي’ ومن ثمّ بالعبّاس وظهوره في التوسّل بالذات, ودلالة بقيّة الأخبار على ذلك, تثبت مشروعيّة التوسّل بالذات, وليس من الضروري أن نعرف السبب الذي من أجله عدل عمر ومن معه من الصحابة إلى التوسّل بالعبّاس, فهم أعرف بأمور دينهم، ويكفي في المقام أن نحتمل احتمالات عقلائية ترشدنا إلى سبب العدول, ولا يشترط في هكذا حالات أن نحصل على اليقين, لأنّه يكفي في توجيه عمل الغير أن يكون له احتمال مقبول, فإذا وجد الاحتمال توجّب علينا حمل الفعل على ظاهره ولا يجوز لنا تأويله وصرفه عن حقيقته, وفيما نحن فيه فإنّ الاحتمال العقلائي المصحّح لعدول عمر موجود, وهو أنّ العبّاس بن عبد المطلب ـ مضافاً لكونه عمّ النبي’ ـ كان يحظى بمنزلة عظيمة عند الرسول الأكرم’ فالتوسّل به هو نوع إكرام وتعظيم للنبي’ وكأنّ التوسّل به هو توسّل بالنبي’ فصار التوسل بالعبّاس توسّلين, فهو توسل بالنبي’ لأنّه السبب في اختيار العبّاس, وهو توسّل بالعبّاس لحضوره بنفسه بينهم.

 وممّا يؤيد هذا الاحتمال؛ هو أفضلية عمر على العبّاس باتّفاق أهل السنّة, فلو كانت المسألة تتعلّق بالدعاء، وأنّ النبي’ ميّت ولا يمكنه الدعاء, لكان الصحابة توسّلوا بدعاء عمر نفسه ورفضوا التوسّل بدعاء العبّاس، لأنّهم في حال ضيق شديد ويبحثون عمّن يستجيب الله به دعاءهم, ولا شكّ في أنّ اختيار الأفضل وهو عمر هو المناسب, وحيث لم نجد معترضاً على التوسّل بالعبّاس، ولم نجد مطالباً بالتوسّل بعمر دون العبّاس, دلّ ذلك على أنّهم أرادوا التوسّل بذات النبي’ من خلال عمّه ليكون مدعاة للإجابة أكثر، خصوصاً وهم في ضنك شديد, وما يُقال من أنّ ذلك كان تواضعاً من عمر لا يُنافي ما ذكرناه؛ لأنّه لا ينبغي لعمر أن يتواضع إلاّ بعد تيّقنه باستجابة الدعاء, ولا يحصل هذا اليقين له إلا إذا كان عارفاً أنّ توسله كان بالنبي’ عن طريق العبّاس.

 وإن تعجبْ فاعجب من قول الألباني في كتابه (التوسل) وهو يُقوّي أنّ مسألة العدول تدلّ على حرمة التوسل بذات النبي’ فيقول: >أنّه لو أصاب جماعة من الناس قحط شديد، وأرادوا أن يتوسلّوا بأحدهم لما أمكن أن يعدلوا عمّن دعاؤه أقرب إلى الإجابة، وإلى رحمة الله سبحانه وتعالى، ولو أنّ إنساناً أصيب بمكروه فادح، وكان أمامه نبي، وآخر غير نبي، وأراد أن يطلب الدعاء من أحدهما لما طلبه إلا من النبيّ، ولو طلبه من غير النبيّ، وترك النبي لعدّ من الآثمين الجاهلين، فكيف يظن بعمر ومن معه من الصحابة أن يعدلوا عن التوسل به إلى التوسل بغيره، لو كان التوسل بذاته جائزاً، فكيف وهو أفضل عند المخالفين من التوسل بدعاء العباس وغيره من الصالحين...<([668]).

وهذا الكلام قد اتّضح جوابه فيما قدّمناه, وإنّ المسألة لو كانت تتعلّق بالعدول عن التوسّل بالذات لحرمته, لكان المناسب هو التوسّل بدعاء عمر لا بدعاء العبّاس, خصوصاً أنّ الألباني يصحّح حديث: >لو كان بعدي نبيّ لكان عمر<([669])، فكيف تسنّى للصحابة العدول عن التوسّل بدعاء أفضل الخلق في وقتهم وهو عمر إلى آخر ينقصه من الفضل الكثير وهو العبّاس, فهو ليس من الخلفاء الأربعة وليس من العشرة المبشّرة؟ فلو قيل: إنّه أمكن العدول هنا لمزيّة معيّنة أو غرض معيّن, لأجبنا بأنّه حيث أمكن العدول عن أفضل الخلق في وقته وهو عمر إلى العبّاس جاز العدول أيضاً عن التوسّل بذات النبي’ إلى غيره, لمزيّة معيّنة ولغرض معيّن أيضاً, وحكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد.

فاتّضح أنّ التوسّل بالعبّاس كان توسّلاً بذاته, ولم يكن بدعائه, ولو كان المراد هو التوسل بالدعاء لتوسلوا بدعاء عمر, وعرفنا أنّ العدول عن التوسّل بذات النبي’ له احتمال عقلائي مقبول, وهذا الاحتمال مضافاً لإمكانه في حدّ ذاته, فقد أشارت له بعض الأخبار, فعن زيد بن أسلم عن ابن عمر أنّه قال: >استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم هذا عم نبيك العباس نتوجه إليك به فاسقنا فما برحوا حتى سقاهم الله.

 قال: فخطب عمر الناس، فقال: أيها الناس إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله في عمّه العبّاس واتّخذوه وسيلة إلى الله عزّ وجلّ فيما نزل بكم<([670]).

وقال الطبري في ذخائر العقبى: >حديث حسن صحيح تفرّد به الزبير بن بكار<([671]).

ولا يضرّنا ما ادعوه من ضعف الخبر, فالاحتمال متحقّق به على كلّ حال.

ومن الغرائب أيضاً أنّ الألباني يقول: >لو صحّت هذه الرواية, فهي إنّما تدلّ على السبب الذي من أجله توسّل عمر بالعبّاس دون غيره من الصحابة الحاضرين حينذاك, وأمّا أن تدلّ على جواز الرغبة عن التوسّل بذاته’ ـ لو كان جائزاً عندهم ـ إلى التوسّل بالعبّاس أي بذاته فكلا, ثمّ كلا...<([672]). ويكفي في الرد على الألباني ملاحظة الخبر, فإنّ عمر يقول: >اللهم هذا عم نبيك العبّاس نتوجه إليك به فاسقنا< ويقول: >فاقتدوا أيّها الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله في عمّه العبّاس واتّخذوه وسيلة إلى الله عز وجلّ فيما نزل بكم<، فهو صريح بالتوسل بالذات, ولا ندري ما هي التعابير التي ينبغي أن ترد في هذه الأحاديث حتى تدلّ عند الألباني على التوسّل بالذات!

ثالثاً: أنّ الألباني وقع في خطأ منهجي واضح, فقد ادّعى في كتابه أنّ التوسّل بالذات من المسائل الخلافية, وأنّه في الأمور الخلافية يَتّبع الدليل يدور معه حيث دار! ([673]).

لكنّنا نلاحظه هنا أسّسّ لعدم إمكان صدور الدليل في غير النبي’ أو استبعاد ذلك عرفيّاً وعقلائيّاً, فقد جاء في ضمن كلامه الذي نقلناه أعلاه: >أنّه لو أصاب جماعة من الناس قحط شديد، وأرادوا أن يتوسلّوا بأحدهم لما أمكن أن يعدلوا عمّن دعاؤه أقرب إلى الإجابة، وإلى رحمة الله سبحانه وتعالى, ولو أنّ إنساناً أصيب بمكروه فادح، وكان أمامه نبي، وآخر غير نبي، وأراد أن يطلب الدعاء من أحدهما لما طلبه إلا من النبيّ، ولو طلبه من غير النبيّ، وترك النبي لعدّ من الآثمين الجاهلين...< فالألباني يقرّر هنا عدم إمكان التوسل بغير النبي’ مع وجود النبي’, أي عدم صحة التوسّل بالمفضول مع وجود الأفضل, وبعبارة أخرى: أنّه لو جاز التوسّل بذات النبي’ لما جاز التوسل بغيره, فلا ندري بعد ذلك عن أيّ دليل يبحث الألباني, فمع تقريره السابق فهو ينفي أصل إمكان صدور الدليل في غير النبي’, لأنه على خلاف العرف والعقلاء, وبعبارة أخرى: هو يمنع وجود الدليل في عالم الثبوت فلا معنى لادعائه البحث عن الدليل في عالم الإثبات.

رابعاً: أنّ الاستبعاد الذي ذكره الألباني غير صحيح وخلاف سيرة المتشرّعة من المتقدّمين والمتأخرين, فها هي السيرة قائمة على طلب الدعاء من المؤمنين والصالحين باختلاف مراتب فضلهم, ولم يتقيّد أحد بضرورة الذهاب إلى أفضل الصالحين وطلب الدعاء منه, ولعلّ الألباني نفسه طلب الدعاء كثيراً من تلامذته أو غيرهم مع وجود الأفضل منهم, ومن الصعوبة بمكان, أن نرى من تقيّد بطلب الدعاء من الأفضل دائماً!

فهل في زمن النبي’ يحرم طلب الدعاء من المؤمنين بنظر الألباني؟!

أضف إلى ذلك أنّ التوسّل بأسماء الله وصفاته وكذا التوسل بالعمل الصالح الذي قام به الشخص جائز عند الألباني, فهل يجوز لمن كان في زمن النبي’ أن يتوسّل بأسماء الله وصفاته أو يتوسّل بأعماله الصالحة, أم يلزمه الذهاب إلى النبي’ ويطلب الدعاء منه؟! فهل يفتي الألباني بحرمة التوسل بالأعمال الصالحة وبأسماء الله وصفاته عند إمكان الوصول إلى النبي’ !!!

فهذه إشارات واضحة توقفك على عدم صحّة ما ذهب إليه الألباني.

خامساً: أنّ عمر قال: >كنّا<, ووقت التوسّل كان عام الرمادة وهو سنة 18 هـ ([674])، وليست هناك قرينة على أن يكون المراد به وقت حياة النبي’, فـ >كنّا< مطلقة تشمل حتّى بعد وفاته، إذ الفترة بعد وفاة النبي’ إلى سنة 18هـ هي سبع سنوات, ولذا لم يقل عمر: فلمّا مات النبي جئنا نتوسّل بعمّ نبيّك, بل لاحظناه قال: >كنّا نتوسّل إليك بنبيّك فتسقينا وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا...< ممّا يدلّّل على أنّ التوسل بالنبي’ شامل لحياته وبعد وفاته.

سادساً: أنّ الحكم الذي ذكره السلفيّة من حرمة التوسّل بالذات مبتن على حكم مسبق, وهو أنّ النبيّ بعد وفاته غير قادر على الدعاء وأن القدرة مختصة في حال حياته, لذلك عدل عمر عن التوسل به, وقد تبيّن بطلان ذلك, وعرفنا أنّ النبي يصلّي ويدعو ويردّ السلام, وهو في قبره, والأدلّة على ذلك قد تقدّمت مفصلّة, فلا مانع من أن يدعو لمن يطلب منه ذلك, لذا فإنّ علّة عدول عمر ليس كما ذكروا، والمسألة غير متعلقة بالتوسل بالدعاء, فلا يوجد مبرّر لحمل الخبر على الدعاء حينئذٍ.

الدليل السادس على التوسل بالذات

شعر أبي طالب في الاستسقاء بوجه النبي

أخرج البخاري بسنده إلى عبد الله بن دينار عن أبيه قال: >سمعت ابن عمر يتمثّل بشعر أبي طالب:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

 

ثمال اليتامى عصمة للأرامل<([675])

وهذا الخبر صريح في التوسل بذات النبي’ , إلا إذا رام السلفية أن يحملوا كلمة >بوجهه< على الدعاء, وهو أمر مستحيل, فالمراد من الوجه إمّا الذات المقدّسة له’ أو الوجه الحقيقي له، ولا يمكن حمله على الدعاء بأي طريقة كانت, لذا فالتوسّل هنا كان توسلا بالذات وليس بالدعاء.

وهذا الحديث ساقه البخاري تحت عنوان: >باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا<.

الدليل السابع على التوسل بالذات

حديث: اللهمّ بحقّ السائلين عليك

أخرج أحمد وابن ماجة ـ واللفظ له ـ وغيرهم بطرقهم إلى فضيل بن مرزوق، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: >من خرج من بيته إلى الصلاة، فقال: اللهم إنّي أسألك بحقّ السائلين عليك، وأسألك بحقّ ممشاي هذا. فإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً. وخرجت اتّقاء سخطك وابتغاء مرضاتك. فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي. إنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت, أقبل الله عليه بوجهه، واستغفر له سبعون ألف ملك<([676]).

سند الحديث

الحديث لا ينزل عن مرتبة الحسن على التحقيق, وقد صرّح جملة من علماء الفن بذلك منهم الحافظ الدمياطي في كتابه (المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح)([677])، والحافظ أبو الحسن المقدسي شيخ الحافظ المنذري كما في (الترغيب والترهيب)([678])، والحافظ العراقي في كتابه (المغني عن حمل الأسفار)([679])، والحافظ ابن حجر العسقلاني في (نتائج الأفكار)([680]).

وقال الشيخ حمزة أحمد الزين: >إسناده حسن, لأجل العوفي<([681]).

وعمدة الإشكال السندي عند السلفيّة هو في عطيّة العوفي, إلاّ أنّ التحقيق يقتضي أنّ حديثه مقبول وأقلّه أن يكون حسناً:

قال ابن سعد في الطبقات: «وكان ثقة إن شاء الله وله أحاديث صالحة»([682]).

وقال عبّاس الدوري: >عن يحيى بن معين: صالح»([683]).

وقال الترمذي في تعليقه على بعض الأحاديث التي فيها عطية العوفي: «حديث حسن غريب, لا نعرفه إلا من هذا الوجه»([684]). وحسّن له في مواضع متفرقة من كتابه([685]).

وقال العجلي: «عطية العوفي: كوفي تابعي ثقة وليس بالقوي»([686]).

وقال الملا عليّ القاري: «وهو من أجلاّء التابعين»([687]).

وعرفنا قبل قليل أنّ الحافظ الدمياطي والحافظ المقدسي والحافظ العراقي حسّنوا حديث عطيّة العوفي.

فتحصّل أنّ جملة كبيرة من أئمة الفن يقبلون حديث عطيّة, وهذا يدلّ في أقلّ الحالات على صدق الرجل في ذاته, ولذا فإنّ الحافظ العسقلاني حسّن له في (نتائج الإفكار) كما تقدّم, وقال في عطيّة: >ضعف عطيّة إنّما جاء من قبل التشيّع, ومن قبل التدليس, وهو في نفسه صدوق, وقد أخرج له البخاري في الأدب المفرد, وأخرج له أبو داود عدّة أحاديث ساكتاً عليها, وحسّن له الترمذي عدّة أحاديث بعضها من أفراده<([688]).

وهذا آخر آراء ابن حجر في عطية, لأنّ (نتائج الأفكار) من آخر كتبه, وهو متأخر عن كتابه (التقريب), فقد فرغ من كتابة (التقريب) في 14 جمادي الآخرة سنة 827 هـ([689]), وابتدأ بدروسه في تخريج آحاديث الأذكار في 7 صفر سنة 837 هـ ([690]), وتاريخ تخريج هذا الحديث وتحسينه بتاريخ 14 ربيع الثاني سنة 838 هـ ([691]).

فابن حجر بيّن العلّة التي من أجلها ضعّفوا عطيّة, وهي التشيّع والتدليس.

أمّا التشيّع فهو ليس بعلّة قادحة عند أئمّة هذا الفن وروايات الشيعة مخرّجة في الصحيحين كما لا يخفى, ولذا فابن حجر لم يعبأ بمسألة التشيّع وحسّن الحديث.

وأمّا التدليس, فقد ذكر الحافظ أنّ عطيّة قال: حدّثني أبو سعيد, فأمن بذلك من التدليس([692]).

لكنّ الحقّ والإنصاف أنّ جواب ابن حجر عن التدليس ليس في محلّه, لأنّ التدليس المتّهم به عطيّة ليس من نوع تدليس الإسناد, بل هو من تدليس الشيوخ.

وحينئذٍ, إن أمكن الجواب عن التدليس حكمنا بحسن الحديث, وإن لم نستطع كان الحديث ضعيفاً ضعفاً محتملاً وبحاجة إلى شاهد أو متابع يرفعه إلى درجة الحسن لغيره.

والتحقيق في المسألة يقتضي أن نبيّن منشأ شبهة التدليس ثمّ الحكم عليها.

أمّا منشأ شبهة التدليس, فهو ما ذكره أحمد بن حنبل عن عطيّة:

قال عبد الله بن أحمد: >سمعت أبي ذكر عطيّة العوفي فقال هو ضعيف الحديث. قال أبي: بلغني أنّ عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير, وكان يكنيه بأبي سعيد, فيقول: قال أبو سعيد.

 حدّثني أبي، قال: حدّثنا أبو أحمد الزبيري، قال: سمعت سفيان الثوري قال: سمعت الكلبي، قال: كنّاني عطية أبا سعيد<([693]).

فهذا هو مستند رمي عطيّة بالتدليس, أمّا الطريق الأول؛ والذي قال فيه أحمد: بلغني، فهو ضعيف، لعدم معرفة إسناده, وإمّا الطريق الثاني؛ فكما هو واضح فيه الكلبي وهو محمّد بن سائب وهو متروك متّهم بالكذب, وقد تنبّه لذلك الحافظ ابن رجب، فقال: >ولكن الكلبي لا يعتمد على ما يرويه< وأضاف: >وإنْ صحّت هذه الحكاية عن عطيّة فإنّما يقتضي التوقّف فيما يحكيه عن أبي سعيد من التفسير خاصّة.

فأمّا الأحاديث المرفوعة التي يرويها عن أبي سعيد، فإنّما يريد أبا سعيد الخدري، ويصرّح في بعضها بنسبته<([694]).

وقد ذهب إلى عدم ثبوت تدليس عطية, الشيخ أبو الحسن المآربي وهو من المعاصرين([695]).

فيتّضح من ذلك أنّ حديث عطية من عداد الحسان كما صرّح الأئمة بذلك على ما بيّنا.

وقد أثار الشيخ الألباني اشكالاً آخر على سند الرواية بدعوى أنّها مرفوعة تارة وموقوفة تارة أخرى فحكم باضطرابها([696]).

وهذا الإشكال لا حظّ له ولا نصيب من الصحّة لسببين:

الأوّل: أنّ صحّة أو حسن الحديث محلّ البحث لا تتغيّر سواء كان موقوفاً أو مرفوعاً, لأنّ المحقّق عند أهل الحديث وغيرهم أنّ الخبر إذا كان ممّا لا يقال بالرأي فهو بحكم المرفوع, ولذا قال ابن بطال عقب هذا الحديث: >ومثل هذا لا يدرك بالرأي<([697]).

فالحديث إمّا مرفوع حقيقة على ما عليه عدّة من الأسانيد أو بحكم المرفوع بحسب الأسانيد الأخرى.

الثاني: أنّ الشيخ الألباني قبل في صحيحته الحديث الذي يرد بوجهين مرفوع تارة وموقوف أخرى, بدعوى أنّ الرفع زيادة وزيادة الثقة مقبولة, والراوي قد ينشط تارة فيرفع الحديث، و لا ينشط أخرى فيوقفه, ومن حفظ حجّة على من لم يحفظ, فإذا ورد من وجوه أخرى عن الثقات مرفوعاً كان له حكم الرفع([698]).

وفي المقام فقد رفع الحديث عدّة من الثقات, بل إنّ من رفعه أكثر ممّن وقفه([699]).

وبهذا يتّضح أنّ الحديث حسن لذاته.

 نعم؛ هناك إشكال آخر ذكره الشيخ الألباني, لم نورده سابقاً لعدم قيمته العلميّة, وهو تضعيف الحديث بفضيل بن مرزوق, ويكفي أن يعرف القارئ أنّ فضيل بن مرزوق احتج به مسلم في صحيحه, ووثقه الثوري وابن عيينة وابن معين وغيرهم([700]) لذا وثّقه الحافظ الذهبي([701]), بل حسّن له الألباني نفسه في موضع آخر, حيث علّق على سند أحد أحاديثه قائلاً: >وإسناده حسن، فإنّ فضيل بن مرزوق صدوق يهم كما قال الحافظ في التقريب<([702]).

دلالة الحديث:

المفهوم عرفاً والظاهر من الخبر هو التوسّل بالذات, والحقّ المذكور في الرواية متحصّل من الطاعة والإيمان والإخلاص والأخلاق, فالتوسّل ناظر لذوات هؤلاء بما لهم من إيمان وطاعة, لا كما ذهب السلفيون من أنّ المراد هنا هو التوسل بصفات الله باعتباره مجيب الدعاء, وحقّ هؤلاء عليه هو إجابة الدعوى, فهذا التفاف على النص وتأويل غير محتمل؛ لأنّ النبي’ لو كان يريد التوسّل بإسماء الله وصفاته فما الداعي لهذا الإسلوب المعقد بذكر السائلين والتوسّل بحقهم وأنّ حقهم هو إجابة الدعاء فالتوسل هو بصفة من صفاته وكونه مجيب الدعاء, فالنبيّ’ كان بإمكانه القول: اللهمّ يا مجيب الدعاء يا مثيب المطيع.. فلماذا أدخل السائلين وقال: بحق السائلين, فهي إشارة إلى التوسّل بهم لما لهم من منزلة عند الله, والعجب من السلفيّة أنّهم يحاربون التأويل ويتمسّكون بالظاهر بكلّ قوّة، فاثبتوا لله يداً ورجلاً ووجهاً, بل أثبتوا أنّه يدخل رجله في جهنّم !!... لكنّهم في التوسّل يلوون أعناق الروايات ويـتأولونها تأويلات عجيبة يأباها الذوق والفهم السليم.

وعلى أيّة حال؛ فقد أشار محمّد صديق القنوجي في كتابه (قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر) إلى أنّ المراد بالرواية ـ بحسب الظاهر ـ هو التوسّل بالذات, حيث قال: >وفي التوسل خلاف والحق أنّ ما صحّ عن النبي’ وجب اتباعه والعمل به كحديث الأعمى الذي في السنن وهو حديث حسن لا موضوع وفيه يا محمّد إني أتوجه بك إلى ربي وحديث رواه أحمد والحاكم وفيه: بحقّ السائلين عليك, وأمثال ذلك<([703]).


الأمر الثالث: بيان سيرة العلماء والناس قولاً أو عملاً على جواز التوسّل

مرّ فيما مضى من البحث أنّ الصحابة كانوا يرون جواز التوسّل, وعرفنا أنّ الخليفة عمر يرى صحّة الطلب من النبي’ بعد وفاته، كما في رواية مالك الدار, كما أنّه توسل بالعباس عمّ النبي’ وتوسّلت السيدة عائشة بقبر النبي’ حين أمرتهم بفتح كوّة على قبره إلى السماء, وكان أبو أيّوب الأنصاري يأتي قبر النبي’ ويقول: جئت رسول الله ولم آت الحجر, وقد علّم النبيّ صحابياً ضرير البصر دعاءً فيه توسّل بذاته الشريفة, وقد فهم الصحابي عثمان بن حنيف شمول ذلك لحال الحياة وما بعد الممات, فعلّمه لصاحب حاجة كان يأتي لعثمان بن عفان..

 وكلّ ذلك كان بمرأى من الصحابة والتابعين, ولم يكن هناك من مستشكل أو محرم لذلك, وقد استمرّت هذه السيرة بين العلماء وسائر أفراد المجتمع من دون نكير, حتّى جاء زمن ابن تيميّة وشذّ عن عموم المسلمين وفرّق الكلمة حين عدّ أكثر أنواع التوسل من الأمور البدعيّة أو الشركيّة, ونحاول هنا أن نذكر نماذج من أقوال وأفعال جملة من علماء أهل السنّة فيما يتعلق بالتوسّل الذي حرّمه الوهابيّة:

1ـ محمّد بن المنكدر >ت: 130هـ<: قال الذهبي: >وقال مصعب بن عبد الله: حدّثني إسماعيل بن يعقوب التيمي، قال: كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه، فكان يصيبه صمات، فكان يقوم كما هو حتّى يضع خده على قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمّ يرجع. فعوتب في ذلك، فقال: إنّه يصيبني خطر، فإذ وجدت ذلك، استعنت بقبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.

 وكان يأتي موضعاً من المسجد يتمرغ فيه ويضطجع، فقيل له في ذلك، فقال: إنّي رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذا الموضع<([704]).

ومحمّد بن المنكدر من التابعين فهل يعدّون استعانته بقبر النبي’ شركاً !؟

2ـ محمّد بن إدريس الشافعي >ت: 204هـ<: جاء في تاريخ بغداد: >أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمّد الصيمري قال أنبأنا عمر بن إبراهيم قال نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إنّي لأتبرّك بأبي حنيفة وأجيئ إلى قبره في كلّ يوم ـ يعني زائراًـ فإذا عرضت لي حاجة صلّيتُ ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عنّي حتّى تُقضى<([705]).

ولربّما قائل يقول: لا يوجد في كلام الشافعي ما يدلّ على التوسّل, بل كلّ ما فيه هو التبرّك والدعاء من الله.

ونقول في مقام الجواب: أنّ روح التوسّل موجودة في المقام, فهو يدعو الله ويسأله الحاجة عند القبر, وما ذلك إلا لكونه يرى أنّ القبر الذي يضم جسد أبي حنيفة وسيلة في تحقق الإجابة.

أضف إلى ذلك؛ أنّ السلفيّة يرفضون الدعاء والصلاة عند القبور مطلقاً، سواء كان هناك توسّل أم لم يكن, وهم بذلك يخالفون الإمام الشافعي, بل ويخالفون جلّ علماء الأمّة, ويرون أنّ الدعاء عند القبور وظنّ الإجابة من الله فيها بدعة محرّمة, قال ابن تيمية: >الأمور المبتدعة عند القبور مراتب:... الرابعة: أنْ يظن أنّ الدعاء عند القبر مجاب أو أنّه أفضل من المسجد فيقصد زيارته والدعاء عنده لأجل طلب حوائجه، وهذا أيضاً من المنكرات المبتدعة باتّفاق المسلمين وهي محرّمة, وما علمت في ذلك نزاعاً بين أئمّة الدين وإن كان كثير من المتأخرين يفعل ذلك<([706]).

فابن تيمية يرى أنّ كثيراً من علماء السنّة المتأخرين من المبتدعة, ومرادهم من المتأخرين هو من تأخر عن الطبقات الثلاثة الأولى, ويحدّونهم عادة بسنة 300 وما بعدها, فيكون بذلك غالبية علماء أهل السنة مبتدعة عند ابن تيمية من سنة 300 للهجرة تقريباً وإلى يومنا هذا!!

3ـ أحمد بن حنبل >ت:241هـ<: فقد جاء في منسك المروزي أنّه قال: >وحوّل وجهك إلى القبلة وسل الله حاجتك مُتوسّلاً إليه بنبيّه صلّى الله عليه وسلّم تقض من الله عزّ وجلّ<([707]).

وذكر الألباني أنّ الإمام أحمد أجاز التوسّل بالرسول’ وحده فقط([708]).

غير أنّ العبارة أعلاه تثبت أنّ أحمد يجيز التوسّل بالنبي’ ولا تنفي غيره, وإثبات الشيء لا ينفي ما عداه، كما هو معلوم.

كما أنّ الإمام أحمد كان يرى جواز مسّ قبر النبي’ وتقبيله:

قال عبد الله بن أحمد: >سألته [يعني أحمد بن حنبل] عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله عز وجل، فقال: لا بأس بذلك<([709]).

 وقال الذهبي: >وقد سئل أحمد بن حنبل عن مس القبر النبوي وتقبيله فلم ير بذلك بأساً، رواه عنه ولده عبد الله بن أحمد<([710]).

4ـ الحسن بن إبراهيم، أبو علي الخلال من مشايخ الحنابلة >من علماء القرن الثالث الهجري<: قال: «ما همّني أمرٌ، فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسّلت به، إلاّ سهّلَ الله تعالى لي ما أُحِبُّ»([711]).

5ـ إبراهيم الحربي >ت: 285<: أخرج الخطيب بسنده عن أبي علي الصفار، قال: >سمعت إبراهيم الحربي، يقول: قبر معروف، الترياق المجرب<([712]).

وقال الذهبي: >وعن إبراهيم الحربي قال: قبر معروف الترياق المجرب. يريد الدعاء عنده؛ لأنّ البقاع المباركة يستجاب فيها الدعاء<([713]).

وهنا نلاحظ أنّ الذهبي اعتبر قبر معروف من البقاع المباركة التي يستجاب الدعاء فيها, بينما يرى ابن تيمية أنّ ذلك من الأمور المبتدعة.

ويبدو أنّ زيارة قبر معروف الكرخي كانت مشهورة عند أهل بغداد لقضاء الحوائج, قال ابن خلّكان: >وأهل بغداد يستسقون بقبره ويقولون قبر معروف ترياق مجرب<([714]).

6ـ أحمد بن يحيى المعروف بابن الجلاء([715]) >ت: 306هـ<: قال القشيري: >وقال ابن الجلاء: دخلت المدينة وبي فاقة، فتقدمت إلى القبر، وقلت، أنا ضيفك يا نبي الله.. فغفوت غفوة، فرأيت النبي’ في نومي وقد أعطاني رغيفاً، فأكلت نصفه وانتبهت وبيدي النصف الآخر<([716]).

7ـ الحسين بن إسماعيل, أبو عبد الله ابن المحاملي >ت: 330هـ<: جاء في تاريخ بغداد: >حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري، قال سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد بن جميع يقول: سمعت أبا عبد الله بن المحاملي يقول: أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة, ما قصده مهموم إلاّ فرّج الله همّه<([717]).

والسند جيد، رجاله كلّهم من المحدثين الثقات.

والمحاملي قال عنه الذهبي: >الإمام العلامة المحدّث الثقة مسند الوقت<([718]).

فهل العلامة المحاملي كان مُشركاً أو مبتدعاً في نظر السلفيّة؟!

8ـ عبد الرحمن بن محمّد الزهري >ت: 336هـ <([719]): جاء في تاريخ بغداد: >أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي قال: نبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمّد الزهري قال سمعت أبي يقول: قبر معروف الكرخي مجرب لقضاء الحوائج ويقال إنّه من قرأ عنده مائة مرة قل هو لله أحد وسأل الله تعالى ما يريد قضى الله له حاجته<([720]).

والخبر جيّد الإسناد رجاله ثقات.

9ـ أبو الخير الأقطع([721]) >ت: 349هـ أو قريب من ذلك<: قال أبو عبد الرحمن السلمي: >سمعت منصور بن عبد الله الإصفهاني يقول: سمعت أبا الخير الأقطع: يقول دخلت مدينة رسول الله’ وأنا بفاقة, فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقاً, فتقدمت إلى القبر وسلّمت على النبي’وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقلت: أنا ضيفك الليلة يا رسول الله, وتنحيت ونمت خلف المنبر, فرأيت في المنام النبي’ وأبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله وعليّ بن أبي طالب بين يديه رضي الله عنهم, فحركني علي، وقال: قم, قد جاء رسول الله, قال: فقمت إليه وقبلت بين عينيه, فدفع إلي رغيفاً, فأكلت نصفه وانتبهت, فإذا في يدي نصف رغيف<([722]).

وهذه القصّة أوردها الذهبي كما أوضحنا في الهامش, نقلاً عن السلمي, من دون أن يعلّق عليها بشيء.

10ـ محمّد بن حِبّان صاحب الصحيح >ت: 354هـ<: قال في كتابه (الثقات) عند ترجمة الإمام علي بن موسى الرضا ×: >وهو علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن، من سادات أهل البيت وعقلائهم, وجلّة الهاشميين ونبلائهم... ومات علي بن موسى الرضا بطوس من شربة سقاه إياها المأمون فمات من ساعته... وقبره بسناباذ خارج النوقان مشهور يُزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مراراً كثيرة، وما حلّت بي شدّة في وقت مقامي بطوس فزرتُ قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جدّه وعليه ودعوت الله إزالتها عنّي إلا استجيب لي, وزالت عنّي تلك الشدة, وهذا شيء جربته مراراً, فوجدته كذلك، أماتنا الله على محبّة المصطفى وأهل بيته صلّى الله عليه وعليهم أجمعين<([723]).

وأيضاً فابن حبّان يدخل في خانة المبتدعة عند ابن تيمية!!!

11ـ الحافظ ابن المقرئ >ت: 381هـ< والحافظ الطبراني >ت: 360هـ< وأبو الشيخ الأنصاري >ت: 369هـ<: قال الذهبي: >وعن أبي بكر بن أبي عليّ قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ في مدينة الرسول عليه السلام، فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلمّا كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول الله الجوع. فقال لي الطبراني: اجلس, فإمّا أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وأبو الشيخ، فحضر الباب علوي، ففتحنا له، وإذا معه غلامان بزنبيلين فيهما شيء كثير، وقال: يا قوم شكوتموني إلى النبي’ فإنّي رأيته، فأمرني بحمل شيء إليكم<([724]).

ومن الواضح أنّ هذا النوع من التوسل هو الذي يصرّ الوهابية على أنّه من الشرك.

كما أنّه من الملاحظ أيضاً أنّ الذهبي ذكر هذه القصّة في ثلاثة من كتبه ولم يعلّق عليها بأيّ كلام, ولو كانت شركاً لما سكت الذهبي عنها.

12ـ الثعلبي >ت: 427هـ<: حيث ذكر في تفسير الآية {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}([725]) قصّة العتبي المشهورة والمتضمنة لطلب الاستغفار من النبي’ بعد وفاته, مقتصراً عليها في تفسير الآية, من دون أن يعلّق, ممّا يعني أنّ الطلب من النبي’ عنده جائز وليس من الشرك أو الحرام, وإلاّ فلا معنى لإيراده القصّة في تفسير الآية وسكوته عنها ([726]).

13ـ الخطيب البغدادي >ت: 463هـ<: حيث ذكر باباً في تاريخه أسماه: >باب ما ذكر في مقابر بغداد المخصوصة بالعلماء والزهاد<, وأورد تحت هذا الباب عدّة من الأخبار والقصص الواردة في التوسّل وقضاء الحاجة عند الميت وانتفاع الناس بوجود قبور الصالحين في ديارهم وغير ذلك, ولم يتعقّب ذلك بشيء يذكر, فلوكانت هذه الأمور شركاً أو محرّمة في نظره, لما كان هناك داعٍ لذكرها, خصوصاً أنّ سير البحث يقتضي أنّه أورد هذه الأمور لبيان فضيلة العلماء المدفونين في تلك الأمكنة([727]).

ونقتصر على ذكر عبارة واحدة له في ذلك, قال: >ومقبرة عبد الله بن مالك، دفن بها خلق كثير من الفقهاء والمحدّثين والزهاد والصالحين، وتعرف بالمالكية, ومقبرة باب البردان فيها أيضاً جماعة من أهل الفضل، وعند المصلّى المرسوم بصلاة العيد كان قبره يعرف بقبر النذور, ويقال: إنّ المدفون فيه رجل من ولد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يتبرّك الناس بزيارته، ويقصده ذو الحاجة منهم لقضاء حاجته<([728]).

14ـ جماهير الناس تتوسل بالحافظ أبي محمّد عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله ابن عبيد الله الحجري >ت: 591هـ<, قال الذهبي: >قال أبو الربيع بن سالم الحافظ: كان وقت وفاة أبى محمد بن عبيد الله قحط مُضِّّر, فلمّا وُضع على شفير القبر توسّلوا به إلى الله في إغاثتهم, فَسُقوا في تلك الليلة مطراً وابلاً، وما اختلف الناس إلى قبره مدّة الأسبوع الاّ في الوحل والطين<([729]).

ولم نلحظ من الذهبي أي استنكار أو تعليق على ذلك.

15ـ عبد الرحمن بن الجوزي >ت: 597هـ<: حيث ذكر في أوّل كتابه (الوفا) روايات توسّل نبيّنا آدم بالنبي’ محمّد([730]), مع تصريحه في مقدمة كتابه بأنّه لا يخلط في كتابه هذا الصحيح بالكذب([731]), مضافاً إلى ذلك فإنّه صرّح في موضع آخر من كتابه بأنّ توسل آدم بالنبي| هو من باب بيان فضله على الأنبياء، فقال: >ومن بيان فضله على الأنبياء: أنّ آدم سأل ربّه بحرمة محمّد أن يتوب عليه, كما ذكرنا<([732]).

16ـ محمّد بن عبد الله السامري الحنبلي >ت: 616هـ<: قال في كتابه (المستوعب) في باب >زيارة قبر الرسول’<: حيث جاء في جملة ما ذكره من أفعال الزيارة أن تقول وأنت متوجها إلى القبر الشريف: >اللهم إنّك قلت في كتابك لنبيك عليه السلام: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}، وإني قد أتيتك تائباً مستغفراً، فأسألك أن توجب لي المغفرة، كما أوجبتها لمن أتاه في حياته، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبيّ الرحمة, يا رسول الله إنّي أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي ذنوبي, اللهمّ إنّي أسألك بحقّه أن تغفر لي ذنوبي...<([733]).

17ـ عبد الله بن قدامة الحنبلي >ت: 620هـ<: وقد تقدّم كلامه سابقاً وقد جاء فيه أنّه يستحب أن تقول عند زيارة النبي’: >اللهمّ انّك قلت وقولك الحقّ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}، وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي، مستشفعاً بك إلى ربّي، فأسألك يا ربّ أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه في حياته...< ([734]).

18ـ ابن الأثير الجزري >ت: 630 هـ<: حيث توسّل بالنبي وآله بقوله: >وهذه سُنّة الدنيا فأفٍّ لها ثمّ أفِّ نسأل الله أن يختم أعمالنا بالحسنى ويجعل خير أيامنا يوم نلقاه بمحمّد وآله<([735]).

وقال: >فنسأل الله أن يحسن لنا العون والعقبى بمحمّد وآله<([736]).

19ـ عبد العزيز بن عبد السلام >ت: 660هـ<: حيث كان يرى جواز التوسّل بذات النبي’ كما نقل عنه الألباني والشوكاني([737]), نعم هو قصر جواز التوسل على ذات النبي’ ولم يُجز التوسّل بغيره.

20 ـ القرطبي >ت: 671هـ<: في تفسيره في ذيل الآية الشريفة: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}([738]). حيث ذكر رواية الأعرابي الذي جاء إلى قبر النبي’ وقرأ الآية وطلب الاستغفار من النبي’, فنودي من القبر أنّه قد غفر لك, ولم يذكر شيئاً آخر في تفسير الآية ولم يعلّق برفض القصّة, ولو كانت شركاً أو أمراً محرّماً فلا معنى لذكره لها، وتفسيره الآية بها([739]).

وقال في التذكرة: >قال علماؤنا: ويستحب لك ـ رحمك الله ـ أن تقصد بميتك قبور الصالحين ومدافن أهل الخير فتدفنه معهم، وتنزله بإزائهم، وتسكنه في جوارهم تبرّكاً بهم وتوسّلاً إلى الله عزّ وجل بقربهم<([740]).

21ـ الإمام الكبير محيي الدين النووي الشافعي >ت: 676هـ<: حيث نقلنا له سابقاً كلاماً حول زيارة النبي’ جاء فيه: >ويتوسّل به في حقّ نفسه, ويستشفع به إلى ربّه سبحانه وتعالى, ومن أحسن ما يقول: ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيّب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له< وذكر قصّة العتبي المشهورة المتقدم ذكرها([741]).

وقال في موضع آخر: >ويستحب إذا كان فيهم رجل مشهور بالصلاح أن يستسقوا به فيقولوا: اللهمّ إنّا نستسقي ونتشفّع إليك بعبدك فلان<، وأردف كلامه بنقل قصّة توسّل عمر بالعباس المتقدمة([742]).

22ـ عبد الرحمن بن قدامة الحنبلي >ت: 682هـ<: حيث ذكر نحو ما تقدّم في كلام عبد الله بن قدامة([743]).

23ـ محمّد بن محمّد العبدري المالكي >ت: 737هـ<: قال عند كلامه عن زيارة النبي’: >فمن توسّل به, أو استغاث به, أو طلب حوائجه منه, فلا يُردّ ولا يُخيّب؛ لما شهدت به المعاينة والآثار<([744]).

وقال: >فالتوسّل به عليه الصلاة والسلام هو محلّ حط أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا؛ لأنّ بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب؛ إذ أنّها أعظم من الجميع...<([745]).

وقال عند كلامه عن زيارة القبور: >فإن كان الميت المُزار ممّن تُرجى بركته فيتوسل إلى الله تعالى به، وكذلك يتوسل الزائر بمن يراه الميت ممن ترجى بركته إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، بل يبدأ بالتوسل إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ هو العمدة في التوسل والأصل في هذا كلّه والمُشرِّع له فيتوسل به صلّى الله عليه وسلّم وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه: أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس، فقال: اللهمّ كنّا نتوسل إليك بنبيّك صلّى الله عليه وسلّم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا. فيسقون. ثم يتوسل بأهل تلك المقابر أعني بالصالحين منهم في قضاء حوائجه ومغفرة ذنوبه...<([746]).

24ـ أبو حيّان الأندلسي >ت: 745هـ< حيث ذكر بعد تفسيره للآية الكريمة: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ...}: ما ورد عن الأعرابي الذي جاء إلى قبر النبي’ وقرأ الآية وطلب الاستغفار من النبي’، فنودي من القبر بأنّه قد غفر لك([747]).

ونلاحظ أنّه لو كان أبو حيّان يرى اختصاص الآية بحياة النبي’ أو أنّ الطلب من النبي’ شرك فلا معنى لإيراده هذا الخبر هنا, خصوصاً مع سكوته وعدم تعليقه عليه بأي رفض, وهذا يدلك على أنّه يرى جواز الطلب من النبي’ بعد موته.

25ـ الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي >ت: 748هـ<: حيث نقل قصصاً عديدة عن العبّاد والزهاد, وفيها أنّهم طلبوا من النبي’ فاستجاب لهم وقضى حوائجهم([748]), ولم يعلّق عليها بشيء يذكر,كما أنّه صرّح بأنّ قبر معروف الكرخي من الأماكن المباركة التي يستجاب الدعاء بها([749]), وصرّح أيضاً بأنّ الدعاء مستجاب عند قبر السيدة نفيسة, بل وعند قبور الأنبياء والصالحين([750]).

ويبدو أنّ الحافظ الذهبي لا يعيش عقدة القبور كما يعيشها السلفيّة, لذا نراه يُجوّز استلام قبر النبي’ وتقبيله, قال في ذلك: >وقد سئل أحمد بن حنبل عن مسّ القبر النبوي وتقبيله فلم ير بذلك بأساً، رواه عنه ولده عبد الله بن أحمد, فإن قيل: فهلا فعل ذلك الصحابة؟!  قيل: لأنّهم عاينوه حيّا، وتملّوا به وقبّلوا يده، وكادوا يقتتلون على وضوءه، واقتسموا شعره المطهّر يوم الحجّ الأكبر، وكان إذا تنخّم لا تكاد تقع إلاّ في يد رجل فيدلك بها وجهه، ونحن لما لم يصح لنا مثل هذا النصيب الأوفر, ترامينا على قبره, بالالتزام والتبجيل، والاستلام والتقبيل، ألا ترى كيف فعل ثابت البناني؟! كان يُقّبل يد أنس بن مالك ويضعها على وجهه ويقول: يد مسّت يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ إذ هو مأمور بأن يحبّ الله ورسوله أشدّ من حبّه لنفسه وولده والناس أجمعين، ومن أمواله ومن الجنة وحورها...<([751]).

26ـ تقي الدين السبكي >ت: 756هـ<: حيث فصّل القول في جواز التوسّل بأنواعه المختلفة التي ذكرناها ومنها الطلب والاستغاثة بالنبي’ بعد موته, في كتابه المعروف بـ (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) وخصّص الباب الثامن منه لبيان التوسل والاستغاثة والتشفّع بالنبي’, وجاء في أوّل الباب: >اعلم: أنّه يجوز ويحسن التوسّل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى ربّه سبحانه وتعالى.

وجواز ذلك وحُسْنه من الأمور المعلومة لكلّ ذي دين، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين، وسير السلف الصالحين، والعلماء والعوام من المسلمين. ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، ولا سمع به في زمن من الأزمان، حتّى جاء ابن تيمية، فتكلّم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار<([752]).

27ـ ابن كثير الدمشقي>ت: 774هـ<, حيث قال في تفسيره عقب الآية {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ...}: >يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم، فإنّهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم؛ ولهذا قال: {لو جدوا الله تواباً رحيماً}.

 وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي، قال: كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول: {ولو أنهم إذ ظلموا...}، وساق قصّة العتبي المتقدّمة<([753]).

 ولم يتعقّبها بأيّ رفض, ممّا يدلل على عدم ذهابه لحرمة الفعل أو كونه شركاً.

28ـ ابن حجر العسقلاني>ت: 852هـ<: حيث قال: >إنّ الناس يوم القيامة يستصحبون حالهم في الدنيا من التوسل إلى الله في حوائجهم بأنبيائهم<([754]) فهو يقرّ بمشروعيّة توسّل الناس بالدنيا بأنبيائهم.

وتقدّم في أثناء البحث ما يدل على تبنّيه جواز التوسل([755]).

29ـ علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الحنبلي>ت: 885هـ< قال في (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل): >يجوز التوسّل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب, وقيل: يستحب< ([756]).

30ـ نور الدين السمهودي >ت: 911هـ<: حيث قال: >اعلم أنّ الاستغاثة والتشفع بالنبي’ وبجاهه وبركته إلى ربّه تعالى من فعل الأنبياء والمرسلين, وسير السلف الصالحين, واقع في كلّ حال, قبل خلقه صلى الله تعالى عليه, وبعد خلقه, وفي حياته الدنيوية, ومدة البرزخ, وعرصات القيامة<([757])، وأقام عدّة أدلّة على ذلك, وصرّح بجواز التوسل، الذي يعدّه السلفية شركاً، وهو الطلب من النبي’ بعد وفاته, فقال: >وقد يكون التوسّل به’ بعد الوفاة بمعنى طلب أنْ يدعو كما كان في حياته<، وذكر قصّة مالك الدار التي بيّناها مفصّلة, وقال بعد ذلك: >ومحلّ الاستشهاد طلب الاستسقاء منه صلّى الله تعالى عليه وسلّم وهو في البرزخ ودعاؤه لربّه في هذه الحالة غير ممتنع, وعلمه بسؤال من يسأله قد ورد, فلا مانع من سؤال الاستسقاء وغيره منه كما كان في الدنيا<([758]).

كما أنّه ذكر عدّة من قصص الاستغاثة بالنبي’ والطلب منه بعد وفاته, وقال بعدها: >والحكايات في هذا الباب كثيرة، بل وقع لي شيء منها: أني كنت بالمسجد النبوي عند قدوم الحاج المصري للزيارة، وفي يدي مفتاح الخلوة التي فيها كتبي بالمسجد، فمرّ بي بعض علماء المصريين ممّن كان يقرأ على بعض مشايخي، فسلّمت عليه، فسألني أن أمشي معه إلى الروضة الشريفة، وأقف معه بين يدي النبي’ ففعلت، ثم رجعت فلم أجد المفتاح، وتطلّبتُهُ في الأماكن التي مشيت إليها فلم أجده، وشقّ عليَّ ذهابه في ذلك الوقت الضيّق مع حاجتي إليه، فجئت إلى النبي’ وقلت: يا سيدي يا رسول الله, ذهب مفتاح الخلوة، وأنا محتاج إليه وأريده من بابك، ثم رجعت فرأيت شخصاً قاصداً الخلوة، فظننتهُ بعض من أعرفه، فمشيت إليه، فلم أجده إيّاه، ووجدت صغيراً لا أعرفه بقرب الخلوة بيده المفتاح، فقلت له: من أين لك هذا؟ فقال: وجدتُهُ عند الوجه الشريف، فأخذتُه منه, وغير ذلك مما يطول ذكره<([759]).

31ـ ابن حجر الهيتمي (ت: 974هـ): حيث قال: >يُسنّ إذا فرغ من السلام على الشيخين أن يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به صلّى الله عليه وسلم إلي ربه سبحانه وتعالى له ولأحبابه, قال أصحابنا وغيرهم من أهل المناسك من جميع المذاهب: ومن أحسن ما يقول: ما جاء عن محمد العتبى ـ روى عن ابن عيينة وعده بعضهم في مشايخ الشافعي رحمه الله تعالى ـ قال: كنت جالساً عند قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم، فجاءه أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله<، وذكر قصّة العتبي المشهورة([760]).

وقال في (الخيرات الحسان في مناقب أبي حنيفة النعمان): >إعلم أنّه لم يزل العلماء وذوو الحاجات يزورون قبره ويتوسلون عنده في قضاء حوائجهم ويرون نجح ذلك...<([761]).

وقال في (الجوهر المنظم): >من خرافات ابن تيمية التي لم يقلها عالم قبله، وصار بها بين أهل الإسلام مثلة, أنّه أنكر الاستغاثة والتوسّل به صلّى الله عليه وسلّم، وليس ذلك كما أفتى به، بل التوسّل به حسن في كلّ حال قبل خلقه وبعد خلقه في الدنيا والآخرة< وساق جملة من الأدلّة, وقال: >ولا فرق بين ذكر التوسل والاستغاثة والتشفع والتوجه به صلّى الله عليه وسلّم أو بغيره من الأنبياء وكذا الأولياء وفاقاً للسبكي<([762]).

32ـ الشيخ المحدّث عبد الحق الدهلوي >ت: 1052هـ<: قال ما محصّله على ما ذكره الشيخ السندي:

>وأمّا الاستمداد بأهل القبور فقد أنكره بعض الفقهاء، فإنْ كان الإنكار من جهة لا سماع لهم ولا شعور، فقد ثبت بطلانه، وإن كان بسبب أن لا قدرة لهم ولا تصرّف في ذلك الموطن بل هم محبوسون عن ذلك ومشتغلون بما عرض لأنفسهم من المحنة فأشغلهم عما عداهم، فلا نرى ذلك كلياً خصوصاً في شأن المتقين الذين هم أولياء الله، فيمكن أن يحصل لأرواحهم عند الربّ تعالى من القرب في البرزخ والمنزلة والقدرة على الشفاعة والدعاء وطلب الحاجات لزائريهم المتوسلين بهم ما يحصل لهم يوم القيامة, وما الدليل على نفي ذلك وقد فسّر البيضاوي قوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} إلى قول {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} بصفات النفوس الفاضلة حال المفارقة، فإنها تنزع عن الأبدان غرقاً، أي نزعاً شديداً، من أغرق النازع في القوس، فتنشط إلى عالم الملكوت وتسبح فيه، فتسبق إلى حضائر القدس فتصير بشرفها وقوتها من المدبرات.

وما أدري ما المراد بالاستمداد الذي ينفيه المنكر، والذي يفهم أن الداعي المحتاج الفقير يدعو الله تعالى ويطلب حاجاته من الله تعالى، ويتوسل بروحانية هذا العبد المقرب المكرم عنده تعالى، ويقول: اللهمّ ببركة هذا العبد الذي رحمته وأكرمته وبما لك به من اللطف والكرم اقض حاجتي وأعطني سؤلي، إنك أنت المعطي الكريم، أو ينادي هذا العبد المكرم المقرب عند الله تعالى، ويقول: يا عبد الله ويا وليه اشفع لي وادع ربّك وسله أن يعطيني سؤالي ويقضي حاجتي، فالمعطي والمسؤول منه، والمأمول منه هو الرب تعالى وتقدس، وما العبد في البين إلا وسيلة، وليس الفاعل والقادر والمتصرف إلا هو، وأولياء الله تعالى الفانون الهالكون في فعله ـ تعالى ـ وقدرته ولسطوته لا فعل لهم ولا قدرة لهم ولا تصرف، لا الآن ولا حين كانوا أحياء في دار الدنيا، فإنّ صفتهم الفناء والاستهلاك ليس إلاّ، ولو كان هذا شركاً وتوجهاً إلى غير، كما يزعمه المنكر، فينبغي أن يمنع التوسل وطلب الدعاء من الصالحين من عباد الله وأوليائه في حال الحياة أيضاً، وليس ذلك مما يمنع فإنه مستحب ومستحسن شائع في الدين...<([763]).

33ـ الشرنبلالي الحنفي >ت: 1069هـ <: في كتابه (مراقي الفلاح): وقد تقدّم ذكر كلماته, وممّا جاء فيها, أنّه ممّا ينبغي للزائر أن يقوله أمام قبر النبي’: >يا رسول الله, نحن وفدك وزوار حرمك, تشرفنا بالحلول بين يديك, وقد جئناك من بلاد شاسعة وأمكنة بعيدة نقطع السهل والوعر بقصد زيارتك لنفوز بشفاعتك والنظر إلى مآثرك ومعاهدك والقيام بقضاء بعض حقك والاستشفاع بك إلى ربنا؛ فإن الخطايا قد قصمت ظهورنا، والأوزار قد أثقلت كواهلنا، وأنت الشافع المشفع، الموعود بالشفاعة العظمى، والمقام المحمود، وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} وقد جئناك ظالمين لأنفسنا مستغفرين لذنوبنا فاشفع لنا إلى ربك، واسأله أن يميتنا على سنتك، وأن يحشرنا في زمرتك، وأن يوردنا حوضك وأن يسقينا بكأسك غير خزايا ولا نادمين، الشفاعة الشفاعة يا رسول الله...<([764]).

34ـ محمّد بن عليّ الشوكاني >ت: 1250 هـ<: حيث قال معلّقاً على حديث الضرير: >وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله إلى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى وأنّه المعطي المانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن<([765]).

وقال: >وأمّا التوسّل بالصالحين فمنه ما ثبت في الصحيح أنّ الصحابة استسقوا بالعبّاس رضي الله عنه عم رسول الله، وقال عمر رضي الله عنه اللهمّ إنّا نتوسل إليك بعمّ نبيّنا<([766]).

وقال أيضاً: >ولا يخفاك أنّه قد ثبت التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في حياته، وثبت التوسّل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعا سكوتياً لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في التوسّل بالعبّاس رضي الله عنه, وعندي أنّه لا وجه لتخصيص جواز التوسّل بالنبيّ كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين:

 الأول: ما عرفناك به من إجماع الصحابة رضي الله عنهم.

 والثاني: أنّ التوسّل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسّل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة إذ لا يكون الفاضل فاضلاً إلاّ بأعماله.

 فإذا قال القائل: اللهمّ إنّي أتوسّل إليك بالعالم الفلاني فهو باعتبار ما قام به من العلم وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة، فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز أو كان شركاً كما يزعمه المتشددون في هذا الباب، كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه لم تحصل الإجابة لهم ولا سكت النبي عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم...<([767]).

35ـ الشيخ محمّد عابد السندي >ت: 1257هـ<: حيثُ ألّف رسالة أسماها: (التوسّل, وأحكامه وأنواعه) جواباً عن سؤال وصل إليه حول قول القائل: أغثني يا رسول الله, وهل الجواز على فرضه مختص بالرسول أم يشمل غيره من الأولياء؟ وقد أجاب الشيخ عن السؤال مبيّناً جواز الاستغاثة بالنبي’ بعد وفاته وكذا بالأولياء والصالحين, وأثبت فيه أيضاً جواز التوسل بالذات بعد الوفاة, وقد افتتح رسالته بقوله: >فلا يخفى أنّ قول القائل أغثني يا رسول الله, ما أراه مستنكراً ولا مستقبحاً...<([768]).

36ـ الشيخ عبد الغني المجددي الدهلوي([769]) >ت: 1296هـ<: قال في (إنجاح الحاجة شرح سسن ابن ماجة) معلّقاً على حديث الضرير: >ذكر شيخنا عابد السندي في رسالته: والحديث يدلّ على جواز التوسّل والاستشفاع بذاته المكرّم في حياته، وأمّا بعد مماته فقد روى الطبراني في الكبير عن عثمان بن حنيف أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فذكر الحديث< وأضاف: >وقد كتب شيخنا المذكور رسالة مستقلّة فيها التفصيل من أراد فليرجع إليها<([770]).

37ـ أبو بكر ابن السيّد محمّد شطا الدمياطي الشافعي >ت1310هـ): حيث تقدّم كلامه حول زيارة القبر النبوي الشريف, وممّا جاء فيه أن يقول الزائر قبالة وجهه >إنّ الله تعالى أنزل عليك كتاباً صادقاً قال فيه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربّي< إلى آخر ما ذكرناه سابقاً([771]).

38ـ الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني >ت 1350هـ<: حيث ألّف كتاباً بعنوان: (شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق) ضمّنه أدلّة وشواهد على مشروعية التوسل بأنواعه التي ذكرناها.

وغير ذلك من الكلمات الكثيرة والتي تدلّ صراحة على أنّ التوسل مسألة مشروعة سار عليها العلماء قديماً وحديثاً، ولم يكن هناك منكر غير ابن تيمية ومن تبعه.


 

المرحلة الثانية: نقد القفاري ومناقشة الشبهات العامّة حول التوسّل

تقدّم في المرحلة الأولى بيان حكم أصل التوسل، وبيان مشروعيّة أقسام عديدة منه, بحسب الأدلّة الشرعية والتي كان بعضها من القرآن والآخر من السنّة النبوية المباركة, وأكملنا البحث بذكر كلمات جملة من علماء أهل السنّة القائلين بمشروعيّته, ومن خلاله اتّضح أنّ التوسل بأنواعه المختلفة غير مختص بفرقة الشيعة، بل هم كسائر المسلمين يتوسلون إلى الله بأسمائه وصفاته وبالعمل الصالح وبذوات الأنبياء والأئمة والصلحاء وغير ذلك ممّا تقدّم في البحث, وحينئذٍ فإنّ الشبهات المثارة حول التوسل غير مختصّة بالشيعة, بل شاملة لأهل السنّة, فرمي الشيعة بالكفر أو البدعة يلازم تكفير أو تبديع غيرهم ممّن قالوا به، كالإمام أحمد و النووي وغيرهم من علماء الحنابلة والشافعية والمالكية والحنفية, والذين ورد ذكرهم فيما تقدّم.

 من هنا سنذكر في هذه المرحلة الشبهات التي أثارها القفاري حول الشيعة في مسألة التوسل، ثم بعد ذلك نتطرق إلى بعض الشبهات الأخرى التي تثار هنا وهناك حوله، لنزنها بميزان الحق والإنصاف, فسيتمحور البحث في هذه المرحلة في محورين:

محوران في البحث

المحور الأول: نقد كلمات القفاري

المحور الثاني: نقد الشبهات العامّة

المحور الأول: شبهات القفاري والجواب عنها

قد حان الوقت لنقف على كلمات القفاري ونرى قيمتها العلميّة من حيث اعتماده على الدليل الصحيح من عدمه, وقوله الحق وعدم تعصّبه من عدمه, فقد ذكر القفاري مسألة عنونها تحت اسم: > لا يقبل الدعاء إلاّ بأسماء الأئمّة<، ثمّ ذكر كلاماً طويلاً تحت هذا العنوان ضمّنه شواهد لمدّعاه وطرح من خلاله عدّة شبهات، واستشهد لذلك بما ورد عن أهل البيت^ :>من دعا الله بنا أفلح, ومن دعا بغيرنا هلك واستهلك<.

كما ذكر أنّه بلغت جرأة الشيعة أنْ قالوا: >أنّ دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم صلوات الله عليهم أجمعين<، وادّعى أنّ هذا الزعم الخطير يهدف بطريقة ماكرة, وأسلوب مقنع إلى تأليه الأئمّة، وأنّهم ملجأ المحتاجين ومفزع الملهوفين وأمان الخائفين وقبلة الداعين ولا تستجاب الدعوات إلا بذكر أسمائهم, فأيّ فرق بين هذا وبين ما يزعمه المشركون في أصنامهم؟

 ثم ادّعى أنّ المشركين أحسن حالاً من الشيعة!! لأنّ المشركين في وقت الشدّة يخلصون الدعاء لله: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أمّا الشيعة فإنّهم يشركون في الرخاء والشدّة, بل يزعمون أنّ الشدّة لا ترفع إلا بالدعاء بأسماء الأئمّة.

وأضاف: أنّ الله يقول: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ولم يقل فادعوه بأسماء الأئمّة أو مقامات الأئمّة أو مشاهدهم. وقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ولو كان أساس قبول الدعاء ذكر أسماء الأئمّة لقال ادعوني بأسماء الأئمّة استجب لكم! ثمّ أضاف أيضاً: بأنّ هذا يتنافى مع إجابة الدعاء؛ لأنّه يتنافى مع الإخلاص في الدعاء الذي هو أصل الإجابة.

 وزعم أنّ الأئمّة من سائر البشر، كما يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ولم يجعل الله عزّ وجلّ بينه وبين خلقه في عبادته ودعائه وليّاً صالحاً ولا ملكاً مقرباً ولا نبيّاً مرسلاً، بل الجميع عباد الله([772]).

بيان مغالطة القفاري

يمكن أن يقال ـ كمقدّمة قبل الإجابة بشكل تفصيلي ـ: إنّ من الطرق التي اتّبعها أتباع محمّد بن عبد الوهاب هي التكتّم على كثير من الأمور التي يؤمن بها أهل السنة ومحاولة تسليط الضوء في شبهاتهم على خصوص الشيعة الإماميّة, ولا نشكّ في أنّ الغرض من ذلك هو تشويه صورة مذهب أهل البيت عند المسلمين, ولذا نلاحظ القفاري استخدم هنا مغالطة مكشوفة كعادته في هذا الكتاب, فعنون موضوع التوسّل بـ >قولهم: لا يقبل الدعاء إلا بأسماء الأئمّة<([773]) ولم يعنون المسألة: بالتوسّل بالذوات مثلاً التي هي محل الخلاف بينه وبين المسلمين.

والذي دعاه إلى هذه المغالطة علمه بأنّ إمام الحنابلة أحمد بن حنبل كان ممّن يتوسّل بذات النبي’([774])، وأنّ الروايات في التوسّل بالذوات صحيحة عند أهل السنّة، وقد آمن بها الكثير من علمائهم, فحاول بعنوانه هذا إيهام القرّاء بأنّ للشيعة توسّلاً خاصّاً بهم مخالفاً لروح القرآن والسنة, ثم نجده في أثناء بحثه قد تعرض إلى مسألة التوسل بالذوات، لكنه لم يشأ أن يعنون البحث بها ابتداءً؛ لئلا يكون تكفيره للشيعة ـ الذي يسعى له ـ تكفيراً لإمام الحنابلة أوّلاً وتكفيراً لعلماء وعوام المسلمين من عهد الصحابة وإلى يومنا هذا ثانياً.

وبعد هذه المقدمة نتعرض فيما يأتي من أبحاث إلى ما ذكره القفاري من شبهات ونجيب عنها تباعاً إنشاء الله تعالى:

الشبهة الأولى: لا يقبل الدعاء إلاّ بأسماء الأئمة

ادّعى القفاري أنّ الشيعة يقصرون إجابة الدعاء على التوسّل بأسماء الأئمة, واستشهد لذلك بما روي عن الباقر× :>من دعا الله بنا أفلح, ومن دعا بغيرنا هلك واستهلك<([775]).

الجواب

أولاً: أنّه مجرد دعوى يعوزها الدليل الصحيح, فالتوسل المعروف عند الشيعة، وكذا عامة المسلمين، هو التوسل بأسماء وصفات الله, والتوسل بذوات الأنبياء والأولياء والصالحين، وبالأعمال الصالحة, , وغيرها من أنواع التوسل الجائز([776]), وها هم الشيعة منتشرون في بقاع الأرض, وأعمالهم معروفة, وتوسلهم لا يخرج عن هذه الأنواع، حالهم حال غيرهم من المسلمين.

ثانياً: أنّ الرواية التي ذكرها القفاري ـ كشاهد على أنّ الشيعة يعتقدون أنّ الدعاء لا يقبل إلا بأسماء الأئمة ـ هي ما ورد عن الإمام الباقر، وجاء فيها: >من دعا الله بنا أفلح, ومن دعا بغيرنا هلك واستهلك<، وهذه الرواية لا تحقق المدّعى؛ وذلك لأنّ معنى الرواية ينحصر في أمرين، وكلاهما لا يحقق الدعوى:

1ـ أن يكون المراد من الدعاء هنا ـ في أحد معانيه ـ الإقبال على الله تعالى عن طريق اتباع نهج أئمّة أهل البيت^ دون الإقبال عليه باتباع نهج غيرهم؛ إذ الأول فيه الفلاح والنجاح والثاني فيه الخسران والهلاك، فالرواية تقرر أنّ الطريق الصحيح المقرّب لله والمنجي من عذابه هو اتّباع منهجهم دون سواهم؛ باعتبارهم يحملون السنّة النبويّة المباركة, وهذه ـ كما لا يخفى ـ ركيزة أساسيّة في المذهب الشيعي لها أدلّتها القطعيّة, وبحثها والكلام حولها غير متعلق بمبحث التوسل.

ولا ريب في أنّ القفاري عرف المقصود من الرواية إلاّ أنّه تعمد جعلها شاهداً لعنوانه؛ خدمة لغرضه وتضليلاً منه للقارئ, خصوصاً أنّ المجلسي صاحب كتاب البحار قد أورد الرواية تحت عنوان: >باب: أنّ الناس لا يهتدون إلا بهم، وأنّهم الوسائل بين الخلق وبين الله، وأنّه لا يدخل الجنّة إلا من عرفهم<([777]).

2ـ أنّ يكون المراد بالدعاء هنا التوسل بحقّ وجاه أئمة أهل البيت^ عند الله تعالى, كأنْ يقول القائل: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمد, وقد ورد في ذلك عدة روايات منها: عن سماعة، قال: قال لي أبو الحسن ×:> إذا كان لك يا سماعة عند الله حاجة، فقل: اللهم إني أسألك بحقّ محمّد وعلي، فإنّ لهما عندك شأناً من الشأن وقدراً من القدر، فبحقّ ذلك الشأن وبحقّ ذلك القدر أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تفعل بي كذا وكذا<([778]).

 فأين هذا من عنوان البحث: >لا يقبل الدعاء إلاّ بأسماء الأئمّة<؟! وأين موقع أسماء أهل البيت من الرواية؟!! وكيف دلّت على حصر قبول الدعاء بأسمائهم؟

ثالثاً: لو قبلنا جدلاً أنّ الرواية تدلّ على التوسّل بخصوص الأسماء لا الذوات, فإنّ التوسّل بالأسماء راجع في حقيقته إلى التوسل بالذوات بالبداهة؛ لأنّ المتوسل سيكون قاصداً الاسم الكاشف عن تلك الذات المتفانية في طاعة الله تعالى وحبه, ولا نتعقل معنى للتوسل بالاسم الخالي عن أي محتوى وغير الكاشف عن المسمّى, ومن هنا نرى الإمام أحمد بن حنبل يُعلّق على سند رواية فيها أسماء أهل البيت عليهم السلام من الإمام الرضا إلى الرسول الأكرم’, قائلاً: >لو قرأتُ هذا الإسناد على مجنون لبُرئ من جنته<([779]). ولا شکّ فی أنّ الإمام أحمد بن حنبل يشير إلى عظمة ومكانة وقداسة النبي’ وأئمّة أهل البيت عليهم السلام ولا يقصد من ذلك ذكر وقراءة أسمائهم من دون قصد المسمّى.

ولا شكّ في أنّ هذه الأسماء الكاشفة عن تلك الذوات الطاهرة هي من أحب الأسماء إلى الله سبحانه وتعالى، فالتوسل بها هو توسل بذواتهم الطاهرة، وهو جائز ومشروع على ما سيأتي.

رابعاً: أنّ الرواية التي استدل بها القفاري غير معتبرة سنداً؛ إذ يكفي في ضعفها وجود محمد بن المشمعل([780])، وهو مجهول, وهذا كاف في طرحها وعدم التعويل عليها.

وخلاصةالقول: أنّ القفاري قد افترى وتجنّى على الشيعة بما ليس له واقع أو حقيقة, معتمداً في كلامه على رواية غير معتبرة سندياً وغير تامّة دلالة!!

هذا وقدتبين أنّ للتوسّل أنواعاً عديدة مشروعة قد دلّ عليها الدليل, وهي مشتركة بين الشيعة وأهل السنّة, فحتّى الإمام أحمد كان يجوّز التوسل بذات النبي’, فما ذكره القفاري ليس له نصيب أو صحّة من الواقع. أضف إلى ذلك؛ فإنّ سيرة علماء الشيعة قديماً وحديثاً قائمة على جواز ومشروعيّة الدعاء من دون توسّل, فالتوسّل مشروع لكن ليس شرطاً في صحّة الدعاء, فكيف يمكن أن نتصور عدم استجابة الدعاء إلا بأسماء الأئمّة، مع أنّ السيرة العلمائية للشيعة قائمة على جواز الدعاء من غير توسّل بالأساس, فضلاً عن حصر ذلك بأسمائهم!!

الشبهة الثانية: دعاء الأنبياء استجيب بالتوسّل بالأئمة

ذكر القفاري أنّه بلغت جرأة الشيعة أنْ قالوا: >أنّ دعاء الأنبياء استجيب بالتوسّل والاستشفاع بهم, صلوات الله عليهم أجمعين< وأشار إلى أنّ صاحب البحار وغيره ذكروا مجموعة من النصوص في ذلك, وأنّ بعض هذه النصوص وردت في مصادر الشيعة المعتمدة, وادّعى أنّ هذا الزعم الخطير يهدف إلى تأليه الأئمّة وأنّهم ملجأ المحتاجين ومفزع الملهوفين... ولا تستجاب الدعوات إلا بذكر أسمائهم, فأيّ فرق بين هذا وبين ما يزعمه المشركون في أصنامهم؟ وأضاف إلى ذلك نصّاً يتضمّن نجاة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بسبب التوسل بحقّ أهل البيت([781]).

الجواب

لقد خلط القفاري كعادته المواضيع بعضها مع بعض لغرض تشويش القارئ, وشحن ذهنه بمزيد افتراءات على الشيعة, وكلامه أعلاه يمكن تقسيمه إلى قسمين:

الأوّل: أنّ دعاء الأنبياء استجيب بالتوسّل والاستشفاع بأهل البيت.

الثاني: أنّ ذلك يهدف إلى تأليه الأئمّة, وأنّهم ملجأ المحتاجين ومفزع الملهوفين وأمان الخائفين وقبلة الداعين ولا تستجاب الدعوات إلا بذكر أسمائهم, فلا فرق بين هذا وبين ما يزعمه المشركون في أصنامهم!!

أمّا القسم الأوّل: فنلاحظ أنّ القفاري وكعادته في تضليل الأذهان يجانب الأمانة العلميّة في نقله عن الشيعة, فحاول الإيحاء تارة بأنّه ينقل من مصادر الشيعة المعتمدة, وقد ذكر منها في هامشه تفسير العياشي وتفسير الإمام العسكري والاحتجاج للطبرسي, وهو بهذا يكشف عن جهله بمصادر الشيعة, فإنّ هذه الكتب الثلاثة ليست بحجّة عند الشيعة لا في الأحكام ولا في العقيدة؛ لأنّ تفسير العياشي والاحتجاج للطبرسي, رواياتها مراسيل, أي لم تُذكر فيها أسانيدهم إلى الراوي الذي نقل الخبر, فلا نعلم الواسطة بين المؤلف وراوي الخبر, ومعلوم عند القفاري وغيره أنّ هذا النوع من الأحاديث ليس بحجّة ولا ينهض في مقام الاستدلال, وأمّا تفسير العسكري فغير ثابت, فقد نقله عن الإمام راويان وهما: علي بن محمّد بن سيار وزميله يوسف بن محمد بن زياد وكلاهما مجهول الحال على ما ذكر السيد الخوئي, بل أضاف قائلاً: >هذا مع أنّ الناظر في هذا التفسير لا يشكّ في أنّه موضوع، وجلّ مقام عالم محقّق أن يكتب مثل هذا التفسير، فكيف بالإمام عليه السلام<([782]).

وأمّا كتاب البحار الذي نقل منه كثيراً, فهو ليس بمصدر, بل هو كتاب جامع لمعظم الروايات الواردة في كتب الشيعة بغض النظر عن صحّتها من عدمه, بل إنّ بعض الكتب لم تثبت لمؤلفيها بالأساس, فهو من قبيل كتاب كنز العمّال عند السنّة, فهو كتاب جامع للروايات, وليس مصدراً أوليّاً لها, ومن العجائب أن ترى استخفاف الوهابية بمن يستدلّ بكتاب كنز العمّال, لكنّهم يستدلون بالبحار!!

ومضافاً لمحاولة إيحائه للقارئ بأنّه ينقل من الكتب المعتمدة, حاول أنْ يوحي للقارئ أيضاً بأنّ الشيعة ترى أنّ الأنبياء يتوسّلون بأهل البيت بمعزل عن النبي محمّد’, فبعد أن ادّعى أنّ الشيعة يرون عدم قبول الدعاء إلا بأسماء الأئمّة, أردفها بقوله أنّه بلغت جرأتهم أن قالوا إنّ دعاء الأنبياء استجيب بالتوسّل والاستشفاع بهم, موهماً القارئ بتخصيص ذلك بأهل البيت من غير النبي محمّد’, مع أنّ الشيعة يقصدون من أهل البيت, النبي محمّد وآله الأطهار, والروايات التي أشار لها في كتب الشيعة كلّها ذكرت أنّ آدم توسّل بحق محمّد وآل محمّد ولا توجد إلا رواية واحدة لم تذكر النبي’ بالاسم وهي عن الرضا×, لذلك عمد القفاري إلى نقلها دون غيرها, مع أنّه جاء فيها بلفظ: >بحقّنا< والمراد بها: بحقّ محمّد وآله, وهذا أمر في غاية الوضوح عند الشيعة الإمامية, فحين يذكرون في كتبهم أنّ آدم أو غيره من الأنبياء توسّل بأهل البيت, فمرادهم هو النبي محمّد وآله, وهو صريح لسان الروايات كما عرفنا.

 وما موجود في كتب الشيعة, موجود في كتب السنّة أيضاً, فبعض الروايات عند أهل السنّة صرّحت بأنّ آدم توسّل بالنبي محمّد’, وبعضها صرّحت بأنّه توسّل بمحمد وآله, وسوف نورد هذه الروايات بعد أن نذكر عدّة من النقاط نراها ضرورية في توضيح الجواب:

الأولى: لا شكّ في أنّ شريعتنا الغرّاء تعتمد على الجانب الغيبي في الكثير من مفرداتها, فالطواف في البيت ورمي الجمرات وحصر ركعات صلاة الصبح باثنين والمغرب بثلاثة، والصوم في شهر رمضان دون غيره وأحوال البرزخ والقيامة.. كلّ ذلك أمور غيبية ليس لليد البشرية دخل فيها, فبعدما آمن الإنسان بوجود الله سبحانه الخالق الحكيم وأنّه بعث محمّداً بالحقّ بشيراً ونذيراً, وأنزل عليه القرآن معجزة خالدة, لزم علينا السمع والطاعة لعلمنا بحكمة الباري, وأنّ ما يفعله أو يؤمر به أو ينهى عنه فهو لمصلحة ما قد نمسك بخيوط بعضها وقد تبقى في خانة التعبديات المحضة التي لا نعرف الغرض الحقيقي من ورائها, لكن وظيفة المسلم في كل ذلك هو الإنقياد والطاعة وتسليم الأمور لربّ العالمين.

الثانية: لا يشكّ مسلم في مكانة النبي’ عند الله سبحانه وتعالى, فهو خاتم الأنبياء وسيّد المرسلين وأفضل الخلائق أجمعين باتّفاق جميع المسلمين, فهو أفضل من جميع من تقدّمه من الأنبياء وأنّ شريعته خاتمة الشرائع, وقد بشّر به عيسى بن مريم, وله ذكر في التوراة والإنجيل, فلا غرابة حينئذٍ أنْ يطلع الله أنبياءه على حقيقة الرسول الأعظم’ ويجعل توسّلهم به مدعاة لاستجابة الدعاء إكراماً منه لمنزلته’ وتمهيداً لإيمان الموحدين من أتباع الديانات الأخرى برسالته.

الثالثة: أنّ أهل بيت النبي’ يتمتّعون بمنازل خاصّة لا تعرفها القلوب المريضة, فهم يمثلون امتداداً للنبي’, وتقع مسؤولية الحفاظ على الدين بعهدتهم, وفضائلهم أكثر من أن تحصر, فيكفيهم أنّهم يمثلون سفينة نوح لهذه الأمة, وأنّ الأمن من الضلال متوقف على التمسك بحبلهم, لذا صار حبّ علي معياراً لمعرفة المؤمن من المنافق, وانفرد الحسنان بأنّهما سيدا شباب أهل الجنّة, وخُصّت السيدة فاطمة بأنّها سيدة نساء العالمين, فلا غلو ولا نكير إذا شاء الله أن يتوسل الأنبياء بمحمّد وأهل بيته.

الرابعة: بعد أنْ عرفنا منزلة النبي محمّد’ ومنزلة أهل بيته, وعرفنا أنّ الكثير من مفردات الشريعة غيبية لا دخل ليد البشر فيها, وأنّ الله هو العالم بحقائق الأمور العارف بمصالح العباد, المطّلع على النفوس, فنلاحظ ما وصل إلينا من تراث إسلامي سواء عند الشيعة أو السنّة, فإنْ وجدنا دليلاً صحيحاً على التوسل بمحمّد وآله من قبل الأنبياء السابقين سلّمنا به وأخذنا به, وإن لم نجد ذلك بقي الأمر في عالم الإمكان ولا يثبت خارجاً إلا بثبوت دليله, وبعد التتبع وجدنا أنّ الفريقين ينقلان تلك الروايات وبعضها بأسانيد صحيحة ولا يختصّ بها فريق دون آخر, فالموضوع غير متعلّق بالشيعة فقط، كما أراد القفاري تصويره, بل نقل ذلك علماء أهل السنّة ومحدثوهم أيضاً.

ومن جملة روايات أهل السنّة, والتي تقدّم ذكرها في البحث:

1ـ حديث عمر بن الخطّاب: وفيه أنّ آدم قال: >يا رب أسألك بحقّ محمّد لمّا غفرت لي<([783]) وعرفنا سابقاً أنّ الحاكم صحّح الحديث, وبغض النظر عن وجود إشكال سندي في هذه الرواية على ما تقدّم, لكنّ تصحيح الحاكم لها يقتضي إقراره بصحّة متنها, أو لا أقلّ من إقراره بإمكان ذلك, وإذا كان توسّل الأنبياء بنبيّنا ’ ممكن في حدّ ذاته, وقد وردت روايات تنصّ على وقوعه عند أهل السنة, فلا معنى لأن يكون الأمر خرافياً بنظركم وأن فيه جرأة على الله تعالى, فلو كان ثمة نقد فينبغي أن يوجه إلى من نقل ذلك واعترف بصحّته وهم علماء السنّة أنفسهم, فهل ترمونهم بالخرافة والجرأة؟ علماً أنّ الحديث لم ينفرد الحاكم بتصحيحه, بل أورده ابن الجوزي في كتابه (الوفا) مع تصريحه بصحّة أحاديثه, وسيأتي مزيد بيان عند ذكر بقيّة الأحاديث.

2ـ حديث ميسرة: وفيه: أنّ الرسول’ ذكر أنّ آدم وحواء بعد أن غرّهما الشيطان: >تابا واستشفعا باسمي إليه<([784]).

ومن الواضح أنّ قوله: >واستشفعا باسمى إليه< هو معنى قول آدم في الحديث السابق: >يا رب أسألك بحقّ محمّد لمّا غفرت لي<.

فالحديثان أحدهما يشهد للآخر.

وهذا الحديث جوّد إسناده الشيخ الصالحي الشامي تلميذ السيوطي, وقوّاه شيخ المغرب الحافظ الغماري على ما تقدّم([785]), فينبغي أن يرميهما القفاري بالجرأة على الله, بل أكثر من ذلك، وهو أنّ شيخه ابن تيمية بعد أن ذكر هذا الحديث, ذكر بعده الحديث الأوّل وقال بعدهما: >فهذا الحديث يؤيّد الذى قبله وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة<([786]).

فهل يفسّر شيخ الإسلام الأحاديث الصحيحة بما فيه جرأة على الله أو على الرسول أو بما هو خرافي!!

أضف إلى ذلك؛ أنّ ابن الجوزي صرّح بأنّه لا يورد في كتابه هذا إلاّ ما صحّ عنده, فقد ذكر في مقدّمة كتابه بأنّه لا يخلط فيه الصحيح بالكذب كما يفعل من يقصد تكثير روايته([787]), فينبغي أنْ نضيف ابن الجوزي ضمن المجترئين على الله([788]), خصوصاً أنّه يتبنى عقيدة توسّل الأنبياء بالنبيّ محمّد’, بل يعدّ ذلك فضيلة له’, لذا قال في موضع آخر من كتابه: >ومن بيان فضله على الأنبياء: أنّ آدم سأل ربّه بحرمة محمّد أن يتوب عليه, كما ذكرنا<([789]).

 فتحصّل أنّ من جملة المجترئين على الله في نظر القفاري: الحاكم النيسابوري, وابن تيمية, وابن الجوزي والصالحي الشامي, وحافظ أهل المغرب الشيخ الغماري, بل كلّ من يرى جواز التوسّل بالنبي’ قبل خلقه, ومنهم السبكي والسمهودي وابن حجر الهيتمي.

 أمّا السبكي، فقال: >إنّ التوسّل بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جائز في كلّ حال: قبل خلقه، وبعد خلقه، في مدّة حياته في الدنيا، وبعد موته، في مدّة البرزخ، وبعد البعث في عرصات القيامة والجنّة<([790]).

وأمّا السمهودي، فقال: >اعلم أنّ الاستغاثة والتشفع بالنبي’ وبجاهه وبركته إلى ربّه تعالى من فعل الأنبياء والمرسلين, وسير السلف الصالحين, واقع في كلّ حال قبل خلقه صلّى الله تعالى عليه وبعد خلقه, وفي حياته الدنيوية ومدة البرزخ وعرصات القيامة<([791]).

وأمّا الفقيه ابن حجر، فقال: >بل التوسّل به حسن في كلّ حال قبل خلقه وبعد خلقه في الدنيا والآخرة<([792]).

فإنّ هؤلاء جعلوا أحد أدلّتهم على جواز التوسّل بالنبي’ قبل ولادته, هو توسّل النبي آدم به’, وذكروا بعد عباراتهم رواية عمر معتمدين على تصحيح الحاكم لها, ولم يروا في ذلك نكارة ولا جرأة, ممّا يدلل على مقبوليّة الأمر في حدّ ذاته

ولنا أن نقول: إنّ الجريء على الله هو من يرد الأحاديث الصحيحة نتيجة لاتباع هوى معيّن أو مسبّقات ذهنية, في حين أنّ على المسلم اتّباع توجيهات النبي’ واستمداد عقيدته من خلالها, لا أن يجعل عقيدته المسبقة معياراً لردّ الأحاديث النبوية الصحيحة.

3ـ حديث ابن عبّاس حيث قال: >سألت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عنه، فقال: قال بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبتَ عليّ فتاب عليه<.

والحديث أخرجه ابن الجوزي وكذلك ابن المغازلي([793]), وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن النجار([794]).

وتقدّم الكلام عن سند هذا الحديث([795])، وعرفنا أنّه سند جيّد طبق القواعد الحديثية والرجالية عند أهل السنّة, فعلى القفاري أنْ يتّهم النبي’ بالجرأة على الله هذه المرة !!

أضف إلى ذلك ما تقدّم ذكره من حديث علي([796]) وحديث أبي الزناد([797]) وغيرها.

فينتج بلا ريب أنّ هذه الروايات يشدّ بعضها بعضاً, خصوصاً أنّ بعضها جيّد الإسناد, فعلى القفاري أن يوجه سهام نقده إلى السنّة النبوية لأنّها جاءت بخلاف هواه, ثم يوجه سهام نقده إلى علماء السنّة لأنّهم نقلوها في كتبهم.

القسم الثاني: ذكر القفاري بعد مسألة توسّل الأنبياء بمحمّد وآله: أنّ ذلك يهدف إلى تأليه الأئمّة, وأنّهم ملجأ المحتاجين ومفزع الملهوفين وأمان الخائفين وقبلة الداعين ولا تستجاب الدعوات إلاّ بذكر أسمائهم, فلا فرق بين هذا وبين ما يزعمه المشركون في أصنامهم!!

والجواب عن ذلك:

أوّلاً: تقدّم الكلام عن مسألة عدم استجابة الدعاء إلا بذكر أسمائهم, وعرفنا أنّ ذلك مجرّد افتراء لا حقيقة له, فكلّ ما يتفرع عليه يكون باطلاً مثله, وقد جعل القفاري هنا أنّ أحد الأمور التي تهدف إلى تأليه الأئمة هو القول المذكور, وهو باطل بحمد الله.

ثانياً: نسأل القفاري ومن على شاكلته، ونقول: هل أنّ علماء السنّة الذين يروْنَ صحّة توسّل الأنبياء بالنبي محمّد’ كانوا يهدفون إلى تأليه النبي’؟ فالحاكم وابن الجوزي وابن حجر الهيتمي والسبكي بل وابن تيمية وغيرهم هل كانوا يقصدون تأليه النبي محمّد’؟ فالمناط واحد سواء توسل الأنبياء بمحمّد’ أو به وبآله, فإن كان القول بجواز توسّل الأنبياء بأهل البيت يهدف إلى تأليههم, كان القول بجواز التوسّل بالنبي’ يهدف إلى تأليهه أيضاً, ولا معنى للفصل بين القولين.

ثالثاً: ما علاقة توسّل الأنبياء بمحمّد’ وآله, بمسألة التأليه, خصوصاً أنّ المسألة خاضعة للدليل, والدليل متوفر عند الفريقين, فحتّى لو تنزلنا وقلنا إنّ الدليل لم يتمّ عند القفاري, فهل الخلاف في تمامية الدليل من عدمه تؤدّي إلى اتّهام الآخرين بالتأليه.

رابعاً: عرفنا أنّ الله تعالى قد خصّ محمّداً وآله بفضائل ومزايا لم تثبت لغيرهم, وعرفنا أنّ الأدلّة صحيحة ومعتبرة على جواز الطلب من الأنبياء والأولياء والصالحين, بمعنى أنّ هؤلاء أحياء عند ربّهم يمكنهم الدعاء والطلب منه تعالى, وأنّ دعاءهم أقرب للإجابة من غيرهم لعظيم فضلهم وكبير منزلتهم عنده, ولا ضير حينئذٍ في الطلب منهم والاستغاثة بهم على ما تقدّم تفصيله, ومنه يظهر معنى أنّهم ملجأ المحتاجين ومفزع الملهوفين وغير ذلك, فإنّ صاحب الحاجة يقصد الأقرب إلى الله ليدعو الله له في قضاء حاجته, ولا نرى أقرب إلى الله من محمّد وآله, لذا نقصدهم ونرى أنّهم الملجأ والمفزع, فأين ما نقوله من مسألة التأليه, فهل طلب الدعاء من النبي’ في حال حياته يعتبر تأليهاً له!!

فإذا كان ذلك تأليهاً له لزم أن يكون الصحابة قد ألّهوا النبي’, وإن لم يكن تأليهاً له, فكيف يكون الطلب بعد موته تأليهاً، وقد ثبت أنّه حي يصلّي ويستغفر وتعرض عليه الأعمال؟!

خامساً: أنّ الكثير من علماء أهل السنّة يرون جواز التوسل بالنبي’ بعد مماته, سواء كان ذلك توسلاً بالذات أم بالطلب منه, ويرون أنّه الملجأ والمفزع, وعبارتهم في التوسّل قد تقدّمت, فهل كان يهدف علماء أهل السنّة إلى تأليه النبي’!!

سادساً: أنّ مسألة التأليه يسبقها اعتقاد أنّ المدعو هو إله يُعبد وعنده القدرة على قضاء الحوائج استقلالاً, وهذا الاعتقاد لا تجده عند مسلم على وجه الأرض, فلماذا تحاكمون النوايا ولا تقبلون من المسلمين ظاهر كلامهم, فالمسلمون بما فيهم الشيعة ينادون ليلاً نهاراً بأنّنا نعبد الله الواحد الأحد وأنّ محمّدا هو عبد الله ورسوله, ولا تجد من يجرؤ ولو بداخله على تأليه نبي أو ولي, فلماذا تتّبعون أساليب ملتوية في تشويه صورة غيركم, وهل تكفير المسلمين جائز حسب عقيدتكم, وهل لكم أن تفتونا بحكم من يكفّرهم؟!

سابعاً: أنّ المشركين يرون أصنامهم آلهة يعبدونهم من دون الله, ويعتقدون أنّ لها تأثيراً في قضاء الحوائج ودفع السوء واستجابة الدعاء, بينما من يتوسل بالنبيّ’ أو الأولياء والصالحين يعتقد أنّ المعبود هو الله الواحد الأحد, وأنّ النبي والأولياء هم عباد الله الصالحون, وأنّ لهم منزلة عند الله حصلوا عليها بطاعتهم وتقواهم والتزامهم بما أمر الله، لذا كان دعاؤهم أقرب للإجابة, فهل عرفت الآن الفرق بين هذا وبين ما يزعمه المشركون في أصنامهم؟!

الشبهة الثالثة: الموقف من الأئمة السلبي أوقع بعض الأنبياء في مشاكل

ادّعى القفاري أنّ الشيعة لم تقتصر على القول باستجابه دعاء الأنبياء بسبب التوسّل بالأئمّة, بل إنّ ما جرى لبعض الأنبياء إنّما هو بسبب موقفهم من الأئمّة, وذكر في ذلك روايتين, إحداهما من تفسير العياشي والأخرى من تفسير فرات الكوفي([798]).

الجواب

يبدو أنّ القفاري يحاول أن ينقل إفرازات ما يعتقد به, ويحمّلها مذهب الشيعة, فالقارئ حين يطلع على عقيدة الشيعة بالأنبياء ويقارنها بعقيدة أهل السنّة بالأنبياء سيعرف مدى الاحترام الكبير ومدى القداسة التي يحملها أهل التشيع لأنبياء الله سلام الله عليهم أجمعين, وسيُصيبه الذهول من عقيدة أهل السنّة بهم^, فالشيعة ترى عصمة الأنبياء من الذنوب كبيرها وصغيرها, بل وعصمتهم من كلّ ما من شأنه أن يُنفّر الناس عن اتّباعهم, وفي المقابل نرى أنّ أهل السنّة يرون جواز ارتكاب الأنبياء لصغائر الذنوب، وعدم عصمتهم إلاّ فيما يخصّ التبليغ, ولهم قصص وأخبار عن الأنبياء يأباها العقل والفطرة السليمة, فيكفي القارئ الكريم أن يراجع تفاسيرهم ليرى كيف يصورون وقوف يوسف× من زليخة, وأنّه جلس بين رجليها، بعد أن استلقت له على ظهرها، وحلّ سراويله وما شابه ذلك من أمور، يتعفف عن صنيعها المسلم العادي فضلاً عن كونه نبيّاً من أنبياء الله([799])!!

وكيف يتكلمون عن نبي الله داود×، وما فعله من مكيدة حين رأى امرأة حسناء جميلة وهي تغتسل, فأمر بإرسال زوجها في مقدّمة الجيش ليُقتل حتّى يتسنى له الزواج من امرأته([800]).

ولينظرون إلى أصّح كتبهم ليرون كيف أنّ نبيّ الله موسى يرفض الموت فيضرب ملك الموت ويفقأ عينه([801]), وأنّ أحد الأنبياء قرصته نملة فأمر بقرية النمل فاُحرقت! فعاتبه الله في ذلك وأوحى إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمّة من الأمم تُسبّح الله([802])!

 بل تطاولوا على نبيّنا الحبيب المصطفى محمّد’ فصوروه أنّه إنسان ليس على قدر المسؤولية بحيث حاول الانتحار, وفكر في أن يرمي نفسه من الجبل([803])!! ثم نسبوا إليه الانغماس في الجنس، فقالوا إنّه كان يطوف على نسائه التسع في ليلة واحدة([804])! ونسبوا إليه أنّه يبول واقفاً([805]), وغير ذلك من الأمور التي لا يرضى القفاري أن تنسب إليه نفسه لكنّهم رضوا بنسبتها للنبي الأكرم’, ولو ولجنا هذا الباب لما انتهينا منه, لكنّها فقط إشارات تُعرّف القارئ السنّي بحقيقة عقيدتهم في النبي الأكرم’.

والغرض أنّ الشيعة تعتقد بعصمة الأنبياء ولا تجيز بأيّ حال من الأحوال نسبة الخطأ إليهم, ونخلص من ذلك، وفق العقيدة الشيعية: أنّ أيّة رواية تصطدم مع المقام السامي للأنبياء وتخالف عصمتهم يُضرب بها عرض الجدار ولو كانت بأعلى درجات الصحّة السندية, فكيف بها لو كانت ضعيفة مرسلة لا نصيب لها من الاحتجاج في الأحكام فضلاً عن العقائد, وما أورده القفاري من روايتين كلاهما مرسلتان لا سند لهما, فالأولى أوردها من تفسير العياشي, وهو تفسير مرسل غير معروف الإسناد بين المؤلف والراوي للخبر, والثانية من تفسير فرات, وهو تفسير ليس بشيعي اثني عشري أوّلاً, وعلى الظاهر أنّه من مؤلّفات الزيدية, والرواية مرسلة ثانياً, فلا يمكن الاحتجاج بها.

فكلا الروايتين لا تحظيان بسند يؤهلهما للاحتجاج, فضلاً عن معارضتهما للعقيدة اليقينية عند الشيعة بعصمة الأنبياء^.

الشبهة الرابعة: الشيعة يدعون الله بأسماء الأئمة في الشدة والرخاء

ادّعى القفاري أنّ المشركين أحسن حالاً من الشيعة!! لأنّ المشركين في وقت الشدّة يخلصون الدعاء لله: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، أمّا الشيعة فإنّهم يشركون في الرخاء والشدّة, بل يزعمون أنّ الشدّة لا ترفع إلا بالدعاء بأسماء الأئمّة([806]).

الجواب

1ـ عرفنا مراراً أنّ التوسّل ليس شركاً؛ لأنّ الشرك دعاء غير الله وعبادته, بمعنى الطلب من الغير بصفته إلهاً معبوداً وله الاستقلالية في التأثير وقضاء الحاجات, أمّا الطلب من الغير باعتباره واسطة صالحة يمكن أن يدعو الله في قضاء حاجتك فلا توجد فيه أي شائبة شرك, خصوصاً أنّ الأمّة أجمعت على جواز التوسل بدعاء الأحياء.

2ـ من الواضح أنّ القفاري فرّع كلامه هذا بناءً على القول بأنّ الشدّة لا ترفع إلاّ بالدعاء بأسماء الأئمّة, وعرفنا أنّ هذه أكذوبة ليس لها واقع، والغرض منها تشويه صورة الشيعة عند المسلمين, وعرفنا مفصّلاً أنواع التوسل الجائز وظهر منه أنّ الشيعة لا يختلفون عن سائر إخوانهم من المسلمين في ذلك.

3ـ لم نر في كلمات القفاري اسلوباً علميّاً واستدلالاً منهجياً صحيحاً اتبعه ليخرج بنتيجة أنّ الشيعة مشركون, بل كلّ ما ذكره عبارة عن دعوات وعبارات رنانة لا نصيب لها من الاستدلال العلمي, فلا ندري كيف توصل إلى أنّ الشيعة مشركون، ثم انتهى إلى أنّ المشركين أحسن حالاً منهم, فإنْ كان مراده أنّ القول بالتوسّل يوجب ذلك, فعليه أن يفتي بشرك غالبيّة المسلمين وعلى رأسهم الإمام أحمد والعز بن عبد السلام وابن الجوزي وأبو علي الخلال والنووي وغيرهم الكثير ممّن ذكرناهم, وإن كان مراده أنّهم مشركون لأنّهم يقولون بتوسّل الأنبياء بمحمّد وآله, فهذا القول لا يستدعي الشرك من الأساس, وقد فصّلنا الكلام حوله في الجواب عن الشبهة الثانية, وعرفنا أنّ ذلك لا يؤدي ولا يستلزم تأليه النبي’ أو الأئمّة.

إلاّ أنّه لو قُبل ذلك منه فكان عليه لزاماً أن يفتي بشرك ابن تيمية وابن الجوزي والسبكي والحاكم وابن حجر الهيتمي وغيرهم ممّن يرى مشروعية ذلك, أو إمكانه.

وإن كان مراده أنّ الشيعة لا ترى استجابة الدعاء ورفع الضر إلا بالدعاء بأسماء الأئمة, فقد عرفت بطلان هذا القول, مضافاً إلى أنّ هذا لا يوجب الشرك أيضاً؛ لأنّ المدعو هو الله والأسماء واسطة، وقد استدل القفاري بالرواية الضعيفة: >من دعا الله بنا أفلح<, فالرواية على فرض التسليم بصحتها وبدلالتها فهي تصرّح بأنّ الداعي يدعو الله, ولا يدعو الأسماء ولا يدعو الأئمّة, فأين الشرك في المقام؟!

الشبهة الخامسة: الشيعة يدعون الله بأسماء الأئمة والله يأمر بدعائه

ذكر القفاري: أنّ الله يقول: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ولم يقل: فادعوه بأسماء الأئمّة أو مقامات الأئمّة أو مشاهدهم، وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ولو كان أساس قبول الدعاء ذكر أسماء الأئمّة لقال ادعوني بأسماء الأئمّة استجب لكم! ثمّ أضاف بأنّ هذا يتنافى مع إجابة الدعاء لأنّه يتنافى مع الإخلاص والإخلاص في الدعاء هو أصل الإجابة([807]).

الجواب

1ـ أنّ المراد من الآية الأولى:{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} هو أنّ أحد مصاديق التوسّل إلى الله أنْ تدعوه بأسمائه، كأنْ تقول: يا الله يا رحمن يا رحيم يا غفار اغفر لي... وليست الآية في مقام حصر أنواع التوسّل, ولذا فأنتم تجوزون التوسّل بدعاء الحي وبالعمل الصالح, ولو كانت الآية في مقام الحصر لبطلت كلّ أنواع التوسل الأخرى, وهذا ما لا تقولون به.

إذا عرفت هذا، فاعلم: أنّ الشيعة كغيرهم يرون صحّة هذا النوع من التوسّل وكتبهم وادعيتهم طافحة به, وهو أوّل نوع ذكرناه من أنواع التوسّل المشروع, أمّا التوسل بأسماء الأئمة فقد عرفنا الجواب عنه مراراً وأنّه لا صحّة لقول القفاري فيه, وأمّا التوسّل بمقامات الأئمّة ومشاهدهم فهو توسّلٌ بذواتهم الطاهرة, وقد عرفنا أنّ التوسّل بالذات جائز ومشروع وعليه غالبية المسلمين, فينبغي أنْ توجه كلامك لكلّ المسلمين لا خصوص الشيعة.

2ـ أنّ الآية الثانية وهي قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ناظرة إلى أنّ الدعاء والعبادة مختصّة بربّ العالمين, وهذا موضع اتفاق بين المسلمين، ولا نجد موحداً يدعو غير الله سبحانه وتعالى, لكنّ الآية لا تنفي مشروعية التوسّل, ولذا نراكم تجيزون التوسّل بأسماء الله وصفاته وبدعاء الحي وبالأعمال الصالحة, فهل ترون أنّ هذا يخالف الآية, وهو دعاء غير الله؛ لأنّ الآية قالت: ادعوني استجب لكم، ولم تقل: ادع الله بأعمالكم الصالحة أو بدعاء غيركم؟! أم ترون أنّ هذا توسّل مشروع لا يتنافى مع كون الدعاء لله, فإذا أقررتم بهذا وعرفتم أنّ الآية تحضّ المسلم على دعاء الله وعبادته ولا تتنافى مع التوسّل, اتّضح أنّ كلّ توسّل دلّ عليه الدليل صار مشروعاً ولا يتنافى مع الآية الكريمة.

على أنّ هناك مسألة أغفلها الوهابيون تتعلق بالآية الكريمة, وهي أنّ التوسل بالذوات هو نوع من أنواع الدعاء، فقول الداعي: اللهم إنّي أسالك بمحمّد وآل محمّد، هو دعاء مشمول بالآية الكريمة, والتوسّل بمعنى الطلب من الأولياء والصالحين بعد الموت هو نوع من طلب الدعاء منهم لأنّهم أحياء عند ربّهم, والوهابية يُجيزون التوسل بدعاء الحي, فإن كان التوسل بدعاء الحي لا يتنافى مع الآية، فكذا التوسل بدعاء الميّت بعد أن ثبت كونه حيّاً عند الله يسمع ويصلي ويدعو، على ما تقدم بيانه سابقاً في أنواع التوسّل.

أمّا دعوى أنّ الشيعة ترى انحصار إجابة الدعاء بالتوسّل بأسماء الأئمّة؛ فهو هراء من القول عرف القارئ بطلانه.

3ـ لا شكّ في أنّ الإخلاص أساس إجابة الدعاء, إلاّ أنّ التوسّل لا يتنافى مع الإخلاص مادام مشروعاً ودلّ عليه الدليل, وإذا كان يتنافى مع الإخلاص فحتّى التوسّل بالأعمال الصالحة وبدعاء الحيّ يتنافى مع الإخلاص حينئذٍ, لأنّها أيضاً تتضمن واسطة في الدعاء بين الله والعبد, فإمّا أن تقولوا بحرمة جميع أنواع التوسّل, أو تعترفوا بأنّ التوسّل المشروع لا يتنافى مع الإخلاص, وحينئذٍ ينبغي أن تعرفوا بأنّ المسلمين إنّما يتوسلون إلى الله بعد ثبوت مشروعية التوسّل عندهم, فلا يوجد تناف بينه وبين الإخلاص, خصوصاً أنّه عند الاختلاف يجب الرجوع إلى القرآن والسنّة, وقد عرفنا أنّ السنّة صريحة في مشروعيّة التوسّل بأنواعه التي ذكرناها.

نعم؛ لو كان التوسّل بالغير باعتقاد تأثيره المستقل من دون الله فهذا نوع من الشرك ويتنافى مع الإخلاص, لكنّا عرفنا أنّ جميع أنواع التوسلات التي ذكرناها, هي محض دعاء وطلب من الله ليس إلاّ، ولا يشوبها أي شائبة شرك نستجير بالله.

على أنّ القارئ النبيه يلاحظ أنّ القفاري بنى كلامه على أساس باطل, وهو أنّ الشيعة ترى عدم استجابة الدعاء إلا بأسماء الأئمّة, ومازال يرددها بين سطرٍ وآخر, مع أنّها مسألة لا واقعية لها, وقد عرفت الإجابة عنها سابقاً.


الشبهة السادسة: الأئمّة بشر والله لم يجعل بينه وبين خلقه وليّاً

قال القفاري: إنّ الأئمّة من سائر البشر: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ولم يجعل الله عز وجل بينه وبين خلقه في عبادته ودعائه وليّاً صالحاً ولا ملكاً مقرباً ولا نبيّاً مرسلاً بل الجميع عباد الله([808]).

الجواب

1ـ إن الآية ـ كما هو واضح من سياقها ـ تخاطب الذين يدعون من دون الله, أي الذي يعبدون الأصنام والأوثان, ويتخيّلون أنّ لأصنامهم القدرة على إجابتهم, بينما الشيعة وغيرهم من المسلمين يدعون الله متوسّلين له بحقّ الأنبياء أو الصلحاء أو بطلب الدعاء منهم إلى الله, فالآية أجنبيّة عمّا نحن فيه، وتتكلّم عمّن يدعو ويعبد غير الله من الأوثان والأصنام.

يقول الطبري في تفسير هذه الآية: >يقول جلّ ثناؤه لهؤلاء المشركين من عبدة الأوثان موبخهم على عبادتهم ما لا يضرهم ولا ينفعهم من الأصنام: إن الذين تدعون أيها المشركون آلهة من دون الله، وتعبدونها شركاً منكم وكفراً بالله، عباد أمثالكم يقول: هم أملاك لربكم، كما أنتم له مماليك. فإن كنتم صادقين أنّها تضر وتنفع وأنّها تستوجب منكم العبادة لنفعها إيّاكم، فليستجيبوا لدعائكم إذا دعوتموهم، فإنْ لم يستجيبوا لكم لأنّها لا تسمع دعاءكم، فأيقنوا بأنّها لا تنفع ولا تضر؛ لأنّ الضر والنفع إنّما يكونان ممّن إذا سئل سمع مسألة سائله وأعطى وأفضل، ومن إذا شكي إليه من شيء سمع، فضر من استحقّ العقوبة ونفع من لا يستوجب الضر<([809]).

ويقول الجصّاص في تفسير الآية: >عنى بالدعاء الأوّل تسميتهم الأصنام آلهة، والدعاء الثاني طلب المنافع وكشف المضار من جهتهم، وذلك مأيوس منهم. وقوله: {عباد أمثالكم} قيل: إنّما سمّاها عباداً لأنّها مملوكة لله تعالى، وقيل: لأنّهم توهّموا أنّها تضرّ وتنفع، فأخبر أنّه ليس يخرج بذلك عن حكم العباد المخلوقين، وقال الحسن: إن الذين يدعون هذه الأوثان مخلوقة أمثالكم<([810]).

فتحصّل أنّ الآية تتحدّث عن المشركين الذين يجعلون أصنامهم آلهة ويتخيلون أنّها تضرّ وتنفع, فيوبخهم الله على فعلهم ويقول لهم: ادعوهم، أي اطلبوا منهم لتروا هل لهم القدرة على إجابتكم وقضاء حوائجكم من جلب نعمة أو دفع ضر, وسوف تتيقّنون بأنّ الضرّ والنفع إنّما هو بيد الله.

والخلط الذي حصل عند الوهابية هو تصورهم أنّ كلّ دعاء للغير عبادة, بينما القرآن وسيرة المسلمين تثبت غير ذلك, فإنّ قسماً من الدعاء عبادة([811]), وقسماً آخر لا يمتّ للعبادة بصلة، كطلب قضاء الحاجة من الغير وأمثال ذلك.

من هنا حاول السلفيون التفصّي عن الإشكال بأنّ قالوا: إنّ الطلب من الغير يتصور على نحوين:

الأوّل: ما يكون مقدوراً لله وغيره, كطلب المال من الغير مثلاً.

 والثاني: ما لايقدر عليه غير الله كطلب الولد أو المغفرة أو دخول الجنّة, وقالوا بأنّ الأوّل جائز لا شائبة فيه, والثاني يعدّ من الشرك([812]).

وهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأنّ الأمور المقدورة للإنسان هي أيضاً بإذن الله, والإنسان لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً, فالاستعانة وطلب الغوث من غير الله, إمّا أن تكون شركاً أو لا تكون, ولا معنى لهذا التفريق, لأنّ المؤثر الحقيقي هو الله لا غير.

فالتحقيق يقتضي أنّ كلا الأمرين ليسا من الشرك في شيء.

 فأمّا الأول: وهو الطلب من الغير في الأمور المقدورة؛ فهو واضح والقرآن يصرّح به, قال تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}([813])، لكن لا يمكن أنْ نقصره على الحي؛ إذ كيف يمكن أن نتصور أنّ الطلب من الميّت شرك والطلب من الحي مشروع وجائز, فالتوحيد هو التوحيد، فإن كان الطلب من الحي لا ينافيه فكذا الطلب من الميت, فهل أنّ حدّ الشرك هو الحياة أو الموت. نعم؛ غاية ما يمكن قوله على فرض أنّ الميت لا يستطيع فعل شيء: أنّ هذا الطلب لغوٌ, أمّا أن يكون شركاً فهو من غرائب الأمور لأنّه يتساوى مع الطلب من الحي.

وحيث إنّ الذين يطلبون من الأموات يرون أنّهم أحياء عند الله تعالى، وأنّهم يصلون ويعبدون ويسمعون ما يقال لهم, فلا ضير في الطلب منهم، بمعنى أنّهم يدعون الله بهم في قضاء حاجتهم، لمنزلتهم وعظيم شأنهم عند الله كالأنبياء والأولياء والصالحين من الناس.

وأمّا الثاني: وهو الطلب من الغير فيما لا يقدر عليه غير الله؛ فهو جائز أيضاً, لأنّ المسلم يعتقد أنّ المؤثر الحقيقي والضار والنافع هو الله, وأنّ الواسطة إنّما تحقق الإجابة بالطلب والدعاء منه تعالى, فعاد الأمر إلى طلب الدعاء من الغير، وهو جائز لا إشكال فيه, ومقدور بالنسبة للأموات فضلاً عن الأحياء, على ما تقدّم([814]).

ونضيف هنا بأنّ الطلب فيما لا يقدر عليه غير الله وقع في النصوص الشرعية, فقد جاء في البخاري: >إنّ الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم، ثم بموسى، ثم بمحمد... فيشفع ليقضى بين الخلق...<([815])، فهل الأنبياء قادرون على غفران الذنوب وإدخال المذنبين الجنّة أم أنّ ذلك بيد الله سبحانه وتعالى, فقد توسّل هؤلاء بالأنبياء في أمر لا يقدر عليه إلاّ الله, وقد علّق ابن حجر على هذا الحديث قائلاً: >وفية أن الناس يوم القيامة يستصحبون حالهم في الدنيا من التوسّل إلى الله في حوائجهم بأنبيائهم<([816])، ممّا يؤكد أنّ ابن حجر فهم من النصّ توسّل الناس بالأنبياء.

وجاء في صحيح مسلم أنّ الصحابي ربيعة بن كعب الأسلمي, قال لرسول الله’: >أسألك مرافقتك في الجنة< مع العلم بأنّ دخول الجنّة ليس بيد الرسول’, ولم نلحظ أنّ الرسول قال له: أشركتَ أو كفرتَ, بل قال له: >فأعنّي على نفسك بكثرة السجود<([817]), فالظاهر أنّ النبي’ قبل طلب الصحابي وطلب منه أن يعينه بكثرة السجود, ليتمكن النبي’ من دعاء الله له والتشفع له في دخول الجنّة.

ويمكن أنْ نتساءل هنا ونقول: لو أنّ شخصاً طلب من عيسى ـ في زمنه ـ إحياء الموتى فهل يكون مشركاً, أم ستقولون إنّ عيسى يحيي الموتى بإذن الله! فكذا الأمر في الطلب من الأنبياء والأئمة والصالحين فإنّه إمّا أن يحمل على طلب الدعاء منهم, أو أنّ قضاء الحاجة يكون بإذن الله إكراماً لشخص المتوسَّل به.

2ـ قولكم إنّ الله لم يجعل في عبادته ودعائه وليّاً صالحاً ولا ملكاً... هو محلّ الكلام, فالكلّ مُتّفِقٌ على أنّ العبادة لله سبحانه وتعالى, وأنّ الدعاء له أيضاً, لكنّ الله تعالى إذا جعل وسائل وطرق للوصول إليه كان على المسلم التمسّك بها واتّخاذها طريقاً, والمفروض أنّ المسلمين يرون مشروعيّة التوسّل بالأنبياء والصالحين, يعني بعد أنْ ثبت لديهم أنّ الله سبحانه شرّع التوسّل, صاروا يتوسّلون, فعاد الكلام بيننا وبينكم إلى الدليل على مشروعيّة التوسّل من عدمه, وقد تقدّم مفصّلاً أنواع التوسّل والأدلّة عليها, خصوصاً أنّكم تجيزون اتخاذ بعض الوسائل إلى الله كالتوسّل بالعمل الصالح الذي قام به الفرد والتوسّل بدعاء الحي والتوسّل بأسماء الله وصفاته, فكما قام الدليل على مشروعيّة هذه الموارد عندكم ولا تعدونها منافية للعبادة, فكذلك قام الدليل عند سائر المسلمين على مشروعيّة أنواع التوسّل الأخرى.

الشبهة السابعة: أدعية الشيعة تربيهم على التوجه إلى غير الله

ذكر القفاري أنّ تربية الشيعي من خلال أدعيته ومناجاته تزرع في قلبه ومشاعره الاتجاه إلى غير الله سبحانه وتعالى، وتنمّي في نفسه التوجّه إلى البشر لا إلى خالق البشر, فهو يترعرع في هذا المحضن الوثني لينشأ أولاده وأحفاده على هذا الطريق, وقد صرّحت رواياتهم بشيء من هذا المعنى، حيث تقول بأن بعض الشّيعة كتب إلى إمامه يشتكي أو يسأل ويقول: >إنّ الرّجل يحبّ أن يفضي إلى إمامه ما يحبّ أن يفضي إلى ربّه<، فجاء الجواب: >إذا كانت لك حاجة فحرّك شفتيك، فإنّ الجواب يأتيك<، فالأئمة أسرع إجابة وأقضى للحاجة، وهذا شرك يهون عنده شرك الجاهلية الأولى... ([818]).

الجواب

1ـ إنّ المتأمّل في أدعية الشيعة ومناجاتهم لا يرى فيها غير الخضوع والخشوع والتذلل إلى الله سبحانه وتعالى, وبإمكان القارئ أن يتأمّل في دعاء كميل ودعاء أبي حمزة الثمالي ودعاء الجوشن الكبير وأدعية الصحيفة السجادية, وهي من الأدعية المعروفة المشهورة عند الشيعة الإماميّة, ليرى كيف أنّ هذه الأدعية تعمّق روح التوحيد في الفرد وتحثُّ على الخشوع والخضوع لربّ العالمين, فكلام القفاري محضّ اتّهام ليس إلاّ.

أمّا إذا كان يقصد أنّ التوسّل يفضي إلى الشرك, ويُنمّي في نفس المتوسّل التوجّه إلى البشر، فنقول:

 أوّلاً: أن التوسّل بكلّ أنواعه التي ذكرناها دلّ عليها الدليل, وما كان مشروعاً لا يمكن أن يفضي إلى الشرك.

 وثانياً: لم ينفرد الشيعة بذلك، بل وافقهم عليه جمهور أهل السنّة، ولم يخالف فيه سوى الوهابية, فعلى القفاري أن يقول: إنّ تربية المسلمين تفضي إلى الشرك ولا يخصّها بالشيعة.

2ـ إنّ الرواية التي استند إليها ضعيفة من الجهة السندية, وليست بحجّة سواء في الأحكام أو سائر الأمور الدينيّة, فقد تفرّد بها السيد ابن طاووس, نقلها عن الكليني في كتابه الرسائل, عمّن سماه، قال: > كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام: إنّ الرجل يحب أن يفضي...<([819]).

ومن الواضح أنّ جميع سند الرواية غير موجود, فبين الكليني والإمام أبي الحسن الهادي× أكثر من ثلاث أو أربع رواة لم نعرف أي أحد منهم, ويكفي في ضعف الرواية وجود شخص مجهول الحال، فكيف بها إذا احتوت على أربعة رواة مجهولي العين, فلا نعرف أسماءهم فضلاً عن حقيقة حالهم, فالرواية مرسلة مجهولة السند غير قابلة للاحتجاج في الأحكام فضلاً عن سائر الامور الدينية وخصوصاً الاعتقادية منها.

3ـ إنّ الرواية التي ذكرها القفاري أجنبيّة عن موضوع الشرك, فإنّ السائل له قضايا وحوائج كان يفضيها إلى ربّه وأراد أن يفضيها إلى إمامه, فقال له الإمام: >إذا كانت لك حاجة فحرّك شفتيك، فإنّ الجواب يأتيك< وهي كناية عن استعداد الإمام لقضاء حاجته, وعبارة: >فحرك شفتيك< تعبير عن حثّه على التكلّم وطلب الحاجة, فكأنّ الإمام يقول له اطلب حاجتك وسيأتيك الجواب, فأين الشرك في المسألة, فإنّ حاجة الطالب إن كانت مقدورة للإمام كإعطائه المال وغير ذلك قضاها له, وإن كانت مختصّة بالله كالمغفرة وطلب الولد, دعا الله في قضائها, فهل يوجد في الرواية أنّ الأئمّة أسرع إجابة من الله, نعم دعاؤهم مجاب عند الله لتقواهم وإخلاصهم ومنزلتهم عنده سبحانه وتعالى, فهذا الشخص الموالي للإمام حيث يرى أنّ الإجابة تتأخر عليه([820]) أراد توسيط الإمام في قضائها بالدعاء والتشفّع إلى الله.

ومن الأمور التي ينبغي التنويه عليها أنّ القفاري وغيره حينما يتكلّمون عن أهل البيت, يتكلّمون عنهم بمعزل عمّا قد ثبت لهم من فضائل ومناقب, وإلاّ فحين يعرف أنّ أهل البيت هم سفن نجاة الأمّة، وأنّ الله قرن طاعتهم بطاعته, وأنّهم عدل القرآن وأنّ التمسّك بهم منج من الضلال وموجب للهداية، وغير ذلك ممّا امتلأت به كتب الحديث عند المسلمين سيتبيّن له أنّ ما يستكثره عليهم قليلٌ في حقّهم, فإنّ الله تعالى الذي أعطاهم هذه المنازل والمراتب من الممكن أن يطلعهم على فعل الغير, وحينئذٍ فحتّى لو فسّرنا عبارة: >فحرك شفتيك< بأنّه مجرد التحريك, فأنّ الإمام سيعرف حاجته ومن ثم سيقضيها له, فهو ليس بالأمر الكثير في حقّ أئمة أهل البيت^, فأهل السنّة قد أثبتوا لبعض الصحابة الإلهام عن طريق تحديث الملائكة له, ولنا في قصّة الخليفة عمر خير شاهد, حيث إنّه كان يخطب في المدينة، فرأى جيش المسلمين وهو يقاتل في فارس، وقد بانت عليه علائم الهزيمة، فأمرهم أن يجعلوا ظهورهم ناحية الجبل، ويقاتلوا العدوّ من جهة واحدة، فصاح وهو على المنبر: يا ساريةُ ـ وهو قائد الجيش ـ الجبلَ الجبلَ، ثلاثاً, قال عبد الله بن وهب: عن يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر: >أنّ عمر وجّه جيشاً ورأس عليهم رجلاً يقال له سارية، قال: فبينما عمر يخطب فجعل ينادي: يا ساري الجبل، يا ساري الجبل ثلاثا. ثمّ قدم رسول الجيش، فسأله عمر: فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا، فبينما نحن كذلك إذ سمعنا منادياً يا سارية الجبل ثلاثاً، فأسندنا ظهورنا بالجبل، فهزمهم الله. قال: فقيل لعمر: إنّك كنت تصيح بذلك<.

قال ابن كثير: >وهذا إسناد جيد حسن<([821]) ووافقه الألباني قائلاً: >وهو كما قال<([822]).

ثمّ أضاف الألباني قائلاً: >وممّا لا شكّ فيه أنّ النداء المذكور إنّما كان إلهاماً من الله تعالى لعمر وليس ذلك بغريب عنه، فإنّه (محدّث) كما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم<([823]).

فإذا كان من الممكن أن يكون عمر محدَّثاً ويطلعه الله على الغيب إلهاماً, وينتصر الجيش ـ مع بعده عنه آلاف الأميال ـ بسبب ندائه, فبأيّ وجهٍ لا يجوز ذلك بحقّ أهل البيت, فالدليل كما دلّ عندكم على تحديث عمر دلّ عندنا على تحديث أهل البيت, فأين الشرك في المقام؟!

على أنّ هذا الإلهام لم يتوقف عندكم على صحابي مثل عمر, بل سرى إلى العلماء أيضاً, وهو ما نبيّنه في النقطة الآتية.

4ـ إنّا نلاحظ في كتب أهل السنّة كرامات كثيرة لبعض الأولياء, ويسوقها العلماء في مقام المدح لهم, وتقدّم أنّ بعضهم شكا الجوع إلى النبي’ بعد وفاته, فأعطاه النبي’ قطعة من الرغيف في منامه فأكل نصفها وانتبه فوجد بيده النصف الآخر([824]), ولا ندري لماذا تستكثرون على أهل البيت أيّة فضيلة ومنقبة حتّى وإن كانت أمراً بسيطاً يمكن صدوره من الكثيرين, لذا سوف نأتيك بخبر مشابه لما نقلته عن الإمام وجعلته مفضياً إلى الشرك, نسوقه لك من تاريخ بغداد في ترجمة :أبي سليمان الحمّال، حيث قال عنه الذهبي: >من كبار الزهاد في عصره ببغداد، كان صاحب أحوال وكرامات<([825])، وقال عنه الخطيب: >أحد الزهاد وكان صاحب كرامات<([826])، وذكر له إحدى الكرامات, فأخرج بسنده عن جعفر بن محمّد قال: سمعت محمّد بن خالد الآجري، يقول: >قلت لأيّوب الحمّال: يخطر في نفسي مسألة فاشتهى أن أراك! قال: إذا أردتني فحرّك شفتيك، قال: فكنت إذا أردته حرّكت شفتي فأراه يدخل وعلى كتفه كارتُهُ، فأسأله فيجيبني<([827]). والخبر أورده الذهبي من دون تعليق عليه([828]).

فهذا الزاهد يعلم بمجرد أن تتحرك شفتا محمّد بن خالد, فيأتيه ويدخل عليه فوراً, ويجيب عن أسئلته! وتستكثرون على أئمّة أهل البيت معرفة ذلك وسرعة قضائهم لحوائج الناس!

ثمّ هل يعتبر وجود هذه الأخبار عند أهل السنّة بأنّها تفضي إلى الشرك؟! وهل تقول: إنّ أهل السنّة يتربّون على الشرك والوثنية؟!

الشبهة الثامنة: توسل الأنبياء بأسماء الأئمة تقود إلى الشرك بالله

قال القفاري: ودعوى أنّ دعاء الأنبياء استجيب بالتوسّل بالأئمّة هي دعوى جاهلة غبية؛ إذ ليس للأئمّة وجود في حياة الأنبياء عليهم السلام، وهي دعوة للشرك بالله سبحانه؛ إذ إنّهم جعلوا مفتاح الإجابة وأساس القبول هو ذكر أسماء الأئمّة، فهي كقول المشركين بأنّ أصنامهم تقرّبهم إلى الله زلفى...([829]).

الجواب

1ـ لا يشترط في التوسّل أن يكون الأئمّة موجودين, لأنّ المتوسِّل ـ وهو في المقام أحد أنبياء الله ـ يخاطب الله سبحانه وتعالى بعد أن أطلعه على حقائق تلك الأرواح المباركة, فهو يتوسّل إلى الله بهم, وهذا يدلّ على مزيد تشريف لهم من قبل الله سبحانه وتعالى.

2ـ أنّ الجهل والغباء الذي تتحدث عنه عليك أن توجهه إلى كلّ عالم سنّي يعتقد بإمكان توسّل الأنبياء بالنبيّ محمّد, إذ ليس للنبيّ محمّد وجود في حياة الأنبياء, فيكون ابن الجوزي، وابن تيمية, والحاكم, وابن حجر الهيتمي والسبكي والصالحي الشامي وغيرهم كلهم جهلة وأغبياء في نظر القفاري, لأنّهم يرون مشروعية توسل آدم بالنبي’ أو إمكانه على ما تقدّم بيانه.

3ـ أجبنا أكثر من مرة بأنّ مسألة أسماء الأئمة وانحصار استجابة الدعاء بها, ما هي إلا أكذوبة تخيلها القفاري ليغطي على تكفيره لعلماء أهل السنّة الذي يرون مشروعية التوسّل, واتّضح جليّاً من البحث أنّ الشيعة حالها حال أهل السنّة تؤمن بمشروعية أنواع عدّة من التوسّل طبقاً للأدلّة, وقد تقدّم ذكرها, وليس فيها نوع من التوسل اسمه التوسّل بأسماء الأئمّة فضلاً عن انحصار الاستجابة به.

على أنّ استجابة الدعاء محصورة بالله سبحانه وتعالى, ولا نتشفع ولا نتوسّل إليه إلاّ بعد أن عرفنا من الشرع أنّه جعل وسائط نتوسل بها إليه ولا نعبدها ولا نعتقدها آلهة, بل نعتقد أنّهم عباد الله لهم شأن ومنزلة عنده، اكتسبوها بطاعتهم وإخلاصهم وتفانيهم في دين الله.

ومنه يظهر الفرق بين التوسّل وبين ما تدلّ عليه الآية الكريمة, فإنّ الآية تتحدث عمّن يعبدون الأصنام، ويصرحون بذلك، ويدّعون أنّ عبادتهم الأصنام تقربهم إلى الله زلفى, فهم يتقربون إلى الله بالشرك، والعياذ بالله, بينما المسلم الموحد لا يعتقد بألوهية الأنبياء أو الأولياء بل يعبد الله الواحد الأحد، وأنّ للأنبياء والأولياء مراتب خاصة نالوها عن طريق الطاعة, فالمسلم يتوسّل بعباد الله المخلصين له الدين، ويجعلهم واسطة بينهم وبين ربّه لكي يستجيب الله له ويقضي حاجته, فلا توجد عبادة أخرى غير عبادة الله الواحد الأحد.


 

الشبهات العامة حول التوسل

من خلال البحث اتضح أنّ التوسل فعل مشروع لا شائبة فيه وعليه عمل المسلمين من الصدر الأول للإسلام ولهذا اليوم, وقد عرفنا فيما سبق أنّ الشبهات التي أثيرت حوله ليس لها نصيب من الصحّة, وتفتقد إلى الدقّة والموضوعية, وقد أجبنا عنها مفصّلاً, ومن خلالها يتّضح الجواب على أكثر ما يثار هنا وهناك حول التوسل, لكن إتماماً منّا للفائدة ارتأينا أنْ نورد بعض ما يثيره الوهابية في قنواتهم أو مواقعهم الالكترونية أو في بعض كتبهم حول التوسّل:

الشبهة الأولى: باب الله مفتوح للجميع فلا حاجة للواسطة

قالوا: إنّ باب الله مفتوح للجميع فلا داعي لتوسيط واسطة بينك وبينه, بل ادعه مباشرة، ويستدلون بقوله: {إِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}([830]).

الجواب

 في الحقيقة أنّ هذا من غرائب الاستدلال, فلا شبهة في كون الله قريباً من الجميع, وأنّ بابه مفتوح للجميع, لكن الكلام في بُعد الناس عن الله لذنوبهم ومعاصيهم وعدم بلوغهم درجات التقوى, فلا ينكر أحد أنّ الله قريب حتّى من الشيطان، فالله هو الخالق والمالك والمتسلّط على كلّ شيء, لكنّ الشيطان بعيد من الله, فالله قريب من الجميع, والإنسان يقترب من الله بقدر عمله, وهذا لا ينافي أن تجعل واسطة صالحة بينك وبينه لأجل قضاء حاجتك, باعتبار المقام الرفيع الذي تحتله تلك الواسطة, خصوصاً أنّ السلفيين يجوزن طلب الدعاء من الأحياء, مع أنّ الله قريب, ويجوزون التوسل بالعمل الصالح مع أنّ الله قريب! فهل صار الله بعيداً! فهل عندما نتوسّل إلى الله بالميت يكون الله قريباً ولا يمكن توسيط شخص في الدعاء وقضاء الحاجة, وعند التوسّل بدعاء الحي أو بالعمل الصالح, يكون الله بعيداً ويمكن التوسل بالغير؟!!

فالفهم الخاطئ لمفهوم ودلالات هذه الآية أوقعهم في هذا التناقض, فالآية بصدد الحث على الدعاء ومناجاة الله, ولا تنفي سائر الأنواع من التوسّل, ومعروف في علم الأصول أنّ إثبات شيء لا ينفي ما عداه, بمعنى أنّ الآية أثبتت الحث على دعاء الله سبحانه وتعالى, لكنّها لم تنف التوسل إلى الله بالأنبياء والأئمّة والصالحين.

فإذا دلّ عليها الدليل صارت مشروعة وطريق موصل ومقرّب إلى الله سبحانه وتعالى, والأدلّة تقدّمت مفصلة على جواز التوسّل بالأحياء والأموات من الأنبياء والأولياء.

الشبهة الثانية: التوسل خلاف إطلاق قوله تعالى: {ادعوني استجب لكم}

قالوا: إنّ الله يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}([831]) ولم تكن هناك واسطة بين العبد والله، فلماذا نتوسل، والآية أطلقت الأمر بالدعاء من الله؟!

الجواب

 هذا فهم سقيم آخر يتنافى مع جواز التوسل بدعاء الحي الذي يجوزونه، فالآية أطلقت الأمر بدعاء الله، كما يقولون، ولم تقل اطلب من الحي أن يدعو الله لك, فلماذا يتم التفريق بين الحيّ والميت في الجواز وعدمه بالاعتماد على هذه الآية, فعند التوسل بالميت يرون أنّ الآية تنافي التوسّل؛ لأنها طلبت من العبد دعاء الله بلا واسطة, مع أنّهم يجيزون التوسل بدعاء الحي وهو أيضاً طلب بواسطة, وهذا التناقض شبيه بسابقه يدلّ على عدم فهمهم للآية الكريمة, فهي بصدد الحثّ على الدعاء من قبل المؤمن, ووعد من الله بالإجابة, ومعلوم أنّ الاجابة لها شروطها الخاصة بها، وليس كلّ من دعا الله فقد استجيب له, فالآية لم تنف التوسل, بل أثبتت استجابة الدعاء لمن يدعو الله سبحانه وتعالى, ولو كانت نافية للتوسّل لما كان هناك وجه للتفريق بين الحي والميت, بل لم يكن هناك وجه للتفريق بين كلّ أنواع التوسل, فقد مرّ جواز التوسل بأسماء الله وصفاته, وجواز التوسل بالعمل الصالح, وهذان النوعان يقر الوهابية بمشروعيتهما, ومنه يتّضح أنّ الآية ليست في مقام حصر كيفية الدعاء, بل هي في مقام الحثّ على الدعاء من الله سبحانه وتعالى, وإلا لزم إبطال جميع الأنواع من دون تخصيص التوسل بالذوات.

على أنّ هناك مسألة أغفلها الوهابيون تتعلق بهذه الآية والتي قبلها, وهي أنّ التوسل بالذوات هو نوع من أنواع الدعاء، فقول الداعي: اللهم إنّي أسالك بمحمّد وآل محمّد هو دعاء مشمول بالآيتين, وقد تقدم بيان ذلك في أدلّة التوسل.

الشبهة الثالثة: آيات قرانية أخرى تتنافي مع مبدأ التوسل

ذكروا عدّة آيات قرآنية أخرى يدّعون أنّها تتنافى مع التوسّل من قبيل قوله {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إلى اللَّهِ زُلْفَى}([832])وغيرها.

الجواب

تقدّم فيما سبق من البحوث المتعلقة بالإجابة عن بعض الآيات, وعرفنا أنّها ناظرة إلى الذين يعبدون الأوثان والأصنام فهم يشركون بالله نهاراً جهاراً، ويدّعون أنّ عبادتهم للأصنام من أجل القرب الإلهي, بينما المتوسّل لا يعبد إلا الله الواحد الأحد، ويتوسل بعباد الله الصالحين لتقواهم وعظيم إيمانهم.

وقد جمع الشوكاني مجموعة من هذه الآيات وأجاب عنها, ونحن هنا نكتفي بما قاله, لوضوح المسألة أولاً, وللمنزلة العلمية التي يتحلّى بها الإمام الشوكاني ثانياً:

 قال (رحمه الله): >وبهذا تعلم أنّ ما يورده المانعون من التوسّل بالأنبياء والصلحاء من نحو قوله تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونَا إلى اللَّهِ زُلْفَى}، ونحو قوله تعالى: {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، ونحو قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} ليس بوارد, بل هو من الاستدلال على محلّ النزاع بما هو أجنبي عنه.

 فإنّ قولهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونَا إلى اللَّهِ زُلْفَى} مصرّحٌ بأنّهم عبدوهم لذلك، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يعبده، بل علم أنّ له مزيّة عند الله بحمله العلم، فتوسّل به لذلك.

 وكذلك قوله: {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، فإنّه نهى عن أن يُدعى مع الله غيره كأن يقول: يا الله ويا فلان, والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله، فإنّما وقع منه التوسل عليه بعمل صالح عمله بعض عباده، كما توسّل الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة بصالح أعمالهم([833]).

وكذلك قوله: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ}, فإنّ هؤلاء دعوا من لا يستجيب لهم ولم يدعوا ربّهم الذي يستجيب لهم, والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله ولم يدع غيره دونه ولا دعا غيره معه.

 وإذا عرفت هذا لم يخف عليك دفع ما يورده المانعون للتوسّل من الأدلّة الخارجة عن محلّ النزاع خروجاً زائداً على ما ذكرناه، كاستدلالهم بقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ* ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ* يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}، فإنّ هذه الآية الشريفة ليس فيها إلا أنّه تعالى المنفرد بالأمر في يوم الدين وأنّه ليس لغيره من الأمر شيء والمتوسل بنبي من الأنبياء أو عالم من العلماء هو لا يعتقد أنّ لمن توسّل به مشاركة لله جلّ جلاله في أمر يوم الدين, ومن اعتقد هذا لعبدٍ من العباد سواء كان نبياً أو غير نبي فهو في ضلال مبين.

 وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا}، فإنّ هاتين الآيتين مصرحتان بأنّه ليس لرسول الله من أمر الله شيء وأنّه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فكيف يملك لغيره، وليس فيهما منع التوسل به أو بغيره من الأنبياء أو الأولياء أو العلماء، وقد جعل الله لرسوله المقام المحمود لمقام الشفاعة العظمى وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه، وقال له: >سل تعطه واشفع تشفّع< وقيّد ذلك في كتابه العزيز بأنّ الشفاعة لا تكون إلا بإذنه ولا تكون إلا لمن ارتضى...

 وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله لمّا نزل قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}, >يا فلان بن فلان لا أملك لك من الله شيئاً، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئاّفإنّ هذا ليس فيها إلا التصريح بأنّه لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه، وأنّه لا يملك لأحد من قرابته فضلاً عن غيرهم شيئاً من الله وهذا معلوم لكلّ مسلم، وليس فيه أنّه لا يتوسّل به إلى الله، فإنّ ذلك هو طلب الأمر ممّن له الأمر والنهي، وإنّما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سبباً للإجابة ممّن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين<([834]).

الشبهة الرابعة: علي بن ابي طالب ينكر مبدأ التوسل

 قالوا: إنّ الشيعة لم يتّبعوا علي بن أبي طالب في التوسّل, حيث ورد عنه أنّه قال: >إنّ أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله، فإنّه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنّها الفطرة، وإقام الصلاة فإنّها الملّة، وإيتاء الزكاة فإنّها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنّه جنّة من العقاب، وحجّ البيت واعتماره فإنّهما ينفيان الفقر ويرحضان الذنب([835])، وصلة الرحم، فإنّها مثراة في المال، ومنسأة في الأجل، وصدقة السرّ فإنّها تكفّر الخطيئة. وصدقة العلانية فإنّها تدفع ميتة السوء، وصنائع المعروف فإنّها تقي مصارع الهوان، أفيضوا في ذكر الله فإنّه أحسن الذكر، وارغبوا فيما وعد المتقين فإنّ وعده أصدق الوعد. واقتدوا بهدي نبيكم فإنّه أفضل الهدي، واستنّوا بسنته فإنّها أهدى السنن<([836]).

فإنّ الكلام أعلاه كما يقولون لا يوجد فيه أي ذكر لطلب التوسّل بآل البيت^ أو من في القبور والأضرحة، ولم نجد فيه إلاّ وحدانية الله بالعبادة والتوسّل لله التوسّل المشروع، وهو الأعمال الصالحة التي يرضاها منّا المولى عزّ وجلّ, فنفس الإيمان بالله وبرسله والتقوى والعمل الصالح والابتعاد عن المعاصي والذنوب هي أفضل وسيلة للتقرب إلى الله سبحانه, بحيث أن من لديه حاجة يريد الله تعالى أن يقضيها له فأفضل طريق له هو أن يعتمد في قضاء حاجته على نفس عمله الصالح وإيمانه بالله تعالى من دون الاعتماد على وسائل أخرى.

 بينما نرى الشيعة يخالفون قول الإمام علي ويعدلون عن الطريقة المثلى في التوسّل, ويتشبثون بالأموات من الأنبياء والصالحين ويتوسلون لله بهم.

الجواب

1ـ أنّ الخبر يصرّح بأنّ التوسّل بالإيمان بالله وبرسوله وبالأعمال الصالحة هو أفضل أنواع التوسّل, وهذا ممّا لا شكّ فيه, فإنّ كل مسلم يحاول جاهداً التقرب إلى الله بعبادته وطاعته, إلاّ أنّ الأفضلية لا تعني حصر التوسّل بهذا النوع, بل تعني انّه أفضل الأنواع, والأفضلية تستلزم مشروعية الأنواع الأخرى من التوسّل.

2ـ أنّ كلّ مؤمن يحاول جاهداً الوصول إلى تلك الدرجة العالية من التوسل إلى الله عن طريق الأخلاص والعمل الصالح وترك الذنوب والمعاصي, لكن حيث إنّ الإنسان كثيراً ما يقع في المعاصي والذنوب؛ لذا فإنّ أحد أسباب توسّلة بالأنبياء والصالحين هو الوصول إلى تلك الدرجة السامية من طاعة الله والإخلاص إليه, فهذا التوسّل لا يتنافى مع التوسل الذي ورد في كلمات الإمام عليه السلام, ولا يمثل عدولاً عن التوسل الأفضل إلى غيره, بل هو توسل لتحقيق النوع الأفضل الذي اشار إليه الإمام×.

3ـ لماذا جوزتم التوسّل بدعاء الغير وبأسماء الله وصفاته وبالعمل الصالح الذي قام به الانسان المؤمن, ولم تكتفوا بالأعمال الصالحة التي تقومون بها, فإنّ خير وسيلة هي العمل الصالح بمعنى القيام بتلك الأعمال وإيجادها في الواقع, لكنّكم لم تتمسكوا بذلك وجعلتم التوسّل بالأعمال الصالحة التي عملتموها سابقاً وسيلة للتقرب إلى الله.

فإن قلتم: إن هذه الأنواع من التوسّل ورد فيها النص بخصوصها ودلّ عليها الدليل.

أجبنا: بأنّ النصّّ دلّ إذن على أنّ التوسّل غير منحصر بالعمل الصالح, وقد دلّ الدليل عند المسلمين على مشروعية أنواع التوسّل الأخرى على ما بيّناه مفصلاً في بداية البحث.

الشبهة الخامسة: الإغاثة والتوسّل نداء غير الله وهو شرك

قالوا: إنّ الإغاثة والتوسّل فيها نداء غير الله وهو باطل؛ بل هو من الشرك.

الجواب

تقدّم الجواب عن هذا الإشكال في ثنايا البحث، وعرفنا أنّ النداء يختلف عن العبادة، فليس كلّ نداء للغير هو عبادة له, فالعبادة تتضمن الطلب من الغير مع الإقرار بألوهيته بخلاف النداء المحض فلا حرمة فيه, وسنورد هنا بعض النصوص التي تتضمن نداءات للغير:

1- ما ورد في باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله من نداء: >يا محمّد< حيث ورد الحديث بطرق عدّة:

الطريق الأوّل: قال البخاري في الأدب المفرد: >حدثنا أبو نعيم، قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رِجل بن عمر، فقال له رَجل: أذكر أحبّ الناس إليك، فقال: يا محمّد<([837]).

وهذا السند صحيح معتبر, فأبو نعيم هو الفضل بن دكين ثقة ثبت, وسفيان هو الثوري لا كلام فيه, وأبو إسحاق رمي بالاختلاط في آخر عمره, وبعضهم يحتج بحديثه مطلقاً, قال العلائي: >ولم يعتبر أحد من الأئمّة ما ذكر من اختلاط أبي إسحاق، احتجوا به مطلقاً، وذلك يدلّ على أنّه لم يختلط في شيء من حديثه<([838]).

وقال الذهبي: >وهو ثقة حجة بلا نزاع. وقد كَبِر وتغيَّر حفظه تغيُّر السنِّ، ولم يختلط<([839]).

أضف إلى ذلك: فإنّ سفيان سمع منه قبل اختلاطه على تقدير ثبوت ذلك, وذكر الشيخ الألباني الاتفاق على ذلك([840]).

وقد يقال: إنّ السبيعي مدلّس وقد عنعن, فلا تصحّ الرواية.

فنقول: يبدو أنّ أكثر العلماء اتفقوا على قبول عنعنة السبيعي كالحاكم والذهبي([841]) وابن حجر([842])وغيرهم, بل روى له الشيخان بالعنعنة([843]) فهذه العلّة غير تامة عند الكثير من علماء الفن.

وأمّا عبد الرحمن بن سعد, فقال ابن حجر: >ذكره ابن حبان في الثقات وقال النسائي: ثقة<([844]).

وحيث إنّ الحديث صحيح, فقد حاولت الأيادي التلاعب بمتنه! فحذفوا حرف النداء: >يا< من بعض طبعات البخاري, وقالوا إنّ الحديث ورد بلفظ: >محمّد< وليس فيه حجّة, وفي مقام الإجابة نقول:

1ـ في بعض طبعات البخاري, والطبعة التي نستخدمها الآن فيها لفظ: >يا محمّد<([845]).

2ـ أخرج الحديث الدارقطني من نفس طريق البخاري وأثبت فيه لفط >يا محمد< أيضاً ([846]).

3ـ الطرق الأخرى التي ورد بها الحديث اشتملت على لفظ >يا محمد< وسيأتي ذكرها.

الطريق الثاني: قال ابن السنّي: >حدثنى محمد بن إبراهيم الأنماطي وعمرو بن, الجنيد بن عيسى قالا: ثنا محمود بن خداش ثنا أبو بكر بن عياش ثنا أبو إسحاق السبيعي عن أبي شعبة، قال: كنت أمشي مع ابن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله, فجلس فقال له رجل: اذكُرْ أحب الناس إليك, فقال: يا محمّداه، فقام فمشى<([847]).

الطريق الثالث: قال ابن السني: >حدثنا محمد بن خالد بن محمد البردعى ثنا حاجب ابن سليمان ثنا محمد بن مصعب ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الهيثم بن حنش، قال: كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله، فقال له رجل: اذكُرْ أحبّ الناس إليك، فقال: يا محمد، قال: فقام فكأنما نشط من عقال<([848]).

الطريق الرابع: قال الحربي: >حدثنا عفان، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عمّن سمع ابن عمر، قال: خدرت رجله، فقيل: اذكر أحبّ الناس، قال: يا محمد<.

وقال: >حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن سعد: جئت ابن عمر فخدرت رجله، فقلت: ما لرجلك؟ قال: اجتمع عصبها، قلت: ادع أحبّ الناس إليك، قال: يا محمد فبسطها<([849]).

وبهذا يتبيّن أنّ الحديث معتبر وله طرق ونقله أبو إسحاق عن ثلاثة من شيوخه كلهم سمعوه من ابن عمر, وهذا ليس بمضر, إذ كثيراً ما نرى أحاديث يصححها علماء الفن ينقلها الراوي عن أكثر من شيخ من شيوخه, على أنّ رواية سفيان مقدّمة على غيرها لو اعتبرنا أنّه اختلف على أبي إسحاق في هذه الرواية, وعرفنا صحّتها ولله الحمد.

والحديث أعلاه فيه نداء بل استغاثة صريحة في شفاء القدم, أي في أمر لا يقدر عليه إلاّ الله, ومنه يتبيّن أنّ الاستغاثة ليست من الشرك, بل هي تشفيع المدعو عند الله سبحانه في قضاء الحاجة.

2- ما تقدّم سابقاً من قول المصلين في دبر كلّ صلاة: >السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته<، فإنّ >أي< حرف نداء, وجميع المسلمين ينادون النبي’ في كلّ صلاة, فهل أنّهم يعبدون النبي’ أم يعبدون الله الواحد الأحد.

3- ما أخرجه الطبراني, عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: >إذا أضل أحدكم شيئاً أو أراد أحدكم عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني, يا عباد الله أغيثوني؛ فإنّ لله عباداً لا نراهم<.

قال الطبراني بعد الحديث: >وقد جُرّب ذلك<([850]).

ومن الواضح هنا أنّ الاستغاثة كانت بعباد الله مع عدم وجود أحد منهم, فكيف يفسر السلفية الوهابيّة ذلك؟ وهل يعدّون هذا من الشرك وأنّ النبي’ يعلم أمّته الشرك؟ وما يقولون في الطبراني الذي يقول: وقد جرب ذلك؟!!

وللحديث شاهد يقويه, فعن ابن عبّاس قال: >أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة، فليناد: أعينوا عباد الله<

قال الهيثمي: >رواه الطبراني ورجاله ثقات<([851]).

وهذا الحديث أيضاً فيه نداء واستغاثة لعباد الله, في أمر لا يقدر عليه إلاّ الله, إلاّ أن يقول قائل بأنّ الطلب من الملائكة ليس بشرك والطلب من الناس شرك! وهو كما ترى, فالشرك هو عبادة غير الله, فإن كان الطلب عبادة, فالطالب من الملائكة مشرك أيضاً.

والحديث أعلاه حسّنه الحافظ ابن حجر وكذا السخاوي, على ما ذكره الألباني, ووافقهما هو أيضاً، فقال: >وهذا إسناد حسن كما قالوا، فإن رجاله كلهم ثقات غير أسامة بن زيد، وهو من رجال مسلم <([852])، إلاّ أنّه قال بعد ذلك: أنّ الحديث ورد بطرق أخرى موقوفة على ابن عبّاس, ورجّح ـ كعادته في الأحاديث التي لا توافق هواه ـ الوقف على الرفع, محتملاً أنّ ابن عبّاس أخذه من مسلمة أهل الكتاب([853]), ظنّاً منه بأنّ ذلك منجيه, ولم يلتفت بأنّ الاستغاثة لو كانت شركاً فمعناها أنّ ابن عبّاس قد أخذ الشرك من أهل الكتاب ونقله للمسلمين معتقداً بصحّته!!!

ثمّ إنّ الحديث أعلاه اعترف الإمام أحمد بصحّته أيضاً, على ما ذكر الألباني، حيث قال: >ويبدو أن حديث ابن عباس الذي حسنه الحافظ كان الإمام أحمد يقويه، لأنه قد عمل به...<([854]).

أخرج أبو يعلى بسنده عن عبد الله بن مسعود، أنّه قال: >قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا يا عباد الله احبسوا, فإنّ لله حاضراً في الأرض سيحبسه<([855]).

والحديث أورده النووي في أذكاره، وقال بعده: >حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنّه أفلتت له دابة أظنها بغلة، وكان يعرف هذا الحديث، فقاله، فحبسها الله عليهم في الحال، وكنت أنا مرة مع جماعة، فانفلتت منها بهيمة وعجزوا عنها، فقلته، فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا الكلام<([856]).

وهذا الكلام من النووي ومن شيخه تصحيح للحديث, وعمل بالاستغاثة التي وردت به, فهل يُعدُّ الإمام النووي وشيخه الكبير في العلم مشركان!؟

فهذه نداءات تثبت جواز نداء غير الله، سواء كان قريباً منك مكانياً أو بعيداً, وعرفنا أنّها من تعليم النبي وقد فعلها الصحابة، وكذا فعلها علماء الأمّة.

الشبهة السادسة: الاستغاثة بما لا يقدر عليه إلا الله شرك

قالوا: إنّ الاستغاثة من الحي في أمر مقدور أمر جائز, والاستغاثة بما لا يقدر عليه إلاّ الله هي الشرك.

الجواب

1ـ تقدّم أنّ الاستغاثة التي تصدر من المسلم الموحّد إذا كانت في أمر غير مقدور فهي محمولة على طلب الدعاء والشفاعة من ذلك الشخص حيّاً كان أو ميّتاً.

2ـ دلّ أكثر ما تقدّم من الأحاديث على مشروعيّة الاستغاثة في الأمور غير المقدورة, من قبيل نداء ابن عمر؛ فإنّ فيه استغاثة واضحة بالنبي’ مع أنّ النبي’ لم يكن حاضراً عنده, ولم يكن الأمر بمقدورٍ إلا لله تعالى فهو المشافي والمعافي من الأمراض, فهل يُعدّ ابن عمر مشركاً, أم تؤولون استغاثته بأنّه جعل النبي شفيعاً وداعياً إلى الله في إجابة دعوته, وهكذا رواية عتبة بن غزوان؛ فإنّ فيها استغاثة واضحة، وكذا غيرها من الأخبار الأخرى.


تذييل: في ذكر بعض الآيات التي ادعي منافاتها للتوسل

بعد أن أكملنا البحث في التوسل وما أثير حوله من شبهات، وردتنا بعض الاستفسارات حول منافاة بعض الآيات لعقيدة التوسل، فرأينا إتماماً للفائدة أن نتعرض لذكر هذه الآيات وتوضيح دلالاتها، ليتبين عدم مناقضتها للتوسل.

الآيات التي يستدلّ بها السلفية على حرمة التوسل:

ثلاث آيات ـ في سياق واحد ـ تنهى عن دعوة غير الله

قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْـرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ * وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ * إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِـرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ * إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ *وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}([857]).

هذه الآيات الواردة في سورة الأعراف ناظرة إلى الشرك بالأصنام المتخذة آلهةً والاعتماد عليها دون الله تعالى فهي جمادات لا تستطيع نصر من يعبدها ولا نصر أنفسها، بقرينة الآيات المتأخرة.

وقد اتّفق المفسّرون على أنّها في خصوص الأصنام, قال الطبري: >وهذا أيضا أمر من الله جلّ ثناؤه لنبيه أنْ يقوله للمشركين بقوله تعالى: قل لهم، إنّ الله نصيري وظهيري، والذين تدعون أنتم أيها المشركون من دون الله من الآلهة، لا يستطيعون نصركم، ولا هم مع عجزهم عن نصرتكم يقدرون على نصرة أنفسهم، فأيُّ هذين أولى بالعبادة وأحق بالألوهة، أمّن ينصر وليه ويمنع نفسه ممن أراده، أم من لا يستطيع نصر وليه ويعجز عن منع نفسه ممن أراده وبغاه بمكروه<([858])

وقال القرطبي: > قوله تعالى: {إنّ الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم} حاجّهم في عبادة الأصنام، {تدعون}: تعبدون. وقيل: تدعونها آلهة. {من دون الله} أي من غير الله، وسميت الأوثان عباداً؛ لأنها مملوكة لله مسخرة، الحسن: المعنى أنّ الأصنام مخلوقة أمثالكم. ولما اعتقد المشركون أن الأصنام تضر وتنفع أجراها مجرى الناس، فقال: {فادعوهم} ولم يقل فادعوهن، وقال: {عباد}، وقال: {إنّ الذين} ولم يقل إنّ التي. ومعنى " فادعوهم " أي فاطلبوا منهم النفع والضر. قال ابن عباس: معنى فادعوهم فاعبدوهم. ثمّ وبخهم الله تعالى وسفّه عقولهم فقال: {ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها الآية}. أي أنتم أفضل منهم فكيف تعبدونهم؟ والغرض بيان جهلهم، لأنّ المعبود يتصف بالجوارح<([859]).

وقال ابن كثير: >هذا إنكار من الله على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره من الأنداد والأصنام والأوثان وهي مخلوقة لله مربوبة مصنوعة لا تملك شيئاً من الأمر ولا تضر ولا تبصر ولا تنتصر لعابديها, بل هي جماد لا تتحرك ولا تسمع ولا تبصر وعابدوها أكمل منها بسمعهم وبصرهم وبطشهم... <([860]).

وبعد بيان المقصود من الآيات الآنفة الذكر يتضح أنّه لا مجال للاستدلال بها على حرمة التوسل ـ وفقاً لبيان السلفي ـ أنّ هذه الآيات تقرر أنّ كلّ من دعا من دون الله ـ سواء كان المدعو صنماً أم كان نبياً أم ولياً ـ فإن المدعو لا ينفع الداعي ولا يضره، وهذا الدعاء منهيٌ عنه بمفاد الآيات، فالتوسل حرام.

أقول: يتضح عدم شمول الآيات للتوسّل، بأمور:

أولاً: أنّ الدعاء في الآيات المذكورة بمعنى العبادة، كما تقدّم تفسيره عن القرطبي. وحينئذ يكون المعنى: أن الذين تعبدونهم من دون الله لا ينفعونكم ولا يضرونكم، وهذا لاعلاقة له بالتوسل بكلّ معانية، فالمتوسل على كل التقادير لا يعبد من يتوسل به.

ثانياً: الخطاب في الآيات موجّه لخصوص المشركين الذي يعبدون الاصنام المتخذين منها آلهةً، والسياق يحدد هذا المعنى، ولا يمكن تعميم ذلك للمسلمين الذين يتوسلون بالنبيّ أو الأئمة والأولياء؛ رجاءَ قضاء حاجاتهم التي يعتقدون أنها لا تقضى بسبب ذنوبهم وتقصيرهم في طاعتهم لله تعالى، فيلجأون إلى التوسل؛ متخذين الأنبياء والأولياء والصالحين وسيلةً وطريقاً لتحقق مبتغاهم، علماً منهم أن الله تعالى يحب هؤلاء وأنّ لهم منزلة عظيمة عنده، كما أنهم يعتقدون بأن الله تعالى هو قاضي الحوائج ذاتاً وأن هؤلاء إنما يقضون حاجات الناس من دون استقلال عن قدرة الله تعالى، فكم من فرق بين الاثنين؟!

ثالثاً: مع غض النظر عن السياق القرآني، لا يمكن التمسك باطلاق الكلام ليشمل كل دعاء حتى الصادر من المسلمين، لاننا نقول: ـ مع فرض أنّ الدعاء لا يعني العبادة ـ إطلاق (تدعون من دونه) يشمل حتى دعاء الغير وندائه في حال حياته، فإنّ دعاء الأحياء والاستغاثة بهم أيضاً ممّا يصدق عليه تدعون من دونه، مع أن هذا المورد مما لا شك في عدم حرمته، فلو قيل: أن هذا المورد لا يشمله الإطلاق، نقول: مورد التوسل أيضاً لا يشمله الإطلاق، ولا يمكن ترجيح مورد على آخر بقرينة الفهم العقيدي عند البعض.

الآية الرابعة: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}([861]).

وكما أنّ الآيات السابقة تتحدّث عن عبدة الأصنام, فكذلك هذه الآية فهي ناظرة إلى من يعبد الأوثان والأصنام, وتذمهم على فعلهم هذا، وتُبيّن أنّ الأصنام غير قادرين على نفع أنفسهم، بل هم مخلوقون لله تعالى, وليست لهم حياة ولا روح، لا في الدنيا ولا في الآخرة, فكيف يتصور أنّهم ينفعون أو يضرّون؟

 يقول الطبري في تفسيره: >وقوله: والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون، يقول تعالى ذكره: وأوثانكم الذين تدعون من دون الله أيها الناس آلهة لا تخلق شيئا وهي تخلق، فكيف يكون إلهاً ما كان مصنوعاً مدبراً لا تملك لأنفسها نفعا ولا ضراً؟

 وتأويل قوله تعالى: {أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون} يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين من قريش: والذين تدعون من دون الله أيها الناس أموات غير أحياء. وجعلها جلّ ثناؤه أمواتاً غير أحياء، إذ كانت لا أرواح فيها. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: أموات غير أحياء وما يشعرون أيّان يبعثون, وهي هذه الأوثان التي تعبد من دون الله أموات لا أرواح فيها، ولا تملك لأهلها ضراً ولا نفعاً<([862]).

وقال القرطبي: >(أموات غير أحياء) أي هم أموات، يعنى الأصنام، لا أرواح فيها ولا تسمع ولا تبصر، أي هي جمادات فكيف تعبدونها وأنتم أفضل منها بالحياة. (وما يشعرون) يعنى الأصنام. (أيان يبعثون)<([863]).

وقال ابن كثير: >وقوله "أموات غير أحياء" أي هي جمادات لا أرواح فيها، فلا تسمع ولا تبصر ولا تعقل" وما يشعرون أيان يبعثون" أي لا يدرون متى تكون الساعة فكيف يرتجى عند هذه نفع أو ثواب أو جزاء؟ إنّما يرجى ذلك من الذي يعلم كلّ شئ وهو خالق كلّ شئ<([864]).

فهذه الآية المباركة ـ كسابقاتها ـ ناظرة إلى خصوص من يعبدون الأصنام, وهي أجنبية عن مسألة الاستغاثة والتوسل بالأنبياء والصالحين مع عدم الاعتقاد بألوهيتهم، ولا يوجد مسلم من يدّعي الألوهية فيمن يتوسل بهم.

الآية الخامسة: قوله تعالى: {ذَلِكُمْ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير * إِنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ}([865]).

وهذه الآية كمثيلاتها ناظرة أيضاً إلى عبدة الأصنام, فإنّ الأصنام لا يملكون حتى قشر النواة, وهو القطمير, فكيف يمكن عبادتهم؟

 يقول الطبري: >وقوله: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير} يقول تعالى ذكره: والذين تعبدون أيها الناس من دون ربكـم الذي هذه الصفة التي ذكرها في هذه الآيات([866]) الذي له الملك الكامـل، الذي لا يشبهه ملك، صفته ما يملكون من قطمير، يقول: ما يملكون قشر نواة فما فوقها، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل...<([867]).

ويقول النسفي: >(والذين تدعون من دونه): يعنى الأصنام التي تعبدونها من دون الله يدعون قتيبة (ما يملكون من قطمير) هي القشرة الرقيقة الملتفة على النواة (إنْ تدعوهم) أي الأصنام (لا يسمعوا دعاءكم) لأنّهم جماد (ولو سمعوا) على سبيل الفرض (ما استجابوا لكم)؛ لأنّهم لا يدعون لهم من الإلهية ويتبرءون منها<([868]).

فالآية الشريفة كغيرها تتحدث عن الذي يعبدون الأصنام, مبيّنة أنّ الاصنام غير قادرة على نفعهم ولا ضرهم.

فتحصّل: أنّ الكلام الذي قدّمناه على الآيتين الأولى والثانية في أوّل البحث يرد على جميع الآيات, فإنّ المراد من (الدعاء) هو العبادة, وأنّ الخطاب موجهٌ لمن يعبدون الأصنام من دون الله, والمُتوسِل لا يعبد غير الله. كما أنّه لا يمكن التمسّك بإطلاق الآيات والقول بشمولها لكل دعاء حتى لو لم يكن عبادة, وحتى لو لم يكن من الأصنام، بل حتى لو كان الدعاء والطلب من الأنبياء وغيرهم؛ لأنّ هذا الاطلاق يشمل حتّى دعوة الأحياء, ولم يقل أحد بحرمة دعوة الحي.

تقرير شبهة السلفية بنحو آخر:

عرفنا أنّ الآيات ناظرة لمن يعبد غير الله ويتخذه إلهاً له, ولا يوجد في الاستغاثة والتوسل أي نحو من العبادة لأحد، فالمتوسل لا يعبد سوى الله سبحانه, ولا يعتقد بألوهية من يتوسل به, بل يعتقد أنه عبد صالح من عباد الله؛ ولذا توسّل به, فتوحيد الله الخالص وطاعته وتقواه هي التي دعت المتوسل أنْ يتوسل بذاك الشخص, بخلاف المشركين الذين عبدوا الأصنام واعتقدوا أنّها آلهة.

بيد أنّ السلفية قد وقعوا في شبهة مفادها: أنّ مجرد دعاء الغير يعدّ عبادة له ويوجب الشرك, لأنّ الدعاء مخّ وجوهر العبادة، فتكون النتيجة: أنّ كلّ من دعا غير الله, صار مشركاً؛, وحينئذ فإنّ قول يا محمّد ويا عليّ وغيرها تكون من دعاء غير الله, وهي من الشرك.

الجواب:

بعد أنْ عرفنا أنّ الآيات مختصة بالمشركين الذين يعبدون الأصنام وأن دعوتهم (عبادتهم) للأصنام لا تنفعهم ولا تضرهم؛ لأنّ أصنامهم أموات غير أحياء وغير قادرين على دفع الضر عن أنفسهم.

 فلننظر: هل من الممكن شمول تلك الآيات لغير عبَدَةِ الأصنام أم لا؟

 وجواب هذا يتوقف على معرفة هل أنّ مجرد دعاء الغير والطلب منه يدخل في عبادة غير الله, ويكون صاحب الدعاء مشركاً, أم أنّ الطلب المصاحب لاعتقاد الإلوهية, هو الشرك؟

ولا شكّ في أنّ الثاني هو الصحيح دون الأول؛ ذلك أنّ لازم الافتراض الأول هو القول بشرك كل البشرية بما فيهم الأنبياء, فدعاء الغير والاستغاثة به هو سيرة قامت عليها كل المجتمعات الإنسانية, مضافاً لوروده في القرآن الكريم, فقال تعالى: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أُخراكم}([869]).

وقال تعالى: {فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوّه فوكزه موسى فقضى عليه}([870]) وقال على لسان ذي القرنين: {فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما}([871]) وغيرها من الآيات.

فتبيّن أنّه لا يمكن قبول أنّ كلّ دعاء للغير واستغاثة به هو عبادة له موجبة للشرك, وإلا لزم رمي النبيّ بالشرك أيضاً.

ومن هنا وتبعاً لهذا اللازم الواضح البطلان، ذهب الوهابية الى التفريق في الطلب, فقالوا إنّ الطلب من الغير نحوان: الأول: طلب في الأمور المقدورة للبشر, وهذا جائز، والثاني: طلب غير مقدور للبشر فهو يختص بالله تعالى، وهذا غير جائز.

والجواب على ذلك هو: أوّلاً: أنّ الطلب والاستغاثة، إنْ كانت حقيقة هذه المفاهيم تستلزم ـ في ذاتها ـ عبادة غير الله فهي شرك على أية حال، سواء كانت في الأمور المقدورة أو غير المقدورة.

وبناء على هذا الفهم للطلب لا يمكن التفريق بأن يقال: إذا كان الطلب من الحي كان جائزاً وإذا كان من الميت ـ باعتباره غير قادر على فعل شيءـ كان شركاً.

نعم, لو ثبت أنّ الميت لا يضر ولا ينفع فستكون الاستغاثة به لغواً, لكن اللغوية شيء والشرك شيء آخر.

ثانياً: إذا كانت مفاهيم الاستغاثة والطلب والدعاء لا تستلزم الشرك في ذاتها, ولهذا تجوز في الأمور المقدورة للبشر، عندئذ يثبت جواز التوسل بالأنبياء وغيرهم من الصالحين؛ لأنّ المتوسِّل يعتقد مسبقاً بقدرة من يتوسل به من الأنبياء والأولياء, وأن هذه القدرة لهؤلاء ليست ذاتية، بل منبثقة من قدرة الله تعالى وفي ضوء سلطانه، وقد حصلوا عليها نتيجة لطاعتهم وتقواهم, فالمتوسّل لم يستغث حينئذ إلا بما هو مقدور في اعتقاده، وليس ذلك من الشرك, بل هو عين التوحيد لله سبحانه وتعالى.

 وعلى سبيل المثال: إحياء الموتى وشفاء المرضى من مختّصات الله سبحانه وتعالى وهي من الأمور غير المقدورة للبشر ابتداء،, لكن الله تعالى قد أذن لعيسى بذلك ومنحه القدرة على الإحياء والشفاء, ولهذا فلا يمكن أن يعدّ مشركاً من يطلب من عيسى× في ذلك الوقت أنْ يحيي ميّتاً ما مع علمه واعتقاده أنّ عيسى× قادر على ذلك بإذن الله تعالى.

ثالثاً: المجاز الإسنادي في اللغة أمر معروف، من قبيل قولهم أنبت الربيع بقلاً, فهي نسبة مجازية واضحة، فالربيع ليس هو من ينبت الزرع, بل الذي ينبت البقل هو مجموعة من العوامل مع قدرة الله تعالى، وليس من الصحيح تكفير من يقول أنبت الربيع البقل.

 وهكذا يقول الله تعالى العسل يشفي الناس: {فيه شفاء للناس}([872]) وفي آية أخرى يقول إنّ الشفاء من مختصاته: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين}([873]).

وليس من الصحيح تكفير من يعتقد أنّ العسل هو المشافي للمرضى واتّهامه بالشرك؛ لأن نسبة الشفاء للعسل نسبة مجازية لا حقيقية.

وهكذا فإنّ الآيات التي تنسب الفعل تارة إلى الله وتارة إلى غيره كثيرة جدّاً, منها:

قوله: {إنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}([874]). لكنّه في آية أخرى يقول: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا}([875]). ويقول في موضع آخر: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}([876]). وقوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الاَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}([877]).

ثمّ يقول في آية أخرى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَي رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}([878]).وكذلك يقول: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}([879]).

وهكذا فإنّ الآيات في هذا الباب كثيرة.

وممّا تقدّم يظهر أنّ القول: يارسول الله أغثني أو يا علي أدركني وقول أهل السنّة: يا عبد القادر مدد, وغير ذلك, هي نسبة مجازية في الإسناد، فإنّ المغيث والمدرك هو الله تعالى، وأمّا الرسول ’ وعلي × والكيلاني وغيرهم ليسوا إلا وسائط وسبل لتحقّق الحاجات إمّا بدعائهم إلى الله, أو أنّ الله يحقّق الإجابة كرامةً لهم، وفي كلا الحالين لا يوجد عبادة لغير الله.

وفي الجملة أنّ جميع الآيات التي يتوهم منها شرك المستغيث هي أجنبية عن المقام, بل هي واردة في من يعبد غير الله من الأوثان ظناً منه أنّ أصنامه التي يعبدها قادرة على نفعه أو ضره, بينما المسلمون لا يعبدون سوى الله, ولا يتوسلون بالأنبياء وغيرهم إلا لاعتقاد أنّ هؤلاء بلغوا مراتب عالية في توحيد الله وطاعته, فالتوحيد هو الباعث على التوسل والاستغاثة بهؤلاء فكيف يكون شركاً مع تصريح المتوسل بأنّه لا يعبد الا الله الواحد الأحد؟

خلاصة بحث التوسل

وإلى هنا تبيّن للقارئ أنْ ليس للشيعة توسّل خاص بها, بل هم حالهم حال غيرهم من أهل السنّة يتوسّلون إلى الله بأسماء الله وصفاته، وبالعمل الصالح، وبذوات الأنبياء والصالحين، وبدعاء الأحياء، وكذا الأموات من الأنبياء والأولياء والصالحين, وأنّ حصر استجابة الدعاء عندهم بذكر أسماء الأئمة ما هي إلاّ فرية وتضليل حاول القفاري إيهام القارئ بها؛ ليبين لهم عمق الخلاف بين السنّة والشيعة, وليتخلص من مسألة التكفير التي تعمّ أهل السنّة حسب رأيه, ونحن بتفصيل البحث وبيان أنواع التوسّل أمطنا اللثام عن حقيقة القفاري, وتبيّن أنّه يرى أنّ المسلمين من الشيعة والسنّة مشركين؛ لأنّهم يوسطون الأولياء والصالحين في قضاء حوائجهم.

 وقد عرفنا أنّ هذا الفعل بعيد كلّ البعد عن الشرك لأنّ المسلم يصرح بعبادة الله الواحد الأحد ويرى أنّ الأنبياء والأولياء عباد الله لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً إلاّ بإذن الله, وحيث دلّ الدليل على مشروعية التوسّل بهم, راح المسلمون امتثالاً منهم لتطبيق الشريعة، يتوسلون بالأنبياء والصالحين, فالمسلمون يطبقون شرع الله ويتوسلون بالوسائط إليه بعد أن شرّعها الله لهم, مقرّين بأنّ المعبود هو الله لا إله إلا هو, بينما المشركون يعبدون أصنامهم ويشركون بالله ويدّعون أنّ ذلك يقربهم إلى الله زلفى, والفرق واسع وشاسع بين من يقرّ بالتوحيد ويصرّح بأنّه لا يعبد إلاّ الله, وبين من يصرّح بعبادة الأصنام ويدعي أنّها تقربه إلى الله.

ونختم بما ورد في البخاري, عن أبي ذر (رضي الله عنه) أنّه سمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: >لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلاّ ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك<([880]).

وبهذا ننهي الجزء الثالث من نقد كتاب أصول مذهب الشيعة الاثني عشرية، لمؤلفه الدكتور ناصر القفاري، والحمد لله رب العالمين.


مصادر الكتاب

1.   ابن أبي الحديد المعتزلي، عزّ الدين، أبو حامد بن هبة الله بن محمد، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: دار إحياء الكتب العربية, ط1 ـ 1378هـ.

2.   ابن أبي الدنيا, أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد، المنامات, تحقيق: عبد القادر أحمد عطا, الناشر: مؤسسة الكتب الثقافيةـ بيروت, ط1 ـ 1413هـ ـ 1993م.

3.   ابن أبي شيبة الكوفي، أبو بكر عبد الله بن محمد، المصنف في الأحاديث والآثار، تحقيق وتعليق: سعيد اللحام، الناشر: دار الفكر للطباعة ـ بيروت، ط1ـ 1409هـ.

4.      ابن أبي عاصم الضحاك، أبو بكر, أحمد بن عمرو الشيباني، كتاب السنّة ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة، بقلم: محمد ناصر الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت، ط3ـ 1413م.

5.   ابن الأثير الجزري، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد، الكامل في التاريخ، الناشر: دار صادر ـ بيروت، طبعة عام 1386هـ.

6.   ابن الجوزي, عبد الرحمن بن علي, الوفا بأحوال المصطفى, اعتنى به وعلّق عليه: راشد الخليلي, الناشر: المكتبة العصريةـ بيروت, طبعة عام 1426هـ ـ 2005م.

7.   ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، الناشر: دار صادر ـ بيروت، ط1 ـ 1358هـ.

8.      ابن السنّي, أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري, عمل اليوم والليلة, تحقيق: كوثر البرني, الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية ومؤسسة علوم القرآن ـ جدة, بيروت, ونسخة ثانية بتحقيق: بشير محمّد عبدون, الناشر: مكتبة دار البيان ـ دمشق, ط1, 1407هـ.

9.      ابن الصباغ المالكي، نور الدين علي بن محمد المكي، الفصول المهمّة في معرفة الأئمة، تحقيق: سامي الغريري، الناشر: دار الحديث ـ قم, ط1ـ 1422هـ.

10.  ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن، علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح)، تعليق وشرح وتخريج: أبي عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1416هـ.

11.  ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد، عارضة الأحوذي شرح صحيح الترمذي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1425هـ.

12.  ابن العماد العكري الحنبلي، عبد الحي بن أحمد بن محمد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، محمود الأرنؤوط، الناشر: دار ابن كثير ـ دمشق، ط1ـ 1406هـ.

13.  ابن المغازلي, علي بن محمد بن محمد بن الطيب بن أبي يعلى الجلابي، مناقب الإمام علي, تحقيق وتعليق: محمد باقر البهبودي, دار الأضواء ـ بيروت, طبعة عام 1424 هـ.

14.  ابن أنس، مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني، المدونة الكبرى، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

15.  ابن بطال, أبو الحسن, علي بن خلف بن عبد الملك القرطبي, شرح صحيح البخاري, تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم, الناشر: مكتبة الرشد ـ الرياض, ط2 ـ 1423هـ ـ 2003م.

16.  ابن تيميّة, أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني الحنبلي, اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم, تحقيق: محمّد حامد الفقي, الناشر: مطبعة السنّة المحمديّةـ القاهرة, ط2ـ 1369هـ.

17.  ابن تيمية, أبو العباس أحمد بن عبد الحليم الحراني الحنبلي, التوسل والوسيلة, تحقيق: زهير الشاويش, الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت, طبعة عام1390 ـ 1970م.

18.  ابن تيمية, أحمد بن عبد الحليم, الرد على الأخنائي واستحباب زيارة خير البريّة, تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلّمي اليماني, الناشر: المطبعة السلفيةـ القاهرة.

19.  ابن تيمية, أحمد بن عبد الحليم, الاستغاثة في الرد على البكري, تحقيق: محمد علي عجال, الناشر: مكتبة الغرباء الأثرية ـ المدينة المنورة, ط1ـ 1417هـ..

20.  ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد العاصمي، الناشر: مكتبة ابن تيمية، ط2.

21.  ابن تيمية، أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، الناشر: مؤسسة قرطبة ـ بيروت، ط1ـ 1406هـ.

22.  ابن حبّان، التميمي البستي، محمد، صحيح ابن حبّان بترتيب ابن بلبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط2ـ 1414هـ.

23.  ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي, نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار, تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي, الناشر: دار ابن كثيرـ دمشق, بيروت, ط2.

24.  ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1415هـ.

25.  ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، الناشر: مجلس دائرة المعارف العثمانيةـ حيدر آباد، الهند، ط2ـ 1972م.

26.  ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، القول المسدد في مسند أحمد، الناشر: عالم الكتب، ط1 ـ 1404هـ ـ 1984م.

27.  ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، تغليق التعليق، تحقيق: سعيد عبد الرحمن موسى القزقي، الناشر: المكتب الإسلامي، دار عمار ـ بيروت، ط1ـ 1405هـ.

28.  ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، تقريب التهذيب، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط2ـ 1415هـ ـ 1995م.

29.  ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، تهذيب التهذيب، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1ـ 1404هـ.

30.  ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط2.

31.  ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي، لسان الميزان، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت، ط2ـ 1390هـ ـ 1971م.

32.  ابن حزم الظاهري، أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد، المحلى بالآثار، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

33.  ابن خزيمة, محمد بن إسحاق السلمي النيسابوري، صحيح ابن خزيمة, تحقيق وتعليق وتخريج وتقديم: الدكتور محمد مصطفى الأعظمي, الناشر: المكتب الإسلامي, ط2ـ 1412 ـ 199م.

34.  ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد الحضرمي، تاريخ ابن خلدون (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر)، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط4. ونسخة ثانية بنشر: دار الفكر، ضبط المتن ووضع الحواشي والفهارس: الاُستاذ خليل شحادة، راجعه: د. سهيل زكّار.

35.  ابن خلكان، أبو العباس، شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، الناشر: دار الثقافة ـ بيروت.

36.  ابن سعد، أبو عبد الله، محمد بن سعد بن منيع، الطبقات الكبرى، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

37.  ابن شهر آشوب، مشير الدين محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، تصحيح وشرح ومقابلة: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف، طبعة عام 1376هـ.

38.  ابن طاووس, علي بن موسى بن جعفر, كشف المحجّة لثمرة المهجة, الناشر: المطبعة الحيدرية, النجف الأشرف, 1370هـ ـ 1950م.

39.  ابن طلحة الشافعي، كمال الدين محمد، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، تحقيق: ماجد بن أحمد العطية، الناشر: مؤسسة أم القرى، ط1ـ 1420هـ

40.  ابن طولون الدمشقي، شمس الدين محمد بن علي، الأئمة الاثنا عشر، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

41.  ابن عبد البرّ، يوسف بن عبد الله بن محمد، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، الناشر: دار الجيل ـ بيروت، ط1ـ 1412هـ.

42.  ابن عبد الوهاب, محمد بن عبد الوهاب بن سليمان آل مشرف التميمي, كشف الشبهات, تحقيق: ناصر بن عبد الله الطريم، سعود بن محمد البشر، عبد الكريم اللاحم. الناشر: مطابع الرياض، ط1.

43.  ابن عساكر, علي بن الحسن بن هبة الله، تاريخ مدينة دمشق, تحقيق: علي شيري, الناشر: دار الفكر ـ بيروت, 1415هـ ـ 1995م.

44.  ابن عنبة، جمال الدين أحمد بن علي، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طلب، تحقيق: محمد حسن آل طالقاني، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف، ط2ـ 1380هـ.

45.  ابن قدامة, عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني, الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

46.  ابن قدامة, عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي، الشرح الكبير على متن المقنع, الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

47.  ابن قيم الجوزية, محمّد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي, الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, 1395هـ ـ 1975م.

48.  ابن قيّم الجوزية، محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، المنار المنيف، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية ـ حلب، ط2ـ 1403هـ.

49.  ابن قيّم الجوزية، محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، إعلام الموقعين، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد, الناشر: دار الجيل ـ بيروت, ط 1973م.

50.  ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي أبو الفداء، البداية والنهاية، تحقيق: علي شيري، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1ـ 1408هـ ـ 1988م.

51.  ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي أبو الفداء، تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم)، تقديم :يوسف عبد الرحمن المرعشلي, الناشر: دار المعرفةـ بيروت، طبعة عام: 1412 هـ ـ1992م.

52.  ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

53.  ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، نسخة مذيلة بتعليق الألباني، اعتنى به أبو عبيدة مشهور ابن حسن، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض، ط1.

54.  ابن منظور، أبو الفضل، جمال الدين بن مكرم، لسان العرب، الناشر: دار صادر ـ بيروت، ط1.

55.  أبو الفداء، عماد الدين, إسماعيل بن علي، المختصر من أخبار البشر، الناشر: مكتبة المتنبي ـ القاهرة.

56.  أبو حيّان الأندلسي, محمد بن يوسف , تفسير البحر المحيط, تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود, الشيخ علي محمد معوض، تحقيق: د. زكريا عبد المجيد النوقي، د. أحمد النجولي الجمل, الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1, 1422هـ ـ 2001م.

57.  أبو داود، سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو السجستاني، سنن أبي داود، تحقيق وتعليق: سعيد محمد اللحام، الناشر: دار الفكرـ بيروت، ط1ـ 1410هـ.

58.  أبو رية، محمود، أضواء على السنة النبوية، الناشر: البطحاء، ط5.

59.  أبو زهرة، محمد أحمد، الإمام الصادق، الناشر: دار الفكر العربي ـ القاهرة.

60.  أبو نصر البخاري، سهل بن عبد الله، سرّ السلسلة العلوية، تقديم وتعليق: السيد محمد صادق بحر العلوم، طبعة مصوّرة عن طبعة المطبعة الحيدرية ومكتبتها في النجف الأشرف ـ 1381هـ، الناشر: انتشارات الشريف الرضي، ط1ـ 1413هـ.

61.  أبو نعيم الإصبهاني، أحمد بن عبد الله، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط4ـ 1405هـ.

62.  أبو نعيم الإصبهاني, أحمد بن عبد الله, ذكر أخبار إصبهان, الناشر: مطبعة بريل, ليدن, طبعة عام: 1934م.

63.  أبو يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى، مسند أبي يعلى، تحقيق: حسين سليم أسد، الناشر: دار المأمون للتراث ـ دمشق.

64.  الآجري, أبو بكر محمّد بن الحسين, الشريعة, تحقيق: الدكتور عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي, دار الوطن, الرياض, ط2 ـ 1420هـ ـ 1999م.

65.  زيني دحلان, أحمد بن زيني بن أحمد دحلان المكي الشافعي، الدرر السنيّة في الرد على الوهابية, الناشر: مكتبة إيشيق, استانبول ـ تركيا, طبعة عام 1396هـ ـ 1976م.

66.  الأردبيلي، الغروي، محمد بن علي، جامع الرواة، الناشر: مكتبة المحمدي.

67.  الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، تحقيق: محمد عوض، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط1.

68.  الأشعري القمي، سعد بن عبد الله، المقالات والفرق، تعليق وتصحيح: د. محمد جواد مشكور، الناشر: مركز انتشارات علمي وفرهنگي ـ قم، ط2ـ 1361 هـ ش.

69.  الألباني, محمّد ناصر الدين, سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة, الناشر: مكتبة المعارف, الرياض, ط1 ـ 1412, وفي خصوص الجزء العاشر, ط1, 1422هـ .

70.  الألباني، محمد ناصر الدين، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، إشراف: زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت، ط2ـ 1405هـ ـ 1985م.

71.  الألباني، محمد ناصر الدين، التعليقات الرضية على الروضة الندية، تحقيق: علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي، الناشر: دار ابن عفان ـ السعودية، ط1ـ 1423هـ

72.  الألباني، محمد ناصر الدين، التوسل أنواعه وأحكامه, نسّقه وألّف بين فصوله: محمّد العباسي, الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ـ الرياض, ط1ـ 2001م ـ 1421هـ.

73.  الألباني، محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض، طبعة عام 1415هـ .

74.  الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح الجامع الصغير وزيادته، الناشر: المكتب الإسلامي، ط3ـ 1408هـ.

75.  الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح سنن ابن ماجه، الناشر: المكتب الإسلامي، ط3ـ 1408هـ.

76.  الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح سنن الترمذي، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض، ط2 الجديدة 1422هـ.

77.  الآلوسي البغدادي، أبو الفضل شهاب الدين محمود، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

78.  أمين، أحمد، ضحى الإسلام، الناشر: مكتبة النهضة المصرية، الطبعة السابعة.

79.  الأمين، محسن بن عبد الكريم، أعيان الشيعة، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، الناشر: دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت.

80.  البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة, الأدب المفرد, الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية, بيروت, ط1, 1406هـ ـ 1986م.

81.  البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، التاريخ الكبير، الناشر: المكتبة الإسلامية، ديار بكر ـ تركيا.

82.  البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، صحيح البخاري (الجامع المسند الصحيح)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1401هـ. وترقيم الأحاديث نسخة: بيت الأفكار الدولية، اعتنى به: أبو صهيب الكرمي، طبعة عام 1419هـ.

83.  البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، مسند البزار، تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله، الناشر: مؤسسة علوم القرآن، مكتبة العلوم والحكم ـ بيروت، المدينة, ط1ـ 1409هـ..

84.  البغوي، حسين بن مسعود، شرح السنة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت، ط2ـ 1403هـ.

85.  البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، تحقيق: د. سهيل زكار، ود. رياض زركلي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1ـ 1417هـ. ـ 1996م.

86.  البيهقي, أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي, دلائل النبوّة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة, وثق نصوصه وخرج حديثه وعلق عليه: د. عبد المعطي قلعجي, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط3 ـ 2008م ـ 1429هـ.

87.  الترمذي, أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة, علل الترمذي, بترتيب أبي طالب القاضي, تحقيق: صبحي السامرائي , أبو المعاطي النوري, محمود محمد الصعيدي, الناشر, عالم الكتب ,‏مكتبة النهضة العربيةـ بيروت, ط1ـ 1409هـ..

88.  الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة، العلل الصغير، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرين، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

89.  الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة، سنن الترمذي، تحقيق وتصحيح: عبد الوهاب عبد اللطيف، وعبد الرحمن محمد عثمان، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط2ـ 1403هـ ـ 1983م.

90.  تسيهر، جولد، العقيدة والشريعة في الإسلام، طبعة القاهرة 1946م.

91.  التفتازاني، سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله، شرح المقاصد في علم الكلام، الناشر: دار المعارف النعمانية ـ باكستان، ط1ـ 1401هـ.

92.  التميمي البستي, محمّد بن حبّان, الثقات، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية، المطبعة: مجلس دائرة المعارف العثمانية ـ بحيدر آباد الدكن ـ الهند، ط1ـ 1393هـ ـ 1973م.

93.  التميمي البستي, محمّد بن حبان، صحيح ابن حبّان بترتيب ابن بلبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط2ـ 1414هـ..

94.  التميمي البستي, محمّد بن حبان، المجروحين، تحقيق: محمود إبراهيم زايد.

95.  الثعلبي، أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري، تفسير الثعلبي (الكشف والبيان)، تحقيق: أبو محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق: نظير الساعدي ,الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1ـ 1422 - 2002م.

96.  الجبرتي، عبد الرحمن بن حسن، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

97.  الجرجاني، عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد، الكامل في ضعفاء الرجال، قراءة وتدقيق: يحيى مختار غزاوي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط3ـ 1409هـ. ـ 1988م.

98.  الجزري، شمس الدين محمد بن محمد، أسني المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب، تحقيق: د. محمد هادي الأميني، الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين× العامة ـ أصفهان.

99.  الجصاص, أحمد بن علي, أحكام القرآن, تحقيق: عبد السلام محمد علي شاهين, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1415هـ ـ 1994م.

100.    الجهضمي, إسماعيل بن إسحاق القاضي, فضل الصلاة على النبي, تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني, دار النشر :المكتب الإسلامي, ط3, بيروت, 1397هـ .

101.    الجوهري, إسماعيل بن حمّاد, الصحاح, تاج اللغة وصحاح العربية, تحقيق: أحمد عبد الغفور عطا, الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت, ط4, 1407هـ .

102.    الجويني، إبراهيم بن محمد بن المؤيد، فرائد السمطين، تحقيق وتعليق: الشيخ محمد باقر المحمودي، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت، ط1ـ 1428 هـ.

103.    حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت

104.    الحاكم النيسابوري, محمد بن عبد الله, سؤالات السجزي مع أسئلة البغداديين عن أحوال الرواة, تحقيق: د. موفق بن عبد الله, دار الغرب الإسلامي, ط1, 1408هـ ـ 1988م.

105.    الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، وبذيله التلخيص للحافظ الذهبي، إشراف: د. يوسف عبد الرحمن المرعشلي، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

106.    الحربي, إبراهيم بن إسحاق, غريب الحديث, تحقيق: د. سليمان إبراهيم محمد العايد, الناشر: جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة, ط1ـ 1405.

107.    طه حسين، الفتنة الكبرى (علي وبنوه)، الناشر: دار المعارف ـ القاهرة، ط13.

108.    الحلّي، حسن بن سليم، مختصر بصائر الدرجات، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف، ط1ـ 1370هـ.

109.    الحنبلي, ابن رجب, عبد الرحمن بن أحمد, شرح علل الترمذي, تحقيق :الدكتور همام عبد الرحيم سعيد, الناشر: مكتبة المنار, الزرقاء ـ الأردن, ط1 ـ 1407هـ ـ1987م.

110.    الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت, الرحلة في طلب الحديث, تحقيق: نور الدين عتر, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1395هـ ـ 1975م.

111.    الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت, موضع أوهام الجمع والتفريق, تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي, الناشر: دار المعرفة, بيروت, ط1 ـ 1407 هـ.

112.    الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ بغداد، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1417هـ.

113.    الخطيب التبريزي، محمد بن عبد الله، مشكاة المصابيح، تحقيق، محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي، ط2ـ 1399هـ.

114.    الخميني، روح الله الموسوي، البيع، الناشر: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، ط1ـ 1421 هـ.

115.    الخوارزمي الحنفي، الموفق بن أحمد، مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×، تحقيق: الشيخ مالك المحمودي، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم، ط2ـ 1414هـ

116.    الخوئي، أبو القاسم بن علي أكبر الموسوي، معجم رجال الحديث، ط5ـ 1413هـ

117.    الدارقطني, أبو الحسن, علي بن عمر, العلل الواردة في الأحاديث النبوية, تحقيق :محفوظ الرحمن زين الله السلفي, الناشر: دار طيبة, الرياض, ط1, 1405هـ ـ 1985م.

118.    الداني، أبو عمرو عثمان بن سعيد المقرئ، السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها، تحقيق: د. رضاء الله بن محمد إدريس المباركفوري، الناشر: دار العاصمة ـ الرياض، ط1ـ 1416هـ.

119.    الدسوقي، شمس الدين محمد عرفه، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.

120.    الدمياطي, أبو محمد شرف الدين, عبد المؤمن بن خلف, المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح, تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش, الناشر: مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة, مكة المكرمة, ط5, 1414هـ.

121.    الدهلوي عبد الحق بن سيف الدين، مقدمة في أصول الحديث، تحقيق: سلمان الحسيني الندوي، الناشر: دار البشائر الإسلامية ـ بيروت، ط2ـ 1406هـ.

122.    الدهلوي، عبد الغني، إنجاح الحاجة شرح سنن ابن ماجه، الناشر: مطبع محمد حسين مولوي، نسخة مخطوطة.

123.    الدياربكري، حسين بن محمد، تاريخ الخميس، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

124.    الذهبي, شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد, الموقظة في علم مصطلح الحديث, الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية ـ حلب, ط2 ـ 1412هـ..

125.    الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، تقديم وتعليق: محمد عوامة، أحمد محمّد نمر الخطيب, الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية , مؤسسة علوم القرآن, جدة, طبعة عام: 1413 ـ 1992م.

126.    الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمرى، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط1ـ 1407هـ.

127.    الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، تذكرة الحفاظ، تصحيح: عبد الرحمن بن يحيي المعلمي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

128.    الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، أشرف على تحقيق الكتاب وخرّج أحاديثه: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط9ـ 1413هـ.

129.    الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق: علي محمد البجاوي، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط1ـ 1382هـ ـ 1963م.

130.    الرازي، أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم، الجرح والتعديل، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1ـ 1371 هـ ـ 1952م.

131.    الرازي، أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم، تفسير ابن أبي حاتم (تفسير القرآن)، تحقيق: أسعد محمد خطيب، الناشر: المكتبة العصرية ـ صيدا.

132.    الرازي، فخر الدين محمد بن عمر، الشجرة المباركة في أنساب الطالبية، تحقيق: السيد مهدي الرجائي؛ الناشر: مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم المقدسة، ط1ـ 1409هـ.

133.    الراغب الأصفهاني، أبو القاسم، الحسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، الناشر: دفتر نشر الكتاب، ط2ـ 1404هـ.

134.    رضا، محمد رشيد، تفسير القرآن الحكيم، الناشر: دار المعرفةـ بيروت، ط2، مصورة على ط1 بمطبعة المنار 1342هـ.

135.    الزرقاني, محمد بن عبد الباقي بن يوسف, شرح الزرقاني على الموطأ, الناشر: دار الكتب العلمية, ط1ـ بيروت, 1411هـ..

136.    الزرقاني، محمدبن عبد الباقي بن يوسف، شرح الزرقاني على المواهب اللدنية، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1ـ 1417 هـ.

137.    الزركشي، أبو عبد الله، محمد بن بهادر بن عبد الله، النكت على مقدمة ابن الصلاح، تحقيق: د. زين العابدين بن محمد بلا فريج، الناشر: أضواء السلف ـ الرياض، ط1ـ 1419هـ ـ 1989م.

138.    الزركشي، محمد بن بهادر بن عبد الله، البحر المحيط في أصول الفقه، تحقيق: د. محمد محمد تامر، الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت، ط 1421 هـ..

139.    الزركلي، خير الدين بن محمود الدمشقي، الأعلام، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت، ط5ـ 1980م.

140.    الزرندي، محمد بن يوسف، معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول، تحقيق: ماجد بن أحمد بن عطية.

141.    السامري, محمد بن عبد الله, المستوعب في الفقه, تحقيق: د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش, ط2ـ 1424هـ ـ 2003م.

142.    سبط ابن الجوزي، أبو المظفر يوسف بن قزغلي، تذكرة الخواص، الناشر: مؤسسة أهل البيت^ ـ بيروت، طبعة عام 1401هـ.

143.    السبكي, تقي الدين علي بن عبد الكافي, شفاء السقام في زيارة خير الأنام, ط4 ـ 1419م.

144.    السبكي، تاج الدين بن علي بن عبد الكافي، طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق: د. محمود محمد القناعي، د. عبد الفتاح محمد الحلو، الناشر: هجر للطباعة، ط2ـ 1413هـ.

145.    السجستاني, أبو داود, سليمان بن الأشعث, سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود السجستاني في الجرح والتعديل, تحقيق: عبد العليم عبد العظيم البستوي, الناشر: مكتبة دار الاستقامة, السعودية، مؤسسة الريان للطباعةـ بيروت، ط1 ـ 1418 ـ 1997م.

146.    السخاوي, شمس الدين, محمّد بن عبد الرحمن, القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع, تحقيق: بشير محمّد عيون, الناشر: مكتبة المؤيد, الطائف, مكتبة دار البيان ـ دمشق.

147.    السخاوي، شمس الدين، محمد بن عبد الرحمن بن محمد، الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع، الناشر: دار مكتبة الحياة ـ بيروت.

148.    السقاف, حسن بن علي, القول العطر في نبوة سيدنا الخضر, الناشر: دار الإمام النووي, عمّان ـ الأردن, ط1ـ 1413هـ ـ 1992م.

149.    السقاف, حسن بن علي, الإغاثة بأدلّة الاستغاثة, الناشر: مكتبة الإمام النووي, عمّان, ط1ـ 1410هـ ـ 1990م.

150.    السلمي, أبو عبد الرحمن, محمّد بن الحسين, طبقات الصوفية, تحقيق :مصطفى عبد القادر عطا, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1 ـ 1419هـ ـ 1998م.

151.    السمعاني، أبو سعد، عبد الكريم بن محمد بن منصور، الأنساب، تحقيق: عبد الله عمر البارودي، الناشر: دار الجنان ـ لبنان، ط1ـ 1408هـ.

152.    السمهودي, علي بن أحمد بن عبد الله, وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى, تحقيق: خالد عبد الغني محفوظ, الناشر: دار الكتب العلمية, ط1ـ 2006م ـ 1427هـ.

153.    السموأل، ابن يحيى بن عباس المغربي، إفحام اليهود وقصة إسلام السموأل ورؤياه النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، تحقيق: د. محمد عبد الله الشرقاوي، الناشر: دار الجيل ـ بيروت، ط3ـ 1990هـ.

154.    السندي, محمّد عابد, التوسل وأحكامه وأنواعه, الناشر: المكتبة المجددية النعيمية, كراتشي ـ باكستان, ط1 ـ 1428هـ ـ 2007م.

155.    السويدي، محمد أمين، سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب، الناشر: منشورات الشريف الرضي، ط,2 طبعة مصورة عن طبعة المكتبة العلمية ـ بيروت

156.    السيد البكري, أبو بكر ابن السيّد محمد شطا الدمياطي, حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين, الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع, بيروت, ط1ـ 1418 ـ 1997م.

157.    السيوطي, أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر, الخصائص الكبرى, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, 1405هـ ـ 1985م.

158.    السيوطي, أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر, تنوير الحلك, الناشر: مكتبة الحقيقةـ إستانبول, طبعة عام :1406هـ ـ 1986م.

159.    السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، تاريخ الخلفاء، تحقيق :محمد محي الدين عبد الحميد، الناشر: مطبعة السعادة ـ مصر، ط1 ـ 1371هـ.

160.    السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر, أنباء الأذكياء بحياة الأنبياء المطبوع ضمن الحاوي في الفتاوي, تحقيق: عبد اللطيف حسن عبد الرحمن, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1ـ 1421هـ - 2000م.

161.    السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

162.    السيوطي، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ـ الرياض.

163.    السيوطي، أبو الفضل، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الجامع الصغير، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1ـ 1401هـ.

164.    السيوطي، أبو الفضل، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الحاوي للفتاوي، تحقيق: عبد اللطيف حسن عبد الرحمن، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط 1ـ 1421 هـ.

165.    السيوطي، أبو الفضل، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، الناشر: دار ابن عفان للنشر والتوزيع ـ المملكة العربية السعودية، ط1ـ 1416هـ.

166.    الشاطبي، إبراهيم بن موسى اللخمي، الموافقات في أصول الفقه، علّق عليه: مشهور بن حسن آل سلمان، الناشر: دار ابن عفان، ط1ـ 1417هـ.

167.    الشافعي، محمد بن إدريس، كتاب الأمّ، الناشر: دار الفكر، ط2ـ 1403هـ.

168.    شرف الدين، السيد عبد الحسين بن السيد يوسف الموسوي، المراجعات، تحقيق: حسين الراضي، ط2ـ 1402هـ.

169.    الشرنبلالي, حسن بن عمّار بن علي الحنفي, مراقي الفلاح بإمداد الفتاح شرح نور الإيضاح ونجاة الأرواح, الناشر: دار الكتب العلميّةـ بيروت، ط2ـ 2004م ـ 1424هـ..

170.    الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي البغدادي، نهج البلاغة، شرح الشيخ محمد عبده، الناشر: دار الذخائر ـ قم، ط1ـ 1412هـ.

171.    الشعراني، علي بن برهان الدين، اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط 1ـ 1418 هـ، طبعة جديدة مصححة.

172.    الشعراني، علي بن برهان الدين، الطبقات الكبرى, الناشر: دار الفكر المصورة على دار الرشاد الحديثة, الدار البيضاء, المغرب, ط1, 1419هـ.

173.    شعيب الأرنؤوط, بشار عواد, تحرير التقريب, الناشر: مؤسسة الرسالة, بيروت, ط1ـ 1417هـ ـ 1997م.

174.    الشهرستاني، السيد عبد الرضا، المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه، الناشر: مطبعة خراسان ـ مشهد، طبعة عام 1398هـ.

175.    الشوكاني, محمّد بن علي, الدر النضيد الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد, تحقيق: أبو عبد الله الحلبي, الناشر: دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع, ط1 ـ 1414هـ.

176.    الشوكاني, محمّد بن علي, تحفة الذاكرين بعدّة الحصن الحصين, الناشر :دار القلم ـ بيروت, ط1ـ 1984.

177.    الشيباني، أبو عبد الله، أحمد بن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ونسخة ثانية نشر: دار الحديث ـ القاهرة، تعليق: أحمد محمد شاكر وحمزة أحمد الزين، ط1ـ ونسخة ثالثة نشر: مؤسسة الرسالةـ بيروت، ط1، 1416 هـ.

178.    الشيباني، أحمد بن حنبل، العلل، تحقيق: د. وصي الله بن محمود عباس، المطبعة: المكتب الإسلامي ـ بيروت، الناشر: دار الخاني ـ الرياض، ط1ـ 1408هـ ـ 1988م.

179.    الصالحي الشامي, محمد بن يوسف، سبيل الهدى والرشاد, تحقيق وتعليق :الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1ـ طبعة عام :1414ـ 1993م.

180.    الصدر، محمد باقر، بحث حول المهدي، تحقيق: د. عبد الجبار شرارة، الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية، ط1 المحققة ـ 1417هـ.

181.    الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، علل الشرائع، تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم، الناشر: منشورات المكتبة الحيدريةـ النجف الأشرف، طبعة عام 1385هـ.

182.    الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، عيون أخبار الرضا×، تصحيح وتعليق وتقديم: الشيخ حسين الأعلمي, الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت, طبع سنة 1404هـ.

183.    الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، كمال الدين وتمام النعمة، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم، طبعة عام 1405هـ.

184.    الصفدي، صلاح الدين خليل، الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، الناشر: دار إحياء التراث ـ بيروت، طبعة عام 1420هـ.

185.    الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم.

186.    الطبراني, سليمان بن أحمد, الدعاء, تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا, الناشر: دار الكتب العلميّةـ بيروت, ط1 ـ 1413هـ ـ 1993م.

187.    الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد، المعجم الأوسط، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد، وعبد الحسن بن إبراهيم الحسني، الناشر: دار الحرمين، طبعة عام 1415هـ ـ 1995م.

188.    الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد، المعجم الصغير، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

189.    الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، تحقيق وتخريج: حمدي عبد المجيد السلفي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط2ـ 1404هـ.

190.    الطبراني، أبو القاسم، سليمان بن أحمد، المعجم الأوسط، تحقيق: قسم التحقيق بدار الحرمين، الناشر: دار الحرمين، طبعة عام 1415هـ ـ 1995م.

191.    الطبرسي، أبو علي، الفضل بن الحسن، إعلام الورى بأعلام الهدى، الناشر: مؤسسة آل البيت× لإحياء التراث ـ قم, ط1 ـ1417هـ.

192.    الطبرسي، أبو علي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، تحقيق وتعليق: لجنة من العلماء والمحققين الأخصائيين، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت، ط1ـ 1415هـ.

193.    الطبرسي، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب، الاحتجاج، تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان، الناشر: دار النعمان ـ النجف الأشرف، طبعة عام 1386هـ.

194.    الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى، الناشر: مكتبة القدسي ـ القاهرة، طبعة عام 1356هـ.

195.    الطبري، أحمد بن عبد الله، ذخائر العقبى، الناشر: مكتبة القدسي ـ القاهرة، طبعة عام 1356هـ.

196.    الطبري، محمد بن جرير، تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)، تقديم: الشيخ خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1415هـ ـ 1995م.

197.    الطحاوي، أحمد بن محمد بن سلامة، شرح مشكل الآثار، تحقيق: شعيب الارنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط2ـ 1408هـ.

198.    الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

199.    الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن، المبسوط في فقه الإمامية، تصحيح وتعليق: السيد محمد تقي الكشفي، الناشر: المكتبة المرتضوية لإحياء آثار الجعفرية.

200.    الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، تحقيق وتعليق: السيد حسن الموسوي الخرسان، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ط4ـ 1365 هـ ش.

201.    الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن، رجال الطوسي، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم، ط 1ـ 1415هـ.

202.    الطوسي، أبو جعفر، محمد بن الحسن، الغيبة، تحقيق: الشيخ عباد الله الطهراني، الشيخ علي أحمد ناصح، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم، ط1ـ 1411هـ.

203.    عبد العليم البستوي، المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة، الناشر: المكتبة المكية ـ السعودية. ودار ابن حزم ـ بيروت. ط1 1420 هـ.

204.    العبدري, ابن الحاج, محمّد بن محمّد المالكي, المدخل, الناشر: دار الفكر, سنة النشر: 1401هـ ـ 1981م.

205.    العجلوني، إسماعيل بن محمد الجراحي، كشف الخفاء ومزيل الالتباس عمّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط3ـ 1408هـ.

206.    العجلي، أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح، معرفة الثقات، الناشر: مكتبة الدار ـ المدينة المنورة، ط1ـ 1405هـ ـ 1985م.

207.    العراقي, أبو الفضل زين الدين, عبد الرحيم بن الحسين, المغني عن حمل الأسفار في الأسفار بتخريج ما في الإحياء من الأحاديث والآثار, تحقيق :أشرف عبد المقصود, دار النشر :مكتبة طبرية ـ الرياض, ط1 ـ 1415هـ ـ 1995م.

208.    العراقي, زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين, وولده أبو زرعة ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم, طرح التثريب في شرح التقريب, تحقيق: عبد القادر محمد علي, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1, 2000م.

209.    العظيم آبادي، أبو الطيب محمد شمس الحق، عون المعبود شرح سنن أبي داود، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط2ـ 1415هـ.

210.    العقيلي، أبو جعفر محمد بن عمرو المكي، الضعفاء الكبير، تحقيق: د. عبد المعطي أمين قلعجي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط2ـ 1418هـ ـ 1998م.

211.    العلامة الحلّي، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي، خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، تحقيق: جواد قيومي، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة، ط1ـ 1417هـ.

212.    العلائي, خليل بن الأمير سيف الدين, المختلطين, تحقيق: د. رفعت فوزي عبد المطلب, علي عبد الباسط مزيد, الناشر: مكتبة الخانجي ـ القاهرة، مصر, ط1ـ 1417هـ ـ 1996م.

213.    العلوي العمري، علي بن محمد، المجدي في أنساب الطالبين، تحقيق: د. أحمد المهدوي الدامغاني، إشراف: د. السيد محمود المرعشي، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي النجفي ـ قم المقدسة، ط1ـ 1409هـ.

214.    علي جمعة, البيان لما يشغل الأذهان, الناشر: موقع انترنيت صفحة الشيخ جمعة.

215.    العيني، بدر الدين أبو محمد، محمد بن أحمد الحنفي، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، الناشر: دار إحياء التراث العربي, بيروت.

216.    الغماري, عبد الله بن الصديق, الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين, الناشر: مطبعة العهد الجديد, ط1 ـ 1374هـ ـ 1955م.

217.    الفسوي, يعقوب بن سفيان, المعرفة والتاريخ, تحقيق: خليل المنصور, الناشر :دار الكتب العلمية, بيروت, 1419هـ ـ 1999م.

218.    القاري, علي بن سلطان محمد, مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح, تحقيق: جمال عيتاني, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1ـ 1422هـ ـ 2001م.

219.    القاري، علي بن سلطان محمّد, شرح مسند أبي حنيفة، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

220.    القاضي عبد الجبار، عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، المغني في الإمامة، تحقيق: د. عبد الحليم محمود ود. سليمان دنيا، مراجعة: د. إبراهيم مدكور، إشراف: طه حسين، الناشر: الدار المصرية للتأليف والترجمة.

221.    القاضي عبد الجبار، عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، تثبيت دلائل النبوة، تحقيق وتقديم: د. عبد الكريم عثمان، الناشر: دار العربيةـ بيروت

222.    القاضي عياض، أبو الفضل عياض بن موسى، الشفا بتعريف حقوق المصطفى|، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1409هـ ـ 1988م.

223.    القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري القرطبي، تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، تصحيح: أحمد عبد الحليم البردوني وجماعة، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، طبعة عام 1405هـ ـ 1985م.

224.    القرطبي, أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة: تحقيق: د. الصادق بن محمد بن إبراهيم, الناشر: مكتبة دار المنهاج ـ الرياض, ط1ـ 1425هـ.

225.    القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1421هـ.

226.    القسطلاني, أحمد بن محمّد, المواهب اللدنية بالمنح المحمدية, شرح وتعليق: محمود بن محيي الدين الجنان, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1 ـ 1416هـ ـ 1996م.

227.    القشيري, أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن، الرسالة القشيرية, تحقيق: خليل المنصور, الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت, 1422هـ ـ 2001م.

228.    القفاري، ناصر بن عبد الله بن علي، أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية عرض ونقد، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة، ط3ـ 1418هـ.

229.    القمي، الشيخ عباس بن محمد رضا، الكنى والألقاب، تقديم: محمد هادي الأميني، الناشر: مكتبة الصدر ـ طهران.

230.    القندوزي الحنفي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة لذوي القربى، تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني، الناشر: دار الاُسوة، ط1ـ 1416هـ.

231.    القنوجي, محمد صديق خان, قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر, تحقيق: د. عاصم عبد الله القريوتي, الناشر: شركة الشرق الأوسط للطباعةـ ماركا الشمالية, الأردن, ط1 ـ 1404هـ.

232.    الكتاب المقدس، الناشر: دار المشرق ـ بيروت، ط 2ـ 1988م.

233.    الكتاني، محمد بن جعفر، نظم المتناثر من الحديث المتواتر، الناشر: دار الكتب السلفية ـ مصر، ط2 المصححة.

234.    الكفعمي, تقى الدين إبراهيم بن علي الحسن بن محمد بن صالح, المصباح، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت, ط3ـ 1403ه‍ ـ 1983م.

235.    الكليني البغدادي، أبو جعفر، محمّد بن يعقوب، الكافي، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران, ط5 ـ 1363ش.

236.    الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، البيان في أخبار صاحب الزمان، تحقيق: الشيخ مهدي محمد الفتلاوي، الناشر: دار المحجة البيضاء ـ دار الرسول الأكرم، ط1ـ 1421هـ.

237.    الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب×، تحقيق وتصحيح وتعليق: محمد هادي الأميني، الناشر: دار إحياء تراث أهل البيت، ط3ـ 1404هـ

238.    اللكنوي، محمد بن الحسين، الفوائد البهية في تراجم الحنفية، تصحيح: السيد محمد بدر الدين أبي فراس النعساني، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

239.    المآربي, أبو الحسن, مصطفى بن إسماعيل السليماني, اتحاف النبيل بأجوبة أسئلة علوم الحديث والعلل والجرح والتعديل, تحقيق: أبو إسحاق الدمياطي, الناشر: مكتبة الفرقان ـ عجمان, ط2.

240.    المباركفوري، أبو العلاء، محمد عبد الرحمن، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1410هـ ـ 1990م.

241.    متز، آدم، الحضارة الإسلامية، نقلها إلى العربية عبد الهادي أبو ريدة، الناشر: مطبعة لجنة التأليف ـ القاهرة، ط3ـ 1377هـ طبعة منقّحة ومهذّبة.

242.    المتقي الهندي، علاء الدين علي بن حسام الدين، رسالة في الرد على من حكم وقضى أنّ المهدي الموعود جاء ومضى، نسخة مخطوطة، الناسخ: ضيف الدين بن عبد الرحمن المرشدي العمري الحنفي، تاريخ النسخ: 12 ربيع الأول 1053هـ، تصوير مركز إحياء التراث الإسلامي، تاريخ التصوير: ذي القعدة 1429هـ.

243.    المتقي الهندي، علاء الدين علي بن حسام الدين، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، ضبط وتفسير: الشيخ بكري حياني، تصحيح وفهرسة: الشيخ صفوة السقا، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، طبعة عام 1409هـ.

244.    المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، تحقيق: يحيى العابدي الزنجاني، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت، ط2 المصححة ـ 1403هـ.

245.    مجموعة من الباحثين، الموسوعة العربية العالمية، الناشر: مؤسسة أعمال الموسوعة، بإشراف: مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، ط 2ـ 1419 هـ.

246.    المخزومي، سراج الدين محمد بن عبد الله، صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار، الناشر: مطبعة مكتبة نخبة الأخيار، طبعة عام 1306هـ.

247.    المرعشي، شهاب الدين المرعشي النجفي، شرح إحقاق الحق، تصحيح: السيد إبراهيم الميانجي، الناشر: مكتبة المرعشي ـ قم.

248.    مركز الرسالة، المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي، ط1ـ 1417هـ، الناشر: مركز الرسالة ـ قم، ط1ـ 1417 هـ.

249.    المروزي، الحافظ أبي عبد الله نعيم بن حماد، الفتن، تحقيق: سمير أمين الزهيري، الناشر: مكتبة التوحيد ـ القاهرة، ط1ـ 1412هـ.

250.    المزي، أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن، تهذيب الكمال، تحقيق وضبط وتعليق: د. بشار عواد معروف، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، طبعة عام 1413هـ. وطبعة ثانية: الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط2ـ 1413هـ ـ 1992م.

251.    المصري الشافعي، أبو المنذر سامي بن أنور، الزهرة العطرة في حديث العترة، الناشر: دار الفقيه ـ مصر، طبعة عام 1969م.

252.    مصطفى الرافعي، إسلامنا في التوفيق بين السنة والشيعة، الناشر: الدار الإسلامية ـ بيروت، ط2ـ 1412هـ طبعة موسّعة ومنقّحة.

253.    المعلمي، عبد الرحمن بن يحيى اليماني،، التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل، الناشر: المكتب الإسلامي، ط2ـ 1406هـ ـ 1986م.

254.    مغنية، محمد جواد، الشيعة في الميزان، الناشر: دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت، ط4ـ 1399هـ.

255.    المفيد، العكبري البغدادي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لتحقيق التراث، الناشر: دار المفيد ـ بيروت، ط2ـ 1414هـ.

256.    المفيد، العكبري البغدادي، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، تصحيح اعتقادات الإمامية، تحقيق: حسين درگاهي، الناشر: دار المفيد ـ بيروت، ط2ـ 1414هـ.

257.    المقدسي، يوسف بن يحيى بن علي الشافعي، عقد الدرر في أخبار المنتظر، تحقيق: د. عبد الفتاح محمد الحلو، الناشر: مكتبة عالم الفكر ـ القاهرة، ط1ـ 1399هـ.

258.    المقريزي، أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد المقريزي، إمتاع الأسماع بما للنبي صلى الله عليه وسلم من الأحوال والأموال والحفدة المتاع، تحقيق وتعليق: محمد عبد الحميد النميسي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1420هـ.

259.    ممدوح, محمود سعيد, رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة, الناشر: دار الإمام النووي, ط1ـ 1416 ه‍ ـ 1995م.

260.    المناوي، محمد عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، تصحيح: أحمد عبد السلام، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1415هـ.

261.    المناوي، محمّد عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، تصحيح: أحمد عبد السلام، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1415هـ.

262.    المنذري, عبد العظيم بن عبد القوي، الترغيب والترهيب, تحقيق: إبراهيم شمس الدين, دار الكتب العلمية ـ بيروت, ط1 ـ 1417هـ.

263.    الميرزا النوري، حسين بن الميرزا محمّد تقي، مستدرك الوسائل، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ بيروت.

264.    النبهاني, يوسف بن إسماعيل, شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق، تحقيق: الشيخ عبد الوارث محمد علي، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط3ـ 2007 م.

265.    النجاشي، أبو العباس، أحمد بن علي بن أحمد، رجال النجاشي، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم، ط 5ـ 1416هـ

266.    ابن بشر، عثمان بن عبد الله بن بشر النجدي الحنبلي، عنوان المجد في تاريخ نجد، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ، الناشر: مطبوعات دار الملك عبد العزيز، ط4ـ 1402هـ.

267.    النسائي, أبو عبد الرحمن, أحمد بن شعيب, عمل اليوم والليلة, تحقيق: د. فاروق حمادة, الناشر: مؤسسة الرسالةـ بيروت، ط2 ـ 1406.

268.    النسائي, أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب, الضعفاء والمتروكين, الناشر: دار المعرفة للطباعة ـ بيروت, ط1 ـ 1406 هـ ـ 1986م.

269.    النسائي، أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب بن علي، سنن النسائي، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1ـ 1348هـ. ـ 1930م.

270.    النعماني، محمد بن إبراهيم، كتاب الغيبة، تحقيق: الشيخ عباد الله الطهراني، الشيخ علي أحمد ناصح، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم، ط1ـ 1411هـ.

271.    النوبختي، أبو محمد، الحسن بن موسى، فرق الشيعة، تعليق: محمد صادق بحر العلوم، طبعة مصوّرة عن طبعة المطبعة الحيدرية ـ النجف، الناشر، مكتبة الفقيه ـ قم، ط4ـ 1388هـ.

272.    النووي , أبو زكريا، يحيى بن شرف, الأذكار النووية, الناشر: دار الفكر للطباعةـ بيروت, طبعة عام: 1414 هـ ـ 1994م.

273.    النووي، أبو زكريا، يحيى بن شرف، المجموع (شرح المهذب)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

274.    النووي، أبو زكريا، محيي الدين، شرح صحيح مسلم (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت، طبعة عام 1407هـ.

275.    مسلم النيسابوري، أبو الحسين مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم (الجامع الصحيح)، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. (طبعة مصحّحة) وترقيم الأحاديث نسخة دار الفكر ـ بيروت، طبعة عام 1421هـ، اعتنى به: صدقي جميل العطار.

276.    الهيتمي, ابن حجر، أحمد بن محمد بن علي المكي, أبو العباس، الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم, الناشر: دار جوامع الكلم, القاهرة.

277.    الهيتمي، ابن حجر، أحمد بن محمد بن علي المكي، الفتاوى الحديثية، الناشر: دار الفكر.

278.    الهيتمي، ابن حجر،، أحمد بن محمد بن علي المكي، الصواعق المحرقة، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي، كامل محمد الخراط، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط1ـ 1417هـ.

279.    الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، طبعة عام 1408هـ. ـ 1988م.

المجلات والصحف

مجلة التمدن الإسلامي، دمشق شهر ذي القعدة ـ 1371هـ.

مجلة الجامعة الإسلامية، السنة الاُولى، العدد3.

جريدة الوطن السعودية، العدد: 3034، 22 محرم 1430 هـ، السنة التاسعة.


محتويات الكتاب

الفصل الأول شبهات حول المهدي ×...... 9

مقدمة. 11

عالمية الإيمان بفكرة المنقذ والمخلص..... 16

صحة أحاديث الإمام المهدي×...... 19

تواتر أحاديث المهدي×...... 22

النصوص المبشرة بالإمام المهدي× قبل ولادته. 27

الأحاديث التي تحدد هوية وشخصية الإمام المهدي×...... 28

المهدي من عترة النبي’....... 28

طعن ابن خلدون في هذا الحديث... 29

الحديث صحيح.. 29

المهدي من ولد فاطمة ÷..... 32

المهدي من ولد الحسين×...... 35

المهدي ليس من ولد الإمام الحسن×...... 37

ضعف سند حديث أن المهدي× من ولد الحسن.. 37

اختلاف نقل الحديث... 38

احتمال التصحيف في الحديث... 39

الأحاديث العامة الدالة على هويته واستمرار وجوده×...... 40

1ـ حديث (الاثني عشر خليفة). 40

الأئمة الاثنا عشر هم أئمة أهل البيت^...... 44

تضارب آراء أهل السنة في معنى حديث (الاثني عشر). 46

الانطباق القهري للحديث على أئمة أهل البيت^...... 49

حديث (الاثني عشر) سبق ولادة الأئمة^...... 51

2ـ حديث الثقلين.. 52

صحة حديث الثقلين: الكتاب والعترة عند أهل السنة. 52

دلالة الحديث على وجود الإمام المهدي×...... 54

3ـ حديث: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة). 54

الآلوسي يصرح بخلافة الإنسان الكامل إلى قيام الساعة. 55

شبهة التعارض في أحاديث الإمام المهدي×...... 56

الجواب... 57

شبهة عدم إخراج البخاري ومسلم أحاديث المهدي في صحيحيهما 57

الجواب... 58

الشبهة باطلة لعدة وجوه: 58

شبهات القفاري حول المهدي×...... 67

الشبهة: إن الإمام العسكري× مات بلا عقب... 67

أساسيات الشبهة. 67

الجواب: الشبهة باطلة من عدة وجوه. 68

الوجه الأول: تهافت أقوال القفاري.. 68

الوجه الثاني: كتب الشيعة تصرح بأن الخلف من صلب الإمام العسكري.. 69

الوجه الثالث: عدم الرؤية لا تدل على عدم الوجود. 70

الوجه الرابع: اقتسام جعفر لميراث العسكري لا يدل على عدم ولادة المهدي.. 70

رأي الإمامية في جعفر الكذاب... 72

الوجه الخامس: أحاديث ولادة المهدي× متواترة. 74

اعتراف علماء الأنساب بولادة الإمام المهدي×...... 75

اعتراف علماء السنة بولادة الإمام المهدي×...... 78

الروايات الدالة على ولادة الإمام المهدي من طرق الشيعة. 95

الرواية الأولى.. 95

سند الرواية. 95

الرواية الثانية. 97

سند الحديث... 97

الرواية الثالثة. 98

الشهادات الحسية لولادة الإمام المهدي×...... 99

أولاً: شهادة من رآه من أصحابه ومن كان معه ومع أبيه ×...... 99

ثانياً: الإكثار من العقائق عن الإمام المهدي ×...... 103

ثالثاً: رؤية الوكلاء للمهدي ×...... 104

رابعاً: تعامل السلطة العباسية بعد وفاة الإمام العسكري ×...... 105

الشبهة: اضطراب أمر الشيعة بعد وفاة الإمام العسكري×...... 107

الجواب: الشيعة الإمامية لم يضطرب أمرهم  107

الشبهة: بطلان دعوى أن للإمام الحسن العسكري× ولداً خفياً. 109

الجواب: كلام القفاري باطل من عدة وجوه. 110

الشبهة: الاعتقاد بالمهدي وغيبته سببه تطلع الشيعة لكيان سياسي.. 113

جواب الشبهة. 115

الإمامة الامتداد الطبيعي للنبوة. 115

الشبهة: القول بالمهدية ينشط دعاته بعد وفاة كل إمام. 121

الجواب: ادعاء الشيعة للغيبة حصل بعد وفاة العسكري×...... 121

الشبهة: سبب القول بالغيبة الاستئثار بالأموال تحت مسمى الخمس.... 122

الجواب: الأموال المدفوعة حق شرعي ثابت بنص الكتاب والسنة. 122

فريضة الخمس في القرآن والسنة النبوية() 123

الخمس في القرآن الكريم.. 124

المعنى اللغوي للغنيمة. 124

الخمس لا يقتصر على غنائم الحرب... 126

الخمس في السنة النبوية. 126

الخمس في أقوال الفقهاء. 129

رأي الشيعة أن الخمس في كل مكسب... 130

مستحق الخمس.... 132

الخمس حق لمنصب الإمامة. 135

الفكر الوهابي وغنيمة الخمس بين القتل والسلب والنهب... 137

الشبهة: رجوع القول بالمهدية والغيبة إلى أصول مجوسية. 142

الجواب: قول القفاري باطل لعدة وجوه. 142

الوجه الأول: لم يثبت في ديانة المجوس وجود مهدي منتظر باق حي.. 143

الوجه الثاني: التشيع عربي المولد والنشأة. 143

أبناء فارس ينالون الإيمان.. 145

كبار علماء أهل السنة من الفرس.... 146

الوجه الثالث: تواتر أحاديث المهدي قبل ولادته يكذب هذه الدعوى.. 148

الوجه الرابع: ليست الكثرة هي المقياس في قبول الأدلة. 148

الدكتور طه حسين يفسر افتراءات القفاري وأمثاله. 148

الشبهة: السفراء الأربعة هم واضعو فكرة المهدية والغيبة. 149

الجواب: 150

معنى الغيبة عند الشيعة. 151

روايات الغيبة عند أهل السنة. 152

روايات الغيبة عند الشيعة. 153

الإمام الباقر×...... 153

الإمام الصادق×...... 154

الإمام الرضا×...... 155

الإمام العسكري×...... 156

السفراء لم يخترعوا الغيبة. 156

مبعدات عقلائية لفرضية أن السفراء هم من اخترع الغيبة. 157

لم يعرف السفراء بالثراء المادي.. 157

السفراء يعيشون في جو من الخوف والإرهاب... 158

وثاقة السفراء وجلالة قدرهم.. 161

السفير الأول: عثمان بن سعيد العمري الأسدي.. 161

صفاته. 161

سفارته. 161

وثاقته وجلالته. 162

وفاته. 164

السفير الثاني: محمد بن عثمان العمري أبو جعفر. 164

منزلته. 164

سفارته. 165

وثاقته وجلالته. 166

رؤيته للإمام المهدي×...... 167

وفاته. 168

السفير الثالث: الحسين بن روح أبو القاسم النوبختي.. 168

جلالته ووثاقته. 168

سفارته. 169

وفاته. 170

السفير الرابع: علي بن محمد السمري.. 170

وثاقته وسمو شأنه. 170

سفارته. 170

وفاته: 171

وجود المنحرفين سنة اجتماعية. 172

الشبهة: تسريب نظرية المهدي والغيبة عن طريق حكيمة. 177

الجواب... 177

ترجمة السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد×...... 178

اسمها ونسبها 178

جلالتها ووثاقتها 178

مشاهدتها وحضورها لولادة الإمام المهدي×...... 179

وفاتها 180

حجب الإمام الناس عن رؤيته لا ينافي ضرورة معرفته. 180

الشبهة: التنافي بين علة الغيبة ـ خوف القتل ـ وبين العلم بموته. 181

جواب الشبهة. 182

الشبهة: غيبات بعض الأنبياء لا تدل على وقوع غيبة المهدي.. 185

الجواب: ذكر الشيعة لغيبات الأنبياء لنفي غرابة الغيبة. 186

الفصل الثاني شبهات حول التوسل.. 191

أهمية بحث التوسل.. 193

منهج البحث في شبهات التوسل.. 195

مرحلتان في بحث التوسل.. 195

المرحلة الأولى: بحث عام حول التوسل.. 195

ثلاثة أمور لا بد أن تبحث في المرحلة الأولى.. 195

الأمر الأول: مقدمة في بيان حكم التوسل.. 195

الأمر الثاني: في بيان أنواع التوسل وأحكامه. 195

الأمر الثالث: في بيان سيرة الصحابة وعلماء المسلمين على التوسل.. 195

الأمر الأول: مقدمة في بيان حكم أصل التوسل.. 197

الأمر الثاني: بيان أنواع التوسّل وأحكامه. 200

النوع الأول: التوسل بأسماء الله وصفاته. 200

النوع الثاني: التوسل بعمل صالح قام به الداعي.. 200

النوع الثالث: التوسّل بدعاء الأحياء من الأنبياء والأئمّة والصالحين.. 202

النوع الرابع: التوسل بدعاء الأموات من الأنبياء والأولياء. 203

نحوان من التوسل بالأنبياء والأئمة والصالحين.. 204

أمران يتوقف عليهما الموضوع.. 205

الأمر الأول: الأنبياء والأولياء أحياء عند الله.. 206

الأمر الثاني: الأنبياء والأولياء يسمعون وقادرون على فعل الأشياء. 208

الأدلة على أنّ الأنبياء والأولياء يسمعون وقادرون على الفعل.. 209

الدليل الأول: آيات قرآنية. 209

الدليل الثاني: حديث الأنبياء أحياء في قبورهم.. 210

الدليل الثالث: حديث رد الله علي روحي.. 211

الدليل الرابع: حديث صلاتكم معروضة علي.. 213

الدليل الخامس: الأخبار الواردة في سماع سائر الموتى وعرض الأعمال عليهم   215

الأدلّة على جواز طلب الحاجة أو الاستغفار من الأنبياء والأولياء. 218

الدليل الأول: التمسّك بإطلاق آية استغفار النبي’....... 218

مؤيدات الدليل الأول.. 221

الدليل الثاني :حديث عرض الاعمال على النبي’ واستغفاره للمذنبين.. 233

تضعيف الألباني لجزء من حديث عرض الأعمال.. 234

الجواب... 234

الدليل الثالث :تصريح النبي’ بأنه يستجيب لعيسى.. 237

الدليل الرابع: رواية مالك الدار. 238

الدليل الخامس: مجيء الصحابي أبي أيّوب الأنصاري إلى قبر النبي....... 239

الدليل السادس: اعتراف ابن تيميّة بقضاء الحوائج عند قبور الأنبياء والأولياء. 241

خلاصة القول في التوسل بدعاء الأموات من الأنبياء والأولياء. 244

النوع الخامس: التوسل بذوات الأنبياء والأولياء في حياتهم وبعد وفاتهم.. 245

الدليل الأول على التوسل بالذات... 245

حديث الضرير. 245

شبهات حول دلالة حديث الضرير. 248

الشبهة الأولى.. 248

أمران يشهدان للشبهة. 248

جواب الأمر الأول للشبهة. 248

جواب الأمر الثاني للشبهة. 251

رواية حماد بن سلمة تدل على عموم التوسل.. 253

الشبهة الثانية. 256

الجواب... 256

الصحابي عثمان بن حنيف وحديث الضرير. 259

الشبهة الثالثة. 269

الجواب... 269

الدليل الثاني على التوسل بالذات... 271

حديث توسّل آدم بالنبيّ محمّد|........ 271

الجواب: 274

الدليل الثالث على التوسل بالذات... 285

توسّل النبي| بنفسه وبالأنبياء الذين من قبله. 285

الدليل الرابع على التوسل بالذات... 291

أمر عائشة بفتح كوى على قبر النبي لأجل الاستسقاء: 291

الدليل الخامس على التوسل بالذات... 298

استسقاؤهم بالعباس عمّ النبي’: 298

شبهة أن التوسل بالعباس كان بدعائة لا بذاته. 305

نحوان لهذه الشبهة. 305

النحو الأول: الرواية بحاجة إلى تقدير كلمة جاه أو دعاء. 305

الجواب... 305

النحو الثاني: عدول الخليفة عمر عن التوسل بذات النبي’....... 308

الجواب... 308

الدليل السادس على التوسل بالذات... 315

شعر أبي طالب في الاستسقاء بوجه النبي.. 315

الدليل السابع على التوسل بالذات... 315

حديث: اللهمّ بحقّ السائلين عليك... 315

سند الحديث... 316

الأمر الثالث: بيان سيرة العلماء والناس قولاً أو عملاً على جواز التوسّل.. 324

المرحلة الثانية: نقد القفاري ومناقشة الشبهات العامّة حول التوسّل.. 349

محوران في البحث... 349

المحور الأول: شبهات القفاري والجواب عنها 350

بيان مغالطة القفاري.. 351

الشبهة الأولى: لا يقبل الدعاء إلاّ بأسماء الأئمة. 352

الجواب... 352

الشبهة الثانية: دعاء الأنبياء استجيب بالتوسّل بالأئمة. 357

الجواب... 357

الشبهة الثالثة: الموقف من الأئمة السلبي أوقع بعض الأنبياء في مشاكل.. 368

الجواب... 368

الشبهة الرابعة: الشيعة يدعون الله بأسماء الأئمة في الشدة والرخاء. 371

الجواب... 371

الشبهة الخامسة: الشيعة يدعون الله بأسماء الأئمة والله يأمر بدعائه. 373

الجواب... 373

الشبهة السادسة: الأئمّة بشر والله لم يجعل بينه وبين خلقه وليّاً. 376

الجواب... 376

الشبهة السابعة: أدعية الشيعة تربيهم على التوجه إلى غير الله.. 381

الجواب... 381

الشبهة الثامنة: توسل الأنبياء بأسماء الأئمة تقود إلى الشرك بالله.. 386

الجواب... 387

الشبهات العامة حول التوسل.. 389

الشبهة الأولى: باب الله مفتوح للجميع فلا حاجة للواسطة. 389

الجواب... 389

الشبهة الثانية: التوسل خلاف إطلاق قوله تعالى: {ادعوني استجب لكم}.. 390

الجواب... 391

الشبهة الثالثة: آيات قرانية أخرى تتنافي مع مبدأ التوسل.. 392

الجواب... 392

الشبهة الرابعة: علي بن ابي طالب ينكر مبدأ التوسل.. 395

الجواب... 396

الشبهة الخامسة: الإغاثة والتوسّل نداء غير الله وهو شرك... 397

الجواب... 397

الشبهة السادسة: الاستغاثة بما لا يقدر عليه إلا الله شرك... 403

الجواب... 404

تذييل: في ذكر بعض الآيات التي ادعي منافاتها للتوسل.. 405

الآيات التي يستدلّ بها السلفية على حرمة التوسل: 405

ثلاث آيات ـ في سياق واحد ـ تنهى عن دعوة غير الله.. 405

تقرير شبهة السلفية بنحو آخر: 411

الجواب: 412

خلاصة بحث التوسل.. 416

مصادر الكتاب... 419

المجلات والصحف.... 456

محتويات الكتاب... 457

 



([1]) الشاطبي، الموافقات: ج3 ص366، الناشر: دار ابن عفان.

([2]) ابن تيمية، منهاج السنة: ج4 ص95، الناشر: مؤسسة قرطبة ـ بيروت.

([3]) الألباني، سلسة الأحاديث الصحيحة: ج4 ص41.

([4]) قال ابن تيمية: «... وعيسى حي في السماء لم يمت بعد، وإذا نزل من السماء لم يحكم إلاّ بالكتاب والسنة، لا بشيء يخالف ذلك، والله أعلم». مجموع الفتاوى: ج4 ص316، الناشر: مكتبة ابن تيمية. وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ}... الصحيح أن الله تعالى رفعه إلى السماء من غير وفاة ولا نوم، كما قال الحسن وابن زيد، وهو اختيار الطبري وهو الصحيح عن ابن عباس وقاله الضحّاك». الجامع لأحكام القرآن: ج4 ص100. وفي تفسير ابن أبي حاتم: «عن الحسن، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لليهود: إنّ عيسى لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة» تفسير ابن أبي حاتم: ج4 ص1110، الناشر: المكتبة العصرية ـ صيدا.

([5]) جاء في تفسير القرطبي: «ثم إنّ الخضر فرّ من الملك لأسباب يطول ذكرها إلى أن وجد عين الحياة فشرب منها، فهو حي إلى أن يخرج الدجال، وأنه الرجل الذي يقتله الدجال ويقطعه ثم يحييه الله تعالى... وقال البخاري وطائفة من أهل الحديث منهم شيخنا أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى: إنّه مات قبل انقضاء المائة، من قوله عليه الصلاة والسلام: (إلى رأس مائة عام لا يبقى على هذه الأرض ممن هو عليها أحد) يعني من كان حياً حين قال هذه المقالة، قلت: قد ذكرنا هذا الحديث والكلام عليه، وبيّنا حياة الخضر إلى الآن، والله أعلم». الجامع لأحكام القرآن: ج11 ص45، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([6]) العنكبوت: 14.

([7]) الترمذي، سنن الترمذي: ج4 ص377، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([8]) رويت عدة روايات في كتب أهل السنة بخصوص ابن الصياد أو ابن صياد أو ابن صائد، وهو شخص كان يعيش في زمن النبي’، وقد أفادت تلك الروايات أنّه الدجال الذي سيخرج آخر الزمان، ففي صحيح البخاري مثلاً: «عن محمد بن المنكدر، قال: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن الصياد، الدجالُ، قلت: تحلف بالله؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، فلم ينكره النبي (صلّى الله عليه وسلّم)». صحيح البخاري: ج8 ص185 ح7355، الناشر: دار الفكرـ بيروت.

([9]) قال السموأل بن يحيى المغربي اليهودي الذي هداه الله للإسلام في كتابه إفحام اليهود الذي ألّفه في الرد على اليهود: «وينتظرون قائماً يأتيهم من آل داود النبي، إذا حرك شفتيه بالدعاء مات جميع الأمم، ولا يبقى إلاّ اليهود، وأن هذا المنتظر هو المسيح الذي وعدوا به» إلى أن يقول: «ويعتقدون أيضاً أن هذا المنتظر، متى جاءهم يجمعهم بأسرهم إلى القدس وتصير لهم دولة، ويخلو العالم من سواهم، ويحجم الموت عن جنابهم المدة الطويلة». إفحام اليهود وقصة إسلام السموأل ورؤياه النبي صلّى الله عليه وسلّم: ص125ـ 127، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

([10]) جاء في الكتاب المقدس ص375: «وبينما عيونهم شاخصة إلى السماء وهو ذاهب، إذا رجلان قد مثلا لهم في ثياب بيض وقالا: أيها الجليليون، ما لكم قائمين تنظرون إلى السماء؟ فيسوع هذا الذي رفع عنكم إلى السماء سيأتي كما رأيتموه ذاهباً إلى السماء» الناشر: دار المشرق ـ بيروت.

([11]) السيد عبد الرضا الشهرستاني، المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه: ص6، الناشر: مطبعة خراسان ـ مشهد.

([12]) السيد عبد الرضا الشهرستاني، المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه: ص6، الناشر: مطبعة خراسان ـ مشهد.

([13]) الأنبياء: 107.

([14]) القصص: 5.

([15]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج1 ص99، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([16]) ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج19 ص29، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.

([17]) الجويني، فرائد السمطين: ج2 ص312 ح562، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت. القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة: ج3 ص295، الناشر: دار الاُسوة.

([18]) ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون: ج1 ص311، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([19]) مجموعة باحثين، المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي: ص10، الناشر: مركز الرسالة، نقلاً عن أحمد أمين في كتابه المهدي والمهدوية.

([20]) الترمذي، سنن الترمذي: ج3 ص343، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([21]) المصدر نفسه: ج3 ص343.

([22]) المصدر نفسه: ج3 ص343.

([23]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج4 ص464، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([24]) المزي، تهذيب الكمال: ج25 ص150، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([25]) البغوي، شرح السنة: ج15 ص84 ص85 ص86 ص87، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.

([26]) القرطبي، التذكرة في اُصول الموتى واُمور الآخرة: ج2 ص617، الناشر: دار المنهاج ـ الرياض.

([27]) ابن تيمية، منهاج السنة: ج8 ص254، الناشر: مؤسسة قرطبة ـ بيروت.

([28]) الحاكم النيسابوري، المستدرك وبذيله التلخيص للذهبي: ج4 ص553 وص558، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([29]) مجلة التمدن الإسلامي، السنة 22ـ دمشق، شهر ذي القعدة ـ 1371هـ.

([30]) نقل قوله ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب: ج9 ص126، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([31]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج8 ص121ـ 122، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([32]) المزي، تهذيب الكمال: ج25 ص149، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([33]) ابن قيم الجوزية، المنار المنيف: ج1 ص142ـ 144، : عبد الفتاح أبو غدة.

([34]) المتقي الهندي، رسالة في الرد على من حكم وقضى أنّ المهدي الموعود جاء ومضى: ص2، نسخة مخطوطة، تصوير مركز إحياء التراث الإسلامي.

([35]) محمد جعفر الكتاني، نظم المتناثر من الحديث المتواتر: ص227، الناشر: دار الكتب السلفية ـ مصر.

([36]) نظم المتناثر من الحديث المتواتر: ص226ـ 229، الناشر: دار الكتب السلفية ـ مصر.

([37]) نقل قوله عبد العليم البستوي في كتابه (المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة): ص5، الناشر: المكتبة المكية ـ السعودية.

([38]) مجلة الجامعة الإسلامية، السنة الأولى، العدد3: ص161ـ 162.

([39]) أبو داود السجستاني، سنن أبي داود: ج2 ص310، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. ابن أبي شيبة، مصنف ابن أبي شيبة: ج8 ص679، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([40]) الطبرسي، مجمع البيان: ج7 ص120، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([41]) ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون: ج1 ص313، الناشر: دار إحياء التراث العربي.

([42]) فقد علّق الاُستاذ خليل شحادة محقّق كتاب ابن خلدون، فقال في الحاشية: «وفي نسخة اُخرى فطر بن خليفة». ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون: ج1 ص390، ضبط المتن ووضع الحواشي والفهارس: الاُستاذ خليل شحادة، راجعه: سهيل زكّار، الناشر: دار الفكر.

([43]) المزي، تهذيب الكمال: ج23 ص314ـ 315، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([44]) العظيم آبادي، عون المعبود: ج11 ص251، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([45]) أبو يعلى الموصلي، مسند أبي يعلى: ج2 ص274ـ 275، الناشر: دار المأمون للتراث ـ دمشق. ابن حبّان، صحيح ابن حبّان: ج15 ص236، الناشر: مؤسسة الرسالة. الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج4 ص557، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([46]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج4 ص557، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([47]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج3 ص28، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([48]) المقدسي الشافعي، عقد الدرر في أخبار المنتظر: ص25، الناشر: مكتبة عالم الفكر ـ القاهرة.

([49]) الكنجي الشافعي، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص66، الناشر: دار المحجة البيضاء.

([50]) أبو داود السجستاني، سنن أبي داود: ج2 ص310، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الطبراني، المعجم الأوسط: ج9 ص176، الناشر: دار الحرمين.

([51]) المباركفوري، تحفة الأحوذي: ج6 ص403، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([52]) الجويني، فرائد السمطين: ج2 ص335، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت. القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة: ج3 ص297، الناشر: دار الاُسوة.

([53]) ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة: ج2 ص472، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([54]) ابن ماجه، سنن ابن ماجه: ج2 ص1368، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. أبو داود السجستاني، سنن أبي داود: ج2 ص310. الطبراني، المعجم الكبير: ج23 ص267، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج4 ص557، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([55]) الكنجي الشافعي، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص30، الناشر: دار المحجّة البيضاء ـ دار الرسول الأكرم’.

([56]) البخاري، التاريخ الكبير: ج3 ص346، الناشر: المكتبة الإسلامية، ديار بكر ـ تركيا.

([57]) السيوطي، الجامع الصغير: ج2 ص672، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([58]) الألباني: صحيح الجامع الصغير وزيادته: ج2 ص1140، ح6734، الناشر: المكتب الإسلامي.

([59]) نعيم بن حماد، الفتن: ج1 ص368ـ 369، الناشر: مكتبة التوحيد ـ القاهرة. الداني، السنن الواردة في الفتن: ج5 ص1050 وص1057، الناشر: دار العاصمة ـ الرياض.

([60]) البخاري، التاريخ الكبير: ج8 ص406.

([61]) العجلوني، كشف الخفاء: ج2 ص288، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([62]) الكنجي الشافعي، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص71ـ 72، الناشر: دار المحجة البيضاء ـ دار الرسول الأكرم’. أحمد بن عبد الله الطبري، ذخائر العقبى: ص136ـ 137، الناشر: مكتبة القدسي ـ القاهرة. الجويني، فرائد السمطين: ج2 ص325ـ 325 ح575، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت. القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة: ج3 ص385ـ 386، الناشر: دار الاُسوة.

([63]) الكنجي الشافعي، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص56ـ 57، الناشر: دار المحجة البيضاء ـ دار الرسول الأكرم’. ابن الصباغ المالكي، الفصول المهمّة: ج2 ص1114، الناشر: دار الحديث.

([64]) الكنجي الشافعي، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص57.

([65]) المقدسي الشافعي، عقد الدرر في أخبار المنتظر: ص89، الناشر: مكتبة عالم الفكر ـ القاهرة.

([66]) ابن حماد المروزي، كتاب الفتن: ج1 ص373، الناشر: مكتبة التوحيد ـ القاهرة.

([67]) القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة: ج3 ص290ـ 291، الناشر: دار الاُسوة.

([68]) أبو داود السجستاني، سنن أبي داود: ج2 ص311، الناشر: دار الفكرـ بيروت.

([69]) المباركفوري، تحفة الأحوذي: ج6 ص403، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([70]) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج8 ص56، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([71]) اُنظر: السلسلة الضعيفة للألباني في ذيل حديث رقم 6485، قال: إسناده فيه انقطاع وجهالة. ص1096، الناشر: مكتبة المعارف، الرياض.

([72]) الخطيب التبريزي، مشكاة المصابيح: ج3 ص1503، كتاب الفتن، باب أشراط الساعة، ب: محمد ناصر الألباني، الناشر: المكتب الإسلامي.

([73]) الجزري، أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب: ص130، الناشر: مكتبة الامام أمير المؤمنين× العامة ـ أصفهان.

([74]) القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة: ج3 ص259، الناشر: دار الاُسوة.

([75]) وقد يقال أيضاً: إنّ هناك من لا يريد توضيح الحقائق؛ لتعصب طائفي أو خشية ذلك، فما رواه المقدسي في عقد الدرر يؤكد ذلك، قال: ‌«وعن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: أحقّ المهدي؟ قال: نعم، هو حقّ. قلت: ممن هو؟ قال: من قريش. قلت: من أي قريش؟ قال: من بني هاشم. قلت: من أي بني هاشم؟ قال: من ولد عبد المطلب. قلت: من أي ولد عبد المطلب؟ قال: من أولاد فاطمة. قلت: من أي ولد فاطمة؟ قال: حسبك الآن.

أخرجه الإمام أبو الحسين أحمد جعفر بن المنادي، وأخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم بن حمّاد». المقدسي الشافعي، عقد الدرر في أخبار المنتظر: ص23، الناشر: مكتبة عالم الفكر ـ القاهرة. فالراوي بقوله: «حسبك الآن» قد أنهى الحديث، فهو إمّا يخشى الإفصاح عن الحقيقة أو لا يريد بيانها؛ خشية أن تصبّ في صالح الشيعة.

([76]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص127 ح7222 و7223، كتاب الأحكام، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([77]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج6 ص3 ح4599، كتاب الإمارة، باب: الناس تبع لقريش، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([78]) المصدر نفسه: ج6 ص3 ح4598.

([79]) الترمذي، سنن الترمذي: ج3 ص340، باب ما جاء في الخلفاء، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([80]) أبو داود السجستاني، سنن أبي داود: ج2 ص309، الناشر: دار الفكرـ بيروت.

([81]) أبو داود السجستاني، سنن أبي داود: ج2 ص309، الناشر: دار الفكرـ بيروت.

([82]) أبو يعلى الموصلي، مسند أبي يعلى: ج9 ص222، الناشر: دار المأمون للتراث ـ دمشق. الطبراني، المعجم الكبير: ج10 ص158، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج4 ص501، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([83]) الطبراني، المعجم الكبير: ج2 ص196.

([84]) المصدر السابق: ج2 ص256.

([85]) القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة: ج2 ص315، الناشر: دار الاُسوة.

([86]) المائدة: 12.

([87]) القندوزي، ينابيع المودّة: ج1 ص253، الناشر: دار الاُسوة.

([88]) المصدر نفسه: ج3 ص395.

([89]) الجويني، فرائد السمطين: ج2 ص313، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت.

([90]) القندوزي، ينابيع المودّة: ج3 ص262.

([91]) أخرج ابن أبي عاصم في كتابه السنة، قال: «ثنا أبو صالح هدبة بن عبد الوهاب، حدثنا النضر بن شميل، ثنا شعبة، عن حبيب بن الزبير، عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: كنّا نجالس عمرو بن العاص نذاكره الفقه، فقال رجل من بكر: لتنتهينّ قريش أو ليجعلنّ الله هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب، فقال عمرو بن العاص: كذبت سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: الخلافة في قريش إلى قيام الساعة». وقال الألباني في تعليقه على الحديث: «إسناده جيد، رجاله كلّهم ثقات...» ابن أبي عاصم، كتاب السنة ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة بقلم محمد بن ناصر الألباني: ص513، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.

([92]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج2 ص128، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن حبّان، صحيح ابن حبّان: ج14 ص162، الناشر: مؤسسة الرسالة.

([93]) السيوطي، الديباج على صحيح مسلم: ج4 ص439، الناشر: دار ابن عفان ـ المملكة العربية السعودية.

([94]) ابن العربي المالكي، عارضة الأحوذي في شرح صحيح الترمذي: ج5 ص67، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([95]) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري: ج13 ص182، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([96]) المصدر نفسه: ج13 ص183.

([97]) محمود أبو ريّة، أضواء على السنة النبوية: ص235، الناشر: البطحاء.

([98]) القندوزي، ينابيع المودّة: ج3 ص292ـ 293، الناشر: دار الاُسوة.

([99]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص123 ح6119، كتاب فضائل الصحابة. وأخرجه الترمذي في سننه بلفظ: «كتاب الله وعترتي أهل بيتي» سنن الترمذي: ج5 ص328، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([100]) الأحزاب: 33.

([101]) الذهبي، تذكرة الحفاظ: ج1 ص12، الناشر: دار إحياء التراث العربي. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج18 ص347، الناشر: دار إحياء الكتب العربية. المتقي الهندي، كنز العمال: ج10 ص263ـ 264، الناشر: مؤسسة الرسالة.

([102]) محمد باقر الصدر، بحث حول المهدي: ص107، الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية.

([103]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج3 ص14، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([104]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص123 ح6119، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([105]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ج4 ص122، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([106]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج5 ص228، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([107]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج1 ص170، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([108]) المصدر نفسه: ج9 ص262ـ 263.

([109]) ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة: ج2 ص355، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([110]) البغوي، شرح السنة: ج14 ص117ـ 118، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت.

([111]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج3 ص109، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([112]) الألباني، صحيح الجامع الصغير وزيادته: ج1 ص482 ح2457، الناشر: المكتب الإسلامي.

([113]) سامي بن أنور المصري الشافعي، الزهرة العطرة في حديث العترة: ص69ـ 70، الناشر: دار الفقيه ـ مصر.

([114]) الذهبي، تذكرة الحفاظ: ج1 ص12، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج50 ص253، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. الموفق الخوارزمي، المناقب: ص366، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([115]) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري: ج6 ص359، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. العيني، عمدة القاري: ج16 ص40، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([116]) ابن القيّم: إعلام الموقعين: ج2 ص276.

([117]) البقرة: 30.

([118]) الآلوسي، روح المعاني: ج1 ص220ـ 221، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([119]) المصدر السابق: ج1 ص221.

([120]) محمد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم: ج9ص499، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([121]) محمد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم: ج9 ص499، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([122]) أحمد أمين، ضحى الإسلام: ج3 ص237، الناشر: مكتبة النهضة المصرية.

([123]) عند التأمل بروايات البخاري ومسلم؛ فإنّ المنصف يجد أنّ هناك إساءات كثيرة للمولى جلّ وعلا وللرسول’، وهذا ينبئك بضعف هذه الروايات، كما في أحاديث رؤية الله تعالى [صحيح البخاري: ج1 ص195 ح806] وأنّه تعالى يضحك [البخاري: ج1 ص196 ح806] وأن له تعالى ساقاً [البخاري: ج6 ص72 ح4919] وغيرها.

وأما الإساءة للرسول’ فهناك روايات لا يمكن لعاقل التصديق بها من قبيل: نسيان رسول الله بعض آيات القرآن [البخاري: ج3 ص152 ح2655]، والبول واقفاً [البخاري [البخاري: ج1 ص62 ح224]، وأكله اللحم الحرام؛ لأنه لم يعلم بأمر الذبائح [البخاري: ج6 ص225 ح5501، 5502] وقيامه إلى الصلاة ناسياً أنّه مجنب [البخاري: ج1 ص72ـ 73 ح275]، وغيرها من الروايات التي يمجها العقل والفطرة السليمة.

([124]) عثمان بن عبد الرحمن، مقدمة ابن الصلاح: ص29، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([125]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج12 ص402، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. ابن حجر العسقلاني، تغليق التعليق: ج5 ص420، الناشر: المكتب الإسلامي، دار عمار ـ بيروت.

([126]) ابن حبّان، صحيح ابن حبّان: ج1 ص6، وقد ورد هذا الكلام في مقدمة المحقق (شعيب الارنؤوط).

([127]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج2 ص15 ح791، الناشر: دار الفكر ـ بيروت. فقد سئل مسلم في صحيحه، في باب صفة صلاة النبي (صلّى الله عليه وآله)، عن حديث أبي هريرة: «وإذا قرأ فأنصتوا». فقال: «هو عندي صحيح. فقال السائل: لِم لَم تضعه هاهنا؟ قال: ليس كلّ شيء عندي صحيح وضعته هاهنا إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه».

([128]) النووي، المنهاج، شرح صحيح مسلم بن الحجاج: ج1 ص24ـ 26، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([129]) الهيتمي, الصواعق المحرقة: ج2 ص472, الناشر: مؤسسة الرسالة, بيروت.

([130]) الدهلوي، مقدمة في اُصول الحديث: ج1 ص87ـ 88، الناشر: دار البشائر الإسلامية ـ بيروت.

([131]) البخاري، صحيح البخاري: ج4 ص143 ح3449، كتاب بدء الخلق، الناشر: دار الفكرـ بيروت. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج1 ص95 ح283، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([132]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج1 ص95 ح286.

([133]) ابن أبي شيبة، المصنف: ج8 ص697، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([134]) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري: ج6 ص358، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([135]) ابن قيم الجوزية، المنار المنيف: ج1 ص147، الناشر: مكتب المطبوعات الإسلامية ـ حلب.

([136]) الألباني، السلسلة الصحيحة: ج5 ص276 ح2236، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.

([137]) السيوطي، الحاوي للفتاوي: ص158، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([138]) فقد أخرج البخاري ومسلم بسنديهما عن أبي قتادة أن أبا هريرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟». صحيح البخاري: ج4 ص143ح3449. صحيح مسلم: ج1 ص94 ح285. وأخرج مسلم أيضاً بسنده عن ابن جريج، قال: «أخبرني أبو الزبير أنّه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم (صلّى الله عليه وسلّم)، فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة الله هذه الاُمّة». صحيح مسلم: ج1 ص95 ح286.

([139]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1004، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([140]) المصدر نفسه: ج2 ص1093ـ 1094.

([141]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1006، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([142]) سعد بن عبد الله الأشعري، المقالات والفرق: ص102ـ 103، الناشر: مركز انتشارات علمي وفرهنكي.

([143]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص320، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([144]) المفيد، الإرشاد: ج2 ص336ـ 337، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([145]) الكليني، الكافي: ج1 ص505ـ 506، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([146]) ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب: ج3 ص524، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف.

([147]) المصدر نفسه..

([148]) الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى: ج2 ص151، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

([149]) الجويني، فرائد السمطين: ج2 ص133ـ 134، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت. القندوزي، ينابيع المودّة: ج3 ص282، الناشر: دار الاُسوة.

([150]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1091، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([151]) يعتبر أبو نصر البخاري، من علماء القرن الرابع، لأنه يروي عنه أبو العلاء الواسطي من مشايخ الخطيب، وهو محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب، قال الخطيب البغدادي: «أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب، حدثنا أبو نصر سهل بن عبيد الله بن داود بن سليمان بن أبان بن عبد الله البخاري ـ قدم علينا بغداد ـ حدّثنا محمد بن نوح الجنديسابوري...». تاريخ بغداد: ج9 ص123، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. وأبو علاء الواسطي قد توفي سنة (431هـ)، قال الخطيب البغدادي: «مات أبو العلاء في ليلة الإثنين الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة». تاريخ بغداد: ج3 ص314، ومنه يظهر أنّ أبا نصر البخاري كان حيّاً أواسط القرن الخامس الهجري.

([152]) النوبي بضم النون، هذه النسبة إلى بلاد النوبة وهي السودان. السمعاني، الأنساب: ج5 ص530، الناشر: دار الجنان ـ لبنان.

([153]) أبو نصر البخاري، سر السلسلة العلوية: ص39ـ 40، الناشر: انتشارات الشريف الرضي.

([154]) علي بن محمد العلوي العمري، المجدي في أنساب الطالبين: ص130، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي ـ قم.

([155]) هو الفخر الرازي هو الامام فخر الدين الرازي الشافعي المتوفى سنة 606هـ صاحب كتاب التفسير المشهور.

([156]) الفخر الرازي، الشجرة المباركة: ص78ـ 79، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي ـ قم.

([157]) ابن عنبة، عمدة الطالب: ص199، الناشر: المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

([158]) هو محمد بن عبد الله بن محمد المخزومي الرفاعي الحسيني سراج الدين شيخ الإسلام في عصره، هكذا قال عنه الزركلي في الأعلام: ج6 ص238، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([159]) المخزومي، سراج الدين، صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار: ص56، طبع في مطبعة مكتبة نخبة الأخيار.

([160]) محمد أمين بن علي بن محمد سعيد السويدي العباسي البغدادي، أبو الفوز: باحث، من علماء العراق، ولد ببغداد، وتوفي في بريدة بـ(نجد) عائداً من الحج. من كتبه (سبائك الذهب في معرفة أنساب العرب) و(قلائد الدرر في شرح رسالة ابن حجر) في فقه الشافعية، و(الجواهر واليواقيت في معرفة القبلة والمواقيت). خير الدين الزركلي، الأعلام: ج6 ص42.

([161]) محمد أمين السويدي، سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: ص78، الناشر: منشورات الشريف الرضي.

([162]) اُنظر: الذهبي، تاريخ الإسلام: ج19 ص113، الناشر: دار الكتاب العربي. واُنظر: الصفدي، الوافي بالوفيات: ج12 ص70، الناشر: دار إحياء التراث ـ بيروت.

([163]) هو مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي من كبار الكتاب، أصله من طرابلس توفي سنة 1937هـ. الزركلي، الأعلام: ج7 ص235، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([164]) مصطفى الرافعي، إسلامنا في التوفيق بين السنّة والشيعة: ص192، الناشر: الدار الإسلامية ـ بيروت.

([165]) قال عنه الذهبي: >الشيخ الامام العلامة المحدث الأديب النسّابة... وكان إماماً، علامة، أخبارياً، أديباً، متفنناً، رئيساً، محتشماً، كان منزله مأوى طلبة العلم، ولقد أقبل في آخر عمره على الحديث إقبالاً تاماً، وسمع العالي والنازل<, الذهبي, سير أعلام النبلاء: ج22 ص354.

([166]) ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج7 ص274، الناشر: دار صادر ـ دار بيروت.

([167]) قال عنه الشعراني: >الشيخ العارف الكامل المحقق المدقق أحد أكابر العارفين بالله... أجمع المحققون من أهل الله عز وجل على جلالته في سائر العلوم...<, الشعراني, الطبقات الكبرى: ج1 ص260 ـ 261, الناشر: دار الرشاد, المغرب.

([168]) الشعراني، اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر: ج2 ص562، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([169]) هو كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة بن الحسن القرشي العدوي الشافعي، قال الصفدي: «تفقّه وبرع في المذهب... وكان صدراً معظماً». الوافي بالوفيات: ج3 ص146. وقال الذهبي: «العلامة الأوحد كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة بن محمد بن حسن القرشي العدوي النصيبي الشافعي، ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وبرع في المذهب واُصوله». سير أعلام النبلاء: ج23 ص293، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([170]) محمد بن طلحة الشافعي، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: ج2 ص152، الناشر: مؤسسة أم القرى.

([171]) هو: «يوسف بن فرغلي بن عبد الله البغدادي سبط الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي... تفقه وبرع وسمع من جده لأمه ابن الجوزي، وكان بتربيته حنبلياً... ثم صار حنفياً وكان عالماً فقيهاً واعظاً... فارساً في البحث مفرطاً في الذكاء» اللكنوي، الفوائد البهية في تراجم الحنفية: ص23، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([172]) سبط بن الجوزي، تذكرة الخواص: ص325، الناشر: مؤسسة أهل البيت ـ قم.

([173]) وصفه الحاج خليفة: بالشيخ الحافظ, كشف الظنون: ج2 ص1497. وقال عنه القندوزي: >الشيخ المحدث الفقيه< ينابيع: ج3 ص347.

([174]) الكنجي الشافعي، كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: ص485، الناشر: دار إحياء تراث أهل البيت^.

([175]) الكنجي الشافعي، البيان في أخبار صاحب الزمان: ص97، الناشر: دار المحجة البيضاء ـ دار الرسول الأكرم’.

([176]) هو أحمد بن محمد بن إبراهيم من خلكان قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس البرمكي الأربلي الشافعي، كان فاضلاً بارعاً متفننا عارفاً بالمذهب... كثير الاطلاع وافر الحرمة، اُنظر: الذهبي، تاريخ الإسلام: ج51 ص65ـ 66، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([177]) ابن خلكان، وفيّات الأعيان: ج4 ص176، الناشر: دار الثقافة ـ بيروت.

([178]) قال عنه الذهبي: «الإمام المحدّث الأوحد الأكمل فخر الإسلام صدر الدين إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حموية الخراساني الجويني .... وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء... مهيباً ديّناً صالحاً». تذكرة الحفاظ: ج4 ص1506، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([179]) الجويني، فرائد السمطين: ج2 ص136ـ 141 ح432ـ 435، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت.

([180]) المصدر نفسه: ص337ـ 338 ح591.

([181]) هو إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب الملك المؤيد صاحب حماه، قال السبكي: «كان رجلاً فاضلاً، نظّم الحاوي في الفقه [الشافعي] وصنف تقويم البلدان وتاريخاً حسناً». طبقات الشافعية الكبرى: ج9 ص403ـ 404، الناشر: هجر للطباعة.

([182]) أبو الفداء، المختصر من أخبار البشر: ج2 ص45، الناشر: مكتبة المتنبي ـ القاهرة.

([183]) هو الإمام المعروف الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني الذهبي، قال السبكي في طبقاته الكبرى: «شيخنا وأستاذنا الإمام الحافظ شمس الدين أبو عبد الله التركماني الذهبي محدّث العصر... شديد الميل إلى آراء الحنابلة». طبقات الشافعية الكبرى: ج9 ص100ـ 103.

([184]) الذهبي، تاريخ الإسلام: ج19 ص113، حوادث سنة (251هـ ـ 260هـ)، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([185]) قال ابن حجر العسقلاني: «محمد بن يوسف بن الحسن بن محمد بن محمود بن الحسن الزرندي المدني الحنفي شمس الدين أخو نور الدين علي، قرأت في مشيخة الجنيد البلياني تخريج الحافظ شمس الدين الجزري الدمشقي نزيل شيراز: أنّه كان عالماً، وأرخ مولده سنة (693) ووفاته بشيراز سنة بضع وخمسين وسبعمائة... وصنّف كتباً عديدة ودرّس في الفقه والحديث، ثم رحل إلى شيراز فولّي القضاء بها حتى مات سنة سبع أو ثمان وأربعين». الدرر الكامنة: ج6 ص50، الناشر: مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الهند.

وقال الزركلي: «أحمد بن يوسف بن الحسن، شمس الدين الزرندي، فقيه حنفي، من العلماء بالحديث، من أهل المدينة، تولّى التدريس فيها بعد أبيه، ورحل إلى شيراز بعد سنة 742 هـ فوُلّي القضاء بها حتى مات». الأعلام: ج7 ص152، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([186]) الزرندي، معارج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول: ص181ـ 182. : ماجد بن أحمد بن عطية.

([187]) قال السبكي: «خليل الدين الصفدي الإمام الأديب... وعني بالحديث وصنّف الكثير في التاريخ والأدب» طبقات الشافعية الكبرى: ج10 ص5، الناشر: هجر للطباعة.

([188]) الصفدي، الوافي بالوفيات: ج12 ص70، الناشر: دار إحياء التراث ـ بيروت.

([189]) هو أحمد بن علي بن محمد شهاب الدين الكناني شافعي المذهب العسقلاني أبو الفضل الحافظ، قال تلميذه السخاوي: «الأستاذ إمام الأئمة الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني... الشافعي... وقد شهد له القدماء بالحفظ والثقة والأمانة والمعرفة التامة والذهن الوقّاد والذكاء المفرط وسعة العلم في صنوف شتى، وشهد له شيخه العراقي بأنه أعلم أصحابه بالحديث». الضوء اللامع: ج2 ص36، الناشر: دار مكتبة الحياة ـ بيروت.

([190]) ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان: ج2 ص119، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([191]) هو علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله المالكي من علماء المذهب المالكي، قال عنه تلميذه السخاوي: «حفظ القرآن والرسالة في الفقه لابن مالك، له مؤلفات منها الفصول المهمة لمعرفة الأئمة». الضوء اللامع: ج5 ص283.

([192]) ابن الصباغ المكّي المالكي، الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ج2 ص1104، الناشر: دار الحديث.

([193]) هو فضل الله بن روزبهان بن فضل الله الأمين كان من عظماء علماء الشافعية في عصره، قال السخاوي: «فضل الله بن روزبهان... أمين الدين الخنجي الأصل الشيرازي الشافعي الصوفي» الضوء اللامع: ج6 ص171، الناشر: دار مكتبة الحياة ـ بيروت. وكان من العلماء المعاندين, ألّف كتاباً أسماه إبطال نهج الباطل؛ ردّاً على كتاب نهج الحق للعلامة الحلي.

([194]) المرعشي، شرح إحقاق الحق: ج1 ص81، الناشر: منشورات مكتبة المرعشي النجفي ـ قم.

([195]) هو محمد بن علي بن محمد الشهير بابن طولون الصالحي الحنفي، قال الزركلي: «مؤرخ عالم بالتراجم والفقه... كانت أوقاته معمورة كلّها بالعلم والعبادة» الأعلام: ج6 ص291، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([196]) ابن طولون، الأئمة الاثنا عشر: ص117ـ 118، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([197]) هو حسين بن محمد بن الحسن الدياربكري المالكي: مؤرّخ ولي قضاء مكة وتوفي فيها. اُنظر: الزركلي، الأعلام: ج2 ص256، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت. واُنظر: حاجي خليفة، كشف الظنون: ج1 ص725، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([198]) القاضي حسين الدياربكري، تاريخ الخميس: ج2 ص343، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([199]) قال ابن العماد الحنبلي: «وفيها [أي سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة توفي] الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراوي الشافعي، قال: الشيخ عبد الرؤوف المناوي في طبقاته هو شيخنا الإمام العامل العابد الزاهد الفقيه المحدث الاُصولي الصوفي المربي المسلك من ذرية محمد بن الحنفية». شذرات الذهب: ج8 ص372، الناشر: دار ابن كثير ـ دمشق.

([200]) الشعراني، اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر: ج2 ص561ـ 562، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([201]) قال الزركلي: «... أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس: فقيه باحث مصري، مولده في محلة أبي الهيتم (من إقليم الغربية بمصر) وإليها نسبته... تلقّى العلم في الأزهر، ومات بمكة. له تصانيف كثيرة». الأعلام: ج1 ص234، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([202]) ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة: ج2 ص600ـ 601، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([203]) قال الزركلي: «علي بن (سلطان) محمد، نور الدين الملاّ الهروي القاري: فقيه حنفي، من صدور العلم في عصره. ولد في هراة وسكن مكة وتوفي بها... وصنّف كتباً كثيرة». الأعلام: ج5 ص12، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([204]) ملاّ علي القاري، مرقاة المفاتيح: ج11 ص135، شرح حديث رقم 5983، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([205]) هو عبد الحي بن أحمد بن محمد بن العماد العكري الحنبلي، مؤرخ فقيه، عالم بالأدب، ولد في صالحية دمشق، وأقام في القاهرة مدة طويلة، ومات بمكة، له (شذرات الذهب في أخبار من ذهب) و(شرح المنتهى). اُنظر: الزركلي، الأعلام: ج3 ص290.

([206]) ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب: ج2 ص141، حوادث سنة (260هـ)، الناشر: دار ابن كثير ـ دمشق.

([207]) هو سليمان بين خوجة ابراهيم قبلان الحسيني الحنفي النقشبندي القندوزي، فاضل من أهل بلخ له ينابيع المودّة في شمائل الرسول. الزركلي، الأعلام: ج3 ص125، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([208]) القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة: ج3 ص306 الناشر: دار الاُسوة ـ بيروت.

([209]) قال عنه محمد خير رمضان يوسف: >مؤرخ دبلوماسي, شاعر, ترجم لنفسه في آخر جزء من الأعلام< تكملة معجم المؤلفين: ص177ـ 178, الناشر: دار ابن حزم. والظاهر من ترجمته لنفسه في الأعلام أنّه كان ممن ترعاه الحكومة السعودية وشغل فيها مناصب سياسية ودبلوماسية. الاعلام: ج8 ص267ـ 269, الناشر: دار العلم للملايين, بيروت.

([210]) الزركلي، الأعلام: ج6 ص80.

([211]) وهو الشيخ محمد ناصر الدين الألباني, من أعمدة التيار السلفي في وقتنا الحاضر, قال فيه ابن باز: >ما رأيت تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث، مثل: العلامة محمد ناصر الدين الألباني<، وأثنى عليه عدّة من علماء السلفية بكلمات وافرة. انظر موقعه الرسمي على الانترنت: http://www.alalbany.net/albany_serah.php

([212]) الألباني، التعليقات الرضية على الروضة الندية: ج2 ص150ـ 151، فصل بيان اعتبار الكفاءة في النكاح، الناشر: دار ابن عفّان ـ السعودية.

([213]) الكليني، الكافي: ج1 ص328، باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار×، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([214]) النجاشي، رجال النجاشي: ص353، رقم الترجمة 946، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([215]) الحلّي، خلاصة الأقوال: ص260، رقم الترجمة/110، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

([216]) النجاشي، رجال النجاشي: ص91. رقم الترجمة /225.

([217]) الطوسي، رجال الطوسي: ص397، رقم الترجمة/ 5817، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([218]) النجاشي، رجال النجاشي: ص353، رقم الترجمة/ 946.

([219]) المصدر نفسه: ص165 رقم الترجمة/ 411.

([220]) الطوسي، رجال الطوسي: ص375، رقم الترجمة/ 5553.

([221]) الكليني، الكافي: ج1 ص328، فصل الإشارة والنص إلى صاحب الدار×، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران. المفيد، الإرشاد: ج2 ص348، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([222]) الخوئي، معجم رجال الحديث: ج12 ص309 رقم الترجمة/7968. ط5ـ 1413هـ.

([223]) الأردبيلي، جامع الرواة: ج1 ص560، الناشر: مكتبة المحمدي.

([224]) الطوسي، رجال الطوسي: ص401، رقم الترجمة/5886، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([225]) العلامة الحلّي، خلاصة الأقوال: ص242، رقم الترجمة/27، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

([226]) الخوئي، معجم رجال الحديث: ج17 ص332ـ 335 رقم الترجمة/11305.

([227]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص431، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([228]) هي السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد× وأخت الإمام الهادي× وعمّة الإمام العسكري× وصفها العلاّمة المجلسي بالنجيبة الكريمة العالمة الفاضلة التقية الرضية. بحار الأنوار: ج99 ص79. وسيأتي مزيد كلام عن وثاقتها وجلالتها.

([229]) الكليني، الكافي: ج1 ص331، باب في تسمية من رآه×، وقد ذكر في هذا الباب خمسة عشر رواية فيمن رآه×. المفيد، الإرشاد: ج2 ص351، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([230]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص424ـ 425، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([231]) عثمان بن سعيد العمرى هو السفير الأول للإمام المهدي× يكنّى أبا عمرو السمّان، ويقال له: الزيّات الأسدي، وهو جليل القدر، ثقة، له منزلة عظيمة عند الطائفة، حظي برضا الأئمة^ وتوثيقهم له عند توكيله من قبلهم. اُنظر: الطوسي، رجال الطوسي: ص289، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم. العلامة الحلّي، خلاصة الأقوال: ص220، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

([232]) المفيد، الإرشاد: ج2 ص351ـ 352، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([233]) محمد بن عثمان بن سعيد العمري، السفير الثاني للإمام المهدي× يكنى أبا جعفر، له منزلة جليلة بعد أبيه عند الإمام صاحب الزمان×، حيث استلم الشيخ العمرى السفارة بعد وفاة أبيه. اُنظر: الطوسي، رجال الطوسي: ص447، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم. العلامة الحلّي، خلاصة الأقوال: ص250ـ 251، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

([234]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص435، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([235]) وثّقه النجاشي في رجاله وعده من أصحاب الإمام الرضا×، وذكره الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمامين الجواد والهادي ÷، النجاشي، رجال النجاشي: ص412، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم. الطوسي، رجال الطوسي: ص387، ص381.

([236]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص435، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([237]) من أصحاب الإمام الهادي والعسكري ‘. الطوسي، رجال الطوسي: ص393، ص403، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([238]) الغلام الخماسي: من له خمسة أشبار طولاً. اُنظر: ابن منظور، لسان العرب: ج6 ص69، مادة: خمس، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([239]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص407، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([240]) هو من أصحاب الإمام الهادي والعسكري‘. الطوسي، رجال الطوسي: ص383، ص397، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم. العلامة الحلّي، خلاصة الأقوال: ص53، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.

([241]) الميرزا النوري، مستدرك الوسائل: ج12 ص281، الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث ـ بيروت.

([242]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص442ـ 443، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([243]) المفيد، الإرشاد: ج2 ص351، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([244]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص431، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([245]) المجلسي، بحار الأنوار: ج51 ص28، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت.

([246]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص442ـ 443، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([247]) المفيد، الإرشاد: ج2 ص336، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([248]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1004، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([249]) اُنظر: ص55.

([250]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج2 ص448، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([251]) الجويني، فرائد السمطين: ج1 ص45ـ 46 ح11، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت. القندوزي، ينابيع المودّة: ج1 ص75 وج3 ص360ـ 361، الناشر: دار الاُسوة.

([252]) اُنظر: ص52 من هذا الجزء.

([253]) المتقي الهندي، كنز العمال: ج12 ص34، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([254]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج3 ص1093ـ 1094، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([255]) المصدر نفسه: ص1093.

([256]) اُنظر: ص78 وما بعدها (اعتراف علماء السنة بولادة الإمام المهدي×).

([257]) الأشعري القمي، المقالات والفرق: ص102ـ 106، الناشر: مركز انتشارات علمي وفرهنگي ـ قم.

([258]) النوبختي، فرق الشيعة: ص113، الناشر، مكتبة الفقيه ـ قم.

([259]) النوبختي، فرق الشيعة: ص113، الناشر، مكتبة الفقيه ـ قم.

([260]) المائدة: 8.

([261]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1009، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([262]) المصدر نفسه: ص1008.

([263]) المصدر نفسه: ج2 ص1011.

([264]) قوله: «ولعل من أسباب القول بالمهدية... » هو احتمال عدم إيمانه بأصل هذه الفكرة، وهو وجود مهدي من آل محمد’.

([265]) شرف الدين العاملي، المراجعات: ص60ـ 61 : ط2ـ1402 هـ.

([266]) الطبراني، المعجم الكبير: ج3 ص66، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت. الهيثمي، مجمع الزوائد: ج9 ص163ـ 164، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت. المتقي الهندي، كنز العمال: ج1 ص188. ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة: ج2 ص493، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([267]) ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة: ج2 ص439.

([268]) المصدر السابق: ج2 ص442.

([269]) المناوي، فيض القدير: ج3 ص20، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([270]) هو نور الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الحسين السمهودي الشافعي الحافظ. ولد بصعيد مصر، من كتبه: (وفاء الوفا بأخبار المصطفى) و(جواهر العقدين) وغيرها.. توفي بالمدينة (911هـ) اُنظر: خير الدين الزركلي، الأعلام: ج4 ص307، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([271]) المناوي، فيض القدير: ج3 ص20، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([272]) التفتازاني، شرح المقاصد: ج2 ص303، الناشر: دار المعارف النعمانية.

([273]) الترمذي، سنن الترمذي: ج5 ص328، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([274]) الألباني، صحيح سنن الترمذي: ج3 ص543 ح3787، الناشر: مكتبة المعارف.

([275]) الطبري، جامع البيان: ج22 ص12 ح21736، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([276]) الطحاوي، شرح مشكل الآثار: ج2 ص335، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([277]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1008، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([278]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1008، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([279]) المصدر نفسه: ج3 ص1494، المجال الاقتصادي.

([280]) المصدر السابق: ج3 ص1552، خاتمة الكتاب.

([281]) سيأتي البحث حول الخمس عند الفريقين، وكيفية توجيه كلّ منهما لهذه النظرية، وهل أن الخمس مقصور على الغنائم أم مطلق يشمل غيره من أرباح المكاسب؟

([282]) الأنفال: 41.

([283]) ابن منظور، لسان العرب: ج12 ص445، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([284]) الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن: ص366، الناشر: دفتر نشر الكتاب.

([285]) الأزهري، تهذيب اللغة: ج8 ص141 الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([286]) الدسوقي، حاشية الدسوقي: ج3 ص103، الناشر: دار إحياء الكتب العربية. واُنظر: السيد الخميني، كتاب البيع: ج1 ص436، الناشر: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الامام الخميني.

([287]) الشافعي، كتاب الأم: ج3 ص170، الناشر: دار الفكر. واُنظر: الشيخ الطوسي، المبسوط: ج2 ص196، الناشر: المكتبة المرتضوية لإحياء آثار الجعفرية.

([288]) روي عن رسول اله’أنّه قال: «أظلكم شهر رمضان بمحلوف رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ما مضى على المسلمين شهر خير لهم منه ولا بالمنافقين شهر أشرُّ لهم منه بمحلوف رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إن الله عز وجل يكتب أجره ونوافله... فهو غنم للمؤمن» أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج2 ص524، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([289]) ابن قدامة، المغني: ج2 ص510، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([290]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج2 ص177.

([291]) البخاري، صحيح البخاري: ج8 ص46ـ 47 ح6912، الناشر: دار الفكرـ بيروت. مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج5 ص128 ح4356، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([292]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج1 ص314، الناشر: دار صادر ـ بيروت. ابن ماجه، سنن ابن ماجه: ج2 ص839، الناشر: دار الفكر.

([293]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج3 ص128.

([294]) معنى الترجمة: التعبير عن لغة بلغة أخرى، وقد قيل: إنّه كان يتكلّم الفارسية فكان يترجم، وقد يكون المراد به فأسمعهم أنّه كان يبلغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس؛ إمّا الزحام منع من سماعه، أو لاختصار منع من فهمه فأفهمهم. اُنظر: النووي، شرح صحيح مسلم: ج1 ص186، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([295]) البخاري، صحيح البخاري: ج1 ص30 ح87، الناشر: دار الفكرـ بيروت.

([296]) ابن كثير، البداية والنهاية: ج5 ص89ـ 90، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([297]) ابن سعد، الطبقات: ج1 ص304ـ 305، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([298]) البخاري، صحيح البخاري: ج2 ص136 ح1497، الناشر: دار الفكرـ بيروت.

([299]) الإمام مالك، المدونة الكبرى: ج1 ص292، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([300]) ابن قدامة، المغني: ج2 ص619، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([301]) ابن حزم، المحلى: ج7 ص324، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([302]) الطوسي، تهذيب الأحكام: ج4 ص140ـ 141، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([303]) الشورى: 23.

([304]) السيوطي، الدرّ المنثور: ج4 ص176، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([305]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج5 ص197 ح4577، دار الفكر ـ بيروت.

([306]) أحمد بن حنبل، مسند أحمد: ج1 ص320، الناشر: دار صادر ـ بيروت. وأخرجه أبو داوود في سننه ج2 ص26 وكذلك أخرجه غيره.

([307]) مسند أحمد بن حنبل، ج5: ص102. الناشر: مؤسسة الرسالة.أشرف على ه شعيب الارنؤوط.

([308]) الطبري، جامع البيان: ج10 ص11ـ 12، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([309]) ابن أبي حاتم الرازي، تفسير ابن أبي حاتم: ج5 ص1705 ح9093، الناشر: المكتبة العصرية.

([310]) ابن كثير، تفسير ابن كثير: ج2 ص325، الناشر : دار المعرفة ـ بيروت.

([311]) ابن قدامة، المغني: ج7 ص301، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([312]) المصدر السابق: ج7 ص301.

([313]) ابن تيمية، منهاج السنة: ج4 ص212، الناشر: مؤسسة قرطبة ـ بيروت.

([314]) الشاطبي، الموافقات: ج5 ص253. الناشر: دار ابن عثمان، السعودية.

([315]) جريدة الوطن السعودية، العدد: 3034، 22 محرم 1430 هـ السنة التاسعة، مقال تحت عنوان:آل الشيخ: المفتي قائم مقام النبي في الأمة. الكاتب: خالد الرحيلي.

([316]) عبد الرحمن بن حسن الجبرتي: «مؤرخ مصر، ومدون وقائعها وسير رجالها، في عصره. ولد في القاهرة وتعلم في الأزهر، وجعله (نابليون) حين احتلاله مصر من كتبة الديوان. وولي إفتاء الحنفية في عهد محمد علي. وقتل له ولد فبكاه كثيراً حتى ذهب بصره، ولم يطل عماه فقد عاجلته وفاته، مخنوقاً. وهو مؤلف (عجائب الآثار في التراجم والأخبار ـ ط) أربعة أجزاء، ويعرف بتاريخ الجبرتي، ابتدأه بحوادث سنة 1100 ه‍ وانتهى سنة 1236ه‍، وقد ترجم إلى الفرنسية، وله (مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس ـ ط) في جزأين وترجم إلى الفرنسية وطبع بها. ونسبة الجبرتي إلى (جبرت) وهي الزيلع في بلاد الحبشة». خير الدين الزركلي، الأعلام: ج3 ص304، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([317]) عبد الرحمن بن حسن الجبرتي، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار: ج2 ص554، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

([318]) الأمراء المصرلية: هم الأمراء من المماليك الذين حكموا مصر.

([319]) عبد الرحمن بن حسن الجبرتي، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار: ج2 ص584، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

([320]) مجموعة من الباحثين، الموسوعة العربية العالمية: ج10 ص474، الناشر: مؤسسة أعمال الموسوعة.

([321]) هو عبد الله بن عثمان بن حمد بن بشر النجدي الحنبلي: مؤرخ نجد وآل سعود، كان من رؤساء قبيلة بني زيد في بلدة (شقرا) من بلاد الوشم (نجد) ولد وتعلم في شقرا، من كتبه: عنوان المجد في تاريخ نجد ـ ط جزآن، ضاع ثالثهما، وبغية المحاسب.../ خير الدين الزركلي، الأعلام: ج4 ص209، الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت.

([322]) كذا في المصدر المطبوع، والصحيح: ألفي.

([323]) عثمان الحنبلي، عنوان المجد في تاريج نجد: ج1ص 257ـ 258، حوادث سنة (1216 هـ)، الناشر: مطبوعات دار الملك عبد العزيز.

([324]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1011، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([325]) القاضي عبد الجبار، تثبيت دلائل النبوة: ج2 ص179، الناشر: دار العربية ـ بيروت.

([326]) أبو زهرة، الإمام الصادق: ص545، الناشر: دار الفكر العربي ـ القاهرة.

([327]) جولد تسيهر، العقيدة والشريعة في الإسلام: ص204، طبعة القاهرة 1946م.

([328]) إستاذ اللغات الشرقية بجامعة (بال) في سويسرا.

([329]) آدم متز، الحضارة الإسلامية: ج1 ص101ـ 102، طبعة القاهرة.

([330]) المصدر السابق: ج1 ص103ـ 104.

([331]) مسلم النيسابوري، صحيح مسلم: ج7 ص171ح6392، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([332]) الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج4 ص395، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([333]) الطبراني، المعجم الكبير: ج18 ص353، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([334]) الهيثمي، مجمع الزوائد: ج10 ص65، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([335]) محمد جواد مغنية، الشيعة في الميزان: ص68، الناشر: دار التعارف ـ بيروت.

([336]) طه حسين، علي وبنوه: ص173، الناشر: دار المعارف ـ القاهرة.

([337]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1019، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([338]) المصدر نفسه: ج2 ص1014.

([339]) محسن الأمين، أعيان الشيعة: ج2 ص64، الناشر: دار التعارف ـ بيروت.

([340]) المقدسي الشافعي، عقد الدرر في أخبار المنتظر: ص134، الناشر: مكتبة عالم الفكر ـ القاهرة.

([341]) المقدسي الشافعي، عقد الدرر في أخبار المنتظر: ص133، الناشر: مكتبة عالم الفكر ـ القاهرة.

([342]) الجويني، فرائد السمطين: ج2 ص335، الناشر: مؤسسة المحمودي ـ بيروت.

([343]) القندوزي، ينابيع المودّة: ج3 ص386، الباب/94، الناشر: دار الاُسوة.

([344]) المصدر السابق: ج3 ص386ـ 387.

([345]) النعماني، الغيبة: ص176، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

([346]) الكليني، الكافي: ج1 ص340، باب في الغيبة، واُنظر: ج1 ص336، 337، 339، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([347]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص480ـ 481، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم. الصدوق، علل الشرائع: ج1 ص245، الناشر: منشورات المكتبة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

([348]) الحلي، مختصر بصائر الدرجات: ص195، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

([349]) الطوسي، الغيبة: ص424، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

([350]) الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1 ص297، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

([351]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص381، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([352]) قال ابن سعد في طبقاته بسنده عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: «كان لعثمان ابن عفان عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف [الألف ألف هي المليون] درهم و خمسمائة ألف درهم وخمسون ومائة ألف دينار [الدرهم عملة فارس والدينار عملة الروم] فانتهبت وذهبت، وترك ألف بعير بالربذة». الطبقات الكبرى: ج3 ص76، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

وأما ثروة الصحابي عبد الرحمن ابن عوف، فقد روى ابن كثير في البداية والنهاية: «... ثم ترك بعد ذلك كلّه مالاً جزيلاً، من ذلك ذهب قطّع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال، وترك ألف بعير ومائة فرس، وثلاثة آلاف شاة ترعى بالبقيع، وكان نساؤه أربعاً فصولحت إحداهن من ربع الثمن بثمانين ألفاً». البداية والنهاية: ج7 ص184، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

وأما أموال الصحابي سعد بن أبي وقاص، فقد أفصحت عنها ابنته عائشة:

فقد روى الذهبي عن ابن سعد: «أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا فروة بن زييد عن عائشة بنت سعد قالت:... وترك يوم مات مئتي ألف وخمسين ألفاً» سير أعلام النبلاء: ج1 ص123، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([353]) محمد باقر الصدر، بحث حول المهدي: ص110، الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية.

([354]) المصدر نفسه: ص110ـ 111.

([355]) الطوسي، رجال الطوسي: ص389، رقم الترجمة: 5741، وص401، رقم الترجمة: 5877، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([356]) الطوسي، الغيبة: ص361، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

([357]) المصدر نفسه: ص354ـ 355.

([358]) المصدر السابق: ص354.

([359]) الطوسي، اختيار معرفة الرجال: ج2 ص848، الناشر: مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث ـ قم.

([360]) الطوسي، الغيبة: ص361، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم. الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص510، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([361]) الطوسي، الغيبة: ص356ـ 357.

([362]) الطوسي، رجال الطوسي: ص447، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([363]) في بعض النسخ: معاملينا.

([364]) الطوسي، الغيبة: ص362، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

([365]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص510، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم. الطوسي، الغيبة: ص361، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

([366]) ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج8 ص109، الناشر: دار صادر ـ دار بيروت.

([367]) الطوسي، رجال الطوسي: ص447، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([368]) الطوسي، الغيبة: ص291، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

([369]) المصدر نفسه: ص243.

([370]) المصدر نفسه: ص362.

([371]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص440، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([372]) المصدر نفسه: ص440.

([373]) الطوسي، الغيبة: ص391، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

([374]) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج14 ص567، ترجمة ابن أبي العزاقر، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

([375]) الذهبي، تاريخ الإسلام: ج24 ص190 وفيات سنة 326، الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([376]) الطوسي، الغيبة: ص371ـ 372، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم.

([377]) انظر: الطوسي, الغيبة: ص393ـ 396.

([378]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص516، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم. الطوسي، الغيبة: ص395، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية ـ قم. الطبرسي، الاحتجاج: ج2 ص297، الناشر: دار النعمان ـ النجف الأشرف.

([379]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1014، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([380]) العنكبوت: 2.

([381]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1014، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([382]) المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير: ج1 ص242، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([383]) ابن جرير الطبري، جامع البيان: ج6 ص252، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([384]) ابن عبد البرّ، الاستيعاب: ج4 ص1553، الناشر: دار الجيل ـ بيروت.

([385]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1024، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([386]) المجلسي، بحار الأنوار: ج99 ص79، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت.

([387]) محسن الأمين، أعيان الشيعة: ج6ص 217، الناشر: دار التعارف ـ بيروت.

([388]) القندوزي، ينابيع المودّة: ج3 ص171 وص301 وص304، الناشر: دار الاُسوة.

([389]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص425، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([390]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1025، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([391]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1036ـ 1037، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([392]) القصص: 7.

([393]) القصص: 18.

([394]) الشعراء: 21.

([395]) الرعد: 39.

([396]) الأنعام: 2.

([397]) فاطر: 11.

([398]) الأعراف: 96.

([399]) المفيد، تصحيح اعتقادات الإمامية: ص66، الناشر: دار المفيد ـ بيروت.

([400]) المتقي الهندي، كنز العمال: ج2 ص443، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت. السيوطي، الدر المنثور: ج4 ص66، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([401]) الحسن بن سليم الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: ص136ـ 137، الناشر: المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

([402]) تفسير الميزان: ج13 ص75، الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية ـ قم.

([403]) ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء: «أخرج أحمد و الحاكم بسند صحيح عن عمار بن ياسر، أن النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، قال لعلي: أشقى الناس رجلان: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، و الذي يضربك يا علي، على هذه ـ يعني قرنه ـ حتى تبتّل منه هذه ـ يعني لحيته، و قد ورد ذلك من حديث علي و صهيب و جابر بن سمرة و غيرهم» تاريخ الخلفاء: ص150، الناشر: مطبعة السعادة ـ مصر.

وفي الطبقات الكبرى، قال: «حدّثني أبو الطفيل، قال: دعا علي الناس إلى البيعة، فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي، فردّه مرتين، ثم أتاه، فقال: ما يحبس أشقاها!! لتخضبن أو لتصبغن هذه من هذا، يعني لحيته من رأسه» ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج3 ص33، الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([404]) القفاري، اُصول مذهب الشيعة: ج2 ص1048ـ 1050، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة.

([405]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: ص19، الناشر: جماعة المدرّسين ـ قم.

([406]) ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون: ج1 ص334، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([407]) ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون: ج1 ص331، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([408]) أبو العلاء المعري هو: أحمد بن عبد الله بن سليمان توفي بمعرة النعمان، اُنظر: القمي، الكنى والألقاب: ج3 ص196، الناشر: مكتبة الصدر ـ طهران.

([409]) محمود الآلوسي، روح المعاني: ج20 ص11، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

([410]) الكليني، الكافي: ج1 ص535، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([411]) لسان العرب, ج11 ص724, الناشر: دار صادر ـ بيروت, ط1.

([412]) الجوهري, الصحاح: ج5 ص1841, الناشر: دار العلم للملايين ـ بيروت, ط4, 1407هـ .

([413]) المائدة: 35.

([414]) الأسراء: 57.

([415]) الأعراف: 180.

([416]) يمكن للقارئ أن يطالع دعاء كميل الذي اشتهرت عند الشيعة قراءته كل ليلة جمعة، وفيه فقرات عديدة يذكر فيها التوسل بأسماء الله وصفاته, منها: >اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء وبقوتك التي قهرت بها كل شيء...وبأسمائك التي غلبت أركان كل شيء وبعلمك الذي أحاط بكل شيء, وبنور وجهك الذي أضاء له كل شيء...< وبإمكان القارئ أيضاً سماع هذا الدعاء العظيم عن طريق القنوات الفضائية الشيعية في ليالي الجمع؛ ليتضح له عدم صحّة زعم القفاري في أنّ الشيعة تدّعي عدم قبول الدعاء إلا بأسماء الأئمّة!, على ما سوف يأتي لاحقاً.

([417]) آل عمران: 16.

([418]) آل عمران: 193.

([419]) الألباني، التوسل: أنواعه وأحكامه: ص32 ـ33، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1ـ 1421هـ..

([420]) الكفعمي, المصباح: ص291، الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت, ط3ـ 1403هـ.

([421]) النساء: 64.

([422]) يوسف: 97.

([423]) الألباني, التوسل: ج1 ص38, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1ـ 1421هـ..

([424]) انظر: السبكي, شفاء السقام: 297, ط4, 1419هـ . السقاف, الإغاثة: ص19, الناشر: مكتبة الإمام النووي, ط1, 1410هـ.

([425]) انظر: زيني دحلان، الدرر السنية: ص42, الناشر: مكتبة ايشينق, استانبول ـ تركيا, 1396هـ. وكلمة (طارش) معروفة في الدول المجاورة لإيران من العرب، فكانوا يقولون إذا بعث لهم قريب رسالةً بيد شخص: جاءنا طارش برسالةٍ من فلان, فالطارش يشبه ساعي البريد, وظيفته البلاغ وتوصيل ما كلّف به وينتهي الأمر, فالنبي’ عند السلفية الوهابية كانت مهمته تبليغ الرسالة وقد انتهى كل شيء بوفاته, وباتت عصا محمّد بن عبد الوهاب أفضل منه؛ لأنها ينتفع بها في قتل الحية ونحوها !!!

يقول العالم السنّي المعاصر السيد حسن بن علي السقّاف عن الرسول’: >بأنّه رسولٌ له المكانة السامية على جميع الخلق فضلاً عن البشر، وجميعهم تحت لوائه, آدم عليه السلام فمن دونه، وقد أعطي ذلك بفضل الله تعالى: {وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء} فمن قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبارة عن حامل رسالة كساعي بريد أو طارش بلغة قوم، فقد ارتد وخرج من الإسلام وتزندق؛ لأنه استهان واستخف بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، قال تعالى: {فالذين آمنوا وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} ومعنى عزروه: عظموه ووقّروه <. السقاف، القول العطر في نبوة سيدنا الخضر: ص29, هامش 8، الناشر: دار الإمام النووي, عمّان ـ الأردن, ط1ـ 1413هـ.

([426]) القرطبي، التذكرة بأحوال الموتى: ج1 ص459ـ460، الناشر: مكتبة دار المنهاج ـ الرياض, ط1ـ 1425هـ. وانظر: ابن قيم الجوزية، كتاب الروح، ج1: ص35ـ36، الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت، 1395 هـ.

([427]) جلال الدين السيوطي, أنباء الأذكياء بحياة الأنبياء المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي: ج2 ص139, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1, 1421هـ .

([428]) السخاوي, القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع: ص243, الناشر: مكتبة المؤيدـ الطائف, مكتبة دار البيان ـ دمشق.

([429]) الهيثمي, مجمع الزوائد: ج8 ص211، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، طبعة عام 1408هـ.

([430]) المناوي, فيض القدير شرح الجامع الصغير: ج3 ص239، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1415هـ.

([431]) الألباني, سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج2 ص187ـ 189,  الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, 1415هـ..

([432]) الألباني، التوسّل: ص60, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1421هـ.

([433]) آل عمران: 169ـ 171.

([434]) ابن القيم, الروح: ص35ـ 36، الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, 1395هـ.

([435] ) البقرة: 154.

([436]) مسلم النيسابوري, صحيح مسلم: ج7 ص102، الناشر: دار الفكرـ بيروت.

([437]) أبو داود, سنن أبي داود: ج1 ص453, الناشر: دار الفكر, ط1, 1410هـ..

([438]) النووي, المجموع: ج8 ص272, الناشر: دار الفكر. وقال ابن حجر: >رواته ثقات<. ابن حجر العسقلاني, فتح الباري: ج6 ص352، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط2.

([439]) إلاّ أنّه قد يقال أن ثمة إشكالاً دلالياً يواجه هذه الرواية, وهو معارضتها لما دلّ على حياة النبي’ بعد موته؛ وذلك لأنّ ظاهر هذه الرواية هو مفارقة روح النبي لبدنه في بعض الأوقات وعودها إليه في أوقات أخرى, فيلزم عدم الحياة في زمان المفارقة, وهذا يتنافى مع الثابت من حياة الأنبياء بنحو مطلق, ولا يمكن حمل ردّ الروح هنا على ظاهره, لذا حاول العلماء توجيه مسألة ردّ الروح بأوجه عديدة:

ذكر السيوطي في كتابه: >أنباء الأذكياء بحياة الأنبياء< خمسة عشر وجهاً لتوجيه الإشكال المذكور, وأنّ أقوى هذه الوجوه ـ على ما صرّح به هو ـ الوجه الثاني؛ ثم إنّه أثناء البحث ترك هذا الوجه ورجح الوجه الثالث، ثمّ في آخر بحثه عاد ليرجح الوجه الثاني مجدداً، وحاصل الوجه الثاني: أنّ جملة: >ردّ الله عليّ روحي< هي جملة حالية, وبمقتضى قواعد اللغة العربية أنّها إذا تصدّرت بفعل ماض وجب تقدير كلمة (قد) قبلها, وأنّ كلمة (حتّى) الواردة في الخبر تفيد العطف بمعنى الواو وليست تعليلية، فيكون تقدير الحديث: >ما من أحد يسلم علي إلا قد ردّ الله علي روحي قبل ذلك وأرد عليه<. ثم ذكر أنّ عدم التأويل يلزم منه عدّة محاذير, نذكرها بتصرف يسير:

 1ـ أنّه لو أخذ الرد بمعنى الحال والاستقبال يلزم منه تكرر عود الروح عند تكرر المُسلّمين، وتكرر الردّ يستلزم تكرر المفارقة، وتكرر المفارقة يلزم عليه محذورات: منها: تألم الجسد الشريف بتكرار خروج روحه وعوده أو نوع ما من مخالفة التكريم إن لم يكن التأليم.

2ـ يلزم منه أنّ حياة النبي’ في البرزخ مخالفة لسائر الناس من الشهداء وغيرهم، إذ لم يثبت لأحدهم أنه يتكرر له مفارقة روحه وعوده بالبرزخ وهو صلى الله عليه وسلم أولى بالاستمرار الذي هو أعلى رتبة.

3ـ يلزم منه مخالفة القرآن؛ إذ دل أنّه ليس هناك إلاّ موتتان وحياتان، وهذا التكرار يستلزم تكثر الموت، وهو باطل.

4ـ يلزم منه مخالفة الأحاديث المتواترة الدالة على حياة الأنبياء، وما خالف القرآن والسنّة المتواترة وجب تأويله . انظر: جلال الدين السيوطي, أنباء الأذكياء بحياة الأنبياء المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي: ج2 ص142, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت. 1421هـ.

([440]) إبراهيم بن إسحاق الحربي, غريب الحديث: ج1 ص67ـ 68, الناشر: جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة, ط1، 1405هـ.

([441]) أبو داود, سنن أبي داود: ج1 ص236, الناشر: دار الفكر, ط1, 1410هـ.

([442]) النسائي, سنن النسائي: ج3 ص91, الناشر: دار الفكر, بيروت, ط1: 1348 هـ.

([443]) ابن ماجة, سنن ابن ماجة: ج1 ص345, الناشر: دار الفكر.

([444]) الحاكم، المستدرك على الصحيحين: ج1 ص278، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([445]) النووي, المجموع: ج4 ص548, الناشر: دار الفكر.

([446]) الحاكم، المستدرك على الصحيحين, وبذيله التخليص للذهبي: ج1 ص278، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([447]) الألباني, إرواء الغليل: ج1 ص34ـ 35, الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت , ط2، 1405هـ.، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج4 ص32, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض.

([448]) علي القاري, مرقاة المفاتيح: ج3 ص410, الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت, ط1, 1422هـ.

([449]) مسلم النيسابوري, صحيح مسلم: ج1ص151, الناشر: دار الفكرـ بيروت.

([450]) ابن عبد البر, الاستذكار: ج1 ص185, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1, 2000م.

([451]) حسن السقاف, الإغاثة: ص35 ـ 40, الناشر: مكتبة الإمام النووي ـ عمّان, ط1, 1410هـ .

([452]) ابن كثير, تفسير ابن كثير: ج3 ص447ـ 449, الناشر: دار المعرفةـ بيروت, ط 1412هـ .

([453]) ابن القيّم, الروح: ص5ـ 8, الناشر: دار الكتب العلميّةـ بيروت، ط1395هـ .

([454]) ابن تيمية, مجموع الفتاوى: ج24 ص363, الناشر: مكتبة ابن تيمية.

([455]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين: ج4 ص307, الناشر: دار المعرفةـ بيروت.

([456]) ابن أبي الدنيا, المنامات: ص10, الناشر: مؤسسة الكتب الثقافيةـ بيروت, ط1, 1413هـ .

([457]) ابن كثير, تفسير ابن كثير: ج2 ص401, الناشر: دار المعرفةـ بيروت , طبع سنة: 1412هـ.

([458]) النساء: 64.

([459]) وقد استدلّ الشيخ محمود سعيد ممدوح تبعاً لشيخه الغماري على عموم هذه الآية بوقوع الفعل في سياق الشرط، فقال: >وهذه الآية تشمل حالتي الحياة وبعد الانتقال، ومن أراد تخصيصها بحال الحياة، فما أصاب لأن الفعل في سياق الشرط يفيد العموم وأعلى صيغ العموم ما وقع في سياق الشرط كما في إرشاد الفحول >ص 122<. وقال شيخنا العلامة المحقق السيد عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى: فهذه الآية عامة تشمل حالة الحياة وحالة الوفاة وتخصيصها بأحدهما يحتاج إلى دليل، وهو مفقود هنا، فإن قيل: من أين أتى العموم حتى يكون تخصيصها بحالة الحياة دعوى تحتاج إلى دليل؟ قلنا: من وقوع الفعل في سياق الشرط والقاعدة المقررة في الأصول أن الفعل إذا وقع في سياق الشرط كان عاماً؛ لأن الفعل في معنى النكرة لتضمنه مصدراً منكراً والنكرة الواقعة في سياق النفي أو الشرط تكون للعموم وضعاً<. محمود سعيد ممدوح, رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة: ص57, الناشر: دار الإمام النووي ـ الأردن, ط1, 1416هـ..

([460]) يونس: 90.

([461]) الكهف: 86.

([462]) الجمعة: 11.

([463]) الأنعام: 27.

([464]) الأنعام: 30.

([465]) الأنعام: 93.

([466]) انظر: الزركشي، البحر المحيط في أصول الفقه: ج 2 ص 277. الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط 1421 هـ..

([467]) الفرقان: 48.

([468]) الهيتمي، الفتاوى الحديثية: ص92، الناشر: دار الفكر.

([469]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين وبهامشه التلخيص للذهبي: ج2 ص305، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([470]) الهيثمي, مجمع الزوائد: ج7 ص12، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، طبعة عام 1408هـ.

([471]) الألباني, سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج1 ص385, 199، الناشر: مكتبة المعارف, الرياض.

([472]) مسند أحمد بتحقيق: أحمد محمد شاكر: ج3 ص547, الناشر: دار الحديث ـ القاهرة, ط1, 1416هـ.

([473]) السيوطي, تنوير الحلك: ص13, الناشر: مكتبة الحقيقة, إستانبول ـ تركيا, ط1: 1406 هـ.

([474]) النساء: 64.

([475]) الثعلبي, تفسير الثعلبي: ج3 ص339, الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت, ط1، 1422هـ.

([476]) القرطبي, تفسير القرطبي: ج5 ص265, الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت , ط 1405هـ.

([477]) أبو حيّان الأندلسي, تفسير البحر المحيط: ج3 ص296, الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت ط1، 1422هـ.

([478]) ابن كثير, تفسير ابن كثير: ج1 ص532, الناشر: دار المعرفةـ بيروت، ط1412هـ.

([479]) ابن قدامة الحنبلي, المغني: ج3 ص590, الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([480]) عبد الرحمن بن قدامة, الشرح الكبير: ج3 ص495, الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت.

([481]) محمد بن عبد الله السامري, المستوعب: ج1 ص525, الناشر: مكتبة الأسدي ـ مكة المكرمة, ط2ـ 1424هـ.

([482]) النووي, المجموع: ج8 ص274, الناشر: دار الفكر.

([483]) البكري الدمياطي، إعانة الطالبين: ج2 ص357, الناشر: دار الفكرـ بيروت.

([484]) الحسن بن عمار الشربنلالي الحنفي، مراقي الفلاح بإمداد الفتاح: ص272ـ 273، الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت، ط2، 1424 هـ.

([485]) العبدري المالكي, المدخل: ج1 ص259ـ 260, الناشر: دار الفكر, ط 1401هـ.

([486]) القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ج2 ص41, الناشر: دار الفكرـ بيروت, ط 1409هـ.

([487]) ابن حجر الهيتمي, الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم: ص129. الناشر: دار جوامع الكلم ـ القاهرة.

([488]) الزرقاني المالكي، محمد بن عبد الباقي، شرح الزرقاني على المواهب اللدنية: ج12 ص194، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1، 1417هـ.

([489]) السمهودي, وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: ج4 ص196 الناشر: دار الكتب العلمية, ط1, 1427هـ .

([490]) يوسف بن إسماعيل النبهاني, شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق: ص116. الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط3ـ 2007 م.

([491]) مسند البزار: ج5 ص308ـ 309، الناشر: مؤسسة علوم القرآن ـ بيروت, المدينة, ط1, 1409هـ.

([492]) الهيثمي, مجمع الزوائد: ج9 ص24, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, 1408هـ.

([493]) محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني, شرح الزرقاني على الموطأ: ج 1 ص97, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت ط1، 1411 هـ.

([494]) العراقي، طرح التثريب في شرح التقريب: ج3 ص275, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1, 2000م.

([495]) السيوطي, الخصائص الكبرى: ج2 ص491, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, 1405هـ.

([496]) انظر: الألباني, سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: ج2 ص404, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1412هـ .

([497]) انظر: ابن عدي, الكامل: ج3 ص76, الناشر: دار الفكرـ بيروت ط3, 1409هـ.

([498]) انظر: ابن سعد, الطبقات الكبرى: ج2 ص194, الناشر: دار صادرـ بيروت.

([499]) انظر: ابن حجر, تهذيب التهذيب: ج6 ص339, الناشر: دار الفكرـ بيروت. ط1، 1404 هـ..

([500]) انظر: الألباني, سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج2 ص405, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1412 هـ.

([501]) ابن سعد, الطبقات الكبرى: ج2 ص194, الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([502]) الألباني, سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: ج2 ص405, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1412هـ.

([503]) الألباني, سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: ج2 ص405, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1412هـ.

([504]) النساء: 41.

([505]) النحل: 89.

([506]) قد توسّع صاحب كتاب رفع المنارة الشيخ محمود سعيد ممدوح في تخريج الحديث وإثبات صحته وإبطال كلام الألباني, ومن شاء التوسعة فليراجع. محمود سعيد ممدوح, رفع المنارة لتخريج احاديث التوسل والزيارة: ص ، الناشر: دار الإمام النووي, ط1ـ 1416 ه‍ـ.

([507]) الهيثمي, مجمع الزوائد: ج8 ص211، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، طبعة عام 1408هـ.

([508]) ابن أبي شيبة, المصنّف: ج7 ص482، الناشر: دار الفكر للطباعة ـ بيروت، ط1ـ 1409هـ

([509]) ابن سعد، الطبقات: ج5 ص12، الناشر: دار صادر ـ بيروت. وقد توسّع الشيخ محمود سعيد ممدوح في بيان صحة الحديث ودفع الشبه المثارة حوله, وكذا توثيق مالك الدار وبيان حاله. محمود سعيد ممدوح, رفع المنارة لتخريج احاديث التوسل والزيارة: ص210ـ 225، الناشر: دار الإمام النووي, ط1ـ 1416 ه‍ـ.

([510]) الخليلي, الإرشاد في معرفة علماء الحديث: ج1 ص313, الناشر: مكتبة الرشيد ـ الرياض, ط1, 1409هـ.

([511]) ابن حجر العسقلاني, فتح الباري: ج2 ص412، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط2.

([512]) ابن كثير, البداية والنهاية: ج7 ص105, الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1, 1408هـ.

([513]) أحمد بن حنبل: مسند أحمد: ج5 ص422, الناشر: دار صادرـ بيروت. الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين: ج4 ص515، الناشر: دار المعرفةـ بيروت.

([514]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين وبذيله تلخيص المستدرك للذهبي: ج4 ص515، الناشر: دار المعرفةـ بيروت.

([515]) مسند أحمد بن حنبل, بتحقيق: حمزة أحمد الزين: ج17 ص42, الناشر: دار الحديث ـ القاهرة, ط1, 1416هـ..

([516]) ابن أبي حاتم الرازي, الجرح والتعديل: ج3 ص416, الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط1, 1371هـ.

([517]) الذهبي, ميزان الاعتدال: ج2 ص9, الناشر: دار المعرفةـ بيروت, ط1, 1382 هـ.

([518]) ابن حجر, تقريب التهذيب: ج1 ص280, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت , ط2, 1415 هـ.

([519]) حيث إنّ بعض علماء أهل السنة كبعض المعاصرين أمثال عبد الفتاح أبو غدّة حيث يرى أن سكوت ابن أبي حاتم يدل على التوثيق.

([520]) تقي الدين السبكي, شفاء السقام: ص279, ط4, 1419هـ.

([521]) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق: ج 57 ص 250، الناشر: دار الفكر ـ بيروت, 1415هـ.

([522]) انظر: الألباني, سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج2 ص564ـ 565. وانظر: ج3 ص 285, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, 1415هـ .

([523]) ليلتفت القارئ الكريم إنّنا هنا لسنا بصدد إثبات استحباب الدعاء عند القبور من عدمه, بل بصدد إثبات أنّ النبي’ حيٌ في قبره ويستغفر ويدعو للمؤمنين ويقضي حوائجهم, فسكوتنا عن بحث مسألة استحباب الدعاء عند القبر لا يدل على قبول قول ابن تيمية، بل الثابت خلافه على ما هو محقق في محله, وسيأتي أن ابن حبان كان يزور قبر الإمام علي بن موسى الرضا عند الشدائد ويدعو الله هناك فيستجيب الله دعاءه وقد تكرر ذلك منه مراراً.

([524]) يشير بذلك إلى ما أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة عن سعيد بن المسيب، قال: لقد رأيتني ليالي الحرة وما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم غيري وما يأتي وقت صلاة إلاّ سمعت الأذان من القبر. وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن سعد بن المسيب، قال: لم أزل أسمع الأذان والإقامة في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أيام الحرة حتى عاد الناس، وأخرج ابن سعد في الطبقات عن سعيد بن المسيب أنه كان يلازم المسجد أيام الحرة والناس يقتتلون، قال: فكنت إذا حانت الصلاة أسمع أذاناً يخرج من قبل القبر الشريف، وأخرج الدارمي في مسنده، قال: أنبأنا مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز، قال: لما كان أيام الحرة لم يؤذن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلّم ثلاثاً ولم يقم ولم يبرح سعيد بن المسيب المسجد وكان لا يعرف وقت الصلاة إلا بهمهمة يسمعها من قبر النبي صلى الله عليه وسلّم). انظر: السيوطي: إنباه الأذكياء بحياة الأنبياء، المطبوعة ضمن الحاوي: ج2 ص140, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1, 1421هـ .

([525]) ابن تيميّة, اقتضاء الصراط المستقيم: ص373ـ 374، الناشر: مطبعة السنّة المحمديّةـ القاهرة, ط2، 1369هـ.

([526]) ابن تيميّة, اقتضاء الصراط المستقيم: ص374 ـ 375.

([527]) أحمد بن حنبل, مسند أحمد, ج4 ص138, الناشر: دار صادرـ بيروت. الترمذي, سنن الترمذي: ج5 ص229, الناشر: دار الفكر , بيروت, ط2، 1403هـ . الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين: ج1 ص313، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([528]) الترمذي, سنن الترمذي: ج5 ص229، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض، ط2، 1422هـ.

([529]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين, وبذيله تلخيص الذهبي: ج1 ص313.

([530]) انظر: الترمذي, سنن الترمذي: ج5 ص229.

([531]) انظر: الألباني, التوسل: 68ـ 69, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض. صحيح سنن ابن ماجة: ج1 ص412، الناشر: المكتب الإسلامي، ط3ـ 1408هـ

([532]) انظر: مسند أحمد، ب شعيب الأرنؤوط وآخرون: ج28 ص478 ح 17240, الناشر: مؤسسة الرسالةـ بيروت، ط1، 1416 هـ .

([533]) الشوكاني, تحفة الذاكرين بعدّة الحصن الحصين: ص208, الناشر: دار القلم ـ بيروت, ط1, 1984م.

([534]) عبد الغني الدهلوي، إنجاح الحاجة شرح سنن ابن ماجه: ص230، الناشر: مطبع محمد حسين مولوي. نسخة مخطوطة، وانظر: المباركفوري، تحفة الأحوذي: ج10 ص25, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت، ط1, 1410هـ.

([535]) انظر: الألباني, التوسّل: ص74ـ 75، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1ـ 1421هـ.

([536]) الألباني يعترف بأنّ ظاهر حديث الضرير هو التوسل بالذات, انظر: الألباني, التوسّل: ص75.

([537]) وقد ذكر الألباني في توسله: ص75, بأنّ هذا الظهور يتنافى مع قوله في ذيل الحديث: اللهم شفعه في وشفعني فيه, فإنّ هذه العبارة تدلّ على أنّ التوسّل كان بدعاء النبي’. لكنّ هذا الكلام غير صحيح, حيث يمكن القول إنّ النبي’ قام بأمرين, فعلّم الضرير دعاءً فيه التوسّل بذاته المباركة, وقام هو بالدعاء له أيضاً وستأتي الإشارة إلى ذلك لاحقاً.

([538])  الألباني, التوسّل: ص42, الناشر: مكتبة المعارف, الرياض, ط1, 1421هـ

([539]) الألباني, التوسّل: ص73, الناشر: مكتبة المعارفـ الرياض, ط1, 1421هـ .

([540]) الألباني, التوسّل: ص72.

([541]) انظر: السبكي, شفاء السقام: ص 297, ط4, 1419هـ .

([542]) ابن خزيمة, صحيح ابن خزيمة: ج2 ص226, الناشر: المكتب الإسلامي,ط2, 1412 هـ.

([543]) أحمد بن حنبل, مسند أحمد: ج4 ص138, الناشر: دار صادرـ بيروت.

([544]) ابن كثير, البداية والنهاية: ج6 ص179, الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت , ط1، 1408 هـ .

([545]) انظر: ابن تيمية الحراني, التوسل والوسيلة: ص98, الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت, 1390هـ . وسيأتي ذكر هذا الحديث والكلام حوله، فانتظر.

([546]) أخرجه البيهقي, في دلائل النبوة: ج6 ص167، الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط3، 1429هـ.

([547]) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة, ص418، الناشر: مؤسسة الرسالةـ بيروت، ط2 ـ 1406هـ : ولا يوجد فيه عبارة: (وشفعني فيه).

([548]) ابن تيمية الحراني, التوسل والوسيلة: ص98 ـ99, الناشر, المكتب الإسلامي ـ بيروت, 1390هـ.

([549]) ابن تيمية الحراني, التوسل والوسيلة: ص99. الألباني, التوسّل: ص81ـ 82.

([550]) ابن تيمية الحراني, التوسل والوسيلة: ص99، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت, طبعة عام1390 هـ.

([551]) الألباني, التوسّل: ص83، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1ـ 1421هـ.

([552]) وهذا الكلام لطالما تكرر في الفضائيات والمنتديات الحوارية في شبكة الأنترنت.

([553]) والمراد من الرواية هي إرشاد الصحابي عثمان بن حنيف أحد أصحاب الحوائج إلى القيام بهذا الفعل من الصلاة والدعاء المشتمل على التوسل بالنبي’, والقصّة حدثت بعد وفاة النبي’.

([554]) علي جمعة, البيان لما يشغل الأذهان: ج1 ص125, في جوابه على سؤال رقم: 44. الكتاب مأخوذ من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ علي جمعة:

http://alimamalallama.com.

([555]) ابن ماجة القزويني, سنن ابن ماجة: ج1 ص441, الناشر: دار الفكر.

([556]) البيهقي, دلائل النبوّة: ج6 ص166، الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط3، 1429هـ.

([557]) يحيى بن شرف النووي, الأذكار النووية: ص184, دار الفكر , بيروت , ط 1414هـ .

([558]) المنذري, الترغيب والترهيب: ج1 ص272, الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت, ط1، 1417.

([559]) وقد ردّ بعض العلماء على عبارة الترمذي هذه وأوضحوا أنّه حتّى هذين الحديثين قد عمل بهما بعض العلماء, فيكون جميع الكتاب معمول به.

([560]) الترمذي, العلل الصغير: ج1 ص736, الناشر: دار إحياء التراث العربي, بيروت.

([561]) الطبراني, المعجم الصغير: ج1 ص183, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت، 1403 هـ .

([562]) البيهقي, دلائل النبوة:ج 6 ص 168، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت, ط3 ،1429هـ.

([563]) البيهقي, دلائل النبوة: ج6 ص167.

([564]) الطبراني, المعجم الصغير: ج1 ص184، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت.

([565]) المقصود من القصة ما روي من أن رجلاً كان يأتي عثمان بن عفان في حاجة له، ولكنه لم يلتفت له بالتفصيل السابق، وأما الحديث فالمقصود به ما روي عن النبي’ من أن ضريراً شكا له ذهاب بصره فعلمه النبي دعاء الخ.

([566]) انظر, الألباني, التوسّل: ص87، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1، 1421هـ

([567]) المصدر السابق: ص85.

([568]) المزي, تهذيب الكمال: ج12 ص361ـ362, الناشر: مؤسسة الرسالةـ بيروت، ط2, 1413هـ .

([569]) ابن حجر, تهذيب النهذيب: ج4 ص269ـ 270, الناشر: دار الفكر ـ بيروت , ط1, 1404هـ .

([570]) ابن حجر, تقريب التهذيب: ج1 ص411، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط2ـ 1415هـ.

([571]) الذهبي, الكاشف: ج1 ص479, الناشر: دار القبلة للثقافة الاسلامية, مؤسسة علوم القرآن ـ جدة, ط 1413هـ .

([572]) الألباني, التوسل: ص86، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1ـ 1421هـ.

([573]) ابن السنّي, عمل اليوم والليلة: ج1 ص581, الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلاميةـ جدة، بيروت.

([574]) الحاكم النيسابوري, المستدرك: ج1 ص526ـ527.الناشر: دار المعرفةـ بيروت.

([575]) البيهقي, دلائل النبوّة: ج6 ص167، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت, ط3 ـ 1429هـ.

([576]) انظر: الذهبي, سير أعلام النبلاء: ج13 ص182، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط9ـ 1413هـ

([577]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين: ج1 ص526، الناشر: دار المعرفةـ بيروت.

([578]) انظر: ابن تيمية, التوسّل والوسيلة: ص101، الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت, ط1390هـ.

([579]) الألباني, التوسل: 75ـ 76، الناشر: الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1ـ 1421هـ.

([580]) والشيعة الاثنا عشرية هي فرقة إسلامية لها منهجها العلمي في الاستدلال بالاستناد إلى القرآن وروايات النبي الأكرم’ الواردة عن طريق أهل البيت عليهم السلام, وفيها ما يدلّ على حليّة التوسل بالأنبياء والأئمّة والصالحين, فهي حجّة عندهم أمام الله سبحانه وتعالى, وليس للغير نفي ذلك إلا من خلال الحوار حول حقيقة المنبع الصحيح الذي منه تؤخذ علوم الشريعة المحمدية, والأدلة كثيرة في ضرورة رجوع الأمّة إلى أهل البيت عليهم السلام.

([581]) الرد على الأخنائي واستحباب زيارة خير البريّة: ص168, الناشر: المطبعة السلفية ـ القاهرة.

([582]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين: ج2 ص615، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([583]) البيهقي, دلائل النبوّة: ج5 ص489، الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط3 ـ 1429هـ.

([584]) المقريزي, إمتاع الأسماع: ج3 ص189, الناشر: دار الكتب العلميّةـ بيروت ط1, 1420هـ.

([585]) المنذري, الترغيب والترهيب: ج3 ص14, الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت, ط1، 1417هـ.

([586]) ابن تيمية, مجموع الفتاوى: ج2 ص150, الناشر: مكتبة ابن تيمية، ط2.

([587]) الصالحي الشامي, سبيل الهدى والرشاد: ص 86, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت، ط1, 1414هـ .

([588]) عبد الله بن الصديق الغماري, الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين: ص139, الناشر: مطبعة العهد الجديد, ط2, 1374هـ .

([589]) انظر: ابن الجوزي, الوفا بأحوال المصطفى: ص10, الناشر: المكتبة العصريةـ بيروت, 1426هـ

([590]) ابن الجوزي, الوفا بأحوال المصطفى: ص271، الناشر: المكتبة العصريةـ بيروت, ط 1426هـ

([591]) ابن تيمية, مجموع الفتاوى: ج 2 ص151، الناشر: مكتبة ابن تيمية، ط2.

([592]) أحمد بن حنبل, مسند أحمد: ج5 ص59. الناشر: دار صادر ـ بيروت.

([593]) ابن المغازلي, مناقب الامام علي: ص104ـ 105, الناشر: دار الأضواء ـ بيروت, ط 1424 هـ, ابن الجوزي, الموضوعات: ج2 ص3, الناشر: المكتبة السلفية, ط1, 1386هـ .

([594]) انظر ترجمته في: المزي, تهذيب الكمال: ج4 ص380ـ 381، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، طبعة عام 1413هـ.

([595]) انظر ترجمته في: ابن حجر, تهذيب التهذيب: ج4 ص74ـ 77. الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1ـ 1404هـ.

([596]) انظر: الخطيب البغدادي, تاريخ بغداد: ج3 ص269. الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1417هـ.

([597]) انظر: الجزء الأول: ص322.

([598]) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب: ج2 ص291ـ 292، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([599]) ابن حبّان، الثقات: ج8 ص184، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية ـ الهند.

([600]) ابن حجر العسقلاني, تقريب التهذيب: ج1 ص214, الناشر: دار الكتب العلميّةـ بيروت, ط2, 1415هـ .

([601]) النسائي, الضعفاء والمتروكين: ص168, الناشر: دار المعرفة, بيروت, ط1، 1406 هـ .

([602]) انظر: الذهبي, ميزان الاعتدال: ج1 ص531، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط1ـ 1382هـ.

([603]) انظر: الذهبي, الموقظة: ص82, الناشر: مكتب المطبوعات الاسلاميةـ حلب, ط2, 1412هـ.

([604]) الترمذي, علل الترمذي: ج1 ص184, بترتيب أبي طالب القاضي, الناشر: عالم الكتب ,‏مكتبة النهضة العربية, بيروت, ط1، 1409هـ.

([605]) الترمذي, سنن الترمذي: ج1 ص128، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط2ـ 1403هـ.

([606]) أبو داوود، سؤالات الآجري لأبي داود: ج1 ص245, الناشر: مكتبة دار الاستقامة, السعودية، مؤسسة الريان ـ بيروت , ط1, 1418هـ .

([607]) في تهذيب الكمال: ج21 ص557, وتهذيب التهذيب: ج8 ص9, وهو المشوّم, ولربّما المراد هو كثير الشامات.

([608]) سؤالات الآجري لأبي داود: ج1 ص342، الناشر: مكتبة دار الاستقامةـ السعودية، مؤسسة الريان ـ بيروت، ط1 ـ 1418هـ.

([609]) أبو داود, سليمان بن الأشعث, سنن أبي داود: ص72, الناشر: دار الفكر , ط1, 1410 هـ .

([610]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين: ج1 ص90، الناشر: دار المعرفةـ بيروت.

([611]) انظر: العقيلي, ضعفاء العقيلي: ج3 ص262, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط2, 1418هـ

([612]) انظر: ابن حجر, تهذيب التهذيب: ج8 ص10، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1ـ 1404هـ.

([613]) الفسوي, المعرفة والتاريخ: ج3 ص23, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت.

([614]) العقيلي, ضعفاء العقيلي: ج3 ص261.

([615] ) الحاكم، المستدرك: ج 1 ص 386، الناشر: دار المعرفةـ بيروت.

([616]) العقيلي, ضعفاء العقيلي: ج3 ص262, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط2, 1418هـ .

([617]) انظر: ابن حجر, تهذيب التهذيب: ج8 ص10، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.

([618]) العقيلي, ضعفاء العقيلي: ج3 ص261.

([619]) السيوطي, الدر المنثور: ج1 ص60، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([620]) السيوطي, الدر المنثور: ج1 ص60، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.

([621]) الآجري، الشريعة: ج 3 ص1410، الناشر: دار الوطن, الرياض ـ السعودية, ط2, 1420هـ .

([622]) القسطلاني, المواهب اللدنية: ج1 ص43, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت , ط1, 1416هـ .

([623]) الطبراني, المعجم الأوسط: ج1 ص67ـ 68, الناشر: دار الحرمين, ط 1415هـ.

([624]) الهيثمي, مجمع الزوائد: ج9 ص257، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط 1408هـ.

([625]) ابن حجر الهيتمي المكي: الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم: ص150, الناشر: دار جوامع الكلم ـ القاهرة.

([626]) ابن حجر الهيتمي, الجوهر المنظم: ص148ـ 150.

([627]) دحلان, الدرر السنية: ص7, الناشر: مكتبة إيشيق ـ استانبول.

([628]) فحتّى الشيخ الألباني حين أورده في كتابه التوسل لم يشكل عليه من جهة المتن, بل غاية ما قاله: إنّ سنده ضعيف بروح بن صلاح. انظر: التوسل: ص99ـ 100.

([629]) الحاكم النيسابوري, سؤالات مسعود بن علي السجزي مع أسئلة البغداديين عن أحوال الرواة: ص98, الناشر: دار الغرب الإسلامي, ط1, 1408هـ .

([630]) انظر: لسان الميزان: ج5 ص233, ط2, الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت, ط 1390هـ . السيوطي, تدريب الراوي: ج1 ص106, الناشر: مكتبة الرياض الحديثةـ الرياض.

([631]) المعلمي, التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل: ج2 ص693, الناشر: المكتب الإسلامي, ط2, 1406هـ.

([632]) قال: (أخبرنا علي بن أحمد بن إبراهيم البصري حدثنا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا روح بن سيابة...), الخطيب البغدادي, موضع أوهام الجمع والتفريق: ج2 ص85ـ 86, الناشر: دار المعرفة, بيروت, ط1, 1407هـ .

([633]) الخطيب البغدادي, الرحلة في طلب الحديث: ص206, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1395هـ.

([634]) ابن حبان, الثقات: ج8 ص244، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية، ط1ـ 1393هـ.

([635]) هو عيسى بن صالح المؤذن.

([636]) ابن عدي, الكامل في الضعفاء: ج3 ص146, الناشر: دار الفكرـ بيروت, ط2, 1409هـ .

([637]) بدر الدين, النكت على مقدمة ابن الصلاح: ج3 ص436, الناشر: أضواء السلف ـ الرياض, ط1, 1419هـ .

([638]) الذهبي, ميزان الاعتدال: ج1 ص118, الناشر: دار المعرفة ـ بيروت , ط1, ط 1382هـ .

([639]) ابن حجر, لسان الميزان: ج2 ص466, الناشر: مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ط2, 1390هـ .

([640]) الدارمي, سنن الدارمي: ج1 ص43ـ 44, الناشر: مطبعة الاعتدال ـ دمشق, ط1349 هـ.

([641]) انظر: الألباني, التوسل: ص126, الناشر: مكتبة المعارف, ط1, 1421هـ .

([642]) انظر هذه التوثيقات في: ابن حجر, تهذيب التهذيب: ج4 ص29, دار الفكر, بيروت, ط1, 1404هـ .

([643]) تقدم ذلك في ص278 من هذا الجزء.

([644]) شعيب الأرنؤوط, بشار عواد, تحرير التقريب: ج2 ص29ـ 30, الناشر: مؤسسة الرسالة, ط1, 1417هـ .

([645]) الألباني, التوسل: ص126، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1ـ 1421هـ.

([646]) النووي, المجموع: ج1 ص368, الناشر: دار الفكر.

([647]) الألباني, التوسل: ص127، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1ـ 1421هـ

([648]) الذهبي, الكاشف: ج2 ص210, الناشر: دار القبلة, مؤسسة علوم القرآن, جدة, ط1, 1413هـ.

([649]) انظر: الذهبي, ميزان الاعتدال في نقد الرجال: ج 4 ص8, الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط1ـ 1382هـ.

([650]) الذهبي, ميزان الاعتدال: ج 4 ص8, الناشر: دار المعرفة ـ بيروت، ط1ـ 1382هـ.

([651]) شعيب الأرنؤوط, بشار عواد, تحرير التقريب: ج3 ص306, الناشر: مؤسسة الرسالة, ط1, 1417هـ .

([652]) ابن تيمية, الرد على البكري: ج1 ص163ـ 164, الناشر: مكتبة الغرباء, المدينة, ط1، 1417هـ

([653]) البخاري, صحيح البخاري: ج2 ص16, الناشر: دار الفكر, ط 1401هـ .

([654]) البلاذري, أنساب الأشراف: ج4 ص14, الناشر: دار الفكر, بيروت, ط1, 1417هـ .

([655]) ابن سعد, الطبقات الكبرى: ج4 ص29, الناشر: دار صادر, بيروت.

([656]) الطبراني, الدعاء: ص300, الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1, 1413هـ .

([657]) القزعة: القطعة من السحاب.

([658]) ابن عساكر, تاريخ دمشق: ج26 ص360, الناشر: دار الفكرـ بيروت, 1415هـ .

([659]) العيني, عمدة القاري: ج7 ص33, الناشر: دار إحياء التراث, بيروت.

([660]) الشوكاني, تحفة الذاكرين بعدّة الحصن الحصين: ص56, الناشر: دار القلم, بيروت , ط1, 1984م.

([661]) الشوكاني, الدر النضيد: ص20, الناشر: دار ابن خزيمة, ط1, 1414هـ .

([662]) ابن حجر, فتح الباري: ج2 ص413, الناشر: دار المعرفةـ بيروت, ط1.

([663]) النووي, الأذكار النوويّة: ص176, الناشر: دار الفكر, ط 1414هـ .

([664]) العبدري المالكي, المدخل: ج1 ص254ـ 255, الناشر: مكتبة دار التراث ـ القاهرة.

([665]) انظر: الألباني, التوسل: ص51ـ 55, الناشر: مكتبة المعارف, ط1, 1421هـ .

([666]) انظر بيان ذلك في: ص248ـ250.

([667])انظر: الألباني, التوسل: ص56، الناشر: مكتبة المعارف, ط1, 1421هـ.

([668]) انظر: الألباني, التوسل: ص67, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1421هـ .

([669]) الألباني, سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج1 ص646, الناشر: مكتبة المعارف, الرياض, 1415هـ.

([670]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين: ج3 ص334, الناشر: دار المعرفةـ بيروت.

([671]) الطبري, دخائر العقبى: ص199, الناشر: مكتبة القدسي ـ القاهرة, ط 1356هـ .

([672]) الالباني, التوسل: ص67, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1421هـ .

([673]) الألباني، التوسل ص42 ـ 43، الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1421هـ

([674]) ابن حجر, فتح الباري: ج2 ص413, الناشر: دار المعرفةـ بيروت, ط2.

([675]) البخاري, صحيح البخاري: ج2 ص15, الناشر: دار الفكر, ط 1401هـ .

([676]) أحمد بن حنبل, مسند أحمد: ج3 ص21, الناشر: دار صادر, بيروت. ابن ماجة, سنن ابن ماجة: ج1 ص256, الناشر: دار الفكر.

([677]) الدمياطي, المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح: ص641ـ 642, الناشر: مكتبة النهضة الحديثة, 1414هـ .

([678]) المنذري, الترغيب والترهيب: ج2 ص305, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1417هـ.

([679]) العراقي, المغني عن حمل الأسفار: ج1 ص289, الناشر: مكتبة طبريةـ الرياض, ط1, 1415هـ.

([680]) ابن حجر العسقلاني, نتائج الأفكار: ج1 ص268, الناشر: دار ابن كثيرـ دمشق, بيروت, ط2.

([681]) أحمد بن حنبل, مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: ج10 ص68, الناشر: دار الحديث, القاهرة, ط1, 1416هـ .

([682]) ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج6 ص304، الناشر: دار صادرـ بيروت.

([683]) انظر: المزي، تهذيب الكمال: ج20 ص147، الناشر: مؤسسة الرسالةـ بيروت, ط1, 1413هـ .

([684]) الترمذي، سنن الترمذي: ج2 ص394، الناشر: دار الفكر, بيروت, ط2, 1403هـ .

([685]) انظر: الترمذي, سنن الترمذي: ج1 ص296, ج3 ص228, ج4 ص7ـ 8, ج4 ص46, ج4 ص96, ج4 ص260, ج4 ص261 .

([686]) العجلي، معرفة الثقات: ج2 ص140، الناشر: مكتبة الدار, المدينة المنورة, ط1, 1405هـ .

([687]) ملاّ علي القاري، شرح مسند أبي حنيفة: ص292، الناشر: دار الكتب العلميةـ بيروت.

([688]) ابن حجر العسقلاني, نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار: ج1 ص267, الناشر: دار ابن كثيرـ دمشق, بيروت, ط2.

([689]) ابن حجر العسقلاني, تقريب التهذيب: ج2 ص685, الناشر: دار الكتب العلميّةـ بيروت, ط2, 1415هـ .

([690]) ابن حجر العسقلاني, نتائج الأفكار: ج1 ص15، الناشر: دار ابن كثيرـ دمشق, بيروت, ط2

([691]) المصدر نفسه: ج1 ص265.

([692]) المصدر نفسه: ج1 ص269.

([693]) أحمد بن حنبل, العلل: ج1 ص548ـ 549, الناشر: دار الخاني ـ الرياض, ط1, 1408هـ .

([694]) ابن رجب الحنبلي, شرح علل الترمذي: ج2 ص823, الناشر: مكتبة المنارـ الزرقاء, ط1, 1407هـ.

([695]) أبو الحسن المآربي, اتحاف النبيل: ج2 ص210ـ 211, الناشر: مكتبة الفرقان, ط2.

([696]) انظر: الألباني, سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج1 ص86ـ 87, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1412هـ.

([697]) ابن بطال, شرح صحيح البخاري: ج2 ص274, الناشر: مكتبة الرشد, الرياض, ط2, 1423هـ.

([698]) انظر: الألباني, سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج2 ص41ـ 42, ج5 ص393, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, 1415هـ .  وانظر: الألباني، إرواء الغليل: ج4 ص157, الناشر: المكتب الإسلامي ـ بيروت, ط2, 1405هـ .

([699]) انظر: محمود سعيد ممدوح, رفع المنارة: ص176ـ 177, الناشر: دار الإمام النووي, عمّان, ط1, 1416هـ .

([700]) ابن حجر, تهذيب التهذيب: ج8 ص268ـ 269, الناشر: دار الفكر, بيروت, ط1, 1404هـ .

([701]) الذهبي, الكاشف: ج2 ص125, الناشر: دار القبلة, مؤسسة علوم القرآن, جدة, ط1, 1413هـ.

([702]) الألباني, سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج3 ص128, حديث رقم 1136, الناشر: مكتبة المعارف, ط 1415هـ

([703]) محمد صديق, قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر: ص108, الناشر: دار الشروق ـ مكّة, ط1, 1405هـ .

([704]) الذهبي, سير أعلام النبلاء: ج5 ص358ـ 359, الناشر: مؤسسة الرسالة, ط9, 1413هـ .

([705]) الخطيب البغدادي, تاريخ بغداد: ج1 ص135, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1417هـ .

([706]) انظر: ابن القيّم, إغاثة اللهفان: ج1 ص217ـ 218, الناشر: دار المعرفة, بيروت, ط2, 1395هـ.

([707]) الرد على الأخنائي واستحباب زيارة خير البريّة: ص168, الناشر: المطبعة السلفية, القاهرة.

([708]) الألباني, التوسّل: ص42, الناشر: مكتبة المعارف, الرياض, ط1, 1421هـ .

([709]) أحمد بن حنبل, العلل: ج2 ص492, الناشر: دار الخاني, الرياض, ط1, 1408هـ .

([710]) الذهبي, معجم الشيوخ: ج1 ص73, الناشر: مكتبة الصديق, الطائف, ط1, 1408هـ .

([711]) نقل قوله مسنداً, الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: ج1 ص133، الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1417هـ, وابن الجوزي في: "المنتظم": ج9 ص89, الناشر: دار صادر, بيروت, ط1, 1358هـ, والسند أقل حالاته أن يكون حسناً على ما يقتضيه التحقيق العلمي.

([712]) الخطيب البغدادي, تاريخ بغداد: ج1 ص134, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1417هـ .

([713]) الذهبي, تاريخ الإسلام: ج13 ص404, الناشر: دار الكتاب العربي, بيروت, ط1, 1407هـ .

([714]) ابن خلكان, وفيات الأعيان: ج5 ص232, الناشر: دار الثقافة, لبنان.

([715]) قال الذهبي في ترجمته: >القدوة العارف شيخ الشام, أبو عبد الله ابن الجلاء أحمد بن يحيى...قال الدقي: ما رأيت شيخاً أهيب من ابن الجلاء مع أنّي لقيت ثلاثمائة شيخ...<. الذهبي, سير أعلام النبلاء: ج14 ص251ـ 252, الناشر: مؤسسة الرسالة, بيروت, ط9, 1413هـ .

([716]) القشيري, الرسالة القشيرية: ص419, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط 1422هـ.

([717]) الخطيب البغدادي, تاريخ بغداد: ج1 ص135, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1417هـ .

([718]) الذهبي, سير أعلام النبلاء: ج15 ص258, الناشر: دار الكتاب العربي, بيروت, ط1, 1407هـ.

([719]) ترجمه الخطيب، وقال: هو عبد الرحمن بن محمّد بن عبيد الله ... أبو محمد الزهري... وكان ثقة< وروى بسنده عن أبي بكر بن مجاهد أنّه يقول: > أنا أشبّه أبا محمّد ببعض الصحابة وخلفه أتباعه<, انظر: تاريخ بغداد: ج10 ص288.

([720]) الخطيب البغدادي, تاريخ بغداد: ج1 ص134, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1417هـ .

([721]) قال الذهبي في ترجمته: >أبو الخير التيناتي الأقطع: صاحب الكرامات رضي الله تعالى عنه ... وكان أسود اللون، سيداً من سادات الكون< وذكر له بعض الكرامات منها ما ذكرناه في المتن. الذهبي, تاريخ الإسلام: ج25 ص484ـ 488, الناشر: دار الكتاب العربي, بيروت, ط1, 1407هـ .

([722]) السلمي, طبقات الصوفية: ص281, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1419هـ, وعنه الذهبي, تاريخ الإسلام: ج25 ص488, الناشر: دار الكتاب العربي, بيروت, ط1, 1407هـ .

([723]) ابن حبان, الثقات:ج8 ص456 ـ 457، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية, ط1, ط 1393هـ .

([724]) الذهبي, تاريخ الإسلام: ج27 ص39, الناشر: دار الكتاب العربي, بيروت, ط1, 1407هـ . سير أعلام النبلاء: ج16 ص400ـ 401, الناشر: مؤسسة الرسالة, بيروت, ط9, 1413هـ . تذكرة الحفاظ: ج3 ص974, الناشر: دار إحياء التراث, بيروت.

([725]) النساء: 64.

([726]) الثعلبي, تفسير الثعلبي: ج3 ص339, الناشر: دار إحياء التراث العربي, بيروت, ط1, 1422هـ.

([727]) الخطيب البغدادي, تاريخ بغداد: ج1 ص132ـ 138, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1417هـ .

([728]) المصدر نفسه ج1 ص135.

([729]) الذهبي, تذكرة الحفاظ: ج4 ص1371, الناشر: دار إحياء التراث, بيروت, سير أعلام النبلاء: ج21 ص252, الناشر: مؤسسة الرسالة, بيروت, ط9, 1413هـ .

([730]) ابن الجوزي, الوفا بأحوال المصطفى: ص35, الناشر: المكتبة العصرية, ط 1426هـ .

([731]) المصدر نفسه: ص10.

([732]) المصدر نفسه: ص271.

([733]) محمد بن عبد الله السامري, المستوعب: ج1 ص525, الناشر: مكتبة الأسدي, مكّة, ط2. 1424هـ .

([734]) ابن قدامة الحنبلي, المغني: ج3 ص590, الناشر: دار الكتاب العربي, بيروت.

([735]) ابن الأثير, الكامل في التاريخ: ج10 ص585, الناشر: دار صادر, بيروت, 1386هـ .

([736]) المصدر نفسه: ج11 ص227.

([737]) انظر: الشوكاني, الدر النضيد: ص18, 20, الناشر: دار ابن خزيمة, ط1, 1414هـ , الألباني, التوسل: 76, الناشر: مكتبة المعارف, الرياض, ط1, 1421هـ .

([738]) النساء: 64.

([739]) القرطبي, تفسير القرطبي: ج5 ص265ـ 266, الناشر: دار إحياء التراث, بيروت, ط 1405هـ .

([740]) القرطبي, التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة: ج1 ص315, الناشر: مكتبة دار المنهاج, الرياض, ط1, 1425هـ .

([741]) النووي, المجموع: ج8 ص274, الناشر: دار الفكر.

([742]) النووي, الأذكار النوويّة: ص176, الناشر: دار الفكر, بيروت, ط 1414هـ .

([743]) عبد الرحمن بن قدامة, الشرح الكبير: ج3 ص495, الناشر: دار الكتاب العربي, بيروت .

([744]) العبدري المالكي, المدخل: ج1 ص258, الناشر: دار الفكر, ط 1401هـ .

([745]) المصدر نفسه: ج1 ص259ـ 260.

([746]) العبدري المالكي, المدخل: ج1 ص254ـ 255، الناشر: دار الفكر, ط 1401هـ

([747]) أبو حيّان الأندلسي, تفسير البحر المحيط: ج3 ص296, الناشر: دار الكتب العلميّة، ط1, 1422هـ .

([748]) كما في قصّة ابن المقرئ والطبراني وأبي الشيخ، وقصة أبي الخير الأقطع وتوسل الناس بالحافظ عبد الله بن محمد الحجري بعد موته, وقد تقدّم ذكر جميع ذلك.

([749]) الذهبي, تاريخ الإسلام: ج13 ص404, الناشر: دار الكتاب العربي, بيروت, ط1, 1407هـ .

([750]) الذهبي, سير أعلام النبلاء: ج10 ص107, الناشر: مؤسسة الرسالة, بيروت, ط9, 1413هـ .

([751]) الذهبي, معجم الشيوخ: ج1 ص73, الناشر: مكتبة الصديق, الطائف, ط1, 1408هـ .

([752]) السبكي, شفاء السقام: ص293, ط4, ط, 1419هـ .

([753]) ابن كثير, تفسير ابن كثير: ج1 ص532, الناشر: دار المعرفة , بيروت. , ط1412هـ .

([754]) ابن حجر العسقلاني, فتح الباري: ج11 ص384, الناشر: دار المعرفة, ط2.

([755]) انظر: ص302 من هذا الجزء.

([756]) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: ج2 ص456, الناشر: دار إحياء التراث العربي, بيروت, ط2, 1406هـ .

([757]) السمهودي, وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: ج4 ص193, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1427هـ. .

([758]) المصدر نفسه: ج4 ص195.

([759]) السمهودي, وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: ج4 ص203, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1، 1427هـ. .

([760]) ابن حجر الهيتمي, الجوهر المنظم: ص124ـ 125, الناشر: دار جوامع الكلم ـ القاهرة.

([761]) ابن حجر الهيتمي, الخيرات الحسان: ص72, الناشر: مطبعة السعادة, مصر, 1324هـ .

([762]) ابن حجر الهيتمي, الجوهر المنظم: ص148ـ 150, نشر دار جوامع الكلم ـ القاهرة.

([763]) انظر: السندي, التوسّل وأحكامه: ص87ـ 91, الناشر: المكتبة المجددية النعيمية, كراتشي, ط1, 1428هـ .

([764]) الشرنبلالي الحنفي, مراقي الفلاح: ص273, الناشر: دار الكتب العلميّة, بيروت, ط2, 2004هـ.

([765]) الشوكاني, تحفة الذاكرين بعدّة الحصن الحصين: ص208, الناشر: دار القلم, بيروت , ط1, 1984م.

([766]) المصدر نفسه: ص56.

([767]) الشوكاني, الدر النضيد: ص20, الناشر: دار ابن خزيمة, ط1, 1414هـ .

([768]) انظر: السندي, التوسّل وأحكامه: ص30, الناشر: المكتبة المجددية النعيمية, كراتشي, ط1, 1428هـ .

([769]) وهو عالم بالحديث من فقهاء الحنفية, انظر: الزركلي, الأعلام: ج4 ص33, الناشر: دار العلم للملايين, بيروت.

([770]) عبد الغني الدهلوي, إنجاح الحاجة شرح سنن ابن ماجة: ص230, الناشر: مطبع محمد حسين مولوي, نسخة مخطوطة, وانظر: المباركفوري: تحفة الأحوذي: ج10 ص25, الناشر: دار الكتب العلمية, ط1، بيروت , 1410هـ .

([771]) حاشية إعانة الطالبين على حلّ ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين: ج2 ص315, الناشر: دار الفكر, بيروت, ط1, 1418هـ .

([772]) القفاري, أصول مذهب الشيعة الاماميّة الاثني عشرية: ج2 ص540، الناشر: دار الرضا ـ الجيزة، ط3ـ 1418هـ..

([773]) المصدر نفسه: ج2 ص540.

([774]) فقد ذكر ابن تيمية: نقلاً عن منسك المروذي الذي نقله عن أحمد بن حنبل أنّه قال في السلام على النبي’:>...وحول وجهك إلى القبلة، وسل الله حاجتك متوسلاً إليه بنبيه’ تقض من الله عز وجل<. انظر: الردّ على الأخنائي واستحباب زيارة خير البريّة: ص168, الناشر: المطبعة السلفية, القاهرة.

([775]) انظر: القفاري, أصول مذهب الشيعة الاماميّة الاثني عشرية: ج2 ص540, الناشر: دار الرضا, ط3, 1418هـ .

([776]) مثل التوسل بدعاء الأحياء كالنبي والأولياء والصالحين، والتوسل بالطلب منهم بعد وفاتهم أيضاً.

([777]) المجلسي, بحار الأنوار: ج23 ص99، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت، ط2 ـ 1403هـ.

([778]) الكليني، الكافي: ج 2 ص562, الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

([779]) أورده أبو نعيم الإصبهاني في: ذكر أخبار إصفهان: ج1 ص 138, وعزاه في حلية الأولياء: ج3 ص192 لبعض المحدثين من السلف ولم يسمّه, وأورده ابن حجر في الصواعق المحرقة: ج2 ص 595, واللفظ للأخير.

([780]) الرواية نقلها القفاري من كتاب بشارة المصطفى لمحمد بن علي الطبري، وسندها هو: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ( رحمه الله ) بقراءتي عليه في مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه في شعبان سنة إحدى عشرة وخمسمائة، قال: أخبرنا السعيد الوالد، قال: أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثني القاضي أبو بكر محمد بن عمر، عن أبي العباس أحمد بن يحيى بن زكريا بن شيبان، عن الحسين بن سفيان، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال×:..... بشارة المصطفى، محمد بن علي الطبري: ص 156.

ومحمد بن إسماعيل الوارد في السند هو محمد بن المشمعل وهو مجهول الحال كما قلنا في المتن، والظاهر أنه وقع تصحيف في اسم والده، من المشمعل إلى إسماعيل لتقارب الاسمين في الكتابة القديمة حيث يكتب اسماعيل هكذا: اسمعيل.

والدليل على ذلك: أن محمد بن علي الطبري نقلها عن الفقيه أبي علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي وهو نجل الشيخ الطوسي شيخ الطائفة، وما مذكور في أمالي ابن الشيخ في سند الرواية هو محمد بن المشمعل بدلاً عن محمد بن إسماعيل. انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج 7 ص 102، والبروجردي، جامع أحاديث الشيعة: ج 15 ص 248، نقلاً عن أمالي ابن الشيخ الطوسي.

 وابن الشيخ الطوسي نقلها عن والده، وما موجود في أمالي الشيخ الطوسي أيضاً محمد بن المشمعل. انظر: الأمالي، الشيخ الطوسي: ص 172. فتبين أنّ ما ورد في بشارة المصطفى تصحيف واضح....

([781]) انظر: القفاري, أصول مذهب الشيعة الاماميّة الاثني عشرية: ج2 ص542, الناشر: دار الرضا, ط3, 1418هـ .

([782]) الخوئي, معجم رجال الحديث: ج13 ص157, ط5, ط 1413هـ .

([783]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين: ج2 ص615, الناشر: دار المعرفة, بيروت.

([784]) انظر: ابن تيمية, مجموع الفتاوى: ج2 ص150, الناشر: مكتبة ابن تيمية, ط2.

([785]) انظر: ص273 من هذا الجزء.

([786]) ابن تيمية, مجموع الفتاوى: ج 2 ص151, الناشر: مكتبة ابن تيمية, ط2.

([787]) انظر: ابن الجوزي, الوفا بأحوال المصطفى: ص10, الناشر: المكتبة العصرية, بيروت, 1426هـ.

([788]) حيث إنّ حديث ميسرة هو ثالث حديث نقله ابن الجوزي في كتابه الوفا.

([789]) ابن الجوزي, الوفا بأحوال المصطفى: ص271, الناشر: المكتبة العصرية, بيروت, 1426هـ .

([790]) السبكي, شفاء السقام: ص294, ط4, 1419هـ. .

([791]) السمهودي, وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: ج4 ص193, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1427هـ..

([792]) ابن حجر الهيتمي, الجوهر المنظم: ص148, الناشر: دار جوامع الكلم ـ القاهرة .

([793]) ابن المغازلي, مناقب الامام علي: ص104ـ 105, الناشر: دار الأضواء ـ بيروت, ط 1424 هـ.. ابن الجوزي, الموضوعات: ج2 ص3, الناشر: المكتبة السلفية, ط1, 1386هـ

([794]) انظر: السيوطي, الدر المنثور: ج1 ص60, الناشر: دار المعرفة, بيروت.

([795]) انظر: ص 277 من هذا الجزء.

([796]) انظر: السيوطي, الدر المنثور: ج1 ص60.

([797]) الشريعة: ج 3 ص1410, الناشر: دار الوطن, الرياض, ط2, 1420هـ .

([798]) انظر: القفاري, أصول مذهب الشيعة الاماميّة الاثني عشرية: ج2 ص542, الناشر: دار الرضا, ط3, 1418هـ .

([799]) انظر: الطبري, تفسير الطبري(جامع البيان): ج12 ص240ـ 242, الناشر:دار الفكر, بيروت, 1415هـ .

([800]) المصدر نفسه: ج23 ص175ـ 180.

([801]) انظر: البخاري, صحيح البخاري: ج4 ص130, الناشر:دار الفكر, بيروت, 1401هـ. . مسلم, صحيح مسلم: ج7 ص99ـ 100, الناشر:دار الفكر, بيروت.

([802]) انظر: البخاري, صحيح البخاري: ج4 ص22, مسلم, صحيح مسلم: ج7 ص43.

([803]) انظر: البخاري, صحيح البخاري: ج8 ص68, الناشر:دار الفكر, بيروت, 1401هـ .

([804]) انظر: صحيح البخاري: ج1 ص71, 75, وانظر: صحيح مسلم: ج1 ص171. الناشر:دار الفكر, بيروت.

([805]) انظر: صحيح البخاري: ج1 ص62, وانظر: صحيح مسلم: ج1 ص157.

([806]) القفاري, أصول مذهب الشيعة الاماميّة الاثني عشرية: ج2 ص541ـ 542, الناشر: دار الرضا, ط3, 1418هـ .

([807]) انظر: القفاري, أصول مذهب الشيعة الاماميّة الاثني عشرية: ج2 ص542ـ 543, الناشر: دار الرضا, ط3, 1418هـ .

([808]) انظر: القفاري, أصول مذهب الشيعة الاماميّة الاثني عشرية: ج2 ص543, الناشر: دار الرضا, ط3, 1418هـ .

([809]) الطبري, تفسير الطبري (جامع البيان): ج9 ص201, الناشر: دار الفكر, طبع سنة: 1415هـ .

([810]) الجصاص, أحكام القرآن: ج3 ص49, الناشر: دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1415هـ .

([811]) وهو الذي يعتقد فيه الداعي بأنّ المدعو إله وله القدرة على التأثير استقلالاً.

([812]) انظر: محمّد بن عبد الوهاب, كشف الشبهات: ص177, الناشر: مطابع الرياض, ط1.

([813]) القصص: 15.

([814]) راجع النوع الثالث والرابع من أنواع التوسّل.

([815]) البخاري, صحيح البخاري: ج2 ص130, الناشر:دار الفكر, بيروت, 1401هـ .

([816]) العسقلاني, فتح الباري: ج11 ص384, الناشر: دار المعرفة, ط2.

([817]) مسلم النيسابوري, صحيح مسلم: ج2 ص52, الناشر:دار الفكرـ بيروت.

([818]) انظر: القفاري, أصول مذهب الشيعة الاماميّة الاثني عشرية: ج2 ص544، الناشر: دار الرضاـ الجيزة، ط3ـ 1418هـ.

([819]) ابن طاووس, كشف المحجّة لثمرة المهجة: ص153, الناشر: المطبعة الحيدرية، النجف. 1370 هـ . ونقلها عنه في البحار: ج91 ص22، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت، ط2 ـ 1403هـ.

([820]) لكثرة ذنوبه مثلاً

([821]) ابن كثير, البداية والنهاية: ج7 ص147, دار إحياء التراث, ط1.

([822]) الألباني, سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج3 ص101, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, 1415هـ .

([823]) الألباني, سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج3 ص102, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, 1415هـ .

([824]) انظر: ص329 من هذا الجزء.

([825]) الذهبي, تاريخ الإسلام: ج19 ص90, دار الكتاب العربي, ط1, 1407هـ ـ 1987م.

([826]) الخطيب البغدادي, تاريخ بغداد: ج7 ص8، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1ـ 1417هـ

([827]) الخطيب البغدادي, تاريخ بغداد: ج7 ص9.

([828]) الذهبي, تاريخ الإسلام: ج19 ص90, دار الكتاب العربي, ط1, 1407هـ ـ 1987م.

([829]) انظر: القفاري, أصول مذهب الشيعة الاماميّة الاثني عشرية: ج2 ص544، الناشر: دار الرضاـ الجيزة، ، ط3ـ 1418هـ.

([830]) البقرة: 168.

([831]) غافر: 60.

([832]) الزمر: 3.

([833]) أضف إلى ذلك فإنّ قوله: يا فلان, إن كان مخاطباً للحي في أمر قادر على قضائه, فلا إشكال فيه إجماعاً, وإن كان مخاطباً الميت فهو كناية عن طلب الدعاء من ذلك الميت؛ لوجاهته عند الله, وطلب الدعاء من الميت جائز ومشروع خصوصاً قد أثبتنا سابقاً أنّ الأنبياء والشهداء والصالحين، بل وسائر الأموات أحياء عند ربّهم يسمعون الكلام ويردون السلام, فلا مانع من طلب الدعاء منهم وتشفيعهم عند الله. أقول: (هذه الحاشية ليست من كلام الشوكاني).

([834]) الشوكاني, الدرّ النضيد في إخلاص كلمة التوحيد: ص21ـ 24, الناشر: دار ابن خزيمة, ط1, 1414هـ .

([835]) يرحضان الذنب: يغسلان الذنب.

([836]) الشريف الرضي، نهج البلاغة بشرح محمّد عبده: ص215ـ 216، الناشر: دار إحياء الكتب العربية, ط1 ـ 1378هـ.

([837]) البخاري, الأدب المفرد: ص207، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، ط1، 1406 هـ .

([838]) العلائي, المختلطين: ص94, الناشر: مكتبة الخانجي, القاهرة، مصر, ط1, 1417هـ .

([839]) الذهبي, سير أعلام النبلاء: ج5 ص394، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت، ط9ـ 1413هـ.

([840]) الألباني, سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج10 ص380، الناشر: مكتبة المعارف, الرياض, ط1 ـ 1422هـ..

([841]) الحاكم النيسابوري, المستدرك على الصحيحين, وبذيله تلخيص الذهبي: ج1 ص95, الناشر: دارالمعرفةـ بيروت، فقد صحّحا حديثاً فيه عنعنة السبيعي، وصرّحا بأنّ الحديث لا علّة فيه.

([842]) ابن حجر, القول المسدد في مسند أحمد: ص30، الناشر: عالم الكتب، ط1 ـ 1404هـ.

([843]) انظر مثلاً: البخاري, صحيح البخاري: ج1 ص15, ج4 ص23, مسلم النيسابوري: ج1 ص8.

([844]) ابن حجر, تهذيب التهذيب: ج6 ص168، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط1ـ 1404هـ.

([845])البخاري, الأدب المفرد: ص207، الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، ط1، 1406 هـ .

([846]) الدارقطني, العلل الواردة في الأحاديث النبوية: ج13 ص242ـ 243, الناشر: دار طيبة, الرياض, ط1, 1405هـ .

([847]) ابن السني, عمل اليوم والليلة: ج1 ص88, الناشر: مكتبة دار البيان ـ دمشق, ط1, 1407هـ..

([848]) ابن السني, عمل اليوم والليلة: ج1 ص89.

([849]) إبراهيم الحربي, غريب الحديث: ج2 ص673ـ 674, دار المدينة , ط1, 1405هـ.

([850]) الطبراني, المعجم الكبير: ج17 ص118، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، ط2ـ 1404هـ.

([851]) الهيثمي, مجمع الزوائد: ج10 ص132، الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط 1408هـ.

([852]) الألباني, سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج2 ص111. الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, ط1, 1412هـ .

([853]) الألباني, سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج2 ص112.

([854]) الألباني, سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج2 ص111, الناشر: مكتبة المعارف ـ الرياض, 1412هـ

([855]) أبو يعلى, مسند أبي يعلى: ج9 ص177. الناشر: دار المأمون للتراث.

([856]) النووي, الأذكار النووية: ص224. الناشر: دار الفكر، بيروت، 1414 هـ .

([857]) الأعراف: 191ـ 197.

([858]) ابن جرير الطبري، جامع البيان: ج 9 ص 202.

([859]) القرطبي, تفسير القرطبي: ج7 ص342.

([860]) ابن كثير, تفسير ابن كثير: ج2 ص287.

([861]) النحل: 20ـ 21.

([862]) الطبري, جامع البيان (تفسير الطبري): ج14 ص125.

([863]) القرطبي, تفسير القرطبي: ج10 ص49.

([864]) ابن كثير, تفسير ابن كثير: ج2 ص586.

([865]) فاطر: 13ـ 14.

([866]) أي تعبدون من دون الله الملك الكامل: تعبدون ما كانت صفته(لا يملك من قطمير).

([867]) الطبري, جامع البيان (تفسير الطبري): ج22 ص149.

([868]) النسفي, تفسير النسفي: ج3 ص270, الناشر: دار النفائس ـ بيروت, 2005م.

([869]) آل عمران: 153.

([870]) القصص: 15.

([871]) الكهف: 95.

([872]) النحل: 69.

([873]) الشعراء: 80.

([874]) الذاريات: 58.

([875]) النساء: 5.

([876]) الواقعة: 64.

([877]) الزمر: 42.

([878]) السجدة: 11.

([879]) النحل: 32.

([880]) البخاري, صحيح البخاري: ج7 ص84، الناشر: دار الفكر ـ بيروت، ط 1401هـ.