2024 March 28 - 18 رمضان 1445
لماذا الشيعة لم تخضع لله بالتکفیر(التکتف) فی الصلاة؟
رقم المطلب: ٣٠٦٦ تاریخ النشر: ٢١ ربیع الثانی ١٤٤١ - ١٠:٤٠ عدد المشاهدة: 12176
الأسئلة و الأجوبة » الشیعه
لماذا الشيعة لم تخضع لله بالتکفیر(التکتف) فی الصلاة؟

السائل: ت ز ط

لماذا الشيعة یصلّون بإرسال الید فی الصلاة؟ کیف کانت صلاة النبی محمد(ص) ؟ شكرا

الجواب :

قبل ذکر الجواب لهذا السؤال من اللازم التعرّف علی معني التكتف أو التكفير أو وضع ید علی ید فی اللغة و رأی الائمة و فقهاء الشيعة حول هذا الموضوع.

التكفير فی اللغة

ابن اثير یقول هنا هکذا:

التكفير ، وهو وضع اليدين علي الصدر ، والانحناء ، خضوعا واستكانة .

النهاية في غريب الحديث، ج 4، ص 100.

و الجوهري یقول:

والتكفير أن يخضع الإنسان لغيره كما يكفر العلج للدهاقين، يضع يده علي صدره ويتطامن له.

الصحاح، ج 2، ص 808.

الزبيدي یقول:

والتكفير : أن يخضع الإنسان لغيره وينحني ويطأطئ [أحدهم ] رأسه قريبا من الركوع ، كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه ، ومنه حديث أبي معشر : «أنه كان يكره التكفير في الصلاة». وهو الانحناء الكثير في حالة القيام قبل الركوع . وتكفير أهل الكتاب أن يطأطئ رأسه لصاحبه كالتسليم عندنا . وقد كفر له . وقيل : هو أن يضع يده أو يديه علي صدره.

تاج العروس، ج 7، ص 455.

الأول:

الشيعة یعملون اعمالهم حسب سنة النبی صلي الله عليه وآله وسلم لأنهم یعتقدون ان الله جعل النبی ص اسوة لهم

قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ . الاحزاب 21

کذلک بأدلة قطعية عن سنة النبی ص یلزمون انفسهم بالتبعية عن ائمه اهل البيت و الاخذ بسنة رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم و لهذه المسئلة دليلین اساسيین:

1- وجوب التبعية من اهل البيت

الشيعة الامامية مع وجود الادلة المذکورة لم یصححوا طریقا الا اتباع ائمة اهل البيت عليهم السلام:

الف - حديث الثقلين

من الادلة لحديث الثقلين الذی اتفقت و اعتمدت علیه الفريقين و نقلوه کثیر من المحدثين و الكبار من علماء اهل السنة:

«قام رسول الله [صلي الله عليه وآله] يوماً فينا خطيباً، بماء يدعي خمّاً بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثني عليه، ووعظ وذكرَّ، ثم قال: أمّا بعد، ألا أيها الناس!.. وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله....... ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في اهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي».

صحيح مسلم: ج4 ص1873، باب فضائل علي بن أبي طالب.

والترمذي نقله بسنده عن أبي سعيد الخدري و زيد بن أرقم انهما قالا :

«قال رسول الله [صلي الله عليه وآله]: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما»

سنن الترمذي: ج5 ص329. وأخرج قريباً منه أحمد في مسنده ج3 ص14وص17 وص26 وص59، ج5 ص182 ، والنسائي في السنن الكبري ح5 ص51 ح8175، والحاكم في المستدرك، وقال عنه: «هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله» المستدرك: ج3 ص109ـ 110. وأخرجه غير هؤلاء من الحفاظ وأئمة الحديث وقد صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.الألباني، صحيح الجامع الصغير: ج1 ص482 ح 2457.

لکن من هم اهل البيت الذین امر الرسول ص باتباعهم؟ حسب هذا الحدیث عن سنن الترمذي یبین من هم اهل البيت علیهم السلام:

«لما نزلت هذه الآية علي النبي صلي الله عليه وآله: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً في بيت أم سلمة، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً، فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره، فجلله بكساء، ثم قال: اللهم، هؤلاء أهل بيتي، فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، قالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: أنت علي مكانك وأنت إلي خير»

سنن الترمذي: ج5 ص328. قال عنه الألباني: «صحيح» الألباني، صحيح سنن الترمذي: ج3 ص306 ح 3205.، وأخرجه غيره من المحدثين والعلماء، كالطبري في جامع البيان الطبري، جامع البيان: ج22 ص12 ح21736. والطحاوي في مشكل الآثار مشكل الآثار: ج1 ص335.

لکن حسب ان الرسول امرنا بالتمسك بهم فلابد ان نعرف معني التمسك.

فیقول ملا علي القاري من علماء اهل السنة هکذا:

«والمراد بالأخذ بهم، التمسك بمحبتهم ومحافظة حرمتهم والعمل بروايتهم والاعتماد علي مقالتهم...».

مرقاة المفاتيح: ج9 ص3974، باب مناقب أهل بيت النبي [صلي الله عليه وآله].

وذكر المناوي في فيض القدير ما يشبه هذا المضمون.المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير: ج3 ص20.

ب- حديث السفينة

من الاحاديث التي تدل بدليل حاسم و قاطع علی وجوب الاتباع عن مكتب اهل البيت حديث السفينة الذی نقلوه احمد امام الحنابلة و بقیة المحدثين و علماء اهل السنة و صححوا أسانیده هکذا:

«سمعت أبا ذر يقول وهو آخذ بباب الكعبة: من عرفني فأنا من قد عرفني، ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت النبي صلي الله عليه وآله يقول: ثم ألا إنّ مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك».

أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة: ج2 ص785؛ الحاكم النيسابوري المستدرك: ج2 ص343. الطبراني، المعجم الكبير: ج3 ص44 - 45؛ الطبراني، المعجم الأوسط: ج4 ص10 ج5 ص306 ـ 355، ج6 ص85؛ الطبراني، المعجم الصغير: ج1 ص139ـ 140 ج2 ص22.الحاكم النيسابوري، المستدرك: ج2 ص343. تاريخ بغداد: ج12 ص90. حلية الأولياء: ج4 ص306.

ذکر المناوی تفسيرا لوجه شبه اهل البيت عليهم السلام بالسفينة هکذا :

قال المناوي: «ووجه تشبيههم بالسفينة أنّ من أحبهم وعظّمهم شكراً لنعمة جدهم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في معادن الطغيان».

المناوي، فيض القدير: ج5 ص660.

الادلة القطعية مثل حديث النجوم ایضا تدل علی وجوب التبعية عن اهل البيت علیهم السلام.

2- موانع العمل بالاحاديث الواردة عن طريق اهل السنة

الف - منع بيان الحديث و تسجیله

من المشاکل التی اصیب بها الحديث النبوي هی انه بعد ما توفی رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم اقدموا علی منع بيان احاديث رسول الله ص و تسجیلها و طالت هذه المسألة الی مدة مدیدة و هذه سببت الزوال أو التغيير فی کثیر من سنن النبي ص و هی من مسلمات التاريخ بين الفرقين التی لها شواهد عدیدة فلنذکر بعضها هنا:

الحافظ الذهبي فی ترجمة ابی بكر یقول:

قال: «إن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم، فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله صلي الله عليه وآله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافاً، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه».

الذهبي، تذكرة الحفاظ: ج1 ص2ـ3.

کذلک نقلا عن عائشة یقول:

«جمع أبي الحديث عن رسول الله وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلب كثيراً، قالت: فغمني، فقلت: أتتقلب لشكوي أو لشيء بلغك؟ فلما أصبح، قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها، فدعا بنار فحرقها».

الذهبي، تذكرة الحفاظ: ج1ص5.

هذا الانسداد استمر الی زمان عمر بشدة فینقل ابن سعد فی طبقاته عن عبدالله بن علاء هکذا:

«سألت القاسم يملي علي أحاديث، فقال: إن الأحاديث كثرت علي عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها ».

محمد بن سعد، الطبقات الكبري: ج5 ص188، الناشر: دار صادر ـ بيروت

ب - وقعت السنة فی معرض التغيير و التبديل

الروايات الصحيحة المنقولة عن رسول الله تدل علی تغيير و تبديل سنته بعد وفاته کما ان البخاري یروی بسنده عن ابي حازم انه یقول سمعت عن سهل بن سعد انه قال سمعت عن رسول الله ص هکذا:

أنا فرطكم علي الحوض، فمن ورده شرب منه ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً، ليرد علي أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا، فقال: هكذا سمعت سهلاً؟ فقلت: نعم، قال: وأنا أشهد علي أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه، قال: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي».

صحيح البخاري: ج8 ص78، كتاب الفتن، وجاء مضمون الحديث ذاته في مواضع أخري من الصحيحين وغيرهما من كتب المسلمين.

ج - اختلاف الصحابة فی رواية السنة و فهمها

التاريخ ینقل لنا اختلافات عدیدة من جانب الصحابة فی بعض من الروایات، من الأصحاب من یثبتها و منهم من یردها، علی سبیل المثال البخاري یروی رواية عن الخليفة الثانی عن رسول الله ص هکذا:

«إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه »

ابن عباس ینقل هذه الرواية عن عائشة و عائشة تقول فی الجواب:

يرحم الله عمر والله، ما حدث رسول الله صلي الله عليه وآله إنّ الله ليعذب المؤمن ببعض بكاء أهله عليه، لكن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: إنّ الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبكم القرآن {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَي}».

صحيح البخاري: ج2 ص81.

لکن قبل بيان طریقة صلاة رسول الله ص عن مصادر الشيعة و السنة نلفت نظرکم الی رأی الائمة اهل البيت و آراء علماء الشيعة و السنة فی التكفير.

قول الائمة عليهم السلام :

والنهي في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليهما السلام ) قلت له : الرجل يضع يده في الصلاة وحكي اليمني علي اليسري فقال : ذلك التكفير لا تفعله.

وسائل الشيعة (آل البيت): 265/7،ح 9295، التهذيب: 84/2 ح 310.

و فی حسنة زرارة عن الامام الباقر عليه السلام ذکر هکذا:

لا تُكَفِّر فإنما يصنع ذلك المجوس.

وسائل الشيعة (آل البيت): 266/7، ح 9296، الكافي: 299/3 ح 1، التهذيب: 84/2 ح 309.

وعن حريز عن رجل عن أبي جعفر (ع) لا تُكَفِّر إنما يصنع ذلك المجوس.

وسائل الشيعة (آل البيت): 266/7، ح 9297، الكافي: 336/3 ح 9.

رأی فقهاء الإماميّة

صاحب الجواهر یقول:

فالمشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا بل في الخلاف والغنية والدروس وعن الانتصار الاجماع عليه عدم جوازه في الصلاة ، بل لا أجد فيه خلافا إلا من الإسكافي فجعل تركه مستحبا ، وأبي الصلاح ففعله مكروها ، واختاره المصنف في المعتبر للاجماع المحكي المعتضد بالتتبع.

جواهر الكلام، ج 11، ص 15.

السيّد اليزدي یقول فی مبطلات الصلاة هکذا :

الثالث : التكفير بمعني وضع إحدي اليدين علي الأخري علي النحو الذي يصنعه غيرنا إن كان عمدا لغير ضرورة ، فلا بأس به سهوا ، وإن كان الأحوط الإعادة معه أيضا

العروة الوثقي، ج 3، ص 6 - 7.

رأی علماء اهل السنة

اهل السنة فی کل العالم هم اتباع مذاهب اربعة فقهية الذی لم یجب عند احد منهم التکفیر فی الصلاة و لا هو من واجبات الصلاة بل من مستحبات الصلاة:

عبدالرحمن الجزيري صاحب كتاب الفقه علي المذاهب الاربعة یقول:

يسن وضع اليد اليمني علي اليسري تحت سرته أو فوقها وهو سنة باتفاق ثلاثة من الأئمة

الفقه علي المذاهب الاربعة ج 1 ص 251 ، كتاب الصلاة با ب وضع اليد اليمني علي اليسري في الصلاة ، الفقه علي المذاهب الاربعه ج 1 ص 285 المكتبة الشاملة اصدار اول .

بناء علی هذا عمل الشيعة لم یکن ترك واجب بل نهاية المطلب انه ترك عمل مستحب.

الثانی:

امام مذهب المالكي و علماء المالكية لهم رأیا یخالف بقية المذاهب من اهل السنة و حتي لم یقبلوا استحباب التكفیر فی الصلاة الواجبة:

قال مالك المتوفي 176: في وضع اليمني علي اليسري في الصلاة، قال: لا أعرف ذلك في الفريضة ، وكان يكرهه ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به علي نفسه ... .

المدوّنة الكبري امام مالك : ج 1 ص 74 (الاعتماد في الصلاة و الاتكاء و وضع اليد علي اليد).

المباركفوري یقول:

وقال المالكية بإرسال اليدين في الصلاة قال الحافظ بن القيم في الأعلام بعد ذكر أحاديث وضع اليدين في الصلاة ما لفظه فهذه الآثار قد و ردت برواية القاسم عن مالك قال تركه أحب إلي وأعلم شيئا قد ردت به سواه انتهي

تحفة الأحوذي - المباركفوري - ج 2 - ص 73 - 75

السمرقندي الحنفي یقول:

قال مالك : السنة هي ارسال اليدين حالة القيام .

تحفة الفقهاء ج 1 ص 126 كتاب الصلاة باب افتتاح الصلاة (سننه).

ابن رشد الاندلسي یقول هنا هکذا:

اختلف العلماء في وضع اليدين إحداهما علي الأُخري في الصلاة، فكره ذلك مالك في الفرض وأجازه في النفل ورأي قوم أنّ هذا الفعل من سنن الصلاة وهم الجمهور، والسبب في اختلافهم أنّه قد جاءت آثار ثابتة نقلت فيها صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، ولم ينقل فيها أنّه كان يضع يده اليمني علي اليسري.

بداية المجتهد: ج 1 ص 112 كتاب الصلاة طبعة دارالفكر.

الثالثة:

النكتة الثالثة وجود ادلة علی ان التكفیر من اضافات الناس الی الصلاة و لم یوجد دليل علی الوجوب و حتي الاستحباب بناء علی هذا التکفیر فی الصلاة عمل زائد و کل زائد فی الصلاة یحتاج الی دليل و عندما لا یکون دليلا علیه فتركه افضل:

قال ابن رشد القرطبي: وثبت أيضاً أنّ الناس كانوا يؤمرون بذلك ، وورد ذلك أيضاً من صفة صلاته في حديث أبي حميد فرآي قوم أنّ الآثار التي أثبتت ذلك اقتضت زيادة علي الآثار التي لم تنقل فيها هذه الزيادة وأنّ الزيادة تجب أن يصار إليها ورأي قوم أنّ الأوجب المصير إلي الآثار التي ليس فيها هذه الزيادة لأنّها أكثر ولكون هذه ليست مناسبة لأفعال الصلاة وإنّما هي من باب الاستعانة ولذلك أجازها مالك في النفل ولم يجزها في الفرض....

بداية المجتهد: ج 1 ص 112 (المسالة السابعة اتفاق العلماء علي ان السجود علي سبعة اعضاء).

من أهم الأدلة علی التکفیر فی الصلاة رواية البخاري التی تقول هکذا:

فروي عن عَبْد اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَي عَلَي ذِرَاعِهِ الْيُسْرَي فِي الصَّلاَةِ . قَالَ أَبُو حَازِمٍ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ يَنْمِي ذَلِكَ إِلَي النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم. قَالَ إِسْمَاعِيلُ يُنْمَي ذَلِكَ. وَلَمْ يَقُلْ يَنْمِي.

صحيح البخاري: ج 1 ص 181، ح 740، كتاب الأذان، ب 87، باب وَضْعِ الْيمْنَي عَلَي الْيُسْرَي.

الرابعة:

هذه النظرية تخالف رأی التابعين للصحابة و العلماء الکبار من اهل السنة:

قال النووي المتوفي 676: قد ذكرنا أنّ مذهبنا أنّه سنَّة... وحكي ابن المنذر عن عبداللَّه بن الزبير والحسن البصري والنخعي أنّه يرسل يديه ولا يضع إحداهما علي الأُخري وحكاه القاضي أبو الطيب أيضاً عن ابن سيرين وقال الليث بن سعد: يرسلهما، فإن طال ذلك عليه وَضَعَ اليمني علي اليسري للاستراحة.

وقال الأوزاعي: هو مخيّر بين الوضع والإرسال، وروي ابن عبدالحكم عن مالك: الوضع، وروي عنه ابن القاسم: الإرسال وهو الأشهر وعليه جميع أهل المغرب من أصحابه أو جمهورهم واحتجّ لهم بحديث المسي ء صلاته بأنّ النبي صلي الله عليه وسلم علَّمه الصلاة ولم يذكر وضع اليمني علي اليسري....

المجموع: ج 3 ص 312.

الخامسة:

الصلاة من الامور التعبدية التی اوجبها الله تعالی و افعالها و اذكارها ایضا تعبدية التی لابد من تعیین وجوبها عن الله عزوجل و تبیینها عن النبی الاكرم صلي الله عليه وآله و سلم کما بینها النبی ص فی حديثه هکذا:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : صلوا كما رايتموني اصلي

صحيح البخاري ج 1 ص 155 , كتاب الاذان باب الاذان للمسافر اذا كان جماعة ....

النووي یقول فی شرح هذا الحديث هکذا:

و هذا مقتضي وجوب كل ما فعله النبي صلي الله عليه و سلم الا ما خرج وجوبه بدليل كرفع اليدين و نحوه.

المجموع ج 3 ص 290 .

مع الالتفات الی المطالب التی ذکرناها تبطل هذه الدعوی ان التکفیر فی الصلاة یقترن مع نوع من الاحترام و الخشوع لله عزوجل ،من الاساس بل هو بدعة و معناه نفي علم النبی ص بطریقة اقامة الصلاة عن خشوع و هذا المطلب افتراء الی النبی ص؛ لأنه اذا کانت طریقة احسن و بخشوع اکثر للصلاة، لابد ان یأمر الله بها لأنه أرحم بالعباد و یعلم مصالحهم احسن من کل احد.

ارسال النبی صلي الله عليه وآله وسلم یدیه فی الصلاة عن كتب اهل السنة

بصرف النظر عن روايات الشيعة فی نقل طریقة صلاة النبی ص بارسال یدیه نجد روایات عدیدة فی الكتب المعتبرة عند اهل السنة فی هذا الباب فلنکتفی بذکر واحدة منها و اهمها اعتبارا فی صلاة النبی ص هکذا :

روي محمد بن عمر وابن عطاء قال : سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم منهم أبو قتادة فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلي الله عليه وسلم قالوا : فأعرض قال : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا قام إلي الصلاة يرفع يديه حتي يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتي يقر كل عظم في موضعه معتدلا ثم يقرأ ثم يكبر فيرفع يديه حتي يحاذي بهما منكبيه ثم يركع ويضع راحتيه علي ركبتيه ثم يعتدل فلا يصوب رأسه ولا يقنعه ثم يرفع رأسه ويقول سمع الله لمن حمده ثم يرفع يديه حتي يحاذي منكبيه معتدلا ثم يقول : الله أكبر ثم يهوي إلي الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسري فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ويسجد ثم يقول الله أكبر ويرفع ويثني رجله اليسري فيقعد عليها حتي يرجع كل عظم إلي موضعه ثم يصنع في الأخري مثل ذلك ....قالوا : صدقت هكذا كان يصلي صلي الله عليه وسلم.

الامام مالك فی الموطأ و ابوداود نقلاه و الترمذي یقول فیه: حديث حسن صحيح

سنن ابن ماجه ، ج 1، ص 280 ، سنن أبي داود، ج 1، ص 170 كتاب الصلاه باب استفتاح الصلاه ، سنن الترمذي، ج 1، ص 188 باب ما جا في وصف الصلاه ، مسند أحمد ج 5، ص 424، سنن الدارمي ، ج 1، ص 314 كتاب الصلاة باب صفة صلاة رسول الله ، السنن الكبري للبيهقي، ج 2، ص 72 ، عمدة القاري، ج 6، ص 104 ' صحيح ابن حبان ج 5 ص 196...

البخاري ینقلها ملخصة.

صحيح البخاري ، ج 1، ص 201، كتاب الصلاة ، باب سنّة الجلوس في التشهد.

قال الشوكاني: رواه الخمسة إلا النسائي ، وصححه الترمذي ، ورواه البخاري مختصرا.

نيل الأوطار، ج 2، ص 198.

قال ابن حجر: رواه أبو داود والترمذي وصحّحه.

تلخيص الحبير، ج 3، ص 271 - 272.

هذه الرواية التی تبین طریقة صلاة رسول الله ص بشکل کامل حسب قصد الراوی لم نجد مطلبا فی وضع الید عنه ص. بعد ثبوت هذا الخبر الصحيح عن النبی الاكرم صلي الله عليه و آله وسلم یتبین ان طریقة الشيعة و المالكية من اهل السنة فی ارسال الید تطابق سنة رسول الله ص. بناء علی هذا بقية المذاهب الاسلامية لابد ان یجیبوا لهذا السؤال لماذا یعملون خلاف السنة النبوية؟؟؟ البتة نحن اکتفینا بذكر الرواية عن كتب اهل السنة لأن المسألة فی كتب الشيعة و رواياتهم مسئلة اجماعية. و لم یوجد قول مخالف فی الشيعة  بالنسبة لهذا الامر.

السادس:

علی فرض صحة ان النبی یقوم بالتکفیر فی الصلاة لدینا سوال من اهل السنة انه ما هی کیفیة التکفیر عند النبی ص؟! التفتوا الی رأی ائمة المذاهب هکذا:

الحنفية قالوا : كيفيته تختلف باختلاف المصلي . فإن كان رجلا فيسن في حقه أن يضع باطن كفه اليمني علي ظاهر كف اليسري محلقا بالخنصر والإبهام علي الرسغ تحت سرته . وإن كانت امرأة فيسن لها أن تضع يديها علي صدرها من غير تحليق

الحنابلة قالوا : السنة للرجل والمرأة أن يضع باطن يده اليمني علي ظهر يده اليسري ويجعلها تحت سرته

الشافعية قالوا : السنة للرجل والمرأة وضع بطن كف اليد اليمني علي ظهر كف اليسري تحت صدره وفوق سرته مما يلي جانبه الأيسر .

الفقه علي المذاهب الاربعة ج 1 ص 251 ، كتاب الصلاة با ب وضع اليد اليمني علي اليسري في الصلاة ، الفقه علي المذاهب الاربعه ج 1 ص 285 المكتبة الشاملة اصدار اول .

مما یتبادر الی الذهن هذا السؤال انه فی الاخیر أی من الاقوال یطابق صلاة النبی صلي الله عليه وآله وسلم؟! أنزل من السرة او علی السرة او فوقها او علی الصدر؟!

هذه المسألة وصلت الی حدّ من الاختلاف حتی ان بعض العلماء الکبار من اهل السنة قاموا بتمسخر الآخرین، نموذج منها كلام الشافعي فی المبسوط یقول هکذا:

و عند الشافعي رضي الله تعالي عنه الأفضل أن يضع يديه علي الصدر لقوله تعالي فصل لربك وانحر قيل المراد منه وضع اليمين علي الشمال علي النحر وهو الصدر ولأنه موضع نور الايمان فحفظه بيده في الصلاة أولي من الإشارة إلي العورة بالوضع تحت السرة وهو أقرب إلي الخشوع والخشوع زينة الصلاة

المبسوط - السرخسي - ج 1 - ص 24

البتة ما یخطر بالبال هنا سوالین احدهما هل الايمان مما یقبل التلمس حتی یحفظ بالید؟ و السوال الثانی لابد من توجیهنا عند عدم اقامة الصلاة حتی نجعل ایدینا علی صدورنا فکیف نحتفظ بایماننا؟

محافظة العورة عند جعل الید انزل من السرة فی الصلاة!

البهوتي ینقل عن القاضي هکذا :

قيل للقاضي : هو عورة فلا يضعها عليه كالعانة والفخذ ؟ وأجاب : بأن العورة أولي وأبلغ بالوضع عليه لحفظه .

كشاف القناع - البهوتي - ج 1 - ص 400

السرخسي یعتقد هکذا:

... ثم الوضع تحت السرة أبعد عن التشبه بأهل الكتاب و أقرب إلي ستر العورة فكان أولي ...

المبسوط - السرخسي - ج 1 - ص 24

فتوی من هيئة الافتاء في السعودية

بعض الاوقات نری اخواننا اهل السنة فی بعض البلاد من الشيعة یمتنعون من اقامة الصلاة فی مساجد الشيعة و جماعتهم و یقولون فی عدم اقتدائهم بالصلاة ان الإمام یرسل یدیه فی الصلاة و نحن فی ضیق من هذه القضیة فنطلب من اخواننا هؤلاء الالتفات الی فتوي هيئة العليا للافتا في السعودية هکذا:

إن اعترض عليه المصلون بالمسجد و خشي أن تحدث فتنة من وضع يده اليمني علي اليسري في الصلاة وأن ينشأ عن ذلك ضرر، ترك القبض أرسل يديه اتقاء للفتنة والضرر ، ولا يجوز له أن يتخلف عن الجماعة ويصلي في بيته ما دام الإمام لا يعرف عنه ما يوجب كفره ؛ لأن الصلاة مع الجماعة في المسجد فرض علي الصحيح ، وبهذا يعرف أن من يصلي واضعا يده اليمني فوق اليسري فوق صدره خير وأحسن صلاة ممن يصلي مرسلا يديه إلي جنبيه مع كون صلاتهم جميعا صحيحة .

وبالله التوفيق وصلي الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو نائب رئيس الجنة الرئيس عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز

فتاوي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - جمع أحمد بن عبد الرزاق الدويش - ج 6 - ص 383 - 384.

النكتة الأخیرة:

لو کان تعيين کثرة الخشوع و الاحترام فی الصلاة بید الناس فحسب ان الناس یختلفون بالنسبة لبلادهم و السنتهم و سنن قبائلهم و مهنتهم لا یمکن تعيين خشوع خاص لأن طریقة الاحترام و الخشوع فی المعسکر یختلف من الدوائر و الشوارع من بلد واحد بناء علی هذا تتکون فی الدنيا اکثر من الف طریقة لاقامة الصلاة فلابد ان نعتقد بصحة تمامها و هذا یعنی اضاعة الصلاة. لأنه فی هذه الصورة یصلی کل شخص حسب ذائقته و لیس حسب الامر الالهي و فی هذه الصورة یکون بيان احكام الصلاة و آدابها و اوصاف صلاة النبی صلي الله عليه و آله وسلم عبثا لأنه من الممکن لا یلائم ذائقة الاشخاص.

التشبه بالكفّار!!

کما بینا فی کثیر من الروايات التی تبین اوصاف صلاة النبی بشکل مفصل لا اثر من وضع الید فیها و اهل بيت النبی عليهم السلام لم یضعوا ید علی ید و بعد وفاة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم الناس امروا من قبل الخلفاء بهذا الامر و هذا العمل یعد نوع من الاحترام عند الايرانيین لسلاطینهم. لکن هذا العمل طريقة لعبادة التابعين لمذهب الزرتشت. یذکر فی كتاب مرآة آيين المزديسني، ص 20 لمولفه كيخسرو «الطبعة الثانیة» هکذا:

طريقة العبادة و الصلاة عندهم القیام أمام الله و وضع ید العبودية علی الصدر و هکذا یعبد الله عندهم.

و من الله التوفیق

فریق الاجابة عن الشبهات

مؤسسة الامام ولی العصر (عج) للدراسات العلمیة



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین